جلسة 31 من مايو سنة 1980
برئاسة السيد المستشار عدلي مصطفى بغدادي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم علي صالح، محمود حسن رمضان، حسن عثمان عمار ورابح لطفي جمعة.
----------------
(304)
الطعن رقم 306 لسنة 46 القضائية
(1) نقض "التوكيل فيه". وكالة.
شمول التوكيل نيابة لوكيل عن الطاعن أمام جميع المحاكم على اختلاف درجاتها وأنواعها. اتساعه لمباشرة القضايا أمام محكمة النقض طعناً وحضوراً.
(2) إيجار "تأجير المال الشائع". شيوع. ملكية. وكالة.
تأجير المال الشائع. حق لأغلبية الشركاء نيابة عن الأقلية في حدود ثلاث سنوات. حق الأخيرين في طلب إنهاء العقد بالنسبة لنصيبهم فيما يجاوز هذه المدة. لا يغير من ذلك حسن نية المستأجر.
(3 و4) وكالة "تجاوز الوكيل حدود الوكالة". محكمة الموضوع. فضالة.
(3) إجازة الأصيل ما يبرمه الوكيل مجاوزاً حدود وكالته، أثره. انصراف أثر التصرف إلى الأصيل من وقت إبرامه.
(4) إجازة الأصيل لتصرفات الوكيل خارج حدود وكالته وإجازة عمل الفصولي. استخلاص هذه الإجازة عن سلطة محكمة الموضوع ما دام استخلاصها سائغاً.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم 79 لسنة 1974 مدني كلي جنوب القاهرة ضد الشركة المطعون عليها للحكم بإخلائها من العين المبينة بصحيفة الدعوى، وقالوا بياناً لذلك أنه بعقد محرر في 14/ 5/ 1970 أجر أحد أشقائهم - بصفتهم وكيلاً عن بعضهم - قطعة أرض فضاء مملوكة للطاعنين جميعاً إلى الشركة المطعون عليها لمدة سبع سنوات تبدأ من أول يناير سنة 1970، ولما كان شقيقهم المؤجر لا يملك شيئاًَ في الأرض المؤجرة وكانت وكالته عن بعضهم لا تجيز له التأجير لمدة ثلاث سنوات، كما أن الطاعن الثاني المالك لربع العين لم يكن ممثلاً أصلاً في عقد الإيجار ولم يشر إليه في ولم يقره، فإن العقد يكون قد انتهى بانقضاء ثلاث سنوات على إبرامه ولا يكون للشركة المطعون عليها من حق في البقاء في العين بعد ذلك، ومن ثم أقاموا عليها دعواهم. قضت المحكمة برفض الدعوى فاستأنفوا الحكم بالاستئناف رقم 5105 سنة 91 ق القاهرة، بتاريخ 23/ 2/ 1976 قضت المحكمة بتأييد الحكم. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن ممن عدا الطاعن الثاني وفي الموضوع برفضه.
وحيث إن مبنى الدفع بعدم القبول أن التوكيل الصادر من الطاعنين الأول والثالثة والرابعة والخامسة إلى الطاعن الثاني - والذي وكل به المحامي الذي أودع صحيفة الطعن بالنقض - لا يبيح له توكيل المحامين في الطعن بطريق النقض.
وحيث إن الدفع مردود بما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أنه لا يشترط في عبارة التوكيل صيغة خاصة ولا النص فيها صراحة على إجازة الطعن بالنقض في القضايا المدنية متى كانت هذه الوكالة مستفادة من أية عبارة واردة فيه تتسع لتشمل الحق في النيابة أمام المحاكم على اختلافها، ولما كان الثابت من أوراق الطعن أن محامي الطاعنين قد أودع عند تقديم صحيفة الطعن التوكيل الصادر إليه من الطاعن الثاني عن نفسه وبصفته وكيلاً عن باقي الطاعنين، وكانت عبارة توكيل هؤلاء الأخيرين للطاعن الثاني - وهو رقم 121 لسنة 38/ 1939 محكمة أسيوط الشرعية الذي أشير إليه عند إيداع صحيفة الطعن وقدمه الطاعنون لهذه المحكمة - يشمل وكالته عنهم أمام جميع المحاكم على اختلاف درجاتها وأنواعها، فإنها بهذا الشمول تتسع لمباشرة القضايا أمام محكمة النقض طعناً وحضوراً، ومن ثم يكون الطعن المقام من أولئك الطاعنين مقدماً من ذي صفة ويكون الدفع بعدم قبوله غير سديد.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعن بني على سبعة أسباب، ينعى الطاعنون على الحكم المطعون فيه بأولهما الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذالك يقولون أنه بالإضافة إلى منازعتهم أمام محكمة الموضوع في صفة المؤجر وفي انصباء من يشملهم من الملاك، فقد تمسكوا بعدم صدور عقد الإيجار منهم جميعاً، وأنه بفرض صدوره من أصحاب الأغلبية فإنه لا يسري لمدة تجاوز الثلاث سنوات، إذ لا يعتبر هؤلاء وكلاء عن أصحاب الأقلية فيما يزيد على ذلك، وأنه إزاء ثبوت عدم تمثيل الطاعن الثاني - وهو المالك لريع العين - في التعاقد فإنه ينتهي بانقضاء تلك المدة، غير أن الحكم المطعون فيه الذي أحال في ذلك إلى الحكم الابتدائي اعتبر الإيجار الصادر من أصحاب الأغلبية ملزماً للملاك جميعاً ومنهم الطاعن الثاني خلافاً لصريح حكم المادتين 559، 828 من القانون المدني، ولم يعن بالرد على ما تمسك به الطاعنون من عدم جواز الاعتداد بالإيجار الصادر من وكيل فيما يزيد على ثلاث سنوات ولا بتوقيع بعض الطاعنين - وليس من بينهم الطاعن الثاني - على عقد الإيجار كشهود، مما يشوب الحكم بالقصور في التسبيب، والإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن النعي في شقه المتعلق بالطاعن الثاني سديد، ذلك أن النص في المادة 827 من القانون المدني على أنه، "يكون إدارة المال الشائع من حق الشركاء مجتمعين ما لم يوجد اتفاق يخالف ذلك"، وفي المادة 828 منه على أن "ما يستقر عليه أغلبية الشركاء في أعمال الإدارة المعتادة يكون ملزماً للجميع وتحسب الأغلبية على أساس قيمة الإنصباء، وفي المادة 559 منه على أنه "لا يجوز لمن لا يملك إلا حق الإدارة أن يعقد إيجاراً تزيد مدته على ثلاث سنوات إلا بترخيص من السلطة المختصة، فإذا عقد الإيجار لمدة أطول من ذلك انقضت المدة إلى ثلاث سنوات، كل ذلك ما لم يوجد نص يقضي بغيره، وفي المادة 751 منه على أنه "1 - الوكالة الواردة في ألفاظ عامة لا تخصيص فيها حتى لنوع العمل القانوني الحاصل فيه التوكيل، لا يخول الوكيل صفة إلا في أعمال الإدارة. 2 - ويعد من أعمال الإدارة الإيجار إذا لم تزد مدته على ثلاث سنوات....."، يدل على أن حق تأجير المال الشائع - باعتباره من أعمال الإدارة - كما يكون للشركاء مجتمعين، يصح أن يكون لأصحاب الأغلبية، وتعتبر في هذه الحالة نائبة عن أصحاب الأقلية نيابة قانونية في إدارة المال الشائع، ولكن لا تنفذ هذه الإجارة في حق الأقلية إلا لمدة ثلاث سنوات، فإذا عقدت الأغلبية أجازة لمدة تجاوز ذلك كان للأقلية أن تطالب بإنقاص المدة بالنسبة إليها إلى هذا الحد، إذ تعتبر الأغلبية فيما جاوز أعمال الإدارة المصرح لها بأدائها، متعدية على حقوق الأقلية التي يحق لها إزاء ذلك المطالبة بتعويض الضرر الناجم عن هذا العقد، وذلك بطريق التنفيذ العيني ما دام ممكناً بإنهاء عقد الإيجار المنصب على نصيبهم بعد انتهاء مدة السنوات الثلاث آنفة الذكر، دون أن يغير من ذلك حسن نية المستأجر باعتقاده أن المؤجر له هو صاحب الحق في تأجير العين ما دام أنه لم يقع من صاحب الأقلية ما يضفي على ذلك المؤجر من المظاهر ما يوحي إلى المستأجر بأنه هو صاحب الحق في التأجير، إذ بوقوع ذلك من صاحب الأقلية يكون مخطئاً فلا يحق له الإفادة من خطئه في مواجهة المستأجر، لما كان ذلك، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه وأوراق الطعن أن الطاعن الثاني مالك نصيب الربع في العين المؤجرة وأنه لم يرد له ذكر في عقد الإيجار وأن المؤجر لم يكن وكيلاً عنه في ذلك، كما أنه لم يقر الإيجار بعد إبرامه، فإن الحكم بسريان العقد في حقه بكامل مدته، لمجرد القول بأن الشركة المطعون عليها كانت حسنة النية في استئجارها لكامل العين من المؤجر لها، دون أن يثبت وقوع خطأ من الطاعن الثاني في ذلك، يكون على غير سند من صحيح القانون.
وحيث إن النعي في شقه الآخر المتعلق بالطاعنين الأول والثالثة والرابعة والخامسة غير سديد، ذلك أنه وإن كانوا قد نازعوا في صفة شقيقهم الذي قام بتأجير المال الشائع ونعوا عليه تجاوزه لحدود الوكالة عن بعضهم، إلا أنه لما كان من حق الأصيل إجازة ما يبرمه الوكيل مجاوزاً حدود وكالته أو يعقده مع الغير من تصرفات متعلقة بالأصل فترتد إلى هذا الأخير آثارها ومن وقت إبرامها، وكان الثابت بمدونات الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أن "المؤجرين - الطاعنون عدا الثاني - هم مالكون على الشيوع للعين المؤجرة وكذلك الثاني - وأن التوكيل الصادر للوكيل..... وإن خلا من المدعية الخامسة وأن عقد الإيجار قد صدر من الوكيل باعتباره وكيلاًً وقع عليه المدعون 1 - 3 - 4 كشهود كما أن المدعين جميعاً - عدا الثاني - قد وقعوا على الخطاب المؤرخ 28/ 3/ 1973 الصادر من المدعي الأول - كوكيل عن المؤجرين على الشركة المدعى عليها - المطعون عليها - والذي ذكروا به عقد الإيجار موضوع الدعوى وينسبون إليه إصدار جميع الشيكات الخاصة بالإيجار المستحق لهم باسم شقيقهم الأول"، وكان الحكم المطعون فيه قد رتب على ذلك نفاذ العقد في حق هؤلاء المؤجرين - الطاعنين الأول والثالثة والرابعة والخامسة - فإنه لا يكون قد جاوز أن ألزمهم بما أجازوه وأعمل في حقهم عقد الإيجار المعتبر بهذه المثابة صادراً منهم والذي لا مطعن عليه من جهتهم قانوناً، مما يكون معه النعي عليه منهم في هذا الشق من قضائه على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون أنهم تمسكوا في دعواهم بأن وكاله شقيقهم الذي تعاقد باسم بعضهم لم تكن إلا وكالة عامة لا تجيز له التأجير نيابة عنهم لأكثر من ثلاث سنوات، علاوة على أن وكالته صادرة من مالكتي الثلث في العين المؤجرة وأن توقيع من عداهما من الملاك على عقد الإيجار كشهود يدل على تمسكهم بعدم صدور العقد منهم ولا يصلح دليلاً على إجازتهم له، بيد أن الحكم المطعون فيه استدل بما تقدم على غير ما يؤدي إليه منتهياً إلى سريان مدة العقد إلى ما يجاوز ثلاث سنوات.
وحيث إن هذا النعي مردود بما سبقت الإشارة إليه في الرد على الشق الثاني من السبب الأول، بما مقرر من حق محكمة الموضوع في استخلاص ما يعتبر إجازة من الموكل لعمل وكيله المجاوز لحدود الوكالة، أو من صاحب المال لعمل الفضولي، لتعلق ذلك بالتعبير عن الإرادة الذي يكفي لقيامه اتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على حقيقة المقصود، وهو تستقل محكمة الموضوع بتقديره لاتصاله بفهم الواقع في الدعوى، بغير رقابة عليها من محكمة النقض ما دام استخلاصها سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق، ولما كان الحكم المطعون فيه لم يجاوز ذلك، فإن النعي عليه بمال جاء بهذا السبب لا يعدو جدلاً فيما لا تجوز إثارته أمام هذه المحكمة.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالأسباب الثالث والرابع والسادس على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق قولاً منهم بأن الحكم اتخذ مما اعتبره عدم اعتراض من الطاعنين على تصرف المؤجر باسمهم دليلاً على إجازتهم للإيجار، علاوة على اتساع التوكيل الصادر له للتعاقد على إيجار يجاوز مدته ثلاث سنوات، في حين أن عدم الاعتراض على الإجراء لا يضفي عليه صفة ليست له، فضلاً عن أن سكوتهم عن مواجهة الشركة المطعون عليها إنما كان اضطراراً لعدم وجود نسخة من العقد بين أيديهم، كما أن عبارة التوكيل قد وردت عامة، ومن ثم لا تجيز التأجير لأكثر من ثلاث سنوات.
وحيث إن هذا النعي برمته غير منتج لما سلف الإشارة في الرد على السببين السابقين من اتخاذ الحكم المطعون فيه من الشهادة على عقد الإيجار والمطالبة بتنفيذه دليلاً على إجازة الطاعنين - عدا الثاني - له، وهو ما يكفي لحمل قضائه، ويغني عن التعرض لما جاوز ذلك من قرائن تعتبر ناقلة، مما يصبح معه النعي عليها - أياً كان وجه الرأي فيها. غير منتج.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الخامس مخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب، لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من حسن نية الشركة المطعون عليها وعدم علمها بملكية أحد غير المتعاقدين معها لنصيب في العين المؤجرة على الرغم من ثبوت علمها بملكية الطاعن الثاني وتمسك الطاعنين أمام محكمة الموضوع بذلك.
وحيث إن هذا النعي غير منتج سواء بالنسبة إلى الطاعن الثاني بعد ما سبق تقريره في السبب والأول من عدم تأثر حقه بحسن نية الشركة المطعون عليها - بفرض تحققه - أو بالنسبة لباقي الطاعنين، بعد ما سلف بيانه في السببين الأول والثاني من إجازتهم لعقد الإيجار والتزامهم بتنفيذه ما لا يغير منه سوء نية الشركة أو حسنها.
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه بالسبب السابع القصور في التسبيب والإخلاء بحق الدفاع قولاً منهم بعدم رد محكمة الاستئناف على أسباب الاستئناف واكتفائها بترديد ما أورده الحكم المستأنف دون مناقشة ما قدموه من مستندات وأوجه دفاع جوهرية، هذا إلى ما شاب قضاءها من أوجه الفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، لما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من وجوب اشتمال النعي على بيان محدد لمواطن العيب في الحكم المطعون فيه تمكيناً لمحكمة النقض من أعمال رقابتها عليه وفي حدود سبب النعي، ولما كان هذا النعي مشوباً بالتجهيل، فإنه يكون غير مقبول.
وحيث إنه لما سلف يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً بالنسبة إلى ما قضى به من رفض دعوى الطاعن الثاني....... مع رفض الطعن بالنسبة إلى من عداه من الطاعنين.
وحيث إن الموضوع بالنسبة إلى الطاعن الثاني صالح للفصل فيه، ولما تقدم فإن هذه المحكمة تقضي بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدعوى بالنسبة إلى الطاعن الثاني وبعدم نفاذ عقد الإيجار في حقه بالنسبة لنصيبه البالغ ريع العين المؤجرة فيما جاوز ثلاث سنوات من تاريخ بدء الإيجار وإنهاء العقد في حدود هذا التعييب اعتباراً من نهاية تلك المدة وتسليم هذا النصيب إليه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق