بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 27-08-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 910 لسنة 2025 طعن تجاري
طاعن:
إ. إ. آ. إ. ق. ل.
مطعون ضده:
ع. س. س. ب.
ت. ل. م. ح. ا.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2025/795 استئناف تجاري بتاريخ 11-06-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي أعده القاضي المقرر / رفعت هيبه وبعد المداولة
وحيث إن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية
وحيث إن الوقائع -على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن- تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت على المطعون ضدهما الدعوى رقم 5607 لسنة 2023 تجاري أمام محكمة دبي الابتدائية بطلب الحكم -وفقاً للطلبات الختامية- بإلزامهما بالتضامن والتضامم بأن يؤديا إليها مبلغ 1,500,000 دولار أو ما يعادله بالدرهم الإماراتي مبلغ 5,508,922 درهماً، بالإضافة إلى مبلغ 500,000 دولار أو ما يعادله بالدرهم الإماراتي مبلغ 1,836,502 درهماً على سبيل التعويض والفائدة القانونية . وقالت بياناً لدعواها إنه في غضون عام 2017 جرى تبادل رسائل إلكترونية بينها وبين المطعون ضده الأول الذي أكّد فيها الأخير قدرته -من خلال وسطاء- على توفير سيولة نقدية لها -قرض- بمبلغ 100,000,000 دولار أمريكي بغرض تطوير مجمع مؤسسي سكني متكامل، إلا إنه لم يفِ بما وعد به، وفي غضون عام 2018 أكد لها المطعون ضده الأول امتلاكه خبرة واسعة في بعض الأنشطة المتعلقة باستثمار في مجال النفط، وابدى استعداده لتقديم استشارات فنية في هذا المجال، وعرض عليها توسيع نشاطها في التنقيب وتشغيل حقول النفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عن طريق المؤسسة المطعون ضدها الثانية وذلك مقابل مبلغ 2,000,000 دولار أمريكي، وتم الموافقة على هذا العرض على أمل أن ينجز المطعون ضده الأول اتفاقية التمويل سالفة البيان، وتم تحويل المبلغ محل المطالبة للمطعون ضدها الثانية، إلا أنها لم تحصل على أي فرص لتشغيل حقول النفط أو الغاز في منطقة الشرق الأوسط، فضلاً عن أن المطعون ضده الأول لم يساعدها في الحصول على القرض الذي كانت تأمل في الحصول عليه، ورفضا رد المبلغ مما ألحق بها أضراراً نتيجة الاحتيال عليها والاستيلاء على أموالها، فكانت الدعوى و بتاريخ 26-2-2025 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى . استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 795 لسنة 2025 تجاري، وبتاريخ 11-6-2025 قضت المحكمة -في غرفة مشورة- بتأييد الحكم المستأنف . ، طعنت الطاعنة في هذا القضاء بطريق التمييز الماثل بموجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى بتاريخ 9-7-2025بطلب نقضه ولم يستعمل المطعون ضدهما حقهما في الرد في الميعاد القانوني وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة اليوم لإصدار الحكم
وحيث إن حاصل ما تنعاه الطاعنة بأسباب الطعن الخمسة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والثابت بالأوراق والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، إذ قضى بعدم اختصاص محاكم دبي بنظر الدعوى استناداً إلى أن المؤسسة المطعون ضدها الثانية قد وجّهت عرضاً لتقديم خدمات استشارية فنية تتعلق بعمليات الاستحواذ على حقول نفط وتقديم عطاءات لتكتلات نفطية محتملة في منطقة الشرق الأوسط لصالحها، عن طريق ممثلها المطعون ضده الأول وأن المبالغ المالية حُوّلت إلى حساب المطعون ضدها الثانية، ومن ثم تنصرف آثار العقد إلى الأخيرة وحدها، ولا عبرة بمحل إقامة المطعون ضده الأول الذي لم يكن طرفاً في العلاقة التعاقدية، ولم يثبت ارتكابه غشّاً، فضلاً عن أنه ليس مديراً أو مالكاً للمؤسسة المطعون ضدها الثانية، وإنما مجرّد شريك إداري فيها، وذلك على الرغم من أن المطعون ضده الأول مسئول في ذمته المالية استناداً إلى المسئولية التقصيرية، إذ غرّر بها وأوهمها بقدرته على توفير سيولة مالية بمبلغ 100,000,000 دولار أمريكي من خلال التوسط للحصول على قرض، ثم تبين عدم صحة مزاعمه، وكان هذا الزعم هو وسيلته للاحتيال عليها وحملها على تحويل المبلغ محل المطالبة إلى المطعون ضدها الثانية، بعد أن ادّعى -زوراً- امتلاكه خبرة خمس وعشرين سنة في مجال استثمارات النفط والغاز، وفق البريد الإلكتروني المؤرخ 7-2-2018 والذي أكّد فيه خبرته في تقديم الاستشارات في قطاع النفط والغاز في منطقة الشرق الأوسط، وأنه سيقدم تلك الاستشارات لها عبر المؤسسة المطعون ضدها الثانية التي يمثّلها بصفته شريكاً إدارياً بها وهي صفة غير موجودة في القانون الإماراتي بالنسبة للمؤسسة الفردية، كما تضمنت فاتورتان موقّعتان من المطعون ضده الأول أن المبلغ محل المطالبة حُوّل إلى المطعون ضدها الثانية، مما يؤكد أنه هو من طلب التحويل وأن المبلغ مقابل رسوم استشارات للتأهيل لتكتلات النفط في اليمن، ولم ينفِ المطعون ضده الأول صحة هذه المراسلات ومن ثم فهي حجة عليه تثبت احتياله واستيلاءه على أموالها بمساعدة المؤسسة المطعون ضدها الثانية، الأمر الذي يترتب عليه مسئوليتهما التضامنية، ولا يغير من ذلك ما أورده الحكم بأسبابه من أن المطعون ضده الأول ليس مديراً أو مالكاً للمطعون ضدها الثانية، إذ إن ذلك لا ينفي مسئوليته، بل يؤكّد احتياله عليها، لا سيما أن الحكم عاد واعتبره ممثلاً للمطعون ضدها الثانية، وجعل آثار تصرفاته تنصرف إليها وحدها، في حين لم يثبت بأي مستند رسمي وجود علاقة قانونية أو وظيفية تربطه بالمطعون ضدها الثانية، وهو ما تؤكده رخصتها التجارية. وقد أنكر المطعون ضده الأول في مذكراته المقدّمة أمام محكمة الموضوع وجود أي علاقة تربطه بها، فإن الاختصاص ينعقد لمحاكم دبي موطن المطعون ضده الأول بصفته مسئولاً عن رد المبلغ والتعويض مع المطعون ضدها الثانية، فضلاً عن الأوراق قد خلت مما يثبت أن العقد قد وقّع أو نفّذ في إمارة أبوظبي، إلا أن الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر، بما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي في محله- ذلك أنه من المقرر -في قضاء هذه المحكمة - أن الاختصاص في المواد التجارية ينعقد إما للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه إن كان شخصاً طبيعياً أو مركز إدارته أو بدائرة الفرع في المسائل المتصلة به إن كان شخصاً اعتبارياً أو للمحكمة التي تم الاتفاق أو نفذ كله أو بعضه في دائرتها أو للمحكمة التي يجب تنفيذ الاتفاق في دائرتها، وهذه المحاكم قسائم متساوية وضعها المشرع تحت طلب المدعي تيسيراً منه لإجراءات التقاضي بحيث يتخير منها ما يشاء دون إلزامه باللجوء إلى محكمة معينة، وإذا توافر في النزاع المعروض على محاكم دبي أي من الحالات المحددة لاختصاصها بنظر النزاع فإنه لا يجوز لها التخلي عن هذا الاختصاص ولو اتفق الخصوم على اختصاص محكمة أخرى لأنه أمر يتعلق بالنظام العام. ومن المقرر -أيضاً- أن المقصود بالخصم الحقيقي هو الذي وجهت إليه طلبات في الدعوى لا الذي اُختصم ليصدر الحكم في مواجهته أو لمجرد المثول فيها، وأنه وإن كان لمحكمة الموضوع تحديد المركز القانوني للخصم في الدعوى واستخلاص ما إذا كان يعد خصماً حقيقياً من عدمه لتهتدي بذلك إلى اختصاصها بنظر المنازعة المطروحة عليها من عدمه، إلا أنها مقيدة في ذلك بالوقائع والطلبات المطروحة عليها، ولمحكمة التمييز أن تراقبها وتسبغ على الخصم وصفه الصحيح ، لما كان ذلك وكان الواقع في الدعوى أن الشركة الطاعنة قد أقامتها -وفقاً لطلباتها الختامية- بطلب الحكم بإلزام المطعون ضدهما الأول والثانية بالتضامن والتضامم بأن يؤديا إليها مبلغ 1,500,000 دولار، ومبلغ 500,000 دولار على سبيل التعويض، على سند من أن المطعون ضده الأول قد ارتكب غشّاً بمساعدة المطعون ضدها الثانية، تمكّنا بموجبه من الاستيلاء على أموالها، بما يجعل المطعون ضده الأول خصماً حقيقياً في الدعوى، وكان الثابت من الأوراق أن موطن المطعون ضده الأول يقع في إمارة دبي، بما ينعقد معه الاختصاص لمحاكم دبي بنظر النزاع، وإذ خالف الحكم المطعون فيه -المؤيد للحكم الابتدائي- هذا النظر، وخلص إلى انتفاء صفة المطعون ضده الأول في النزاع، استناداً إلى أن آثار العلاقة التعاقدية التي نشأت بين الطاعنة والمطعون ضده الأول بصفته ممثلاً عن المطعون ضدها الثانية إنما تنصرف آثارها إلى الأخيرة وحدها، والتي يقع مقرها في إمارة أبوظبي، ورتب الحكم على ذلك قضاءه بعدم اختصاص محاكم دبي بنظر الدعوى وانعقاد الاختصاص بنظرها لمحاكم أبوظبي، فإنه يكون قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال الذي جره إلى مخالفة القانون مما حجبه عن بحث طلبات الطاعنة بما يوجب نقضه
وحيث إن محكمة اول درجة وقفت بقضائها عند حد القضاء بعدم اختصاص محاكم دبى ولائياً بنظر الدعوى ومن ثم فإنها لم تستنفذ ولايتها للفصل في الدعوى مما يتعين إعادتها اليها للفصل في موضوعها .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة :- بنقض الحكم المطعون فيه وألزمت المطعون ضدهما المصروفات ومبلغ ألفي درهم مقابل أتعاب المحاماة وحكمت في موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبإعادة الدعوى الى محكمة أول درجة لنظر موضوعها وألزمت المستأنف ضدهما المصروفات ومبلغ الف درهم مقابل أتعاب المحاماة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق