جلسة 16 من نوفمبر سنة 2023
برئاسة السيد القاضي / أحمد مصطفى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / نبيل الكشكي ، حسام خليل ، أشرف المصري وأشرف الفيومي نواب رئيس المحكمة .
-----------------
(97)
الطعن رقم 6730 لسنة 91 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه عليها . لا قصور.
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون مجموع ما أورده مؤدياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
عدم تقيد القاضي في المحاكمات الجنائية بدليل معين . له تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه . حد ذلك ؟
النعي بخلو الأوراق من دليل وتعويل المحكمة على أدلة ظنية . جدل موضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .
(3) خطف . قصد جنائي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب".
جناية الخطف . لا يستلزم القانون فيها قصداً خاصاً اكتفاءً بالقصد العام . تحدث الحكم عنه استقلالاً . غير لازم . متى كان ما أورده من وقائع وظروف دالاً على قيامه.
(4) باعث . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
الباعث على الجريمة . ليس من عناصرها القانونية . التفات الحكم عنه . لا يعيبه .
(5) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تقدير جدية التحريات . موضوعي .
النعي بشأن تعويل الحكم على أقوال الضابط التي استقاها من تحرياته . جدل موضوعي في تقدير الدليل . غير مقبول أمام محكمة النقض .
(6) نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي غير المتعلق بالحكم ولا المتصل به . غير مقبول .مثال .
(7) إجراءات " إجراءات التحقيق " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تعييب التحقيق السابق على المحاكمة . لا يصح سبباً للطعن في الحكم . مثال .
(8) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . إثبات " شهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
اطمئنان المحكمة لأقوال المجني عليهما . مفاده ؟
وزن أقوال الشاهد وتقديرها . موضوعي .
الجدل في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(9) اشتراك . اتفاق . إثبات " قرائن " .
الاشتراك بطريقي الاتفاق والمساعدة . مناط تحققه ؟
الاشتراك بالتحريض قد لا تكون له سمات أو شواهد ظاهرة تدل عليه .
للقاضي الجنائي الاستدلال على الاشتراك بطريق الاستنتاج والقرائن التي تقوم لديه . حد ذلك ؟
مثال .
(10) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله . ماهيته ؟
(11) إثبات " إقرار " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
نعي الطاعن بشأن إقراره بمحضر الضبط . غير مقبول . متى لم يستند الحكم في الإدانة إلى دليل مستمد منه .
(12) دفوع " الدفع بنفي التهمة " " الدفع بعدم الوجود على مسرح الجريمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الدفع بنفي التهمة وعدم الوجود على مسرح الحادث . موضوعي . لا يستأهل رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(13) خطف . إكراه . ظروف مخففة . عقوبة " تطبيقها " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . محكمة النقض " سلطتها " .
معاقبة الطاعن بالسجن المشدد عشر سنوات عن جريمة الخطف بالتحيل والإكراه المصحوب بطلب فدية بعد إعمال المادة 17 عقوبات . خطأ في تطبيق القانون . لمحكمة النقض تصحيحه باستبدال عقوبة السجن بالعقوبة المقضي بها لذات المدة . علة وأساس ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تُؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ويكون منعى الطاعن على الحكم في هذا الخصوص غير سديد .
2- من المقرر أن الشارع لم يقيد القاضي الجنائي في المحاكمات الجنائية بدليل معين إلا إذا نص على ذلك بالنسبة لجريمة معينة وإنما ترك له حرية تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه ما دام أن له مأخذه بالأوراق ، وكان ما يثيره الطاعن في شأن خلو الأوراق من دليل على ارتكاب الواقعة والتعويل على أدلة ظنية الدلالة ، لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا شأن لمحكمة النقض به ولا يثار أمامها .
3- من المقرر أن القانون لا يستلزم قصداً خاصاً في جناية الخطف التي دان الطاعن بها اكتفاء بالقصد العام ، ولا يلزم في القانون أن يتحدث الحكم استقلالاً عن هذا الركن ، بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خلص في بيان كاف إلى توافر أركان الجريمة التي دان الطاعن بها وتوافر الدليل عليها فلا يعيبه عدم تحدثه صراحة عن القصد الجنائي ، وإذ كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع بانتفاء هذا العلم ، فإن ما ينعاه على الحكم من قصور في هذا الصدد يكون غير سديد .
4- لما كان القول بانعدام الباعث على ارتكاب الجريمة فإنه ليس من العناصر القانونية للجريمة فلا يعيب الحكم التفاته عنه .
5- من المقرر أن تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع ، فإن المجادلة في تعويل الحكم على أقوال الضابط التي استقاها من تحرياته بدعوى أن هذه التحريات لم يبين مصدرها تتمخض جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل لا يقبل أمام محكمة النقض .
6- لما كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة الخطف وليس بجريمتي حيازة وإحراز أسلحة نارية وذخائر بغير ترخيص وهو أمر غير متعلق بالحكم ولا متصلاً به ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون لا محل له .
7- لما كان ما يثيره الطاعن في خصوص عدم سؤاله بتحقيقات النيابة ومواجهته بالمجني عليهما لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم .
8- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يُؤدي إليه اقتناعها ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها الثابت في الأوراق ، وكان اطمئنان المحكمة إلى أقوال المجني عليهما يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات على عدم الأخذ بها ، وكان وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعة إلى محكمة الموضوع ، فإن منعى الطاعن على الحكم اعتناقه لصورة الواقعة كما رواها الشهود ومن أنها ترديد لما جاء بمحضر التحريات لا يعدو أن يكون محاولة لإعادة الجدل في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
9- من المقرر أن الاشتراك بالاتفاق إنما يتكون من اتحاد نية الفاعل والشريك على ارتكاب الفعل المتفق عليه وهذه النية من مخبئات الصدور ودخائل النفس التي لا تقع عادة تحت الحس وليس لها أمارات ظاهرة ، كما أن الاشتراك بالتحريض قد لا توجد له سمات أو شواهد ظاهرة تدل عليه ، ويتحقق الاشتراك بالمساعدة بتدخل الشريك مع الفاعل تدخلاً مقصوداً يتجاوب صداه مع فعله ويتحقق فيه معنى تسهيل ارتكاب الجريمة الذي جعله الشارع مناطاً لعقاب الشريك ، وللقاضي الجنائي إذا لم يقم على الاتفاق أو التحريض أو المساعدة دليل مباشر أن يستدل على ذلك بطريق الاستنتاج والقرائن التي تقوم لديه ما دام هذا الاستنتاج سائغاً وله من ظروف الدعوى ما يبرره ، وكان الحكم في سرده لوقائع الدعوى ومؤدى أدلة الثبوت فيها قد أورد أن الطاعن قد اتفق مع باقي المتهمين السابق الحكم عليهم على ارتكاب واقعة خطف المجني عليهما وطلب فدية من أهلية المجني عليه الأول ثم قام الطاعن بمد باقي المتهمين ببيانات المجني عليه والطريق الذي يسلكه في غدواته وروحاته إلى مكان إقامته ، وكان ذلك سابقاً على ارتكاب جريمة الخطف التي وقعت فعلاً بناءً على تحريضه واتفاقه ومساعدته لهم ، وكان ما أورده الحكم على النحو المار بيانه كافياً في استظهار عناصر الاشتراك في جريمة الخطف ، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد .
10- من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو ما يقع في أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة ، وكان البين من الحكم أنه اعتنق صورة واحدة لواقعة الدعوى ، فإن دعوى التناقض التي يثيرها الطاعن لا تصادف محلاً من الحكم المطعون فيه .
11- لما كان الحكم المطعون فيه لم يتساند في إدانة الطاعن إلى دليل مستمد من الإقرار المنسوب إليه بمحضر الضبط ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون على غير محل .
12- من المقرر أن الدفع بنفي التهمة وبعدم الوجود على مسرح الحادث مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
13- لما كانت العقوبة المقررة لجريمة خطف شخص بالتحيل والإكراه المصحوب بطلب فدية التي دين الطاعن بها هي السجن المشدد لمدة لا تقل عن خمس عشرة سنة ولا تزيد على عشرين سنة ، وكان إعمال نص المادة 17 من قانون العقوبات في حق الطاعن يوجب النزول بتلك العقوبة إلى السجن أو الحبس الذي لا يجوز أن ينقص عن ستة أشهر ، فإن الحكم المطعون فيه إذ أوقع على الطاعن عقوبة السجن المشدد لمدة عشر سنوات يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، بما يوجب - إعمالاً لنص المادتين 35 ، ۳۹ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ - نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه باستبدال عقوبة السجن لمدة عشر سنوات بعقوبة السجن المشدد لمدة عشر سنوات المقضي بها ، ورفض الطعن فيما عدا ذلك .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :-
- اشترك مع آخرين - سبق الحكم عليهم - بطريق الاتفاق والتحريض والمساعدة في خطف المجني عليهما / .... ، .... وذلك بأن أمدهم ببياناتهما ومكان تواجدهما وهو شارع .... دائرة قسم .... وذلك لطلب فدية من ذوي الأول مستغلاً علاقته به ولعلمه كونه متيسر مادياً فوقعت الجريمة بناءً على ذلك .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ أولاً ، ثانياً ، 41/ 1 ، 290 /2،1 من قانون العقوبات مع إعمال نص المادة 17 من ذات القانون ، بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات عما أُسند إليه .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاشتراك في خطف المجني عليهما المصحوب بطلب فدية قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك أن أسبابه جاءت في عبارات عامة مجهلة فلم يبين الواقعة المستوجبة للعقوبة ولم يورد مُؤدى الأدلة التي استند إليها في الإدانة ، كما عول في قضائه بالإدانة على قرائن ظنية لا ترقى إلى مرتبة الدليل ، كما لم يدلل على توافر القصد الجنائي رغم دفعه بانتفائه ، فضلاً عن انعدام الباعث على ارتكاب الجريمة ، كما عول على تحريات الشرطة رغم عدم جديتها بدلالة عدم الإفصاح عن مصدرها وكونها لا تصلح بمفردها دليلاً للإدانة ، كما دان الطاعن استناداً إلى تقرير الأدلة الجنائية رغم أن الأسلحة النارية والذخائر لم يتم ضبطها بحوزته ، كما أن الطاعن لم يتم التحقيق معه ومواجهته مع المجني عليهما بتحقيقات النيابة العامة ، هذا إلى اضطراب صورة الواقعة في ذهن المحكمة ، كما عول على أقوال المجني عليهما رغم كونها ترديداً لما أسفرت عنها تحريات المباحث ، كما لم يستظهر عناصر الاشتراك والأدلة على توافره في حق الطاعن كما جاءت أسبابه متناقضة إذ أورد في موضع منها بأن الطاعن اشترك مع باقي المتهمين في خطف المجني عليهما بطريق الاتفاق والمساعدة والتحريض ثم عاد وأورد في موضع آخر بأن الطاعن اشترك فقط بطريق الاتفاق مع باقي المتهمين مستبعداً صور الاشتراك الأخرى ، كما تساند إلى إقرار المتهمين بمحضر الضبط رغم أنه لا يعد اعترافاً ، وأخيراً فقد التفت عن دفاع الطاعن بانتفاء التهمة وبعدم تواجده على مسرح الجريمة ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تُؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ويكون منعى الطاعن على الحكم في هذا الخصوص غير سديد . ولما كان ذلك ، وكان الشارع لم يقيد القاضي الجنائي في المحاكمات الجنائية بدليل معين إلا إذا نص على ذلك بالنسبة لجريمة معينة وإنما ترك له حرية تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه ما دام أن له مأخذه بالأوراق ، وكان ما يثيره الطاعن في شأن خلو الأوراق من دليل على ارتكاب الواقعة والتعويل على أدلة ظنية الدلالة ، لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا شأن لمحكمة النقض به ولا يثار أمامها . لما كان ذلك ، وكان القانون لا يستلزم قصداً خاصاً في جناية الخطف التي دان الطاعن بها اكتفاء بالقصد العام ، ولا يلزم في القانون أن يتحدث الحكم استقلالاً عن هذا الركن ، بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خلص في بيان كاف إلى توافر أركان الجريمة التي دان الطاعن بها وتوافر الدليل عليها فلا يعيبه عدم تحدثه صراحة عن القصد الجنائي ، وإذ كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع بانتفاء هذا العلم ، فإن ما ينعاه على الحكم من قصور في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان القول بانعدام الباعث على ارتكاب الجريمة فإنه ليس من العناصر القانونية للجريمة فلا يعيب الحكم التفاته عنه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع ، فإن المجادلة في تعويل الحكم على أقوال الضابط التي استقاها من تحرياته بدعوى أن هذه التحريات لم يبين مصدرها تتمخض جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل لا يقبل أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة الخطف وليس بجريمتي حيازة وإحراز أسلحة نارية وذخائر بغير ترخيص وهو أمر غير متعلق بالحكم ولا متصلاً به ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن في خصوص عدم سؤاله بتحقيقات النيابة ومواجهته بالمجني عليهما لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يُؤدي إليه اقتناعها ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها الثابت في الأوراق ، وكان اطمئنان المحكمة إلى أقوال المجني عليهما يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات على عدم الأخذ بها ، وكان وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعة إلى محكمة الموضوع ، فإن منعى الطاعن على الحكم اعتناقه لصورة الواقعة كما رواها الشهود ومن أنها ترديد لما جاء بمحضر التحريات لا يعدو أن يكون محاولة لإعادة الجدل في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الاشتراك بالاتفاق إنما يتكون من اتحاد نية الفاعل والشريك على ارتكاب الفعل المتفق عليه وهذه النية من مخبئات الصدور ودخائل النفس التي لا تقع عادة تحت الحس وليس لها أمارات ظاهرة ، كما أن الاشتراك بالتحريض قد لا توجد له سمات أو شواهد ظاهرة تدل عليه ، ويتحقق الاشتراك بالمساعدة بتدخل الشريك مع الفاعل تدخلاً مقصوداً يتجاوب صداه مع فعله ويتحقق فيه معنى تسهيل ارتكاب الجريمة الذي جعله الشارع مناطاً لعقاب الشريك ، وللقاضي الجنائي إذا لم يقم على الاتفاق أو التحريض أو المساعدة دليل مباشر أن يستدل على ذلك بطريق الاستنتاج والقرائن التي تقوم لديه ما دام هذا الاستنتاج سائغاً وله من ظروف الدعوى ما يبرره ، وكان الحكم في سرده لوقائع الدعوى ومؤدى أدلة الثبوت فيها قد أورد أن الطاعن قد اتفق مع باقي المتهمين السابق الحكم عليهم على ارتكاب واقعة خطف المجني عليهما وطلب فدية من أهلية المجني عليه الأول ثم قام الطاعن بمد باقي المتهمين ببيانات المجني عليه والطريق الذي يسلكه في غدواته وروحاته إلى مكان إقامته ، وكان ذلك سابقاً على ارتكاب جريمة الخطف التي وقعت فعلاً بناءً على تحريضه واتفاقه ومساعدته لهم ، وكان ما أورده الحكم على النحو المار بيانه كافياً في استظهار عناصر الاشتراك في جريمة الخطف ، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو ما يقع في أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة ، وكان البين من الحكم أنه اعتنق صورة واحدة لواقعة الدعوى ، فإن دعوى التناقض التي يثيرها الطاعن لا تصادف محلاً من الحكم المطعون فيه . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يتساند في إدانة الطاعن إلى دليل مستمد من الإقرار المنسوب إليه بمحضر الضبط ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون على غير محل . لما كان ذلك ، وكان الدفع بنفي التهمة وبعدم الوجود على مسرح الحادث مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكانت العقوبة المقررة لجريمة خطف شخص بالتحيل والإكراه المصحوب بطلب فدية التي دين الطاعن بها هي السجن المشدد لمدة لا تقل عن خمس عشرة سنة ولا تزيد على عشرين سنة ، وكان إعمال نص المادة 17 من قانون العقوبات في حق الطاعن يوجب النزول بتلك العقوبة إلى السجن أو الحبس الذي لا يجوز أن ينقص عن ستة أشهر ، فإن الحكم المطعون فيه إذ أوقع على الطاعن عقوبة السجن المشدد لمدة عشر سنوات يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، بما يوجب - إعمالاً لنص المادتين 35 ، ۳۹ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ - نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه باستبدال عقوبة السجن لمدة عشر سنوات بعقوبة السجن المشدد لمدة عشر سنوات المقضي بها ، ورفض الطعن فيما عدا ذلك .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق