جلسة 13 من نوفمبر سنة 2023
برئاسة السيد القاضي / حمدي ياسين نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد خالد ، مهاد خليفة وعرفة محمد نواب رئيس المحكمة وحسام علي .
-----------------
(94)
الطعن رقم 5849 لسنة 91 القضائية
(1) تهريب المهاجرين . حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . محكمة الجنايات " نظرها الدعوى والحكم فيها " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وإيراده على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه عليها . لا قصور .
صيغة الاتهام المبينة بالحكم . جزء منه . كفاية الإحالة إليها في بيان الواقعة .
لمحكمة الجنايات أن تورد في حكمها أدلة الإثبات كما تضمنتها قائمة الأدلة المقدمة من النيابة العامة . حد ذلك ؟
عدم رسم القانون شكلاً أو نمطاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون مجموع ما أورده مؤدياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
تحدث الحكم صراحة عن كل ركن من أركان جريمتي تأسيس جماعة إجرامية منظمة بغرض تهريب مهاجرين والشروع في تهريبهم . غير لازم . متى أورد من الوقائع ما يدل عليه .
(2) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
بيان الحكم الأفعال المادية التي أتاها الطاعنان في بيان واف يفصح عن دورهما في الجرائم التي دانهما بها . النعي عليه في هذا الشأن . غير مقبول .
(3) اتفاق . فاعل أصلي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
الاتفاق على ارتكاب الجرائم . مناط توافره ؟
مساهمة الشخص في الجريمة بفعل من الأفعال المكونة لها . كفايته لاعتباره فاعلاً أصلياً فيها .
مثال .
(4) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
التفات المحكمة عن تحقيق دفاع الطاعنين بانتفاء مصلحتهما في ارتكاب ما أسند إليهما من جرائم . لا ينال من سلامة الحكم . علة ذلك ؟
(5) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة الشهود . مفاده ؟
الأحكام لا تلتزم بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها .
للمحكمة أن تعول على أقوال الشهود في أي مرحلة من مراحل الدعوى دون بيان العلة . ما دامت قد اطمأنت إليها .
تناقض أقوال الشهود في بعض تفاصيلها . لا يعيب الحكم . متى استخلص الحقيقة منها بما لا تناقض فيه ورود الشهادة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها . غير لازم كفاية أن تؤدي إليها باستنتاج سائغ .
للمحكمة الاعتماد على أقوال شاهد سُمِعَ بغير حلف يمين . وصف الحكم لأقواله بأنها شهادة . لا يعيبه . علة وأساس ذلك ؟
المنازعة في صورة الواقعة والقوة التدليلية لأقوال الشهود . جدل موضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(6) إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
إحالة الحكم في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر . لا يعيبه . ما دامت متفقة مع ما استند إليه منها . اختلافهم في بعض التفصيلات التي لم يوردها . غير مؤثر في سلامته . علة ذلك ؟
(7) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " .
للمحكمة التعويل على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة . عدم إفصاح مُجريها عن مصدرها . لا يعيبها .
(8) إثبات " خبرة " .
التقارير الفنية . لا تدل بذاتها على نسبة الجريمة إلى المتهمين . جواز استناد الحكم إليها كدليل مؤيد لأقوال الشهود وعناصر الإثبات الأخرى .
(9) تهريب المهاجرين . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . عقوبة " عقوبة الجريمة الأشد " . نقض " المصلحة في الطعن ".
نعي الطاعنين على المحكمة عدم اطلاعهما على المحررات المزورة . غير مقبول . متى لم يطلبا منها ذلك .
إثبات الحكم ارتكاب الطاعنين جريمة الشروع في تهريب مهاجر بواسطة جماعة إجرامية منظمة مع التعدد حال كون الأول موظفاً عاماً مستغلاً وظيفته . كفايته لتطبيق المادتين 6 و 7 من القانون 82 لسنة 2016 ومعاقبتهما عنها بوصفها الأشد . ولو توافرت ظروف مشددة أخرى . النعي بشأن واقعتي تزوير المحررات واستعمالها . غير مجد .
(10) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " .
أقوال متهم على آخر . شهادة . للمحكمة التعويل عليها . متى اطمأنت إليها . علة ذلك ؟
(11) نيابة عامة . أمر ضبط وإحضار . إجراءات " إجراءات التحقيق " . اختصاص " الاختصاص المكاني " .
للنيابة العامة عند مباشرة التحقيق الأمر بالقبض على المتهم وإحضاره . تقدير ذلك موكول للمحقق . وجود طلب من مأمور الضبط القضائي أو تحريات حول شخص المتهم قبل إصداره . غير لازم . أساس ذلك ؟
بدء وكيل النيابة المختص في إجراءات التحقيق بدائرة اختصاصه المكاني واستيجاب امتدادها خارج تلك الدائرة . أثره : صحة هذه الإجراءات منه أو ممن يندبه لها .
(12) إثبات " قرائن " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
النعي على الحكم استناده في الإدانة على ما جاء بتقرير فحص الهاتف . غير مقبول . متى عول عليه باعتباره قرينة معززة لأدلة الثبوت الأخرى ولم يتخذ من نتيجته دليلاً أساسياً على ثبوت الاتهام .
(13) نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي بوجود عبث بالأحراز . جدل في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب
(14) دفوع " الدفع بنفي التهمة " " الدفع بتلفيق التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الدفع بانتفاء الصلة بالواقعة وتلفيق الاتهام وكيديته . موضوعي . لا يستأهل رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
التفات الحكم عن المستندات التي قدمها الطاعن تدليلاً على صحة دفاعه . لا يعيبه . علة ذلك ؟
(15) أمر الإحالة . إجراءات " إجراءات المحاكمة " .
أمر الإحالة . عمل من أعمال التحقيق لا يخضع لقواعد بطلان الأحكام . القصور فيه لا يبطل المحاكمة أو يؤثر على صحة إجراءاتها . إبطاله بعد اتصال المحكمة به . غير جائز . علة ذلك ؟
(16) دفوع " الدفع ببطلان التحقيق " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي بعدم توقيع وكيل النيابة المُحقق على أولى صفحات التحقيق . تعييب للتحقيق الابتدائي . غير جائز أمام محكمة النقض .
(17) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . محضر الجلسة . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
النعي على المحكمة عدم إجابتها طلبات أمسك الطاعنان عن المطالبة بها في مرافعتهما الختامية . غير مقبول .
خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم كاملاً . لا يعيب الحكم . علة ذلك ؟
مثال .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان الحكم – على ما يبين من مدوناته – قد أورد مؤدى الأدلة التي تساند إليها في الإدانة في بيان وافٍ يكفي للتدليل على صورة الواقعة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ، وكانت صيغة الاتهام المبينة في الحكم تعتبر جزءاً منه ، فيكفي في بيان الواقعة الإحالة إليها ، وكان لا يوجد في القانون ما يمنع محكمة الجنايات أن تورد في حكمها أدلة الثبوت كما تضمنتها قائمة أدلة الإثبات المقدمة من النيابة العامة ، ما دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة – كما هو الحال في الدعوى الراهنة – وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم المطعون فيه كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، هذا إلى أنه لما كان من المقرر أنه لا يلزم من الحكم أن يتحدث صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جرائم تأسيس جماعة إجرامية منظمة بغرض تهريب مهاجرين والشروع في تهريبهم المنصوص عليها في المواد 1 ، 5 ، 6 ، 7 ، 17 من القانون رقم 82 لسنة 2016 بشأن مكافحة الهجرة غير الشرعية ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليها ، وهو ما أثبته الحكم المطعون فيه في حق الطاعنين وتبينه من ظروف الدعوى وملابساتها ، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن لا يكون سديداً .
2- لما كان تحصيل المحكمة لوقائع الدعوى وأدلتها قد جاء وافياً في شأن بيان الأفعال المادية التي أتاها كل من الطاعنين بما يفصح عن الدور الذي قام به كل منهما في الجرائم التي دانهما الحكم بها ، ومن ثم فإن منعاهما في هذا الصدد لا يكون قويماً .
3- من المقرر أن الاتفاق على ارتكاب الجرائم لا يقتضي في الواقع أكثر من تقابل إرادات المساهمين فيها ، ولا يشترط لتوافره مضي وقت معين ، بل إنه من الجائز عقلاً وقانوناً أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشرة أو لحظة تنفيذها تحقيقاً لقصد مشترك بين المساهمين فيها ، وهو الغاية النهائية من الجريمة ، أي أن يكون كل منهم قصد قصد الآخر في ارتكاب الجريمة المعينة وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة ، وأنه يكفي في صحيح القانون لاعتبار الشخص فاعلاً أصلياً أن يساهم في الجريمة بفعل من الأفعال المكونة لها ، وكان ما أورده الحكم كافياً بذاته للتدليل على اتفاق الطاعنين على ارتكاب الجرائم المُسندة إليهما من صدورها عن باعث واحد واتجاههما وجهة واحدة في تنفيذها ، وأن كلاً منهما قصد قصد الآخر في إيقاعها وقارف فعلاً من الأفعال المكونة لها ، فإن الحكم إذ تأدى من ذلك إلى اعتبار الطاعنين متضامنين في المسئولية الجنائية ودانهما بوصفهما فاعلين أصليين في تلك الجرائم ، فإنه يكون قد اقترن بالصواب ، بما يدحض النعي عليه في هذا الشأن .
4- لما كان ما يعتصم به الطاعنان من عدم وجود مصلحة لهما في ارتكاب ما أسند إليهما الحكم من جرائم ، إنما يتصل بالباعث على ارتكاب الجريمة ، وهو ليس من أركانها أو عناصرها ، فإنه لا ينال من سلامة الحكم عدم تحقيق المحكمة له .
5- من المقرر أن لمحكمة الموضوع الحق في أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ، ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم ، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكانت الأحكام لا تلتزم بحسب الأصل بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها ، ولها أن تعول على شهادتهم في أي مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليها ، وأن تلتفت عما عداها دون أن تبين العلة ، وكان تناقض أقوال الشهود في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ، ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، ولا يشترط في شهادة الشهود أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بكامل وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق ، بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة يتلاءم به ما قاله الشهود بالقدر الذي رووه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها ، وكان القانون قد اعتبر في المادة 283 من قانون الإجراءات الجنائية الشخص شاهداً بمجرد دعوته لأداء الشهادة ، سواء أداها بعد أن يحلف اليمين أو دون أن يحلفها ، ومن ثم فلا يعيب الحكم وصف أقوال الشاهد الخامس الذي لم يحلف اليمين – بفرض صحة ذلك – بأنها شهادة ، وكان من حق محكمة الموضوع أن تعتمد في قضائها بالإدانة على أقوال شاهد سُمِعَ بغير حلف يمين ، إذ مرجع الأمر كله إلى ما تطمئن إليه من عناصر الاستدلال ، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات ومن بينهم الشاهد الخامس وصحة تصويرهم للواقعة ، فإن ما يثيره الطاعنان من منازعة في صورة الواقعة وفي القوة التدليلية لأقوال الشهود لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا شأن لمحكمة النقض به .
6- من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ، ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ، ولا يؤثر في هذا النظر اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم ، ذلك بأن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن إليه من أقوال الشاهد وأن تطرح ما عداها ، وأن في عدم إيراد الحكم لهذه التفصيلات ما يفيد اطراحه لها ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين في هذا الخصوص لا يكون سديداً .
7- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية ، وكانت المحكمة – على ما يبين من الحكم المطعون فيه – قد أبدت اطمئنانها إلى تحريات الشرطة بجانب ما ساقته من أدلة أساسية في الدعوى ، وكان لا يعيب تلك التحريات أن لا يفصح مجريها عن مصدرها ، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد لا يكون مقبولاً .
8- من المقرر أن التقارير الفنية وإن كانت لا تدل بذاتها على نسبة الجريمة إلى المتهمين إلا أنها تصلح كدليل مؤيد لأقوال الشهود وعناصر الإثبات الأخرى في هذا الخصوص ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين في هذا المجال لا يكون قويماً .
9- لما كان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن أياً من الطاعنين أو المدافعين عنهما لم يطلب من المحكمة أن تطلعهما على المحررات المزورة موضوع الدعوى ، فليس لهما أن ينعيا عليها عدم اطلاعهما على تلك المحررات ، ويضحى ما يثيرانه في هذا المنحى غير سديد ، هذا فضلاً عن أنه لما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعنين جريمة واحدة وعاقبهما بالعقوبة المقررة لأشدها ، وهي جريمة الشروع في تهريب مهاجر بواسطة جماعة إجرامية منظمة مع التعدد وحال كون الطاعن الأول موظفاً عاماً ارتكب الجريمة مستغلاً وظيفته ، وأوقعت عليهما عقوبتها عملاً بنص المادة 32 من قانون العقوبات بوصفها الجريمة الأشد ، فإنه لا مصلحة للطاعنين فيما يثيرانه بشأن واقعتي التزوير والاستعمال ، كما أن الحكم قد أثبت وقوع الجريمة ذات العقوبة الأشد المار بيانها ، وفي هذا ما يكفي لتطبيق المادتين 6 ، 7 من القانون رقم 82 لسنة 2016 في شأن مكافحة الهجرة غير الشرعية بغض النظر عن واقعة التزوير وذلك على أساس توافر ظروف مشددة أخرى هي التعدد وكون الطاعن الأول موظفاً عاماً ارتكب الجريمة مستغلاً وظيفته .
10- من المقرر أن أقوال متهم على آخر هي في حقيقتها شهادة يسوغ لمحكمة الموضوع أن تعول عليها في قضائها بالإدانة ، متى اطمأنت إلى صحتها ومطابقتها للحقيقة والواقع – كما هو الحال في الدعوى الماثلة - ذلك لأن العبرة بما اطمأنت إليه المحكمة وعولت عليه مما آنست الصدق فيه ، ومن ثم فإن ما يثار في هذا الخصوص لا يكون قويماً .
11- لما كان مؤدى ما نصت عليه المادتان 126 ، 199 من قانون الإجراءات الجنائية أن للنيابة العامة – عندما تباشر التحقيق – أن تصدر حسب الأحوال أمراً بحضور المتهم ، أو بالقبض عليه وإحضاره ، وتقدير الأحوال التي تستوجب ذلك متروك لتقدير المحقق ، ولم يستلزم القانون لإصدار هذا الأمر أن يكون بناءً على طلب من مأمور الضبط القضائي أو أن يكون مسبوقاً بتحريات حول شخص المتهم ، كما أنه متى بدأ وكيل النيابة المختص في إجراءات التحقيق بدائرة اختصاصه المكاني ثم استوجبت ظروف التحقيق ومقتضياته متابعة الإجراءات وامتدادها خارج تلك الدائرة ، فإن هذه الإجراءات منه أو ممن يندبه لها تكون صحيحة لا بطلان فيها ، ومن ثم فلا محل لتعييب الحكم المطعون فيه في هذا الصدد .
12- لما كان الثابت من مدونات الحكم أن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أصلية على فحوى الدليل الناتج من اطلاع النيابة العامة على تقرير الإدارة العامة للمساعدات الفنية بوزارة الداخلية الخاص بفحص هاتف الطاعن الثاني ، وإنما استندت إليه كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التي أوردتها ، فإنه لا جناح على الحكم إن هو عول على تلك القرينة تأييداً وتعزيزاً للأدلة الأخرى التي اعتمد عليها في قضائه ، ما دام لم يتخذ من نتيجة الاطلاع على ذلك التقرير دليلاً أساسياً على ثبوت الاتهام قبل المتهمين ، ومن ثم فإن النعي عليه في هذا المنحى يكون غير مقبول .
13- لما كان ما يثيره الطاعنان من وجود عبث بالأحراز إن هو إلا جدل في تقدير أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع ، فلا تجوز مجادلتها أو مصادرتها في عقيدتها في تقدير الدليل ، وهو من إطلاقاتها بغير معقب .
14- لما كان النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعنين بانتفاء صلتهما بالواقعة والدفع بتلفيق الاتهام وكيديته من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، وكان لا يعيب الحكم سكوته عن التعرض للمستندات التي قدمها الطاعنان ، ذلك بأن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على أدلة النفي التي يتقدم بها المتهم ، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصته من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ، لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يعتصم به الطاعنان في هذا الشأن يكون غير سديد .
15- من المقرر أن أمر الإحالة هو عمل من أعمال التحقيق ، فلا محل لإخضاعه لما يجري على الأحكام من قواعد البطلان ، كما أن إبطاله بعد اتصال محكمة الموضوع به يقتضي إعادة الدعوى إلى مرحلة الإحالة ، وهو أمر غير جائز باعتبار أن تلك المرحلة لا تخرج عن كونها مرحلة تحقيق ، فلا يجوز إعادة الدعوى إليها بعد دخولها في حوزة المحكمة بحسبانها جهة التحقيق النهائي ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين في هذا الخصوص لا يكون قويماً .
16 - من المقرر أن تعييب التحقيق الابتدائي أمام محكمة النقض غير جائز ، فإن ما يثار من أن أولى صفحات التحقيق مع شاهد الإثبات الثاني لم يوقع عليها وكيل النيابة المحقق – بفرض حصوله – يكون في غير محله .
17- لما كان ما ينعاه الطاعنان على المحكمة من التفاتها عن تحقيق دفاعهما باستكمال ما شاب تحقيقات النيابة العامة من قصور مردوداً بأن البين من محضر جلسة المحاكمة التي أثبت فيها المرافعة الختامية أن المدافعين عن الطاعنين وإن قدم كل منهما مذكرة بدفاعه – أورد بأسباب الطعن الدفاع المسطور بها – إلا أنهما ترافعا شفاهة في الدعوى واختتما مرافعتهما بطلب البراءة ولم يتمسكا بالطلبات الواردة بمذكرتي الدفاع المشار إليهما ، ومن ثم فإنه لا يقبل من الطاعنين النعي على المحكمة عدم إجابتهما إلى طلبات أمسكا عن المطالبة بها في مرافعتهما الختامية ، ولا يقدح في ذلك ما يثيرانه من أن أمين السر لم يثبت بمحضر الجلسة الأخيرة أنهما أبديا تلك الطلبات ، لما هو مقرر من أنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع المتهم كاملاً ، إذ كان عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته بالمحضر ، وأن عليه إن ادعى أن المحكمة صادرت حقه في ذلك أن يقدم الدليل ويسجل عليها المخالفة في طلب مكتوب قبل صدور الحكم ، وإلا لم تجز محاجاتها من بعد ذلك أمام محكمة النقض على أساس من تقصيرها فيما كان يتعين عليها تسجيله ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون مقبولاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من 1- .... ( طاعن ) 2- .... 3- .... ( طاعن ) 4- .... بأنهم :-
أولاً : المتهمون من الأول حتى الثالث :
1- أسسوا جماعة إجرامية منظمة لأغراض تهريب المهاجرين القصد منها ارتكاب الجريمة التالية للحصول على منفعة مادية على النحو المبين بالتحقيقات .
2- شرعوا في تهريب المهاجر / .... بأن تولوا تدبير انتقاله بطريقة غير شرعية عبر الحدود الرسمية من داخل الأراضي المصرية إلى دولة .... وكان ذلك باستخدام وثيقة سفر وهوية مزورين بأن ارتكبوا تزويراً في جواز سفر المهاجر - آنف البيان - بما يفيد خلافاً للحقيقة سابقة سفره وعودته للبلاد مع علمهم بذلك بأن شفعه المتهم الأول - بصفته الوظيفية مقدم شرطة بقسم جوازات مطار .... الدولي - بخاتمي سفر وعودة مستغلاً وظيفته واصطنعوا بطاقة إقامة مزورة منسوب صدورها لدولة .... لاستعمالها فيما زورت من أجله في مقابل منفعة مادية ( مبالغ مالية ) يتحصلون عليها من شاهد الإثبات الخامس نظير ذلك إلا أنه قد أوقف أثر تلك الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو ضبطهم والمهاجر المهرب – سالف الذكر - من قبل السلطات المختصة على النحو المبين بالتحقيقات .
ثانياً : المتهم الثاني :
- تولى قيادة جماعة إجرامية منظمة لأغراض تهريب المهاجرين على النحو المبين بالتحقيقات .
ثالثاً : المتهم الرابع :
1- اشترك مع المتهمين من الأول حتى الثالث في ارتكاب الجرائم الموصوفة بالبند أولاً وكان ذلك بطريقي الاتفاق والمساعدة بأن أمدهم بالبيانات والمعلومات اللازمة عن المهاجر سالف الذكر وذلك لتمكينه من الهجرة من الأراضي المصرية لدولة .... بالمخالفة للقوانين واللوائح المتبعة في ذلك فتمت الجريمة بناءً على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة على النحو المبين بالتحقيقات .
2- علم بارتكاب الجريمة محل الاتهامين الموصوفين بالبند أولاً ولم يبلغ السلطات المختصة بذلك على النحو المبين بالأوراق .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
ومحكمة الجنايات قضت حضورياً للأول والثالث والرابع وغيابياً للثاني عملاً بالمواد 40/ ثانياً ، ثالثاً ، ٤١ /1 ، ۲۱٥ ، ۲۱۷/ 1 من قانون العقوبات ، والمواد 1/1 ، 2 ، 3 ، 4 ، 5 ، 6 فقرة أولى وثانية بنود ( 1، 2 ، 3، 4 ، 8 ) ، 7/ 1 ، 15 /1 ، 17 من القانون ۸۲ لسنة 2016 بشأن إصدار قانون مكافحة الهجرة غير الشرعية ، مع إعمال المادتين ۱۷ ، ۳۲ من قانون العقوبات ، أولاً : بمعاقبة كلٍ من الأول والثاني والثالث بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات وتغريم كل منهم مائتي ألف جنيه عما أسند إليهم ، وأمرت بمصادرة المضبوطات وألزمتهم بالمصاريف الجنائية ، ثانياً : بإعفاء المتهم الرابع من العقاب .
فطعن المحكوم عليهما الأول والثالث بطريق النقض في هذا الحكم .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
وحيث إن الطاعنين ينعيان - بمذكرات الأسباب الثلاث - على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجرائم تأسيس جماعة إجرامية منظمة بغرض تهريب المهاجرين والشروع في تهريب مهاجر باستخدام وثيقة سفر مزورة حال كون أولهما موظفاً عاماً ارتكب الجريمة مستغلاً وظيفته وتزوير وثيقة سفر واستعمالها مع العلم بذلك قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وران عليه الإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك بأنه حرر في عبارات غامضة مبهمة لا يبين منها واقعة الدعوى بياناً تتحقق به أركان تلك الجرائم رغم تمسكهما بانتفائها ، ولم يورد مؤدى أدلة الإدانة التي أخذ بها ، واكتفى بترديد وصف الاتهام وقائمة أدلة الثبوت المقدمة من النيابة العامة ، ولم يبين دور كل من الطاعنين في ارتكاب الواقعة ، ولم يقم الدليل على اتفاقهما على الجرائم التي أسندها إليهما ، ولم يعن بالرد على دفاعهما بعدم توافر هذا الاتفاق في حقهما ، ودانهما بتلك الجرائم مع عدم وجود مصلحة لهما من وراء ارتكابها ، هذا إلى أن المحكمة اعتنقت صورة للواقعة تخالف الواقع وتجافي العقل ولا ينطبق عليها القيد والوصف اللذين أسبغتهما عليها ، كما عول الحكم في الإدانة على أقوال شهود الإثبات من الأول حتى الرابع مع أنها لا تؤدي إلى ما انتهى إليه ، وفي حين أن أقوال ثانيهما قد تضاربت في مراحل التحقيق المختلفة ، وأخذ الحكم بأقوال الشاهد الخامس بالتحقيقات مع عدم حلفه اليمين القانونية قبل سؤاله فيها ، كما أحال في بيان أقوال الشاهدين الثالث والخامس إلى ما حصله من أقوال الشاهدين الأول والثاني رغم اختلاف أقوالهم التي اطرح منها ما يظاهر نفي الاتهام ، واتخذ الحكم من تحريات الشرطة دليلاً أساسياً على الإدانة مع عدم جديتها لعدم إفصاح مجريها عن مصدره السري ، كما أنه استند في قضائه إلى تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير رغم أنه لا يصلح بذاته دليلاً على الإدانة ، هذا فضلاً عن أن المحكمة لم تُطلع الطاعنين أو المدافعين عنهما على المحررات المزورة ، كما أنها ضربت صفحاً عن مذكرتي دفاعهما المقدمتين إليها بجلسة المحاكمة الأخيرة فلم تحفل بما سطر بهما من دفوع ببطلان إقرار كل من الطاعنين بالتحقيقات لمخالفته الحقيقة ، وبطلان أمر ضبط وإحضار الطاعن الثاني لابتنائه على تحريات غير جدية وبطلان القبض عليه لتنفيذه خارج دائرة الاختصاص المكاني ، واتخذ الحكم مما ثبت من مطالعة النيابة العامة لتقرير الإدارة العامة للمساعدات الفنية بوزارة الداخلية بشأن فحص الهاتف النقال للطاعن الثاني ، وتفريغه دليلاً على الإدانة رغم عدم صلاحيته لذلك لشواهد عدة ، كما لم يعرض لدفاع الطاعنين بأن العبث قد لحق بالأحراز ، ولا لدفوعهما بانتفاء صلة الطاعنين بالواقعة المؤيد بالمستندات وتلفيق الاتهام وكيديته وبطلان أمر الإحالة ، وبطلان تحقيقات النيابة لعدم توقيع المحقق على إحدى صفحاتها لدى سؤاله شاهد الإثبات الثاني ، هذا إلى أن المحكمة لم تستجب إلى ما اختتمت به هاتين المذكرتين من طلبات بتحقيق دفاع الطاعنين باستكمال ما قصرت النيابة العامة في تحقيقه ، ويضيف الطاعنان أن هذه الطلبات قد أبديت أمام المحكمة إلا أن أمين السر لم يثبتها بمحضر الجلسة ، كل أولئك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان الحكم – على ما يبين من مدوناته – قد أورد مؤدى الأدلة التي تساند إليها في الإدانة في بيان واف يكفي للتدليل على صورة الواقعة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ، وكانت صيغة الاتهام المبينة في الحكم تعتبر جزءاً منه ، فيكفي في بيان الواقعة الإحالة إليها ، وكان لا يوجد في القانون ما يمنع محكمة الجنايات أن تورد في حكمها أدلة الثبوت كما تضمنتها قائمة أدلة الإثبات المقدمة من النيابة العامة ، ما دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة – كما هو الحال في الدعوى الراهنة – وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم المطعون فيه كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، هذا إلى أنه لما كان من المقرر أنه لا يلزم من الحكم أن يتحدث صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جرائم تأسيس جماعة إجرامية منظمة بغرض تهريب مهاجرين والشروع في تهريبهم المنصوص عليها في المواد 1 ، 5 ، 6 ، 7 ، 17 من القانون رقم 82 لسنة 2016 بشأن مكافحة الهجرة غير الشرعية ، ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليها ، وهو ما أثبته الحكم المطعون فيه في حق الطاعنين وتبينه من ظروف الدعوى وملابساتها ، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان تحصيل المحكمة لوقائع الدعوى وأدلتها قد جاء وافياً في شأن بيان الأفعال المادية التي أتاها كل من الطاعنين بما يفصح عن الدور الذي قام به كل منهما في الجرائم التي دانهما الحكم بها ، ومن ثم فإن منعاهما في هذا الصدد لا يكون قويماً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الاتفاق على ارتكاب الجرائم لا يقتضي في الواقع أكثر من تقابل إرادات المساهمين فيها ، ولا يشترط لتوافره مضي وقت معين ، بل إنه من الجائز عقلاً وقانوناً أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشرة أو لحظة تنفيذها تحقيقاً لقصد مشترك بين المساهمين فيها ، وهو الغاية النهائية من الجريمة ، أي أن يكون كل منهم قصد قصد الآخر في ارتكاب الجريمة المعينة وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة ، وأنه يكفي في صحيح القانون لاعتبار الشخص فاعلاً أصلياً أن يساهم في الجريمة بفعل من الأفعال المكونة لها ، وكان ما أورده الحكم كافياً بذاته للتدليل على اتفاق الطاعنين على ارتكاب الجرائم المسندة إليهما من صدورها عن باعث واحد واتجاههما وجهة واحدة في تنفيذها ، وأن كلاً منهما قصد قصد الآخر في إيقاعها وقارف فعلاً من الأفعال المكونة لها ، فإن الحكم إذ تأدى من ذلك إلى اعتبار الطاعنين متضامنين في المسئولية الجنائية ودانهما بوصفهما فاعلين أصليين في تلك الجرائم ، فإنه يكون قد اقترن بالصواب ، بما يدحض النعي عليه في هذا الشأن . لما كان ذلك ، وكان ما يعتصم به الطاعنان من عدم وجود مصلحة لهما في ارتكاب ما أسند إليهما الحكم من جرائم ، إنما يتصل بالباعث على ارتكاب الجريمة ، وهو ليس من أركانها أو عناصرها ، فإنه لا ينال من سلامة الحكم عدم تحقيق المحكمة له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع الحق في أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ، ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم ، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكانت الأحكام لا تلتزم بحسب الأصل بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها ، ولها أن تعول على شهادتهم في أي مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليها ، وأن تلتفت عما عداها دون أن تبين العلة ، وكان تناقض أقوال الشهود في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ، ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، ولا يشترط في شهادة الشهود أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بكامل وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق ، بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة يتلاءم به ما قاله الشهود بالقدر الذي رووه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها ، وكان القانون قد اعتبر في المادة 283 من قانون الإجراءات الجنائية الشخص شاهداً بمجرد دعوته لأداء الشهادة ، سواء أداها بعد أن يحلف اليمين أو دون أن يحلفها ، ومن ثم فلا يعيب الحكم وصف أقوال الشاهد الخامس الذي لم يحلف اليمين – بفرض صحة ذلك – بأنها شهادة ، وكان من حق محكمة الموضوع أن تعتمد في قضائها بالإدانة على أقوال شاهد سُمِعَ بغير حلف يمين ، إذ مرجع الأمر كله إلى ما تطمئن إليه من عناصر الاستدلال ، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات ومن بينهم الشاهد الخامس وصحة تصويرهم للواقعة ، فإن ما يثيره الطاعنان من منازعة في صورة الواقعة وفي القوة التدليلية لأقوال الشهود لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا شأن لمحكمة النقض به . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ، ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ، ولا يؤثر في هذا النظر اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم ، ذلك بأن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن إليه من أقوال الشاهد وأن تطرح ما عداها ، وأن في عدم إيراد الحكم لهذه التفصيلات ما يفيد اطراحه لها ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين في هذا الخصوص لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية ، وكانت المحكمة – على ما يبين من الحكم المطعون فيه – قد أبدت اطمئنانها إلى تحريات الشرطة بجانب ما ساقته من أدلة أساسية في الدعوى ، وكان لا يعيب تلك التحريات أن لا يفصح مجريها عن مصدرها ، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن التقارير الفنية وإن كانت لا تدل بذاتها على نسبة الجريمة إلى المتهمين إلا أنها تصلح كدليل مؤيد لأقوال الشهود وعناصر الإثبات الأخرى في هذا الخصوص ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين في هذا المجال لا يكون قويماً . لما كان ذلك ، وكان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن أياً من الطاعنين أو المدافعين عنهما لم يطلب من المحكمة أن تطلعهما على المحررات المزورة موضوع الدعوى ، فليس لهما أن ينعيا عليها عدم اطلاعهما على تلك المحررات ، ويضحى ما يثيرانه في هذا المنحى غير سديد ، هذا فضلاً عن أنه لما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعنين جريمة واحدة وعاقبهما بالعقوبة المقررة لأشدها ، وهي جريمة الشروع في تهريب مهاجر بواسطة جماعة إجرامية منظمة مع التعدد وحال كون الطاعن الأول موظفاً عاماً ارتكب الجريمة مستغلاً وظيفته ، وأوقعت عليهما عقوبتها عملاً بنص المادة 32 من قانون العقوبات بوصفها الجريمة الأشد ، فإنه لا مصلحة للطاعنين فيما يثيرانه بشأن واقعتي التزوير والاستعمال ، كما أن الحكم قد أثبت وقوع الجريمة ذات العقوبة الأشد المار بيانها ، وفي هذا ما يكفي لتطبيق المادتين 6 ، 7 من القانون رقم 82 لسنة 2016 في شأن مكافحة الهجرة غير الشرعية بغض النظر عن واقعة التزوير وذلك على أساس توافر ظروف مشددة أخرى هي التعدد وكون الطاعن الأول موظفاً عاماً ارتكب الجريمة مستغلاً وظيفته . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن أقوال متهم على آخر هي في حقيقتها شهادة يسوغ لمحكمة الموضوع أن تعول عليها في قضائها بالإدانة ، متى اطمأنت إلى صحتها ومطابقتها للحقيقة والواقع – كما هو الحال في الدعوى الماثلة - ذلك لأن العبرة بما اطمأنت إليه المحكمة وعولت عليه مما آنست الصدق فيه ، ومن ثم فإن ما يثار في هذا الخصوص لا يكون قويماً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن مؤدى ما نصت عليه المادتان 126 ، 199 من قانون الإجراءات الجنائية أن للنيابة العامة – عندما تباشر التحقيق – أن تصدر حسب الأحوال أمراً بحضور المتهم ، أو بالقبض عليه وإحضاره ، وتقدير الأحوال التي تستوجب ذلك متروك لتقدير المحقق ، ولم يستلزم القانون لإصدار هذا الأمر أن يكون بناءً على طلب من مأمور الضبط القضائي أو أن يكون مسبوقاً بتحريات حول شخص المتهم ، كما أنه متى بدأ وكيل النيابة المختص في إجراءات التحقيق بدائرة اختصاصه المكاني ثم استوجبت ظروف التحقيق ومقتضياته متابعة الإجراءات وامتدادها خارج تلك الدائرة ، فإن هذه الإجراءات منه أو ممن يندبه لها تكون صحيحة لا بطلان فيها ، ومن ثم فلا محل لتعييب الحكم المطعون فيه في هذا الصدد . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مدونات الحكم أن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أصلية على فحوى الدليل الناتج من اطلاع النيابة العامة على تقرير الإدارة العامة للمساعدات الفنية بوزارة الداخلية الخاص بفحص هاتف الطاعن الثاني ، وإنما استندت إليه كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التي أوردتها ، فإنه لا جناح على الحكم إن هو عول على تلك القرينة تأييداً وتعزيزاً للأدلة الأخرى التي اعتمد عليها في قضائه ، ما دام لم يتخذ من نتيجة الاطلاع على ذلك التقرير دليلاً أساسياً على ثبوت الاتهام قبل المتهمين ، ومن ثم فإن النعي عليه في هذا المنحى يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعنان من وجود عبث بالأحراز إن هو إلا جدل في تقدير أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع ، فلا تجوز مجادلتها أو مصادرتها في عقيدتها في تقدير الدليل ، وهو من إطلاقاتها بغير معقب . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعنين بانتفاء صلتهما بالواقعة والدفع بتلفيق الاتهام وكيديته من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، وكان لا يعيب الحكم سكوته عن التعرض للمستندات التي قدمها الطاعنان ، ذلك بأن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على أدلة النفي التي يتقدم بها المتهم ، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصته من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ، لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يعتصم به الطاعنان في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن أمر الإحالة هو عمل من أعمال التحقيق ، فلا محل لإخضاعه لما يجرى على الأحكام من قواعد البطلان ، كما أن إبطاله بعد اتصال محكمة الموضوع به يقتضي إعادة الدعوى إلى مرحلة الإحالة ، وهو أمر غير جائز باعتبار أن تلك المرحلة لا تخرج عن كونها مرحلة تحقيق ، فلا يجوز إعادة الدعوى إليها بعد دخولها في حوزة المحكمة بحسبانها جهة التحقيق النهائي ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين في هذا الخصوص لا يكون قويماً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تعييب التحقيق الابتدائي أمام محكمة النقض غير جائز ، فإن ما يثار من أن أولى صفحات التحقيق مع شاهد الإثبات الثاني لم يوقع عليها وكيل النيابة المحقق – بفرض حصوله – يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان ما ينعاه الطاعنان على المحكمة من التفاتها عن تحقيق دفاعهما باستكمال ما شاب تحقيقات النيابة العامة من قصور مردوداً بأن البين من محضر جلسة المحاكمة التي أثبت فيها المرافعة الختامية أن المدافعين عن الطاعنين وإن قدم كل منهما مذكرة بدفاعه – أورد بأسباب الطعن الدفاع المسطور بها – إلا أنهما ترافعا شفاهة في الدعوى واختتما مرافعتهما بطلب البراءة ولم يتمسكا بالطلبات الواردة بمذكرتي الدفاع المشار إليهما ، ومن ثم فإنه لا يقبل من الطاعنين النعي على المحكمة عدم إجابتهما إلى طلبات أمسكا عن المطالبة بها في مرافعتهما الختامية ، ولا يقدح في ذلك ما يثيرانه من أن أمين السر لم يثبت بمحضر الجلسة الأخيرة أنهما أبديا تلك الطلبات ، لما هو مقرر من أنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع المتهم كاملاً ، إذ كان عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته بالمحضر ، وأن عليه إن ادعى أن المحكمة صادرت حقه في ذلك أن يقدم الدليل ويسجل عليها المخالفة في طلب مكتوب قبل صدور الحكم ، وإلا لم تجز محاجاتها من بعد ذلك أمام محكمة النقض على أساس من تقصيرها فيما كان يتعين عليها تسجيله ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون مقبولاً . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنويه : المواد 6 ، 7 ، 15 من القانون رقم 82 لسنة 2016 بشأن مكافحة الهجرة غير الشرعية تم استبدالها بموجب المادة الأولى من القانون رقم 22 لسنة 2022 المنشور بالجريدة الرسمية في 11/4/2022 والمعمول به اعتباراً من اليوم التالي لتاريخ نشره .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق