بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 21-07-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 332 لسنة 2025 طعن تجاري
طاعن:
ش. ا. و. ش.
س. ب. م. ب. ي. ا.
ا. و. ل. ا. ش. م. م.
و. ب. س. ب. م. ا.
ا. .. .. ع. ش.
مطعون ضده:
ب. ا. ا. ش. ف. د.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2024/2308 استئناف تجاري بتاريخ 19-02-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه القاضي المقرر / عبدالسلام المزاحي، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع ? على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ? تتحصل في أن البنك المطعون ضده أقام على الطاعنين الدعوى رقم 1415 لسنة 2023 تجاري مصارف أمام محكمة دبي الابتدائية بطلب الحكم بإلزامهم بالتضامن بأن يؤدوا إليه مبلغ وقدره (6,836,606.5) درهم المترصد حتى تاريخ 7-12-2023 مع ما يستجد من مبالغ وفوائده القانونية بواقع 5% من تاريخ استحقاق الدين حتى تمام السداد، وقال بياناً لذلك: إنه منح الشركة الطاعنة الأولى تسهيلات إئتمانية لتمويل الأعمال التي تنفذها لصالح المقاولين الرئيسيين في مشروع رويال أطلنتس ومشروع بالم جميرا، والتي تنازلت لصالح البنك عن جميع الإيرادات العائدة لها نتيجة تلك الأعمال المنفذة منها كضمانة لهذه التسهيلات الإئتمانية، وبتاريخ 20-9-2022 وافق البنك المطعون ضده على طلب الشركة الطاعنة الأولى على إعادة جدولة ذات التسهيلات الائتمانية الممنوحة منه والبالغ مجموعها (15,422,872.47) درهم، على أن تقوم الشركة الطاعنة الأولى بإعادة سداد قيمة التسهيلات المعاد جدولتها بدفعة واحدة خلال 36 شهراً تبدأ من هذا التاريخ وبسداد فائدة تعاقدية بعد انقضاء فترة سماح تنتهي في تاريخ 30-8-2023، وكفل الطاعنون من الثانية إلى الخامس كل على حدة سداد الشركة الطاعنة الأولى كامل المبلغ المترصد للبنك المطعون ضده في حدود مبلغ (16,500,000) درهم، وإذ امتنعت الطاعنة الأولى عن تحويل إيراداتها في مشروع رويال أطلنتس بحجة وجود نزاع مع المقاولين الرئيسيين ووجود إجراءات تحكيم طويلة الأمد، كما تلقى البنك من محكمة تنفيذ دبي رسائل تؤكد صدور قرارات في ملفات تنفيذ في مواجهة الطاعنة الأولى توعز لمن يلزم بالاستعلام والحجز تنفيذياً على حسابات الأخيرة، وهو ما يشكل حالة تعديل جوهري في شئونها تؤدي إلى الحد من قدرتها على سداد مقابل التسهيلات، كما أنها لم تسدد الفوائد التعاقدية المترصدة بذمتها على التسهيلات المعاد جدولتها منذ انقضاء فترة السماح في 30-8-2023، مما أدى إلى تحقق حالة إخلال بالسداد، وأنه طالبها بتاريخ 4-10-2023 بسداد المبلغ المترصد في ذمتها ومقداره (6,836,606.5) درهماً وامتنعت، فقد أقام الدعوى، ندبت المحكمة خبيراً مصرفياً فيها، وبعد أن أودع تقريره، حكمت بتاريخ 14 نوفمبر 2024 بإلزام الطاعنين بالتضامن فيما بينهم بأن يؤدوا للبنك المطعون ضده مبلغ (5,136,546.86) درهم والفائدة القانونية بواقع 5% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية في 21-12-2023 وحتى تمام السداد، استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 2308 لسنة 2024 تجاري دبي، وبتاريخ 19 فبراير 2025 قضت المحكمة -في غرفة مشورة- بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق التمييز بالطعن الماثل بموجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى الكترونياً بتاريخ 20 مارس 2025 بطلب نقضه، وقدم محامي البنك المطعون ضده مذكرة جوابية بدفاعه طلب فيها رفض الطعن، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب إذ قضى برفض الدفع المبدى منهم بعدم قبول الدعوى لسبق الاتفاق على التحكيم، رغم تضمن اتفاقية التسهيلات الائتمانية موضوع النزاع اختصاص محاكم مركز دبي المالي العالمي في حالة نشوب خلاف بين الطرفين، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه من المقرر ? في قضاء هذه المحكمة ? أن التحكيم هو طريق استثنائي لفض المنازعات وأنه يعد خروجاً على الأصل العام الذي يقضى باختصاص المحاكم بنظر جميع المنازعات إلا ما استثنى منها بنص خاص وأنه يجب تفسير شرط التحكيم تفسيراً ضيقاً والتماس كل ما من شأنه التنازل عنه أو انتهاء الغرض منه، ومن المقرر أيضا ان النص في المادة 265 من قانون المعاملات المدنية علي انه اذا كانت عبارة العقد واضحة فلا يجوز الانحراف عنها عن طريق تفسيرها للتعرف علي إرادة المتعاقدين، أما إذا كان هناك محل لتفسير العقد فيجب البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعني الحرفي للألفاظ مع الاستهداء في ذلك بطبيعة التعامل وبما ينبغي ان يتوافر من امانه وثقه بين المتعاقدين وفقا للعرف الجاري يدل وعلي ما جري به قضاء هذه المحكمة - علي ان تفسير محكمة الموضوع لشروط وبنود العقد متي كان تفسيره تحتمله عبارات تلك الشروط والبنود وليس فيه تشويه لأصل العبارة - فان محكمة التمييز لا يكون لها رقابه او تدخل فيه مادامت محكمة الموضوع بينت في حكمها ما يقصد هذا الحمل من الاعتبارات المعقولة، كما أنه من المقرر أن الاتفاق على التحكيم لا يُفترض وإنما يجب أن تُفصح صياغته عن الطابع الوجوبي للتحكيم بتراضي الطرفين واتجاه إرادتهما إلى اتخاذ التحكيم سبيلًا وحيدًا لحل أي نزاع ينشأ في خصوص العلاقة القانونية القائمة بينهما، فيقع على عاتقهما التزام سلبي بالامتناع عن إقامة الدعوى بشأن النزاع محل اتفاق التحكيم أمام قضاء الدولة، وبالترتيب على ما تقدم، فإن أي شرط تحكيم يأتي في سياق التجاور مع اختصاص قضاء الدولة، أو التخيير بينهما، ولا يحتوي إلا على مبدأ اللجوء إلى التحكيم، دون أن يقطع في الاتفاق على التحكيم وحده والتقيد بقوته الملزمة، لا يعد اتفاقًا ملزمًا بالتحكيم يمنع محاكم الدولة من نظر النزاع؛ لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم، وذلك علي ما أورده بأسبابه من أنه (( وكان الثابت من الأوراق أن عقد التسهيلات الإئتمانية المبرم بين طرفى النزاع نص في بند الإختصاص على أن " يخضع الإختصاص لغرض التوثيق فيما يتعلق بخطاب عرض التسهيلات واتفاقية التسهيلات العامة والسند الإذنى والكفالة وأى مستندات أخرى يتم تنفيذها من جميع النواحى للقوانين الإتحادية لدولة الإمارات العربية المتحدة والقوانين المعمول بها في إمارة دبى ويفسر وفقا لها، وأى نزاع أو خلاف في الرأي بشأن تفسير أي من هذه الوثائق أو حقوق والتزامات ومستحقات الطرفين والذى تعذر تسويته وديا بين الطرفين، يتم الفصل فيه من قبل محاكم دولة الإمارات، ويحتفظ البنك الوطنى العمانى بالحق وفقا لتقديره في رفع دعوى ضد المقترض في أي محكمة أخرى مختصة بما في ذلك محاكم مركز دبى المالى العالمى ... "، وكان مفاد ذلك النص وفقاً لصريح عبارته الواضحة التي لا تحتمل التأويل، أن طرفى العقد إتفقا على اللجوء إلى التحكيم في حال نشأ بينهما نزاع بشأن العقد المبرم بينهما سالف البيان، إلا أنهما لم يقصرا طرق حل المنازعات التى قد تثور بينهما على التحكيم فقط، وإنما أضافا طريقاً أخر هو اللجوء إلى محاكم دولة الإمارات لتسويتها، ومن ثم يكون الطرفان لم يقصدا إعتماد التحكيم كوسيلة للفصل في المنازعات التي تنشأ بينهما على وجه جازم يلزمهما بالتقيد بهذا الطريق وحده، وإنما جعلا للجوء إلى القضاء سبيلا إذا تعذرت تسوية النزاع عن طريق التحكيم، الأمر الذى يكون معه الإتفاق بشأن تسوية المنازعات يجيز اللجوء إلى القضاء، دون أن يقطع في الاتفاق على التحكيم وحده والتقيد بقوته الملزمة، ومن ثم لا يعد اتفاقًا ملزمًا بالتحكيم يمنع محاكم الدولة من نظر النزاع، وإذ إختار البنك المستأنف ضده اللجوء إلى المحكمة وأقام الدعوى الماثلة أمامها دون اللجوء للتحكيم، فإنه لا يكون مخالفا لعقد التسهيلات)) وهي من الحكم المطعون فيه أسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق ولا مخالفة فيها للقانون وتتضمن الرد المسقط على كل ما أثاره الطاعنون بسبب النعي، وبالتالي فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون، لقضائه في موضوع الدعوى رغم عدم إختصاص محاكم دبي بنظر النزاع قبل الطاعنين الثانية والثالثة والرابع والخامس لتضمن عقود كفالتهم ملحق ينص على أنه في حالة النزاع أو الخلاف تكون محكمة عمان هي المختصة بنظر النزاع، مما كان يوجب على المحكمة القضاء بعدم اختصاصها بنظر الدعوى قبلهم، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، إذ من المقرر - في قضاء هذه المحكمة وفقا لنص المادة (20) من قانون الإجراءات المدنية الإتحادي رقم 42 لسنة 2022، أن المحاكم تختص بنظر الدعوى على الأجنبي الذي ليس لـه موطن أو محل إقامة في الدولة إذا كان له موطن مختار في الدولة أو كانت الدعوى متعلقة بأموال في الدولة أو بالتزام أبرم أو نفذ أو كان مشروطاً بتنفيذه في الدولة أو بواقعة حدثت فيها، كما من المقرر وفقاً لنص المادة (33) من قانون الإجراءات المدنية رقم 42 لسنة 2022 سالف الذكر، أن يكون الإختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، فإن لم يكن للمدعى عليه موطن في الدولة يكون الإختصاص للمحكمة التي يقع بدائرتها محل إقامته أو محل عمله، وفي المواد التجارية يكون الإختصاص للمحكمة التي تم الإتفاق في دائرتها أو نفذ كله أو بعضه في دائرتها أو للمحكمة التي يجب تنفيذ الإتفاق في دائرتها، وإذ تعدد المدعى عليهم كان الإختصاص للمحكمة التي يقع بدائرتها موطن أحدهم، ومن المقرر - أيضاً - أنه لا يجوز لمحاكم دبى أن تتخلى عن نظر الدعوى متى توافر فيها أحد أسباب اختصاصها ولو كانت هناك محكمة أخرى مختصة بنظرها، لما كان ذلك، وكـان الثـابت بالأوراق من صحيفتي الاستئناف والطعن الماثل المقامتين من الطاعنين أنفسهم أن عنوانهم جميعاً يقع في إمارة دبي، ومـن ثـم ينعقـد الاختصـاص بنظر الـدعوى لمحـاكم دبي دون غيرهـا، ولا ينـال مـن ذلـك أن الطاعنين الرابع والخامس أجنبيان إذ أن لهما موطن في دبي، وإذ فصل الحكم المطعون فيه في النزاع بما يتضمن قضاءاً ضمنياً باختصاص محاكم دبي بنظر الدعوى، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون، ويكون النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس .
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب السادس على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون إذ لم يقضي بعدم قبول الدعوى لعدم حصول البنك المطعون ضده على الضمانات الكافية لعقد التسهيل الائتماني الممنوح للشركة الطاعنة الأولى بالمخالفة لنص المادة (121 مكرر) من المرسوم بقانون اتحادي رقم 23 لسنة 2022 بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون اتحادي رقم 14 لسنة 2018 بشأن المصرف المركزي وتنظيم المنشآت والأنظمة المالية، وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك بإنه من المقرر ? في قضاء هذه المحكمة ? أن الأصل في أحكام القوانين أنها لا تسري إلا على ما يقع من تصرفات أو عقود بعد نفاذها ولا تنعطف آثارها على ما وقع منها قبل إنفاذها إعمالا لقاعدة عدم رجعية القوانين، إلا إذا وجد نص في القانون بتقرير الأثر الرجعي أو كانت أحكامه متعلقة بالنظام العام، وفي هاتين الحالتين فإن القانون يسترد سلطانه المباشر على الآثار المترتبة على هذه الوقائع والتصرفات والعقود طالما بقيت سارية عند العمل به حتى وإن كانت قد أُبرمت قبل العمل بأحكامه؛ لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الاتفاقية محل التداعي والتي بموجبها منح البنك المطعون ضده الطاعنة الأولى التسهيلات الائتمانية محل النزاع، قد أُبرمت قبل صدور المرسوم بقانون اتحادي رقم 23 لسنة 2022 بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون اتحادي رقم 14 لسنة 2018 في شأن المصرف المركزي وتنظيم المنشآت والأنظمة المالية، والمعمول به اعتباراً من 2 يناير 2023، فيما تضمنه في المادة 121 مكرراً منه على عدم قبول أي طلب أو دعوى إذا رُفعت من إحدى المنشآت المالية المرخصة بشأن تسهيل ائتماني مقدم لشخص طبيعي أو مؤسسة فردية خاصة في حال عدم حصولها على ضمانات كافية بما يتوافق مع دخل العميل، فإن المحكمة لا تكون ملزمة بالأخذ بأحكام المرسوم الجديد في هذا الخصوص، باعتبار أن هذا العقد سابق على تاريخ سريانه، ولا يكون له من أثر رجعي لعدم النص على الرجعية، ويكون النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسببين الثالث والخامس على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون: إنهم تمسكوا أمام محكمة الاستئناف بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان، تأسيساً على أن فترة السداد المتفق عليها هي 36 شهراً تبدأ اعتباراً من 20 سبتمبر 2022 وتنتهي في شهر سبتمبر 2025، وأن الدعوى الماثلة أقيمت بصحيفة قيدت بتاريخ 12-12-2024، كما أن الطاعنة الأولى أخطرت البنك المطعون ضده فقط بعدم قدرتها على السداد وطلبت تمويلها بقرض آخر حتى تتمكن من مقاضاة المقاولين الذين امتنعوا عن سداد مستحقاتها، إلا أن البنك المطعون ضده وبسوء نية اعتبر ذلك بمثابة تصفية لأعمالها ووضع يده على المبالغ الموجودة في حسابها والتي كان يمكن لها أن تستخدمها في بعض التنفيذات المقامة ضدها حتى تتمكن من تسيير أعمالها، إلا أن الحكم ساير دفاع البنك سالف البيان واعتبر الطاعنة الأولى غير قادرة على السداد على الرغم من عدم صدور حكم قضائي بذلك، وفي حين أنها لم تشهر إفلاسها أو تُصفي أعمالها، مما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بإنه من المقرر ? في قضاء هذه المحكمة ? أن عقد التسهيلات المصرفية هو اتفاق بين البنك وعميله يتعهد فيه البنك بأن يضع تحت تصرف عميله مبلغاً من المال موضوع التسهيلات خلال مدة معينة مقابل التزام العميل بأداء المديونية المستحقة عليه والفائدة والعمولة المتفق عليها، وأن منح البنك العميل صاحب الحساب تسهيلات مصرفية وقبول الأخير لهذه التسهيلات باستخدامه لها وسحب مبالغ منها لنفسه أو ايداعها لغيره وفقاً لتعليماته يترتب عليه التزامه بسداد ما قد يُسفر عنه الحساب من مديونية للبنك، ومن المقرر أيضاً أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وبحث وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة فيها والموازنة بينها والأخذ بما تطمئن إليه منها واطراح ما عداه، وتفسير العقود والإقرارات وسائر المحررات بما تراه أوفى بمقصود عاقديها أو أصحاب الشأن فيها، وتقدير عمل أهل الخبرة باعتباره عنصرًا من عناصر الإثبات في الدعوى ويخضع لمطلق سلطتها في الأخذ به متي اطمأنت إليه ورأت فيه ما تقتنع به ويتفق مع ما ارتأت أنه وجه الحق في الدعوى، كما أنها لا تكون مُلزمة من بعد بالتحدث عن كل قرينة غير قانونية يدلي بها الخصوم ولا بأن تتتبعهم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم والرد عليها طالما كان في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات وكانت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها ما يساندها من أوراق الدعوى بما يكفي لحمله؛ لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد واجه دفع الطاعنين بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان لعدم حلول ميعاد استحقاق كامل الدين في الميعاد المتفق عليه، وعلى ما أورده بأسبابه (( فلما كان الثابت من عقد إعادة هيكلة التسهيلات أن طرفيه إتفقا على أن الدين المستحق عن التسهيلات الممنوحة للمستأنفة الأولى (الطاعنة الأولى) وكافة الرسوم والتكاليف والفوائد تكون مستحقة وواجبة السداد إذا تحققت إحدى حالات الإخلال المنصوص عليها بالعقد، وكانت المستأنفة الأولى قد أخطرت البنك المستأنف ضده بتاريخ 8-5-2023 بعدم قدرتها على سداد الدين الناشئ عن التسهيلات لوجود منازعة بينها وبين مقاولى المشروعين، طالبة منه تمويلها بمبلغ 150 مليون درهم للجوء إلى التحكيم، فإن ما سلف يتحقق به الإخلال الوارد بالبند العاشر من حالات الإخلال الذى ينص على حلول الدين إذا أصبحت المقترضة غير قادرة على الوفاء بإلتزامها ، ومن ثم يكون للبنك المستأنف ضده الحق في المطالبة بكامل الدين المستحق في ذمة المستأنفين قبل الميعاد المتفق عليه، ويكون النعى في هذا الخصوص على غير سند وترفضه المحكمة )) وكان ما خلص الحكم المطعون فيه سائغاً ومستمداً مما له أصلٌ ثابتٌ بالأوراق ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها ويكفي لحمل قضائه ويتضمن الرد المسقط لدفاع الطاعنين، فإن النعي على الحكم لا يعدو أن يكون جدلاً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة تقديره لا يجوز التحدي به أمام محكمة التمييز، ومن ثم يضحى النعي بهذا السبب على غير أساس .
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون: إن الحكم ألزم الطاعنين من الثانية إلى الخامس بالتضامن مع الطاعنة الأولى بالمبلغ المقضي به دون أن يتحقق من قيام البنك المطعون ضده بالتنفيذ على الضمانات الممنوحة إليه، وبالمخالفة لنص المادة 1082 من قانون المعاملات المدنية التي تقضي بعدم جواز التنفيذ على الكفيل قبل التنفيذ على الضمان العيني للدين، وفي حين أن الطاعنين تنازلوا للبنك المطعون ضده عن إيرادات مشروع رويال أطلانتس ومشاريع برج النخلة مما كان يجب التنفيذ عليها قبل الرجوع على الطاعنين من الثانية إلى الخامس الكفلاء، وعلى الرغم من أن البنك المطعون ضده أهدر كذلك ضماناً شخصياً منحه له السيد/مينون يكفي لسداد مديونية التسهيلات بالكامل ولم يخصمه منها، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك بإنه من المقرر ? في قضاء هذه المحكمة ? أن النص في المادة 1082 من قانون المعاملات المدنية على أنه "إذا كان الدين مضموناً بتأمين عيني قبل الكفالة وكان الكفيل قد اشترط الرجوع على الأصيل أولاً فلا يجوز التنفيذ على أموال الكفيل قبل التنفيذ على الأموال الضامنة للدين" يدل أن مناط الدفع بالتجريد أن يشترط الكفيل ذلك بأن يُضَمِن سند كفالته شرط التنفيذ أولاً على العقار المرهون من قبل نشأة الكفالة أو أن يتفق على هذا الشرط في ورقة مستقلة، كما أنه من المقرر ? أيضاً ? أن وفقاً للمادة 69 من قانون المعاملات التجارية أنه "1- إذا التزم شخصان أو أكثر بدين تجاري فإنهم يكونون متضامنين في أداء هذا الدين ما لم ينص القانون أو الاتفاق على غير ذلك..."، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد واجه دفاع الطاعنين الوارد بسبب النعي وقضى برفضه تأسيساً على أن الكفالات الصادرة عن الطاعنين من الثانية إلى الخامس ضماناً للدين الناشئ عن التسهيلات الائتمانية الممنوحة للطاعنة الأولى قد خلت من اشتراط هؤلاء الكفلاء رجوع البنك المطعون ضده أولاً على مستحقات الشركة الطاعنة الأولى المقترضة لدى مقاولي مشروع رويال أطلانتس وبالم باور، ورتب الحكم على ذلك عدم جواز تحلل الكفلاء المذكورين من التزامهم بحجة وجوب رجوع البنك المطعون ضده أولاً على مستحقات الطاعنة الأولى، وإذ كانت تلك الأسباب سائغة ومستمدة مما له أصل ثابت في الأوراق وتكفي لحمل قضائه وليس فيها خروج عن المعنى الذي تحتمله عبارات عقد الكفالة وما قصده طرفا كلًا منها، لا سيما وأن عقود الكفالة الدين ليست مضمونة بتأمين عيني، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب لا يعدو أن يكون جدلًا فيما لمحكمة الموضوع من سلطة تقديره مما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز، ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إنه ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الطعن وألزمت الطاعنين المصروفات ومبلغ ألفي درهم مقابل أتعاب المحاماة، وأمرت بمصادرة التأمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق