بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 16-06-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 321 لسنة 2025 طعن تجاري
طاعن:
خ. ر. م. ا.
مطعون ضده:
ل. أ. ل. ا.
ع. م. ص.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2024/2358 استئناف تجاري بتاريخ 20-02-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع علي الأوراق و سماع تقرير التلخيص الذي اعده القاضي المقرر / محمد المرسى و بعد المداوله
وحيث ان الطعن استوفي أوضاعه الشكلية
وحيث ان الوقائع علي ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في ان الطاعن أقام على المطعون ضدهما الدعوى رقم 2194 لسنة 2024 تجاري أمام محكمة دبي الابتدائية بطلب الحكم أولًا: بندب خبير حسابي متخصص للاطلاع على ما يقدمه الخصوم من مستندات والانتقال إلى دائرة الأراضي والأملاك بدبي لبيان المبالغ المسددة من قيمة الوحدات المباعة له والمسحوبة من حسابه وتصفية الحساب وصولًا لبيان المبالغ المستحقة له في ذمة المطعون ضدهما. ثانيًا: بإلزامهما بالتضامن والتضامم بأن يؤديا إليه مبلغ 20.549.893 درهمًا. ثالثًا: بإلزامهما بالتضامن والتضامم بأن يؤديا إليه مبلغ 1.000.000 درهم كتعويض عن الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت به، مع الفائدة القانونية بواقع 12% من تاريخ الامتناع عن إيداع المبالغ في حساب الوحدات وحتى السداد التام . وقال بيانًا لذلك إنه اتفق مع المطعون ضدها الأولى على شراء وحدات سكنية بمشروعها الكائن بقطعة الأرض رقم 1180 البرشاء الجنوبية الرابعة مقابل مبلغ إجمالي 38.339.183 درهمًا، وحرر للمطعون ضده الثاني وكالة لينوب عنه في العلاقة بينه وبين المطعون ضدها الأولى، وسدد للأخيرة مبالغ إجماليها 23.519.011 درهمًا كما سدد مبلغ 200.000 درهم نقدًا للمطعون ضده الثاني، وقد تبين له أن المطعون ضدهما لم يسددا في حساب الضمان العام للمشروع سوى مبلغ 3.500.843 درهمًا، كما لم تحرر له المطعون ضدها الأولى إيصالات استلام لمبلغ 5.174.903 دراهم تم سحبه من حسابه، وقد ترتب على عدم إيداع المطعون ضدهما لمبلغ 20.549.893 في حساب الضمان للمشروع انتقاص قيمة الوحدات سالفة البيان مما أضر به وتسبب في خسارته، فطالبهما بإعادة ذلك المبلغ ولكن دون جدوى، ومن ثم أقام الدعوى . ندب القاضي المشرف على مكتب إدارة الدعوى خبيرًا حسابيًا، ثم قرر إحالة الدعوى إلى المحكمة وبعد أن أودع الخبير تقريره، وبتاريخ 21-11-2024 حكمت المحكمة برفض الدعوى . استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 2358 لسنة 2024 تجاري، وبتاريخ 20-2-2025 أصدرت المحكمة قرارًا منهيًا للخصومة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف . طعن المدعي في هذا الحكم بالتمييز بصحيفة اودعت الكترونياً بتاريخ 14/3/2025 بطلب نقضة وقدم المطعون ضدهما مذكرة شارحة بالرد التمسا في ختامها الحكم برفض الطعن الذي عرض علي هذه المحكمة في غرفة مشوره فحددت جلسة لنظره.
وحيث ان حاصل ما ينعي به الطاعن علي الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال اذ أيد الحكم الابتدائي الذي عول في قضائه برفض الدعوى على تقرير الخبير المنتدب فيها رغم قصوره، كما اعتبر أن الدعوى المطروحة هي دعوى تعويض فقط متجاهلًا طلباته بإجراء المحاسبة بينه وبين المطعون ضده الثاني بشأن المبالغ التي تسلمها منه ولم يسلمها إلى المطعون ضدها الأولى، في حين أن الخبير لم يبحث أوراق الدعوى ولم يرد على اعتراضاته وانتهى إلى أن المطعون ضدها الأولى لم تخل بالتزاماتها وأنه على فرض صحة عدم ايداعها المبالغ المسددة منه إليها في حساب الضمان فإنه لم يصبه أي أضرار لكون الأخيرة أنجزت المشروع كما أنه باع الوحدات المشتراة بمبالغ تزيد عن ثمن شرائها رغم أن الخبير لم ينتقل إلى دائرة الأراضي والأملاك لمعرفة المبالغ المودعة بحساب الضمان والذي يهدف إلى تنظيم عمليات إنشاء الوحدات المباعة على الخارطة وبالتالي ضمان حقوق المستثمرين وكانت المطعون ضدها الأولى لم تودع المبالغ الواردة بالتقرير في حساب الضمان حتى يتمكن أثناء بيعه للوحدات من معرفة ثمن الوحدة والمبلغ المسدد لحساب الضمان وهو ما يتم البيع على أساسها مما تسبب في ضياع حقوقه، كما لم يبين الخبير الأضرار التي أصابته من جراء إخلال المطعون ضدها الأولى بعدم إيداع تلك المبالغ المسددة إليها بحساب الضمان، وفي حين أن الخبير خصم مبلغ 97/ 1.050.828 درهمًا من مستحقاته بادعاء تنازله عنه رغم اعتراضه، كما لم يحتسب المبالغ المسددة منه على الوجه الصحيح لكون المطعون ضدها الأولى سحبت طابق كامل من الأدوار التي تم شراؤها رغم سداده للدفعة المقدمة وهو الأمر الثابت بتقرير الخبير الاستشاري المقدم منه والذي أثبت أيضًا أنه سدد للمطعون ضدها الأولى مبالغ إجماليها 23.519.011 درهمًا وأنها لم تعطيه سندات قبض لمبلغ 5.174.903 دراهم تسلمته منه فضلاً عن ان الحكم المطعون فيه عول في قضائه برفض الدعوى على تقرير الخبير المنتدب فيها، رغم أنه تمسك في دفاعه بأن المطعون ضده الثاني أخل بالتزاماته نحوه بموجب الوكالات الممنوحة إليه إذ تسلم منه مبلغ 200.000 درهم نقدًا كما صرف قيمة شيك بمبلغ 463.112 درهمًا واستولى على المبلغين دون تسليمهما إلى المطعون ضدها الأولى، ولم يقف الخبير ومن بعده الحكم على حقيقة هذين المبلغين رغم أن المطعون ضده الثاني لم يحضر أمام الخبير للرد على ادعاء الطاعن بشأنهما، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث ان هذا النعي مردود ذلك أنه من المقرر في قضاء محكمة التمييز أنه وفقًا لما تقضي به المادة الأولى من قانون الإثبات أن على الدائن إثبات الالتزام وعلى المدين إثبات التخلص منه، وهو ما مؤداه أن الدائن هو الذي يقع عليه عبء إثبات انشغال ذمة مدينه بالدين باعتبار أنه هو الذي يقع عليه عبء إثبات خلاف الظاهر أصلًا، إذ الأصل براءة الذمة وانشغالها أمر عارض. وأن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى والموازنة بين الأدلة المطروحة عليها لتأخذ بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، وأن عمل الخبير لا يعدو أن يكون عنصرًا من عناصر الإثبات الواقعية في الدعوى يخضع لتقديرها، ولها سلطة الأخذ بما انتهى إليه محمولًا على أسبابه متى اقتنعت بكفاية أبحاثه وسلامة الأُسس التي بُني عليها دون أن تكون مُلزمة بالرد على تقرير الخبير الاستشاري أو المستندات المخالفة لما أخذت به ولا بالتحدث عن كل قرينة غير قانونية يُدلي بها الخصوم ولا بأن تتتبعهم في مختلف أقوالهم وحججهم وشتى مناحي دفاعهم وطلباتهم وترد استقلالًا على كل منها لأن في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمني المُسقط لما يخالفها. وأن الخبير المنتدب في الدعوى يستمد صلاحياته من الحكم الصادر بندبه وفي حدود المأمورية المُكلف بها، وأنه ليس مُلزمًا بأداء مأموريته على وجه مُعين وحسبه أن يقوم بما نُدب للقيام به على النحو الذي تتحقق به الغاية التي هدفت إليها المحكمة من ندبه، وأن يستقي معلوماته من أية أوراق تُقدم له من كلٍ من الخصمين باعتبار أن عمله في النهاية هو مما يخضع لتقدير محكمة الموضوع . وأنه وفقًا لما تقضي به المادة 51 من قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية أن الإقرار سواء كان قضائيًا أو غير قضائي هو إخبار الإنسان عن حق عليه لآخر، ومن مقتضى ذلك اعتبار هذا الحق ثابتًا في ذمة المُقر وإعفاء الآخر من إثباته . وأن المسئولية -سواء كانت عقدية أو تقصيرية- لا تقوم إلا بتوافر أركانها من خطأ وضرر وعلاقة سببية تربط بينهما، بحيث إذا انقضى ركن منها انقضت المسئولية بكاملها فلا يُقضى بالتعويض، ومن يدعي أن ضررًا لحقه من جراء خطأ الغير يقع عليه عبء إثبات هذا الخطأ اللازم لقيام المسئولية وما لحقه من جرائه من ضرر، وأنه وإن كان ثبوت عدم تنفيذ المدين لالتزامه التعاقدي أو التأخير فيه يُعد خطأ في حد ذاته يوجب مسئوليته، إلا أنه يشترط لإلزامه بالتعويض عن هذا الخطأ أن يُثبت الدائن أن ضررًا قد لحقه من جراء هذا الخطأ . وأن مُفاد المواد 6 ، 7 ، 9 ، 10/ 1 من القانون رقم 8 لسنة 2007 بشأن حساب ضمان التطوير العقاري في إمارة دبي أنه نظرًا لطبيعة التصرفات التي ترد على الوحدات المباعة على الخارطة وضمانًا للمحافظة على حقوق المشترين ألقى المشرع على المطور التزامًا بإيداع المبالغ المدفوعة من المشترين لوحدات على الخارطة أو من الممولين في حساب الضمان باسم المشروع، بما مؤداه أن هذا الالتزام هو مما يتعلق بمستلزمات عقد البيع لوحدات على الخارطة بحيث إذ أخل المطور بتنفيذ هذا الالتزام فإنه يحق للمشتري أن يحبس الثمن أو جزء منه عن المطور وأن يلجأ إلى المحكمة المختصة بطلب فسخ العلاقة التعاقدية واسترداد ما دفعه من ثمن المبيع . لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه -في حدود سلطته التقديرية- قد أيد الحكم الابتدائي في قضائه برفض الدعوى على ما خلص واطمأن إليه من أوراقها ومستنداتها وتقرير الخبير المنتدب فيها والذي بعد أن واجه اعتراضات الطاعن انتهى إلى وجود علاقة تعاقدية بين الطاعن والمطعون ضدها الأولى بموجبها اشترى منها عدة وحدات عقارية بمشروعها المقام على قطعة الأرض رقم (1180) بمنطقة البرشاء جنوب، وحرر للمطعون ضده الثاني وكالات لمباشرة تلك العلاقة التعاقدية، وأنه وفقًا للمستندات المقدمة من الطاعن فإنه سدد مبلغ 22.535.995 درهمًا بعد خصم مبلغ 97/ 1.050.828 درهمًا المدفوع كمقدم لوحدات الطابق السادس والذي صادرته المطعون ضدها الأولى لتأخره في سداد الدفعات المستحقة عن تلك الوحدات، وأن الأخيرة لم تخل بالتزاماتها التعاقدية وأنجزت المشروع بالكامل وأنه وفقًا لاتفاقية التسوية المؤرخة 27-2-2023 فقد باع الطاعن جميع الوحدات المتعاقد عليها باستثناء المعرض والوحدة رقم 801- بقيمة أزيد من ثمن شرائها وفقًا للثابت من شهادات البيع الابتدائي الصادرة عن دائرة الأراضي والأملاك، وأنه لا توجد أي مبالغ مستحقة له في ذمة المطعون ضدها الأولى، وأنه لم يقدم الدليل على المبالغ التي يدعي أن المطعون ضده الثاني تسلمها منه واستولى عليها لنفسه دون أن يسلمها إلى المطعون ضدها الأولى، كما انتهى الحكم إلى انتفاء أركان المسئولية في جانب المطعون ضدهما تأسيسًا على أنه بفرض صحة عدم إيداعهما المبالغ المسددة من الطاعن مقابل الوحدات المباعة في حساب الضمان فإنه لم يثبت حدوث أي ضرر للأخير، ورتب الحكم على ذلك قضاءه المتقدم، وكان هذا الذي خلص إليه الحكم سائغًا وله معينه من الأوراق ويكفي لحمل قضائه وفيه الرد الضمني المسقط لما عداه، ولا يغير من ذلك ما تذرع به الطاعن من عدم تنازله عن المبلغ المدفوع منه كمقدم لوحدات الدور السادس والذي صادرته المطعون ضدها الأولى لتأخره في سداد الدفعات المستحقة عن تلك الوحدات ذلك أن الثابت من المحرر المؤرخ 5-1-2022 المعنون "التأكيد والتعهد" والمذيل بتوقيع الطاعن أنه اتفق مع المطعون ضدها الأولى على تسوية ذلك الأمر بمصادرة كامل المبلغ المدفوع منه بشأن الوحدات الوارد بيانها في الإنذار المرسل منها إليه بتاريخ 4-10-2021 "وحدات الطابق السادس" وإلغاء نموذج حجز تلك الوحدات وجميع المستندات الصادرة له بشأنها وتعهده بعدم رفع أي مطالبة بشأن تلك المبالغ، ولم يطعن على ذلك المحرر بأي مطعن، ولا يغير من ذلك أيضًا ما تذرع به الطاعن من إخلال المطعون ضدها الأولى بالتزامها لعدم إيداعها كامل المبالغ المسلمة إليها في حساب الضمان العام للمشروع إذ إنه على فرض صحة ذلك الأمر فإن أثره يتمثل في أحقيته في اللجوء إلى المحكمة المختصة بطلب فسخ العلاقة التعاقدية واسترداد ما دفعه من ثمن المبيع، وهو ما لم يقم به بل إن الثابت بالأوراق على نحو ما سلف أنه باع جميع الوحدات التي اشتراها من المطعون ضدها الأولى، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بسببي الطعن لا يعدو أن يكون جدلًا موضوعيًا في سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع في الدعوى وتقدير المستندات المقدمة إليها وتقدير أعمال الخبير واستخلاص توافر عناصر المسئولية الموجبة للتعويض مما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز .
وحيث انه ولما تقدم يتعين القضاء برفض الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الطعن والزام الطاعن المصروفات ومبلغ الفي درهم مقابل اتعاب المحاماة مع مصادرة التأمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق