بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 01-05-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 297 لسنة 2025 طعن تجاري
طاعن:
ح. ق. ا.
مطعون ضده:
ب. ا. د. ا. ش. م. ع.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2025/9 استئناف تجاري بتاريخ 12-02-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الملف الإلكتروني وتلاوة تقرير التلخيص الذي أعده وتلاه بالجلسة القاضي المقرر/ محمد محمود نمشه وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع ? على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل ? في أن الطاعنة أقامت على البنك المطعون ضده الدعوى رقم 1391 لسنة 2023 تجاري مصارف بطلب الحكم ببطلان عقد الاستثمار المبرم بينهما وبفسخه وبإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل إبرامه وبإلزامه بأن يرد لها مبلغ 557,000 دولارًا أمريكيًا أو ما يعادله بالدرهم الإماراتي والفائدة القانونية بواقع 9% سنويًا من تاريخ الاستحقاق وحتى تمام السداد ، واحتياطيا ندب خبير مصرفي لبيان الأضرار التي لحقتها من جراء الغبن والتغرير الواقع عليها من المطعون ضده ، وقالت بيانًا لذلك إنه بموجب اتفاقية الخدمات المصرفية المؤرخة 12/9/2021 قامت بفتح حساب استثمار لدي المطعون ضده لاستثمار مبلغ 557,000 دولارًا أمريكيًا ، وإذ تبين لها أن مندوب البنك المدعو محمد منصور قد أدخل عليها الغش والتدليس بأن أوهمها بان حساب الاستثمار أفضل من حساب الوديعة لأنه يتيح لها سحب الأموال خلال 48 ساعة وإن الفائدة المستحقة عنه مقدارها 3% وليس به أية مخاطر وقدم لها هذه الاتفاقية محررة باللغة الإنجليزية فقد تقدمت ضده ببلاغ جزائي تتهمه فيه بالاحتيال والنصب ثم أقامت الدعوى ، واثناء تداولها طعنت بالتزوير على التوقيع المنسوب للمدعو نبيل فوزي الحكيم المفوض بالتوقيع عنها على المستندات موضوع هذا الطعن ، ندبت المحكمة المختبر الجنائي لبحث الادعاء بالتزوير ، وبعد أن قدم تقريره ، حكمت بتاريخ 17/12/2024 برفض الادعاء بالتزوير والدعوى ، استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 9 لسنة 2025 استئناف تجاري ، وبتاريخ 12/2/2025 قضت المحكمة منعقدة في غرفة المشورة بتأييد الحكم المستأنف ، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق التمييز بالطعن الماثل بموجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى بتاريخ 8/3/2025 طلبت فيها نقض الحكم ، كما أودع البنك المطعون ضده مذكرة طلب فيها رفض الطعن ، وبتاريخ 9/4/2025 قدمت الطاعنة مذكرة طلبت فيها بطلان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه فيما قضي به من إلزامها بمبلغ مائة ألف درهم مقابل أتعاب المحاماة ، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة المشورة ورأت أنه جدير بالنظر حددت جلسة لنظره وفيها قررت إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعي الطاعنة بالوجه الأول من السبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق وفي بيان ذلك تقول إن الحكم قضي بتأييد الحكم الابتدائي الصادر برفض الدعوى دون تحقيق الادعاء بالتزوير بخصوص الإضافات التي تمت على العقد والمستندات أرقام 10،6،5،4،1 بعد التوقيع عليها والتي لم تكن تعلم عنها شيء إلا عند تقديمها أمام المحكمة وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى غير مقبول، ذلك إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يجب أن تشتمل صحيفة الطعن بالتمييز على بيان الأسباب التي بنى عليها الطعن بيانًا كاشفًا عنها الغموض والجهالة بحيث يبين منها العيب الذي يعزوه الطاعن إلى الحكم المطعون فيه وموضعه منه وأثره في قضائه ، ولا يغني عن ذلك الإحالة في هذا البيان إلى أوراق الطعن الأخرى ، لما كان ذلك ، وكانت الطاعنة لم تبين بوجه النعي ماهية وفحوى الإضافات التي تمت على العقد والمستندات أرقام 10،6،5،4،1المطعون عليها بالتزوير بعد توقيعها عليها والتي لم يتم بحث الادعاء بتزويرها ، وبما لا يغنى عنه الإحالة في هذا البيان إلى أوراق الطعن الأخرى ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون مجهلًا ومن ثم غير مقبول.
وحيث إن الطاعنة تنعي على الحكم المطعون فيه بالوجه الثاني من السبب الأول والسببين الثاني والثالث القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت في دفاعها بتعرضها للغش والغبن والتدليس من موظفي البنك المطعون ضده والذي كان السبب في تعاقدها معه ، وذلك بان قدموا لها نسخة محررة باللغة الإنجليزية من العقد، وإن ذلك الغش والتدليس قد أساء لمركزها المالي وعرضها لخسائر فادحة ، وطلبت ندب خبير مصرفي لتحقيق هذا الدفاع وسماع شهادة موظف البنك محمد منصور لبيان حقيقة دفاعها ، وإذ أعرض الحكم المطعون فيه عن هذا الدفاع وذلك الطلب على سند من العقد المبرم بينهما محرر باللغتين الإنجليزية والعربية ، وإن طلب سماع شهادة الموظف المذكور غير منتج في الدعوى فإنه يكون معيبًا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مفاد النص في المواد 185، 186، 187، 191 من قانون المعاملات المدنية الصادر بالمرسوم بقانون اتحادي رقم 30 لسنة 2020 على أن التغرير هو أن يخدع أحد المتعاقدين المتعاقد الآخر بوسائل احتيالية قولية أو فعلية تحمله على الرضا بما لم يكن ليرضى به بغيرها، ويعتبر السكوت عمدًا عن واقعة أو ملابسة تغريرًا إذا ثبت أن من غُرر به ما كان ليبرم العقد لو علم بتلك الوقعة أو هذه الملابسة". يدل على أن الغش المفسد للرضا يجب أن يكون وليد إجراءات احتيالية أو وسائل من شأنها التغرير بالمتعاقد بحيث تشوب إرادته ولا تجعله قادرًا على الحكم على الأمور حكمًا سليمًا، وأن مجرد الكذب لا يكفي للتدليس ما لم يثبت بوضوح أن المدلس عليه لم يكن يستطيع استجلاء الحقيقة بالرغم من هذا الكذب فإن كان يستطيع ذلك فلا يتوفر التدليس، ويجب إثبات أن العقد قد تم بغُبن فاحش حتى يمكن لمن غُرر به أن يطلب فسخه عملًا بالمادة 187 من ذات القانون، كما لا يفسخ العقد للغُبن الفاحش ما لم يكن مصحوبًا بتغرير أحد المتعاقدين للآخر -إلا في حالة المحجور عليه ومال الوقف وأموال الدولة - أي إنه يتعين إثبات الغَرَر والغُبن الفاحش معًا، ولا يتحقق الغُبن الفاحش إلا باختلال التعادل اختلالًا فادحًا، كما أن الحيلة التي يستعملها أحد المتعاقدين للتغرير بالمتعاقد الآخر يجب أن تكون من الجسامة بحيث لولاها ما أَبرم الأخير العقد وعبء إثبات ذلك كله يقع على عاتق الذي يدعي الغَرر، فإذا ما أخفق فى إثبات مدعاه، فإنه لا يجاب إلى طلبه بفسخ العقد، وإن استخلاص ثبوت التغرير وثبوت الغلط بالمفهوم المشار إليه أو نفيه هو من مسائل الواقع التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع بما لها من سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والقرائن والمستندات المقدمة فيها ، وإن المقرر أيضًا أن طلب إحالة الدعوى للتحقيق أو ندب خبير فيها ليس حقًا للخصوم يتحتم إجابتهم إليه في كل حالة ، بل هو أمر متروك لمحكمة الموضوع لها أن ترفضه إذا تبين لها أنه غير جدي أو غير منتج في النزاع ، أو رأت في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة ، لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتأييد الحكم الابتدائي الصادر برفض الدعوى على سند من إنه بموجب اتفاقية الخدمات الاستثمارية المؤرخة 12/9/2021 حصلت الطاعنة من البنك المطعون ضده على تسهيلات في صورة قرض طويل الأجل بمبلغ 557,000 دولارًا أمريكيًا بغرض الاستثمار وإنه تم زيادة هذا المبلغ إلى 982,000 دولارًا ، وذلك وفقًا للشروط والأحكام الملحقة بالاتفاقية والتي جاء بها أن العميل يقر ويضمن ويوافق علي إنه علي علم تام بالمخاطر المرتبطة بالاستثمارات وعلي وجه الخصوص أن الاستثمار في المنتجات المالية ينطوي علي بعض عوامل المخاطر والتي يجب علي العميل وضعها في اعتباره قبل الاكتتاب في شراء أو بيع أي استثمار وأن الاتفاقية محررة باللغتين الإنجليزية والعربية معا ، ولم يثبت أن هناك ثمة غش أو تدليس وقع علي الطاعنة من جراء هذا التعاقد ، وإنه لا داعى لندب خبير في الدعوى لأن طلب بطلان العقد للغش والتدليس مسألة قانونية تفصل فيها المحكمة ، وإنه لا حاجة بالمحكمة لإحالة الدعوى للتحقيق لأن في أوراقها ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل فيها وإذ كان هذا من الحكم سائغًا ويكفي لحمل قضائه ويتضمن الرد الضمني المسقط لما يخالفه فإن النعي عليه في هذا الخصوص لا يعدوا أن يكون جدلًا موضوعيًا فيما تستقل محكمة التمييز بتقديره مما لا تجوز إثارته أمام محكمة التمييز.
وحيث إنه وعن السبب المبدى من الطاعنة في مذكرتها المقدمة بتاريخ 9/4/2025 والمتعلق ببطلان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه فيما قضي به من إلزامها بمبلغ مائة ألف درهم مقابل أتعاب المحاماة ، فهو غير مقبول ، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المشرع قد رسم طريقًا خاصًا لإبداء أسباب الطعن بطريق التمييز على الأحكام الصادرة من محكمة الاستئناف وحظر ابداؤها بغير هذا الطريق وأوجب على الطاعن أن يبين جميع الأسباب التى يبنى عليها طعنه فى صحيفة الطعن ، وحظر عليه التمسك بعد تقديم هذه الصحيفة بأى سبب أخر من أسباب الطعن غير التى وردت فيها عدا الأسباب المتعلقة بالنظام العام والتى أجاز للخصوم وللمحكمة إثارتها من تلقاء نفسها وفقًا لمعايير وضوابط محددة ، فإذا لم يتوافر فى السبب المثار هذه الضوابط والشروط فإنه يمتنع التمسك بالسبب الذى لم يرد بصحيفة الطعن ، ولأن هذا الحظر عام ومطلق و يتحدد على أساسه نطاق الطعن بالتمييز فإنه يمتنع على الطاعن التمسك فى مذكرات دفاعه بسبب جديد لا يتعلق بالنظام العام لم يرد بصحيفة الطعن وذلك وفقا لمفهوم نص المادتين 179 ، 180 من قانون الإجراءات المدنية ، لما كان ذلك ، و كان السبب المثار من الطاعنة فى مذكرة دفاعها المقدمة بتاريخ 9/4/2025 - وبعد فوات ميعاد الطعن - من طلب نقض الحكم المطعون فيه لتأييده الحكم الابتدائي في خصوص ما قضى به من إلزامها بمبلغ مائة ألف درهم مقابل أتعاب محاماة يعُد سببا جديدًا غير متعلق بالنظام العام ومن ثم فإنه يكون ? أيًا كان وجه الرأي فيه - غير مقبول.
وحيث إنه ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الطعن وألزمت الطاعنة بالمصاريف ومبلغ ألفي درهم مقابل أتعاب المحاماة وأمرت بمصادرة مبلغ التأمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق