بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 03-09-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 1020 لسنة 2025 طعن تجاري
طاعن:
ه. م.
مطعون ضده:
ا. س. ك. ي. ل.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2025/879 استئناف تجاري بتاريخ 30-06-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق ، وسماع التقرير الذى أعده القاضي المقرر / رفعت هيبه وبعد المداولة
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن الوقائع -على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن- تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها أقام على الطاعنة الدعوى رقم 1648 لسنة 2024 تجاري أمام محكمة دبي الابتدائية، بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدي إليها مبلغ 07/ 5,635,622 دولاراً أمريكياً أو ما يعادله بالدرهم الإماراتي 20,739,089,218 درهماً، مع الفائدة الاتفاقية بواقع 6% سنوياً من تاريخ الاستحقاق وحتى تمام السداد . وقالت بياناً لدعواها، إنه بتاريخ 14-9-2022 أبرمت مع الطاعنة اتفاقية "بيان العمل " (Statement of Work)) لتنفيذ أعمال إدارة تحويل السلسة الرقمية للبنية التحتية الحيوية لدعمها ولدعم عملائها على حد سواء، من خلال مراجعة وتحسين تصميم السلسلة الرقمية، وتسري على هذه الاتفاقية الأحكام الواردة في اتفاقية الخدمات المهنية المبرمة بتاريخ 17- 12-2021، وأنه وفقاً لبنود اتفاقية بيان العمل، فقد نفذت جميع أعمال المراحل الخمس الأولى منها، وتم قبول تلك الأعمال واستلامها من قبل الطاعنة، إلا إنها امتنعت عن سداد مقابل هذه الأعمال دون سند، فكانت الدعوى . ندب القاضي المشرف لجنة ثنائية من خبيرين وبعد أن أودعت تقريرها حكمت المحكمة بتاريخ 26-2-2025 بإلزام الطاعنة بأن تؤدي إلى المطعون ضدها مبلغ 36/ 5,623,097 دولاراً أو ما يعادله بالدرهم الإماراتي مبلغ 80/ 20 ,664,882 درهماً، والفائدة القانونية بواقع 5% سنوياً من تاريخ استحقاق كل فاتورة وحتى تمام السداد . استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 879 لسنة 2025 تجاري، وبتاريخ 30-6-2025 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعنت الطاعنة في هذا القضاء بالتمييز الماثل بموجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى بتاريخ 28-7-2025 بطلب نقضه وقدم محامى المطعون ضدها مذكرة بدفاعه التمس في ختامها رفض الطعن ،وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة اليوم لإصدار الحكم
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى بها الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق والاخلال بحق الدفاع وفي بيان الوجه الأول من السبب الأول تقول إنها تمسكت في دفاعها أمام محكمة الموضوع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى، تأسيساً على أن اتفاقية الخدمات المهنية المؤرخة 17-12-2021، قد تضمنت اتفاقاً صريحاً بين الطرفين على انعقاد الاختصاص لجمهورية سنغافورة، كما نصت على أن تخضع تلك الاتفاقية في تفسيرها وتطبيقها لقوانين جمهورية سنغافورة، وأن شرط اختيار القانون الواجب التطبيق يُعد شرطاً ملزماً يجب احترامه باعتباره تعبيراً واضحاً عن إرادة الطرفين، فإن الفصل في الحقوق والالتزامات الموضوعية الناشئة عن تلك الاتفاقية يتعين أن يتم في إطار القانون السنغافوري، وفقاً لما تم الاتفاق عليه تعاقدياً، ومن ثم لا تكون محاكم دولة الإمارات مختصة بنظر الدعوى حتى ولو كان للمدعى عليه موطن داخل الدولة أو تم تنفيذ العقد فيها، هذا فضلاً عن أن اتفاقية بيان العمل المؤرخة 14-9-2022، والمنبثقة عن الاتفاقية سالفة البيان، قد نصت على أن القانون الواجب التطبيق هو قانون الدولة التي تأسست فيها شركة العميل، وهي المملكة المتحدة، وبالتبعية فإن النزاع الراهن يخضع للقانون الإنجليزي، وينعقد الاختصاص القضائي بنظره لمحاكم المملكة المتحدة، وليس لمحاكم دولة الإمارات، إذ إن من المبادئ المستقرة أن محاكم دولة الإمارات لا تختص بتطبيق القانون الأجنبي ما لم يتم استيفاء شروط محددة نص عليها قانون الإجراءات المدنية الإماراتي، وهي شروط لم تُستوف في هذه الدعوى، إلا أن الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر ورفض الدفع بعدم الاختصاص وألزمها بالمبلغ المقضي به مما يعيبه ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي في غير محله - ذلك أن المقرر وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة -أنه فيما عدا الدعاوى العينية المتعلقة بعقار يقع في الخارج تختص محاكم الدولة بنظر الدعاوى التي تُرفع على الأجنبي الذي له موطن أو محل إقامة في الدولة، كما تختص هذه المحاكم بنظر الدعوى على الأجنبي الذي ليس له موطن أو محل إقامة في الدولة إذا كانت الدعوى متعلقة بالتزام أُبرم أو نُفذ أو كان متفقاً على تنفيذه في الدولة، ويقع باطلاً كل اتفاق يخالف ذلك، وأن مُفاد نص المادة 20 من قانون الإجراءات المدنية رقم (42) لسنة 2022 أن الاختصاص الدولي للمحاكم هو من النظام العام، وأن من المقرر أنه إذا توافر في النزاع المعروض على محاكم دبي أي من الحالات المحددة لاختصاصها بنظر النزاع على النحو المتقدم بيانه فإنه لا يجوز لها التخلي عن هذا الاختصاص لأنه أمر متعلق بالنظام العام، وأن استخلاص دواعي اختصاص محاكم دبي بنظر الدعوى وتوافر شروط هذا الاختصاص سواء من حيث كون النزاع المعروض عليها متعلقاً بمادة تجارية أو من حيث شروط الموطن أو مركز الإدارة بالنسبة للشركات ذات الشخصية الاعتبارية أو مكان إبرام العقد أو مكان تنفيذه كله أو بعضه هو مما يدخل في نطاق السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع بغير معقب متى كان استخلاصها سائغاً مستمداً مما لها أصل ثابت في الأوراق . لما كان ذلك، وكـان الثـابت بالأوراق أن مقر الشركة الطاعنة -المدعى عليها- يقع في إمارة دبي، ومـن ثـم ينعقـد الاختصاص بنظر الـدعوى لمحـاكم دبي، ولا ينـال مـن ذلـك ما أثارته الطاعنة بشأن انعقاد الاختصاص لمحاكم دولة سنغافورة استناداً إلى اتفاقية الخدمات المهنية التي تضمنت اتفاقاً على انعقاد الاختصاص لتلك الدولة، ونصت على أن القانون الواجب التطبيق هو قانونها، وكذلـك ما تمسكت به من انعقاد الاختصاص لمحاكم المملكة المتحدة استناداً إلى اتفاقية بيان العمل التي تضمنت اتفاقاً على انعقاد الاختصاص لتلك الدولة ونصت على أن القانون الواجب التطبيق هو القانون الإنجليزي، ذلك أن مسألـة الاختصاص من المسائـل المتعلقـة بالنظـام العام التي لا يجوز الاتفاق على مخالفتها، كما أنه لا شأن لاتفاق الطرفين على القانون الواجب التطبيق على النزاع في تحديد اختصاص المحكمة بنظر هذا النزاع وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر ورفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى، فإنه يكون قد التزم بأحكام القانون وطبقه تطبيقاً صحيحاً، ويكون النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس .
وحيث تنعى الطاعنة بالوجه الثاني من السبب الأول والسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت في دفاعها بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة، وطلبت إدخال "شركة هايغريف بي تي إيه" -ومقرها سنغافورة- باعتبارها صاحبة الصفة الحقيقية في الدعوى الراهنة، وتحت يدها جميع المستندات التي تثبت عدم تنفيذ المطعون ضدها لالتزاماته التعاقدية، ومن ثم عدم استحقاقها المبالغ المالية محل المطالبة أو تخفيض المبلغ المقضي به، حيث إن كافة أوراق الدعوى تدل على أن الشركة المذكورة هي صاحبة الصفة فهي من وقعت على اتفاقية الخدمات المهنية التي تُعد العقد الأساسي والشريعة الحاكمة للعلاقة، كما أنها المستفيدة من المشروع، والممولة لكافة الدفعات التي تمت عبر الطاعنة، التي لم تكن سوى وسيط لتسهيل تنفيذ المشروع داخل دولة الإمارات، وكان الغرض من إدخال تلك الشركة تمكين المحكمة من تحديد المسئولية، وبيان ما إذا كانت الأعمال المزعومة قد حققت نفعاً حقيقياً، أم أن نسبة الإنجاز التي ساقتها المطعون ضدها لم تكن سوى رقم لا يقابله واقع ملموس، وأن هذا الخطأ في فهم طبيعة النزاع وأطرافه، قد أدى إلى اختيار خبيرين اتسم عملهما بالسطحية والافتقار إلى المهنية، إذ جانبهما الصواب حينما اعتمدا نسبة إنجاز للمشروع 61.80% كحقيقة مسلّم بها، دون أن تقديم أي دليل على وجود مخرجات فعلية أو منتج قابل للاستخدام، ذلك أن الأعراف التجارية الدولية والمحلية، والمعايير العالمية لإدارة المشاريع -مثل دليل -(PMBOK) تقرر أن قيمة المشاريع التقنية، وبالأخص مشاريع التحول الرقمي، لا تُقاس بنسبة مئوية مجردة، وإنما بقدرتها على تحقيق الهدف النهائي وتقديم قيمة فعلية للعميل، وكان يجب على الخبير التقني فحص البرمجيات القابلة للتشغيل ومراجعة الأكواد المصدرية، إلا أنه تخّلى عن عمله الفني واكتفى بترديد ما ساقته المطعون ضدها من أرقام في تقارير إدارية، كما أن تقرير اللجنة الثنائية خلا من الإشارة إلى المعايير الدولية أو الممارسات الفنية المعتمدة، واستندت اللجنة في نتيجتها إلى بنود اتفاقية الخدمات المهنية التي لم تكن الطاعنة طرفاً فيها، إلا أن الحكم المطعون فيه عول في قضائه بإلزامها بالمبلغ المقضي به على هذا التقرير رغم ما شابه من قصور، والتفت الحكم عن طلبها ندب لجنة خبرة أخرى لبحث كشوفات التحويلات البنكية المقدمة أمام محكمة الاستئناف، والتي تثبت أن الأموال التي تُسدد للمطعون ضدها كانت تأتي مباشرة من الشركة سالفة الذكر صاحبة الصفة في الدعوى فضلاً عن إن مطالبة المطعون ضدها بقيمة الفواتير غير المسددة التي تدّعي أنها ناشئة عن اتفاقية بيان العمل المؤرخة 14-9-2022، هي مطالبة لا تستند إلى أساس تعاقدي حقيقي، ذلك أن هذه الاتفاقية -وإن كانت قد حددت نطاق العمل بما في ذلك الإدارة المعقدة للسلسلة الرقمية للبنية التحتية الحيوية ومراجعة تصميمها وتحسينها-، قد نصت صراحةً على أنها "تسري على الأحكام الواردة في اتفاقية الخدمات المهنية المبرمة بتاريخ 17- 12-2021، والتي لم تكن الطاعنة طرفاً فيها، ومن ثم فإن اتفاقية بيان العمل -سند الدعوى- لا تُعد اتفاقية قائمة بذاتها تُشكّل الأساس الرئيسي للمسئولية، وإنما هي تابعة لاتفاقية الخدمات المهنية وتخضع لأحكامها، وأن الالتزامات التعاقدية الفعلية والمتمثلة في الأتعاب الإجمالية البالغة 13,039,520 دولاراً أمريكياً، المقرر سدادها على 21 قسطاً شهرياً، تقع على عاتق شركة (هيغريف بي تي إي مقرها سنغافورة) التي كانت طرفاً في اتفاقية الخدمات المهنية وليست على عاتق الطاعنة التي تتمتع بشخصية اعتبارية مستقلة، واقتصر دورها على الإشراف الإداري والوساطة المالية، مما لا يجوز معه إلزامها بالالتزامات الناشئة عن تلك الالتفافية عملاً بمبدأ نسبية العقود، كما أنه يترتب على ذلك انتفاء اختصاص محاكم دبي بنظر الدعوى باعتبار أن صاحبة الصفة الحقيقية يقع مقرها في دولة سنغافورة، إلا أن الحكم المطعون قد خالف هذا النظر واعتبرها مسئولة عن الالتزامات الناشئة عن اتفاقية الخدمات المهنية وألزمها بالمبلغ المقضي به باعتبارها فرعاً للشركة المذكورة التي يقع مقرها في دولة سنغافورة مما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي مردود - ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن وصف العقد يصدق على كل اتفاق يرد به إحداث أثر قانوني معين وينعقد بمطابقة الإيجاب والقبول ويعتبر العقد تاماً بتراضي طرفيه على العناصر الأساسية وملزماً لهما بقيام الدليل على تلاقي إرادتهما على قيام الالتزام محل العقد ونفاذه وهو ما تستخلصه محكمة الموضوع بما لها من سلطة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى، وأن مُفاد نص المادتين 151، 154 من قانون المعاملات المدنية أن من باشر عقداً من العقود بنفسه فهو الملزم دون غيره بما يترتب عليه من أحكام فإذا لم يعلن العاقد وقت إبرام العقد أنه يتعاقد بصفته نائباً أو وكيلاً عن غيره فإن أثر العقد لا يضاف إلى هذا الغير دائناً كان أو مديناً إلا إذا كان من المفروض حتماً أن من يتعاقد مع النائب يعلم بوجود النيابة أو الوكالة أو كان يستوي عنده أن يتعامل مع الأصيل أو النائب ويخضع استخلاص وتقدير توافر الصفة في الدعوى ووصف المتعاقد في العقد لسلطة محكمة الموضوع التقديرية من واقع الأدلة المطروحة عليها في الدعوى ومنها تقرير الخبير المنتدب فيها دون رقابة عليها في ذلك من محكمة التمييز متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة مستمدة مما له أصله الثابت بالأوراق، كما أن من المقرر وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أنه قد استقر على أن الصفة في الدعوى تقوم بالمدعى عليه متى كان الحق المطلوب موجوداً في مواجهته باعتبار أنه صاحب شأن فيه والمسئول عنه أصالة أو تبعاً أو مشتركاً في المسئولية عنه حال ثبوت أحقية المدعي له ،وأن من المقرر أيضاً أن عقد المقاولة وعلى ما تفيده المادة 872 من قانون المعاملات المدنية عقد يتعهد أحد طرفيه بمقتضاه أن يصنع شيئاً، أو يؤدي عملاً، لقاء بدل يتعهد به الطرف الآخر، وأن تقدير قيام المقاول بتنفيذ عملية المقاولة طبقاً للشروط والمواصفات المتفق عليها وفي الميعاد المحدد للتنفيذ أم لا، هو مما تستقل بتقديره محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها. ومن المقرر أن استخلاص مدى تنفيذ كل طرف من المتعاقدين للالتزامات التي التزم بها في العقد هو مما يدخل في نطاق سلطة محكمة الموضوع متى كان استخلاصها سائغاً له ما يسانده في الأوراق، وأن لمحكمة الموضوع سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة فيها والموازنة بينها والأخذ منها بما تطمئن إليه واطراح ما عداها بما في ذلك تقرير الخبير المنتدب في الدعوى والأخذ بالنتيجة التي انتهى إليها محمولة على الأسباب التي بني عليها -دون غيرها من الأدلة والمستندات المقدمة من الخصوم- وذلك متى اطمأنت المحكمة إلى هذه النتيجة والأسباب التي بنيت عليها ورأت كفايتها لتكوين عقيدتها في الدعوى مضافاً إليها باقي العناصر المقدمة في الدعوى، ودون أن تكون ملزمة بالرد على اعتراضات الخصوم على التقرير أو بأن تتتبع الخصوم في أوجه دفاعهم كافة، لأن في أخذها بما اطمأنت إليه ما يفيد أنها رأت كفاية تقرير الخبرة الذي اقتنعت به، وأن المطاعن التي وجهت له من الخصوم لا تستحق الرد عليها بأكثر مما تضمنها التقرير، وطالما أن الخبير قد تناول نقاط الخلاف المثارة بين الطرفين ودلل عليها بأسباب سائغة لها معينها الصحيح من الأوراق، دون ما حاجة لإلزام الخبير بأن يؤدي المأمورية على وجه معين، إذ حسبه أن يقوم بها على النحو الذي يراه محققاً للغاية التي ندب إليها، وطالما أن عمله خاضع في النهاية لتقدير محكمة الموضوع . لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلزام الطاعنة بالمبلغ المقضي به استناداً إلى ما اطمأن إليه من سائر أوراق الدعوى وفي ضوء تقرير لجنة الخبرة المنتدبة من محكمة أول درجة التي أوضحت في تقريرها أن اتفاقية بيان العمل المؤرخة 14-9-2022 -سند الدعوى- قد تم تحريرها بين طرفي الدعوى، وأن الثابت من الفواتير وتقارير تسليم الأعمال المرحلية أنها صادرة عن الطاعنة والمطعون ضدها وذلك وفقاً لرسائل البرد الإلكتروني المتبادلة بينهما، وقد تضمن كشف حساب الطاعنة في دفاتر الشركة المطعون ضدها أن الطاعنة قد سددت قيمة بعض الفواتير الخاصة بالمشروع محل التداعي، وأن المطعون ضدها أوضحت في مذكراتها أنها شركة تابعة لمجموعة (ISG) التي وقّعت مع مجموعة "هايغريف" اتفاقيَّة الخدمات المهنية المشار إليها، باعتبارها اتفاقية إطار لمشاريع مستقبلية محتملة ومتنوعة يتم توثيقها عبر اتفاقيات بيان العمل (Statement of Work) منفصلة على أساس كل مشروع على حدة، بين الشركات الفرعية المعنية داخل مجموعة كل طرف وكان أحد هذه المشاريع هو المشروع موضوع الدعوى، وأن الطاعنة أثناء ردها على الإنذار الموجه إليها من المطعون ضدها لم تنكر صلتها التعاقدية معها، و أضاف الحكم في أسبابه أنه بموجب اتفاقية بيان العمل المبرمة بين الطرفين، أسندت الطاعنة إلى المطعون ضدها تنفيذ أعمال إدارة تحويل السلسلة الرقمية للبنية التحتية الحيوية لدعمها في مراجعة وتحسين تصميم السلسلة الرقمية وهندسة أصول البنية التحتية الحيوية، وذلك مقابل مبلغ إجمالي 13,039,520 دولاراً أمريكياً يتم سداده على 21 دفعة شهرية تبدأ من الشهر الرابع، على أن تكون مدة تنفيذ الأعمال عامين من تاريخ تحرير الاتفاقية، وأن المطعون ضدها قد أوفت بالتزاماتها ونفذت نسبة 61.80% من المشروع بقيمة 36/ 8,058,423 دولاراً أمريكياً وقد خلت الأوراق مما يثبت تأخرها في التنفيذ، في حين ثبت أن الطاعنة قد أخلّت بالتزاماتها بعدم سداد قيمة الفواتير المستحقة عن الأعمال المنفذة، وأنها أنهت العقد بإراداتها المنفردة -من جانب واحد- بموجب بريد إلكتروني مؤرخ 8-12-2023، وبتصفية الحساب بين الطرفين تبين أن إجمالي المبلغ الذي لم تسدده الطاعنة هو 36/ 5,623,097 دولاراً أمريكياً أو ما يعادله بمبلغ 80/ 20,664,882 درهماً، وكان هذا الذي خلص إليه الحكم المطعون فيه سائغاً ومستمداً مما له أصل ثابت في الأوراق وكافياً لحمل قضائه ولا مخالفة فيه للقانون ويتضمن الرد الضمني المسقط لكل حجة مخالفة ومن ضمنها ما أثارته الطاعنة بشأن انتفاء صفتها في الدعوى، ولا على الحكم من بعد إن لم يرد بأسباب خاصة على ما أبدته الطاعنة من اعتراضات على تقرير الخبرة، أو يجيبها لطلبها بندب لجنة خبراء آخر، طالما وجد في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدته دون حاجة إلى إجراء آخر، فإن النعي عليه في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً متصلاً بصميم الواقع في الدعوى بغية الوصول إلى نتيجة أخرى غير التي توصل إليها الحكم وهو ما لا يُقبل التحدي به أمام محكمة التمييز .
لما تقدم ? يتعين رفض الطعن
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الطعن وألزمت الطاعنة المصروفات ومبلغ الفى درهم مقابل أتعاب المحاماة مع مصادرة مبلغ التأمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق