بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 28-08-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعنين رقمي 1007، 1072 لسنة 2025 طعن تجاري
طاعن:
ا. ج.
مطعون ضده:
ض. ل. ش. م. خ.
ج. إ. ف. إ. ب. س.
ا. ف. س. ا. ل.
ن. ت. ق. س. ا. ئ.
أ. ف. س. ل.
ا. ل. ا. ا.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2025/749 استئناف تجاري بتاريخ 09-07-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الملف الإلكتروني وسماع تقرير التلخيص الذي أعده وتلاه بالجلسة الفاضي المقرر/ محمد محمود نمشه وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في إن المطعون ضده الأول في الطعن الأول - اكسيل جويتز - أقام على الشركة المطعون ضدها الثانية فيه ? ضمان للاستثمار ? الدعوى رقم 209 لسنة 2023 تجاري، وأدخل فيها الشركة الطاعنة في هذا الطعن ? ايبكس فاند سيرفسز - وباقي المطعون ضدهم بطلب الحكم بإلزامهم بأن يؤدوا له بالتضامن والتضامم فيما بينهم مبلغ 12,746,041,26 دولارًا أمريكيًا أو ما يعادله بالدرهم الإماراتي والفائدة القانونية بواقع 12% من تاريخ المطالبة برده أو من الاستحقاق وحتى تمام السداد، وبتعويضه عن الأضرار التي لحقته وما فاته من كسب من جراء تصرفات المطعون ضدهم التي أدت للاستيلاء على أمواله ، و قال بيانًا لذلك إنه بموجب اتفاقية إدارة استثمار مؤرخة 2 مايو 2021 اتفق مع المطعون ضدها الثانية بما لديها من خبرة في مجال الاستثمار على استثمار مبلغ 14,267,000,00 دولارًا أمريكيًا بعد أن وعدته بالحصول على عوائد استثمار مجزية ، ونفاذًا لتلك الاتفاقية حول إليها هذا المبلغ لاستثماره فيما تراه مناسبًا بصفتها مدير استثمار وذلك عن طريق فتح حساب له في صندوق ضمان الدخل الإسلامي لعام 2025 ، وإنه استرد من هذا المبلغ المحول إليها مبلغ مقداره 3,983,309 دولارًا ، وقد طلب منها بيع أسهمه واستثماراته وتصفية حسابه واسترداد أمواله بعد ان تسببت في إلحاق خسائر بها ، وبعد أن افقت على ذلك بتاريخ 22 مارس 2022 ، عادت وأرسلت إليه بريد إلكتروني يفيد بتجميد أمواله وعدم استطاعتها بيع استثماراته وتصفيتها لوجود عقوبات على والده من قبل وزارة الخزانة الأمريكية ، وإذ أرسلت إليه بتاريخ 31 مايو 2022 كشف حساب بتقييم محفظته الاستثمارية يبين منه إنه لم يتم تجميد أمواله ، وكشف أخر بتاريخ 16 ديسمبر 2022 يتضمن أن استثماراته مقدارها مبلغ 6,641,503,44 دولارًا أمريكيًا ، بما مفُاده أنه لم يتم تجميد أمواله ، وكان عدم قيام المطعون ضدها المذكورة بالتصرف في أمواله بزعم تجميدها وحال أنه غير مشمول بقرار الخزانة الأمريكية قد أصابه بأضرار تستوجب التعويض عنها فقد أقام الدعوى ، ندب القاضي المشرف خبيرًا مصرفيًا وبعد أن قدم تقريره ، ندبت المحكمة خبيرًا في الأوراق المالية وبعد أن قدم تقريريه حكمت بتاريخ 20 فبراير 2025 برفض الدعوى ، استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 749 لسنة 2025 تجاري ، وبتاريخ 9 يوليو 2025 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدعوى بالنسبة للشركة الطاعنة في الطعن الأول ? ايبكس فاند سيرفسز - والقضاء مجددًا بإلزامها بأن ترد للمطعون ضده الأول مبلغ 7,504,560,97 دولارًا أمريكيًا والفائدة القانونية بواقع 5% من تاريخ الاستحقاق في 22 مارس 2022 وحتى تمام السداد ، طعنت الطاعنة في الطعن الأول في هذا الحكم بالطعن رقم 1007لسنة 2025 تجاري بموجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى بتاريخ 24 يوليو 2025 طلبت فيها نقض الحكم وتأييد الحكم الابتدائي ، وقدم المطعون ضده الأول مذكرة طلب فيها رفض الطعن ، كما طعن الطاعن في الطعن الثاني- اكسيل جويتز ? في ذات الحكم بالطعن 1072 لسنة 2025 تجاري بموجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى بتاريخ 5 أغسطس 2025طلب فيها نقض الحكم والقضاء له بطلباته ، وإذ عرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة المشورة ورأت أنهما جديران بالنظر حددت جلسة لنظرهما وفيها قررت ضم الطعن الثاني للأول للارتباط و إصدار حكمها فيهما بجلسة اليوم.
الطعن رقم 1007 لسنة 2025 تجاري.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة بالأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وفي بيان ذلك تقول إن تمسكت والمطعون ضدهما الثالثة والرابع في دفاعهم بعدم اختصاص محاكم دبي بنظر الدعوى وانعقاد الاختصاص بنظرها لمحاكم مركز دبي المالي العالمي لأن اتفاقية إنشاء صندوق الاستثمار الإسلامي المؤسس بتاريخ 19 يوليو2018 والمؤرخة 17 ديسمبر 2018 تضمنت أن أي خلاف بين الصندوق ومديره ينعقد الاختصاص بنظره لمحاكم مركز دبي العالمي وأن يكون القانون الواجب التطبيق هو قانون جزر كايمان، وأن المطعون ضدها الثالثة اديتم لإدارة الاستثمارات العقارية مسجلة بمحاكم المركز المذكور ، وإن المطعون ضده الرابع نورثرن ترست قلوبال سرفسز فرع لشركة أجنبية مسجلة بأسواق أبو ظبي العالمية ، وإذ أعرض الحكم المطعون فيه عن هذا الدفع فإنه يكون معيبًا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى مردود، ذلك إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مُفاد الفِقرة الثالثة من المادة 33 من قانون الإجراءات المدنية أن الاختصاص في المواد التجارية يكون للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه أو للمحكمة التي تم الاتفاق أو نفذ كله أو بعضه في دائرتها أو للمحكمة التي كان يجب تنفيذ الاتفاق في دائرتها وهذه المحاكم هي قسائم متساوية وضعها المشرع تحت رغبة المدعي يختار منها ما يشاء دون أن يلتزم بالالتجاء إلى محكمة معينة منها، وأنه لا يجوز لمحاكم دبي أن تتنازل عن اختصاصها بنظر الدعوى متى توافر لديها أحد أسباب اختصاصها ولو كانت هناك محكمة أخرى مختصة بالفصل فيها ، وإن استخلاص مدى اختصاص محاكم دبي بنظر الدعوى وتوافر شروط هذا الاختصاص سواء من حيث كون النزاع المعروض عليها متعلقاً بمادة تجارية أو من حيث مكان إبرام العقد ومكان تنفيذه كليًا أو جزئيًا أو المكان الذي كان يتعين تنفيذه فيه أو من حيث تحديد موطن المدعى عليه الذي يقيم فيه هو من الأمور التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها من محكمة التمييز متى كان استخلاصها سائغًا ومستمدًا مما له أصل ثابت بالأوراق. وإن من المقرر أيضًا أن النص في الفِقرة الرابعة من ذات المادة 33 من قانون الإجراءات على أنه " وإذا تعدد المدعى عليهم كان الاختصاص للمحكمة التي يقع بدائرتها موطن أحدهم "، قد ورد في عبارة عامة مطلقة بحيث يتسع لكافة الحالات التي يتعدد فيها الخصوم في الدعوى تعددًا حقيقيًا، والمقصود بهم هؤلاء الذين وُجهت إليهم الطلبات في الدعوى، وبالتالي فإنه يجوز للمدعي طبقًا لهذا النص رفع الدعوى على المدعى عليهم المتعددين أمام المحكمة التي يقع في دائرتها موطن أحدهم سواء كان مسئولًا بصفة أصلية أو ضامنًا دون قيد أو تخصيص ، وإن المقرر أنه لا يعيب الحكم التفاته عن دفع أو دفاع لا يستند إلى أساس قانوني سليم ، لما كان ذلك ، وكان البين من الأوراق أن المطعون ضدها الثانية التي أقيمت عليها الدعوى تتخذ من إمارة دبي موطنًا لها وإن العقد المبرم بينها وبين المطعون ضده الأول قد نفذ في جزء منه بالإمارة ، وأن الطاعنة وأخرين تم ادخالهم في الدعوى لإلزامهم والمطعون ضدها المذكورة بالتضامن بأداء المبلغ موضوع النزاع للمطعون ضده الأول ومن ثم فإن الاختصاص بنظر الدعوى يكون قد انعقد لمحاكم دبي ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وتصدي للفصل في موضوع الاستئناف وبما ينطوى على قضاء ضمني باختصاصه الولائي فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ولا يغير من ذلك ما أثارته الطاعنة بسبب النعى من أن المطعون ضدها الثالثة اديتم لإدارة الاستثمارات العقارية مسجلة بمحاكم مركز دبي العامي ، وإن المطعون ضده الرابع نورثرن ترست قلوبال سرفسز فرع لشركة أجنبية مسجلة بأسواق أبو ظبي العالمية لأن تعدد المدعى عليهم يجيز للمدعي رفع دعواه قبلهم أمام المحكمة التي يقع بدائرتها موطن أحدهم ما دام أنهم خصوم حقيقيون في الدعوى وإن المطعون ضده أقام الدعوى بطلب إلزامهم متضامين بالمبلغ المطالب به ، ومن ثم فإن النعى عليه في هذا الخصوص بالسبب الأول على غير أساس.
وحيث إن حاصل ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه بالسببين الثاني والثالث القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والتناقض وفي بيان ذلك تقول إن الحكم أقام قضاءه بإلزامها بأن تؤدي للمطعون ضده الأول مبلغ 7,504,560,97 درهمًا والفائدة القانونية بواقع 5% من تاريخ الاستحقاق في 22 مارس 2022 وحتى تمام السداد على ما خلص إليه خبير الدعوى بتقريره من أن قرار تجميد أموال المطعون ضده الأول بعد تسييلها كان بقرار صادر من الطاعنة باعتبارها مقدم الخدمات الإدارية بصندوق الاستثمار والمسئولة عن عملية تلقي طلبات الاسترداد ومعالجتها بناءً على القرار الصادر من مكتب مراقبة الاصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية ( OFAC ) بفرض عقوبات على والد المطعون ضده الأول، لتورطه في أعمال نقل الذهب بطريقة غير مشروعة ، وأن الأخير هو مصدر أموال المطعون ضده المذكور رغم أنها لم ترتكب أي خطأ يستوجب مسئوليتها عن رد هذا المبلغ للمذكور ، وإنما قامت بأداء دورها باعتبارها مسئولة عن الأعمال الإدارية الخاصة بصندوق جلوبال اسلاميك والتي من بينها معالجة طلبات الاسترداد ، وإنها قامت بتنفيذ الأمر الصادر من مكتب مراقبة الأصول الأجنبية ? الاوفاك ? بتجميد أموال المطعون ضده الأول بناء على التعليمات الصادرة لها من المطعون ضدها الثالثة - بصفتها مدير الصندوق - والواردة إليها بالبريد الإلكتروني المرسل إليها منها بتاريخ 11 إبريل 2022 باعتبارها فرع لابيكس برمودا ، بعدم صرف أي أموال أو توزيع أرباح للمطعون ضده الأول ، والتي لو لم تنفذها لكانت مسئولة وفقًا للاتفاقية المؤرخة 17 ديسمبر 2018 ، وإن استمرار ادراج أسم والد المطعون ضده الأول على قوائم الاوفاك يعًد قرينة على صحة موقفها ، وإن هذه الأموال مودعة لدي المطعون ضده الرابع وبحوزته ، وإن التقرير التكميلي لخبير الدعوى قد نفى عنها أي مسئولية وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى مردود، ذلك إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية والضرر الناجم عنه ورابطة السببية فيما بينهما ونفي ذلك هو من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها بما لها من سلطة تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والمستندات والأخذ بما تطمئن إليه منها وإطراح ما عداه والأخذ بتقرير الخبير المنتدب فيها متى اطمأنت إليه ورأت فيه ما يقنعها و يتفق مع ما ارتأت أنه وجه الحق في الدعوى، وهي غير ملزمة بالرد استقلالا على الطعون الموجهة إليه لأن في أخذها به محمولا على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك المطاعن ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه التقرير، وطالما أن الخبير قد تناول نقاط الخلاف بين الطرفين وانتهى بشأنها إلى نتيجة سليمة ودلل عليها بأسباب سائغة ، لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلزام الطاعنة بأن ترد للمطعون ضده الأول مبلغ 7,504,560,97 دولارًا أمريكيًا والفائدة القانونية بواقع 5% من تاريخ الاستحقاق في 22 مارس 2022 وحتى تمام السداد على ما استخلصه من تقريري خبير الأوراق المالية من أن تجميد أموال المطعون ضده الأول بعد تسييلها كان بقرار من الطاعنة باعتبارها مقدم الخدمات الإدارية بصندوق الاستثمار والمسئولة عن عملية تلقي طلبات الاسترداد ومعالجتها معولة في ذلك على القرار الصادر من مكتب مراقبة الاصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية ( OFAC) بفرض عقوبات على والد المطعون ضده الأول، لتورطه في أعمال غير مشروعة وإنه هو مصدر أمواله ، وأنها لم تقدم ما يفيد إخطارها المصرف المركزي بدولة الإمارات بالخطوات التي اتخذتها بشأن تجميد أموال المطعون ضده الأول ، وإذ كان هذا من الحكم سائغًا ويكفي لحمل قضائه ويتضمن الرد الضمني المسقط لما يخالفه ولا تناقض فيه، بعد أن ثبت من تقريري خبير الأوراق المالية أنه قد تناول اعتراضات الطاعنة وانتهى بشأنها إلى نتيجة سليمه ودلل عليها بأسباب سائغة ، فإن النعى عليه في هذا الخصوص بالسببين الثاني والثالث لا يعدو أن يكون جدلًا موضوعيًا فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره مما لا تجوز إثارته أمام محكمة التمييز.
الطعن رقم 1072 لسنة 2025 تجاري.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالأول والثالث والرابع منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بطلب إلزام المطعون ضدهم بأن يؤدوا له بالتضامن والتضامم فيما بينهم مبلغ 12,746,041,26 دولارًا أمريكيًا كل حسب الخطأ المنسوب له وتعويضًا مقداره ثلاثة ملايين دولارًا أمريكيًا عن الأضرار التي لحقته من جراء خطا المطعون ضدهم ، وإذ أعرض الحكم المطعون فيه عن هذا الدفاع وقضى بتأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به من برفض الدعوى بالنسبة المطعون ضدهم عدا الثالثة لانتفاء الخطأ في جانبهم رغم ثبوته في حقهم جميعًا لأن المطعون ضدها الأولى خالفت التزامها في اتفاقية إدارة الاستثمار التي أبرمتها معه بتاريخ 2مايو 2021 وذلك بعدم ردها لأمواله على الرغم من انتهاء هذه الاتفاقية، ومسؤوليتها عن سوء إدارتها للمحفظة الخاصة به لانخفاض قيمتها بصناديق الاستثمار من 9,74 مليون دولار أمريكي إلى 73/7,665,454 دولارًا أمريكيًا ثم إلى 44/6,641,503 دولارًا أمريكيًا وفق كشوف الحساب المرسلة له منها وهذا الانخفاض في قيمة المحفظة يؤكد ارتكابها لأخطاء جسيمة أو غش في إدارتها لها أدى إلى انخفاض قيمتها بهذا الشكل الكبير ، وثبوت مسؤولية المطعون ضدها الثانية المتمثلة في إصدارها تعليمات إلى المطعون ضدها الثالثة بعدم رد هذه الأموال بسبب العقوبات الأمريكية المزعومة عليه بعد أخذها بمشورة مكتب محاماة أمريكي قدم لها نصيحة بعدم رد أمواله مؤقتًا رغم عدم صحة ذلك قانونًا، ومسؤولية المطعون ضده الرابع عن رد أمواله لوجودها بالحسابات البنكية لديه، ومسؤولية المطعون ضدها الخامسة لأنها بصفتها المسؤول الإداري الأساسي للصناديق التي بها أمواله أخطأت في الإجراءات القانونية والإدارية في إدارة الصناديق وتجميد أمواله دون اتباع الاجراءات القانونية اللازمة، ومسؤولية المطعون ضدها السادسة لأنها هي التي أصدرت مذكرة الطرح (PPM) الخاصة بعمل محافظها والتي استثمر فيها أمواله وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى مردود ، ذلك إن المقررفي قضاء هذه المحكمة أن المسئولية ? سواء كانت عقدية أو تقصيرية -لا تقوم إلا بتوافر أركانها الثلاثة من خطأ وضرر وعلاقة سببية تربط بينهما بحيث إذا انقضى ركن منها انقضت المسئولية بكاملها فلا يقضى بالتعويض ، وإن استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية والضرر الناجم عنه ورابطة السببية فيما بينهما ونفي ذلك هو من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها بما لها من سلطة تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والمستندات والأخذ بما تطمئن إليه منها وإطراح ما عداه والأخذ بتقرير الخبير المنتدب فيها متى اطمأنت إليه ورأت فيه ما يقنعها و يتفق مع ما ارتأت أنه وجه الحق في الدعوى، وهي غير ملزمة بالرد استقلالا على الطعون الموجهة إليه لأن في أخذها به محمولا على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك المطاعن ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه التقرير، وطالما أن الخبير قد تناول نقاط الخلاف بين الطرفين وانتهى بشأنها إلى نتيجة سليمة ودلل عليها بأسباب سائغة ، وإن المقرر أيضًا أنه لا يجوز الأخذ بأحكام المسئولية العقدية في دعوى التعويض الذي يرتبط فيها المضرور وع المسئول عن الضرر بعلاقة عقدية ، لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به من رفض الدعوى بالنسبة للمطعون ضدهم عدا المطعون ضدها الثالثة على ما استخلصه من تقرير خبير الأوراق المالية من أن المطعون ضدها الأولى لم تخل بالتزاماتها الواردة باتفاقية إدارة الاستثمار المؤرخة المُبرمة بينهما في 2 مايو 2021 "على أساس غير تقديري " (Non- Discretionary) ، والذي يعني أن يتم إدارة الاستثمار من قِبلها بناءً على القرار الذي يتخذه الطاعن فهي ملزمة بتنفيذ طلبات الاستثمار والاسترداد في ضوء أوامر الطاعن، وإنها لم تقم بأي تصرف أدى إلى تجميد أصول الطاعن، وليس لها دور في استرداد استثمارات الطاعن ، وإنها قامت بالدور المنوط بها والمتعلق بتنفيذ طلبات الطاعن ، وإن المتعارف عليه في مجال أسواق المال أن تتم إدارة المحافظ الاستثمارية باستخدام الحسابات المجمعة ، و إن عدم تنفيذ طلب الطاعن باسترداد المبلغ موضوع الدعوى كان بقرار من المطعون ضدها الثالثة باعتبارها مقدم الخدمات الادارية والمسئولة عن تلقي طلبات الاسترداد ومعالجتها وهي من اتخذت قرار تجميد أمواله بعد تسييلها بناءً على رأي قانوني من أحد المحامين بتوصية من المستشار القانوني لصندوق الاستثمار المبني على القرار الصادر من مكتب مراقبة الاصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية ( OFAC ) بفرض عقوبات على والد الطاعن والذي هو مصدر أمواله لتورطه في أعمال غير مشروعة، وأن المطعون ضدها الثانية ليست مسؤولة عن استرداد وحدات الصناديق و تنحصر مسؤوليتها في إدارة أصول الصندوق وفقًا للاتفاقية المبرمة مع مدير الصندوق ، عدم ارتكاب أي من المطعون ضدهم الرابع والخامسة والسادسة أي خطأ نجم عنه عدم رد أموال الطاعن إليه ، وأن الأخير لم يقدم الدليل على ثبوت عناصر التعويض المطالب به ، وإذ كان هذا من الحكم سائغًا ويكفي لحمل قضائه ويتضمن الرد الضمني المسقط لما يخالفه فإن النعى عليه في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلًا موضوعيًا فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره مما لا تجوز إثارته أمام محكمة التمييز.
وحيث إن الطاعن ينعَى على الحكم المطعون فيه بالسبب الثاني الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه قضى بإلزام المطعون ضدها الثالثة بان تؤدي له مبلغ 7,504,560,97 دولارًا أمريكيًا والفائدة القانونية بواقع 5% من تاريخ الاستحقاق في 22 مارس 2022 على سند من أن هذا المبلغ تم وفقًا لأحد التقييمات لقيمة محفظته في رسالة المطعون ضدها الأولى له رغم أن طلبه تسييل أمواله وببيع أسهمه واستثماراته كان في تاريخ سابق على إجراء تلك التقييمات ، وأن المطعون ضدها الأولى وافقت على أن تتم المحاسبة من تاريخ طلبه ، وكانت قيمة محفظته في ذلك الوقت مبلغ 9,746,041,46 دولارًا أمريكيًا وكان يجب أن يقضي له بهذا المبلغ الأخير ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يجوز التمسك أمام محكمة التمييز بدفاع لم يسبق التمسك به أمام محكمة الموضوع، لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يسبق له التمسك أمام محكمة الموضوع بدفاعه الوارد بسبب النعى ومن ثم فإن تمسكه به لأول مرة أمام محكمة التمييز يكون ? أيًا كان وجه الرأي فيه - سببًا جديدًا غير مقبول.
وحيث إنه ولما تقدم يتعين رفض الطعنين.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الطعنين رقمي 1007، 1072 لسنة 2025 تجاري وألزمت الطاعن فيهما بالمصاريف والطاعنة في الطعن الأول بمبلغ ألفي درهم مقابل أتعاب المحاماة للمطعون ضده الأول، وأمرت بمصادرة مبلغ التأمين في الطعنين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق