بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 27-08-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 1000 لسنة 2025 طعن تجاري
طاعن:
ا. ل. ش. ف. د.
مطعون ضده:
ج. س. ل. ش.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2025/946 استئناف تجاري بتاريخ 25-06-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق ن وسماع التقرير الذي أعده القاضي المقرر / رفعت هيبه وبعد المداولة
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن الوقائع -على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن- تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها أقامت على الشركة الطاعنة -وآخر غير مختصم في الطعن- الدعوى رقم 4068 لسنة 2024 تجاري أمام محكمة دبي الابتدائية بطلب الحكم بإلزام الشركة الطاعنة بأن تؤدي إليها مبلغ 15/ 1,857,248 درهماً، وقيمة فاتورة ضريبة القيمة المضافة بمبلغ 15/ 62,861 درهماً . وقالت بياناً لدعواها، إنه بموجب عقد مقاولة من الباطن مؤرخ 26-4-2015 أسندت إليها الشركة الطاعنة تنفيذ أعمال الميكانيكا والكهرباء والتكييف وأنظمة الكاميرات والتيار المنخفض في مشروع بناء متكامل، شاملاً التوريدات والتركيبات، باستثناء توريد وحدات الإضاءة والأطقم الصحية، والمحول الكهربائي، وذلك وفقاً للمخططات والمواصفات الخاصة بالمشروع، المتمثل في تشييد مبنى مكوّن من أربعة طوابق سرداب وطابق أرضي وطابق بدروم وتسعة طوابق متكررة، بالإضافة إلى جمنازيوم ومسبح، وذلك في منطقة القرية الثقافية بدبي، مقابل مبلغ 6,950,000 درهم، بالإضافة إلى بمبلغ 1,807,142 درهماً مقابل أعمال إضافية ، وأنه قد صدر للمشروع شهادة إنجاز وتسليم الأعمال، إلا أن الشركة الطاعنة امتنعت عن سداد باقي مستحقاتها، فكانت الدعوى . ندب القاضي المشرف خبيراً في الدعوى أودع تقريره وبتاريخ 12-3-2025 حكمت المحكمة بإلزام الطاعنة بأن تؤدي إلى المطعون ضدها مبلغ 787,245 درهماً، وقيمة الضريبة المضافة بمبلغ 25/ 39,362 درهماً . استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 946 لسنة 2025 تجاري، كما استأنفته المطعون ضدها بالاستئناف رقم 994 لسنة 2025 تجاري، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئناف الثاني إلى الأول قضت بتاريخ 25-6-2025 -غرفة مشورة- بتأييد الحكم المستأنف ، طعنت الطاعنة في هذا القضاء بطريق التمييز الماثل بموجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى بتاريخ23/7/2025 بطلب نقضه، وقدم محامى المطعون ضدها مذكرة بدفاعه التمس في ختامها رفض الطعن ، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة اليوم لإصدار الحكم
وحيث إن الطعن أقيم على سبعة أسباب تنعى بها الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان الأسباب من الأول حتى الثالث والوجه الأول من السبب الرابع تقول إنها تمسكت في دفاعها أمام محكمة الموضوع بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان إذ اشتمل عقد المقاولة من الباطن سند الدعوى على بند يتضمن سداد مستحقات المطعون ضدها بنظام التعاقب "ظهراً بظهر " "Back to Back" وفقاً لما تتلقاه من مالك المشروع بموجب العقد الرئيسي، وأنها سددت للمطعون ضدها كافة المبالغ التي تسلمتها من المالك، أما باقي المبالغ محل المطالبة في الدعوى الراهنة فإنها لم تتسلمها منه حتى تلتزم بأدائها إليها، إلا أن الحكم المطعون فيه ألزمها بسداد المبلغ المقضي به عن قيمة الأعمال الأصلية والإضافية، استناداً إلى أنها لم تثبت تحقق شرط الدفع المتعاقب والمتمثل في عدم تسلمها مستحقاتها من المالك، رغم أنه أخذت بالحكم السابق -الصادر بين الطاعنة ومالك المشروع- الذي أثبت أنها لم تتلق أية مبالغ من المالك بل انتهى إلى أنها مدينة له، وهو ما يؤكد عدم تلقيها أموال منه، مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي فى غير محله - ذلك أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة -أنه وإن كان يترتب على اتفاق المقاول الأصلي مع المقاول من الباطن على استلام الأخير لمستحقاته بالنظام المعروف بالدفع ظهراً بظهر "باك تو باك " Back to Back مقتضاه أنه لا يحق لمقاول الباطن استلام مستحقاته إلا باستيفاء هذا الشرط، إلا أنه إذا قام الدليل على استلام المقاول الأصلي لمستحقاته من صاحب المشروع، فإنه يتعين عليه الوفاء بالتزامه التعاقدي بتسليم مقاول الباطن مستحقاته طالما نفذ أعمال المقاولة المسندة إليه، وهو ما تستخلصه محكمة الموضوع بما لها من سلطة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى واستخلاص تحقق الشرط الواقف . لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دفع الطاعنة بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان استناداً إلى ما استخلصه من أوراق الدعوى ومستنداتها من أن الطاعنة سبق وأن أقامت الدعوى رقم 2750 لسنة 2020 تجاري ضد مالك المشروع، للمطالبة بمستحقاتها المالية الناشئة عن تنفيذ عقد المقاولة الرئيسي المؤرخ 16-3-2015 وقد وجه المالك دعوي فرعية قبلها، وقد صدر في النزاع حكم نهائي في الاستئنافين رقمي 3068، 3145 لستة 2021 تجاري، بأحقية الطاعنة في الدعوى الأصلية في مبلغ 612,214 درهماً وإلزام المالك برد الشيك رقم 307134 بمبلغ 3,100,000 درهم والشيك رقم 307404 بمبلغ 2,000,000 درهم، بينما قضى في الدعوى الفرعية بأحقية المالك في مبلغ 3,000,000 درهم تعويضاً عما أصابه من أضرار مادية والفائدة 5% سنوياً، وقد أصبح هذا الحكم باتاً برفض الطعن عليه بالتمييز، ومن ثم فإن مستحقات الطرفين قد تمت تصفيتها وتحديدها بموجب حكم نهائي حائز لقوة الأمر المقضي، بما لا يسوغ معه للطاعنة التمسك بأنها لم تتسلم مستحقاتها من المالك، لا سيما أن الحكم المشار إليه قد رتب التزاماً في ذمتها لصالح المالك، الذي أقام ضدها تنفيذ الحكم في الملف رقم 6186 لسنة 2023 تجاري، وكان هذا الذي خلص إليه الحكم المطعون فيه سائغاً ومستمداً مما له أصل ثابت في الأوراق وكافياً لحمل قضائه ومتفقاً وتطبيق صحيح القانون ومتضمناً الرد على ما أثارته الطاعنة، فيكون النعي عليه بما سلف مجرد جدل موضوعي فيما لمحكمة الموضوع من سلطة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلتها واستخلاص تحقق الشرط الواقف من عدمه وهو ما تنحسر عنه رقابة محكمة التمييز، ومن ثم يكون الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان على غير أساس .
وحيث إن حاصل ما تنعاه الطاعنة بالوجه الثاني من السبب الرابع والأسباب من الخامس حتى السابع على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم قد أقام قضاءه بإلزامها بالمبلغ المقضي به، استناداً إلى شهادة إنجاز الأعمال الصادرة عن استشاري المشروع المؤرخة 4-4-2019، والتي تفيد تسليم المطعون ضدها كافة الأعمال المسندة إليها، في حين أن الثابت من هذه الشهادة أن المطعون ضدها لم تستكمل تلك الأعمال، كما أن الطاعنة قد تحمّلت وحدها كافة الخسائر الناشئة عن عدم الإنجاز، إذ اضطرت إلى استكمالها على نفقتها الخاصة، كما أنه قد صدر ضدها حكم بإلزامها بمبلغ 1,531,318 درهماً لصالح مالك المشروع يمثل قيمة الأعمال التي لم تستكملها المطعون ضدها والأعمال المخالفة للمواصفات-، وبالتالي لا تستحق المطعون ضدها أي مبالغ، فضلاً عن أن المطعون ضدها قد أقرت صراحة، في مراسلة صادرة عنها، بتأخرها في إنجاز الأعمال عن الموعد المحدد للتسليم والمقرر بتاريخ 20-8-2018، كما أن الحكم التمهيدي قد نص صراحة على تكليف الخبير بإجراء مقاصة بين مستحقات الطرفين وخصم غرامات التأخير المستحقة على المطعون ضدها، إلا أن الحكم المطعون فيه عاد ورفض خصم تلك الغرامات لعدم تقديم طلب بشأنها مما يشوب الحكم بالتناقض، كما التفت عن طلبها ندب لجنة ثلاثية، مما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي فى غير محله -- ذلك بأنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن عقد المقاولة وعلى ما تفيده المادة 872 من قانون المعاملات المدنية عقد يتعهد أحد طرفيه بمقتضاه أن يصنع شيئاً، أو يؤدي عملاً، لقاء بدل يتعهد به الطرف الآخر، وأن تقدير قيام المقاول بتنفيذ عملية المقاولة طبقاً للشروط والمواصفات المتفق عليها وفي الميعاد المحدد للتنفيذ أم لا، هو مما تستقل بتقديره محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها. ومن المقرر أن استخلاص مدى تنفيذ كل طرف من المتعاقدين للالتزامات التي التزم بها في العقد هو مما يدخل في نطاق سلطة محكمة الموضوع متى كان استخلاصها سائغاً له ما يسانده في الأوراق، وأن لمحكمة الموضوع سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة فيها والموازنة بينها والأخذ منها بما تطمئن إليه واطراح ما عداها بما في ذلك تقرير الخبير المنتدب في الدعوى والأخذ بالنتيجة التي انتهى إليها محمولة على الأسباب التي بني عليها -دون غيرها من الأدلة والمستندات المقدمة من الخصوم- وذلك متى اطمأنت المحكمة إلى هذه النتيجة والأسباب التي بنيت عليها ورأت كفايتها لتكوين عقيدتها في الدعوى مضافاً إليها باقي العناصر المقدمة في الدعوى، ودون أن تكون ملزمة بالرد على اعتراضات الخصوم على التقرير أو بأن تتتبع الخصوم في أوجه دفاعهم كافة، لأن في أخذها بما اطمأنت إليه ما يفيد أنها رأت كفاية تقرير الخبرة الذي اقتنعت به، وأن المطاعن التي وجهت له من الخصوم لا تستحق الرد عليها بأكثر مما تضمنها التقرير، وطالما أن الخبير قد تناول نقاط الخلاف المثارة بين الطرفين ودلل عليها بأسباب سائغة لها معينها الصحيح من الأوراق، دون ما حاجة لإلزام الخبير بأن يؤدي المأمورية على وجه معين، إذ حسبه أن يقوم بها على النحو الذي يراه محققاً للغاية التي ندب إليها، وطالما أن عمله خاضع في النهاية لتقدير محكمة الموضوع . وأن من المقرر أيضاً أن خصم قيمة الغرامة التأخيرية المتفق عليها في عقد المقاولة من المبالغ المستحقة للمقاول، وكذا حساب قيمة العيوب والإصلاحات المُدعى بها من قِبل المالك، وطلب خصم قيمة ما يستحقه من مبالغ مستحقة للمدعي عن طريق المقاصة القضائية وفقاً لنص المادة (101/1) من قانون الإجراءات المدنية الاتحادي، هو من قبيل الطلبات العارضة وليس من قبيل الدفوع الموضوعية أو أوجه الدفاع التي يجوز للمدعى عليه إثارتها أمام محكمة الموضوع، ويتعين لذلك صدور حكم بثبوت الحق فيها وإجراء المقاصة القضائية فيما يستحقه كل من طرفي الخصومة قِبل الآخر، ويكون ذلك بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى أو بطلب يُقدم شفاهة في الجلسة بحضور الخصم الآخر وإثبات ذلك في محضر الجلسة، فضلاً عن سداد الرسم المستحق على هذا الطلب قانوناً . لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خلص من أوراق الدعوى ومستنداتها وفي ضوء ما اطمأن إليه من تقرير الخبرة المودع فيها، إلى أن الطاعنة أسندت إلى المطعون ضدها تنفيذ أعمال المقاولة بموجب عقد مقاولة من الباطن مؤرخ 26-4-2015 مقابل مبلغ 6,950,000 درهم بالإضافة إلى قيمة أعمال إضافية اعتمدتها الطاعنة بمبلغ 800,000 درهم، وأن الخبير قد انتهى إلي أنه لا جدوى من المعاينة لاتفاق الطرفين على تمام أعمال المشروع، وأنه قد ثبت أن المشروع قد تم إنجازه وفقاً لشهادات الإنجاز المشار إليها في التقرير، والتي يبين منها أن المطعون ضدها هي المقاول القائم بالتنفيذ، وأن الأعمال تم إنجازها، ولم يثبت بأي دليل أن هناك أعمال تم إنجازها بمعرفة آخرين بخلاف المطعون ضدها، وأن إجمالي المبالغ المسددة من قبل الطاعنة لصالح المطعون ضدها هو مبلغ 6,962,755 درهم طبقاً لما ورد بكشف الحساب المقدم من المطعون ضدها والمرفق به تواريخ الدفعات والشيكات المسددة، وبتصفية الحساب بين طرفي الدعوى فإن إجمالي قيمة الأعمال الأصلية والإضافية تبلغ 7,750,000 درهم (6,950,000 + 800,000) وبعد خصم ما تم سداده من قبل الطاعنة يكون المتبقي المستحق للمطعون ضدها مبلغ 787,245 درهم، بالإضافة إلى قيمة الضريبة الإضافية المستحقة، أما ما أثارته الطاعنة من طلب التعويض عما لحق بها من أضرار، فإن ذلك لا يعد دفاعاً في الدعوي، بل يجب أن يبدى بطريق الطلب العارض أمام محكمة أول درجة -ويسدد عنه الرسم المقرر-، ورتب الحكم على ذلك إلزام الطاعنة بالمبلغ المقضي به، وكان هذا من الحكم سائغاً وكافياً لحمل قضائه ويشمل الرد الضمني المسقط لكل حجة مخالفة، ولا تثريب على الحكم من بعد إن هو التفت عن طلب ندب لجنة من الخبراء طالما وجد في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدته للفصل فيها، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة تقدير أدلة الدعوى ومستنداتها، لا يجوز التحدي به أمام محكمة التمييز . ولا ينال من ذلك ما أثارته الطاعنة بشأن تأخر المطعون ضدها في تنفيذ الأعمال، وأن الحكم التمهيدي اشتمل على تكليف الخبير بإجراء المقاصة وخصم غرامات التأخير، إذ خلت الأوراق مما يفيد تقديمها طلباً عارضاً بشأن المطالبة بتلك الغرامات وسداد الرسم المقرر عنه فلا يجوز خصمها، كما أن الحكم التمهيدي لم يشتمل على تكليف الخبير بإجراء المقاصة بين مستحقات المطعون ضدها والطاعنة وخصم غرامات التأخير الامر الذى يضحى النعي برمته يكون على غير أساس
لما تقدم ? يتعين رفض الطعن
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الطعن وألزمت الطاعنة المصروفات ومبلغ الفي درهم مقابل أتعاب المحاماة مع مصادرة مبلغ التأمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق