بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 02-09-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 925 لسنة 2025 طعن تجاري
طاعن:
ت. د. م. ك.
مطعون ضده:
م. ل. ل. ا.
ج. ب.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2024/474 استئناف تنفيذ تجاري بتاريخ 18-06-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الملف الإلكترونى للطع ن وسماع تقرير التلخيص الذى تلاه بالجلسة القاضى المقرر - مجدى إبراهيم عبد الصمد - والمرافعة والمداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائـع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المطعون ضدهما أقاما على الطاعن الدعوى رقم 84 لسنة 2024 منازعة تنفيذ موضوعية شيكات أمام محكمة دبى الابتدائية بطلب الحكم بوقف إجراءات تنفيذ الشيك محل التداعى وبراءة ذمتيهما من قيمته ورده وبطلانه وإلغاء إجراءات التنفيذ ؛ تأسيساً على أن الشيك محل التنفيذ صدر بمناسبة عمل الطاعن لديهما لتسهيل إجراءات العمل فى شراء عقارات لصالح المطعون ضدها الأولى بقصد إعادة بيعها وإذ افتتح الملف رقم 24974 لسنة 2023 لتنفيذ الشيك رغم أنه غير مستحق الأداء فقد أقاما الدعوى . حكمت المحكمة بتاريخ 10/9/2024 برفض الدعوى . استأنف المطعون ضدهما الحكم برقم 474 لسنة 2024 تنفيذ تجارى ، ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره قضت بتاريخ 18/6/2025 بإلغاء الحكم المستأنف وإلغاء القرار الصادر بوضع الصيغة التنفيذية على الشيك وإلغاء إجراءات التنفيذ وحفظ الملف . طعن الطاعن فى هذا الحكم بالتمييز برقم 925 لسنة 2025 تجارى بصحيفة قُيدت إلكترونياً بتاريخ 14/7/2025 بطلب نقض الحكم المطعون فيه ، وقدم المطعون ضدهما مذكرةً بطلب رفض الطعن ، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسةً لنظره .
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسبابٍ ينعى بها الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه والفساد فى الاستدلال والقصور فى التسبيب ؛ وفى بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأن المطعون ضدهما لم يقدما دليلاً على صدور الشيك على بياضٍ لاستخدامه فى تسيير أعمال الشركة المطعون ضدها الأولى التى كان يعمل لديها كوسط عقارى تقتضى وظيفته إبرام التعاقدات على الوحدات العقارية لصالح الشركة المذكورة بقصد إعادة بيعها ، مما تثبت معه أحقية الطاعن فى قيمة الشيك ، ولا ينال من ذلك ما ما ورد بتقرير الخبرة من أن الطاعن استند فى منازعته إلى صدور الشيك محل النزاع مقابل دين شخصى على المطعون ضده الثانى ثم عدل فى سبب إصدار الشيك إلى أنه مقابل مستحقاته المالية لدى الشركة المطعون ضدها الأولى ؛ باعتبار أن الشكل القانونى للشركة المذكورة أنها مؤسسة فردية مملوكة للمطعون ضده الثانى وليست لها ذمة مالية مستقلة عن شخص مالكها ، إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفاع وامتنع عن الفصل في أصل الحق المتنازع فيه تأسيسًا على عدم اختصاصه بنظر النزاع ، حال انعقاد الاختصاص الأصيل لقاضى التنفيذ باعتبار أن الدعوى المطروحة عليه هى منازعة موضوعية فى التنفيذ وأن سبب النزاع يتعلق بطلب الحكم بإجراء يحسم أصل الحق ، ورغم انتهاء الحكم المطعون فيه إلى عدم الاختصاص بنظر الموضوع إلا أنه أجاب المطعون ضدهما إلى طلب حفظ ملف التنفيذ ، دون أن يتعرض لبراءة ذمتيهما من قيمة الشيك موضوع التنفيذ أو يقطع بأحقية الطاعن في صرف الشيك من عدمه ، مما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى مردود ؛ ذلك أنه من المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن النص في المادة 212 من قانون الإجراءات المدنية رقم 42 لسنة 2022 على أنه " 1 - لا يجوز التنفيذ الجبري إلا بسند تنفيذي اقتضاءً لحق محقق الوجود ومعين المقدار وحال الأداء. 2 - السندات التنفيذية هي... د- الأوراق الأخرى التي يعطيها القانون هذه الصفة." والنص في المادة 667 من قانون المعاملات التجارية رقم 50 لسنة 2022 على أنه " 1 - يعد الشيك المثبت عليه من قبل المسحوب عليه بعدم وجود رصيد له أو عدم كفايته سندًا تنفيذيًا، ولحامله طلب تنفيذه كليًا أو جزئيًا بالطرق الجبرية. 2 - تتبع في شأن طلب التنفيذ والمنازعة فيه، الأحكام والإجراءات والقواعد الواردة في قانون الإجراءات المدنية."، مفاده أن المشرع قد اعتبر الشيك سندًا تنفيذيًا يستطيع حامله أو المستفيد منه طلب تنفيذ الشيك واقتضاء المبلغ الوارد به أو المبلغ المتبقي من قيمته دون سداد مباشرة ، دون لزوم الحصول على أمر قضائي أو حكم بالإلزام ، وأناط بقاضي التنفيذ وضع الصيغة التنفيذية على الشيك وجعله سندًا تنفيذيًا ، واشترط حتى يكون الشيك سندًا تنفيذيًا قابلًا للتنفيذ بقيمته جبرًا على الساحب أن يكون الحق المراد اقتضاؤه بموجبه محقق الوجود ومعين المقدار وحال الأداء . ومن المقرر - أيضًا - أن الشيك يعتبر أصلاً أداة وفاء وينطوى بذاته على سبب تحريره وإن لم يصرح فيه بالسبب ، والأصل أن سببه هو الوفاء بدين مستحق من الساحب لمن صدر لصالحه أو آل اليه ــــ إعمالاً للقرينة المترتبة على تسليمه للمستفيد أو حامله ــــ وذلك ما لم يثبت الساحب ما يخالف هذه القرينة بإقامة الدليل على السبب الحقيقي لاصدار الشيك ، بإثبات أن الشيك ليس له سبب ، أو أن له سببًا ولكنه غير مشروع، أو أنه متحصل عليه بطريقٍ غير مشروع ، أو أن سببه زال أو لم يتحقق ، أو أن المستفيد أخل بالتزاماته الناشئة عن العلاقة الأصلية التي نشأ عنها الشيك، أو أنه شيك ضمانٍ حرره الساحب على سبيل الضمان لحسن أداء العمل الموكول إليه ، واستخلاص ما إذا كان للشيك سبب قائم ومشروع لالتزام الساحب بدفع قيمته أم أنه شيك ضمان أو شيك متحصل عليه بطريق غير مشروع من سلطة محكمة الموضوع مستهديةً بوقائع الدعوى وظروفها دون معقب عليها بشرط أن يكون استخلاصها سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق . كما أنه من المقرر-كذلك - أن لمحكمة الموضوع سلطة تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وبحث وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة فيها والموازنة بينها والأخذ بما تطمئن إليه منها وإطراح ما عداه ، وتقدير عمل أهل الخبرة باعتباره عنصراً من عناصر الإثبات في الدعوى ويخضع لمطلق سلطتها في الأخذ به متي اطمأنت إليه ورأت فيه ما تقتنع به ويتفق مع ما ارتأت إنه وجه الحق في الدعوى، وأنه إذا رأت الأخذ به محمولاً علي أسبابه وأحالت إليه اعتبر جزءًا من أسباب حكمها دون حاجةٍ لتدعيمه بأسباب أو الرد استقلالاً علي الطعون الموجهة إليه أو إعادة المأمورية للخبير أو ندب غيره لمباشرتها ، ولا تكون ملزمة ـــ من بعد ـــ بالتحدث عن كل قرينةٍ غير قانونية يدلي بها الخصوم ولا بتتبعهم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم والرد عليها طالما كان في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات وكانت قد أقامت قضاءها على أسبابٍ سائغة لها ما يساندها من أوراق الدعوى بما يكفي لحمله . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلغاء الحكم الابتدائى والقضاء مجددًا بإلغاء القرار الصادر بوضع الصيغة التنفيذية على الشيك محل التداعى وإلغاء إجراءات التنفيذ وحفظ ملف التنفيذ ؛ على ما استخلصه من سائر أوراق الدعوى ومستنداتها وتقريرى الخبرة المنتدبة فيها من انتفاء الشروط اللازمة لاعتبار الشيك سندًا تنفيذيًا وعدم التوصل إلى السبب الحقيقى فى إصداره بعد أن عجز كلٌ من طرفى النزاع عن إثبات ما يدعيه فى شأن سبب إصدار الشيك ، و إذ كان هذا الذي استخلصه الحكم المطعون فيه سائغاً ولا مخالفة فيه للقانون ، وله أصله الثابت فى أوراق الدعوى ومستنداتها وتقارير الخبرة فيها ، ومؤدياً لما انتهى إليه قضاؤه وكافياً لحمله وفيه الرد المسقط لما يخالفه ، و لا يغيّر من ذلك ما أثاره الطاعن من أن ذلك يعد تخليًا من قاضى التنفيذ عن اختصاصه المقرر قانونًا بنظر المنازعة الموضوعية فى التنفيذ المطروحة عليه ؛ ذلك أنه يتعين على قاضى التنفيذ قبل البدء في التنفيذ التحقق من توافر الشروط اللازمة لاعتبار الشيك سندًا تنفيذيًا جديرًا بالحماية التنفيذية باعتبار أن استخلاص مدى توافر أو انتفاء وصف السند التنفيذى عن الشيك المطلوب تنفيذه هو اختصاص أصيل لقاضى التنفيذ ، وإذا انتفت الشروط اللازمة لاعتبار الشيك سندًا تنفيذيًا انحسر الاختصاص عن قاضى التنفيذ وتعين عليه أن يقف عند حد التقرير بذلك واتخاذ القرارات المناسبة فى خصوص ما يكون قد تم من إجراءاتٍ لتنفيذه ، دون الخوض في المنازعة حول الالتزامات الناشئة عن العلاقة بين الطرفين لبحث مدى استحقاق المبلغ المبين بالشيك من عدمه ؛ بحسبان أن ذلك يخرج من مفهوم منازعة التنفيذ التي يختص بها قاضي التنفيذ . ومن ثم فإن النعي عليه بما ورد بأسباب الطعن لا يعدو أن يكون جدلاً فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره ولا يجوز إبداؤه أمام محكمة التمييز ، ويضحى على غير أساس .
وحيث إنه - ولما تقدم - يتعين رفض الطعن .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الطعن وألزمت الطاعن المصروفات ومبلغ ألفى درهم مقابل أتعاب المحاماة مع مصادرة مبلغ التأمين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق