بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 08-07-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 645 لسنة 2025 طعن تجاري
طاعن:
ت. ل. و. ش.
مطعون ضده:
و. ك. ك.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2025/659 استئناف تجاري بتاريخ 29-04-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الملف الإلكتروني وسماع تقرير التلخيص الذي تلاه بالجلسة القاضي المقرر -أحمد محمد عامر- والمداولة.
حيث إن الوقائع -على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن- تَتَحصل في أن الشركة المطعون ضدها أقامت على الشركة الطاعنة الدعوى رقم 1386لسنة 2024 تجاري أمام محكمة دبي الابتدائية بطلبِ الحكم بإلزامِها بأن تؤدي إليها مبلغ 1,734303 درهماً والفائدة القانونية بواقع 5% سنوياً من تاريخ الاستحقاق -الحاصل بموجب استلامها للإنذار العدلي- في 17-8-2023، وحتى تمام السداد ، وذلك تأسيساً علي إنها بموجبِ عروض أسعار -تعاملات تجارية بينهما- قد أوٌفَت بالتزاماتها بأن قامت بتصميمِ وتصنيع وتوريد وتركيب خزائن ملابس ومطابخ ومكاتب خشبية لعملاء الطاعنة ، إلا أن الشركة الأخيرة لم تلتزم بسداد كامل مستحقاتها عن ما أوفت به وتَرَصد في ذمتِها مبلغ المطالبة امتنعت عن سداده ، ومن ثم أقامت الدعوى ، نَدبَت المحكمةُ خبيراً، وبعد أن أودع تقريره، حكمت في 12/2/2025 بإلزامِ الشركة الطاعنة بأن تؤدي للمطعونِ ضدها مبلغ 1,508510 دراهم والفائدة القانونية بواقع 5% سنوياً من تاريخ الاستحقاق الحاصل في 17-8-2023، وحتى تمام السداد. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 659 لسنة 2025 تجاري، وبتاريخ 29/4/2025 قَضت المحكمةُ بتأييد الحكم المستأنف ، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بالتمييز الماثل بصحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى بتاريخ 26/5/2025 طلبت فيها نقضه.
و حيث إن الطعن إستوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم علي أربعة أسباب تنعي بها الطاعنة علي الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق إذ قضي بتأييد الحكم المستأنف بإلزامهما بالمبلغ المقضي به ، معولاً في ذلك على تقرير الخبير المنتدب من محكمة أول درجة في حين إنها تمسكت بدفاعها أن مدير الشركة المطعون ضدها والشريك فيها كان هو ذاته شريك في الشركةِ الطاعنة بنسبة 60% اثناء علاقه العمل بين الطرفين مما تكون معه العلاقة بين طرفي التداعي ليست علاقة تجارية وإنما علاقة شخصية بين شريك في الشركتين ، فقد كان هو الْمتحكم منفرداً بكافة التعاملات وما يترتب عليه من اعتماد للأسعار كونه كان مورداً بالشركة وعميلاً بالشركة الْأخرى واصِطَنَع لنفسِه دليلاً على خلافِ الواقع الثابت من الدورة المستندية بين الطرفين، والخبير المنتدب لم يبحثُ تسلسل طلب الشراء وفقاً للعرف التجاري ، أو إصدار أمر الشراء، أو ما يفيد التوريد واستلام البضائع، أو الفاتورة النهائية المُسجلة المُسدَدَّة للمورد، وأكد في تقريره علي تسليم المطعون ضده منتجات للعملاء دون تقديمها مستند واحد يثبت ذلك ، ومن ثم يكون التقرير قد شابه العوار لافتقاده للأسس الفنية والمحاسبية ولاعتماده على كشوفات مُعدة ومفتعله من قبل ممثل المطعون ضدها دون اساس محاسبي ، ولم يعنى ببحثِ دفاعها بالانتقالِ إلى مقَّرها لمعاينة دفاتر الشركة المُسجلة ونظامها الحسابي المنتظم ، وإنِمَّا اكتفى بالاعتمادِ على رسالةِ إلكترونية صادرة بتاريخ 10/7/2023 عن المطعون ضدها تطالبها فيها بسدادِ مبلغ مديونية مزعومة وأوٌرَد في تقريرِه عدم رد الطاعنة على تلك الرسالة في حين أنها قدمت أمامه ما يُفيد صدور رسالة عن بريدها الإلكتروني بتاريخ 11/7/2023 ثابت منها رفضها لإقرار أو اعتماد المبلغ سالف البيان، فضلاً عن اكتفاءِ الخبير بكشفِ الحساب المُعَد من قِبل المطعون ضده الثابت منه تعمد تكرار الفواتير فيه لزيادة مبلغ المديونية دون الاعتماد على الفواتير المُعتمدة منها والمعترف بها من قبل المطعون ضدها والتي قدمتها أمامه الثابت منها سدادها لكامل حساب المديونية بين الطرفين، كما وقع الخبير في خطأ فادح وذلك بأن ادعي أن رصيد المديونية مبلغ 2,320604 درهم في حين ان الرصيد الدفتري طبقا لدفاتر المطعون ضدها التي قدمتها قد جاء بها رصيد بمبلغ 1,207603 درهم ، فإذا ما التفت الحكم عن دفاعها هذا واعتراضها علي ما انتهى إليه الخبير المُنتَدب في الدعوى دون مواجهة هذا الدفاع بِما يصلحُ رداً عليه، فإنه يكون معيباً بما يستوجبُ نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه من المُقَرَّر -في قضاءِ هذه المحكمةُ- أن عقد التوريد هو العقد الذى يلتزم فيه التاجر أو الصانع بأن يورد أو يزود رب العمل بصفه دوريه متكررة بسلع أو خدمات من انتاجه او انتاج غيره بمواصفات متفق عليها بين الطرفين بكميات محدده وفى اوقات محدده تسلم لرب العمل أو نائبه فى موقع العمل ما لم يتفق على خلاف ذلك وذلك مقابل ثمن أو أجر يدفعه له رب العمل على فترات محدده أو عند انتهاء تنفيذ العقد، وأن آثاره من حقوق والتزامات تَثبُت في المعقودِ عليه وفي بدله بمجرد انعقاده دون توقف على أي شرط آخر ما لم يَنُص القانون أو يقضي الاتفاق بغيرِ ذلك، وتكون هذه الآثار مُنجِزة طالما لم يُقيد العقد بقيد أو شرط أو أجل، ومن المقرر كذلك أن تقدير تقابل الالتزامات في العقودِ المُلزِمة للجانبين واستخلاص الوفاء بها أو الإخلال في تنفيذِها وتحديد الجانب المُقَصِر في العقدِ أو نفي التقصير عنه واستخلاص جدية الادعاء بالمديونيةِ والتحقٌق من انشغالِ الذمة المالية بها، هو مِمَّا تستقلُ بتقديرِه محكمة الموضوع في نطاقِ سلطتها في فهمِ الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والقرائن القضائية والمستندات والموازنة بينها والأخذ بِما تطمئن إليه منها، وحسبها أن تُقيم قضاءها على أسبابٍ سائغةٍ تكفي لحمله. وأن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهمِ الواقع في الدعوى وبحث الأدلة والمستندات المُقدمة فيها والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إلى ترجيحِه، ولها تقدير عمل الخبير والأخذ بالنتيجةِ التي انتهى إليها في تقريره محمولاً على أسبابهِ، ولا تكون مُلزمة من بعدِ بالردِ على كل ما يُقدم إليها من مستندات أو الاعتراضات التي يوجِهها الخصوم إلى تقرير الخبير متى كان التقرير قد تولى الرد عليها وطالما وجدت في تقريرِه وباقي أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها فيها، وأن الخبير المُنتَدب في الدعوى يستمدُ صلاحياته من الحكمِ الصادر بنَدبِه وفي حدود المأمورية المُكلَف بها وأنه ليس مُلزماً بأداءِ مأموريته على وجه معين، وحسبه أن يقوم بِما نُدِب للقيام به على النحوِ الذي تَتَحققُ به الغاية التي هدفت إليها المحكمة من نَدبِه وأن يستقي معلوماته من أي أوراق تُقَدَم له من كل من الخصمين باعتبار أن عمله في النهايةِ هو مِمَّا يخضعُ لتقدير محكمة الموضوع، ، ولا تثريب عليها التفاتها عن ادعاء الخصـم عـدم حيادية الخبير طالما لم يتخذ الإجـراءات القانونية لرد الخبير المنصوص عليها في قانـون الإثبات في المعاملات المدنية والتجاري ة ، وأنه متى رأت الأخذ بتقرير الخبير المنتدب محمولاً على أسبابِه وأحالت إليه اعتبر جزءاً من أسبابِ حكمها دون حاجة لتدعيمه بأسبابٍ خاصة أو الرد استقلالاً على الطعون الموجَهة إليه طالما أقامت قضاءها على أسبابٍ سائغةٍ مستمدة مِمَّا له أصلٌ ثابت في الأوراقِ وتؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها، وهي غير مُلزمة من بعد بَأن تَتَتَبع الخصوم في مناحي أقوالهم وحُجَجِهم كافةً والرد استقلالاً على كل منها ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوٌردت دليلها الرد الضمني المُسقِط لأقوال وحُجَج الخصوم وبغير حاجة للرد على أوجه الدفاع غير الجوهرية وغير المؤثرة في النتيجةِ التي اقتنعت بها متى كان حكمها يقومُ على أسبابٍ سائغةٍ ، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم القواعد القانونية الواردة بالمساق المتقدم وانتهي إلي تأييد الحكم الابتدائي في إلزام الطاعنة بالمبلغ المقضي به على خلُص واطمأن إليه من تقرير الخبرة المُنتَدبة في الدعوى الثابت منه أن طرفي التداعي تربطهما معاملات تجارية بحتة يحكمها وينظمها مجموعة طلبات تُصدرها الشركةُ الطاعنة إلى المطعونِ ضدها لتكليفها بتنفيذِ وتوريد بعض المنتجات الخشبية، وثبت للخبرة من واقع الفواتير المُقدمة في الدعوى أن مبلغ المطالبة ناشئ عن تلك المعاملات وليس عن علاقة شراكة شخصية في الشركتين، كما تبين للخبرة أن رسالة البريد الإلكتروني الصادرة عن الطاعنةِ بتاريخ 11/7/2023 تضمنت الاعتراض على الفواتير التي لم يصدر لها أمر شراء من قِبلها دون الصادر لها أوامر شراء، وأنه بمراجعةِ جميع أوامر الشراء الصادرة عن الطاعنةِ عبر رسائل صادرة عن بريدِها الإلكتروني والتي ثبت من فحصِها أن جميع الأعمال التي طلبتها من المطعونِ ضدها قد تم تنفيذها وتوريدها، فضلاً عن قيامِ الأخيرة بإرسالِ رسالة بالبريدِ الإلكتروني مؤرخة 24-5-2023 أرفقت بها جميع الفواتير الصادرة منها إلى الشركة الطاعنة شاملة ما تم سداده من عدمه، ولم تقدم الطاعنة ما يُفيد وفائها بالفواتير غير المُسدَدَّة، وأن الخبرة لم تعتمد في حسابها لمبلغ المديونية على كشوفِ الحساب المُقدمة من المطعونِ ضدها إنِمَّا اعتمدت على مراجعةِ جميع الفواتير بعد مطابقتها مع أوامر الشراء واعتماد ما ثبت تنفيذ المطعون ضدها للأعمال محلها فقط دون الاعتداد بأي فواتير لم يثبت استحقاقها عن أعمالِ لم تنفذ، وأنه بتصفيةِ الحساب بين طرفي التداعي تبين تَرَصُد مبلغ 1,508510 دراهم في ذمةِ الشركة الطاعنة لصالح المطعون ضدها، لا سيما أن الطاعنة لم تقدم ما يُفيد سداد تلك المديونية واقتصر ما قدمته على فواتير مختلفة عن الفواتير محل التداعي ، ورَتَب الحكم على ذلك انشغال ذمة الشركة الطاعنة بالمديونيةِ الوارِدة بتقرير الخبرة المنتدبة، وانتهى إلى إلزام الشركة الطاعنة بالمبلغ المقضي به وكان هذا من الحكم سائغاً وكافياً لحمل قضائه وفيه الرد الضمني المسقط لما ساقته الطاعنة من أوجه نعي بما سلف على الحكم المطعون فيه بغية الوصول إلى نتيجة مغايرة غير التي توصل إليها الحكم، ولا عليه إن لم يلتفت إلى اعتراضات الطاعنة على تقرير الخبرة المنتدبة طالما لم يجد في تلك الاعتراضات ما يستحق الرد عليها بأكثر مما تضمنه التقرير، ومن ثم فإن النعي عليه في هذا الذي استخلصه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة تقديره ، مما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز.
وحيث أنه - ولما تقدم- يتعين رفض الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: برفض الطعن وبإلزام الطاعنة بالمصروفات مع مصادرة مبلغ التأمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق