جلسة 5 من نوفمبر سنة 2023
برئاسة السيد القاضي / خالد مقلد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد قنديل ورافع أنور نائبي رئيس المحكمة وحسن ناجي ومحمد سعد
----------------
(88)
الطعن رقم 1996 لسنة 92 القضائية
(1) خطف . هتك عرض . فعل فاضح . شروع . دفوع " الدفع بانتفاء أركان الجريمة " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ".
جريمة خطف طفل بالتحيّل المقترنة بهتك عرضه . مناط تحققها؟
مناط التمييز بين هتك العرض والفعل الفاضح؟
إتيان الجاني فعلاً سابقاً على تنفيذ الركن المادي للجريمة ومؤدياً إليه حالاً دون البدء في تنفيذ جزء من الأعمال المكونة له . كفايته لتحقق الشروع في ارتكابها .
النعي بانتفاء أركان جريمة الخطف بالتحيل لكون المجني عليه من المشردين . غير مقبول . متى أثبت الحكم إبعاده عن مكان تواجده بطريق التحيل أياً كانت حالته الأسرية.
مثال.
(2) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
عدم التزام المحكمة بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها . لها تجزئتها والأخذ منها بما تطمئن إليه واطراح ما عداه دون بيان العلة .
الجدل الموضوعي حول سلطة المحكمة في وزن أدلة الدعوى واستنباط معتقدها . غير مقبول أمام محكمة النقض .
(3) خطف . اقتران . هتك عرض . نقض " المصلحة في الطعن " . عقوبة " العقوبة المبررة " .
نعي الطاعن جهله بسن المجني عليه الحقيقية . غير مقبول . علة ذلك ؟
لا مصلحة للطاعن في النعي بشأن جريمة الشروع في هتك العرض وظرف الاقتران وجهله سن المجني عليه . متى كانت العقوبة الموقعة عليه تدخل في الحدود المقررة لجناية الخطف بالتحيل المجرد من أي ظرف مشدد . لا يغير من ذلك أخذ الطاعن بالرأفة . علة ذلك ؟
(4) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
النعي بقصور الحكم لعدم إيراد مضمون التقرير الفني . غير مقبول . متى لم يعول في الإدانة على دليل مستمد منه .
(5) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " " سلطتها في تقدير الدليل " . إثبات " بوجه عام " " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
عدم التزام المحكمة بالأخذ بالأدلة المباشرة . لها استخلاص صورة الدعوى بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية .
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
تقدير أقوال الشهود . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة الشهود . مفاده ؟
للمحكمة الأخذ بأقوال الشاهد ولو كانت سماعية . علة ذلك ؟
تناقض أقوال الشهود أو تضاربهم فيها . لا يعيب الحكم . متى استخلص الحقيقة منها بما لا تناقض فيه .
تجريح أدلة الدعوى تأدياً لمناقضة صورتها التي ارتسمت في وجدان المحكمة بالدليل الصحيح . غير جائز أمام محكمة النقض .
(6) إجراءات " إجراءات المحاكمة " " إجراءات التحقيق " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها ولم تر حاجة لإجرائه . غير مقبول .
الطلب الذي لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة أو إثبات استحالة حصول الواقعة . دفاع موضوعي لا تلتزم المحكمة بإجابته .
تعييب التحقيق السابق على المحاكمة لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائز .
مثال .
(7) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . محكمة النقض " سلطتها " .
الخطأ في مادة العقاب المطبقة . لا يُرتب بطلان الحكم . لمحكمة النقض تصحيحه . حد وأساس ذلك ؟
مثال .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكانت جريمة خطف طفل بالتحيّل المقترن بهتك عرضه المنصوص عليها في المادة ۲۹۰ من قانون العقوبات تتحقق بإبعاد الطفل عن المكان الذي خطف منه أياً ما كان هذا المكان بقصد العبث به وذلك عن طريق استعمال طرق احتيالية من شأنها التغرير بالمجني عليه وحمله على مرافقة الجاني أو باستعمال أية وسائل مادية أو معنوية من شأنها سلب إرادته ، وكان الركن المادي في جريمة هتك العرض لا يتحقق إلا بوقوع فعل مخل بالحياء العرضي للمجني عليه يستطيل إلى جسمه فيصيب عورة من عوراته ويخدش عاطفة الحياء عنده من هذه الناحية إلا أنه متى ارتكب الجاني أفعالاً لا تبلغ درجة الجسامة التي تسوغ عدها من قبيل هتك العرض التام فإن ذلك يقتضي تقصي قصد الجاني من ارتكابها فإذا كان قصده قد انصرف إلى ما وقع منه فقط فالفعل قد لا يخرج عن دائرة الفعل الفاضح ، أما إذا كانت تلك الأفعال قد ارتكبت بقصد التوغل في أعمال الفحش فإن ما وقع منه يعد بدءً في تنفيذ جريمة هتك العرض وفقاً للقواعد العامة ولو كانت هذه الأفعال في ذاتها غير منافية للآداب ، وإذ كان لا يشترط لتحقق الشروع أن يبدأ الفاعل تنفيذ جزء من الأعمال المكونة للركن المادي للجريمة بل يكفي لاعتباره شارعاً في ارتكابها أن يأتي فعلاً سابقاً على تنفيذ الركن المادي لها ومؤدياً إليه حالاً ، وكان الثابت في الحكم المطعون فيه أن الطاعن بعد أن أوهم المجني عليه بتقديم يد العون والمساعدة له بإعطاء مبالغ مالية وطعام فانصاع له المجني عليه وقام بالذهاب معه إلى حيث شقته - محل سكنه - وبمجرد الوصول إليها قام الطاعن بخلع ملابسه طالباً منه معاشرته جنسياً ومحاولاً تجريد المجني عليه من ملابسه إلا أن المجني عليه حاول الهروب منه بالقفز من نافذة المسكن فسقط أرضاً بمنور العقار فحدثت ما به من إصابات عبارة عن جرح رضي بالذراع الأيسر وسحجات بالخد الأيسر فأوقف أثر الجريمة لذلك واستخلص من ذلك أنه إنما ارتكب تلك الأفعال بقصد التوغل في أعمال الفحش واعتبره بالتالي شارعاً في تنفيذ جريمة هتك عرض بالقوة ، فإنه لا يكون قد خالف القانون في شيء . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد استظهرثبوت الفعل المادي للخطف وتوافر ركني التحيل والإكراه والقصد الجنائي في جريمتي الخطف والشروع في هتك عرضه ورد على ما دفع به الطاعن من انتفاء أركانهما ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله ، ولا ينال من سلامة الحكم ما أثاره الطاعن بأسباب طعنه من أن المجني عليه من المشردين بالشوارع وبلا عائل أو مأوى - فبفرض صحته - لا ينفي عنه ارتكابه لجريمة خطف طفل بالتحايل والمؤثمة بموجب الفقرتين الأولى والثالثة من المادة 290 من قانون العقوبات ما دام أن الحكم قد أثبت في حق الطاعن قيامه بإبعاد المجني عليه الطفل عن المكان المتواجد فيه أياً كانت طبيعة ذلك المكان بطريق التحايل بأن أوهمه بتقديم يد العون والمساعدة من مال وطعام له فانصاع وراءه إلى حيث محل سكنه وهو ما تتحقق معه أركان جريمة الخطف بالتحيل وذلك بصرف النظر عن حالة الشخص المخطوف الأسرية أو كونه من المشردين بالشوارع ، ومن ثم يضحى ما يثيره في هذا الصدد في غير محله .
2- من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بحسب الأصل بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم قضاءها عليه ، إذ لها في سبيل استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى أن تجزئ أقوالهم فتأخذ بما تطمئن إليه منها وتطرح ما عداه دون إلزام عليها ببيان العلة ، وكان الطاعن لا ينازع في صحة ما نقله الحكم المطعون فيه من أقوال شهود الإثبات ، كما أن ما أورده الحكم ودلل به على مقارفة الطاعن لجريمة خطف طفل لم يجاوز الثامنة عشر من العمر بالتحايل المقترن بالشروع في هتك عرضه التي دين الطاعن بها كافياً وسائغاً ، فإن كافة ما يثيره الطاعن بشأن تجزئة أقوال المجني عليه واستبعاد بعضها تأدياً لإدانته لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً حول سلطة المحكمة في وزن أدلة الدعوى واستنباط معتقدها مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض .
3- لما كان الحكم قد أثبت نقلاً عن قيد ميلاد المجني عليه أن سنه كان دون الثامنة عشر ، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون إذ دان الطاعن على الوجه الذي خلص إليه ، ولا يقبل من الطاعن من بعد القول بأنه كان يجهل سن المجني عليه الحقيقي ، ذلك بأن كل من يُقدم على مقارفة فعل من الأفعال الشائنة في ذاتها أو التي تؤثمها قواعد الآداب وحسن الأخلاق يجب عليه أن يتحرى بكل الوسائل الممكنة حقيقة جميع الظروف المحيطة قبل أن يقدم على فعله ، فإذا هو أخطأ التقدير حق عليه العقاب ، هذا إلى أنه لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم بشأن جهله سن المجني عليه الحقيقي أو في شأن جريمة الشروع في هتك العرض وظرف الاقتران ، لأن العقوبة المقضي بها وهي السجن المشدد تدخل في الحدود المقررة لجناية الخطف بالتحيل مجرد من أي ظرف من الظروف المشددة ، ولا يغير من هذا النظر القول بأن المحكمة أخذت الطاعن بالرأفة وأنها كانت عند تقدير العقوبة تحت تأثير الوصف الذي أعطته للواقعة ، إذ إن تقدير العقوبة مداره ذات الواقعة الجنائية التي قارفها الجاني لا الوصف القانوني الذي تكيفه المحكمة ، وهي إذ تعمل حقها الاختياري في استعمال الرأفة وذلك بتطبيق المادة ١٧ من قانون العقوبات ، فإنما تقدر العقوبة التي تتناسب مع الواقعة وما أحاط بها من ظروف .
4- لما كان الحكم المطعون فيه لم يعول على دليل فني بل اعتمد أساساً على ما تضمنته أقوال المجني عليه وشهود الإثبات ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في شأن قصور الحكم لعدم إيراد مضمون التقرير الفني يكون على غير أساس .
5- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وهي في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ، ولا يلزم في الأدلة التي يعتمد عليها الحكم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ؛ لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي ، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان من المقرر أن تقدير أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم ، وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، ومتى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، كما أنه من المقرر أن تأخذ المحكمة بأقوال الشاهد لو كانت سماعية ، ذلك أن الأصل في الشهادة هو تقرير الشخص لما يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه على وجه العموم بحواسه ، وكان الطاعن لا يماري في طعنه أن الشهود يتمتعون بسائر الحواس الطبيعية فلا على الحكم إن هو أخذ بشهادتهم ، كما أن التناقض في أقوال الشهود أو تضاربهم في أقوالهم - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، وكانت المحكمة - في الدعوى الماثلة - قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات التي حصلتها بما لا تناقض فيه كما اطمأنت إلى حصول الواقعة طبقاً للتصوير الذي أوردته ، وكانت الأدلة التي استندت إليها في ذلك سائغة ومقبولة في العقل والمنطق ، ولا يجادل الطاعن أن لها معينها الصحيح في الأوراق ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن أن الشاهدين الثاني والثالث لم يشاهدا أو يعاصر أحدهما الواقعة ، وأن صورة الدعوى التي اعتنقتها المحكمة جاءت على خلاف مادياتها لا يعدو أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان المحكمة بالدليل الصحيح ، وهو ما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض ، فضلاً عن أن الحكم قد عرض لدفاع الطاعن في هذا الشأن واطرحه برد سائغ .
6- لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب من المحكمة إجراء معاينة لمكان الحادث ، ومن ثم فليس له من بعد النعي عليها قعودها عن إجراء لم يطلبه منها ولم تر هي حاجة لإجرائه ، هذا فضلاً عن أنه من المقرر أن طلب المعاينة الذي لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حدوث الواقعة كما رواها الشهود ، وإنما كان المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة - بفرض إبدائه - يعد من قبيل الدفاع الموضوعي الذي لا تلتزم المحكمة بإجابته ، كما وأن النعي بعدم إجراء النيابة العامة معاينة لمكان الحادث وعدم عرض المجني عليه على الطب الشرعي إنما هو تعييب لإجراءات التحقيق التي تمت في المرحلة السابقة على المحاكمة لا يصح إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولاً .
7- من المقرر أن الخطأ في رقم مادة العقاب المطبقة لا يترتب عليه بطلان الحكم ما دام قد وصف الفعل وبين واقعة الدعوى موضوع الإدانة بياناً كافياً وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة الواجب تطبيقها ، فإن خطأ الحكم بتخصيص المادة ۲۹۰ من قانون العقوبات بفقراتها الأولى والثالثة والرابعة لا يعيبه ، وحسب محكمة النقض أن تصحح الخطأ الذي وقع في أسباب الحكم المطعون فيه ، وذلك بحذف الفقرة الرابعة من المادة ۲۹۰ المذكورة عملاً بنص المادة ٤٠ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم ٥٧ لسنة ۱۹٥٩ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :-
- خطف بالتحيل المجني عليه الطفل / .... بأن استغل احتياجه للمال موهماً إياه بإطعامه وتسليمه مبلغ مالي مستدرجاً إياه لمسكنه فانصاع له وتوجه صحبته .
وقد اقترنت تلك الجناية بأخرى هي :-
- هتك عرض المجني عليه الطفل سالف الذكر بالقوة بأن قام بخلع ملابسه مجرداً إياه من بنطاله ممزقاً قميصه طالباً منه معاشرته جنسياً كرهاً عنه .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد ٤٥ ، 46/ 1 ، 268 /2،1 ، 290 /4،3،1 من قانون العقوبات والمادة ١١٦ مكرراً من القانون رقم ١٢ لسنة ١٩٩٦ المعدل بالقانون ١٢٦ لسنة ٢٠٠٨ بشأن الطفل ، مع إعمال المادتين ۱۷ ، 32 من قانون العقوبات ، بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ست سنوات عما أسند إليه وألزمته المصاريف ، بعد أن عدلت وصف الاتهام بجعله :-
- خطف المجني عليه الطفل / .... وكان ذلك بطريق التحيل بأن استغل احتياجه للمال موهماً إياه بإطعامه وتسليمه مبلغ مالي مستدرجاً إياه لمسكنه فانصاع له وتوجه صحبته وقد اقترنت تلك الجناية بجريمة أخرى : وذلك بأن شرع بهتك عرض المجني عليه بأن جرده من بنطاله وقميصه إلا أنه خاب أثر جريمته لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو تمكن المجني عليه من الهرب منه بأن قفز من النافذة لينجو بنفسه وحدثت إصابته الواردة بالتقرير الطبي وذلك على النحو الوارد بالتحقيقات .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة خطف طفل لم يتجاوز الثامنة عشر من العمر بالتحيل المقترن بالشروع في هتك عرضه قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك بأنه لم يدلل على توافر أركان الجريمة التي دانه بها رغم الدفع بعدم توافر أركانها المادية والمعنوية كون المجني عليه من المشردين بالشوارع وذهب رفقة الطاعن لمحل سكنه بكامل إرادته من أجل تقديم يد العون والمساعدة له ودون أن تستطل يد الطاعن إلى مواضع عورات المجني عليه أو حتى ملامساتها مما ينتفي معه ركن التحيل أو إقصاء المجني عليه عن ذويه في جريمة الخطف وكذلك ظرف الاقتران المشدد لها ، بيد أن الحكم اطرحه بما لا يسوغه ودون أن يشير إلى أقوال المجني عليه التي تنفي الاتهام برمته في حق الطاعن ومجتزأ منها ما يقيم عليه قضاءه بالإدانة ، كما لم يعن بالتدليل على مدى توافر علم الطاعن بسن المجني عليه والذي لم يكن بمقدوره الوقوف عليه ، وتساند في قضائه إلى ما ورد بالدليل الفني دون إيراد مضمونه وبيان مدى توافقه مع أدلة الدعوى ، كما اتخذ الحكم من أقوال شهود الإثبات دليلاً رغم أنها لا تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، واعتنق تصويرهم للواقعة رغم الدفع باستحالة تصور حدوثها وفق رواية المجني عليه لكذب أقواله وتناقضها مع أقوال الشاهدين الثاني والثالث في شأن وصف ملابسه عقب وقوع الحادث ولعدم رؤية أيهما للواقعة ، وجاءت شهادة الثالث سماعية نقلاً عن الثاني رغم عدم تواجد الأخير على مسرح الواقعة وقت حدوثها ، بيد أن الحكم اطرح دفاعه بما لا يصلح رداً ودون أن تقم المحكمة من جانبها بتحقيق دفاعه بالانتقال لمعاينة مكان حدوث الواقعة للوقوف على مدى صحتها وبعرض المجني عليه على مصلحة الطب الشرعي سيما وأن تحقيقات النيابة العامة جاءت قاصرة في هذا الشأن ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكانت جريمة خطف طفل بالتحيّل المقترن بهتك عرضه المنصوص عليها في المادة ۲۹۰ من قانون العقوبات تتحقق بإبعاد الطفل عن المكان الذي خطف منه أياً ما كان هذا المكان بقصد العبث به وذلك عن طريق استعمال طرق احتيالية من شأنها التغرير بالمجني عليه وحمله على مرافقة الجاني أو باستعمال أية وسائل مادية أو معنوية من شأنها سلب إرادته ، وكان الركن المادي في جريمة هتك العرض لا يتحقق إلا بوقوع فعل مخل بالحياء العرضي للمجني عليه يستطيل إلى جسمه فيصيب عورة من عوراته ويخدش عاطفة الحياء عنده من هذه الناحية إلا أنه متى ارتكب الجاني أفعالاً لا تبلغ درجة الجسامة التي تسوغ عدها من قبيل هتك العرض التام فإن ذلك يقتضي تقصي قصد الجاني من ارتكابها فإذا كان قصده قد انصرف إلى ما وقع منه فقط فالفعل قد لا يخرج عن دائرة الفعل الفاضح ، أما إذا كانت تلك الأفعال قد ارتكبت بقصد التوغل في أعمال الفحش فإن ما وقع منه يعد بدءً في تنفيذ جريمة هتك العرض وفقاً للقواعد العامة ولو كانت هذه الأفعال في ذاتها غير منافية للآداب ، وإذ كان لا يشترط لتحقق الشروع أن يبدأ الفاعل تنفيذ جزء من الأعمال المكونة للركن المادي للجريمة بل يكفي لاعتباره شارعاً في ارتكابها أن يأتي فعلاً سابقاً على تنفيذ الركن المادي لها ومؤدياً إليه حالاً ، وكان الثابت في الحكم المطعون فيه أن الطاعن بعد أن أوهم المجني عليه بتقديم يد العون والمساعدة له بإعطاء مبالغ مالية وطعام فانصاع له المجني عليه وقام بالذهاب معه إلى حيث شقته - محل سكنه - وبمجرد الوصول إليها قام الطاعن بخلع ملابسه طالباً منه معاشرته جنسياً ومحاولاً تجريد المجني عليه من ملابسه إلا أن المجني عليه حاول الهروب منه بالقفز من نافذة المسكن فسقط أرضاً بمنور العقار فحدثت ما به من إصابات عبارة عن جرح رضي بالذراع الأيسر وسحجات بالخد الأيسر فأوقف أثر الجريمة لذلك واستخلص من ذلك أنه إنما ارتكب تلك الأفعال بقصد التوغل في أعمال الفحش واعتبره بالتالي شارعاً في تنفيذ جريمة هتك عرض بالقوة ، فإنه لا يكون قد خالف القانون في شيء . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد استظهر ثبوت الفعل المادي للخطف وتوافر ركني التحيل والإكراه والقصد الجنائي في جريمتي الخطف والشروع في هتك عرضه ورد على ما دفع به الطاعن من انتفاء أركانهما ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله ، ولا ينال من سلامة الحكم ما أثاره الطاعن بأسباب طعنه من أن المجني عليه من المشردين بالشوارع وبلا عائل أو مأوى - فبفرض صحته - لا ينفي عنه ارتكابه لجريمة خطف طفل بالتحايل والمؤثمة بموجب الفقرتين الأولى والثالثة من المادة ۲۹۰ من قانون العقوبات ما دام أن الحكم قد أثبت في حق الطاعن قيامه بإبعاد المجني عليه الطفل عن المكان المتواجد فيه أياً كانت طبيعة ذلك المكان بطريق التحايل بأن أوهمه بتقديم يد العون والمساعدة من مال وطعام له فانصاع وراءه إلى حيث محل سكنه وهو ما تتحقق معه أركان جريمة الخطف بالتحيل وذلك بصرف النظر عن حالة الشخص المخطوف الأسرية أو كونه من المشردين بالشوارع ، ومن ثم يضحى ما يثيره في هذا الصدد في غير محله . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة لا تلتزم بحسب الأصل بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم قضاءها عليه ، إذ لها في سبيل استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى أن تجزئ أقوالهم فتأخذ بما تطمئن إليه منها وتطرح ما عداه دون إلزام عليها ببيان العلة ، وكان الطاعن لا ينازع في صحة ما نقله الحكم المطعون فيه من أقوال شهود الإثبات ، كما أن ما أورده الحكم ودلل به على مقارفة الطاعن لجريمة خطف طفل لم يجاوز الثامنة عشر من العمر بالتحايل المقترن بالشروع في هتك عرضه التي دين الطاعن بها كافياً وسائغاً ، فإن كافة ما يثيره الطاعن بشأن تجزئة أقوال المجني عليه واستبعاد بعضها تأدياً لإدانته لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً حول سلطة المحكمة في وزن أدلة الدعوى واستنباط معتقدها مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أثبت نقلاً عن قيد ميلاد المجني عليه أن سنه كان دون الثامنة عشر ، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون إذ دان الطاعن على الوجه الذي خلص إليه ، ولا يقبل من الطاعن من بعد القول بأنه كان يجهل سن المجني عليه الحقيقي ، ذلك بأن كل من يُقدم على مقارفة فعل من الأفعال الشائنة في ذاتها أو التي تؤثمها قواعد الآداب وحسن الأخلاق يجب عليه أن يتحرى بكل الوسائل الممكنة حقيقة جميع الظروف المحيطة قبل أن يقدم على فعله ، فإذا هو أخطأ التقدير حق عليه العقاب ، هذا إلى أنه لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم بشأن جهله سن المجني عليه الحقيقي أو في شأن جريمة الشروع في هتك العرض وظرف الاقتران ، لأن العقوبة المقضي بها وهي السجن المشدد تدخل في الحدود المقررة لجناية الخطف بالتحيل مجرد من أي ظرف من الظروف المشددة ، ولا يغير من هذا النظر القول بأن المحكمة أخذت الطاعن بالرأفة وأنها كانت عند تقدير العقوبة تحت تأثير الوصف الذي أعطته للواقعة ، إذ إن تقدير العقوبة مداره ذات الواقعة الجنائية التي قارفها الجاني لا الوصف القانوني الذي تكيفه المحكمة ، وهي إذ تعمل حقها الاختياري في استعمال الرأفة وذلك بتطبيق المادة ١٧ من قانون العقوبات ، فإنما تقدر العقوبة التي تتناسب مع الواقعة وما أحاط بها من ظروف . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يعول على دليل فني بل اعتمد أساساً على ما تضمنته أقوال المجني عليه وشهود الإثبات ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في شأن قصور الحكم لعدم إيراد مضمون التقرير الفني يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وهي في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ، ولا يلزم في الأدلة التي يعتمد عليها الحكم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ؛ لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي ، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان من المقرر أن تقدير أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم ، وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، ومتى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، كما أنه من المقرر أن تأخذ المحكمة بأقوال الشاهد لو كانت سماعية ، ذلك أن الأصل في الشهادة هو تقرير الشخص لما يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه على وجه العموم بحواسه ، وكان الطاعن لا يماري في طعنه أن الشهود يتمتعون بسائر الحواس الطبيعية فلا على الحكم إن هو أخذ بشهادتهم ، كما أن التناقض في أقوال الشهود أو تضاربهم في أقوالهم - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، وكانت المحكمة - في الدعوى الماثلة - قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات التي حصلتها بما لا تناقض فيه كما اطمأنت إلى حصول الواقعة طبقاً للتصوير الذي أوردته ، وكانت الأدلة التي استندت إليها في ذلك سائغة ومقبولة في العقل والمنطق ، ولا يجادل الطاعن أن لها معينها الصحيح في الأوراق ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن أن الشاهدين الثاني والثالث لم يشاهدا أو يعاصر أحدهما الواقعة ، وأن صورة الدعوى التي اعتنقتها المحكمة جاءت على خلاف مادياتها لا يعدو أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان المحكمة بالدليل الصحيح ، وهو ما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض ، فضلاً عن أن الحكم قد عرض لدفاع الطاعن في هذا الشأن واطرحه برد سائغ . لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب من المحكمة إجراء معاينة لمكان الحادث ، ومن ثم فليس له من بعد النعي عليها قعودها عن إجراء لم يطلبه منها ولم تر هي حاجة لإجرائه ، هذا فضلاً عن أنه من المقرر أن طلب المعاينة الذي لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حدوث الواقعة كما رواها الشهود ، وإنما كان المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة - بفرض إبدائه - يعد من قبيل الدفاع الموضوعي الذي لا تلتزم المحكمة بإجابته ، كما وأن النعي بعدم إجراء النيابة العامة معاينة لمكان الحادث وعدم عرض المجني عليه على الطب الشرعي إنما هو تعييب لإجراءات التحقيق التي تمت في المرحلة السابقة على المحاكمة لا يصح إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولاً ، هذا وتشير محكمة النقض إلى أنه من المقرر أن الخطأ في رقم مادة العقاب المطبقة لا يترتب عليه بطلان الحكم ، ما دام قد وصف الفعل وبين واقعة الدعوى موضوع الإدانة بياناً كافياً وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة الواجب تطبيقها ، فإن خطأ الحكم بتخصيص المادة ۲۹۰ من قانون العقوبات بفقراتها الأولى والثالثة والرابعة لا يعيبه ، وحسب محكمة النقض أن تصحح الخطأ الذي وقع في أسباب الحكم المطعون فيه ، وذلك بحذف الفقرة الرابعة من المادة ۲۹۰ المذكورة عملاً بنص المادة ٤٠ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم ٥٧ لسنة ۱۹٥٩ . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ