الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الجمعة، 5 سبتمبر 2025

الطعن 239 لسنة 2017 ق جلسة 1 / 5 / 2017 تمييز دبي جزائي مكتب فني 28 ق 29 ص 251

جلسة الاثنين 1 مايو 2017
برئاسة السيد القاضي/ عبد العزيز عبد الله الزرعوني رئيس الدائرة وعضوية السادة القضاة: مصطفى عطا محمد الشناوي، مصبح سعيد ثعلوب، محمود فهمي سلطان ومحمد إبراهيم محمد السعدني.

-------------
(29)
الطعن رقم 239 لسنة 2017 "جزاء"

(1) مسئولية جنائية "مسئولية الطبيب".

الأصل أن أي مساس بجسم المجني عليه يجرمه قانون العقوبات وقانون مزاولة مهنة الطب. أحكام القانون الخاصة بالضرب أو الجرح. لا تسري على الطبيب والجراح. شرط ذلك. انتفاء المسئولية الجنائية عن هذه الأفعال. أساسه. م 53 /1 قانون العقوبات. قيام الجريمة في حق الطبيب أو الجراح. حالاتها. الخطأ الطبي. ماهيته. تقدير الخطأ الطبي. شرطه. الخطأ المادي والخطأ الفني. ماهية كل منهما. المحاكم الجنائية. مهمتها قاصرة على التثبت من خطأ الطبيب المعالج دون التعرض للمفاضلة بين طرق العلاج أو المناقشات العلمية والفنية. تخلف ذلك. أثره. لا مسئولية جنائية.

(2 ، 3) إثبات "مسائل عامة". حكم "تسبيب الحكم".

(2) الأحكام الجزائية. وجوب بنائها على الجزم واليقين. لا على الظن والاحتمال.

(3) الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال. سقط به الاستدلال.

----------------------

1 - الأصل أن أي مساس بجسم المجني عليه يجرمه قانون العقوبات وقانون مزاولة مهنة الطب، إلا أن أحكام القانون الخاصة بالضرب أو الجرح لا تسري على الطبيب والجراح إذا ما اضطر- وهو يزاول مهنته- إلى التعرض لأجسام المرضى بالإيذاء وانتفاء المسئولية الجنائية عن هذه الأفعال يستند إلى سبب الإباحة المبني على حق الطبيب في مزاولة مهنته بوصف الدواء ومباشرة إعطائه للمريض والتعرض لجسمه بما يدخل في نطاق نص المادة 1/53 من قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لسنة 1987 التي جرى نصها- على أنه لا جريمة إذا وقع الفعل بنية سليمة استعمالا لحق مقرر بمقتضى أحكام الشريعة الإسلامية أو القانون، وفي نطاق هذا الحق، وعلى هذا فإن حق الطبيب أو الجراح في مزاولة المهنة ليس مطلقا فهو يزول وينعدم بزوال علته وانعدام أساسه، فلا تقوم جريمة في حق الطبيب أو الجراح عملا بمفهوم المخالفة للفقرة الأولى من نص المادة 53 سالفة البيان إلا بتوافر حالة من أربع: ألا يكون مرخصا له بمزاولة مهنة الطب، أو لم يستند في عمله إلى دعوى من المريض أو رضاء منه، أو إذا اتجه في عمله وجهة أخرى غير العلاج، أو لم يبذل لمريضه جهودا صادقة متفقة مع الأصول العلمية وفي هذه الصورة الأخيرة يستوي أن يكون الخطأ يسيرا أو جسيما، أو أن يكون خطأ فنيا مهنيا يدخل في القواعد الفنية لعلم الطب، وفي كل الأحوال لا يتمتع الأطباء بأي استثناء خاص، ذلك أن تعريف الخطأ الطبي يتحدد بذات عناصر الخطأ بشكل عام فهو تقصير في مسلك الإنسان- سواء كان طبيبا أو غيره- لا يقع من شخص يقظ مماثل له وجد في نفس الظروف الخارجية التي أحاطت به، ولتقدير الخطأ الطبي تجب مقارنة الطبيب بطبيب غيره يقظ وجد في نفس الظروف الخارجية. والخطأ إما أن يكون ماديا ومن أمثلته كأن ينسى الطبيب قطعة من القطن أو أي أداة في جوف المريض أثناء الجراحة- أو يكون خطأ فنيا مخالفا للأصول العلمية الثابتة، وهو يكون ذلك، كلما خالف الأصول التي يعرفها أهل العلم ولا يتسامحون مع من يجهلها أو يتخطاها ممن ينتسب إلى علمهم أو فنهم بما يفرض على المحاكم أن تلجأ إلى الخبراء من الأطباء والجراحين لتقدير ما إذا كان زميل لهم قد جهل تلك الأصول أو تخطاها، وليس معنى هذا أن على الطبيب أن يطبق العلم كما يطبقه غيره من الأطباء فمن حق الطبيب أن يترك له قدر من الاستقلال في التقدير في العمل وممارسة مهنته طبقا لما يمليه عليه ضميره، فلا يكون مسئولا إلا إذا ثبت أنه في اختياره للعلاج أظهر جهلا بأصول العلم والفن الطبي، فإن وجدت مسائل علمية يتجادل فيها الأطباء ويختلفون عليها ورأى الطبيب إتباع نظرية معينة قال بها عدد من العلماء ولو لم يستقر عليها الرأي فلا لوم عليه إن قرر إتباعها، ومهمة المحاكم الجزائية قاصرة على التثبت من خطأ الطبيب المعالج طبقا للقواعد سالفة الذكر دون التعرض للمفاضلة بين طرق العلاج المختلف عليها أو التدخل في المناقشات العلمية والفنية برأي عند تقدير المسئولية الطبية.

2 - الأحكام الجزائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين على الواقع الذي يثبته الدليل المعتبر ولا تؤسس على الظن والاحتمال والاعتبارات المجردة.

3 - المقرر أن الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال.

------------

الوقائع

وحيث إن النيابة العامة اتهمت--------- 12)------ 3)------ 4) ------- 5)------- 6) ------ 7) ----- لأنهم في يوم 9/10/2006 بدائرة اختصاص مركز شرطة بردبي.
تسببوا بخطئهم في المساس بسلامة جسم المجني عليها -------- كان ذلك ناشئا عن إهمالهم وإخلالهم بما تفرضه عليهم أصول مهنتهم بأن تم إعطاؤها عقار الأسبرين مع أنها تعاني من مرض متلازمة هيرمانسكي بودالك والذي ساعد على زيادة فترة وكمية النزف الثانوي الناتج من إجراء عملية اللوزتين علاوة على وجود تقصير والذي كان من شأنه إصابتها بشلل رباعي الأطراف وشلل دماغي وكسر في ساقها اليمنى على النحو الثابت بالأوراق.
وطلبت عقابهم بالمواد 38، 43، 121/1، 331، 343/ 1-2 من قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لسنة 1987 المعدل.
ومحكمة أول درجة قضت بجلسة 19/11/2014 ببراءة المتهمتين الثالثة والرابعة وحضوريا للمتهمين الخامس والسادس وحضوريا اعتباريا للباقين: بتغريم كل منهم خمسة آلاف درهم وبإحالة الدعوى المدنية للمحكمة المدنية المختصة.
فاستأنف المتهم الأول ------- هذا الحكم بالاستئناف رقم 8887 لسنة 2014 كما استـأنف باقي المتهمين بالاستئناف رقم 9022 لسنة 2014 واستأنفت النيابة ذات الحكم بالاستئناف رقم 9149 لسنة 2014 بطلب تعديل الوصف بجعله قتل خطأ- والمحكمة الاستئنافية قضت فيهم بجلسة 10/2/2015 بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه فقرر المحكوم عليه بالطعن على هذا الحكم بالتمييز في الطعنين رقمي 129، 150 لسنة 2015 كما طعنت النيابة العامة فيه بالطعن رقم 162 لسنة 2015 وفيهم قضت هذه المحكمة- محكمة التمييز- بضم تلك الطعون. وبنقض الحكم المطعون فيه والإعادة، ومحكمة الإعادة بهيئة أخرى مغايرة قضت بجلسة 7/3/2017 حضوريا بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا بمعاقبة المتهم/ ------- بالحبس لمدة شهر وتغريمه سبعة آلاف درهم وإلزامه بأداء مبلغ مائتي ألف درهم دية شرعية لورثة المجني عليها وأمرت بإيقاف عقوبة الحبس لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صدور الحكم، وببراءة باقي المتهمين مما نسب إليهم.
وبتاريخ 22/3/2017 قرر المحكوم عليه/ ------- بالطعن في هذا الحكم بطرق التمييز وأرفق مذكرة بأسباب الطعن موقعا عليها من محام طلب نقض الحكم، وسدد التأمين.

-------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي أعده القاضي/ ------ والمرافعة والمداولة قانونا.
حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل الخطأ قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك أنه عول في قضائه بإدانته على تقارير اللجنة العليا للمسئولية الطبية بقالة إن وصف عقار الأسبرين للمجني عليه كان السبب المباشر في حصول النزف الدموي وتدهور حالتها مما أدى إلى وفاتها رغم أن تلك التقارير لم تجزم بذلك مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه ولئن كان الأصل أن أي مساس بجسم المجني عليه يجرمه قانون العقوبات وقانون مزاولة مهنة الطب، إلا أن أحكام القانون الخاصة بالضرب أو الجرح لا تسري على الطبيب والجراح إذا ما اضطر- وهو يزاول مهنته- إلى التعرض لأجسام المرضى بالإيذاء وانتفاء المسئولية الجنائية عن هذه الأفعال يستند إلى سبب الإباحة المبني على حق الطبيب في مزاولة مهنته بوصف الدواء ومباشرة إعطائه للمريض والتعرض لجسمه بما يدخل في نطاق نص المادة 1/53 من قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لسنة 1987 التي جرى نصه- على أنه لا جريمة إذا وقع الفعل بنية سليمة استعمالا لحق مقرر بمقتضى أحكام الشريعة الإسلامية أو القانون، وفي نطاق هذا الحق، وعلى هذا فإن حق الطبيب أو الجراح في مزاولة المهنة ليس مطلقا فهو يزول وينعدم بزوال علته وانعدام أساسه، فلا تقوم جريمة في حق الطبيب أو الجراح عملا بمفهوم المخالفة للفقرة الأولى من نص المادة 53 سالفة البيان إلا بتوافر حالة من أربع: ألا يكون مرخصا له بمزاولة مهنة الطب، أو لم يستند في عمله إلى دعوى من المريض أو رضاء منه، أو إذا اتجه في عمله وجهة أخرى غير العلاج، أو لم يبذل لمريضه جهودا صادقة متفقة مع الأصول العلمية وفي هذه الصورة الأخيرة يستوي أن يكون الخطأ يسيرا أو جسيما، أو أن يكون خطأ فنيا مهنيا يدخل في القواعد الفنية لعلم الطب، وفي كل الأحوال لا يتمتع الأطباء بأي استثناء خاص، ذلك أن تعريف الخطأ الطبي يتحدد بذات عناصر الخطأ بشكل عام فهو تقصير في مسلك الإنسان- سواء كان طبيبا أو غيره- لا يقع من شخص يقظ مماثل له وجد في نفس الظروف الخارجية التي أحاطت به، ولتقدير الخطأ الطبي تجب مقارنة الطبيب بطبيب غيره يقظ وجد في نفس الظروف الخارجية.
والخطأ إما أن يكون ماديا ومن أمثلته كأن ينسى الطبيب قطعة من القطن أو أي أداة في جوف المريض أثناء الجراحة- أو يكون خطأ فنيا مخالفا للأصول العلمية الثابتة، وهو يكون ذلك، كلما خالف الأصول التي يعرفها أهل العلم ولا يتسامحون مع من يجهلها أو يتخطاها ممن ينتسب إلى علمهم أو فنهم بما يفرض على المحاكم أن تلجأ إلى الخبراء من الأطباء والجراحين لتقدير ما إذا كان زميل لهم قد جهل تلك الأصول أو تخطاها، وليس معنى هذا أن على الطبيب أن يطبق العلم كما يطبقه غيره من الأطباء فمن حق الطبيب أن يترك له قدر من الاستقلال في التقدير في العمل وممارسة مهنته طبقا لما يمليه عليه ضميره، فلا يكون مسئولا إلا إذا ثبت أنه في اختياره للعلاج أظهر جهلا بأصول العلم والفن الطبي، فإن وجدت مسائل علمية يتجادل فيها الأطباء ويختلفون عليها ورأى الطبيب إتباع نظرية معينة قال بها عدد من العلماء ولو لم يستقر عليها الرأي فلا لوم عليه إن قرر إتباعها، ومهمة المحاكم الجزائية قاصرة على التثبت من خطأ الطبيب المعالج طبقا للقواعد سالفة الذكر دون التعرض للمفاضلة بين طرق العلاج المختلف عليها أو التدخل في المناقشات العلمية والفنية برأي عند تقدير المسئولية الطبية، فإذا لم يثبت بدليل جازم وقاطع وقوع خطأ مادي أو مهني من الطبيب فلا محل لمؤاخذته جنائيا. لما كان ذلك، وكانت الأحكام الجزائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين على الواقع الذي يثبته الدليل المعتبر ولا تؤسس على الظن والاحتمال والاعتبارات المجردة، وكان الثابت من التقارير الطبية المرفعة بالأوراق أن الطفلة --------. كانت مصابة بمرض متلازمة هيرمانكس- بودالك- والذي يؤدي بدوره في حالة إجراء الجراحة أو تناول عقار الأسبرين أو مشتقاته- للمصابين به إلى سرعة النزف الدموي بشكل غير متوقع في قوته ومدته، وهو من الأمراض النادرة ولا يعرفه كثير من الأطباء، لم يتم اكتشافه لديها إلا بالفحص الجيني خارج الدولة وأن إجراء جراحة استئصال اللوزتين واللحمية من الحلق لها كان ضروريا ومهما وأن ما أجراه الأطباء المعالجون لها ومنهم المتهم من فحوصات أظهرت- في ظل ظروف المريضة- نتائج طبيعية تسمح بالجراحة والعلاج بعقار الأسبرين للحد من ارتفاع ضغط الدم الرئوي لها، بحسبان أنهم لم يكتشفوا إصابتها بمرض متلازمة هيرمانسكي- بودالك، وهو ما ينبئ عن أن خطوات وقرار العلاج بعقار الأسبرين- أيا كان من وصفه- كان موافقا للأصول العلمية التي يمكن أن يتخذها قرينة من الأطباء هذا فضلا عن أن البين من تقارير اللجنة العليا للمسئولية الطبية أنها قد قطعت بأن الحالة المرضية- النادرة- للطفلة- والمتمثلة في مرض متلازمة هيرمانسكي- بودالك- هي السبب المباشر في حصول النزف التلقائي الحاد وما ترتب عليه من آثار مرضية ولم تجزم بأن عقار الأسبرين الذي وصفه المتهم وغيره لها كان السبب في حدوث ذلك النزيف ولم تتمكن تلك اللجنة في جميع تقاريرها المودعة ملف الدعوى من تحديد السبب على وجه الدقة الأمر الذي يكون فيه الدليل القائم في الأوراق غير جازم لإدانة المتهم وكان المقرر أن الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر بقضائه بإدانة الطاعن على الاحتمال دون اليقين الذي هو أساس الأحكام الجزائية فإنه يكون معيبا مما يوجب نقضه. لما كان ذلك، وكانت الدعوى بحالتها صالحة للفصل فيها، فإنه يتعين القضاء ببراءة الطاعن مما نسب إليه من اتهام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق