الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 17 أغسطس 2023

الطعن 1998 لسنة 38 ق جلسة 14 / 8 /1994 إدارية عليا مكتب فني 39 ج 2 ق 158 ص 1593

جلسة 14 من أغسطس سنة 1994

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد معروف محمد - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: جودة فرحات، وعبد القادر هاشم النشار، وادوارد غالب سيفين، وأحمد عبد العزيز أبو العزم - نواب رئيس مجلس الدولة.

----------------

(158)

الطعن رقم 1998 لسنة 38 القضائية

جامعات - ضوابط تحويل الطلاب من الجامعات الأجنبية.
المادة 18 من الدستور - المواد 1، 14، 19، 196 من القانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات - المواد 74، 75، 87 من قرار رئيس الجمهورية رقم 809 لسنة 1975 باللائحة التنفيذية للقانون المذكور - قرار المجلس الأعلى للجامعات في 18/ 3/ 1991.
الدولة مسئولة دستورياً عن كفالة التعليم الجامعي في حدود إمكانياتها الفعلية - السبيل إلى فض التزاحم على الفرص المحدود لا يتأتى إلا بتحديد مستحقيها وترتيبهم وافق شروط موضوعية يتحقق من خلالها مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة أمام القانون - القبول بالتعليم الجامعي رهين بترتيب درجات النجاح في امتحان شهادة الثانوية العامة - يقوم ذلك على معيار الجدارة والتفوق بوصفه المعيار الموضوعي الوحيد للمفاصلة بين الطلاب في شغل مقاعد الجامعات سواء كان الالتحاق بها عن طريق مكتب تنسيق قبول الطلبة الحاصلين على الشهادة المذكورة أو عن طريق نقل الطالب من إحدى الكليات التابعة لجامعة غير خاضعة لقانون تنظيم الجامعات إلى إحدى كليات الجامعات الخاضعة له - معيار التفوق والجدارة أقرته المحكمة الدستورية العليا في القضاء بعدم دستورية القواعد التي تتضمن أي استثناء على مبدأ تكافؤ الفرص - القول بغير ذلك يعطي من يملك القدرة المادية على الالتحاق بالكليات التابعة لجامعات أجنبية ثابتاً في الانقضاض على مبدأ تكافؤ الفرص والتغول على مبدأ المساواة بين المصريين أمام أهم المرافق العامة وهو مرفق التعليم - النظام القانوني للجامعات المصرية سواء قبل تدخل المجلس الأعلى للجامعات بقراره الصادر في 18/ 3/ 1991 أو بعد تدخل رئيس الجمهورية بتعديل اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات لم يكن يسمح بالاستثناء من شروط المجموع الكلي للدرجات في الثانوية العامة بحسبانه المعيار الموضوعي الوحيد للتمييز بين الطلاب - تدخل المجلس الأعلى للجامعات بقراره المشار إليه وضع حداً للشكوك حول الضوابط والأعراف التي جرت عليها خطأ بعض الجامعات - مؤدى ذلك: أنه يتعين على الجامعات الخاضعة للقانون المذكور الالتزام بالضوابط التي وضعها المجلس الأعلى للجامعات - ما درجت عليه بعض الجامعات من ضوابط لنقل طلاب جامعة بيروت إذا كان الفارق بين مجموع درجاتهم في الثانوية العامة والحد الأدنى لمجموع الدرجات الذي قبلته الكلية المناظرة لا يزيد على نسبة 5% - ينطوي على استثناء يخالف الضوابط التي قررها المجلس الأعلى للجامعات - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 1/ 6/ 1992 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1998 لسنة 38 قضائية وذلك في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بجلسة 2/ 4/ 1992 في الدعوى رقم 1444 لسنة 46 قضائية والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه بالامتناع عن قيد ابن المدعي المطعون ضده/ ....... بالسنة الثانية بكلية الحقوق جامعة الإسكندرية وما يترتب على ذلك من آثار وإلزامها مصروفات الطلب المستعجل.
وطلب الطاعنون - للأسباب المبينة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإلزام المطعون ضدهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة جلسة 18/ 4/ 1994 حيث تم نظر الطعن أمامها بالجلسة المذكورة والجلسات التالية حتى قررت الدائرة بجلسة 6/ 6/ 1994 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الأولى" لتنظره بجلسة 17/ 7/ 1994 وقد أحيل الطعن إلى هذه المحكمة التي نظرته وناقشت أدلته التفصيلية على النحو المبين بمحاضر الجلسات حيث قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم بعد أن أودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
من حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يتضح من الأوراق - في أنه بتاريخ 16/ 3/ 1992 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 1444 لسنة 46 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية طالباً الحكم أولاً: وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار السلبي بامتناع جامعة الإسكندرية عن قبول (ابن) المدعي كطالب بجامعة الإسكندرية. ثانياً: بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجامعة المصروفات والأتعاب، وذلك تأسيساً على أن (ابن) المدعي قد اجتاز بنجاح امتحان النقل من السنة الأولى إلى السنة الثانية بكلية (الحقوق) بجامعة بيروت العربية في العام الجامعي 90/ 1991 وإذ طلب من جامعة الإسكندرية قبول تحويل أوراقه وقيده بالكلية المناظرة لها طبقاً للقواعد المتبعة في هذا الشأن فامتنعت الإدارة عن قبول طلبه رغم توافر الشروط المقررة في حقه وذلك بحجة صدور القرار الجمهوري رقم 354 لسنة 1991 بحظر تحويل الطلاب من كليات أو معاهد غير تابعة للجامعات المصرية إلا إذا كان الطالب حاصلاً على الثانوية العامة بمجموع لا يقل عن الحد الأدنى للقبول في الكلية التي يرغب في التحويل إليها مع أن القرار الجمهوري المشار إليه لا ينطبق بأثر رجعي على الطلاب الذين اكتسبوا الحق في التحويل من جامعة بيروت إلى جامعة الإسكندرية طبقاً للقواعد المقررة قبل تعديل اللائحة التنفيذية لقانون الجامعات بالقرار الجمهوري سالف الذكر، ونعى المدعي على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون وما يرتبه من أضرار جسيمة تترتب على تنفيذه يتعذر تداركها ويتعين الحكم بإلغائه.
وبجلسة 2/ 4/ 1992 أصدرت المحكمة حكمها الطعين القاضي بقبول الدعوى شكلاً، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه بالامتناع عن قيد ابن المدعي/....... بالسنة الثانية بكلية الحقوق بجامعة الإسكندرية وما يترتب على ذلك من آثار. وأقامت قضاءها على أن الأصل طبقاً للقانون الطبيعي هو احترام الحقوق المكتسبة طبقاً لما تقضي به قواعد العدالة ويستلزمه الصالح العام. وقد جاء الدستور مؤكداً هذا الأصل الطبيعي بحظر المساس بالحقوق المكتسبة أو المراكز القانونية التي تمت إلا بقانون، ومن ثم فإن تقرير الرجعية رهين بنص خاص في القانون، ولزم بحكم هذا الأصل ألا تسري القرارات الإدارية بأثر رجعي إلا إذا كانت صادرة تنفيذاً لقانون نص فيه على الأثر الرجعي أو على الترخيص للإدارة بتقرير الرجعية، وتطبيقاً لهذا الأصل فإن وضع نظام جديد لقبول الطلبة لا يسري على الماضي فلا يمس المراكز القانونية الذاتية التي نشأت قبل صدوره. فإذا كان البادي من الأوراق أن جامعة الإسكندرية قد درجت على اتباع قواعد تتيح بمقتضاها تحويل الطلبة من جامعة بيروت العربية وقد ثبت ذلك العرف الذي تواترت على تطبيقه بإصدار مجلس الجامعة قرارات حددت فيها من تطبق عليه قواعد التحويل المذكورة بأن يكون حاصلاً على الثانوية العامة من مدارس المناطق التعليمية التي تتداخل في نطاق الجامعة - وهي محافظات الإسكندرية والبحيرة ومطروح ومراكز دسوق ومطوبس وفوه بمحافظة كفر الشيخ وأن تكون دارسة الطالب متصلة منذ الحصول على الثانوية العامة وهي التحاقه بجامعة بيروت العربية، وأن يكون منقولاً إلى الفرقة الأعلى وظلت جامعة الإسكندرية تطبق هذه القواعد حتى صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 354 لسنة 1991 بتعديل اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات، فإن هذا القرار لا يسري بأثر رجعي ولا يجوز أن يمس المراكز القانونية الذاتية التي نشأت قبل العمل به بل يسري بأثر مباشر على المستقبل، ومن ثم فإن من استوفى من طلاب جامعة بيروت العربية شروط التحويل أو نقل القيد في ظل تلك القواعد يكون قد اكتسب مركزاً ذاتياً لا يجوز المساس به وتكون جامعة الإسكندرية ملزمة قانوناً بإجابته إلى طلبه، فإذا كان الطالب ابن المدعي حصل على شهادة الثانوية العامة سنة 1990 من مدرسة تابعة لمحافظة الإسكندرية والتحق بكلية الحقوق بجامعة بيروت العربية في العام الدراسي 90/ 1991 واجتاز بنجاح امتحان النقل إلى السنة الثانية في نهاية العام الدراسي المذكور فإنه يكون قد استوفى الشروط المقررة للتحويل ونقل القيد إلى الكلية المناظرة بجامعة الإسكندرية طبقاً للقواعد التي كان معمولاً بها قبل صدور قرار رئيس الجمهورية رقم 354 لسنة 1991 المشار إليه لاكتسابه مركزاً ذاتياً لا يجوز المساس به، واستطرد الحكم الطعين قائلاً أنه لا يدحض ذلك الاحتجاج بأن ابنه يفتقد شرط عدم تجاوز الفرق بين مجموع درجاته في الثانوية العامة والحد الأدنى للقبول بالكلية المطلوب قيده بها بنسبة 5% ذلك أنه أياً كان الرأي في مدى مشروعية هذا الشرط الذي بني على افتراض نسبة حسابية تحكمية لا تجد لها أساساً قانونياً ويترتب عليها تفرقة لا موجب لها، فإن الوجه الصحيح لتطبيقها إنما يقتصر على حالة من يطلب التحويل من الفرقة الأولى دون من اجتاز بنجاح امتحان النقل إلى الفرقة الثانية، فأكسبهم ذلك النجاح مركزاً قانونياً جديداً يخولهم حق التحويل من الفرقة الأعلى إلى الفرقة المعادلة لها في الكلية المناظرة.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم الطعين قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله من وجهين: أولهما أن المحكمة قد سايرت المدعي - بغير حق - في تكييفه للقرار الصادر من الجامعة - محل النزاع - على أنه قرار سلبي بالامتناع عن قيد الطالب (ابن) المدعي بإحدى كلياتها مع أن حقيقة القرار هو أنه قرار إيجابي صريح برفض طلبه تنفيذاً للقانون، إذ أن سكوت الجامعة عن تنفيذ عرف سائد لا يشكل قراراً سلبياً بالامتناع وعليه فإن عدول جهة الإدارة عن عرف إلى قواعد مكتوبة في قانون أو لائحة لا يشكل قراراً سلبياً بالامتناع وإنما يكون قمة الالتزام بأحكام القانون ومراعاة التدرج التشريعي في تقديم النصوص القانونية على الأعراف السائدة، ولا ينال من ذلك ما جاء بمدونات الحكم المطعون فيه من ضرورة الالتزام بالأثر الفوري المباشر للقرار الجمهوري المشار إليه وعدم تطبيقه بأثر رجعي على الحالات التي استقرت مراكزها القانونية قبل العمل به فهذا القول مردود بأن المركز القانوني للطالب لا ينشأ بمجرد نجاحه في السنة الأولى بجامعة بيروت العربية، وإنما ينشأ ويستقر بصدور موافقة جامعة الإسكندرية على تحويله إليها أما قبل ذلك فلا يعدو أن يكون مجرد أمل قد يتحقق وقد لا يتحقق ولا يجوز التسوية بين الحق المكتسب ومجرد الأمل.
وثانيهما: أن الحكم الطعين قد اعتمد في قضائه على المركز القانوني الذي اكتسبه الطالب من قرار مجلس جامعة الإسكندرية، وفاته أن المجلس الأعلى للجامعات قد أصدر بتاريخ 18/ 3/ 1991 قراراً يحدد في الشروط اللازمة لقبول تحويل الطلاب إلى الجامعات المصرية أهمها حصول الطالب على الحد الأدنى للدرجات في الثانوية العامة اللازمة للقبول في الكلية التي يرغب التحويل إليها وهو ذات الشروط الذي صدر به قرار رئيس الجمهورية رقم 354 لسنة 1991 المشار إليه الصادر في 2/ 9/ 1991، وعليه فإن رفض جامعة الإسكندرية لطب المدعي لم يكن تنفيذاً لقرار رئيس الجمهورية وإنما كان نفاذاً لقرار المجلس الأعلى للجامعات الصادر في 18/ 3/ 1991 والواجب التطبيق قبل نجاح ابن المدعي في السنة الأولى بجامعة بيروت.
ومن حيث إن التعليم العالي بجميع كلياته ومعاهده بحسبانه الركيزة الأساسية لتزويد المجتمع بالمتخصصين والفنيين والخبراء الذين تقع على عواتقهم مسئولية العمل في مختلف مجالاته، ويتعين أن يرتبط في أهدافه وأسس تنظيمه بحاجات هذا المجتمع وإنتاجه، وهو ما تطلبته صراحة المادة 18 من الدستور المصري بالنص صراحة على أن التعليم حق تكفله الدولة. وتكفل استقلال الجامعات ومراكز البحث العلمي وذلك كله مما يحقق الربط بينه وبين حاجات المجتمع والإنتاج، وأكدته المادة الأولى من قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972 عند تحديدها لرسالة الجامعات، بأن يكون التعليم فيها موجهاً لخدمة المجتمع والارتقاء به حضارياً. بإعداد الإنسان المزود بأصول المعرفة وطرائق البحث المتقدمة والقيم الرفيعة لضمان تقدم الوطن وتنمية ثروته البشرية والعمل على بعث الحضارة العربية والتراث التاريخي للشعب المصري وتقاليده الأصلية وذلك كله بما يحقق الربط بين التعليم الجامعي وحاجات المجتمع والإنتاج، ولما كان ذلك وكانت الدولة مسئولة - دستورياً - عن كفالة هذا التعليم الذي يخضع لإشرافها وكانت الفرص التي تلتزم الدولة بإتاحتها للراغبين في الالتحاق بالتعليم العالي مقيدة بإمكانياتها الفعلية التي قد تقصر عن استيعابهم جميعاً في كلياته ومعاهده المختلفة، فإن السبيل إلى فض تزاحمهم وتنافسهم على هذه الفرص المحدودة لا يتأتى إلا بتحديد مستحقيها وترتيبهم فيما بينهم وفق شروط موضوعية ترتد في أساسها إلى طبيعة هذا التعليم وأهدافه ومتطلباته الدراسية فيه، ويتحقق بها ومن خلالها مبدأ التكافؤ في الفرص والمساواة أمام القانون الذي حرص الدستور على إلزام الدولة بكفالة تحقيقه، بما يتولد عن تلك الشروط في ذاتها من مراكز قانونية متماثلة تكشف عن وجه الأحقية والتفضيل بين المتزاحمين في الانتفاع بهذه الفرص بحيث إذا استقر لأي منهم الحق في الامتحان بإحدى الكليات أو المعاهد العالية وفق هذه الشروط فلا يحل من بعد أن يفضل عليه من لم تتوافر فيه تلك الشروط وإلا كان ذلك مساساً بحقه المقرر بالدستور، ومن هذا المنطلق صاغ المشرع أحكام قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقرار بالقانون رقم 49 لسنة 1972 المشار إليه ولائحته التنفيذية فنصت المادة 14 منه على أن تتولى المجالس والقيادات المبينة فيما بعد، كل في دائرة اختصاصه، مسئولية تسيير العمل الجامعي وانطلاقه بما يحقق أهداف الجامعة في حدود القوانين واللوائح والنظم المقررة ونصت المادة 19 منه على أن يختص المجلس الأعلى للجامعات بالمسائل الآتية:
1) رسم السياسة العامة للتعليم الجامعي والبحث العلمي في الجامعات والعمل على توجيهها وتنسيقها بما يتحقق معه حاجات البلاد وتيسير تحقيق الأهداف القومية والاجتماعية والاقتصادية والعملية للدولة 2)...... 3)...... 4)........ 5)...... 6) تنظيم قبول الطلاب في الجامعات وتحديد أعدادهم.
كما نصت المادة 196 من القانون المذكور على أن تصدر اللائحة التنفيذية لهذا القانون بقرار من رئيس الجمهورية بناء على عرض وزير التعليم العالي - وتتولى هذه اللائحة بصفة عامة وضع الإطار العام لبعض أحكامه... وتنظم هذه اللائحة علاوة على المسائل المحددة في القانون المسائل الآتية بصفة خاصة:
1) تكوين الجامعات. 2) اختصاصات المجالس الجامعية واللجان المتعددة المنبثقة عنها. 3) شروط قبول الطلاب وقيدهم ورسوم الخدمات التي تؤدى إليهم.
ومن حيث إنه تنفيذاً للقانون المشار إليه من تخويل رئيس الجمهورية إصدار اللائحة التنفيذية التي تحدد الإطار العام لتنفيذ أحكامه وبصفة خاصة شروط قبول الطلاب وقيدهم وتحويلهم ورسوم الخدمات التي تؤدى إليهم فقد أصدر رئيس الجمهورية القرار رقم 809 لسنة 1975 باللائحة التنفيذية للقانون المشار إليها التي نصت المادة 74 منها على أن "يحدد المجلس الأعلى للجامعات في نهاية كل عام جامعي بناء على اقتراح مجالس الجامعات عدد الطلاب من أبناء جمهورية مصر العربية الذين يقبلون في كل كلية أو معهد في العام الجامعي التالي من بين الحاصلين على شهادة الثانوية العامة أو على الشهادات المعادلة ونصت المادة 75 من هذه اللائحة على أنه "يشترط في قيد الطالب في الجامعة للحصول على درجة الليسانس أو البكالوريوس أن يكون حاصلاً على شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها ويكون القبول بترتيب درجات النجاح مع مراعاة التوزيع الجغرافي وفقاً لما يقرره المجلس الأعلى للجامعات بعد أخذ رأي مجلس الجامعات ومجالس الكليات" كما نصت المادة 87 قبل تعديلها بقرار رئيس الجمهورية رقم 354 لسنة 1991 على أنه "يضع المجلس الأعلى للجامعات القواعد المنظمة لقبول تحويل ونقل الطلاب من كليات أو معاهد غير تابعة للجامعات الخاضعة لقانون تنظيم الجامعات". ومقتضى النصوص المتقدمة أن فرص الالتحاق بالتعليم الجامعي الذي يمثل الجانب الرئيسي للتعليم العالي - لا تتهيأ لجميع الناجحين في شهادة الثانوية العامة وما يعادلها، وإنما تتوافر هذه الفرص للأعداد منهم التي يحددها المجلس الأعلى للجامعات في نهاية كل عام جامعي طبقاً للتخطيط العام للجامعات في الوفاء بحاجات المجتمع من المتخصصين والفنيين والخبراء، الأمر الذي من شأنه تزاحم الطلاب على المقاعد المتاحة بكليات الجامعة سواء من الحاصلين على الثانوية العامة الذين يطلبون الالتحاق لأول مرة بالجامعة، أو أولئك الذين التحقوا في البداية بكليات لا تخضع لأحكام قانون تنظيم الجامعات، وقد تكفلت المادة 75 من اللائحة المشار إليها بيان ما ارتأته من شروط موضوعية محققة لتكافؤ الفرص بين الحاصلين على شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها حيث ربطت القبول بالتعليم الجامعي يترتب درجات النجاح في امتحان تلك الشهادة بحسبان هذا الامتحان الذين يتم في إطار مسابقة عامة تجريها الدولة وتضمن فيها لجميع المتقدمين فرصاً متكافئة للحصول على تلك الشهادة هو المعيار الموضوعي الوحيد للمفاضلة بينهم عند تقدمهم للالتحاق بالتعليم الجامعي لتعلقه بالتفوق والجدارة التي يمتاز بها بعضهم عن البعض الآخر، وهي النتيجة الحتمية المقبولة للتفاوت القائم بينهم في الطاقات والقدرات الذهبية، ومن ثم فقد كان طبيعياً أن تقضي المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية أي نص يتعارض مع هذه المبادئ التي تجعل من الجدارة والتفوق المعيار الوحيد المعتمد لشغل مقاعد كليات الجامعة وتستبعد أي معيار يقوم على القدرة المادية أو الرفعة الاجتماعية من عناصر التميز بين الطلاب في شغل هذه المقاعد.
ومن حيث إنه إذا كان معيار الجدارة والتفوق هو المعيار الموضوعي الذي اعتمدته المحكمة الدستورية العليا بحسبانه المعيار الوحيد الذي يحقق مبدأ تكافؤ الفرص ولا يخل بمبدأ المساواة لدى القانون وهي المبادئ التي كانت رائدها وسندها في القضاء بعدم دستورية القواعد التي تتضمن أن استثناء عليها في القوانين واللوائح وأوقفت بذلك زحف الطوائف المستثناة من حملة الثانوية العامة على معقل المبادئ الدستورية ووضعت جميع المواطنين على قدم المساواة أمام القانون وجمعتهم على كلمة سواء قوامها ألا يرقى مقاعد الجامعة إلا من بلغ مجموع درجاته في الثانوية العامة الحد الأدنى الذي يؤهله للالتحاق بالكلية التي يرغب في الالتحاق بها، فإن هذا المبادئ أولى بالتطبيق، وأقوى في الدلالة في الحجة، وأمنع على الاختراق عند تحويل الطلاب الذين يشغلون أصلاً مقاعد في كليات تتبع جامعات غير خاضعة لأحكام قانون الجامعات، بل يظل هذا المعيار هو وحده المعيار الواجب التطبيق في شغل مقاعد الجامعات الخاضعة للقرار بقانون رقم 49 لسنة 1972 المشار إليه في أيه فرقة من الفرق الدراسة وسواء كان الالتحاق بها عن طريق مكتب تنسيق قبول الطلبة الحاصل على الثانوية العامة، أو كان ذلك ومن باب أولى عن طريق نقل الطالب من إحدى الكليات التابعة لجامعة غير خاضعة للقانون المذكور إلى إحدى كليات الجامعات الخاضعة له - والقول بغير ذلك يعطي لكل من يملك القدرة المادية على الالتحاق بالكليات التابعة لجامعات أجنبية حقاً ثانياً في الانقضاض على مبدأ تكافؤ الفرص والتغول على مبدأ مساواة المصريين أمام أهم المرافق العامة وهو مرفق التعليم، بما يملكه من عناصر لا تصلح أساساً موضوعياً عادلاً للتميز بين المواطنين.
ومن حيث إن البادي من الأوراق أن مجلس جامعة الإسكندرية قد درج عند النظر في طلبات تحويل الطلاب من كليات جامعة بيروت إلى كليات جامعة الإسكندرية على اتباع ضوابط تسمح لطلاب جامعة بيروت المنقولين إلى السنة الثانية بكلياتهم بالالتحاق بالكلية المناظرة لها جامعة الإسكندرية إذا كان الفارق بين مجموع درجاتهم في الثانوية العامة والحد الأدنى لمجموع الدرجات الذي قبلته الكلية المناظرة لا يزيد على نسبة خمسة في المائة وهو شرط يؤكد استثناء هذه الطائفة من الطلاب من شرط المجموع الكلي للدرجات ويميز بغير حق بينهم وبين أقرانهم من الطلاب الذين يتساوون معهم في ذات المركز القانوني مما يعد إخلالاً صريحاً بحقوقهم الدستورية فضلاً عما تتضمنه هذه الضوابط من اغتصاب مجلس جامعة الإسكندرية سلطة المجلس الأعلى للجامعات الذي ناط به المشرع وضع القواعد المنظمة لقبول الطلاب في الجامعات وتحديد أعدادهم وخصته اللائحة دون غيره بوضع القواعد المنظمة لقبول تحويل ونقل الطلاب من كليات ومعاهد الجامعات غير الخاضعة لقانون تنظيم الجامعات.
ومن حيث إن المجلس الأعلى للجامعات قد تدارك هذا الوضع الشاذ وما ترتب عليه من خطر المساس بالمبادئ الدستورية وأصدر في 18 مارس سنة 1991 قراراً برفع الخلل الذي أصاب مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات ونص فيه صراحة على أنه "تحقيقاً لمبدأ تكافؤ الفرص بين الطلاب المصريين وعدم السماح، بأية استثناءات يحظر تحويل الطلاب المصريين من الجامعات الأجنبية إلى الجامعات المصرية إلا إذا كان الطالب حاصلاً على الحد الأدنى في شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها للقبول بالكلية المعنية التي يرغب في تحويله أو نقل قيده إليها على أن يتم التحويل مركزياً عن طريق مكتب تنسيق القبول بالجامعات" وإمعاناً في تأكيد هذا الشرط صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 354 لسنة 1991 بتعديل نص المادة 87 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات متضمناً حظر تحويل الطلاب المشار إليهم إلا إذا كان الطالب حاصلاً في الثانوية العامة على مجموع لا يقل عن الحد الأدنى للقبول في الكليات التي يرغب في التحويل إليها.
ومقتضى المبادئ المتقدمة أن النظام القانوني للجامعات المصرية - سواء قبل تدخل المجلس الأعلى للجامعات أو بعد تدخل رئيس الجمهورية بتعديل اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات - لم يكن يسمح بأي حال من الأحوال بالاستثناء من شرط المجموع الكلي للدرجات في الثانوية العامة بحسبانه المعيار الموضوعي الوحيد للتمييز بين الطلاب في شغلهم المقاعد بالكليات في الجامعات الخاضعة لقانون تنظيم الجامعات سواء أكان ذلك عند التحاقهم مباشرة بالجامعة بعد حصولهم على الثانوية العامة أو عند تحويلهم أو نقلهم من كليات جامعات لا تخضع للقانون المذكور. إلا أن تدخل المجلس الأعلى للجامعات في 18 من مارس سنة 1991 قد وضع حداً للشكوى حول الضوابط والأعراف التي جرت عليها خطأ بعض الجامعات في هذا الشأن وأوجه التحايل التي كان يلجأ إليها البعض للنفاذ منها، وأضحى محتماًَ على جميع الجامعات الخاضعة لهذا القانون الالتزام بالضوابط التي وضعها المجلس الأعلى للجامعات على النحو الذي وردت به في جلسته المنعقدة في 18 مارس سنة 1991.
فإذا كان الظاهر من الأوراق أن الطالب/.......... المطعون ضده قد حصل على الثانوية العامة بمجموع مقداره (204.5 درجة) عام 1989 والتحق بكلية (الحقوق) بجامعة بيروت في العام الدراسي 90/ 1991 واجتاز بنجاح امتحان النقل إلى الفرقة الثانية في نهاية العام الدراسي المذكور، وعندما تقدم في شهر نوفمبر عام 1991 إلى جامعة الإسكندرية طالباً تحويله إلى كلية (الحقوق) بالجامعة المذكورة رفضت الجامعة استناداً إلى افتقاده شرطاً من شروط قبول طلب التحويل الوارد في قرار المجلس الأعلى للجامعات الصادر في 18 مارس سنة 1991 وهو حصوله في الثانوية العامة على مجموع يقل عن الحد الأدنى الذي قبلته كلية (الحقوق) في سبتمبر سنة 1991 وهو أمر لا خلاف عليه بين طرفي الخصومة، فإن قرارها في هذا الشأن يكون قد قام على أساس سليم من القانون، وإذ انتهج الحكم المطعون فيه غير هذا النهج مسقطاً قواعد المجلس الأعلى للجامعات من التطبيق، مستنداً إلى بعض الضوابط التي درجت عليها جامعة الإسكندرية قبل صدروه مغفلاً البعض الآخر، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك أن المركز القانونية للطالب الذي ينشئ له حقاً ثابتاً في التحويل من كليات جامعة بيروت إلى الكلية النظيرة لها بجامعة الإسكندرية لا تكتمل له عناصره إلا وقت تقديم طلب الالتحاق إلى الجامعة المختصة مستوفياً شروطه وضوابطه، فإذا كان الطالب (.......) المطعون ضده لم يجتز امتحان النقل أصلاً ولم يحصل على الشهادة المثبتة لذلك إلا بعد صدور قرار المجلس الأعلى للجامعات المشار إليه، فإنه لا يجوز له أن يدعي حقاً مكتسباًَ من الضوابط التي درجت عليها الجامعة في تاريخ سابق على صدوره.
ومن حيث إنه وقد بان مما تقدم أن طلب المطعون ضده وقف تنفيذ قرار جامعة الإسكندرية برفض طلب تحويل (ابنه) إلى الكلية المناظرة بالجامعة قد فقد ركناً من أركانه هو ركن الجدية لقيامه - بحسب الظاهر - على غير أساس سليم من القانون الأمر الذي يجعله خليقاً بالرفض.
ومن حيث إن المطعون ضده قد خسر الطعن فإنه يلزم بمصروفاته عملاً بالمادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه بالامتناع عن قيد ابن المطعون ضده بكلية الحقوق جامعة الإسكندرية وألزمت المطعون ضده المصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق