جلسة 15 من يناير سنة 1981
برئاسة السيد/ المستشار نائب رئيس المحكمة محمد فاروق راتب، وعضوية السادة المستشارين: أحمد صبري أسعد، أحمد ضياء عبد الرازق، سعد حسين بدر، محمد مختار منصور.
------------------
(42)
الطعن رقم 699 لسنة 47 القضائية
(1) خبرة. محكمة الموضوع.
أخذ الحكم بتقرير الخبير محمولاً على أسبابه. عدم التزامه بالرد استقلالاً على الطعون الموجهة إليه.
(2) شيوع. دعوى "الصفة في الدعوى".
دعوى سد المطلات. لكل شريك على الشيوع مباشرتها. عدم لزوم موافقة باقي الشركاء.
(3) ارتفاق. ملكية.
اكتساب حق ارتفاق بتخصيص المالك الأصلي. شرطه. إثبات اجتماع ملكية العقارين المرتفق والمرتفق به لمالك واحد وإقامة الأخير علاقة تبعية بينهما حال اجتماع ملكيتهما له واستمرار هذه العلاقة لما بعد انفصال ملكيتهما.
(4) مطل. دعوى "المصلحة في الدعوى".
طلب سد المطلات حق لصاحب العقار المطل عليه ولو كان أرض فضاء. علة ذلك.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر؛ والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 3148 لسنة 1973 مدني كلي طنطا ضد الطاعنين والمطعون عليه الثاني بطلب الحكم بسد المطلات الموجودة بمنزل الأخيرين والتي تطل على أرضه، استناداً إلى أنهم قاموا بفتحها عندما شرع في البناء على الأرض سنة 1969. أقام الطاعنون دعوى فرعية ضد المطعون عليه الأول بطلب إزالة السور الذي أقامه فأغلق به الطريق الذي يقع منزلهم فيه. ندبت محكمة أول درجة خبيراً، وبتاريخ 14 أبريل سنة 1976 قضت المحكمة في الدعوى الأصلية بسد المطلات وفي الدعوى الفرعية برفضها. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 529 لسنة 26 ق طنطا، والمحكمة قضت في 12 أبريل سنة 1977 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون عليه الثاني، وأبدت الرأي برفضه بالنسبة للمطعون عليه الأول. عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت له جلسة وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون عليه الثاني أنه لم يكن خصماً حقيقياً في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه.
وحيث إن هذا الدفع صحيح ذلك؛ لأنه لما كان الثابت أن أياً من المطعون عليه الأول أو الطاعنين لم يوجه إلى المطعون عليه الثاني طلبات ما، ولم يقض عليه بشيء لهم، كما أنه لم ينازع أحداً منهم في طلباته، وكانت أسباب الطعن لا تتعلق به, فإنه لا تكون للطاعنين مصلحة في اختصامه في هذا الطعن، ويتعين لذلك الحكم بعدم قبوله بالنسبة له.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة للمطعون عليه الأول.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالأسباب الأول والثاني والرابع والخامس على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق والتناقض، وفي بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا أمام محكمة الاستئناف بأوجه دفاع لهم حاصلها أن المطعون عليه الأول ليس مالكاً للأرض التي يطالب بسد المطلات المفتوحة عليها لأنه يستند في ملكيته لها إلى عقد ابتدائي صادر له من بائعين ليسوا ورثة لمالكها الأصلي، ومع ذلك لم يقدم هذا العقد وإنما قدم صورة فوتوغرافية له، ورغم أنه لم يستند في ملكيته إلى وضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية فقد كلفت محكمة أول درجة الخبير بتحقيقه غير أنه لم يفعل ومع ذلك أقام الحكم الابتدائي قضاءه على أساس ثبوت ملكية المطعون عليه للأرض بالتقادم. ولما كان الطاعنون قد دفعوا بعدم قبول الدعوى لأن المساحة الحقيقية للأرض تزيد عن المساحة الواردة بالعقد وأن مقدار الزيادة هو الذي يفصل بين عقاريهم، ولأن المطعون عليه الأول اشترى الأرض مع شقيقه الذي لم يشترك معه في إقامة هذه الدعوى دون أن يثبت من منهما يملك الجزء الملاصق لعقارهم المطالب بسد المطلات المفتوحة فيه، وكان الحكم المطعون فيه قد أيد حكم محكمة أول درجة لأسبابه دون أن يرد على هذا الدفاع، فإنه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق والتناقض.
وحيث إن هذا النعي مردود. ذلك أن البين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه استند في أخذه بتقرير الخبير على قوله: "..... تبين للمحكمة من هذا التقرير ومن سائر مستندات الدعوى وعلى الأخص عقد شراء المدعي - المطعون عليه الأول - المؤرخ أول يناير سنة 1972 المقدمة صورته الفوتوغرافية بتقرير الخبير التي لم يعترض عليها الخصوم وإقرار المستأجر السابق لهذه الأرض......... المؤرخ بذات التاريخ والكشف الرسمي المستخرج من سجلات مصلحة الضرائب العقارية في 29 يوليو سنة 1975 من أن الأرض كانت مكلفة باسم مورث البائعين للمدعي....... وأنها مملوكة للمدعي عن طريق وضع اليد عليها بنية التملك هو ومن قبله البائعون له بالعقد العرفي المؤرخ أول يناير سنة 1972 ومن قبلهم مورثهم المتوفى عام 1937 كما هو مثبت بالطلب المقدم من المدعي للشهر العقاري لتسجيل دعوى صحة ونفاذ العقد رقم 154 في 10 مارس سنة 1975 والمقدمة صورته الرسمية بتقرير الخبير مما لم ينازع فيه المدعى عليهم وأن هؤلاء البائعين للمدعي كانوا يؤجرون أرض النزاع إلى...... الذي تنازل إلى المدعي بمجرد الشراء عن الحيازة كمستأجر. وقد جاء بعقد البيع العرفي الصادر للمدعي أن الملكة آلت إلى البائعين الذين كانوا يضعون اليد على الأرض منذ تاريخ وفاة مورثهم في عام 1937 بنية الملك، ومن ثم فإن المكية تكون ثبتت للمدعي بوضع اليد المدة الطويلة، والثابت من تقرير الخبير أن حدود الملك المدعى عليهم - الطاعنين - تقع مباشرة على حدود الأرض المملوكة للمدعي سالفة البيان، ولم يقدم المدعى عليهم ثمة ما يجحد هذه الملاصقة التي أوضحها الخبير في تقريره من واقع المعاينة". ولما كان المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه متى كانت محكمة الموضوع قد رأت في حدود سلطتها التقديرية، الأخذ بتقرير الخبير لاقتناعها بصحة أسبابه، فإنها لا تكون ملزمة بعد ذلك بالرد استقلالاً على الطعون التي وجهها الطاعن إلى ذلك التقرير أو بالرد على ما ساقه رداً على ما أورده الخبير في تقريره؛ لأن في أخذها به محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق الرد عليها بأكثر مما تضمنه التقرير، وليس عليها أن تفند كل قرينة ما دام حكمها قد انتهى إلى ما خلص إليه بأدلة تحمله؛ لأن أخذه بها يتضمن الرد المسقط لما يخالفها. وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه - وعلى ما سلف بيانه - قد أخذ بتقرير الخبير لاقتناعه بالأسس التي بني عليها وبما ساقه الحكم من أدلة أخرى وانتهى منها جميعاً إلى أن ملكية الأرض المطالب بسد المطلات المفتوحة عليها آلت إلى البائعين للمطعون عليه الأول بطريق الميراث، وأنهم وضعوا اليد عليها من تاريخ وفاة مورثهم سنة 1937 بنية التملك حتى باعوها إلى المطعون عليه المذكور بالعقد العرفي المؤرخ أول يناير سنة 1972 الذي وضع اليد عليها بمجرد الشراء فأصبح مالكها هو الآخر بوضع اليد المستند إلى هذا العقد؛ وأن هذه الأرض تلاصق تماماً عقار الطاعنين الذي فتحت فيه المطلات، وهي أسباب سائغة تكفي لحمله، لما كان ما تقدم، وكان الثابت من الأوراق أن المطعون عليه الأول وشقيقه قد اشتريا أرضهما الملاصقة للعقار الطاعنين على الشيوع بينهما، وكانت دعوى سد المطلات المفتوحة بغير حق على المال الشائع من قبيل الوسائل اللازمة لحفظه التي يملك كل شريك على الشيوع مباشرتها ولو كان بغير موافقة باقي الشركاء عملاً بنص المادة 830 من القانون المدني، فإنه لا يعيب الحكم المطعون فيه أنه لم يرد استقلالاً على ما ساقه الطاعنون بهذه الأسباب ويكون النعي بها على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تحصيل دفاعهم وفي تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولون أنهم أقاموا دفاعهم أمام محكمة الاستئناف على أن المرحوم...... المالك الأصلي لقطعتي الأرض - المرتفقة والمرتفق بها - كان قد تصرف في المساحة الأولى لـ....... وصرح لها بإقامة مبان عليها وفتح مطلات على المساحة الثانية، وقد باعت المشترية هذه المساحة لمورثهم، ونص في عقد البيع الصادر له - على ذات الحق الذي يعتبر ارتفاقاً ظاهراً بتخصيص من المالك الأصلي طبقاً لما نصت عليه المادة 1017 من القانون المدني، إلا أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه رد على هذا الدفاع بأنه يشترط في تخصيص رب الأسرة حق ارتفاق أن يكون هذا المالك هو مالك العقار المرتفق به أيضاً وأن يرضى بهذا التخصيص سائر الملاك على الشيوع، كما يجب أن يكون مرتباً على العقار الشائع في مجموعه وليس على بعض أجزائه، وهو منه تحصيل غير سليم لدفعهم في تطبيق القانون لأن دفاعهم انصب على أن المرحوم...... مالك العقارين هو الذي خصص حق ارتفاق كما أنهم تمسكوا بأن طلب المطعون عليه الأول سد المطلات إنما كان لإقامة مبان بالمخالفة لقانون التقسيم، وإذ أجابه الحكم المطعون فيه إلى طلبه فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن مفاد ما نصت عليه المادة 1017 من القانون المدني أن على من يتمسك بأنه اكتسب حق ارتفاق بتخصيص المالك الأصلي أن يثبت أن العقار المملوك له والعقار الذي يدعي أنه اكتسب عليه حق ارتفاق كانا مملوكين لمالك واحد، وأنه أثناء اجتماع ملكية العقارين أقام الملك الأصلي علاقة بتعلية بينهما من شأنها أن تعتبر ارتفاقاً ظاهراً لو أن العقارين كانا مملوكين لملاك مختلفين، وأن هذه العلاقة بين العقارين استمرت إلى ما بعد انفصال ملكيتها. وإذ كان الثابت من الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أن المرحوم........ المالك الأصلي لعقاري طرفي النزاع توفى سنة 1937، ومن عقد شراء مورث الطاعنين المساحة التي أقيم عليها البناء المحكوم بسد مطلاته من السيدة....... والمقدم بحافظة مستندات الطاعنين أنه صدر بتاريخ 28 يونيه سنة 1954 وأن هذه الأخيرة اشترت هذه المساحة بموجب عقد مؤرخ في فبراير سنة 1950 أي بعد وفاة المالك الأصلي بنحو ثلاثة عشر عاماً، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بعد أن انتهى إلى أن المطلات قد فتحت سنة 1967 أورد في أسبابه ما نصه "يشترط لاكتساب حق الارتفاق بطريق تخصيص المالك الأصلي شرط أساسي هو أن يكون هذا المالك هو مالك العقار المرتفق به أيضاً، وأن يرضى بهذا التخصيص سائر الملاك على الشيوع وحيث إن، ما ورد بعقد شراء مورث المدعى عليهم من........ المؤرخ في 28 يونيه سنة 1954 للأرض التي أقيم عليها المنزل من التصريح للمشترين بفتح منافذ على الأرض المجاورة لا يحتج به على المدعي، ذلك أن هذا العقد لم يصدر من المالك الأصلي للأرض الكلية......."، وكان طلب سد المطلات غير القانونية هو حق لصاحب العقار المطل عليه ولو كان أرضاً فضاء باعتبار أن فتح المطلات اعتداء على المالك يترتب على تركة اكتساب حق ارتفاق بالمطل والتزام مالك العقار المرتفق به مراعاة المسافة القانونية بين المطل وما قد يقيمه من بناء، فإن النعي بكل ما جاء بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الأخير على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقولون إنهم طلبوا من محكمتي الموضوع إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات تملكهم حق ارتفاق المطل بمضي المدة الطويلة قبل رفع الدعوى، وندب خبير لقياس أرض المطعون عليه حتى يتبين زيادة مساحتها عن القدر الوارد، بعقده وإن هذه الزيادة تركها مورثهم دون بناء، وإلزام هذا المطعون عليه تقديم أصول المستندات المقدمة منه، وقد أغفل الحكم المطعون عليه الرد على هذا الدفاع مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا تثريب على الحكم، وقد وجد في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدته فيها إذ لم يستجب إلى طلب الطاعن إحالة الدعوى إلى التحقيق أو ندب خبير لإثبات واقعة، ما وانتهى إلى تكوين رأي فيها مستخلصاً من تلك الأوراق، باعتبار أن هذا الطلب ليس حقاً للخصوم وإنما من الرخص المخولة لقاضي الموضوع متى لم يجد في أوراق الدعوى ومستنداتها ما يكفي لاستجلاء وجه الحق فيها, وإذ كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بعد أن رد على هذا الدفاع بما سلف بيانه في الرد على السبب الثالث - من أنه تبين للمحكمة من تقرير الخبير ومن سائر مستندات الدعوى وعلى الأخص عقد شراء المدعي - المطعون عليه الأول - العرفي المؤرخ أول يناير سنة 1972 والمقدم صورته الفوتوغرافية بتقرير الخبير والتي لم يعترض عليها الخصوم، وإقرار المستأجر السابق لهذه الأرض.... والكشف الرسمي المستخرج من سجلات مصلحة الضرائب العقارية في 29 يوليه سنة 1975، والطلب المقدم من المدعي للشهر العقاري لتسجيل دعوى صحة ونفاذ العقد رقم 154 في 10 مارس سنة 1975 والمقدم صورته الرسمية المرفقة بتقرير الخبير مما لم ينازع فيه المدعى عليهم....... - أضاف في قوله: "إن الثابت من تقرير الخبير أن حدود ملك المدعي تقع مباشرة على حدود الأرض المملوكة للمدعي سالفة البيان، ولم يقدم المدعى عليهم ثمة ما يجحد هذه الملاصقة التي أوضحها الخبير في تقريره من واقع المعاينة، كما أن الثابت من هذا التقرير أن المدعى عليهم قد فتحوا بمنزلهم هذه المطلات الخمسة دون ترك أية مسافة من حدود أرض المدعي......."، فإنه يكون قد رد على دفاع الطاعنين في هذا الصدد بهذه الأسباب السائغة ويكون هذا النعي في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق