جلسة 31 من يناير سنة 1985
برياسة السيد المستشار/ أحمد صبري أسعد نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم زغو، محمد العفيفي، ممدوح السعيد ولطفي عبد العزيز.
-----------------
(45)
الطعن رقم 1974 لسنة 50 القضائية
(1) نزع الملكية للمنفعة العامة. ملكية.
القرار الوزاري بتخصيص العقار للمنفعة العامة. سقوطه بمضي سنتين على نشره في الجريدة الرسمية دون إيداعه أو النماذج الخاصة بنقل الملكية للمنفعة العامة بمكتب الشهر العقاري. الاستثناء. دخول العقار ضمن مشروعات تم تنفيذها بالفعل. الشروع في تنفيذها خلال هذه المدة. غير كاف. علة ذلك. المادتان 10، 29 ق 577 لسنة 1954 المعدل بالقانون 13 لسنة 1962.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة". خبرة.
تقدير عمل الخبير من سلطة محكمة الموضوع. لها الأخذ به محمولاً على أسبابه متى اقتنعت بكفاية أبحاثه وسلامة الأسس التي بني عليها رأيه. عدم التزامها بالرد استقلالاً على كل حجج الخصوم طالما أقامت قضاءها على ما يكفي لحمله.
(3) نزع الملكية "تقدير ثمن العقار المنزوع ملكيته". تعويض "تقدير التعويض".
نزع الملكية جبراً دون اتباع الإجراءات القانونية. غصب. أثره. وجوب تعويض المالك كمضرور من عمل غير مشروع. له اقتضاء تعويض الضرر سواء ما كان قائماً وقت الغصب أو تفاقم بعد ذلك حتى الحكم.
(4) دعوى "تعديل الطلبات".
للخصوم تعديل طلباتهم أثناء نظر الدعوى.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه وأخرى أقاما الدعوى رقم 790 سنة 1975 مدني المنيا الابتدائية بطلب الحكم بإلزام الطاعنين متضامنين بأن يدفعوا لهما مبلغ 14800 ج، وقالا بياناً لها إن الطاعنين استولوا على الأرض المبينة بالأوراق دون اتباع أحكام قانون نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة ودون تعويضهما عن ذلك، فأقاما الدعوى بطلبهما سالف البيان، وبتاريخ 6/ 5/ 1976 حكمت المحكمة بندب مكتب خبراء وزارة العدل بالمنيا لبيان ما إذا كان الطاعنون قد اتبعوا الإجراءات القانونية لنزع الملكية وتقدير قيمة الأرض، وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت المحكمة بتاريخ 25/ 5/ 1978 بإلزام الطاعنين بأن يدفعوا للمطعون عليه بملغ 8227.896 ج استأنف المطعون عليه هذا الحكم لدى محكمة استئناف بني سويف بالاستئناف رقم 225 سنة 14 ق مدني "مأمورية المنيا"، كما استأنفه الطاعنون بالاستئناف رقم 255 سنة 14 ق مدني واستأنفه الطاعن الثاني بالاستئناف رقم 265 سنة 14 ق مدني، وبعد أن قررت المحكمة ضم الاستئنافين الآخرين للاستئناف الأول ليصدر فيها حكم واحد حكمت بتاريخ 15/ 5/ 1979 بندب مكتب خبراء وزارة العدل بالمنيا واثنين من هيئة تدريس كلية الزراعة بالمنيا لتقدير قيمة التعويض المستحق عن نزع ملكية الأرض محل النزاع، وبعد أن قدم الخبراء تقريرهم حكمت المحكمة بتاريخ 15/ 6/ 1980 برفض الاستئنافين الآخرين وفي الاستئناف الأول بتعديل الحكم المستأنف وإلزام الطاعنين بأن يدفعوا إلى المطعون عليه مبلغ 17217 ج، طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعنون بالأول والثاني والثالث منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم اعتبر القرار بتقرير المنفعة العامة قد سقط لعدم إيداع قرار نزع الملكية مكتب الشهر العقاري خلال سنتين من تاريخ نشر القرار الأول بالجريدة الرسمية ولعدم تمام تنفيذ المشروع الذي أدخلت الأرض المنزوعة ملكيتها فيه بأكمله خلال هذه المدة، حالة أن المادة 29 مكرر من القانون رقم 577 لسنة 1954 تحصن القرار المذكور من السقوط متى اتخذت الحكومة ما يلزم من إجراءات تنفيذية للمشروع خلال مدة السنتين وبصرف النظر عن تاريخ تمامه، فضلاً عن أن تنفيذ المشروع في الأرض محل النزاع قد تم في خلال المدة المشار إليها طبقاً للمستندات المقدمة من الطاعنين والتي أغفلتها محكمة الموضوع، وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه على ضرورة تنفيذ المشروع بأكمله خلال مدة السنتين آنفة البيان معولاً في هذه المسألة القانونية على رأي الخبير معرضاً عن دلالة مستنداتهم فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المشرع بعد أن استلزم في المادتين الثانية والثالثة من القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة أو التحسين أن يكون تقرير المنفعة العامة بقرار من الوزير المختص ينشر في الجريدة الرسمية، نظم في الباب الثاني منه حصر العقارات والمنشآت التي تقرر لزومها للمنفعة العامة وعرض البيانات الخاصة بها وتقدير التعويض المستحق لأصحاب الشأن، فإذا وافقوا عليه وقعوا على نماذج خاصة بنقل ملكية عقاراتهم للمنفعة العامة أما إذا عارضوا أو تعذر الحصول على توقيعاتهم فيصدر بنزع الملكية قرار من الوزير المختص وتودع النماذج الخاصة أو القرار الوزاري المذكور في مكتب الشهر العقاري وإذا لم يتم هذا الإيداع خلال سنتين من تاريخ نشر القرار المقرر للمنفعة العامة في الجريدة الرسمية سقط مفعول هذا القرار الأخير إعمالاً لنص المادتين 9، 10 من القانون المذكور، وإذ كان المشرع تقديراً منه لاعتبارات الصالح العام رأى بموجب القانون رقم 13 لسنة 1962 تعديل بعض أحكام القانون رقم 557 لسنة 1954 حيث ضمنه - وعلى ما أفصحت به المذكرة الإيضاحية لذلك القانون - حكماً وقتياً باستحداث المادة 29 مكرر والتي تقضي بألا تسقط قرارات النفع العام المشار إليها في المادة 10 من هذا القانون إذا كانت العقارات المطلوب نزع ملكيتها قد أدخلت فعلاً في مشروعات تم تنفيذها سواء قبل العمل بهذا التعديل أم بعده، بما مؤداه عدم الحاجة إلى تجديد قرارات المنفعة العامة التي سقط مفعولها بالتطبيق لحكم المادة 10 المذكورة إذا كانت العقارات التي تقرر نزع ملكيتها قد أدخلت في مشروعات تم تنفيذها بالفعل قبل مضي سنتين من تاريخ نشر القرار المقرر للمنفعة العامة، ومن ثم لا يكفي أن تكون المشروعات التي أدخلت فيها هذه العقارات قد شرع في تنفيذها خلال هذه المدة بل يتعين أن يكون قد تم تنفيذها كاملة بالفعل خلالها وذلك حتى تتحصن قرارات النفع العام من السقوط الذي لحق بها، ولما كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون، لما كان ذلك وكان لمحكمة الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تقدير قيمة عمل الخبير والأخذ بتقريره محمولاً على أسبابه متى اقتنعت بكفاية الأبحاث التي أجراها وسلامة الأسس التي بني عليها رأيه، وهي غير ملزمة بالتحدث في حكمها على كل ما يقدمه الخصوم من دلائل ومستندات، كما أنها غير مكلفة بأن تورد كل حججهم وتفندها طالما أنها أقامت قضاءها على ما يكفي لحمله إذ في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها التعليل الضمني لإطراح هذه الدلائل والمستندات، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن محكمة الموضوع أقامت قضاءها على أن القرار بتقرير المنفعة العامة نشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 23/ 5/ 1974 وأن المشروع الذي أدخلت فيه الأرض محل النزاع لم يتم تنفيذه كاملاً إلا بتاريخ 24/ 12/ 1977 بعد مضي سنتين من تاريخ نشر القرار المقرر للمنفعة العامة، وعولت على ذلك في ما اطمأنت إليه مما جاء بتقرير الخبير المنتدب في الدعوى ومن ثم فإن النعي لا يعدو أن يكون في حقيقته جدلاً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة تقدير الأدلة، وهو ما لا يجوز أمام محكمة النقض ويكون هذا النعي برمته على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه بالسبب الرابع الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم عول في تقدير ثمن الأرض محل النزاع بوقت معاينة الخبير لها، وإذ كان يتعين تقديره بوقت رفع الدعوى فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن استيلاء الحكومة على عقار جبراً عن صاحبه بدون اتباع الإجراءات التي يوجبها قانون نزع الملكية للمنفعة العامة يعتبر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بمثابة غصب يستوجب مسئوليتها عن التعويض ويكون شأن المالك عند مطالبته بالتعويض شأن المضرور من أي عمل غير مشروع، له أن يطالب بتعويض الضرر سواء ما كان قائماً وقت الغصب أو ما تفاقم من ضرر بعد ذلك إلى تاريخ الحكم، لما كان ذلك وكان الحكم لم يخرج عن هذا النظر فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويكون هذا النعي في غير محله.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الخامس أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون ذلك أن طلبات المطعون عليه الختامية تحددت في صحيفة افتتاح الدعوى بطلب الحكم له بمبلغ 14800 ج ولم يلحق هذه الطلبات أي تعديل، وإذ قضى الحكم المطعون بإلزام الطاعنين بدفع مبلغ 17217 ج فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن للخصوم أن يعدلوا طلباتهم أثناء نظر الدعوى، لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم الصادر من محكمة الدرجة الأولى بتاريخ 26/ 1/ 1978 والقاضي بإعادة الدعوى إلى الخبير والمودع ملف الطعن صورة رسمية منه أن وكيل المطعون عليه أودع بجلسة 1/ 12/ 1977 مذكرة عدل فيها طلباته إلى طلب الحكم بإلزام الطاعنين متضامنين بأن يؤدوا له مبلغ 34400 ج، فإن الحكم المطعون فيه وقد قدر في حدود هذه الطلبات لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويضحى النعي عليه في هذا الشأن على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق