جلسة 16 من مارس سنة 1974
برياسة السيد الأستاذ المستشار علي محسن مصطفى - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد صلاح الدين سعيد وأبو بكر محمد عطية ومحمود طلعت الغزالي ومحمد نور الدين العقاد - المستشارين.
--------------
(84)
القضية رقم 943 لسنة 18 القضائية
(أ) عاملون بالقطاع العام "تأديب" المحكمة الإدارية العليا "اختصاص"
- عدم دستورية الدفع بعدم دستورية المادة (49) من قانون العاملين بالقطاع العام - دفع غير جدي أساس ذلك: قصر التقاضي على درجة واحدة لا ينطوي على مخالفة الدستور - مثال:
(ب) المحكمة الإدارية العليا - اختصاص.
أحكام المحاكم التأديبية الصادرة في حدود اختصاصها هي وحدها التي تنحسر عنها ولاية التعقيب المقرر للمحكمة الإدارية العليا - خضوعها لهذا التعقيب متى جاوزت حدود اختصاصها - أساس ذلك - ومثال.
------------
1 - إن المادة (49) من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر به القانون رقم 61 لسنة 1971 حددت السلطات التأديبية المختصة بتوقيع الجزاءات التأديبية وكيفية التظلم منها أو الطعن فيها فنصت في البندين (ثانياً) و(ثالثاً) منها على اختصاص المحكمة التأديبية بالبت في الطعن في القرارات الصادرة من رئيس مجلس الإدارة بمجازاة العاملين من المستويات الأول والثاني والثالث بجزاءات خفض المرتب وخفض الوظيفة وخفض المرتب والوظيفة معاً وكذا القرارات الصادرة من رئيس مجلس الإدارة بتوقيع جزاء الفصل من الخدمة على العاملين من المستوى الثالث كما تضمنت النص على أن تختص المحكمة التأديبية بتوقيع جزاءات خفض المرتب وخفض الوظيفة وخفض المرتب والوظيفة معاً، على العاملين شاغلي وظائف مستوى الإدارة العليا وكذا توقيع جزاء الفصل من الخدمة على العاملين شاغلي الوظائف من المستوى الثاني وما يعلوه ثم نص البند (رابعاً) منها على أنه في جميع الحالات السابقة تكون القرارات الصادرة بالبت في التظلم وكذلك أحكام المحاكم التأديبية نهائية وبالنسبة للأحكام التي تصدر بتوقيع جزاء الفصل من الخدمة على العاملين شاغلي الوظائف من المستوى الثاني وما يعلوه فيجوز الطعن فيها أمام المحكمة الإدارية العليا خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إعلان العامل بالحكم..." ويستبين من ذلك أن المشرع في القانون رقم 61 لسنة 1971 قد أغلق باب الطعن في جميع أحكام المحاكم التأديبية الصادرة في شأن تأديب العاملين بالقطاع العام فيما عدا الأحكام الصادرة منها بتوقيع جزاء الفصل من الخدمة على العاملين من المستوى الثاني فما يعلوه فأجاز الطعن فيها وحدها أمام المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إن الشركة الطاعنة دفعت بعدم دستورية المادة (49) من نظام العاملين بالقطاع العام فيما تضمنته المادة المذكورة من حظر الطعن في بعض أحكام المحاكم التأديبية أمام المحكمة الإدارية العليا وذلك استناداً على أحكام قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 وعلى أساس أن نظام التقاضي يتأبى قصر التقاضي على درجة واحدة في المنازعة التأديبية الخاصة بالعاملين في القطاع العام دون باقي تلك المنازعات الخاصة بغيرهم من العاملين.
ومن حيث إنه أياً كان الرأي في جواز الطعن في الأحكام المشار إليها بالتطبيق لقانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 فإن المنازعة الماثلة لا شأن لها بأحكام القانون المذكور فيما يتعلق بحالات الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا إذ أن الحكم المطعون فيه صدر في 28 من مايو سنة 1972 وأودع تقرير الطعن فيه بتاريخ 26 من يونيه سنة 1972 أي قبل العمل بأحكام القانون رقم 47 لسنة 1972 وإنما تخضع في هذا الصدد لأحكام قانون مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959 وقد أستثنى المشرع في القانون رقم 61 لسنة 1971 (وهو تال للقانون رقم 55 لسنة 1959) الأحكام المشار إليها بصريح المادة (49) منه من ولاية التعقيب المقررة للمحكمة الإدارية العليا طبقاً للمادة (15) من القانون رقم 55 لسنة 1959 وذلك بأن وصفها بأنها نهائية ولم يجز الطعن فيها أسوة بالأحكام الصادرة بفصل العاملين من المستوى الثاني فما يعلوه يضاف إلى ذلك أن قصر التقاضي على درجة واحدة أو غلق باب الطعن في بعض أحكام المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها ليس فيه ما ينطوي على مخالفة الدستور ومن ثم يكون الدفع بعدم دستورية المادة (49) في المنازعة الماثلة غير جدي وتلتفت عنه المحكمة.
2 - إن أحكام المحاكم التأديبية النهائية الصادرة في حدود اختصاصها المنصوص عليه في القانون رقم 61 لسنة 1971 هي وحدها التي ينحسر عنها ولاية التعقيب المقررة للمحكمة الإدارية العليا، أما إذا جاوزت المحكمة التأديبية اختصاصها المنوه عنه وقضت فيما لا تختص به، فإن حكمها في هذه الخصوصية يخضع لتعقيب المحكمة الإدارية العليا إذ حظر الطعن في تلك الأحكام جاء استثناء من الأصل المقرر في قانون مجلس الدولة، وبالتالي ينصرف فقط إلى الأحكام الصادرة من المحكمة التأديبية في حدود اختصاصها المقرر بنظام العاملين بالقطاع العام.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أنه بإلغاء قرار الفصل تكون الرابطة الوظيفية وكأنها لا زالت قائمة بين العامل والجهة التي يعمل بها بكافة آثارها إلا أن ذلك ليس من شأنه أن يعيد للعامل حقه في الحصول على مرتبه طوال مدة فصله تلقائياً ذلك لأن الأصل في المرتب أنه مقابل العمل ولما كان قد حيل بين العامل وبين أدائه العمل المنوط بفصله وحرمت الجهة التي يعمل بها من خدماته طوال مدة الفصل، فإن العامل ينشأ له مجرد حق في التعويض عن فصله إذا ما توافرت عناصره وأركانه.
ومن حيث إنه لما كان ذلك ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد تصدى لمرتب المدعي مدة فصله وقضى بأحقية المدعي فيه على حين أنه يعتبر من عناصر التعويض عن قرار الفصل الذي قد يستحقه المدعي فإن المحكمة التأديبية تكون جاوزت اختصاصها ويتعين لذلك القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من استحقاق المدعي لمرتبه عن مدة فصله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق