الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 10 مايو 2020

الطعن 629 لسنة 46 ق جلسة 7 / 11 / 1976 مكتب فني 27 ق 191 ص 839

جلسة 7 من نوفمبر سنة 1976
برياسة السيد المستشار حسن المغربي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ يعيش رشدي، ومحمد وهبة، وأحمد موسى، وأحمد طاهر خليل.
------------
(191)
الطعن رقم 629 لسنة 46 القضائية
(1) خطف. تهديد. جريمة "أركانها". قصد جنائي. إثبات. "بوجه عام"
طلب المتهم فدية من والد المخطوف. بدعوى أنه تفاوض بشأنها مع الجناة وقبضه اياها بالفعل تتحقق به أركان جريمة الخطف. ولا تدل على توافر القصد الجنائي في جريمة الحصول بالتهديد على مبلغ من النقود.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص واقعة الدعوى" حقها في تقدير الدليل". إثبات "شهادة".
حق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وطرح ما يخالفها - ما دام استخلاصها سائغا.
وزن أقوال الشهود وتقدير ظروف الادلاء بها. موضوعي.
 (3)إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض. أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم جواز النعي على الاجراءات السابقة على المحاكمة. لأول مرة أمام النقض.
(4) إثبات استعراف "شهادة".
تعرف الشاهد على المتهم. لم يرسم القانون له شكلا خاصا.
(5) تهديد. جريمة. "أركانها".
ركن التهديد. في جريمة الحصول بالتهديد على مبلغ من النقود. ليس له شكل خاص. توافره بحصول التهديد كتابة أو شفاهة أو بشكل رمزي.
-------------
1 - لما كان الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أن الطاعنين وآخرين اتفقوا فيما بينهم على خطف طفل وإكراه أهله أن يدفعوا لهم مبلغا من النقود لقاء إطلاق سراحه ونفاذا لهذا الاتفاق استدرجه أحدهم إلى منزل الطاعن الأول ثم قام الطاعنان الأول والثاني باصطحابه إلى زراعة أخفياه فيها، وفى اليوم السادس توجه الطاعن الثالث إلى والد الطفل المخطوف وأخبره أنه استدل على مكانه وجاء متطوعا لإخلاء سبيله بعدما اتفق مع خاطفيه على الاكتفاء بفدية مقدارها خمسمائة جنيه لقاء ذلك - إذ كانوا قد طلبوا ألفا - وسأله عن رأيه فوافق نظرا لثقته فيه وأعطاه الفدية، وفى المساء عاد الطفل بمفرده إلى منزله. لما كان ذلك، وكانت مدونات الحكم قد خلت تماما من أي دليل تتوافر به الرابطة التي تصل الطاعن الثالث بمرتكبي جريمة الخطف بما يساند قول الحكم باتفاقه معهم على ارتكاب هذه الجريمة وجريمة الحصول بالتهديد على مبلغ النقود اللتين دانه بهما، وكانت الأفعال التي باشرها هذا الطاعن - على النحو الوارد بالحكم - لإطلاق سراح الطفل المخطوف، من إفهام والده بتفاوضه مع الجناة على مبلغ الفدية وقبضه إياها منه، إنما هي أفعال لاحقة لجريمة الخطف ويصح في العقل أن تكون منفصلة عنها فلا تتحقق بها - مستقلة - أركان هذه الجريمة، كما أنها لا تصلح بذاتها - في الوقت ذاته - دليلا على توافر القصد الجنائي في جريمة الحصول بالتهديد على مبلغ النقود أو على إرادة الاشتراك فيها، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوبا بقصور يوجب نقضه والإحالة بالنسبة لهذا الطاعن.
2 - من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صورة أخرى لم تقتنع بصحتها ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة من العقل والمنطق ولها في سبيل ذلك أن تعول في قضائها على رواية للشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى ولو خالفت قولا آخر له، إذ مرجع الأمر في ذلك إلى اطمئنانها إلى ما تأخذ به دون ما تعرض عنه. كما أن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها إنما مرجعه إلى محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها في شيء من ذلك أمام محكمة النقض.
3 - لما كان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين قد أبديا أمام محكمة الموضوع ما يثيرانه من بطلان الاجراءات التي تولاها رجال الشرطة، ومثله لا يثار لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه لا يعدو أن يكون تعيبا للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سببا للطعن في الحكم.
4 - من المقرر أن تعرف الشاهد على المتهمين ليس من إجراءات التحقيق التي يوجب القانون لها شكلا خاصا.
5 - لما كان الحكم قد دان الطاعنين عن الواقعة التي وردت بأمر الإحالة بعينها - بما تضمنته من جناية الخطف وجنحة الحصول بالتهديد على مبلغ النقود المرفوعة بهما الدعوى - خلافا لما يدعيه الطاعنان في هذا الخصوص وكان ما يثيرانه بشأن وسيلة التهديد في الجنحة المذكورة - المنصوص عليها في المادة 326 من قانون العقوبات - مردودا بأن حسب الحكم أنه كشف عن أن الحصول على مبلغ النقود إنما كان بطريق الإكراه الأدبي الذى حمل والد الطفل على دفعه لقاء إطلاق سراحه - وهو ما يتحقق به ركن التهديد في تلك الجنحة - إذ أن هذا الركن ليس له من شكل معين، فيستوى حصول التهديد كتابة أو شفويا أو بشكل رمزي طالما أن عبارة المادة سالفة الذكر قد وردت بصيغة عامة بحيث تشمل كل وسائل التهديد.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين بأنهم بدائرة مركز طلما محافظة سوهاج (أولا) خطفوا بغير تحايل أو إكراه الطفل....... الذي لم يبلغ عمره ستة عشرة سنة كاملة بأن استدرجه المتهم الأول إلى منزل المتهم الثاني (الطاعن الأول) ثم قاموا بعد ذلك بإخفائه عمدا عن ذويه (ثانيا) اشتركوا مع مجهول بطريق التحريض والاتفاق في تهديد.... والد المجني عليه سالف الذكر و.... كتابة بارتكاب جريمة ضد النفس والمال معاقب عليها بالقتل أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة وكان التهديد مصحوبا بطلب بأن أتفقوا مع مجهول وحرضوه على أن يبعث بخطاب إلى المجنى عليه الثاني يهدده والمجنى عليه الأول بالقتل وبوضع النار عمدا في أحد مخازنهما إذا هما أدليا بتفصيلات أمام سلطات التحقيق عن واقعة خطف ابن المجنى عليه الأول فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وذلك التحريض (ثالثا) حصلوا بالتهديد على إعطائهم مبلغ خمسمائة جنية مصري من.... مقابل إطلاقهم سراح ابنه بعد أن توصلوا إلى خطفه. وطلبت من مستشار الاحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 40/ 1 - 2 و41 و326 و327/ 1 من قانون العقوبات. فقرر ذلك. وادعى والد المجنى عليه مدنيا قبل المتهمين الثلاثة الأول متضامنين بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل المؤقت. ومحكمة جنايات سوهاج قضت غيابيا للمتهم الأول وحضوريا لباقي المتهمين عملا بالمواد 281/ 1 و326/ 1 و32 من قانون العقوبات (أولا) بمعاقبة كل المتهمين بالسجن لمدة خمس سنوات بالنسبة للتهمتين الأولى والثانية (ثانيا) بإلزام المتهمين الثلاثة الأول متضامنين بأن يدفعوا للمدعى بالحقوق المدنية مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية فطعن المحكوم عليهم الثاني والثالث والرابع في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.

المحكمة
أولا: بالنسبة للطاعن الثالث
وحيث إن مما ينعاه الطاعن الثالث على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي خطف طفل والحصول على مبلغ من النقود، قد شابه قصور في التسبيب. ذلك بأن الأفعال التي أسندها الحكم إليه كلها لاحقة لجريمة الخطف، منفصلة عنها، ولا تتحقق بها أركان الجريمتين اللتين دانه بهما وعلى الأخص القصد الجنائي الذى نفاه عنه والد الطفل المخطوف.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أن الطاعنين وآخرين اتفقوا فيما بينهم على خطف طفل وإكراه أهله على أن يدفعوا لهم مبلغا من النقود لقاء إطلاق سراحه، ونفاذا لهذا الاتفاق استدرجه أحدهم إلى منزل الطاعن الأول ثم قام الطاعنان الأول والثاني باصطحابه إلى زراعة أخفياه فيها، وفى اليوم السادس توجه الطاعن الثالث إلى والد الطفل المخطوف وأخبره أنه استدل على مكانه وجاء متطوعا لإخلاء سبيله بعد ما اتفق مع خاطفيه على الاكتفاء بفدية مقدارها خمسمائة جنيه لقاء ذلك - إذ كانوا قد طلبوا ألفا - وسأله عن رأيه فوافق نظرا لثقته فيه وأعطاه الفدية، وفى المساء عاد الطفل بمفرده إلى منزله. لما كان ذلك، وكانت مدونات الحكم قد خلت تماما من أي دليل تتوافر به الرابطة التي تصل الطاعن الثالث بمرتكبي جريمة الخطف بما يساند قول الحكم باتفاقه معهم على ارتكاب هذه الجريمة وجريمة الحصول بالتهديد على مبلغ النقود اللتين دانه بهما، وكانت الأفعال التي باشرها هذا الطاعن - على النحو الوارد بالحكم - لإطلاق سراح الطفل المخطوف، من إفهام والده بتفاوضه مع الجناة على مبلغ الفدية وقبضه إياها منه، إنما هي أفعال لاحقة لجريمة الخطف ويصح في العقل أن تكون منفصلة عنها فلا تتحقق بها - مستقلة - أركان هذه الجريمة. كما أنها لا تصلح بذاتها - في الوقت ذاته - دليلا على توافر القصد الجنائي في جريمة الحصول بالتهديد على مبلغ النقود أو على إرادة الاشتراك فيها، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوبا بقصور يوجب نقضه والإحالة بالنسبة لهذا الطاعن.
ثانيا: بالنسبة للطاعنين الأول والثاني
وحيث إن الطاعنين الأول والثاني ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمتي خطف الطفل والحصول بالتهديد على مبلغ النقود، قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وخطأ في الاسناد وأقيم على إجراء باطل كما أخطأ في تطبيق القانون. ذلك بأنه لم يستظهر أركان هاتين الجريمتين ولم يورد الأدلة على توافرها، كما أن المحكمة لم تستخلص صورة واقعية استخلاصا سليما إذ هى مختلفة من أساسها بدلالة تعدد روايات شاهديها - الطفل ووالده - ونفى الأخير وقوع الواقعة مرارا في بداية التحقيق. ولا حجة في قول الحكم أن الطفل وصف المسكن - الذي قيل باصطحابه إليه بعد خطفه - وأنه أرشد عنه رجال الشرطة، إذ أنهم هم الذين أوصلوه إلى هذا المسكن. ثم أن الحكم نسب إلى والد الطفل القول بأن خطاب التهديد قد وصل إليه، في حين أنه لم يقل ذلك وإنما ذكر أن هذا الخطاب أرسل إلى ابن عمه. هذا إلى بطلان الاجراءات التي تولاها رجال الشرطة - بما في ذلك تعرف الطفل على المسكن المشار إليه والقبض على الطاعنين - لأنها اتخذت في غير حالة تلبس بناء على مجرد تحريات منقبل تقديم بلاغ عن الواقعة ودون استئذان النيابة العامة في شيء من ذلك. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن الاجراءات الكفيلة بمنع الطفل من رؤية الطاعنين لم تتخذ - الأمر الذى يبطل عملية العرض التي تولتها النيابة وعول عليها الحكم - كل ذلك بالإضافة إلى بطلان تحقيق النيابة بالنسبة للمحكوم عليه غيابيا لابتنائه على محضر باطل حرره ضابط المباحث، وإلى عدم إعلان المحكوم عليه المذكور - بالدعويين الجنائية والمدنية - إعلانا صحيحا، وإلى ما لحق الحكم من بطلان بما أثبت في ديباجته من أن الدعوى سمعت بالجلسة التي صدر فيها في حين أن الدعوى كانت قد حجزت لإصداره. وأخيرا فقد عاقب الحكم الطاعنين عن واقعة غير التي وردت بأمر الإحالة - بما أضافه من اتفاقهما على جريمة الخطف المرفوعة بها الدعوى - ولم يستظهر وسيلة التهديد في جريمة الحصول على مبلغ النقود، أو يبين الجريمة الأشد التي قضى بالعقوبة المقررة لها تطبيقا لنص المادة 32 من قانون العقوبات.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة الأركان القانونية لجريمتي خطف الطفل والحصول بالتهديد على مبلغ النقود اللتين دان بهما الطاعنين، وأورد على ثبوتهما في حقهما أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها - لما كان ذلك، وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صورة أخرى لم تقتنع بصحتها ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة من العقل والمنطق. ولها في سبيل ذلك أن تعول في قضائها على رواية للشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى ولو خالفت قولا آخر له، إذ مرجع الأمر في ذلك إلى اطمئنانها إلى ما تأخذ به دون ما تعرض عنه. كما أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها إنما مرجعه إلى محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها في شيء من ذلك أمام محكمة النقض. وكان البين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة قد استخلصت - في منطق سليم - مما اطمأنت إليه من روايات الطفل المخطوف ووالده، فضلا عن ظروف الدعوى وقرائن الأحوال فيها؛ أن الطاعنين قد قارفا الجريمتين سالفتي البيان على النحو الذى بينته ولم تجد في اضطراب الطفل في بعض أقواله ما يمس جوهر الواقعة، ولا في نفى والده إياها في مستهل التحقيق - في الظروف التي أدى فيها شهادته - ما يغير من حقيقة وقوعها، كما لم تتشكك في سلامة إجراءات إرشاد الطفل عن المسكن الذى اصطحب إليه بعد خطفه، فإن كافة ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن لا يعدو - في حقيقته - أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأديا من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان محكمة الموضوع بالدليل الصحيح وهو ما لا يقبل أما محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم ببراءة الطاعنين من تهمة الاشتراك في تهديد والد الطفل وآخر كتابة بارتكاب جريمة ضد النفس والمال، ومن ثم فلا مصلحة لهما في النعي عليه فيما نسبه إلى والد الطفل من قول بصدد خطاب التهديد، هذا فضلا عن أن الحكم قد وقف عند حد القول بوصول هذا الخطاب دون أن يفصح عمن وصل إليه - خلافا لقول الطاعنين - ومن ثم فلا محل لتعييبه بالخطأ في الإسناد. لما كان ذلك، وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين قد أبديا أمام محكمة الموضوع ما يثيرانه من بطلان الإجراءات التي تولاها رجال الشرطة، ومثله لا يثار لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه لا يعدو أن يكون تعيبا للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سببا للطعن في الحكم. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما نعاه المدفع عن الطاعنين على عملية العرض وأفصح عن رأيه فيه بقوله "تعرف المجنى عليه - الطفل المخطوف - على المتهمين..... - الطاعنين وآخر - في عملية عرض قانونية صحيحة لم يعتورها أي عيب كما يقول الدفاع عن المتهمين. ومما يؤيد صحة عملية العرض هذه ما أثبته السيد وكيل النائب العام المحقق من أنه كان في مكان تمكن منه من الإشراف على هذه العملية دون اتصال أي من المتهمين المذكورين بالمجنى عليه، بل ومن اعتراف المتهم..... (الطاعن الأول) بمحضر عملية العرض بأنه لم ير المجني عليه ولم يره هذا الأخير قبل التعرف عليه فضلا عن أن المجنى عليه أعطى أوصافا صحيحة لكل من المتهمين المذكورين قبل القبض عليهم بمدة طويلة ". وإذ كان ذلك، وكان من المقرر أن تعرف الشاهد على المتهمين ليس من إجراءات التحقيق التي يوجب القانون لها شكلا خاصا، فلا يسوغ للطاعنين - وقد ركنت محكمة الموضوع في تكوين معتقدها إلى تعرف الطفل المخطوف عليهما في عملية العرض، ولم تتشكك في اتخاذ الاجراءات الكفيلة بسلامتها - مصادرتها في اعتقادها أو مجادلتها فيما اطمأنت إليه. لما كان ذلك، وكان الأصل أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان منها متصلا بشخص الطاعن وكان له مصلحة فيه، وإذ كانت لا توجد ثمة مصلحة للطاعنين في منعاهما ببطلان التحقيق بالنسبة للمحكوم عليه غيابيا أو ببطلان إعلانه - فضلا عن عدم اتصال هذا المنعى بشخصيهما - فإنه يكون غير مقبول منهما ما يثيرانه في هذا الصدد. لما كان ذلك. وكان ما يعيبه الطاعنان على الحكم من خطأ ورد في ديباجته بشأن تاريخ الجلسة التي سمعت فيها الدعوى مردودا. (أولا) بأنه لا يعدو أن يكون خطأ ماديا مما لا يؤثر في سلامة الحكم، ومردودا. (ثانيا) بما هو مقرر من أن الخطأ في ديباجة الحكم لا يعيبه لأنه خارج عن مواضع استدلاله. لما كان الحكم قد دان الطاعنين عن الواقعة التي وردت بأمر الإحالة بعينها - بما تضمنته من جناية الخطف وجنحة الحصول بالتهديد على مبلغ النقود المرفوعة بهما الدعوى - خلافا لما يدعيه الطاعنان في هذا الخصوص وكان ما يثيرانه بشأن وسيلة التهديد في الجنحة المذكورة - المنصوص عليها في المادة 326 من قانون العقوبات - مردودا بأن حسب الحكم أنه كشف عن أن الحصول على مبلغ النقود إنما كان بطريق الإكراه الأدبي الذى حمل والد الطفل المخطوف على دفعه لقاء إطلاق سراحه - وهو ما يتحقق به ركن التهديد في تلك الجنحة - إذ أن هذا الركن ليس له من شكل معين، فيستوى حصول التهديد كتبة أو شفويا أو بشكل رمزي طالما أن عبارة المادة سالفة الذكر قد وردت بصيغة عامة بحيث تشمل كل وسائل التهديد، هذا إلى انعدام مصلحة الطاعنين في هذا النعي ما دام الحكم قد طبق نص المادة 32 من قانون العقوبات وقضى عليهما بالعقوبة المقررة لجناية الخطف وحدها - باعتبارها الأشد - ولا حرج عليه من بعد، إذ هو لم يشر صراحة إلى الجريمة الأشد في الجريمتين اللتين دان بهما الطاعنين لأن ذلك مفهوم ضمنا من توقيعه عقوبتها دون غيرها. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته - بالنسبة لهذين الطاعنين - يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق