الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 13 مايو 2020

الطعن 39 لسنة 46 ق جلسة 11 /4 / 1976 مكتب فني 27 ق 89 ص 409

جلسة 11 من أبريل سنة 1976
برياسة السيد المستشار جمال صادق المرصفاوي رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى الأسيوطي، وعادل مرزوق، ويعيش رشدي، وأحمد موسى.
---------------
(89)
الطعن رقم 39 لسنة 46 القضائية
 (1)محكمة الموضوع "سلطتها في تعديل وصف التهمة". قانون. "تطبيقه" وصف التهمة.
التزام المحكمة بتطبيق صحيح القانون. عدم تقيدها بالوصف المسبغ على الواقعة أو بالقانون المطلوب العقاب به.
 (2)اختصاص "الاختصاص الولائي". "اختصاص محاكم أمن الدولة". أوامر عسكرية.
حق المحاكم العادية في تطبيق الأوامر العسكرية والفصل في الجرائم التي تقع بالمخالفة لها.
- اختصاص محاكم أمن الدولة بهذه الجرائم. لا يسلب المحاكم العادية اختصاصها بها. أساس ذلك ؟
(3) عقوبة. "إيقاف تنفيذها". قانون "تطبيقه. إلغاؤه".
الأمر بوقف تنفيذ العقوبة المقضي بها عن جريمة عبور الحدود المصرية الليبية خارج نطاق بوابة السلوم. خطأ في القانون. لمخالفته الأمر العسكري رقم 8 لسنة 1972 "مطروح". لا يدرأ هذا الخطأ صدور الأمر العسكري رقم 15 لسنة 1973 علة ذلك ؟
عدم جواز الرجوع إلى القانون العام فيما نظمه قانون خاص.
التشريع العام اللاحق. لا ينسخ ضمنا التشريع الخاص السابق.
-----------------
1 - المحكمة ملزمة بأن تنزل الحكم الصحيح للقانون على الواقعة التي رفعت بها الدعوى غير مقيدة في ذلك بالوصف الذى أسبغ على هذه الواقعة بالقانون الذى طلب عقاب المتهم طبقا لأحكامه.
2 - انزال المحاكم الأحكام الواردة بالأوامر العسكرية على الوقائع الجنائية غير ممتنع عليها بل هو من واجبها، ذلك بأن قانون حالة الطوارئ الصادر بالقرار بقانون رقم 162 لسنة 1958 إذ نص في المادة الخامسة منه على أنه "مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد تنص عليها القوانين المعمول بها يعاقب كل من خالف الأوامر الصادرة من رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه بالعقوبات المنصوص عليها في تلك الأوامر" وفى الفقرة الأولى من المادة السابعة منه على أن "تفصل محاكم أمن الدولة الجزئية والعليا في الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام الأوامر التي يصدرها رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه"، وفى المادة التاسعة منه على أنه "يجوز لرئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه أن يحيل إلى محاكم أمن الدولة الجرائم التي يعاقب عليها القانون العام"، فإنه بذلك يكون قد حصر اختصاص هذه المحاكم - وما هي إلا محاكم استثنائية - في الفصل في الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام الأوامر التي يصدرها رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه، ولو كانت في الأصل مؤثمة بالقوانين المعمول بها وكذلك في الجرائم المعاقب عليها بالقانون العام التي تحال إليها من رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه. بينما لم يسلب المحاكم صاحبة الولاية العامة شيئا البتة من اختصاصها الأصيل الذى أطلقته الفقرة الأولى من المادة 15 من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972 ليشمل الفصل في كافة الجرائم - إلا ما استثنى بنص خاص - وبالتالي يشمل هذا الاختصاص الفصل في الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام الأوامر التي يصدرها رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه عملا بأحكام قانون حالة الطوارئ حتى ولو لم تكن في الأصل مؤثمة بالقوانين المعمول بها، ذلك لأن الشارع لم يورد في هذا القانون أو في أي تشريع آخر نصا بأفراد محاكم أمن الدولة بالفصل - وحدها دون سواها - في أي نوع من الجرائم، ولو كان الشارع قد أراد ذلك لعمد إلى الافصاح عنه صراحة على غرار نهجه في الأحوال المماثلة كقانون السلطة القضائية سالف الذكر الذى عنى بإيراد عبارة "دون غيرها" وترديدها قرين كل اختصاص في المادة 83 منه التي تنص على أن "تختص دوائر المواد المدنية والتجارية بمحكمة النقض دون غيرها بالفصل في الطلبات التي يقدمها رجال القضاء والنيابة العامة... كما تختص الدوائر المذكورة دون غيرها بالفصل في طلبات التعويض عن تلك القرارات وتختص أيضا دون غيرها بالفصل في المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت.
3 - لما كانت واقعة مغادرة أراضي الجمهورية بغير حمل جواز سفر وبدون الحصول على إذن خاص "تأشيرة" ومن غير الأماكن المخصصة لذلك التي رفعت بها الدعوى على المطعون ضده وعوقب عنها، إنما يحكمها علاوة على القانون رقم 97 لسنة 1959 - الذى أنزل الحكم المطعون فيه بموجبه العقاب على المطعون ضده - الأمر العسكري رقم 8 لسنة 1972 (مطروح) الذى صدر من بعد ذلك القانون وعمل به قبل وقوع الفعل والذى يحظر إيقاف تنفيذ العقوبة في الجرائم المنصوص عليها فيه ومنها جريمة عبور الحدود المصرية الليبية خارج نطاق بوابة السلوم، فإن الحكم المطعون فيه إذ أمر - بالمخالفة لأحكام ذلك الأمر العسكري - بإيقاف تنفيذ العقوبة، المقضي بها على المطعون ضده بالحكم المستأنف عن الجرائم الثلاث المسندة إليه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. ولا يدرأ عنه هذا الخطأ صدور الأمر رقم 15 لسنة 1973 من نائب الحاكم العسكري العام بتاريخ 25 من أبريل سنة 1973 من بعد وقوع الواقعة وقبل الحكم المطعون فيه - قاضيا في مادته الأولى بأن يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة وبغرامة لا تجاوز مائتي جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من دخل إقليم الدولة أو خرج منه أو حاول ذلك من غير الأماكن المحددة لذلك أو بدون الحصول على الإذن المنصوص عليه في المادة 4 من القانون رقم 89 لسنة 1960 في شأن دخول وإقامة الأجانب بأراضي الجمهورية والخروج منها، وخاليا من نص مانع من إيقاف تنفيذ العقوبة. ذلك بأنه "لما كان المقرر - وفق القاعدة العامة الواردة بالمادة الثانية من القانون المدني - أنه لا يجوز إلغاء نص تشريعي إلا بتشريع لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء، أو يشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع القديم، أو ينظم من جديد الموضوع الذى سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع وإذ كان الأمر العسكري رقم 8 لسنة 1972 (مطروح) والأمر العسكري رقم 15 لسنة 1973 كلاهما بمنزله سواء في مدرج التشريع، وكان هذا الأمر اللاحق لم ينص صراحة على إلغاء الأمر السابق، بل قد خلت نصوصه وحتى ديباجته البتة من أية إشارة إلى الأمر السابق، لما كان ذلك، وكان الأمر اللاحق إنما هو تشريع عام، فيما انتظمه من أحكام في شأن دخول إقليم الدولة والخروج منه بعامة، في حين أن الأمر العسكري رقم 8 لسنة 1972 الصادر من محافظة مطروح بوصفه حاكما عسكريا لهذه المحافظة إنما هو تشريع خاص - مستقل بما انتظم من تجريم وعقاب، ونطاقه مقصور على محافظة مطروح - راعى فيه مصدره اعتبارات محلية قدرها واستهدف من أجلها، بما ضمنه من عقوبة لا زالت هي الأشد، مكافحة ظاهرة التسلل - في دائرة هذه المحافظة وحدها وبذاتها - عبر الحدود المصرية الليبية بخاصة فقد بقى بذلك هذا التشريع الخاص السابق استثناء من التشريع العام اللاحق ماضيا في تحقيق الغرض الذى سن من أجله، لما هو مقرر من أنه مع قيام قانون خاص لا يرجع إلى أحكام قانون عام إلا فيما لم ينتظمه القانون الخاص من أحكام وأن التشريع العام اللاحق لا ينسخ ضمنا التشريع الخاص السابق بل يظل التشريع الخاص قائما.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 21 من يوليو سنة 1972 بدائرة قسم الرمل محافظة الإسكندرية: (أولا) وهو متمتع بجنسية جمهورية مصر العربية غادرا أراضي الجمهورية دون أن يكون حاملا لجواز سفر قانوني. (ثانيا) بوصفه سالف الذكر غادر أراضي الجمهورية دون أن يكون حاصلا على تأشيرة أو إذن خاص الجهة المختصة. (ثالثا) غادر أراضي الجمهورية من غير الأماكن المخصصة لذلك. وطلبت عقابه بالمواد 1 و2 و3 و5 و14 من القانون رقم 97 لسنة 1959، والأمر العسكري رقم 8 لسنة 1972. ومحكمة جنح الرمل الجزئية قضت غيابيا عملا بمواد الاتهام بتغريم المتهم بخمسين جنيها عن التهم الثلاث عارض، وقضى في معارضته باعتبارها كأن لم تكن. فاستأنف المتهم هذا الحكم ومحكمة الإسكندرية الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا ورفضه موضوعا وتأييد الحكم المستأنف وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ الحكم. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.

المحكمة
حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ أمر بإيقاف تنفيذ العقوبة المقضي بها على المطعون ضده بالحكم المستأنف عن جرائم مغادرة أراضي الجمهورية بغير حمل جواز سفر وبدون الحصول على إذن خاص "تأشيرة" من السلطة المختصة ومن غير الأماكن المخصصة لذلك، قد أخطأ في تطبيق القانون. ذلك بأن واقعة المغادرة المرفوعة بها الدعوى إنما هي عبور الحدود المصرية الليبية الذى يحكمه علاوة على القانون رقم 97 لسنة 1959 - في شأن جوازات السفر المعدل بالقانون رقم 78 لسنة 1968 الذى أنزل الحكم بموجبه العقاب على المطعون ضده - الأمر رقم 8 لسنة 1972 الصادر في 9 من يناير سنة 1972 من الحاكم العسكري لمحافظة مطروح بشأن مكافحة التسلل والمعمول به في اليوم ذاته وهو يحظر في المادة الثانية منه إيقاف تنفيذ العقوبة في الجرائم المنصوص عليها فيه.
وحيث إنه يبين من الأوراق أن النيابة العامة رفعت الدعوى الجنائية على المطعون ضده بوصف أنه في يوم 21 من يوليو سنة 1972 بدائرة قسم الرمل (1) وهو مصري الجنسية غادر أراضي الجمهورية دون أن يكون حاملا لجواز سفر قانوني. (2) بصفته سالفة الذكر غادر أراضي الجمهورية دون أن يكون حاصلا على إذن خاص "تأشيرة" من الجهة المختصة. (3) غادر أراضي الجمهورية من غير الأماكن المخصصة لذلك، وطلبت عقابه طبقا لأحكام القانون رقم 97 لسنة 1959، فقضت محكمة أول درجة غيابيا بتغريمه خمسين جنيها عن الجرائم الثلاث - عملا بمواد الاتهام مع مراعاة حكم الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات لوقوع الجرائم لغرض واحد وارتباطها ارتباطا لا يقبل التجزئة. فلما عارض قضت باعتبار معارضته كأن لم تكن، وإذ استأنف قضت محكمة ثاني درجة حضوريا في 5 نوفمبر سنة 1973 - بحكمها المطعون فيه - بتأييد الحكم المستأنف وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة. وقد أورد الحكم المستأنف - المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه - ضمن بيان واقعة الدعوى أن المغادرة كانت من الأراضي المصرية إلى الأراضي الليبية.
وحيث إنه وإن كان القانون رقم 97 لسنة 1959 خلوا من نص مانع من ايقاف تنفيذ أية عقوبة من عقوبات الجرائم المنصوص عليها فيه، إلا أنه لما كان الأمر رقم 8 لسنة 1972 - سالف البيان - يعاقب في الفقرة الأولى من مادته الأولى كل من عبر أو حاول اجتياز الحدود المصرية الليبية خارج نطاق بوابة السلوم أو دون إتمام الإجراءات اللازمة للتصريح له بالمرور منها بالحبس مع الشغل مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على سنة وبغرامة لا تقل عن خمسين جنيها ولا تزيد على مائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، ويحظر في مادته الثانية إيقاف تنفيذ العقوبة في الجرائم المنصوص عليها فيه. وكانت العقوبة في هذا الأمر أشد من العقوبات المقررة بالقانون رقم 97 لسنة 1959 للجرائم التي دين بها المطعون ضده، إذ تعاقب المادة 12 من هذا القانون على الجريمة الثانية - مغادرة الأراضي بدون الحصول على إذن خاص "تأشيرة" بالحبس مدة لا تجاوز ثلاثة أشهر وبغرامة لا تزيد على خمسين جنيها أو بإحدى هاتين العقوبتين، وتعاقب المادة 14 منه على كل من الجريمتين الأخريين بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر وبغرامة لا تقل عن خمسين جنيها ولا تزيد على مائتي جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين. وكانت المحكمة ملزمة بأن تنزل الحكم الصحيح للقانون على الواقعة التي رفعت بها الدعوى غير مقيدة في ذلك بالوصف الذي أسبغ على هذه الواقعة ولا بالقانون الذي طلب عقاب المتهم طبقا لأحكامه. وكان إنزال المحاكم الأحكام الواردة بالأوامر العسكرية على الوقائع الجنائية غير ممتنع عليها، بل هو من واجبها، ذلك بأن قانون حالة الطوارئ الصادر بالقرار بقانون رقم 162 لسنة 1958 إذ نص في المادة الخامسة منه على أنه "مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد تنص عليها القوانين المعمول بها يعاقب كل من خالف الأوامر الصادرة من رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه بالعقوبات المنصوص عليها في تلك الأوامر وفى الفقرة الأولى من المادة السابعة منه على أن "تفصل محاكم أمن الدولة الجزئية والعليا في الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام الأوامر التي يصدرها رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه"، وفى المادة التاسعة منه على أنه "يجوز لرئيس الجمهورية أو لمن يقوم مقامه أن يحيل إلى محاكم أمن الدولة الجرائم التي يعاقب عليها القانون العام" فإنه بذلك يكون قد حصر اختصاص هذه المحاكم وما هي إلا محاكم استثنائية - في الفصل في الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام الأوامر التي يصدرها رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه، ولو كانت في الأصل مؤثمة بالقوانين المعمول بها، وكذلك في الجرائم المعاقب عليها بالقانون العام التي تحال إليها من رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه. بينما لم يسلب المحاكم صاحبة الولاية العامة شيئا البتة من اختصاصها الأصيل الذى أطلقته الفقرة الأولى من المادة 15 من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972 ليشمل الفصل في كافة الجرائم - إلا ما استثنى بنص خاص - وبالتالي يشمل هذا الاختصاص الفصل في الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام الأوامر التي يصدرها رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه عملا بأحكام قانون حالة الطوارئ حتى ولو لم تكن في الأصل مؤثمة بالقوانين المعمول بها، ذلك لأن الشارع لم يورد في هذا القانون أو في أي تشريع آخر نصا بأفراد محاكم أمن الدولة بالفصل - وحدها دون سواها - في أي نوع من الجرائم. ولو كان الشارع قد أراد ذلك لعمد إلى الافصاح عنه صراحة على غرار نهجه في الأحوال المماثلة كقانون السلطة القضائية سالف الذكر الذى عنى بإيراد عبارة "دون غيرها " وترديدها قرين كل اختصاص في المادة 83 منه التي تنص على أن "تختص دوائر المواد المدنية والتجارية بمحكمة النقض دون غيرها بالفصل في الطلبات التي يقدمها رجال القضاء والنيابة العامة... كما تختص الدوائر المذكورة دون غيرها بالفصل في طلبات التعويض عن تلك القرارات وتختص أيضا دون غيرها بالفصل في المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت... " لما كان ذلك، وكانت الواقعة التي رفعت بها الدعوى على المطعون ضده وعوقب عنها إنما يحكمها علاوة على القانون رقم 97 لسنة 1959 - الذى أنزل الحكم المطعون فيه بموجبه العقاب على المطعون ضده - الأمر العسكري رقم 8 لسنة 1972 (مطروح) الذى صدر من بعد ذلك القانون وعمل به قبل وقوع الفعل متضمنا ما سلف بيانه من أحكام، وذلك فيما تضمنته تلك الواقعة من جريمة عبور الحدود المصرية الليبية خارج نطاق بوابة السلوم، فإن الحكم المطعون فيه، إذ أمر - بالمخالفة لتلك الأحكام - بإيقاف تنفيذ العقوبة، المقضي بها على المطعون ضده بالحكم المستأنف عن الجرائم الثلاث المسندة إليه، يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. ولا يدرأ عنه هذا الخطأ صدور الأمر رقم 15 لسنة 1973 من نائب الحاكم العسكري العام بتاريخ 25 من أبريل سنة 1973 - من بعد وقوع الواقعة وقبل الحكم المطعون فيه - قاضيا في مادته الأولى بأن يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة وبغرامة لا تجاوز مائتي جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من دخل إقليم الدولة أو خرج منه أو حاول ذلك من غير الأماكن المحددة لذلك أو بدون الحصول على الإذن المنصوص عليه في المادة 4 من القانون رقم 89 لسنة 1960 في شأن دخول وإقامة الأجانب بأراضي الجمهورية والخروج منها، وخاليا من نص مانع من إيقاف تنفيذ العقوبة. ذلك بأنه، لما كان المقرر - وفق القاعدة العامة الواردة بالمادة الثانية من القانون المدني - أنه "لا يجوز إلغاء نص تشريعي إلا بتشريع لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء، أو يشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع القديم، أو ينظم من جديد الموضوع الذى سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع، وإذ كان الأمر العسكري رقم 8 لسنة 1972 (مطروح) والأمر العسكري رقم 15 لسنة 1973 كلاهما بمنزله سواء في مدرج التشريع، وكان هذا الأمر اللاحق لم ينص صراحة على إلغاء الأمر السابق - بل قد خلت نصوصه وحتى ديباجته البتة من أية إشارة إلى الأمر السابق - لما كان ذلك، وكان الأمر اللاحق إنما هو تشريع عام، فيما انتظمه من أحكام في شأن دخول إقليم الدولة والخروج منه بعامة، في حين أن الأمر العسكري رقم 8 لسنة 1972 الصادر من محافظة مطروح بوصفه حاكما عسكريا لهذه المحافظة إنما هو تشريع خاص - مستقل بما انتظم من تجريم وعقاب، ونطاقه مقصور على محافظة مطروح - راعى فيه مصدره اعتبارات محلية قدرها واستهدف من أجلها، بما ضمنه من عقوبة لا زالت هي الأشد، مكافحة ظاهرة التسلل - في دائرة هذه المحافظة وحدها وبذاتها - عبر الحدود المصرية الليبية بخاصة فقد بقى بذلك هذا التشريع الخاص السابق استثناء من التشريع العام اللاحق ماضيا في تحقيق الغرض الذى سن من أجله، لما هو مقرر من أنه مع قيام قانون خاص لا يرجع إلى أحكام قانون عام إلا فيما لم ينتظمه القانون الخاص من أحكام وأن التشريع العام اللاحق لا ينسخ ضمنا التشريع الخاص السابق بل يظل التشريع الخاص قائما، ومن ثم يتعين تصحيح الحكم المطعون فيه بتأييد الحكم المستأنف وذلك بغير حاجة إلى التعرض للجريمتين الأوليين - مغادرة أراضي الجمهورية بغير حمل جواز سفر، وبدون الحصول على إذن خاص "تأشيرة - لأن كلتيهما ليست بذات عقوبة أشد من عقوبة الجريمة الثالثة سالفة الذكر، وبالتالي إلى بحث أثر صدور قرار نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية رقم 1574 لسنة 1972 بتاريخ 23 من أغسطس سنة 1972 - من بعد وقوع الفعل - مضيفا مادة جديدة برقم 31 مكررا إلى القرار رقم 63 لسنة 1959 بتنفيذ بعض أحكام القانون رقم 97 اسنة 1959 تنص على أنه "يجوز للمصريين مغادرة البلاد إلى دول اتحاد الجمهوريات العربية بالبطاقة الشخصية أو العائلية الصادرة طبقا للقانون رقم 260 لسنة 1960 في شأن الاحوال المدنية متى كانت تحمل صور المسافرين بها وذلك دون حاجة إلى تأشيرة خروج".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق