الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 17 مايو 2020

الطعن 424 لسنة 21 ق جلسة 1 / 1 / 1952 مكتب فني 3 ج 2 ق 136 ص 357


جلسة أول يناير سنة 1952
برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد حسني بك إبراهيم خليل بك وإسماعيل مجدي بك وباسيلي موسى بك المستشارين.
------------------
(136)
القضية رقم 424 سنة 21 القضائية

جرائم الجلسة. شهادة الزور.
حق المحكمة في إقامة الدعوى بقاؤه ما دامت المرافعة مستمرة.
---------------
إن القانون إذ أجاز للمحكمة أن تقيم الدعوى في الحال بشأن ما يقع من الجنح والمخالفات في الجلسة، لا يمكن أن يكون قد قصد إلى ضرورة إقامة الدعوى بالنسبة إلى شهادة الزور فور إدلاء الشاهد بشهادته، بل ارتباط هذه الشهادة بالدعوى الأصلية يقتضي بقاء هذا الحق للمحكمة ما دامت المرافعة مستمرة. وإذن فمتى كانت الدعوى بشهادة الزور قد أقيمت على المتهم أثناء استمرار المرافعة في الدعوى الأصلية، وصدر الحكم فيها مع الدعوى الأصلية في وقت واحد، فقد تحقق ما يقصده القانون من الفورية، ولا يؤثر في ذلك أن يكون الحكم في دعوى شهادة الزور قد تأجل صدوره للجلسة المحددة للحكم في الدعوى الأصلية.


الوقائع
اتهمت النيابة العمومية الطاعنين الأول والثاني "بأنهما بناحية الحرجة بحري مركز البلينا مديرية جرجا: أولاً: الأول قتل محمد أحمد محمود هارون عمداً بأن أطلق عليه عياراً نارياً قاصداً قتله فأحدث به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي أنه مع المتهم الثاني في الزمان والمكان سالفي الذكر سرقا الجاموسة المبينة بالمحضر وصفاً وقيمة والمملوكة لمحمد أحمد محمود هارون، حالة كونهما يحملان سلاحاً ظاهراً "بنادق" الأمر المنطبق على المادة 316 من قانون العقوبات. وثانياً: الثاني اشترك مع المتهم الأول بطريقي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب جريمة القتل سالفة الذكر بأن اتفق معه على السرقة ورافقه لمكان الحادث لشد أزره حالة كونه يحمل سلاحاً ظاهراً "بندقية"، وكانت جريمة القتل نتيجة محتملة لهذا الاتفاق وتلك المساعدة. وطلبت من قاضي الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما الأول بالمادة 234/ 1 - 2 من قانون العقوبات، والثاني بالمواد 40/ 2 -3 و41 و43 و234/ 1 - 2 من ذات القانون، فقرر بذلك. سمعت محكمة جنايات سوهاج الدعوى، وأمامها طلبت النيابة معاقبة 1 - فايز خلاف عمر 2 - علي أحمد محمد الطاعنين "الثالث والرابع" بالمادة 294 عقوبات. لأنهما بالجلسة المذكورة شهدا زوراً لصالح المتهم الأول، وبعد أن أنهت الدعوى قضت حضورياً أولاً بمعاقبة عبد اللطيف أبو طالب السيد بالإعدام شنقاً، عملاً بالمادة 234/ 2 من قانون العقوبات، وبمعاقبة طايف السمان رضوان بالأشغال الشاقة المؤبدة عملاً بالمواد 40/ 2 - 3 و41 و43 و234/ 2 و235 من قانون العقوبات. وثانياً: بمعاقبة كل من فايز خلاف عمر وعلي محمد أحمد بالحبس مع الشغل لمدة سنتين عملاً بالمادة 294 من قانون العقوبات. فطعن المحكوم عليهم الأربعة في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.

المحكمة
حيث إن الطاعن الأول يبنى طعنه على أن المحكمة إذ دانته بجناية القتل، مقترناً بجناية السرقة بالإكراه وعاقبته عليها بالإعدام، قد أسست ذلك على أنه هو الذي أطلق على المجني عليه العيار الناري الذي أودى بحياته، واعتمدت في ذلك على أقوال المجني عليه في التحقيق، وهذه الأقوال وإن جاءت في تحقيق النيابة صريحة مفصحة عن هذا المعنى، إلا أن مفهومها، كما جاءت في محضر البوليس، لا يؤديه. كذلك عرض الحكم لما قاله ابن المجني عليه في هذا المحضر من أنه وجد أباه مصاباً، وعلم منه بأن الجاموسة قد سرقت، وبحث عنها، فلم يجدها، وبدلاً من أن يأخذ بما يفيده من أن المجني عليه لم ير السرقة أو السارقين فسر عبارته الأخيرة بأنه هو، لا أبوه، الذي بحث عن الجاموسة، فلم يجدها مع أن سياق العبارة يدل على أنه يروي عن أبيه، وقد رأى الحكم ألا يأخذ بقول المجني عليه في محضر البوليس، بحجة أن الضابط الذي أجراه قد اتسمت أعماله بالعجلة، وكان يتعين على المحكمة، لكي تستنفذ وسائل اقتناعها، أن تستدعي هذا الضابط وتناقشه. ويضيف الطاعن الأول إلى ذلك أن الحكم، وقد اعتمد الدليل المستمد من أثر القدم وتعرف الكلب البوليسي، لم يعرض لما إذا كان هذا الأثر قد وجد في مكانه في وقت يتفق ووقت الحادث، ولم يعلل وجود أثر لقدم واحدة دون الأخرى، ويقول الطاعن إلى جانب ذلك أن المحكمة قد اعتبرت الطاعنين الأخيرين شاهدي زور، وعاقبتهما على ذلك, وقد طعنا في الحكم بطريق النقض. فإذا قبل طعنهما انهار الاتهام بالنسبة إليه أيضاً.
وحيث إنه لما كان لمحكمة الموضوع أن تأخذ بشهادة الشاهد في تحقيق النيابة ولو جاءت مخالفة لأقواله الأولى في محضر البوليس، إذ المرجع في ذلك إلى اطمئنانها إلى صدق الرواية التي تأخذ بها، وكان للمحكمة أن تستخلص من شهادة الشاهد الواقعة التي تنتهي إليها، ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى مصادره المبينة بالحكم - لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد فسرت العبارة التي وردت على لسان ابن المجني عليه بما تحتمله وما يصح أن تؤدي إليه عقلاً، ولما كان للمحكمة أن تطرح أحد الأدلة المعروضة عليها - وكان الطاعن لم يطلب إليها استدعاء الضابط الذي حرر المحضر، حتى يقبل منه الطعن على الحكم بهذا السبب فإن ما يثيره الطاعن في هذا كله لا يكون له محل. أما ما يثيره الطاعن بشأن أثر القدم. وتعرف الكلب البوليسي، فهي الأخرى مجادلة في تقدير أدلة الدعوى ومبلغ الاطمئنان إليها، مما لا تصح إثارته أمام هذه المحكمة.
وحيث إن الطاعن الثاني يبنى طعنه على أن اتهامه في الدعوى قد تأسس على ما قرره المجني عليه من أنه استيقظ فوجد لصوصاً في بيته، أطلق عليه أحدهم وهو الطاعن الأول، عياراً نارياً، وكان معه "طايف" الذي سحب الجاموسة فقبض على الطاعن الثاني باعتبار أنه هو "طايف" الذي قصده المجني عليه، دون أن يسأل هذا الأخير عن سابق معرفته به أو عن أوصافه ومميزاته أو يعرض عليه عرضاً قانونياً. وقد أنكر الطاعن كل صلة له بالجريمة، وقال إنه لم ينتقل من بلد أصلا، ولا يعرف المتهم الأول ولا صلة له به، إلا أن أمراً من هذه الأمور الجوهرية لم يحقق.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد أورد الأدلة التي عولت عليها المحكمة بالنسبة لهذا الطاعن، وهي أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها من إدانته هذا ولا يقبل منه الجدل الذي يثيره بقوله إن المجني عليه لم يعينه بذاته في التحقيق إذ أثبت الحكم أنه عينه باسمه ولقبه وبلدته، ولم يكن ذلك محل جدل منه أمام المحكمة. أما ما يثيره الطاعن بشأن دفاعه في موضوع الدعوى، فإن المحكمة، وقد اطمأنت إلى أن المجني عليه قد شاهد يقارف مع الطاعن الأول جناية السرقة التي اقترنت بجناية القتل العمد، ورتبت على ذلك مساءلته عنها، تكون بذلك قد ردت بما فيه الكفاية على دفاعه الموضوعي من حيث إقامته بعيداً عن مكان الحادث أو انقطاع الصلة بينه وبين الطاعن الأول.
وحيث إن الطاعن الثالث يستند في طعنه إلى أن المحكمة دانته بشهادة الزور التي صدرت منه أثناء المحاكمة، باعتبارها من جرائم الجلسة التي يجب الحكم فيها فور وقوعها، إلا أن المحكمة قد انتهت من سماع شهادة الطاعن، دون أن توجه إليه اتهاماً، وقررت استمرار المرافعة لليوم التالي، وفي تلك الجلسة التالية وجهت النيابة إلى الطاعن بتهمة شهادة الزور، ثم أصدرت المحكمة في تلك الجلسة قرارها بإحالة أوراق القضية إلى المفتي بالنسبة للمتهم الأول، دون أن تفصل في تهمة شهادة الزور إلى أن حكمت فيها مع الحكم الصادر في موضوع الجناية وما دامت المحكمة قد رأت اعتبار التهمة من جرائم الجلسة، فقد كان متعيناً عليها أن تحكم فيها في نفس الجلسة التي أدلى فيها الطاعن بشهادته، أما وهي لم تفعل ورأت أن تحكم فيها في جلسة أخرى، فقد كان لزاماً عليها أن تتركها لإجراءات المحاكمة العادية.
ويضيف الطاعن إلى ذلك أن الحكم قد استند في إدانته إلى أنه سبق له مجاملة المتهم الأصلي في الدعوى في مسألة أخرى وجوزي بسببها إدارياً، في حين أن الطاعن قد طلب إلى المحكمة ضم الأوراق التي انتهت بتوقيع هذا الجزاء، فلم تستجب إليه المحكمة اكتفاء باعترافه بحصوله، وهو ما لا يصلح رداً على طلبه لأنه وإن لم ينكر توقيع الجزاء ما زال ينازع في صحة توقيعه.
وحيث إن الثابت من إجراءات المحاكمة، هو أن محكمة الجنايات قد استمعت بجلسة 24 يناير سنة 1951، إلى شهود الإثبات، وأخرهم الطاعن الثالث، وسمعت على أثر ذلك مرافعة النيابة، وعادت فناقشت هذا الطاعن فيما أشارت إليه النيابة من سبق تستره على المتهم الأول ومجازاته عن ذلك إدارياً، ثم قررت المحكمة استمرارا المرافعة لليوم التالي، وعلى أثر افتتاح الجلسة طلبت النيابة توجيه تهمة شهادة الزور إلى الطاعنين الثالث والرابع، لشهادتهما زورا لصالح المتهم الأول وطلبت معاقبتهما بالمادة 294 من قانون العقوبات، وبعد أن استمعت المحكمة إلى دفاع المتهمين، استدعت الطاعنين، وسألتهما في تهمة شهادة الزور، فأصر كل منهما على شهادته، ثم أصدرت المحكمة قرارها بإحالة الأوراق إلى "فضيلة" المفتي بالنسبة للمتهم الأول، وحددت للنطق بالحكم في الجناية وفي جنحة شهادة الزور جلسة 29 يناير، وفيها صدر الحكم المطعون فيه.
وحيث إن القانون إذ أجاز للمحكمة أن تقيم الدعوى في الحال بشأن ما يقع من الجنح والمخالفات في الجلسة، لا يمكن أن يكون قد قصد إلى ضرورة إقامة الدعوى بالنسبة إلى شهادة الزور فور إدلاء الشاهد بشهادته، بل إن ارتباط هذه الشهادة بالدعوى الأصلية يقتضي بقاء هذا الحق للمحكمة ما دامت المرافعة مستمرة ولما كانت الدعوى بشهادة الزور قد أقيمت على الطاعنين أثناء استمرار المرافعة في الدعوى الأصلية، وصدر الحكم فيها مع الدعوى الأصلية في وقت واحد فقد تحقق ما يقصده القانون من الفورية، ولا يؤثر في ذلك أن يكون الحكم في دعوى شهادة الزور قد تأجل صدوره للجلسة المحددة للحكم في الدعوى الأصلية. أما ما يأخذه الطاعن الثالث على الحكم غير هذا، من عدم إجابته إلى طلب ضم الملفات الخاصة بسبق مجازاته إدارياً لتستره على المتهم الأول، ففضلاً عن أن الطاعن لم يتقدم إلى المحكمة بطلب صريح في هذا المعنى، فإن الحكم لمن يخطئ إذ أخذ في ذلك بما اعترف به الطاعن نفسه أمام المحكمة، من توقيع هذا الجزاء عليه وسببه.
وحيث إنه لما تقدم، ولأن الطاعن الأخير لم يقدم الأسباب التكميلية التي رخصت له المحكمة في تقديمها، يكون الطعن برمته على غير أساس في موضوعه متعيناً رفضه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق