الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 14 مايو 2020

الطعن 492 لسنة 46 ق جلسة 25 / 10 / 1976 مكتب فني 27 ق 176 ص 774


جلسة 25 من أكتوبر سنة 1976
برياسة السيد المستشار عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد صلاح الدين الرشيدي، وقصدي إسكندر عزت، وفاروق محمود سيف النصر، والسيد محمد مصري شرعان.
--------------
(176)
الطعن رقم 492 لسنة 46 القضائية

 (1)محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير العقوبة". اتفاق جناني. مواد مخدرة. ارتباط. عقوبة الجرائم المرتبطة.
اتهام الطاعنة بالاشتراك في اتفاق جنائي على جلب مخدرات ثم جلبها لها فعلا. مؤاخذة المحكمة لها بعقوبة الجريمة الاخيرة أعمالا للمادة 32 عقوبات عدم جدوى النعي على الحكم في خصوص تهمة الاتفاق الجنائي.
(2) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
للمحكمة أن تستخلص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفه. حد ذلك أن يكون استخلاصا سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة.
 (3)محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "قرائن". حكم. "تسبيبه تسبيب غير معيب".
لا يشترط في الدليل أن يكون صريحا دالا بنفسه على الواقعة المراد إثباتها. بل يكفى أن يكون ثبوتها مستخلصا من الظروف والقرائن.
(4) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل" إثبات. "شهود". دفاع. "الاخلال بحق الدفاع مالا يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم. موضوعي.
 (5)تفتيش. التفتيش بإذن. مأمور الضبط القضائي. "اختصاص مأمور الضبط القضائي. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
اتخاذ رجال الشرطة الإجراءات لضبط جريمة. بعد الإبلاغ عنها. لا يعد تحريضا على ارتكابها.
(6) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "بوجه عام".
الخطأ في مصدر الدليل لا يضيع أثره.

--------------
1 - لما كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعنة بجنايتي الاشتراك في الاتفاق الجنائي وجلب المواد المخدرة وأعمل في حقها المادة 32 من قانون العقوبات وأوقع عليها عقوبة واحدة هي العقوبة المقررة لجريمة الجلب باعتبارها الجريمة الأشد التي أثبتها في حقها، فإنه لا جدوى للطاعنة مما تثيره تعييبا للحكم في شأن جريمة الاشتراك في الاتفاق الجنائي.
2 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفه من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
3 - لا يشترط في الدليل أن يكون صريحا دالا بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفى أن يكون ثبوتها منه عن طريق الاستنتاج بما تكشف المحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات.
4 - من المقرر أيضا أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه اليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه، وهى متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
5 - إن ما تثيره الطاعنة بشأن الدور الذى قام به رجال الشرطة في الدعوى والإجراءات التي اتخذوها لضبطها - باتفاقهم مع الشاهدين - مردود بأن جريمة جلب المخدر وقعت بإرادة المتهمين وبالترتيب الذى وضعاه لها وتمت فعلا لحسابهما وأن ما اتخذه رجال الشرطة من الإجراءات لضبطهما في هذه الواقعة بعد التبليغ عنهما لم يكن بقصد التحريض على ارتكابها بل كان لاكتشافها وليس من شأنه أن يؤثر في قيام الجريمة ذاتها.
6 - الخطأ في مصدر الدليل لا يضيع أثره.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنة وآخر بأنهما بدائرة قسمي عابدين والنزهة محافظة القاهرة: (أولا) المتهمان الأول والثانية اشتركا في اتفاق جنائي الغرض منه ارتكاب جناية جلب المواد المخدرة موضوع التهمة الثانية (ثانيا) المتهم الأول أيضا: أحرز وحاز جوهرا مخدرا (حشيشا) بقصد التعاطي والاستعمال الشخصي دون أن يرخص لذلك بموجب تذكرة طبية وفى غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. فقرر ذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت في الدعوى حضوريا للثانية وغيابيا للأول عملا بالمواد 1/ 1 و2 و3 و33/ (أ) و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون 40 لسنة 1966 والمقيد رقم 1 من الجدول رقم واحد المرافق والمواد 48/ 1 و2 و32 و17 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة المؤبدة وغرامة عشرة آلاف جنيه ومصادرة المواد المخدرة المضبوطة. طعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.

المحكمة
حيث أن الطاعن تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها عن جريمتي الاشتراك في اتفاق جنائي الغرض منه ارتكاب جناية جلب مواد مخدرة، وجلبها دون الحصول على ترخيص كتابي بذلك من الجهات المختصة - قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب وانطوى على فساد في الاستدلال وخطأ في الإسناد، ذلك بأن جرائم المخدرات لا يتصور الاتفاق الجنائي على ارتكابها لأنها لا تتوافر إلا بإحراز المخدر أو حيازته ومع ذلك فقد دانها الحكم بالجريمتين معا وأنزل عليها عقوبة الجلب، دون أن يوضح موقفها من جريمة الاتفاق ويستظهر أركانها ومدى اطمئنانه للدليل القائم فيها، وتساند إلى أقوال الشاهد..... مع أن شهادته لا تتضمن اشتراكها في هذه الجريمة وأن أحدا من الضباط لم يشهد بأنها قد أسهمت فيها، كما عولت في إدانتها على واقعة تواجدها بالفندق وحضورها الحوار الذى جرى بين المرشدين والمتهم الأول رغم أن هذا التواجد اقتضته طبيعية عملها في خدمة المتهم الأول، وركن إلى واقعة ذهابها إلى المطار رغم أنها لا تؤدى إلى ما استخلصه منها، وعول على قول أحد المرشدين بأنها شاركت في فك لفافات المخدر من ساقه مع أن هذا القول ورد على لسان الشاهد جملة لا تخصيصا، كما لم يكشف عن مدى اطمئنان المحكمة إلى تصوير الواقعة وسلامة الدور الذى قامت به أجهزة الشرطة ومدى صحة الإجراءات التي تمت في الدعوى لضبطها وما إذا كان المخدر المضبوط هو بذاته الذى أحضره الشاهدان، كما نسب الحكم إلى الشاهد.... قوله بالتحقيقات وبالجلسة أنها أحرزت المواد المخدرة وتسلمتها من المتهم الأول ووضعتها في (الكومودينو) وهو ما لا أصل له في الأوراق مما يعيب الحكم ويوجب نقضه وحيث أن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أن المتهم الأول والطاعنة عرضا على....... و...... السفر إلى بيروت لجلب مواد مخدرة أفيوناً لحساب الأولين وتم الاتفاق بين الطرفين على ذلك ألا أن الأخيرين..... و..... أفضيا بالأمر إلى المقدم......... بإدارة مكافحة المخدرات فطلب منهما مسايرتهما في ذلك وتنفيذ الاتفاق، فسافرا إلى بيروت في 6/ 5/ 1972 وكان في وداعهما بالمطار المتهم الأول والطاعنة ثم لحق بهما المتهم الأول في بيروت في 10/ 5/ 1972 وقدم لهما أربع لفافات كبيرة من القماش وثلاثة خوابير بالونيه بداخلها جميعا مادة الافيون وخابور رابع به مادة الحشيش - قرر المتهم الأول أنها لاستعماله الشخصي - على أن يتسلم منهما المواد المخدرة عند عودتهما إلى القاهرة، فوضع كل منهما لفافة على ساقيه وخابورين على بطنه من الأمام أسفل بنطلونه، ولما وصلا إلى ميناء القاهرة الجوي وجدا المتهم الأول والطاعنة في انتظارهما واستقلوا جميعا سيارة أجرة يقودها المقدم.... واتجهوا إلى شارع عدلي وتوقفوا أمام فندق كازانوفا حيث يقيم المتهم الأول والطاعنة وبعد أن صعدوا إلى الحجرة رقم 3 وأغلقوا بابها أخذ المتهم الأول نزع لفافات المخدر المخبأة وقام بتسليمها إلى الطاعنة التي تناولتها ووضعتها بداخل (الكومودينو) الموجود بتلك الحجرة، وعندئذ طرق المقدم.... الباب ففتح له......... فبادر الضابط بتفتيش الحجرة وعثر على المواد المخدرة، وقد ثبت من التحقيقات أن زنة الأفيون المضبوط 2،810 كجرام كما ثبت من تقرير المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي أن زنة الحشيش هو (47،3جم)، وأورد الحكم على ثبوت واقعتي الاشتراك في الاتفاق الجنائي وجلب المواد المخدرة في حق المتهمين أدلة مستمدة من اقوال كل من... و.... والمقدم..... وما أسفر عنه تقرير المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي - لما كان ذلك - وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعنة بجنايتي الاشتراك في الاتفاق الجنائي وجلب المواد المخدرة وأعمل في حقها المادة 32 من قانون العقوبات وأوقع عليها عقوبة واحدة هي العقوبة المقررة لجريمة الجلب باعتبارها الجريمة الأشد التي أثبتها في حقها، فإنه لا جدوى للطاعنة مما تثيره تعييبا للحكم في شأن جريمة الاشتراك في الاتفاق الجنائي. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفه من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كما أنه لا يشترط في الدليل أن يكون صريحا دالا بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفى أن يكون ثبوتها منه على طريق الاستنتاج بما تكشف المحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات. وكان من المقرر أيضا أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقديره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد حصل أقوال من عول على شهادتهم ثم عرض للقرائن التي عززت قضاءه مستخلصا في استخلاص سائغ ما رتبه عليها كاشفا عن اطمئنان المحكمة لهذه الأدلة فإن ما تنعاه الطاعنة على الحكم في هذا الخصوص بقالة تعويله على أقوال للشاهد وردت بمحضر الجلسة جملة لا تخصيصا أو تسانده على قرائن لا تؤدى إلى ما رتبه عليها أو عدم كشفه عن مدى اطمئنان المحكمة إلى صحة تصوير الواقعة وأن المواد المخدرة التي أحضرها الشاهدان هي بذاتها المواد المضبوطة - ينحل إلى جدول موضوعي في تقدير الأدلة مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه ولا مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض، أما ما تثيره الطاعنة بشأن الدور الذى قام به رجال الشرطة في الدعوى والإجراءات التي اتخذوها لضبطها - باتفاقهم مع الشاهدين - فمردود بأن جريمة جلب المخدر وقعت بإرادة المتهمين وبالترتيب الذى وضعاه لها وتمت فعلا لحسابهما وأن ما اتخذه رجال الشرطة من الإجراءات لضبطهما في هذه الواقعة بعد التبليغ عنهما لم يكن بقصد التحريض على ارتكابها بل كان لاكتشافها وليس من شأنه أن يؤثر في قيام الجريمة ذاتها. لما كان ذلك، وكان يبين من المفردات المضمومة أن ما أورده الحكم من أقوال الشاهد...... من أن المتهم الأول سلم الطاعنة لفافات المواد المخدرة فتناولتها ووضعتها في (الكومودينو) له مأخذه الصحيح من أقوال بتحقيقات النيابة، وكان لا ينال من سلامة الحكم أن ينسب أقوال هذا الشاهد إلى كل من محضر الجلسة وتحقيقات النيابة إذ أن الخطأ في مصدر الدليل لا يضيع أثره، ومن ثم تنحسر عن الحكم قاله الخطأ في الإسناد، لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق