جلسة أول نوفمبر سنة 1976
برياسة السيد المستشار
حسن على المغربي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد صلاح الدين الرشيدي،
وقصدي إسكندر عزت، والدكتور أحمد رفعت خفاجي، واسماعيل محمود حفيظ.
-----------
(190)
الطعن رقم 625 لسنة 46
القضائية
1) ،2 ) تبديد. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير
الدليل". إثبات. "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
(1)اقتناع القاضي أن تسليم المال كان بعقد من عقود الأمانة. شرط لإدانة
المتهم في جريمة خيانة الأمانة.
العبرة بأن العقد من عقود
الائتمان. هو بحقيقة الواقع.
(2)التسليم الحقيقي ليس بلازم في الوديعة. كفاية التسليم الاعتباري متى
كان المودع لديه حائزا للشيء من قبل.
---------------
1 - من المقرر أنه لا يصح
إدانة متهم بجريمة خيانة الأمانة إلا إذا اقتنع القاضي بأنه تسلم بعقد من عقود
الائتمان الواردة على سبيل الحصر في المادة 341 من قانوني العقوبات والعبرة في ثبوت
قيام هذه العقود في صدد توقيع العقاب إنما هي بحقيقة الواقع.
2 - لا يلزم في الوديعة
أن يكون التسلم حقيقا بل يكفى التسليم الاعتباري إذا كان لمودع لديه حائزا للشيء
من قبل، وإذ كان ما استخلصته المحكمة على نحو ما سلف بيانه من أن العلاقة القائمة
بين الطاعن والمجنى عليها يحكمها عقد الوديعة هو استخلاص سائغ ويلتئم مع حقيقة
الواقع في الدعوى فإن قضاءها بإدانة الطاعن عن جريمة التبديد يكون صحيحا في القانون.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعن بأنه بدائرة بركة السبع محافظة المنوفية: بدد المنقولات المبينة الوصف
والقيمة بالمحضر والمملوكة ... وكانت لم تسلم إليه إلا على سبيل عارية
الاستعمال فاختلسها لنفسه إضرارا بالمجني عليها. وطلبت عقابه بالمادة 341 من قانون
العقوبات ومحكمة جنح بركة السبع الجزئية قضت حضوريا عملا بمادة الاتهام بحبس
المتهم شهرين مع الشغل وكفالة مائتي قرش لإيقاف التنفيذ. فاستأنف المتهم هذا
الحكم. ومحكمة شبين الكوم الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضوريا بقبول
الاستئناف شكلا وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم أسبوعين
مع الشغل بلا مصاريف جنائية. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض وقضى فيه
بقبوله شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه واحالة القضية إلى محكمة شبين
الكوم الابتدائية لتحكم فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى. أعيدت الدعوى ثانية إلى
المحكمة المشار إليها وقضت فيها حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بتعديل
الحكم المستأنف إلى حبس المتهم أسبوعين مع الشغل بلا مصاريف جنائية فطعن
الأستاذ...... المحامي بصفته وكيلا عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض
للمرة الثانية... الخ.
المحكمة
من حيث إن الطعن قد
استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن الطاعن ينعى على
الحكم المطعون فيه أنه إذا دانه بجريمة تبديد منقولات الزوجية قد شابه فساد في الاستدلال
قصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق كما انطوى على خطأ في تطبيق القانون، ذلك
بأن الطاعن لم يتسلم المنقولات بمقتضى عقد من عقود الأمانة فوالده هو الذى وقع على
قائمة الجهاز باستلام المنقولات وأن الطاعن لم يوقع عليها إلا بصفته ضامنا فلا
يسأل جنائيا عن هذه الواقعة وإن جازت مساءلته مدنيا وقد أقيمت عليه بالفعل دعوى
مدنية بالمطالبة بقيمة هذه المنقولات. أما ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أنه
عندما توفى والد الطاعن أصبح الأخير هو المستلم الفعلي للمنقولات يستعملها طبقا
لعقد ضمني جديد أبرم بينه وبين المجنى عليها وهو عقد وديعة - لا يجوز الاعتداد
بهذا القول في مجال المساءلة الجنائية لأنه قائم على الافتراض الذى لا يسوغ أن
تبنى عليه الأحكام. هذا فضلا عن أن المجني عليها قد أشهدت شهودا خذلوها عند سؤالهم
في التحقيق ورغم ذلك فقد التفت الحكم المطعون فيه من دلالة تلك الشهادة. كل ذلك
مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون
فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة التبديد
التي دان الطاعن بها بما أورده على ثبوتها في حقه من أدلة مستمدة من أقوال المجنى
عليها ومن عدم رد الطاعن للمنقولات موضوع الدعوى قد عرض لطبيعة العلاقة بين الطاعن
والمجنى عليها بقوله "إنه وإن كان والد المتهم لم يوقع على قائمة الجهاز بما
يفيد استلامه أعيار الجهاز الواردة بها وأن المتهم لم يوقع عليها إلا بصفته ضامنا
إلا أن المحكمة تطمئن إلى أن المتهم قد تسلم المنقولات فعلا هو ووالده باعتبار أنه
الزوج ولما توفى والده أصبح المتهم وحده هو المستلم الفعلي لتلك المنقولات وهو
الذى أصبح يستعملها طبقا لعقد جديد ضمني بينه وبين المجنى عليها هو عقد وديعة ولا
يمكن تفسير وجود المنقولات في حيازته بعد وفاة والدة إلا بأنها أصبحت أمانة لديه
هو وحده وبأنه أصبح المستلم الوحيد لها والمسئول عنها وتصبح العلاقة بينه وبين
المجنى عليها ليست مجرد علاقة مدنية بحتة بل تعتبر قائمة على أساس عقد من عقود الائتمان
المنصوص عليها في المادة 341 عقوبات هو عقد الوديعة". لما كان ذلك، وكان
المقرر أنه لا يصح إدانة متهم بجريمة خيانة الامانة إلا إذا اقتنع القاضي بأنه
تسلم المال بعقد من عقود الائتمان الواردة على سبيل الحصر في المادة 341 من قانون
العقوبات والعبرة في ثبوت قيام هذه العقود في صدد توقيع العقاب إنما هي بحقيقة
الواقع، وكان من المقرر أيضا أنه لا يلزم في الوديعة أن يكون التسلم حقيقيا بل
يكفى التسليم الاعتباري إذا كان لمودع لديه حائزا للشيء من قبل، وكان ما استخلصته
المحكمة على نحو ما سلف بيانه من أن العلاقة القائمة بين الطاعن والمجنى عليها
يحكمها عقد الوديعة هو استخلاص سائغ ويلتئم مع حقيقة الواقع في الدعوى فإن قضاءها
بإدانة الطاعن عن جريمة التبديد يكون صحيحا في القانون ولا يكون ما يثيره في هذا
الشأن سوى مناقشة في موضوع الدعوى وتقدير أدلة الثبوت فيها مما لا يقبل إثارته
أمام محكمة النقض إذ من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستنبط من الوقائع والقرائن
ما تراه مؤديا عقلا إلى النتيجة التي انتهت إليها ومتى أقامت قضاءها على ما اقتنعت
به من أدلة لها أصلها الثابت في الأوراق - فإن ما تخلص إليه في هذا الشأن يكون من
قبيل فهم الواقع في الدعوى يدخل في نطاق سلطتها، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن
المحكمة غير ملزمه بالتحدث في حكمها إلا من الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها،
فإنه لا محل لما يثيره الطاعن من إغفال المحكمة التعرض لأقوال من استشهدت بهم
المجنى عليها فلم يؤيدوها. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس
متعينا رفضه موضوعا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق