الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 10 ديسمبر 2024

الطعن 487 لسنة 30 ق جلسة 27 / 6/ 1960 مكتب فني 11 ج 2 ق 115 ص 600

جلسة 27 من يونيو سنة 1960

برياسة السيد محمود إبراهيم إسماعيل المستشار، وبحضور السادة: أحمد زكي كامل، والسيد أحمد عفيفي، ومحمد عطية إسماعيل، وعادل يونس المستشارين.

------------------

(115)
الطعن رقم 487 لسنة 30 القضائية

(أ) دعوى جنائية. انقضاؤها بالحكم البات.
الدفع بقوة الشيء المحكوم فيه. ما يحقق الغيرية بين دعويين: مثال. واقعة تزوير صحيفة دعوى مدنية تغاير واقعة تزوير عقد البيع موضوع هذه الدعوى.
(ب) عقوبة. تعددها: الارتباط غير القابل للتجزئة.
آثار هذا الارتباط. متى ينظر إليها؟
عند الحكم بالعقوبة عن الجريمة الأشد دون البراءة منها.
(ج) إثبات صحة الأوراق. دعوى التزوير الفرعية.
مؤدى قواعد هذه الدعوى.
للنيابة وسائر الخصوم في أية حالة كانت عليها الدعوى أن يطعنوا بالتزوير في أية ورقة من أوراق القضية المقدمة فيها.
ماهية الطعن بالتزوير وآثاره.
هو من وسائل الدفاع وتطبيق خاص لحالة توقف الفصل في دعوى جنائية مطروحة على نتيجة الفصل في دعوى جنائية أخرى.
الطعن بالتزوير لا يحول دون مباشرة الدعوى الجنائية من النيابة العامة أو تحريكها بالطريق المباشر أو التبليغ عن الجريمة.
سلطة المحكمة بشأن إيقاف الدعوى المطروحة.
الإيقاف جوازي لا وجوبي.
(د) اختصاص. نقض.
المسائل الفرعية التي لا تختص بها المحاكم الجنائية. ما لا يعد منها: مثال. الدفع بوقف الدعوى. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(هـ) تزوير. بيانات التسبيب.
عدم لزوم تحدث الحكم صراحة عن ركن الضرر. يكفي أن يكون مستفاداً من الحكم.

---------------------
1 - واقعة تزوير صحيفة دعوى مدنية تختلف عن واقعة تزوير عقد البيع موضوع هذه الدعوى، إذ لكل منهما ذاتية وظروف خاصة تتحقق بها الغيرية التي يمتنع معها القول بوحدة الواقعة في الدعويين.
2 - الارتباط الذي تتأثر به المسئولية عن الجريمة الصغرى طبقاً للمادة 32 من قانون العقوبات في فقرتها الثانية ينظر إليه عند الحكم في الجريمة الكبرى بالعقوبة دون البراءة.
3 - مؤدى القواعد التي نص عليها قانون الإجراءات الجنائية في خصوص دعوى التزوير الفرعية أن للنيابة العامة ولسائر الخصوم في أية حالة كانت عليها الدعوى أمام القضاء الجنائي أن يطعنوا بالتزوير في أية ورقة من أوراق القضية بشرط أن تكون قد قدمت فيها فعلاً, وهو غير الشأن في دعوى التزوير الفرعية التي نظم قانون المرافعات المدنية والتجارية إجراءاتها.
4 - الطعن بالتزوير هو من وسائل الدفاع التي لا يجوز أن تقف في سبيل حرية النيابة العامة في مباشرة الدعوى الجنائية في حدود القانون، أو أن تعطل الأفراد عن ممارسة الحق المخول لهم قانوناً في التبليغ عن الجرائم أو الالتجاء إلى الطريق الجنائي المباشر عند الاقتضاء, وهو من جهة أخرى يعد تطبيقاً خاصاً لحالة توقف الفصل في الدعوى الجنائية المطروحة على نتيجة الفصل في دعوى جنائية أخرى طبقاً للإجراءات التي رسمها القانون، وفي نطاق هذه الإجراءات - دون التوسع فيها أو القياس عليها، وقد جعل القانون هذا الإيقاف جوازياً لا وجوبياً - إذ قد ترى المحكمة أن التزوير واضح، أو أن الورقة نفسها لا لزوم لها للفصل في الدعوى، أو أن الدفع بالتزوير غير جدي.
5 - (1) ما ينعاه المتهمون على الحكم من سيره في دعوى تزوير عقد بيع على الرغم من قيام دعوى صحة ونفاذ هذا العقد أمام القضاء المدني مردود بأنه فضلاً عن أن المتهمين أو المدافع عنهم لم يثيروا هذا الدفع - فلا يقبل منهم طرحه لأول مرة أمام محكمة النقض، فإنه من المقرر أن القاضي الجنائي غير مكلف بوقف الدعوى الجنائية في هذه الحال لخروجها عن نطاق المسائل الفرعية التي عناها الشارع بالإيقاف في المادة 223 من قانون الإجراءات الجنائية، ولعدم اتصالها بأركان الجريمة المرفوعة بها الدعوى الجنائية، أو بشروط تحقق وجودها.
6 - لا يشترط لصحة الحكم بالإدانة في جريمة التزوير أن يتحدث صراحة عن ركن الضرر، بل يكفي أن يكون قيامه مستفاداً من مجموع عبارات الحكم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم: اشتركوا مع مجهول في ارتكاب تزوير في محرر عرفي هو عقد البيع المبين بالمحضر والمنسوب صدوره إلى....... ببيع منزلين إلى المتهمة الأولى وكان ذلك بوضع إمضاء مزور للمجني عليه على عقد البيع بطريق الاتفاق والمساعدة مع المتهم المجهول بأن اتفقوا معه على ارتكاب الجريمة وساعدوه بالتوقيع على العقد - المتهمة الأولى كمشترية، والمتهمين الثاني والثالث كشاهدين - والمتهمة - الأولى استعملت العقد سالف الذكر مع علمها بتزويره بأن قدمته في القضية 4954 سنة 1953 كلي مصر. وطلبت النيابة توقيع أقصى العقوبة المنصوص عليها في المواد 211 و215 و40/ 2 و3 و41 من قانون العقوبات وادعى المدعي بالحق المدني قبل المتهمين بقرش صاغ واحد تعويضاً مؤقتاً. وأمام محكمة الجنح الجزئية دفع الحاضر مع المتهمين ببطلان الإجراءات، والمحكمة قضت حضورياً ببطلان الإجراءات وبراءة المتهمين مع رفض الدعوى المدنية وإلزام المدعي بالحق المدني المصاريف وأتعاب المحاماة. استأنفت النيابة هذا الحكم. والمحكمة الاستئنافية قضت حضورياً وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وبحبس المتهمة الأولى عن التهمتين ثلاثة أشهر مع الشغل وكل من المتهمين الثاني والثالث ثلاثة أشهر مع الشغل وذلك عملاً بمواد الاتهام بالنسبة إلى المتهمين مع تطبيق المادة 32/ 2 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهم الأول. فطعن نائب الوكيل عن المتهمين في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى أوجه الطعن هو أن الحكم المطعون فيه شابه فساد في الاستدلال وقصور وتناقض في التسبيب كما أخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه اعتمد في قضائه بإدانة الطاعنين بجريمة الاشتراك في تزوير محرر عرفي على أن عملية المضاهاة التي قام بها قسم أبحاث التزييف والتزوير في 3 مايو سنة 1955 قد دلت على أن الإمضاء المنسوب إلى المجني عليه الموقع بها على عقد البيع المقول بتزويره يختلف عن إمضاء المذكور الموقع بها في ورقة الاستكتاب والإمضاءين الموقع بهما على أوراق المضاهاة، وفات الحكم أن بالأوراق تقريرين آخرين صادرين من القسم سالف الذكر تضمن الأخير منهما أن التوقيع المنسوب إلى المجني عليه على عقد البيع موضوع الفحص وجد على هيئة "فرمة" معقودة بشكل خاص بما لا يمكن معه نسبة أو نفي كتابة هذا التوقيع إلى صاحبه، ومؤدى ذلك أن الحكم استند إلى ما يناقض ما جاء بالأوراق، وكان من المتعين على الحكم أن يتصدى إلى ما جاء بالتقرير الأخير فيفنده - ولكنه التفت عنه على الرغم مما أثاره الدفاع عن الطاعنين في هذا الشأن. كما أنه في الوقت الذي أقيمت فيه الدعوى المطروحة بشأن تزوير عقد البيع، كان قد نسب إلى الطاعنين الأولى والثاني ارتكاب تزوير في محرر رسمي - هو عريضة الدعوى المدنية رقم 4954 لسنة 1953 مدني كلي مصر بطلب صحة ونفاذ عقد البيع سالف الذكر - وأقيمت الدعوى الجنائية قبلهما أمام محكمة الجنايات وقد راعت المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه قيام الارتباط بين الدعويين فأمرت بوقف الدعوى المطروحة حتى يتم الفصل في الجناية والتي قضي فيها بالبراءة، مما كان يقتضى تبرئة الطاعنين من تهمة الجنحة أخذاً بما أوردته المحكمة المذكورة من مبررات لوقف الفصل فيها، ولحجية الحكم الصادر في الجناية والأسباب التي قام عليها والتي تؤدي إلى انتفاء تهمة التزوير عن الطاعنين، أما وقد تغاضى الحكم المطعون فيه عن دلالة الحكم المذكور والتفت عن الإشارة إليه فإنه يكون قد وقع في تضارب يعيبه، هذا إلى أن الدعوى المدنية كانت قائمة في شأن المحرر موضوع دعوى التزوير المطروحة عندما تقدم المجني عليه إلى النيابة العامة ببلاغ عن تزويره مما كان يقتضي إعمال حكم المادتين 296 و297 من قانون الإجراءات الجنائية اللتين رسمتا طريق الطعن بالتزوير وإجراءاته وعدم الالتجاء إلى اتخاذ إجراءات الاتهام على خلاف المادتين سالفتي الذكر. وإذ خرج الحكم على ذلك مخالفاً قضاء محكمة أول درجة الذي انتهى بتبرئه الطاعنين فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون - كما أن الحكم قد قصر في استيعاب عناصر الدعوى وظروفها كاملة ولم يعن باستظهار ركن الضرر الذي هو شرط قيام جريمة التزوير في المحرر العرفي وخصوصاً أن الورقة التي يحتج بها على المجني عليه ما تزال بين يدي القضاء المختص والطعن في أمرها ما زال قائماً. ولا يجوز القول بأن الضرر يستشف من صدور حكم ابتدائي بصحة ونفاذ هذه الورقة لأن هذا الحكم قد أصدرت فيه محكمة الجنايات قضاءها ضمناً عندما برأت الطاعنين من تزوير إعلان الدعوى ومحضر جلستها، وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله - "إن... أبلغ نيابة باب الشعرية أن "الطاعنة الأولى" زورت عقد بيع نسبت صدوره منه ويتضمن بيعه المنزلين رقمي 3، 5 عطفة الجميزة وأنها رفعت بموجب العقد المذكور الدعوى رقم 4954 سنة 1953 كلي مدني القاهرة بطلب صحته ونفاذه وأنه لم يعلن بهذه الدعوى ورغم ذلك فقد تمكنت السيدة المذكورة من إحضار شخص مثل أمام المحكمة وصادقها على عقد البيع المزور فقضي لها بصحته ونفاذه وقد قام البوليس بتحقيق هذه الشكوى - وقد تبين من التحقيق أن الشاكي قد استأنف الحكم الصادر في القضية سالفة الذكر، ومن ثم طلبت منه النيابة أن يطعن بالتزوير في محضر الجلسة وفي العقد أمام المحكمة الاستئنافية وأمرت النيابة بقيد الأوراق برقم شكوى وقررت بحفظها إدارياً" فتظلم الشاكي من هذا القرار الذي لم يسبقه تحقيق، ومن ثم أعيدت الأوراق إلى التحقيق الذي باشرته النيابة العامة... وقد استبان لها من التحقيق بعد أن ضمت القضية رقم 4954 سنة 1953 كلي مصر واستئنافها أن ثمة تزوير في عريضة الدعوى رقم 4954 لسنة 1953 ك. مصر إذ تقدمت سيدة وانتحلت اسم زوجة (المجني عليه) وأعلنت بصفتها بعريضة الدعوى ووقعت ببصمة إبهامها على العريضة، وأن ثمة تزوير في محضر جلسة 3/ 11/ 1953 - حيث أثبت به أن (المجني عليه) قد حضر بالجلسة وأقر بصدور العقد منه وبصحته والحال أنه لم يحضر وقد أفردت النيابة العامة التحقيقات الأصلية لهاتين الواقعتين وقيدتها جناية برقم 3057 سنة 1956 جنايات باب الشعرية، وقد أحيلت إلى غرفة الاتهام التي قررت بإحالة الأوراق لمحكمة الجنايات بالنسبة لتهمة تزوير عريضة الدعوى وأمرت بأن لا وجه لإقامة الدعوى بالنسبة لتهمة التزوير الذي وقع بمحضر الجلسة، وقد قضت محكمة الجنايات فيما عرض عليها بالبراءة، كما استبان للنيابة أن ثمة تزوير في عقد البيع وأن المتهمة الأولى استعملته في القضية رقم 4954 لسنة 1953 كلي مصر مع علمها بتزويره فقدمت المتهمين بالتزوير في هذه الواقعة إلى محكمة باب الشعرية....." وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة مستمدة من أقوال المجني عليه ومن تقريري قسم أبحاث التزييف والتزوير المؤرخين 3 مايو سنة 1955 و6 فبراير سنة 1956 وانتهى إلى أن إمضاء المجني عليه......... الذي وضع على عقد البيع المطعون عليه ليس إمضاءه - وإنما هو إمضاء مزور عليه وقد تم هذا التزوير من مجهول لم تفصح عنه التحقيقات، وأن ذلك كان باشتراك كل من المتهمين (الطاعنين) بطريقي الاتفاق والمساعدة، إذ ثبت أن لكل منهم توقيعاً على عقد البيع المزور وأن الطاعنة الأولى قد استعملت العقد المذكور في القضية رقم 4954 سنة 1953 كلي القاهرة على رغم علمها بتزويره ودان الطاعنين بجريمتي الاشتراك في التزوير والاستعمال. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع إذ هو يتعلق بسلطتها في تقدير الدليل ولا معقب عليها فيه، ولها كامل الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه من التقارير الفنية والالتفات عما لا تطمئن إليه منها - فإذا كان الحكم قد اطمأن إلى بعض التقارير الفنية التي أشار إليها والمقدمة في الدعوى واستند إليها في إدانة الطاعنين فذلك يفيد أنه قد أطرح باقيها ولا يلزم أن يرد عليها استقلالاً، ولا يصح للطاعنين أن يصادروا المحكمة فيما اطمأنت إليه وعولت فيه على الأدلة السائغة التي أوردتها، وكان ما أورده الحكم في مدوناته في شأن قضية الجناية رقم 3057 سنة 1956 باب الشعرية - وموضوعها تزوير عريضة الدعوى المدنية رقم 4954 سنة 1953 مدني كلي القاهرة يبين منه أن واقعتها مختلفة عن واقعة تزوير عقد البيع - موضوع الدعوى المطروحة - ومستقلة عنها إذ لكل منهما ذاتية وظروف خاصة تتحقق بها الغيرية التي يمتنع معها إمكان القول بوحدة الواقعة في الدعويين - هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن قضاء محكمة الجنايات ببراءة المتهمين من تهمة الجريمة الأشد وهي جناية تزوير عريضة الدعوى لا يمنع محكمة الجنح من القضاء في دعوى الجنحة بالإدانة، ومن ثم فلا يكون صحيحاً ما يقوله الطاعنون من أن الحكم في الجناية بالبراءة كان يقتضي التبرئة من تهمة الجنحة إذ الارتباط الذي تتأثر به المسئولية عن الجريمة الصغرى طبقاً للمادة 32/ 2 من قانون العقوبات ينظر إليه عند الحكم في الجريمة الكبرى بالعقوبة دون البراءة. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض إلى ما يثيره الطاعنون في شأن نعيهم عليه خروجه على مقتضى ما رسمته المادتان 269 و297 من قانون الإجراءات الجنائية من تنظيم لإجراءات دعوى التزوير الفرعية فقال "إنه مما لا شك فيه أن التزوير جريمة، ومتى كان ذلك، وكان من المقرر طبقاً لنص المادة 25 إجراءات أن لكل من علم بوقوع جريمة يجوز للنيابة العامة رفع الدعوى عنها بغير شكوى أو طلب أن يبلغ النيابة العامة.... ومن ثم فلا تثريب على المجني عليه الذي علم بأنه قد نسب إليه عقد بيع فلجأ إلى النيابة العامة مبلغاً عن هذه الواقعة المؤثمة في القانون والمعاقب عليها طبقاً لأحكام قانون العقوبات، كما أنه لا تثريب على النيابة إذا ما قامت بإجراء التحقيق في هذه الواقعة وغيرها من وقائع متعلقة بتزوير عريضة الدعوى وما وقع بمحضر الجلسة. لما كان ذلك، وكانت النيابة العامة قد انتهت في هذه الجرائم إلى تحريك الدعوى الجنائية بشأنها وهي ليست من الجرائم التي يتوقف رفع الدعوى عنها على شكوى أو إذن من تلك الجرائم المنصوص عليها في المادة 3 من قانون الإجراءات، كان هذا الإجراء سليماً في القانون، أما النعي بأنه متى كانت الدعوى خاصة بصحة ونفاذ عقد البيع المطعون عليه بالتزوير ما زالت منظورة بالاستئناف ولم يطعن عليه بالتزوير - ومن ثم فلا يجوز للمضرور أن يلجأ إلى الدعوى العمومية - فهو نعي خاطئ غير سديد لا سند له من القانون - فمتى كان المقرر أن التزوير عمل مؤثم في القانون وكان من حق كل من علم بوقوع جريمة أن يبلغ النيابة العامة عنها، وكان من حق النيابة العامة رفع الدعوى الجنائية عن كل جريمة غير تلك المنصوص عليها في المادة 3 من قانون الإجراءات الجنائية، وكان ما ذهبت إليه محكمة أول درجة قولاً مرسلاً يورد قيداً على حق الأفراد وحق النيابة ولا سند له من القانون. أما عن الإجراءات التي قال عنها الدفاع عن المتهمين (الطاعنين) وسايرته فيها المحكمة (محكمة أول درجة) من وجوب توافرها وهي تلك الإجراءات المنصوص عليها في المادتين 296 و297 إجراءات من ضرورة أن يكون الطعن بالتزوير بتقرير في قلم كتاب المحكمة فإنها إجراءات غير خاصة بخصوص الدعوى الماثلة وإنما هي إجراءات رسمها قانون الإجراءات لمباشرة التزوير الذي يكوّن نطاق الدعوى الجنائية والذي يبدي أثناء سيرها - فهو في حقيقته تنظيم للطعن بالتزوير بحالة محدودة بحدود دعوى قائمة ونطاقه لا يتجاوز هذه الدعوى إذا ما رأى فيها صاحب الشأن أن يطعن بتزوير سند يحتج به في مواجهته في تلك الدعوى، ففي هذه الحالة أوجب عليه القانون إجراءات معينة هي المنصوص عليها في المادتين 296 و297 من قانون الإجراءات - فهي كما سبق القول إجراءات تنظيمية يحددها المشرع لينظم بها طريق الطعن بالتزوير أمام المحكمة الجنائية إذا ما طعن بالتزوير كدفع فرعي تدفع به الدعوى، ولا يمكن أن يتبادر إلى الذهن أن المشرع حين قضى بهذا قد أراد أن يمنع المجني عليه في جريمة التزوير أن يلجأ إلى دعوى التزوير الأصلية بإجراءاتها التي نظمها القانون أو أن يلجأ إلى النيابة العامة مبلغاً إياها عن الجريمة بمقتضى حقه المخول له قانوناً وباعتبارها صاحبة الدعوى الجنائية..." لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم من ذلك صحيحاً في القانون ذلك أن القواعد التي نص عليها قانون الإجراءات الجنائية في الفصل الثامن من الباب الثاني من الكتاب الثاني منه في خصوص دعوى التزوير الفرعية لم يكن لها مقابل في قانون تحقيق الجنايات الملغي الذي اكتفى في المادة 72 منه بالإحالة على قواعد قانون المرافعات المدنية فيما يتعلق "بتحقيق عين الأوراق التي تحصل المضاهاة عليها في مواد التزوير" وقد عللت المذكرة التفسيرية المرافقة لمشروع قانون الإجراءات الجنائية وضع هذا الفصل بأن المشروع "توخي في ذلك تبسيط الإجراءات ولم يشأ الأخذ بما ورد في قانون المرافعات عن دعوى التزوير الفرعية - ومما ينبغي الإشارة إليه أن هذه القواعد قد وضعت للعمل بها سواءً أكانت الدعوى الأصلية لا تزال في مرحلة التحقيق أم كانت منظورة لدى المحكمة" ومؤدى ما تقدم أن للنيابة العامة ولسائر الخصوم في أية حالة كانت عليها الدعوى أمام القضاء الجنائي أن يطعنوا بالتزوير في أية ورقة من أوراق القضية بشرط أن تكون قد قدمت فيها فعلاً - وهو غير الشأن في دعوى التزوير الفرعية التي نظم قانون المرافعات وإجراءاتها. وهذا الطعن هو من وسائل الدفاع التي لا يجوز أن تقف في سبيل حرية النيابة العامة في مباشرة الدعوى الجنائية في حدود القانون، أو أن تعطل الأفراد عن ممارسة الحق المخوّل لهم قانوناً في التبليغ عن الجرائم، أو الالتجاء إلى الطريق الجنائي المباشر عند الاقتضاء, وهو من جهة أخرى يعد تطبيقاً خاصاً لحالة توقف الفصل في الدعوى الجنائية المطروحة على الفصل في دعوى جنائية أخرى طبقاً للإجراءات التي رسمها القانون - وفي نطاق هذه الإجراءات دون التوسع فيها أو القياس عليها. وقد جعل القانون هذا الإيقاف جوازياً للمحكمة لا وجوبياً - إذ قد ترى المحكمة أن التزوير واضح فتستبعد الورقة من تلقاء نفسها، أو أن الورقة نفسها لا لزوم لها للفصل في الدعوى أو أن الدفع بالتزوير غير جدي. ولما كان ما ينعاه الطاعنون على الحكم من سيره في الدعوى المطروحة على الرغم من قيام دعوى صحة ونفاذ عقد البيع المطعون عليه أمام القضاء المدني مردوداً بأنه فضلاً عن أنه لا يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين أو المدافع عنهم قد أثاروا هذا الدفع - فلا يقبل منهم طرحه لأول مرة أمام محكمة النقض فإنه من المقرر أن القاضي الجنائي غير مكلف بوقف الدعوى الجنائية في هذه الحال لخروجها عن نطاق المسائل الفرعية التي عناها الشارع بالإيقاف في المادة 223 من قانون الإجراءات الجنائية، ولعدم اتصالها بأركان الجريمة المرفوع بها الدعوى الجنائية أو بشروط تحقق وجودها. لما كان ذلك، وكانت الواقعة الثابتة في الحكم هي أن الطاعنين قد اشتركوا مع مجهول في اصطناع عقد بيع منزلين نسباه كذباً إلى المجني عليه ومن شأن هذا العقد إنشاء التزامات وكانت طبيعة هذا التزوير أن ينطوي على الإضرار، فإنه لا يشترط لصحة الحكم بالإدانة في جريمة التزوير أن يتحدث صراحة عن ركن الضرر بل يكفي أن يكون قيامه مستفاداً من مجموع عبارات الحكم، وهو ما حققته أسباب الحكم المطعون فيه - فلا محل لما يعيبه الطاعنون على الحكم في هذا الشأن، لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دين الطاعنون بها، وخلص إلى ذلك بأدلة سائغة، فإن ما ينعاه عليه الطاعنون لا يكون له وجه، مما يتعين معه رفض الطعن موضوعاً.


(1) المبدأ ذاته في الطعن رقم 124 لسنة 30 ق (جلسة 13/ 6/ 1960).

الطعن 2092 لسنة 57 ق جلسة 6 / 3 / 1989 مكتب فني 40 ج 1 ق 127 ص 735

جلسة 6 من مارس سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد إبراهيم خليل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ منير توفيق نائب رئيس المحكمة، عبد المنعم إبراهيم، عبد الرحيم صالح ومحمد مختار أباظة.

------------------

(127)
الطعن رقم 2092 لسنة 57 القضائية

(1، 2، 3) محكمة الموضوع "سلطتها في تفسير العقود" "سلطتها في تقدير القرائن". التزام "الإعذار".
(1) محكمة الموضوع - لها السلطة التامة في تفسير الاتفاقات والمحررات بما تراه أوفى إلى نية عاقديها وأصحاب الشأن فيها مستهدية في ذلك بوقائع الدعوى وظروفها.
(2) لمحكمة الموضوع تقدير الأدلة والقرائن المطروحة في الدعوى واستخلاص ما تقتنع به منها. لها أن تأخذ بنتيجة دون أخرى ولو كانت محتملة متى كان استخلاصها سائغاً ولا يخالف الثابت بالأوراق. عدم التزامها بمناقشة كل قرينة أو إيراد كل حجة للخصوم وتفنيدها ما دام في قيام الحقيقة التي أوردت دليلها التعليل الضمني لإطراحها.
(3) الإعذار. غايته. وضع المدين وضع المتأخر في تنفيذ التزامه. لا موجب له إذا أصبح تنفيذ الالتزام غير مجد بفعل المدين. م 220 مدني.
(4) عقد "فسخ العقد: الشرط الفاسخ الضمني". محكمة الموضوع "سلطتها في فسخ العقد".
الفسخ المبني على الشرط الفاسخ الضمني. م 157 مدني. للمدين أن يتوقاه بالوفاء بالتزامه إلى ما قبل صدور الحكم النهائي. وجوب أن يتم الوفاء المتأخر طبقاً للأوصاف وبذات الشروط المتفق عليها - فالتنفيذ المعيب يعتبر في حكم عدم التنفيذ الجزئي - وأن يكون مما لا يضاربه الدائن. كفاية أسباب الفسخ أو عدم كفايتها. من سلطة الموضوع متى استندت إلى أسباب سائغة.
(5) عقد "فسخ العقد" "العقود الزمنية".
العقود الزمنية "الغير محددة المدة". القضاء بفسخها. ليس له أثر رجعي. علة ذلك. عدم إمكان إعادة ما نفذ منها.
(6) عقد "فسخ العقد". فوائد.
فسخ العقد. أثره. انحلال العقد بأثر رجعي منذ نشوئه واسترداد كل متعاقد ما قدمه للآخر. م 160 مدني. الاسترداد. قيامه على ما دفع بغير حق. م 182 مدني - المستلم لغير المستحق إلزامه بالفوائد من تاريخ المطالبة القضائية. م 185/ 3 مدني.
(7) عقد "أثر فسخ العقد". حكم "بياناته: الإلزام بذات العملة الأجنبية".
انحلال العقد بأثر رجعي نتيجة للفسخ. مقتضاه. استرداد كل متعاقد عين ما قدمه لا ما يقابله. لازمه. استرداد المتعاقد ما دفعه للمتعاقد الآخر من عمله أجنبية بذاتها المسددة بها وليس بما يعادلها من العملة المحلية. القضاء بإلزام بالعملة الأجنبية دون بيان سعر الصرف. كفايته للتعريف بقضاء الحكم.

-------------------
1- المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم نصوص الاتفاقات وسائر المحررات وتفسيرها والتعرف على ما قصد منها دون التقيد بألفاظها بحسب ما تراه أوفى إلى نية عاقديها وأصحاب الشأن فيها مستهدية في ذلك بوقائع الدعوى وظروفها.
2- لمحكمة الموضوع تقدير الأدلة والقرائن المقدمة في الدعوى واستخلاص ما تقتنع به منها متى كان ذلك سائغاً لا مخالفة فيه للثابت بالأوراق ولها أن تأخذه بنتيجة دون أخرى ولو كانت محتملة دون أن تكون ملزمة بالتحدث في حكمها عن كل قرينة قضائية يدلي بها الخصوم إليها استدلالاً على دعواهم بطريق الاستنباط أو أن تدور حول حججهم وتفندها إذ في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها التعليل الضمني لإطراحها.
3- المقصود بالإعذار حد وضع المدين في مركز الطرف المتأخر عن تنفيذ التزامه ومن ثم فلا يوجب له وفقاً للمادة 220 من القانون المدني بعد أن أصبح تنفيذ الالتزام غير مجد بفعل الطاعن المدين.
4- لما كان الفسخ المبني على الشرط الفاسخ الضمني طبقاً للمادة 157 من القانون المدني يخول المدين أن يتوقى صدور الحكم بالفسخ بالوفاء بالتزامه إلى ما قبل صدور الحكم النهائي في الدعوى إلا أن هذا الوفاء المتأخر يجب أن يتم طبقاً للأوصاف وبذات الشروط المتفق عليها - فالتنفيذ المعيب يعتبر في حكم عدم التنفيذ الجزئي -، وأن يكون مما لا يضار به الدائن، ومحكمة الموضوع فيما تقرره من كفاية أسباب الفسخ أو عدم كفايتها لا تخضع لرقابة محكمة النقض متى استندت في ذلك إلى أسباب سائغة.
5- الفسخ يرد على كافة العقود الملزمة للجانبين سواء أكانت من العقود الفورية أم كانت من العقود الزمنية (غير محددة المدة) ويترتب على الحكم به انحلال العقد واعتباره كأن لم يكن غير أن الأثر الرجعي للفسخ لا ينسحب على الماضي إلا في العقود الفورية أما في غيرها فلا يمكن إعادة ما نفذ منها.
6- مفاد نص المادة 160 من القانون المدني أن الفسخ يترتب عليه انحلال العقد بأثر رجعي منذ نشوئه ويعتبر كأن لم يكن فيسترد كل متعاقد ما قدم للآخر، ويقوم استرداد الطرف الذي نفذ التزامه ما سدده للآخر من مبالغ في هذه الحالة على استرداد ما دفع بغير حق الأمر الذي أكدته المادة 182 من القانون المدني بنصها على أنه يصح استرداد غير المستحق إذا كان الوفاء قد تم تنفيذاً الالتزام زال سببه بعد أن تحقق، لما كان ذلك وكانت المادة 185/ 3 من القانون المدني تلتزم من تسليم غير المستحق برد الفوائد من يوم رفع الدعوى فإن الحكم المطعون فيه إذ ألزم الطاعن بالفوائد اعتباراً من تاريخ قيد صحيفة الدعوى موضوع الطعن بقلم كتاب المحكمة المنظورة أمامها فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون.
7- مقتضى انحلال العقد بأثر رجعي نتيجة للفسخ هو - وعلى ما سلف القول - أن يسترد كل متعاقد عين ما قدمه لا ما يقابله، ولازم ذلك أنه وقد فسخ العقد محل النزاع وملحقه لإخلال الطاعن بالتزاماته الناشئة عنهما فإنه يحق للمطعون ضدها استرداد ما دفعته إليه من مبالغ وبذات العملة المسددة بها أي بالدولارات الأمريكية وليس بما يعادلها من العملة المحلية، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضدها مبلغ 910230 دولاراً أمريكياً فلا تكون به حاجة إلى بيان سعر الصرف الذي يتم على أساسه تحويل المبلغ المقضي به إلى العملة المحلية لأن محل الإلزام هو ذات العملة الأجنبية وليس ما يقابلها وفى ذلك ما يكفي للتعريف بقضاء الحكم وينأى به عن التجهيل.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن بصفته أقام على الشركة المطعون ضدها الدعوى رقم 788 لسنة 1980 تجاري كلي جنوب القاهرة انتهى فيها إلى طلب الحكم - أولاً: بالترخيص له بإيداع أفلام الفيديو الخاصة بإنتاج مسلسلي "ليال شرقية" "عماد في الأدغال" بمخازن أستوديو مصر على نفقة المطعون ضدها - ثانياً: ببراءة ذمته من التزامه بإنتاج هذين المسلسلين - ثالثاً: بإلزام المطعون ضدها بأن تدفع له مبلغ مائه وخمسة وتسعين ألف دولار أمريكي باقي ثمن المسلسلين، ومبلغ مائتي ألف جنيه مصري كتعويض والفوائد اعتبار من تاريخ المطالبة القضائية. وبياناً لذلك قال أنه بموجب عقد مؤرخ.......... 14- 17/ 2/ 1976 عهدت إليه المطعون ضدها إنتاج وإخراج العروض الفنية التي يقدم إليها أفكارها وكان من بينها المسلسلين آنفي الذكر، وبملحق لهذا العقد مؤرخ 4/ 2/ 1977 تم الاتفاق بينهما على تسليم هذين المسلسلين على دفعات متتالية في غضون أربعة أشهر من تاريخه، وأنه إذ أوفى بالتزامه ورفض المطعون ضدها تسلم المسلسلين فقد أقام دعواه بطلباته السالفة. كما أقامت المطعون ضدها على الطاعن الدعوى رقم 805 لسنة 1980 تجاري كلي جنوب القاهرة انتهت فيها إلى طلب الحكم بفسخ العقد الأصلي وملحقه وبإلزام الطاعن أن يرد لها ما تسلمه منها من مبالغ على ذمة هذا العمل وقدروها 910230 دولاراً أمريكياً والفوائد وذلك لإخلاله بالتزامه بتسليم المسلسلين المذكورين في الميعاد. وبعد ضم الدعويين ندبت محكمة أول درجة خبيراً فيهما. وإذ قدم تقريره حكمت 30/ 4/ 1986 برفض الدعوى الأولى وبإجابة المطعون ضدها إلى طلباتها في الدعوى الثانية على أن تكون الفوائد بواقع 5% اعتباراً من تاريخ المطالبة القضائية في 20/ 12/ 1980 استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئنافين رقمي 1346 لسنة 93 ق، 1383 لسنة 93 ق القاهرة. وبتاريخ 5/ 5/ 1987 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعن بالأول والثالث والخامس على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ومخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع إذ أقام قضاءه بفسخ العقد المؤرخ 14 - 17/ 2/ 1976 وملحقه على ما انتهت إليه لجنة الخبراء من إخلاله بالتزاماته الناشئة عنهما وذلك بتصويره المسلسلين عن طريق الفيديو وليس بطريق التصوير السينمائي، واستعانته بالمناظر المطبوعة دون تصوير مشاهد مسلسل "عماد في الأدغال" على الطبيعة، ونقص مدة بعض الحلقات عن 27 دقيقة بالمخالفة لما اتفق عليه في هذا الخصوص، وتأخره في تنفيذ المسلسلين وتسليمهما إلى المطعون ضده عن الأجل المحدد وأطرح ما تمسك به من خلو العقد وملحقه من تحديد طريقة التصوير ومكانه، وأن التصوير بالفيديو يتفق وكون المسلسلان عملاً تليفزيونياً، وأن الأصول الفنية تستلزم البدء بتصوير المشاهد سينمائياً ثم نقلها على أشرطة الفيديو التي التزمت المطعون ضدها بإمداده بما يلزم منها، وأن الاستعانة بالمناظر المطبوعة أمر مألوف في معظم العروض التليفزيونية خاصة وأن أولياء أمور الأطفال المشتركين في المسلسل رفضوا الموافقة على سفرهم، وأن العبرة ليست بمدة عرض الحلقة الواحدة بل بمدة عرض مجموع الحلقات وهو يزيد عن المتفق عليه، وأن اللجنة لم تقطع بسبب تأخره في إتمام المسلسلين، وأن سبب ذلك يرجع إلى تراخي المطعون ضدها في إمداده بأشرطة الفيديو وطلب وكيلها وقف نقل أشرطة باقي حلقات المسلسلين لحين الانتهاء من أعمال أخرى فضلاً عما أثارته من منازعات حول ملكيته عربة التصوير بقصد عرقلته عن تنفيذهما، كما أن الحكم قد ناط باللجنة تحديد سبب التأخير وهو يرجع إلى خطأ الطاعن أم لأسباب خارجة عن إرادته ومدى اشتراك المطعون ضدها فيه مع تحقيق كافة عناصر الدعوى وهي مسائل قانونية تدخل في صميم عمل المحكمة، ولم يعن بدفاعه بعدم دراية أعضاء اللجنة بأعمال الإخراج مما أعجزها عن بيان المعايير الفنية في تقدير مستوى العمل محل النزاع، وبأن الإنذار الذي وجهته المطعون ضدها إليه في 13/ 12/ 1980 لم يتضمن تكليفه بالوفاء بتلك الالتزامات ومن ثم لا يعتبر إعذاراً مما تستوجبه المادة 157 من القانون المدني للقضاء بالفسخ.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم نصوص الاتفاقات وسائر المحررات وتفسيرها والتعرف على ما قصد منها دون التقيد بألفاظها بحسب ما تراه أوفى إلى نية عاقديها وأصحاب الشأن فيها مستهدية في ذلك بواقع الدعوى وظروفها، وهي إذ تباشر ذلك تملك تقدير الأدلة والقرائن المقدمة في الدعوى واستخلاص ما تقتنع به منها متى كان ذلك سائغاً لا مخالفة فيه للثابت بالأوراق ولها أن تأخذ بنتيجة دون أخرى ولو كانت محتملة دون أن تكون ملزمة بالتحدث في حكمها عن كل قرينة قضائية يدلي بها الخصوم إليها استدلالاً على دعواهم بطريق الاستنباط أو أن تورد حول حججهم وتفندها إذ في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها التعليل الضمني لإطراحها. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما اطمأن إليه من تقرير لجنة الخبراء من إخلال الطاعن بالتزاماته الناشئة عن العقد المؤرخ 14 - 17/ 2/ 1976 وملحقه سواء بمخالفة طريقة التصوير المتفق عليها باستخدام وسيلة الفيديو بدلاً من التصوير السينمائي بإمكانياته وهو ما استخلصته اللجنة في التزام الطاعن في البند السادس من العقد بتسليم المطعون ضدها نسختين من الفيلم استاندارد 35 مم الذي لا يستخدم إلا في حالة التصوير السينمائي فحسب، أو باستعانته بالمناظر المطبوعة في مسلسل "عماد في الأدغال" رغم التزامه بتصوير مشاهده في غابات حقيقية إذ أقر في المكاتبات الصادرة منه باتفاقه مع سفارة دولة أوغندا على التصوير بغاباتها، أو بنقص مدة عرض بعض حلقات المسلسلين اللذين شاهدتهما اللجنة عن المدة المتفق عليها وهي 27 دقيقة على الأقل للحلقة الواحدة، فضلاً عن تراخيه في إتمام التنفيذ حتى 7/ 3/ 1978 رغم تعهده بالملحق المؤرخ 4/ 2/ 1977 بتسليم المسلسلين في موعد لا يتجاوز 4/ 6/ 1977 وهو استخلاص سائغ مما هو ثابت بالأوراق رأت معه محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقدير كفاية أسباب الفسخ ما يسوغ القضاء به، وفيه الرد الضمني على ما تمسك به الطاعن بشأن طريقة التصوير ومكانه ومدة عرض الحلقات، ولا على تلك المحكمة إن التفتت عما عرضه من أسباب للتأخير ترجع إلى خطأ المطعون ضدها سواء تمثلت في عدم إمداده بأشرطة الفيديو أو تكليفها إياه في 17/ 12/ 1977 بوقف نقل ما تبقى من أشرطة المسلسلين أو منازعتها حول ملكيته سيارة الفيديو إذ أن هذه الأسباب - أياً كان فحواها وأثرها - لاحقة في وقوعها على انتهاء الأجل المحدد لتنفيذ المسلسلين. هذا ولا وجه لما يتحدى به الطاعن من عدم دراية اللجنة بالمسائل الفنية التي يتطلبها بحث أوجه النزاع وأنها فصلت في مسألة قانونية من صميم عمل المحكمة إذ للخبير أن يستعين عند قيامه بمهمته بما يرى ضرورة له من المعلومات الفنية التي يستقيها من مصادرها ورأيه حين يطرح محل مناقشة من الخصوم وتقدير موضوعي من المحكمة صاحبة الرأي الأعلى والأخير فيما انتهى إليه، ولم تدل اللجنة برأي في تحديد سبب تأخير الطاعن في تنفيذ التزامه سالف البيان، وأقام الحكم قضاءه على ما خلص إليه سديداً من توافر خطأ الطاعن وكفايته مبرراً للفسخ وعدم ثبوت خطأ في جانب المطعون ضدها بما لا يعدو ما يثيره الطاعن في هذا الشأن أن يكون جدلاً موضوعياً في تفسير محكمة الموضوع للمحررات وتقديرها للأدلة وهو ما لا يجوز أمام محكمة النقض، ولا على الحكم أن لم يتطلب إعذار المطعون ضدها للطاعن طبقاً للمادة 157 من القانون المدني لأن المقصود بالإعذار هو وضع المدين في مركز الطرف المتأخر عن تنفيذ التزامه ومن ثم فلا موجب له وفقاً للمادة 220 من القانون المدني بعد أن أصبح تنفيذ الالتزام غير مجد بفعل الطاعن المدين.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجهين الأول والثالث من السبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب إذ لم يعمل سلطته في تقدير مبررات الفسخ وقضى به رغم تمسكه أمام محكمة الموضوع بأنه عرض على المطعون ضدها في 7/ 3/ 1978 استلام مسلسلي النزاع توقياً لفسخ العقد وأنه لا ينال من ذلك ما يكون قد طرأت عوامل تأثرت معها قيمتها ولم تقم المحكمة ببحث هذا الدفاع أو الرد عليه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله إذ أنه وإن كان الفسخ المبني على الشرط الفاسخ الضمني طبقاً للمادة 157 من القانون المدني يخول المدين أن يتوقى صدور الحكم بالفسخ بالوفاء بالتزامه إلى ما قبل صدور الحكم النهائي في الدعوى إلا أن هذا الوفاء المتأخر يجب أن يتم طبقاً للأوصاف وبذات الشروط المتفق عليها - فالتنفيذ المعيب يعتبر في حكم عدم التنفيذ الجزئي، وأن يكون مما لا يضار به الدائن، ومحكمة الموضوع فيما تقرره من كفاية أسباب الفسخ أو عدم كفايتها لا تخضع لرقابة محكمة النقض متى استندت في ذلك إلى أسباب سائغة لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خلص سديداً على ما سلف بيانه في الرد على الأسباب الأول والثالث والخامس - إلى الطاعن لم يراع في تنفيذ المسلسلين الشروط المتفق عليها سواء من حيث طريقة التصوير أو مكانه أو مدة بعض الحلقات فيهما وأن قيمتهما المادية انخفضت نتيجة التأخر في تنفيذهما عن الأجل المحدد ورأت محكمة الموضوع في ذلك ما يبرر الفسخ دون أن تعتد بهذا الوفاء المتأخر المعيب فلا تثريب عليها إن هي التفتت عن دفاع الطاعن في هذا الشأن متى كان لا يستند إلى أساس قانوني صحيح ومن ثم فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل الوجهين الثاني والخامس من السبب الرابع أن الحكم المطعون فيه قضى بفسخ عقد المقاولة المؤرخ 14 - 17/ 2/ 1976 دون أن يعنى بتحقيق ما تمسك به من أن مؤدى البند 16 منه أنه عقد غير محدد المدة وغير قاصر على المسلسلين محل النزاع بما لازمه أن الإخلال بالالتزامات الخاصة بأحد أعماله لا يقتضي فسخ العقد بأكمله بل يقتصر أثره على هذا العمل وحده في حدود ما لم يتم تنفيذه منه دون أن ينسحب على ما تم تنفيذه........ مما يعيب الحكم بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه فضلاً عن القصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الفسخ يرد على كافة العقود الملزمة للجانبين سواء أكانت من العقود الفورية أم كانت من العقود الزمنية غير محددة المدة ويترتب على الحكم به انحلال العقد واعتباره كأن لم يكن غير أن الأثر الرجعي للفسخ لا ينسحب على الماضي إلا في العقود الفورية أما في غيرها فلا يمكن إعادة ما نفذ منها، لما كان ذلك وكانت الأوراق قد خلت مما يفيد أن شيئاً من الأعمال الفنية التي تناولها العقد المؤرخ 14 - 17/ 2/ 1976 وملحقه المؤرخ 4/ 2/ 1977 قد تم تنفيذه قبل مسلسلي النزاع فإنه - أياً كان الرأي في التكييف القانوني لهذين العقدين - لا محل للقول بأن الفسخ يقتصر أثر على هذين المسلسلين دون غيرهما من الأعمال وبالتالي فلا جناح على الحكم إن لم يرد على هذا الدفاع مما يكون معه النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الرابع من السبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه إذ قضى بالفوائد من تاريخ المطالبة القضائية في حين أن المبلغ المقضي به لم ينشأ الالتزام به وبالتالي لم يعين المقدار إلا من تاريخ الحكم بحسبانه منشئاً للفسخ لا مقرراً له مما لا تستحق معه الفوائد إلا من تاريخ صيرورة الحكم نهائياً.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن مفاد نص المادة 160 من القانون المدني أن الفسخ يترتب عليه انحلال العقد بأثر رجعي منذ نشوئه ويعتبر كأن لم يكن فيسترد كل متعاقد ما قدم للآخر، ويقوم استرداد الطرف الذي نفذ التزامه ما سدده للآخر من مبالغ في هذه الحالة على استرداد ما دفع بغير حق الأمر الذي أكدته المادة 182 من القانون المدني بنصها على أنه يصح استرداد غير المستحق إذا كان الوفاء قد تم تنفيذ الالتزام زال سببه بعد أن تحقق، لما كان ذلك وكانت المادة 185/ 3 من القانون المدني تلزم من تسلم غير المستحق برد الفوائد من يوم رفع الدعوى فإن الحكم المطعون فيه إذ ألزم الطاعن بالفوائد اعتباراً من تاريخ قيد صحيفة الدعوى موضوع الطعن بقلم كتاب المحكمة المنظورة أمامها فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه إذ لم يحدد سعر الصرف الذي على أساسه يتم تحويل المبلغ المقضي به من الدولارات الأمريكية إلى العملة المصرية وعلى نحو ما التزم به طرفا التداعي في تحديد قيمة كل من مسلسلي النزاع فإنه يكون مجهلاً مما يشوبه بالبطلان.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن مقتضى انحلال العقد بأثر رجعي نتيجة للفسخ هو - وعلى ما سلف القول - أن يسترد كل متعاقد عين ما قدمه لا ما يقابله، ولازم ذلك أنه وقد فسخ العقد محل النزاع وملحقه لإخلال الطاعن بالتزاماته الناشئة عنهما فإنه يحق للمطعون ضدها استرداد ما دفعته إليه من مبالغ وبذات العملة المسددة بها أي بالدولارات الأمريكية وليس بما يعادلها من العملة المحلية، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضدها مبلغ 910230 دولاراً أمريكياً فلا تكون به حاجة إلى بيان سعر الصرف الذي يتم على أساسه تحويل المبلغ المقضي به إلى العملة المحلية لأن محل الإلزام هو ذات العملة الأجنبية وليس ما يقابلها وفى ذلك ما يكفي للتعريف بقضاء الحكم وينأى به عن التجهيل فيكون النعي على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 359 لسنة 30 ق جلسة 20 / 6/ 1960 مكتب فني 11 ج 2 ق 113 ص 591

جلسة 20 من يونيو سنة 1960

برياسة السيد محمود محمد مجاهد المستشار، وبحضور السادة: أحمد زكي كامل، والسيد أحمد عفيفي، ومحمد عطية إسماعيل، وعادل يونس المستشارين.

---------------

(113)
الطعن رقم 359 لسنة 30 القضائية

قانون دولي عام. 

حرب: آثار قيام حالتها.

-------------------
يترتب على قيام حالة الحرب انقطاع العلاقات السلمية بين الدول المتحاربة وانقضاء معاهدات الصداقة والتحالف التي تكون مبرمة بينها، ونشوء حق الدولة المحاربة في مصادرة أموال دولة العدو الموجودة في إقليمها.


الوقائع

أحالت النيابة العامة الطاعن على محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادة 113 عقوبات بتهمة أنه بصفته مكلفاً بخدمة عامة "عسكري بالجيش" استولى بغير حق على البطاطين المبينة الوصف والقيمة بالمحضر والمملوكة للدولة. ومحكمة الجنايات قضت حضورياً عملاًً بالمواد 17 و111 و113 و118 و119 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وبتغريمه خمسمائة جنيه، فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب حين دان الطاعن بجريمة الاستيلاء بغير حق على أموال مملوكة للدولة اعتماداً على رواية الشهود على رغم مجافاتها للمعقول لاستحالة إقدام الطاعن في رابعة النهار على الاستيلاء على البطاطين موضوع الجريمة لوجودها داخل مساكن الخبراء الألمان بمعسكر التل الكبير الذي تحرسه القوات من جميع الجهات - هذا إلى أن هذه البطاطين لا تعد مملوكة للدولة - بل هي مملوكة لدولة أجنبية إذ أنها خاصة بالخبراء الألمان الذين اتفق على بقائهم بمعسكر التل الكبير طبقاً للاتفاقية التي كانت مبرمة في هذا الشأن، وظل هؤلاء الخبراء موجودين حتى تم جلاء المعتدين عن البلاد بعد العدوان الثلاثي عليها المعاصر لوقت الحادث، وكان من المتعين على النيابة العامة وعلى المحكمة التدليل على ملكية الدولة لهذا المال. وبفرض صحة الواقعة فإنها لا تعدو شروعاً في سرقة هذا المال لأن الطاعن يعمل حارساً بالمعسكر المذكور ولم يحمل البطاطين أو يخرج بها من مكانها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إنه في يوم 16/ 11/ 1956 توجه المتهم محمد محمد مرسي أبو زيد (الطاعن) وكان جندياً بالكتيبة 9 مشاه مع بعض زملائه من جنود الكتيبة إلى معسكر التل الكبير لاستلام سيارات ولما وصلوا حوالي الساعة 9 ونصف صباحاً انصرف المتهم مع زميله العسكري عبد العاطي أبو زيد عياد ليشربا من المعسكر ولكن المتهم دخل أحد المنازل بالمعسكر واستولى منه على ثلاث بطانيات من أموال الدولة ورآه العسكري أحمد إبراهيم السلاموني الذي كان يحرس هذه المنطقة خارجاً من المنزل ومعه البطانيات المسروقة فضبطه ثم قدم الملازم أول سري خوجلي كراد الذي كان يمر في هذه المنطقة وعلم بالحادث فأرسل المتهم إلى إدارة المباحث الجنائية بالمعسكر" وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة مستمدة من أقوال العسكريين عبد العاطي أبو زيد عياد وأحمد إبراهيم السلاموني والملازم أول سري خوجلي كراد - وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وتتوافر بها كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن الموضوعي ففنده في منطق سليم وأثبت في حقه استيلاءه على البطاطين المختلسة بوصفه مكلفاً بخدمة عامة هي كونه جندياً بالجيش وذلك بإخراجها من المكان الذي تحفظ فيه بنية اختلاسها وهو ما تتوافر به جريمة الاستيلاء بغير حق على مال للدولة كما هي معرفة به في القانون، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لملكية الدولة للمال المستولى عليه في قوله "وحيث إن البطاطين المضبوطة تعتبر ملكاً للدولة إذ أن جميع المهمات والعتاد الذي تركته القوات البريطانية بمنطقة القنال بعد مغادرتها لها يعتبر ملكاً للدولة ابتداءً من تاريخ 30/ 10/ 1956 وهو التاريخ الذي تعتبر فيه المعاهدة ملغاة". لما كان ذلك، وكان ما انتهى إليه الحكم سديداً في القانون، ذلك أنه يترتب على قيام حالة الحرب انقطاع العلاقات السلمية بين الدول المتحاربة وانقضاء معاهدات الصداقة والتحالف التي تكون مبرمة بينها كالاتفاق وملحقيه والخطابات المتبادلة الملحقة به والمحضر المتفق عليه المعقود بين حكومة "جمهورية مصر" وحكومة "المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وشمال ايرلندا" والموقع عليه بالقاهرة في 19 من أكتوبر سنة 1954، ونشوء حق الدولة المحاربة في مصادرة أموال دولة العدو الموجودة في إقليمها، وقد صدر القرار الجمهوري رقم 252 لسنة 1957 في شأن تشكيل لجنة تصفية موجودات قاعدة قناة السويس، وقرار وزير المالية والاقتصاد رقم 69 لسنة 1958 بشأن اللجنة المذكورة، وجاء الخطابان رقم 5 المؤرخان 28 من فبراير سنة 1959 والمنشوران بعدد الجريدة الرسمية رقم 52 في 16 من مارس سنة 1959، المتبادلان بين وفدي حكومة الجمهورية العربية المتحدة وحكومة المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وشمال ايرلندا على إثر إبرام الاتفاق بين الحكومتين بشأن العلاقات المالية والتجارية والأملاك البريطانية في مصر الصادر به القانون رقم 341 لسنة 1959 بتاريخ 28 من فبراير سنة 1959 بنزول كل من الحكومتين عن جميع أنواع المطالبات - من كل منهما قبل الأخرى، ومن بينها المطالبات المتعلقة بممتلكات حكومة المملكة المتحدة الموجودة في قاعدة قناة السويس كما حددت في الفقرة ( أ ) من الجزء الأول من الملحق الثاني لاتفاق 19 من أكتوبر سنة 1954 الخاص بقاعدة قناة السويس - جاء هذان الخطابان مؤيدين لما تم من تصفية لموجودات القاعدة المذكورة اعتباراً من تاريخ العدوان في 30 من أكتوبر سنة 1956، مما يعد معه المال موضوع الدعوى المطروحة مملوكاً للدولة اعتباراً من هذا التاريخ. لما كان ما تقدم، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه يكون في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.

الطعن 2359 لسنة 51 ق جلسة 5 / 3 / 1989 مكتب فني 40 ج 1 ق 126 ص 729

جلسة 5 من مارس سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ أحمد شوقي المليجي رئيس محكمة النقض وعضوية السادة المستشارين/ طلعت أمين صادق، محمد عبد القادر سمير، الدكتور عبد القادر عثمان وحسين حسني دياب.

-------------------

(126)
الطعن رقم 2359 لسنة 51 قضائية

عمل "العاملون بالقطاع العام" "إدارات قانونية: ترقية".
الترقية لوظيفة مدير إدارة قانونية. قيامها على أساس الكفاية. وجوب الاعتداد بالأقدمية عند التساوي في مرتبة الكفاية واستيفاء المرشح لها شروط شغلها. ق 47 لسنة 1973.

--------------------
مفاد نص المواد الأولى والثامنة والتاسعة من مواد إصدار القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات التابعة لها، وقراري وزير العدل 731 لسنة 1977 و781 لسنة 1978 الصادرين استناداً للتفويض التشريعي المنصوص عليه في المادة الثامنة المشار إليها، أن - المشرع استلزم لترقية عضو الإدارة القانونية في الوظائف الأدنى لوظيفة مدير الإدارة الحصول في آخر تقدير كفاية من إدارة التفتيش الفني بوزارة العدل على تقدير متوسط على الأقل، وجعل الترقية على أساس الكفاية على أن يعتد بالأقدمية عند التساوي في مرتبة الكفاية، وبشرط أن يكون المرشح للترقية مستوفياً لاشتراطات شغل الوظيفة حسبما وردت بنص المادة 13 من القانون سالف الذكر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 63 لسنة 1980 مدني كلي جنوب القاهرة على الشركة المطعون ضدها طالباً الحكم بإلزامها بترقيته إلى وظيفة مدير إدارة قانونية بالدرجة الأولى مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية اعتباراً من 1/ 12/ 1979 وحتى تاريخ الحكم في الدعوى، وأن تدفع له تعويضاً مقداره 1000 جنيه، وقال بياناً لدعواه أن المطعون ضدها أصدرت بتاريخ 27/ 11/ 1979 حركة ترقيات رقيت فيها زميلته إلى وظيفة مدير إدارة الشئون القانونية للاستثمارات بالدرجة الأولى اعتباراً من 1/ 12/ 1979 وإذ يستحق بالتطبيق لأحكام القانون رقم 47 لسنة 1973 وقرار وزير العدل رقم 781 لسنة 1978 الترقية إلى هذه الوظيفة لتساويه مع زميلته في آخر تقرير كفاية وضع لهما من إدارة - التفتيش الفني بوزارة العدل، ولأسبقيته عنها في الأقدمية، وأصيب من جراء تخطيه في الترقية بإضرار مادية وأدبية يقدر التعويض عنها بمبلغ 1000 جنيهاً، فقد أقام الدعوى بالطلبات آنفة البيان. ندبت المحكمة خبيراً، وبعد أن قدم تقريره قضت في 7/ 3/ 1981 بأحقية الطاعن في الترقية إلى الدرجة الأولى بوظيفة مدير إدارة قانونية للاستثمارات اعتباراً من 27/ 11/ 1979، وبإلزام المطعون ضدها أن تؤدي إليه مبلغ 45.410 جنيهاً قيمة الفروق المستحقة من 1/ 12/ 1979 حتى 30/ 9/ 1980 بخلاف ما يستجد شهرياً بواقع 4.490 جنيهاً اعتباراً من 1/ 10/ 1980، وبرفض ما عدا ذلك من طلبات. استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 479 لسنة 98 ق، كما استأنفته المطعون ضدها أمام ذات المحكمة بالاستئناف رقم 533 لسنة 98 ق، وبتاريخ 18/ 11/ 1981 حكمت المحكمة في موضوع الاستئنافين بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وبعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفى بيان ذلك يقول أن الثابت بالأوراق أنه يتساوى وزميلته في مرتبة الكفاية بآخر تقرير وضع لهما من إدارة التفتيش الفني بوزارة العدل، ويسبقها في شغل الفئة التي رقيت منها، وبالتالي فهو يفضلها في الترقية إعمالاً لنص المادة 14 من القانون رقم 47 لسنة 1973، والمادتين 4، 5 من قرار وزير العدل رقم 781 لسنة 1978، ولا يجوز في هذا الصدد الاعتداد بالتقارير التي وضعتها المطعون ضدها لإعمال قاعدة الترقية بالاختيار، وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه على أنه وزميلته قد استوفيا شروط الترقية طبقاً لقرار وزير العدل المشار إليه بحصولهما في آخر تقرير من إدارة التفتيش الفني بوزارة العدل على درجة جيد، ثم أعرض بعد ذلك عن تطبيق أحكام هذا القرار فيما أوجبته من الاعتداد في هذه الحالة بالأقدمية بأن عول على تقارير الكفاية التي وضعتها المطعون ضدها عن عامي 1977، 1978 وخولها حق الترقية بالاختيار على سند من هذين التقريرين، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كانت المادة الأولى من مواد إصدار القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات التابعة لها تقضي بسريان أحكامه على مديري وأعضاء الإدارات - القانونية بالجهات سالفة الذكر، وكان المشرع قد استهدف من إصدار هذا القانون - وعلى ما أفصح عنه تقرير اللجنة التشريعية - "كفالة الاستقلال الفني لأعضاء الإدارات القانونية في القيام بواجباتهم القانونية، وأن هذا الاستقلال إنما يتحقق من خلال ما اقترحه المشروع من وضع نظام للتفتيش الفني على أعمال أعضاء الإدارات القانونية أسوة بما هو متبع بالنسبة لأعضاء الهيئات القضائية، ومن خلال الضمانات التي كفلها المشروع لأعضاء الإدارات القانونية لمحاسبتهم وتقرير ترقياتهم وتنقلاتهم" وتحقيقاً لذلك نص في المادة التاسعة من القانون على أن "تشكل إدارة للتفتيش الفني على أعمال الإدارات القانونية وعلى نشاط مديريها وأعضائها من عدد كاف من المفتشين يندبون من بين أعضاء الهيئات القضائية من درجة مستشار ورئيس محكمة أو ما يعادلها ومن بين المديرين العامين والمديرين بالإدارات القانونية، وتكون تابعة لوزير العدل............ وخول في المادة الثامنة منه وزير العدل إصدار اللوائح والقرارات التنظيمية الخاصة بالمسائل التي أوردتها ومنها إجراءات الإشراف والتفتيش على مديري وأعضاء الإدارات القانونية ونظام إعداد واعتماد تقارير الكفاية الخاصة بهم، وإجراءات ومواعيد التظلم من هذه التقارير، وكان ووزير العدل - استناداً للتفويض التشريعي المنصوص عليه في المادة الثامنة المشار إليها - قد أصدر القرار رقم 731 لسنة 1977 بلائحة التفتيش الفني على الإدارات القانونية بالهيئات العامة وشركات القطاع العام ونص في المادة الثانية منه على أن "تختص إدارة التفتيش الفني ( أ ) بالتفتيش على سير العمل الفني وانتظامه بجميع الإدارات القانونية. (ب) التفتيش على أعمال مديريها وأعضائها عدا شاغلي وظيفة مدير عام إدارة قانونية...." فإن مؤدى ذلك أن الاختصاص بالتفتيش على أعمال مديري وأعضاء الإدارات القانونية بالهيئات العامة وشركات القطاع العام عدا وظيفة مدير عام يكون - ومنذ العمل بقرار وزير العدل رقم 731 لسنة 1977 في 10/ 1/ 1977 - منعقداً لإدارة التفتيش الفني بوزارة العدل وحدها دون غيرها من الجهات الأخرى، لما كان ذلك، وكان قرار وزير العدل رقم 781 لسنة 1978 - الصادر بالتفويض التشريعي سالف الذكر - بلائحة وقواعد تعيين وترقية ونقل وندب وإعارة مديري وأعضاء الإدارات القانونية بالهيئات العامة وشركات القطاع العام قد عمل به اعتباراً من 28/ 3/ 1978 قبل صدور حركة الترقية إلى وظيفة مدير إدارة الشئون القانونية للاستثمارات في 27/ 11/ 1979، وكانت المادة الرابعة من هذا القرار تنص على أن "يكون التعيين في وظائف الإدارات القانونية في درجة محام ثالث فيما يعلوها بطريق الترقية من الوظيفة التي تسبقها مباشرة على أساس مرتبة الكفاية مع مراعاة الأقدمية بين المرشحين عند التساوي في الكفاية ومع توافر شغل الوظيفة طبقاً لما هو منصوص عليه في المادة 13 من القانون "وتنص المادة الخامسة منه على أن "تتوافر الكفاية اللازمة لترقية مدير الإدارة القانونية إلى وظيفة مدير عام إدارة قانونية بحصوله في آخر تقرير سابق على الترقية من إدارة التفتيش الفني المنصوص عليها في المادة 9 من القانون على تقدير لكفايته بدرجة جيد على الأقل، وتتوافر الكفاية اللازمة لترقية عضو الإدارة القانونية في الوظائف الأدنى بحصوله على آخر تقرير من إدارة التفتيش بتقدير كفايته بدرجة متوسط على الأقل "فإن مفاد ذلك أن المشرع استلزم لترقية عضو الإدارة القانونية في الوظائف الأدنى لوظيفة مدير الإدارة الحصول في آخر تقرير كفاية من إدارة التفتيش الفني بوزارة العدل على تقدير متوسط على الأقل، وجعل الترقية على أساس الكفاية على أن - يعتد بالأقدمية عند التساوي في مرتبة الكفاية، ويشترط أن يكون المرشح للترقية مستوفياً لاشتراطات شغل الوظيفة حسبما وردت بنص المادة 13 من القانون رقم 47 لسنة 1973، لما كان ما تقدم، وكان الواقع في الدعوى - وعلى ما سجله تقرير الخبير - أن الطاعن وزميلته المقارن بها قد صدر بشأنهما قرار مدير إدارة التفتيش الفني بوزارة العدل في 7/ 11/ 1978 بالتفتيش على أعمالها عن المدة من 1/ 1/ 1977 حتى 30/ 4/ 1977 وقدرت كفاية كل منهما بدرجة جيد، وأن الطاعن يسبقها في أقدمية شغل الفئة الثالثة التي رقيت منها، علاوة على استيفائه شروط شغل وظيفة مدير إدارة قانونية بقبوله للمرافعة أمام محكمة النقض اعتباراً من 8/ 1/ 1976، ومقتضى ذلك أحقيته عنها في الترقية إلى الوظيفة المطالب بها وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر بأن عول في قضائه على تقارير الكفاية التي وضعتها المطعون ضدها عن عامي 1977، 1978 واتخذها سنداً للمفاضلة بينهما في الترقية، ورتب على ذلك رفض دعوى الطاعن بمقولة أنه حصل في هذين التقريرين على تقدير جيد بينما حصلت المقارن بها على تقدير ممتاز، طارحاً بذلك أحكام قراري وزير العدل سالف الذكر، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي لبحث باقي أسباب الطعن، على أن يكون مع النقض الإحالة.

الطعن 13828 لسنة 93 ق جلسة 20 / 4 / 2024

باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة الجنائية
دائرة السبت (ه)
المؤلفة برئاسة السيد القاضي/ خالد الحادى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / د / أحمد عثمان و وائل الشيمي نائبي رئيس المحكمة و محمد الوكيل و خالد الطاهر

وبحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / أحمد متولي .

وأمين السر السيد / محمود السجيعي .

في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة .
في يوم السبت 10 من شوال سنة 1445 ه الموافق 20 من إبريل سنة 2024 م.
أصدرت الحكم الآتي :
في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 13828 لسنة 93 القضائية .

المرفوع من
...... " محكوم عليه - الطاعن "
ضد
النيابة العامة " المطعون ضده "

----------------------

" الوقائع "
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر سبق الحكم عليه في قضية الجناية رقم ١٧٥٦٢ لسنة ۲۰۲۰ جنايات مركز أشمون ( المقيدة بالجدول الكلي برقم ٢٥٢٧ لسنة ٢٠٢٠ شبين الكوم ) في يوم 12 من مايو سنة 2020 بدائرة مركز أشمون - محافظة المنوفية .
1- أحدثا عمدا إصابة المجني عليها / ...... بأن انهال عليها الأول بعدة ضربات استقرت برأسها ووجهها وفكها العلوي باستخدام أداة ( قالب طوب ) فأحدث إصاباتها الموصوفة بالتقارير الطبية والشرعية والتي تخلف لديها من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها تتمثل في فقد ثلاثة قواطع أمامية علوية وتقدر العاهة بنحو 3% حال تواجد المتهم الثاني رفقة الأول على مسرح الجريمة للشد من أزره بالتعدي على المجني عليها ضربا بكلتا يدية لشل مقاومتها على النحو المبين بالتحقيقات .
2- حازا وأحرزا أداة ( نصف قالب طوب ) مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص دون مسوغ قانوني أو مبرر من الضرورة الشخصية أو الحرفية والمستخدمة في الاتهام السابق على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالتهما إلى محكمة جنايات شبين الكوم لمعاقبتهما طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة . وإذ تداولت الدعوى بالجلسات حضرت المجني عليها بشخصها وادعت مدنيا قبل المتهم الحاضر بمبلغ عشرة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت بجلسة 8 من إبريل سنة 2021 حضوريا للثاني وغيابيا للأول أولا: بمعاقبة / ..... بالسجن لمدة خمس سنوات وألزمته بالمصاريف الجنائية. ثانيا : ببراءة / ..... مما أسند إليه . ثالثا : بإحالة الدعوى المدنية للمحكمة المدنية المختصة .
وإذ قام المتهم الأول ( الطاعن ) بعمل إعادة إجراءات ، قضت ذات المحكمة حضوريا بتاريخ 6 من مايو سنة 2023 عملا بالمادة ١/٢٤٠ من قانون العقوبات ، والمادتين ١/١، ٢٥ مكرر /١ من القانون رقم ٣٩٤ لسنة ١٩٥٤ المعدل بالقوانين ٢٦ لسنة ۱۹۷۸ ، ١٦٥ لسنة ۱۹۸۱، ٥ لسنة ٢٠١٩ والبند رقم (۷) من الجدول رقم (۱) الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الداخلية رقم ١٧٥٦ لسنة ۲۰۰۷ ، وأعملت المادتين ۱۷، ۳۲ من قانون العقوبات . بمعاقبة / محمد رمضان إبراهيم حسن بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وألزمته المصاريف الجنائية .
وبتاريخ 24 من مايو سنة 2023 قرر المحكوم عليه / محمد رمضان إبراهيم حسن بشخصه بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
وبتاريخ 25 من مايو سنة 2023 أودعت مذكرة بأسباب طعن المحكوم عليه / محمد رمضان إبراهيم حسن موقعا عليها من المحامي / ..... .
وبجلسة اليوم سمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة .
----------------

" المحكمة "

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة والمداولة قانونا .
حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر قانونا .
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب الذى نشأ عنه عاهة مستديمة وحيازة وإحراز أداة ( نصف قالب طوب ) مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص دون مسوغ قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ذلك أنه لم يورد مؤدى الادلة التي عول عليها في قضائه بالإدانه على نحو كاف وخلا من بيان وصف إصابات المجني عليها ، وعول في الإدانة على أقوالها رغم تناقضها بتحقيقات النيابة العامة عنها بجلسة المحاكمة ، سيما أنها عدلت عن اتهامه وقررت بشفائها من إصابتها والتي لا تعد عاهة مستديمة لإمكانية الإستعاضة عن فقد أسنانها الأمامية بأخرى صناعية ، وأن الواقعة في حقيقتها لا تعدو أن تكون ضرب بسيط ولم تعمل في حقة أحكام التصالح والتنازل ، كما أنها لم تقضي بوقف تنفيذ العقوبة عملا بنص المادة 55 من قانون العقوبات ، وخلا محضر الجلسة من إثبات دفاعة كاملا وأكتفت بتعديل القيد والوصف ، وأخيرا دانته رغم سبق قضائها ببراءة المتهم الآخر . كل ذلك مما يعيبة ويستوجب نقضة .
حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين التي دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات و ما ثبت من تقرير مصلحة الطب الشرعي وتقريرى مستشفى أشمون العام وأورد مؤداها في بيان كاف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماما شاملا يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وإذ كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلا أو نمطا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافيا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققا لحكم القانون ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد بين إصابات المجني عليها وموضعها من جسدها - خلافا لما يزعمه الطاعن بأسباب الطعن - فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان لمحكمة الموضوع وزن أقوال الشاهد والتعويل عليها مهما وجه إليها من مطاعن ، ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان تناقض المجني عليها وتضاربها في أقوالها - بفرض وجوده - لا يعيب الحكم ، ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصا سائغا لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ، وكان من المقرر أيضا أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في أن تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه وأن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى ولو خالفت ما شهد به في جلسة المحاكمة ما دام له مأخذه الصحيح من الأوراق ، ومن ثم فإن النعي بشأن تناقض أقوال المجني عليها أمام المحكمة عنها بتحقيقات النيابة العامة لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلا موضوعيا في تقدير الدليل ، وهو من إطلاقات محكمة الموضوع ولا يجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان القانون وإن لم يرد فيه تعريف للعاهة المستديمة واقتصر على إيراد بعض أمثلة لها ، إلا أن قضاء محكمة النقض قد جرى على ضوء هذه الأمثلة على أن العاهة في مفهوم المادة 240 من قانون العقوبات هي فقد أحد أعضاء الجسم أو أحد أجزائه أو فقد منفعته أو تقليلها أو تقليل قوة مقاومته للطبيعة بصفة مستديمة ، كذلك لم يحدد القانون نسبة معينة للنقص الذي يكفي وقوعه لتكوينها ، بل ترك الأمر في ذلك لتقدير قاضي الموضوع يبت فيه بما يتبينه من حالة المصاب وما يستخلصه من تقرير الطبيب ، ومن ثم فلا جدوى مما يجادل فيه الطاعن - من أن فقد الأسنان لا يعتبر عاهة مستديمة لإمكان الإستعاضة عنها بأسنان صناعية - ما دام أن ما انتهى إليه الحكم من ذلك إنما يستند إلى الرأي الفني الذي قال به الطبيب الشرعي وخلص منه إلى أنه قد نشأت لدى المجني عليها من جراء اعتداء المتهم عليها عاهة مستديمة ، ويكون ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن في غير محله . لما كان ذلك ، وكان ما أثاره المحكوم عليه من أن الواقعة في صورتها الصحيحة لا تعدو أن تكون جنحة ضرب بسيط ينحل إلى جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر الجرائم التي دان الطاعن بها قد ارتكبت لغرض واحد ، ولم توقع عليه المحكمة سوى عقوبة واحدة تطبيقا للمادة 32 من قانون العقوبات ، وهي العقوبة المقررة لجريمة الضرب الذى نشأ عنه عاهة مستديمة وكانت هذه الجريمة لا تدخل في الجرائم التي تنقضي فيها الدعوى الجنائية بالصلح أو التنازل فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير ذي وجه . وحيث إن ما يقوله الطاعن بشأن عدم إعمال المادة 55 من قانون العقوبات في حقة مردود بأن الأمر بوقف تنفيذ العقوبة هو كتقدير نوعها ومقدارها من صميم عمل قاضي الموضوع الذي ينظر الدعوى ويصدر فيها حكما بالإدانة ، فمن حقه تبعا لما يراه من ظروف الجريمة وحال مرتكبها أن يأمر أو لا يأمر بوقف تنفيذ العقوبة التي يحكم بها عليه ، وهذا الحق لم يجعل الشارع للمتهم شأنا فيه ، بل خص به قاضي الدعوى ولم يلزمه باستعماله بل رخص له في ذلك وتركه لمشيئته ، وما يصير إليه رأيه ، ومتى تقرر ذلك ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولا . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم كاملا إذ كان عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته في المحضر ، كما أن عليه إن ادعى إن المحكمة صادرت حقه في الدفاع قبل قفل باب المرافعة وحجز الدعوى للحكم أن يقدم الدليل على ذلك وأن يسجل عليها هذه المخالفة في طلب مكتوب قبل صدور الحكم وإلا لم تجز المحاجة من بعد أمام محكمة النقض على أساس من تقصيره فيما كان يتعين عليه تسجيله وإثباته ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان البين أن المحكمة لم تقم بتعديل القيد والوصف بل دانته بذات الجريمة التي رفعت بها الدعوى - خلافا لما يزعمه الطاعن - فإن النعي على الحكم بهذا الشأن يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إلى ذات الأدلة بالنسبة لمتهم آخر . وإذ كانت قد اطمأنت إلى أدلة الدعوى وأخذت بها بالنسبة للطاعن ولم تأخذ بها بالنسبة لآخر قضت ببراءته ، وكان ما يثيره الطاعن لا يخرج عن كونه جدلا موضوعيا في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض . فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولا .. لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون قد جاء على غير أساس ؛ متعينا رفضه موضوعا .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلا ، وفي الموضوع برفضه .

الطعن 240 لسنة 30 ق جلسة 20 / 6/ 1960 مكتب فني 11 ج 2 ق 112 ص 587

جلسة 20 من يونيه سنة 1960

برياسة السيد محمود إبراهيم إسماعيل المستشار، وبحضور السادة: فهيم يسى جندي، ومحمود حلمي خاطر، وعباس حلمي سلطان، ورشاد القدسي المستشارين.

---------------

(112)
الطعن رقم 240 لسنة 30 القضائية (1)

محكمة الجنايات. 

خصائص الحكم الغيابي الصادر منها في جناية: نقض. الحكم في الطعن.
سقوط الحكم الغيابي - محل الطعن - عملاً بنص المادة 395 أ. ج يجعل الطعن فيه غير ذي موضوع فيتعين الحكم بسقوطه.

-----------------
مؤدى نص المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية هو تقرير بطلان الحكم الصادر في غيبة المتهم واعتباره كأن لم يكن، ولما كان هذا البطلان الذي أصاب الحكم الغيابي الصادر من محكمة الجنايات في الجناية المنسوبة إلى المطعون ضده فيه معنى سقوط ذلك الحكم مما يجعل الطعن فيه غير ذي موضوع، فإن الطعن المقدم عن الحكم الغيابي يعتبر ساقطاً بسقوط ذلك الحكم الذي كان محلاً للطعن.


الوقائع

أحالت النيابة العامة المطعون ضده إلى محكمة الجنايات لمحاكمته عن تهمة إحرازه سلاحاً نارياً مششخناً "مسدساً" وذخائر مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر بدون ترخيص بالمواد 1/ 1 و6 و26/ 2 و4 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 والجدول 3 المرافق له. ومحكمة الجنايات قضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادتين 17 و32/ 2 من قانون العقوبات بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل مع مصادرة السلاح والذخيرة المضبوطة. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض. وأعيدت الإجراءات بمناسبة القبض على المتهم فقضت محكمة الجنايات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنين ومصادرة السلاح والذخيرة المضبوطين..... إلخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تعيب على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي ذلك تقول إنه قضي بمعاقبة المتهم - المطعون ضده - في تهمتي إحراز السلاح والذخيرة بغير ترخيص - بالحبس مع الشغل لمدة ستة شهور إعمالاً لنص المواد 1 و6 و26/ 2 و4 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 والمادة 17 من قانون العقوبات - في حين أن الثابت من صحيفة حالة المتهم الجنائية - التي كانت تحت نظر المحكمة وقت الحكم - أنه سبق الحكم عليه بالحبس سنتين مع الشغل وغرامة 400 ج في 31/ 6/ 1948 لإحرازه مخدراً، مما كان يتعين معه عقابه وفقاً للمادة 7 جـ والفقرة الثالثة من المادة 26 من القانون المذكور بالأشغال الشاقة المؤبدة - وهي عقوبة لا يجوز تبديلها بمقتضى المادة 17 من قانون العقوبات إلا بعقوبتي الأشغال المؤقتة أو السجن.
وحيث إنه يبين من مراجعة الأوراق - أن الدعوى العمومية رفعت على المتهم - المطعون ضده - بأنه أولاً - أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مسدساً مششخناً. وثانياً - أحرز طلقات نارية مما تستعمل في هذا السلاح حالة كونه غير مرخص له بحمله، فقضت محكمة جنايات القاهرة بتاريخ 13/ 12/ 1958 غيابياً بمعاقبة المتهم بالحبس ستة أشهر مع الشغل والمصادرة - بالمواد 1 و6 و26/ 2 و4 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 والجدول 3 الملحق به والمادتين 32/ 2 و17 من قانون العقوبات. ثم قبض على المحكوم عليه، وأعيدت الإجراءات في مواجهته وقضي في الدعوى حضورياً بتاريخ 2 من يناير سنة 1960 بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنين ومصادرة السلاح والذخيرة المضبوطين بالتطبيق للمواد 1 و6 و7 جـ و26/ 2 و3 و4 وأخيرة و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 والجدول رقم 3 المرفق به. والمادتين 32/ 2 و17 من قانون العقوبات.
وحيث وإن كان القانون قد أجاز في المادة 423 من قانون الإجراءات الجنائية للنيابة العامة وللمدعي بالحقوق المدنية والمسئول عنها - كل فيما يختص به، الطعن بطريق النقض في الحكم الصادر من محكمة الجنايات في غيبة المتهم في جناية - لأنه لم يفرق بين الحكم الغيابي والحكم الحضوري الصادر من محاكم الجنايات في هذه الحالة وجعل العقوبة المقضي بها في أيهما غير خاضعة إلا لحكم واحد هو حكم سقوطها بالتقادم، وهذه القاعدة قررها الشارع في المادة 394 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة للأحكام الغيابية، وكذلك نصت المادة 395 من القانون على أنه "إذا حضر المحكوم عليه في غيبته أو قبض عليه قبل سقوط العقوبة بمضي المدة - يبطل حتماً الحكم السابق صدوره، سواءً فيما يتعلق بالعقوبة أو بالتضمينات ويعاد نظر الدعوى أمام المحكمة. وإذا كان الحكم السابق بالتضمينات قد نفذ، تأمر المحكمة برد المبالغ المتحصلة كلها أو بعضها" ومؤدى هذا النص هو تقرير بطلان الحكم الصادر في غيبة المتهم واعتباره كأن لم يكن، ولما كان هذا البطلان الذي أصاب الحكم الغيابي الصادر من محكمة الجنايات في الجناية المنسوبة إلى المطعون ضده فيه معنى سقوط ذلك الحكم - مما يجعل الطعن فيه غير ذي موضوع، ومن ثم فإن الطعن المقدم عن الحكم الغيابي يعتبر ساقطاً بسقوط ذلك الحكم الذي كان محلاً للطعن.


(1) المبدأ ذاته في الطعن رقم 1796 لسنة 29 القضائية (جلسة 25/ 4/ 1960)، الطعن رقم 1546 لسنة 30 القضائية (جلسة 9/ 1/ 1961).

الطعن 1 لسنة 58 ق جلسة 5 / 3 / 1989 مكتب فني 40 ج 1 ق 125 ص 724

جلسة 5 من مارس سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ أحمد شوقي المليجي رئيس محكمة النقض وعضوية السادة المستشارين/ طلعت أمين صادق، محمد عبد القادر سمير، محمد ممتاز متولي والدكتور عبد القادر عثمان.

-----------------

(125)
الطعن رقم 1 لسنة 58 قضائية

(1- 2) نقابات "نقابة المهن الاجتماعية". نقض – وكالة.
(1) الطعن ببطلان انتخابات مجلس نقابة المهن الاجتماعية. إجراءاته. م 126/ 1 ق 45 لسنة 73. رفع الطعن بغير الطريق الذي رسمه القانون. أثره. عدم قبوله.
(2) رفع الدعاوى بالوكالة عن الغير. شرطه. إفصاح الوكيل عن صفته واسم موكله.

------------------
1 - يدل النص في المادة 26/ 1 من القانون رقم 45 لسنة 1973 بإنشاء نقابة المهن الاجتماعية على أن المشرع أجاز الطعن في صحة انعقاد الجمعية العمومية للنقابة، أو في القرارات الصادرة منها، أو في تشكيل مجلس النقابة واستلزم - ضماناً لجدية الطعن - أن يرفع من خمس الأعضاء الذين حضروا اجتماع الجمعية العمومية وذلك بتقرير يقدم إلى قلم كتاب محكمة النقض وموقعاً عليه منهم، وكان مؤدى ما أورده الطاعنون في خصوص الرد على الدفع بعدم قبول الطعن، أن عددهم البالغ 21 طاعناً لا يمثل خمس الأعضاء الذين حضروا اجتماع الجمعية العمومية بتاريخ 26/ 5/ 1988، فإن الطعن المرفوع منهم ببطلان الانتخابات التي أجريت في ذلك التاريخ يكون غير مقبول لرفعه بغير الطريق الذي رسمه القانون، ولا يغير من ذلك ما ذهب إليه الطاعنون من أن الطاعن الأول يمثل عموم النقابة طبقاً لنص المادة 36 من ذات القانون، ذلك أنه وإن كانت المادة 36 من القانون المشار إليه قد خولت النقيب الحق في تمثيل النقابة لدى الغير من الأفراد أو الهيئات القضائية، واتخاذ صفة المدعي في كل قضية تتعلق بما يمس كرامة النقابة أو أحد أعضائها أو مصالحهم، إلا أن البين من نصوص هذا القانون أن المشرع عقد لأحكامه سبعة أبواب منها الباب الرابع جاعلاً عنوانه "تكوين النقابة" وقسم هذا الباب إلى ثلاثة أقسام رصد القسم الأول منها للجمعية العمومية للنقابة العامة والقسم الثاني للنقيب ومجلس النقابة، والقسم الثالث للنقابات الفرعية، مما مفاده أن المادة 36 سالفة البيان وقد ورد موضعها من مواد القسم الثاني لا يصح أن ينبسط حكمها على الطعون التي ترفع بالتطبيق لنص المادة 26 لورودها ضمن مواد القسم الأول وهو ما يتفق والغاية التي قصدها المشرع من ضمان جدية الطعن وذلك بالنص فيها على أن يرفع من خمس الأعضاء الذين حضروا اجتماع الجمعية العمومية، ولا عبرة من بعد بما قرره الطاعنون من أن الطاعن الأول يعد وكيلاً عن الأعضاء الذين حصل على توقيعاتهم.
2- التمسك برفع الدعوى بالوكالة عن الغير يستلزم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة إفصاح الوكيل عن صفته وعن اسم موكله، وهو ما خلا منه تقرير الطعن.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين الأول عن نفسه وبصفته نقيباً لنقابة المهن الاجتماعية، والثاني وحتى الثالث عشر عن أنفسهم وبصفتهم أعضاء مجلس النقابة، والرابع عشر وحتى الأخير وبصفتهم رؤساء للنقابات الفرعية، تقدموا في 9/ 6/ 1988 إلى قلم كتاب المحكمة بتقرير للطعن بالنقض في الانتخابات التي أجريت للنقابة بتاريخ 26/ 5/ 1988 طلبوا في ختامه الحكم ببطلانها وإلغاء ما ترتب عليها من اختيار المطعون ضده الأول نقيباً، واختيار باقي المطعون ضدهم أعضاء بمجلس النقابة، وقالوا بياناً لذلك أن مجلس النقابة - بعد أن انتهت مدته في 7/ 11/ 1987 امتنع عن عقد الجمعية العمومية لانتخاب النقيب وأعضاء مجلس النقابة الجدد، وإزاء ذلك اتخذ بعض أعضاء المجلس ومعهم رؤساء النقابات الفرعية الإجراءات اللازمة لعقد الجمعية العمومية، وبانعقادها وإجراء الانتخابات بتاريخ 17/ 4/ 1988 أسفرت عن فوز الطاعن الأول بمنصب النقيب، وفوز الطاعنين من الثاني حتى الثالث عشر بعضوية المجلس، وإذ - عاود المطعون ضدهم - ودون وجه حق - إجراء الانتخابات في 26/ 5/ 1988 وأعلنوا بعدها عن اختيار المطعون ضده الأول نقيباً، واختيار الباقين أعضاء بمجلس النقابة ووقعت هذه الانتخابات باطلة، فقد أقاموا الطعن بالطلبات آنفة البيان.
وحيث إن المطعون ضدهما الأول والسادسة دفعا بعدم قبول الطعن تأسيساً على أن المادة 26/ 1 من القانون رقم 45 لسنة 1973 بإنشاء نقابة المهن الاجتماعية أوجبت للطعن في صحة انعقاد الجمعية العمومية، أو في تشكيل مجلس النقابة، أو في القرارات - الصادرة منها، أن يرفع من خمس الأعضاء الذين حضروا اجتماع الجمعية العمومية، وأن - الأعضاء الذين حضروا اجتماعها بتاريخ 26/ 5/ 1988 قد جاوزوا الستة آلاف عضواً، وبالتالي كان يتعين رفع الطعن ممن يزيد على 1200 عضواً، وإذ كان الطاعنون - وعددهم 21 طاعناً - دون هذا النصاب، فإن الطعن يكون غير مقبول.
وحيث إن الطاعنين قدموا مذكرة تناولوا فيها الرد على هذا الدفع قائلين أن الطاعن الأول - بصفته نقيباً - يمثل عموم النقابة طبقاً لنص المادة 36 من القانون المشار إليه، كما يعد وكيلاً عن الأعضاء الذين حصل على توقيعاتهم وعددهم 2190 عضواً من أعضاء النقابات الفرعية.
وحيث إن النيابة العامة قدمت مذكرة أبدت فيها ذات الدفع وطلبت رفض الطعن موضوعاً.
وحيث إنه لما كان النص في المادة 26/ 1 من القانون رقم 45 لسنة 1973 بإنشاء نقابة المهن الاجتماعية على أن "لخمس الأعضاء الذين حضروا اجتماع الجمعية العمومية الطعن في صحة انعقادها، أو في تشكيل مجلس النقابة، أو في القرارات الصادرة منها ويكون ذلك بتقرير موقع عليه منهم يقدم إلى قلم كتاب محكمة النقض خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ انعقاد الجمعية العمومية" يدل على أن المشرع أجاز الطعن في صحة انعقاد الجمعية العمومية للنقابة، أو في القرارات الصادرة منها، أو في تشكيل مجلس النقابة واستلزم - ضماناً لجدية الطعن - أن يرفع من خمس الأعضاء الذين حضروا اجتماع - الجمعية العمومية، وذلك بتقرير يقدم إلى قلم كتاب محكمة النقض وموقعاً عليه منهم، وكان مؤدى ما أورده الطاعنون في خصوص الرد على الدفع بعدم قبول الطعن، أن عددهم البالغ 21 طاعناً لا يمثل خمس الأعضاء الذين حضروا اجتماع الجمعية العمومية بتاريخ 26/ 5/ 1988، فإن الطعن المرفوع منهم ببطلان الانتخابات التي أجريت في ذلك التاريخ يكون غير مقبول لرفعه بغير الطريق الذي رسمه القانون، ولا يغير من ذلك ما ذهب إليه الطاعنون من أن الطاعن الأول يمثل عموم النقابة طبقاً لنص المادة 36 من ذات القانون ذلك أنه وإن كانت المادة 36 من القانون المشار إليه قد خولت النقيب الحق في تمثيل النقابة لدى الغير من الأفراد أو الهيئات القضائية، واتخاذ صفة المدعي في كل قضية تتعلق بما يمس كرامة النقابة أو أحد أعضائها أو مصالحهم، إلا أن البين من نصوص هذا القانون أن المشرع عقد لأحكامه سبعة أبواب منها الباب الرابع جاعلاً عنوانه "تكوين النقابة" وقسم هذا الباب إلى ثلاثة أقسام رصد القسم الأول منها للجمعية العمومية للنقابة العامة، والقسم الثاني للنقيب - ومجلس النقابة، والقسم الثالث للنقابات الفرعية، مما مفاده أن المادة 36 سالفة البيان وقد ورد موضعها من مواد القسم الثاني لا يصح أن ينبسط حكمها على الطعون التي ترفع بالتطبيق لنص المادة 26 لورودها ضمن مواد القسم الأول، وهو ما يتفق والغاية التي قصدها المشرع من ضمان جدية الطعن وذلك بالنص فيها على أن يرفع من خمس الأعضاء الذين حضروا اجتماع الجمعية العمومية، ولا عبرة من بعد بما قرره الطاعنون من أن الطاعن الأول يعد وكيلاً عن الأعضاء الذين حصل على توقيعاتهم، لأن التمسك برفع الدعوى بالوكالة عن الغير يستلزم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إفصاح الوكيل عن صفته وعن اسم موكله، وهو ما خلا منه تقرير الطعن، وإذا كان ذلك، فإنه يتعين الحكم بعدم قبول الطعن.

الطعن 366 لسنة 30 ق جلسة 14/ 6/ 1960 مكتب فني 11 ج 2 ق 111 ص 582

جلسة 14 من يونيه سنة 1960

برياسة السيد محمود محمد مجاهد المستشار، وبحضور السادة: فهيم يسى جندي، ومحمود حلمي خاطر، وعباس حلمي سلطان، ورشاد القدسي المستشارين.

------------------

(111)
الطعن رقم 366 لسنة 30 القضائية

تحقيق. تفتيش: الإذن به: دفاع. طلب ضم أوراق: نيابة عامة.
نظامها: حق رئيس النيابة في ندب أحد أعضاء دائرته للقيام بعمل عضو آخر بتلك الدائرة عند الضرورة.
سناد هذا الحق: المادة 128 من قانون السلطة القضائية المقابلة للمادة 75 من قانون استقلال القضاء.
الشكل المتطلب في أمر الندب: يكفي فيه أن يتم شفاهاً عند الضرورة بشرط أن يكون لهذا الندب الشفهي ما يفيد حصوله في أوراق الدعوى. توقيع إذن التفتيش باعتبار مصدره وكيل النيابة المنتدب يكفي لاعتبار الإذن صادراً ممن يملكه. للمحكمة أن تعتمد على ذلك لرفض طلب ضم دفتر الانتداب بالنيابة الكلية.

--------------------
لرئيس النيابة حق ندب عضو في دائرته للقيام بعمل عضو آخر بتلك الدائرة عند الضرورة عملاً بنص المادة 128 من قانون السلطة القضائية المقابلة لنص المادة 75 من قانون استقلال القضاء - وهذا الندب يكفي فيه أن يتم شفاهاً عند الضرورة بشرط أن يكون لهذا الندب الشفهي ما يفيد حصوله في أوراق الدعوى - فإذا كان الحكم قد أثبت أن وكيل النيابة عندما أصدر الإذن بالتفتيش قد وقعه باعتباره منتدباً للقيام بأعمال نيابة أخرى، فإن هذا الذي أثبته يكفي لاعتبار الإذن صحيحاً صادراً ممن يملك إصداره قانوناً، ومن ثم يكون سديداً ما رأته المحكمة من عدم وجود وجه لضم دفتر الانتداب بالنيابة الكلية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها أحرزت جواهر مخدرة "أفيوناً وحشيشاً" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتها إلى محكمة الجنايات لمعاقبتها بالمواد 1 و2 و33/ أ - جـ و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والبندين 1 و12 من الجدول 1. فقررت بذلك. ومحكمة جنايات الزقازيق بعد أن سمعت الدعوى قضت حضورياً بالمواد 1 و2 و34 و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والبندين رقم 1 و12 من الجدول 1 المرافق بمعاقبة الطاعنة بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمها 500 جنيه ومصادرة الجواهر المخدرة المضبوطة - وذلك على اعتبار أن الإحراز كان بقصد التعاطي والاستعمال الشخصي. فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه القصور والخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول إنها دفعت ببطلان الإذن الصادر بتفتيشها لصدوره من غير ذي صفة إذ أن وكيل النيابة الذي أصدر هذا الإذن لم يكن وكيل نيابة كفر صقر الذي تقع في دائرته محل إقامتها، ولا هو من وكلاء النيابة الكلية، وأنه لم يكن منتدباً لذلك من رئيس النيابة، وطلبت تحقيقاً لهذا الدفاع ضم دفتر الانتداب بالنيابة الكلية - ورد الحكم على ذلك بقوله "إن المحكمة لا ترى ضرورة لإجابته لأن الندب قد يكون كتابة وقد يكون شفاهاً، وأن الثابت من إذن التفتيش أن وكيل النيابة الآمر قد وقعه باعتباره وكيل النيابة المنتدب بنيابة كفر صقر" وهذا القول مخالف للقانون، إذ من المقرر قانوناً أن إجراءات التحقيق يجب أن تكون ثابتة بالكتابة ولا يغير من ذلك أن يوقع وكيل النيابة على الإذن باعتباره منتدباً لأعمال نيابة كفر صقر لأنه لا يصبح وكيلاً منتدباً لأعمال هذه النيابة إلا إذا سبق ذلك ندب صريح مكتوب ممن يملكه قانوناً، وقضاء المحكمة في هذا الصدد فيه مصادرة على المطلوب - كما طلب الدفاع عن الطاعنة في سبيل تكذيب تصوير شاهدي الإثبات للحادث إجراء معاينة لمكان الحادث يبين منها مكان جلوس الطاعنة أمام باب منزلها ومكان وقوف السيارة التي نزل منها الشاهدان ورجال البوليس، وقال شرحاً لهذا الطلب أن شاهدي الإثبات صورا الحادث على أنهما نزلا من السيارة على بعد خمسة أمتار من باب منزل الطاعنة ومعهما العساكر والمخبرين وأنهم اتجهوا إلى الطاعنة حيث كانت تجلس أمام باب منزلها فلم تشعر بهم إلا بعد أن أمسكوا بها بالفعل فوجدوها تضع مخدراً في حجرها وتجلس على جزء آخر من المخدر، وقال الدفاع أن ذلك مستحيل لأن منزل الطاعنة مكشوف من جميع الجهات وبابه يشرف على الطريق الزراعي الذي وقفت به السيارة، ونزول الشاهدين والجنود منها يستحيل أن يفوت على نظر الطاعنة وسمعها وهي تجلس أمام منزلها ويستحيل بالتالي أن تبقى بلا حراك والقوات تتقدم حتى تمسك بها وأن الماديات حاسمة في انتفاء عنصر المباغتة الذي هو قوام شهادة الشهود. ورد الحكم على هذا الطلب بقوله "إنه مردود عليه بقيام عنصري المفاجأة والمباغتة اللذين قام بهما شاهدا الإثبات عند ضبط المتهمة، وأنه سواءً أكان جلوس المتهمة أمام مسكنها مكشوفاً ويمكنها من رؤية من حولها، أم كان منزلها غير محاط بما يحجب الرؤية أم غير مكشوف، فإن عنصر المفاجأة والمباغتة الذي تم بمقتضاه ضبط المتهمة وهي تحرز المخدرات لا يحتاج ذلك لمعاينة مكان الحادث" وهذا القول لا يصلح رداً على طلب إجراء المعاينة، إذ أن مبنى الطلب أنه إجراء فيه تأكيد حاسم في انتفاء عنصر المفاجأة، وقول الحكم بتوافر هذا العنصر مهما كان أمر الماديات - فيه سبق الحكم على حقائق الأشياء قبل مناظرتها مع احتمال أن يتغير وجه النظر إلى شهادة شهود الإثبات بمجرد معاينة مكان الحادث.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعنة أشار في مرافعته إلى أن إذن التفتيش قد صدر من الأستاذ منير تادرس باعتباره وكيل النيابة المنتدب بينما حقق الدعوى الأستاذ سيف العز أبو زيد، وتساءل عما إذا كان الأستاذ منير تادرس قد انتدب فعلاً يوم إصدار الإذن، وطلب من المحكمة ضم دفتر الانتداب بالنيابة الكلية للتأكد من انتدابه في ذلك اليوم - وقد رد الحكم على ذلك بقوله: "أما ما أشار إليه الدفاع من طلب إحضار دفتر الانتداب لبيان ما إذا كان وكيل النيابة الآمر وهو السيد الأستاذ منير تادرس قد صدر له أمر الندب من السيد رئيس النيابة كتابة، فإن المحكمة لا ترى ضرورة لإجابة ذلك الطلب لأن الندب قد يكون كتابة وقد يكون شفاهاً، والثابت من إذن التفتيش أن وكيل النيابة الآمر قد وقعه باعتباره وكيل النيابة المنتدب بنيابة كفر صقر". - ويبين أيضاً من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعنة طلب من باب الاحتياط إجراء معاينة لمكان الحادث - وقد رد الحكم على هذا الطلب بقوله: "وأما طلب إجراء المعاينة فمردود عليه بقيام عنصر المفاجأة والمباغتة الذي قام بهما شاهدا الإثبات عند ضبط المتهمة وسواءً أكان مكان جلوس المتهمة أمام مسكنها مكشوفاً ويمكنها من رؤية من حولها، أم كان منزلها غير محاط بما يحجب الرؤية أم غير مكشوف، فإن عنصر المفاجأة والمباغتة التي تم بمقتضاهما ضبط المتهمة وهي تحرز المخدرات بحجرها وتحت مقعدها لا يحتاج ذلك لمعاينة مكان الحادث، ومن ثم فلا محل لإجابة ذلك الطلب". لما كان ذلك، وكان ندب رئيس النيابة لأحد أعضاء النيابة في دائرته للقيام بعمل عضو آخر بتلك الدائرة جائزاً عند الضرورة عملاً بنص المادة 128 من قانون السلطة القضائية والمادة 75 من قانون استقلال القضاء - وهذا الندب يكفي فيه أن يتم شفاهاً عند الضرورة بشرط أن يكون لهذا الندب الشفهي ما يفيد حصوله في أوراق الدعوى، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن وكيل النيابة عندما أصدر الإذن قد وقعه باعتباره منتدباً للقيام بأعمال وكيل نيابة كفر صقر، فإن هذا الذي أثبته يكفي لاعتبار الإذن صحيحاً صادراً ممن يملك إصداره قانوناً، ومن ثم فإن ما رأته المحكمة من عدم وجود وجه لضم دفتر الانتداب يكون سديداً، وكانت المحكمة قد بينت السبب الذي من أجله رفضت طلب إجراء المعاينة - وهو سبب من شأنه أن يبرر ما رأته من عدم لزومه للفصل في الدعوى، وكانت المحكمة غير ملزمة بإجابة طلب الطاعنة إلا إذا كان طلباً جازماً - أما الطلبات التي تبدى من باب الاحتياط - فللمحكمة إن شاءت أن تجيبها، وإن شاءت أن تطرحها. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنة بها، وأورد على ثبوتها في حقها أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها، فإن الطعن يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.

الطعن 1881 لسنة 29 ق جلسة 14/ 6/ 1960 مكتب فني 11 ج 2 ق 110 ص 579

جلسة 14 من يونيو سنة 1960

برياسة السيد محمود محمد مجاهد المستشار، وبحضور السادة: فهيم يسى جندي، وأحمد زكي كامل، ومحمود حلمي خاطر، ورشاد القدسي المستشارين.

-----------------

(110)
الطعن رقم 1881 لسنة 29 القضائية

استدلال. تزوير. 

قيام المرءوس بإجراءات الاستدلال عند تغيب مأمور الضبط القضائي عن مقر عمله لقيامه بعمل آخر. يكفي أن يكون تكليف المرءوس بذلك تكليفاً عاماً. أثر ذلك: المحضر الذي يحرره المرءوس بناءً على هذا التكليف هو محرر رسمي.

-------------------
تقتضي مقتضيات العمل من مأمور الضبط القضائي إذا ما تغيب عن مقر عمله لقيامه بعمل آخر أن يصدر أمراً عاماً لمساعده باتخاذ ما يلزم من إجراءات الاستدلال في غيبته، وذلك حرصاً على حريات الناس التي أراد القانون المحافظة عليها - فإذا ذهب القرار إلى أن محضر التحري الذي حرره "البلوكامين" بناءً على مقتضيات العمل - ليس ورقة رسمية وأن تغيير الحقيقة فيه لا يكون جريمة معاقباً عليها بقولة أن تكليف المساعد بجمع الاستدلالات مشروط بألا يكون التكليف عاماً ومقدماً، فإن القرار يكون مخطئاً في القانون متعيناً نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه اشترك بطريقي التحريض والمساعدة مع موظف عمومي حسن النية هو بلوكامين مباحث في ارتكاب تزوير في محرر رسمي حال تحريره المختص بوظيفته بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها بأن انتحل زوراً اسم ابن عمه فأثبت الموظف المذكور الاسم في المحضر وتمت الجريمة بناءً على هذا التحريض وتلك المساعدة. وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 40/ 1 - 3 و41 و213 من قانون العقوبات، فقررت بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى العمومية قبل المتهم. فطعنت النيابة العامة في هذا القرار بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن المقدم من النيابة العامة في قرار غرفة الاتهام هو الخطأ في تطبيق القانون وتأويله, لأنه لا يشترط في المحرر الرسمي أن يكون تحريره بناءً على قانون أو لائحة - بل يصح أن يكون بناءً على أمر الرئيس المختص أو طبقاً لمقتضيات العمل. وقد قام البلوكامين محمد السمان بتحرير محضر التحري موضوع الجريمة بناءً على مقتضيات العمل كما هو مستفاد مما جاء بكتاب حكمدارية بوليس قنا من أن ضابط المباحث كثيراً ما يكون مشغولاً في العمل فيقوم البلوكامين عند ضبط المتحري عنهم بتحرير محاضر التحري بناءً على أمر شفهي من الضابط المذكور حتى لا يقبض على المتحري عنهم مدة تزيد عن المدة القانونية. وقد أخطأت غرفة الاتهام بقولها إن الأمر الصادر إلى البلوكامين أمر عام ومفترض دون أن يختصص بكل حالة تعرض، لأنه لا يشترط أن يكون الأمر الصادر من الرئيس محدداً في واقعة معينة بل يصح أن ينبسط هذا الأمر على حالات مماثلة.
وحيث إن النيابة اتهمت المطعون ضده بأنه اشترك بطريقي التحريض - والمساعدة مع موظف عمومي حسن النية هو الأمباشي محمد السمان محمد بلوكامين مباحث بندر قنا في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو محضر ضبط الواقعة حال تحريره المختص بوظيفته بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها بأن انتحل زوراً اسم ابن عمه..... وقدمت القضية لغرفة الاتهام لتأمر بإحالة القضية إلى محكمة جنايات قنا لمحاكمة المتهم طبقاً للمواد 40/ 1 - 3 و41 و213 من قانون العقوبات، فأصدرت الغرفة قرارها المطعون فيه بأنه لا وجه لإقامة الدعوى - مستندة إلى أنه يجب أن يكون محرر المحضر المدعي بوقوع التزوير فيه مختصاً بتحريره حتى يعتبر المتهم الذي انتحل اسم شخص حقيقي فيه مرتكباً لجناية الاشتراك في تزوير بطريق المساعدة مع موظف عمومي حسن النية. فإذا لم يكن مختصاً بتحريره فلا يمكن اعتبار المحضر رسمياً. وهذا الاختصاص يستمده الموظف لا من القوانين واللوائح فحسب، بل من أوامر رؤسائه فيما لهم أن يكلفوه به. على أن لا يكون هذا التكليف عاماً ومقدماً بل يصدر في كل حالة تستدعي تكليف المساعد بجمع الاستدلالات عنها - ولما كان القرار وإن أصاب فيما ذهب إليه من اعتبار المحرر رسمياً سواءً كان تحريره بناءً على قانون أو لائحة أو على أمر الرئيس المختص أو بناءً على مقتضيات العمل، إلا أنه أخطأ فيما ذهب إليه من اشتراط ألا يكون التكليف عاماً ومقدماً - بل يقتضي أن يكون خاصاً بكل حالة تعرض، وذلك لأن مقتضيات العمل تقتضي من مأمور الضبط القضائي إذا ما تغيب عن مقر عمله لقيامه بعمل آخر أن يصدر أمراً عاماً لمساعده باتخاذ ما يلزم من إجراءات الاستدلال في غيبته وذلك حرصاً على حريات الناس التي أراد القانون المحافظة عليها، ويكون ما ذهب إليه القرار المطعون فيه من اعتبار المحرر ليس ورقة رسمية وأن تغيير الحقيقة فيه لا يكون جريمة معاقباً عليها غير سديد في القانون ويتعين لذلك نقض القرار المطعون فيه وإحالة الدعوى إلى غرفة الاتهام للفصل فيها على اعتبار الواقعة جناية تزوير منطبقة على المواد 40/ 1 - 3 و41 و213 من قانون العقوبات.