جلسة 28 من نوفمبر سنة 1960
برياسة السيد محمود إبراهيم إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: السيد أحمد عفيفي، وتوفيق أحمد الخشن، وعبد الحليم البيطاش، ومحمود إسماعيل المستشارين.
-----------------
(158)
الطعن رقم 1356 لسنة 30 القضائية
اختصاص. تنازع اختصاص.
ماهية الطلب بتعيين المحكمة المختصة:
هذا الطلب لا يعد طعناً تتقيد فيه محكمة النقض بقاعدة أن "الطاعن لا يضار بطعنه".
أثر ذلك:
وجوب إحالة الواقعة إلى محكمة الجنايات لسبق الفصل فيها نهائياً من محكمة الجنح بعدم الاختصاص لأنها جناية ولو كان المتهم هو الذي استأنف وحده الحكم الصادر من المحكمة الجزئية بإدانته عن الواقعة المحالة إليها خطأ من غرفة الاتهام. المادة 180 أ. ج.
حالات التنازع السلبي على الاختصاص والجهة المختصة بالفصل فيه:
التنازع السلبي يصح أن يقع بين جهتين إحداهما من جهات التحقيق والأخرى من جهات الحكم. محكمة النقض هي صاحبة الولاية بالفصل في هذا التنازع. المادة 227 أ. ج.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المتهم بأنه ضرب عمداً المجني عليها فأحدث بها الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتي تحتاج لعلاج مدة لا تزيد عن عشرين يوماً. وطلبت عقابه بالمادة 242/ 1 من قانون العقوبات. وقد ادعت المجني عليها بحق مدني قبل المتهم بمبلغ عشرة جنيهات بصفة تعويض مؤقت. والمحكمة الجزئية قضت حضورياً بعدم اختصاصها بنظر الدعوى الجنائية وبإحالة الأوراق إلى النيابة العمومية لتتولى شئونها فيها وذلك لما تبين لها من التقرير الطبي الشرعي من تخلف عاهة لدى المجني عليها، ثم حققت النيابة الدعوى وقدمتها إلى غرفة الاتهام لإحالتها إلى محكمة الجنايات لمحاكمة المتهم بالمادة 240/ 1 - 2 من قانون العقوبات. وقررت غرفة الاتهام إحالة المتهم إلى محكمة الجنح الجزئية لمعاقبة المتهم بعقوبة الجنحة بالمادتين 242/ 1 - 2 و17 من قانون العقوبات. والمحكمة الجزئية قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم ثلاثة شهور مع الشغل وكفالة 500 قرش لإيقاف التنفيذ وبإلزام المتهم بأن يدفع للمدعية بالحق المدني عشرة جنيهات والمصاريف. فاستأنف المتهم هذا الحكم وأمام المحكمة الاستئنافية طلب المتهم الحكم بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها فقضت حضورياً بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها مع إلزام المدعية بالحق المدني بالمصروفات عن الدرجتين. فقدمت النيابة طلباً إلى هذه المحكمة تطلب فيه تعيين الجهة المختصة بنظر الدعوى. وقضت المحكمة المذكورة حضورياً للمتهم وللمدعية بالحق المدني بعدم اختصاصها بنظر الطلب. وقدمت النيابة طلباً آخر إلى محكمة النقض تطلب تعيين الجهة المختصة بالفصل في الجنحة المذكورة... إلخ.
المحكمة
من حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن الدعوى العمومية رفعت على السيد محمد عبد العال لأنه في يوم 19/ 2/ 1955 ضرب أمينة محمد عويس فأحدث بها الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد عن العشرين يوماً وطلبت النيابة معاقبته طبقاً لنص المادة 242/ 1 من قانون العقوبات. وقضت محكمة بور سعيد الجزئية بجلسة 16/ 1/ 1956 بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبإحالة الأوراق إلى النيابة العمومية لإجراء شئونها - لما أن تبين للمحكمة من تقرير الطبيب الشرعي الذي ندبته لفحص إصابة المجني عليها من أنه قد تخلف لدى المجني عليها عاهة مستديمة مما تكون معه الواقعة جناية ينطبق عليها نص المادة 240/ 1 من قانون العقوبات. وإذ أعيد تحقيق القضية قدمت لغرفة الاتهام التي قررت بجلسة 2/ 5/ 1956 بإحالة المتهم إلى محكمة جنح بور سعيد الجزئية لمعاقبته بعقوبة الجنحة عملاً بالمادتين 240/ 1 و17 من قانون العقوبات، وكان أن قضت المحكمة الجزئية بجلسة 16/ 9/ 1956 بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة ثلاثة شهور وكفالة 500 قرش لإيقاف التنفيذ، فاستأنف المتهم الحكم. وقضت المحكمة الاستئنافية حضورياً في 16/ 12/ 1957 بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها مع إلزام المدعية بالحقوق المدنية (المجني عليها) بالمصروفات المدنية، واستندت المحكمة في قضائها إلى حكم المادة 180 من قانون الإجراءات الجنائية. وقد تقدمت النيابة العمومية بعد صدور هذا الحكم بطلب إلى دائرة الجنح المستأنفة بمحكمة بور سعيد الابتدائية لتعيين الجهة المختصة للفصل في هذه الدعوى وقضت في هذا الطلب بتاريخ 31/ 3/ 1959 بعدم اختصاص دائرة الجنح المستأنفة بنظره. فقدمت النيابة طلباً إلى محكمة النقض لتعيين الجهة المختصة لنظر الدعوى. ولما كان الحكم الصادر من محكمة الجنح المستأنفة بإلغاء حكم محكمة أول درجة وعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها من المحكمة الجزئية بعدم الاختصاص قد أصبح نهائياً، كما أصبح نهائياً من قبل قرار غرفة الاتهام الصادر في 2/ 5/ 1956 - فمحكمة الجنح قد فصلت في الدعوى بحكم نهائي ولا تستطيع أن تعود إلى نظرها، كما لا تستطيع غرفة الاتهام أن تنظر الدعوى ما دام قد سبق أن أصدرت فيها أمر بالإحالة أصبح نهائياً كذلك، وبذلك يقوم التنازع السلبي بين محكمة الجنح وبين غرفة الاتهام، وهذا التنازع لا يشترط لاعتباره قائماً أن يقع بين جهتين من جهات القضاء أو جهتين من جهات التحقيق - بل يصح أن يقع ذلك بين جهتين إحداهما من جهات التحقيق والأخرى من جهات الحكم - على ما قضت به هذه المحكمة - وكانت غرفة الاتهام إن هي إلا دائرة من دوائر المحكمة الابتدائية ومحكمة الجنح المستأنفة هي الأخرى إحدى دوائر تلك المحكمة ومن ثم فإن الفصل في التنازع ينعقد لمحكمة النقض باعتبارها صاحبة الولاية طبقاً للمادة 227 من قانون الإجراءات الجنائية، لما كان ذلك، فإنه يتعين قبول الطلب وتعيين المحكمة المختصة وإحالة القضية إلى محكمة جنايات بور سعيد للفصل فيها. ولو أن المتهم هو الذي استأنف الحكم وحده، ذلك بأن المقام في الطلب المقدم لمحكمة النقض هو مقام تحديد المحكمة ذات الاختصاص وليس طعناً من المحكوم عليه وحده يمنع القانون من أن يسوء مركزه بهذا الطعن، ولا سبيل للفصل في الطلب المقدم من النيابة إلا تطبيق نص المادة 180 من قانون الإجراءات الجنائية التي توجب الإحالة إلى محكمة الجنايات في كل الأحوال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق