جلسة 26 من مارس سنة 1989
برئاسة السيد المستشار/ جرجس إسحق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد فتحي الجمهودي نائب رئيس المحكمة، عبد الحميد الشافعي، إبراهيم الطويلة، وأنور العاصي.
-----------------
(148)
الطعن رقم 2034 لسنة 56 القضائية
(1) دستور "المحكمة الدستورية".
الحكم الصادر بعدم دستورية نص تشريعي. سريانه من اليوم التالي لنشرة بالجريدة الرسمية. مؤدى ذلك. لا أثر له على المراكز القانونية التي استقرت قبل نشر الحكم الذي قضى بعدم دستورية النص القاني. مادتان 178 من الدستور و49 من ق 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا.
مثال: بشأن عدم دستورية قانون 125 لسنة 1981 بتعديل بعض أحكام قانون المحاماة.
(2) نقض "سبب جديد" السبب المتعلق بالنظام العام. دستور "المحكمة الدستورية". نظام عام.
الدفع بعدم دستورية القوانين غير متعلق بالنظام العام. أثره. ليس للمحكمة أن تعرض له من تلقاء نفسها - أو التحدي به أمام محكمة النقض لأول مرة م 29/ ب ق 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 9251 مدني جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم - بصفة مستعجلة - بعدم الاعتداد بقرار مجلس نقابة المحامين المؤقت الذي قرر إعادة قيد المطعون عليه الثاني بجدول المحامين المشتغلين، وفى الموضوع بإلغاء هذا القرار شاملاً كافة آثاره، وقال بياناً لذلك أنه أثر صدور القانون رقم 125 لسنة 1981 بتعديل بعض أحكام قانون المحاماة رقم 61 لسنة 1868 أصدر وزير العدل القرار رقم 2555 لسنة 1981 بتشكل مجلس مؤقت لنقابة المحامين، وقد أصدر هذا المجلس قراراً بإعادة قيد المطعون عليه الثاني بجدول المحامين المشتغلين رغم سابقة رفض طلبه من مجلس النقابة السابق، وأنه لما كانت المحكمة الدستورية قد حكمت بعدم دستورية القانون رقم 125 لسنة 1981 فإنه يترتب على ذلك بطلان قرارات مجلس النقابة المؤقت المشكل بقرار من وزير العدل نفاذاً لذلك القانون ومنها القرار الصادر بإعادة قيد المطعون عليه الثاني بجدول المحامين المشتغلين، بتاريخ 27/ 5/ 1984 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 4942 لسنة 101 ق، وبتاريخ 23/ 4/ 1986 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب من ثلاثة أوجه، وفى بيان الوجه الأول يقول أن الحكم المستأنف رفض دعواه على سند من أن الحكم بعدم دستورية القانون رقم 125 لسنة 1981 لا يترتب عليه بطلان القرارات والتصرفات التي تمت نفاذاًَ له في الفترة ما بين صدوره واليوم التالي لنشر الحكم بعدم دستوريته بالتطبيق لنص المادة 49 من القانون رقم 48 لسنة 1979، في حين أنه يترتب على الحكم بعدم دستورية القانون بطلان كل قرار أو تصرف يكون قد تم تطبيقاً للقانون المقضي بعدم دستوريته، إذ يستطيل الحكم بعدم دستورية النص إلى القرارات والتصرفات التي تكون قد صدرت نفاذاً له، وإذ أعتد الحكم المطعون فيه بقرار مجلس النقابة ودون أن يبين أوجه دفاعه في هذا الخصوص أن يرد عليها فإن يكون معيباً بما يستوجب نقضه، وفى بيان الوجه الثاني يقول أنه فيما لو صح ما أعتنقه قضاء الحكم المطعون فيه فإنه يدفع بعدم دستورية نص المادة 49 من القانون رقم 48 لسنة 1979 لأنها تسبغ الشرعية على جميع القوانين واللوائح المخالفة للدستور خلال الفترة السابقة على اليوم التالي لنشر الحكم بعدم دستوريتها، وفى بيان الوجه الثالث يقول أن محكمة القضاء الإداري حكمت في الدعوى رقم 2479 لسنة 35 ق بإلغاء قرار وزير العدل رقم 2555 لسنة 1981، وهو قضاء له حجية مطلقة طبقاً لنص المادة 52 من قانون مجلس الدولة ويترتب عليه إلغاء تشكيل مجلس نقابة المحامين المؤقت منذ صدور وزير العدل بتشكيله وإلغاء جميع قرارات هذا المجلس، وهو ما كان يوجب الحكم له بطلباته.
وحيث إن النعي في وجهه الأول غير سديد، ذلك أن النص في المادة 178 من الدستور على أنه "تنشر في الجريدة الرسمية الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا في الدعاوى الدستورية والقرارات الصادر بتفسير النصوص التشريعية، وينظم القانون ما يترتب على الحكم بعدم دستورية نص تشريعي من آثار "وفى المادة 49 من القانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا على أن "أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة وتنشر الأحكام والقرارات المشار إليها في الفقرة السابقة في الجريدة الرسمية وبغير مصروفات خلال خمسة عشر يوماً على الأكثر من تاريخ صدورها. ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم فإذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقاً بنص جنائي تعتبر الأحكام التي صدرت بالإدانة استناداً إلى ذلك النص كأن لم تكن. ويقوم رئيس هيئة المفوضين بتبليغ النائب العام بالحكم فور النطق به لإجراء مقتضاه" يدل على أن الحكم الصادر بعدم دستورية نص تشريعي يسري من اليوم التالي لنشره بالجريدة الرسمية بما يترتب عليه من عدم جواز تطبيق ذلك النص من هذا التاريخ، ولما كان القانون رقم 48 لسنة 1979 لم ينص على ترتيب أية آثار على المراكز القانونية التي تكون قد استقرت في الفترة السابقة على نشر الحكم الذي قضى بعدم دستورية النص القانوني الذي ترتبت هذه المراكز استناداً إليه - كما ذهب إلى ذلك بالنسبة إلى الأحكام التي صدرت بالإدانة إسناداً إلى نص جنائي قضى بعدم دستوريته - فإنه لا يكون لهذا الحكم أي أثر على المراكز القانونية التي استقرت في الفترة السابقة على نشر الحكم المذكور وكان قرار القيد موضوع الدعوى - بما لا خلاف عليه بين الخصوم - قد صدر قبل نشر حكم المحكمة الدستورية فلا أثر لهذا الحكم على القرار السالف، وإذ التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر وتناول بالرد في أسبابه على دفاع الطاعن في هذا الخصوص فإنه يكون قد وافق صحيح القانون، ومردود في وجهيه الثاني والثالث لما هو مقرر من أنه لا يجوز التحدي أمام محكمة النقض بدفاع جديد لم يسبق طرحه أو التمسك به أمام محكمة الموضوع إلا إذا كان منصباً على سبب قانوني متعلق بالنظام العام وكانت عناصره الواقعية مطروحة عليها، لما كان ذلك وكان النص في المادة 29/ ب من القانون رقم 48 لسنة 1979 سالف البيان - على أنه "إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر دعوى أمام إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة ورأت المحكمة أو الهيئة أن الدفع جدي أجلت الدعوى وحددت لمن أثار الدفاع ميعاداً لا يجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا فإذا لم ترفع الدعوى في الميعاد اعتبر الدفع كأن لم يكن ". يدل على أن الدفع بعدم دستورية القوانين غير متعلق بالنظام العام ومن ثم لا يجوز للمحكمة أن تعرض له من تلقاء نفسها، لما كان ذلك وكانت أوراق الطعن قد خلت مما يفيد أن الطاعن قد تمسك أمام محكمة الموضوع بعدم دستورية نص المادة 49 من القانون رقم 48 لسنة 1979 كما لم يتمسك أمامها بحجية حكم محكمة القضاء الإداري المشار إليه بوجه النعي ولم تكن عناصره مطروحة عليها ومن ثم فلا يجوز له التمسك بذلك لأول مرة أمام محكمة النقض، ويكون النعي برمته على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق