جلسة 28 من مارس سنة 1989
برئاسة السيد المستشار/ مرزوق فكري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح محمد أحمد، أحمد نصر الجندي نائبي رئيس المحكمة، حسين محمد حسن عقر وسعيد الغرباني.
-----------------
(157)
الطعن رقم 124 لسنة 56 القضائية "أحوال شخصية"
(1) أحوال شخصية "دعوى الأحوال الشخصية: سماع الدعوى".
التناقض الذي يمنع من سماع الدعوى في فقه الشريعة الإسلامية يكون بين كلامين سبق صدورهما من شخص واحد أحدهما مناف للأخر ما دام باقياً لم يرتفع ولم يوجد ما يرفعه يستوي في ذلك أن يكون الكلامان أمام القاضي أو كان أحدهما في مجلسه والآخر خارجه وثبت أمام القاضي حصوله، أو يكون التناقض من المدعي أو شهوده أو من المدعى عليه.
(2) أحوال شخصية "النسب" إثبات "الإقرار".
ثبوت النسب قبل الولادة. شرطه. أن يكون الحمل ظاهراً ويصدر الاعتراف به من الزوج. النفي الذي يكون معتبراً ويترتب عليه قطع نسب الولد. شرطه. عدم صحة النفي الذي يسبقه إقرار بالنسب نصاً أو دلالة. علة ذلك.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 14 لسنة 1982 كلي أحوال شخصية الأقصر ضد المطعون عليها للحكم بنفي نسب البنت....... إليه وقال شرحاً لدعواه أنه تزوج المطعون عليها بتاريخ 13/ 4/ 1981 ثم طلقها بتاريخ 19/ 4/ 1981 فأتت بلقيطة أسمتها...... وقيدتها منسوبة إليه، وبتاريخ 29/ 11/ 1982 قضت المحكمة برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 4 لسنة 1982 ق قنا. وبتاريخ 8/ 2/ 1984 قضت المحكمة بإحالة الدعوى للتحقيق لتثبت المطعون عليها أن هناك عقد زواج فاسد بينها وبين الطاعن في تاريخ سابق وأن البنت....... كانت ثمرة لذلك الزواج، وبعد سماع شهود الطرفين قضت المحكمة بتاريخ 6/ 8/ 1986 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها رفض الطعن. عرض الطعن على هذا المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بأولهما وبالوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق - وفى بيان ذلك تقول أنه أقام الدعوى للحكم بنفي نسب الصغيرة...... له على سند من أن المطعون ضدها ولدتها لأقل من ستة شهور من تاريخ زواجه بها في 13/ 4/ 1981 إلا أن المطعون ضدها ادعت أن هذه الصغيرة ثمرة زواج فاسد سبق الزواج الموثق، وهو منها من قبيل الدعوى يتعين أن تتوافر فيه مقوماتها من حيث الصحة وشرعية سماعها وإذ سبق للمطعون ضدها أن قررت في الشكوى رقم 1011 لسنة 1981 إداري الأقصر أن الطاعن تعرف عليها ووعدها بالزواج وكان يطلبها للذهاب إلى فندق الأقصر حيث مقر عمله، وأنه منذ خمسة أشهر - أثناء تواجدها معه بالفندق أغراها بالزواج وعاشرها معاشرة الأزواج - مرتين، وبعد ظهور الحمل وعلم والدها هربت من منزلها......... وهذا القول منها يدل على أنه لم يكن هناك زواج، وإنما واقعه زنا مما يتناقص مع قولها في الدعوى بوجود عقد زواج فاسد قبل تحرير العقد الصحيح. وكان التناقض في دعوى النسب لا يعتبر. فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر وكيف الواقعة على أنها زواج فاسد وقضى برفض الدعوى يكون قد خالف القانون وشابه القصور وخالف الثابت بالأوراق.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن التناقض المانع من سماع الدعوى ومن صحتها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو أن يسبق من المدعى كلام مناف للكلام الذي يقوله في دعواه، فيما لا يخفي سببه ما دام باقياً لم يرتفع، ولم يوجد ما يرفعه بإمكان حمل أحد الكلامين على الآخر، أو بتصديق الخصم أو بتكذيب الحاكم أو قول المتناقض تركت الكلام الأول مع إمكان التوفيق بين الكلامين وحمل أحدهما على الآخر، وذلك لاستحالة ثبوت الشيء وضده، ويتحقق التناقض متى كان الكلامان قد صدرا من شخص واحد أمام القاضي أو كان أحد الكلامين في مجلس القاضي والآخر خارجه، ولكن ثبت أمام القاضي حصوله إذ يعتبر الكلامان وكأنهما في مجلس القاضي، ويستوي في ذلك أن يكون التناقض من المدعى أو منه ومن شهوده أو من المدعى عليه، لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن كلام المطعون ضدها في مجلس القضاء وخارجه يدور حول إيهام الطاعن لها بأنه يكفي لانعقاد الزواج قراءة الفاتحة، وعلى هذا الأساس سلمته نفسها فعاشرها معاشرة الأزواج قبل انعقاد زواجهما صحيحاً في 13/ 4/ 1988 مما ينفي قيام التناقض المانع من سماع دفاعها في دعوى الطاعن نفي نسب الصغير له ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بباقي السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفى بيان ذلك يقول أن المطعون ضدها أتت بالصغيرة من زنا لأنها ولدتها قبل ستة أشهر من تاريخ زواجه بها، وقد أقام الحكم قضاءه برفض الدعوى على سند من اطمئنانه لأقوال شاهديها من أنه أقر بأبوته للصغيرة حال الحمل بها وقبل ولادتها، وإقرار المطعون ضدها بأنها لم تكن فراشاً للطاعن إلا بعد الاتفاق على الزواج وبرضائها، وسكوته دون التعليق على ذلك وإذ كانت أقوال الشهود لم تصرح بوجود عقد زواج بين الطاعن والمطعون ضدها ولا يجوز أن تكون الأخيرة مصدر إثباته. فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف ذلك وقضى برفض الدعوى يكون معيباً بمخالفة القانون والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المقرر في فقه الأحناف أنه إذا كان الحمل ظاهراً وصدر الاعتراف به من الزوج فإن النسب يثبت قبل الولادة، لما في البطن، وكان نفى نسب الولد - وعلى ما جرى به فقه الأحناف - لا يكون معتبراً، ولا يقطع النسب إلا بشروط منها أن يكون النفي عند الولادة وعند التهنئة، ومنها ألا يسبق النفي إقراراً بالنسب لا نصاً ولا دلالة، فإن سبق لا يصح النفي، فإذا قال الولد مني أو سكت عن التهنئة بولادته ثم نفاه بعد ذلك لا يقبل منه لأن النسب بعد الثبوت صار حقاً للولد فلا يمكن الرجوع فيه، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعوى الطاعن على ما اطمأنت إليه المحكمة مع شهادة الإثبات من أن الطاعن أقر على وجه القطع واليقين بأبوته للصغيرة...... وكان تقدير أقوال الشهود والقرائن مما يستقل به قاضي الموضوع دون معقب عليه من محكمة النقض متى كان ذلك مقاماً على أسباب سائغة وكان ما استخلصه الحكم المطعون فيه من أقوال الشهود وما استنبطه من القرائن من شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها ويبرر قضاءه فإن ما يثيره الطاعن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير محكمة الموضوع للأدلة بغية الوصول إلى نتيجة أخرى غير التي أخذ بها الحكم بعد أن اطمأن إليها بما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق