الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 30 ديسمبر 2024

الطعنان 91 ، 94 لسنة 27 ق جلسة 8 / 12 / 1984 إدارية عليا مكتب فني 30 ج 1 ق 36 ص 197

جلسة 8 من ديسمبر سنة 1984

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمود عبد العزيز الشربيني - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة عبد العزيز أحمد سيد حمادة وجمال السيد دحروج وعادل محمود فرغلي وإسماعيل صديق راشد - المستشارين.

----------------

(36)

الطعنان رقما 91 و94 لسنة 27 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - انتهاء الخدمة - الاستقالة الحكمية.
المادة 73 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1971 - قرينة الاستقالة الضمنية المستفادة من انقطاع العامل دون عذر مقبول هي قرينة مقررة لمصلحة الجهة الإدارية إن شاءت أعملتها في حقه واعتبرته مستقيلاً وإن شاءت تغاضت عنها رغم توافر شروط إعمالها - انتهاء خدمة العامل إعمالاً لهذه القرينة لا يترتب حتماً بقوة القانون بمجرد توافر شروط إعمالها وإنما يلزم أن تصدر الجهة الإدارية قراراً إدارياً يرتب هذا الأثر إن هي ارتأت الاستغناء عنه وغضت البصر عما أتاه من سلوك يشكل في ذاته مخالفة تأديبية - لا تسقط الدعوى التأديبية بشأن المخالفة إلا بفوات المواعيد المقررة قانوناً لسقوط الدعوى التأديبية دون التقيد بالميعاد الوارد بالمادة 73 - فوات الميعاد الوارد بالمادة 73 دون اتخاذ إجراءات تأديبية يؤدي إلى أن تستعيد الجهة الإدارية كامل سلطتها في مواجهة العامل المنقطع عن العمل واتخاذ الإجراءات التأديبية المقررة قانوناً في حقه ما دامت لم تصدر في شأنه قراراً باعتباره مستقيلاً من الخدمة (1) - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 18/ 12/ 1980 أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن النيابة الإدارية قلم كتاب المحكمة تقرير طعن قيد بسجلاتها تحت رقم 91 لسنة 27 ق وذلك في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالإسكندرية بجلسة 26/ 10/ 1980 في الدعوى التأديبية رقم 15 لسنة 22 ق المقامة من النيابة الإدارية ضد..... والقاضي ببراءته وطلبت الطاعنة للأسباب الموضحة بعريضة الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ومجازاة المطعون ضده عملاً بالمادة 42 من القانون رقم 58/ 1971 مع إلزامه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وفي يوم السبت الموافق 20/ 12/ 1980 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب المحكمة تقريراً بالطعن في الحكم المذكور طلب في ختامه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ومجازاة المطعون ضده عملاً بالمادة 80 من القانون رقم 47 لسنة 1978 مع إلزامه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وبعد أن تم إعلان الطعنين على الوجه المبين بالأوراق أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في كل منهما انتهت فيهما للأسباب المبينة في كل منهما إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ومجازاة المطعون ضده بالجزاء المناسب الذي تراه المحكمة.
وقد تحدد لنظر الطعنين بعد ضمهما - أمام دائرة فحص الطعون جلسة 24/ 10/ 1984 حيث قررت إحالتهما إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الرابعة - لنظرهما بجلسة 3/ 11/ 1984 وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوماً لسماعه من الإيضاحات قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم بعد أن أودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانوناً.
من حيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يتضح من الأوراق - في أنه بتاريخ 18/ 11/ 1979 أقامت النيابة الإدارية الدعوى رقم 15 لسنة 22 ق أمام المحكمة التأديبية للإسكندرية ضد........ وذلك لمحاكمته عما نسب إليه تقرير الاتهام لأنه في خلال المدة من 22/ 10/ 1977 حتى 11/ 11/ 1977 والمدة من 7/ 12/ 1977 حتى 27/ 6/ 1979 بمديرية التربية والتعليم بمرسى مطروح انقطع عن العمل في غير حدود الإجازات المصرح بها قانوناً ومن ثم يعد مرتكباً للمخالفات الإدارية المنصوص عليها بالمواد الواردة بتقرير الاتهام، وقد تم تداول الدعوى التأديبية أمام المحكمة على النحو المبين بمحاضر جلساتها حيث حضر المطعون ضده أمام المحكمة بجلسة 9/ 2/ 1980 وقرر عدم رغبته في العودة إلى العمل، وبجلسة 26/ 10/ 1980 صدر الحكم المطعون فيه قاضياً ببراءة الطاعن مما نسب إليه وقام قضاءه على ما ثبت من الأوراق من أن المطعون ضده قد انقطع عن العمل اعتباراً من 7/ 12/ 1977 ولم يقدم خلال الخمسة عشر يوماً التالية أسباباً تبرر انقطاعه تقبلها الجهة الإدارية ولم تتخذ ضده أية إجراءات تأديبية خلال الشهر التالي للانقطاع عن العمل ولم يجر التحقيق معه إلا في 11/ 10/ 1978 ومن ثم تعتبر خدمته منتهية من تاريخ انقطاعه عن العمل تطبيقاً لأحكام المادة 73 من قانون العاملين ومن ثم فلا يمكن نسبة أية مخالفة إليه ويتعين الحكم ببراءته مما هو منسوب إليه.
ومن حيث إن مبنى الطعنين الماثلين أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله للأسباب الآتية:
أولاً - أن انقطاع العامل - بدون إذن عن عمله يشكل بذاته مخالفة تأديبية تسوغ محاكمته تأديبياً فإذا ما اتخذت الجهة الإدارية ضد العامل المنقطع عن العمل الإجراءات التأديبية سقطت قرينة الاستقالة المستفادة من انقطاع العامل أكثر من عشرة أيام متتالية.
ثانياً - أن الفقه والقضاء قد استقر على أن قرينة الاستقالة المستفادة من الانقطاع مقررة لصالح الإدارة إن شاءت أعملتها وإن شاءت أهملتها حسبما تقضيه المصلحة العامة، ولا تعتبر مدة الشهر الواردة بالمادة 73 قيداً زمنياً على حق الإدارة في تقديم المطعون ضده للمحاكمة طالما أن خدمته لم تنته بعد.
ثالثاً - أن انتهاء خدمة العامل لاعتباره مستقيلاً في حكم المادة 73 سالفة الذكر لا يقع تلقائياً بمجرد استكمال مدة الغياب المنصوص عليها وإنما يتعين صدور قرار من الجهة الإدارية بإنهاء الخدمة للانقطاع. ومن ثم لا بد من تدخل الإدارة لإنهاء خدمة العامل أو الإبقاء عليه مع طلب محاكمته تأديبياً عن انقطاعه. ومن ثم فإن اعتبار الحكم المطعون فيه خدمة المطعون ضده منتهية من تاريخ انقطاعه عن العمل طبقاً للمادة 73 يجعل الحكم غير قائم على أساس سليم من القانون.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن قرينة الاستقالة الضمنية التي قررتها المادة 73 من القانون رقم 58 لسنة 1971 بنظام العاملين المدنيين بالدولة والمستفادة من انقطاع العامل المدد الواردة بها دون أن يقدم عذراً تقبله الإدارة، هي قرينة مقررة لمصلحة الجهة الإدارية التي يتبعها العامل والتي ارتكبت المخالفة في حقها، فإن شاءت أعملتها في حقه واعتبرته مستقيلاً وإن شاءت تغاضت عنها رغم توافر شروط إعمالها وأغفلت الآثار المترتبة عليها، ومقتضى ذلك أن انتهاء خدمة العامل إعمالاً لهذه القرينة لا يترتب حتماً وبقوة القانون بمجرد توافر شروط إعمالها وإنما يلزم لذلك أن تصدر الجهة الإدارية التي يتبعها العامل قراراً إدارياً يرتب هذا الأثر إن هي ارتأت الاستغناء عنه وغضت البصر عما أتاه من سلوك يشكل في ذاته مخالفة تأديبية وإلا جاز لها اتخاذ الإجراءات اللازمة لمحاكمته تأديبياً عما أتاه، ولا تسقط الدعوى التأديبية بشأنها إلا بفوات المواعيد المقررة قانوناً لسقوط الدعوى التأديبية دون التقييد بالميعاد الوارد بالمادة 73 المشار إليها ذلك أن الميعاد المذكور لم يستهدف به المشرع غل يد الإدارة عن سلطتها في اتخاذ الإجراءات التأديبية تجاه العامل المنقطع بل قصد به امتناع الإدارة عن استئناف النظر من جديد في شأن العامل الذي اتخذت ضده خلال الشهر التالي لانقطاعه إجراءات تأديبية وذلك بإنهاء خدمته، بعد أن أفصحت عن إرادتها في مؤاخذته عن انقطاعه ولا يسوغ أن يؤخذ من مفهوم المخالفة لهذا النص اعتبار العامل الذي لم تتخذ ضده أية إجراءات تأديبية خلال الشهر التالي لانقطاعه اعتباره مستقيلاً بطريقة حتمية وفرضية لا تحتاج إلى تدخل الجهة الإدارية بحيث يمتنع عليها بعد فوات هذا الميعاد اتخاذ أي إجراء تأديبي في مواجهته، وإلا كان ذلك تحميلاً للنص بأكثر مما يحتمل من معنى ومضمون ذلك أن النص على غل يد الجهة الإدارية عن ممارسة سلطتها إن هي اتخذت ضد العامل إجراءات تأديبية خلال شهر من الانقطاع إنما يعني بمفهوم المخالفة أن فوات هذا الميعاد دون اتخاذ الإجراءات المذكورة يؤدي إلى أن تعود للجهة الإدارية كامل سلطتها في مواجهة العامل المنقطع عن العمل وتقرير خطورة ما فرط منه في ضوء الظروف الملابسة لانقطاعه وإعطائه الفرصة لمراجعة موقفه فإن ارتأت أن في إصرار العامل على انقطاعه رغم حاجة العمل إليه وامتناعه على الاستجابة إلى مناشدتها للعودة إلى العمل مخالفة لا يسوغ السكوت عليها فلا تثريب عليها إن هي اتخذت في شأنه الإجراءات التأديبية المقررة قانوناً في حقه ولو فات الميعاد الوارد في المادة 73 المشار إليه ما دامت لم تصدر في شأنه قراراً باعتباره مستقيلاً من الخدمة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده...... وهو يشغل وظيفة أخصائي اجتماعي بوزارة التربية والتعليم قد انقطع عن عمله اعتباراً من 22/ 10/ 1977 وفي 12/ 11/ 1977 أبرق إلى الجهة الإدارية طالباً إحالته إلى القومسيون الطبي الذي وافق على منحه إجازة اعتباراً من 12/ 11/ 1977 حتى 6/ 12/ 1977 إلا أنه لم يعد إلى عمله بعد ذلك فتم إنذاره في 10/ 1/ 1978، 21/ 1/ 1978 بضرورة العودة إلى عمله إلا أنه استمر في انقطاعه ولم يستجيب إلى إنذار الجهة الإدارية إليه بالعودة إلى العمل وبتاريخ 29/ 5/ 1979 أبلغت مديرية التربية والتعليم بمحافظة مطروح النيابة الإدارية للتحقيق معه في واقعتي الانقطاع - واتخاذ الإجراءات القانونية لمحاكمته تأديبياً، فإن قرارها بإحالة المطعون ضده إلى النيابة الإدارية يكون قد قام على سببه المسوغ له قانوناً وتكون الجهة الإدارية قد مارست سلطتها التي خولها القانون في حق أحد العاملين التي لم تنفصم بعد علاقته الوظيفية بها ومن ثم فإن ما ذهبت إليه المحكمة من اعتبار مدة العامل منتهية بعدم اتخاذ الإجراءات التأديبية ضده خلال الشهر التالي للانقطاع قد أخطأت في تفسير القانون وتأويله وأوردت حكمها موارد الطعن فيه بالإلغاء لمخالفته صحيح فهم القانون فضلاً عما شابه من تناقض بين الأسباب وبين ما انتهى إليه من براءة المطعون ضده مما نسب إليه الأمر الذي لا يسوغ للمحكمة بلوغه إلا بعد التصدي لموضوع المخالفة ويقتضي ذلك قيام العلاقة الوظيفية بين المطعون ضده والجهة الإدارية (الطاعنة) الأمر الذي رفضته المحكمة في أسبابها، وهو ما يجعل النتيجة المنتهى إليها غير مستخلصة استخلاصاً سائغاً من الأسباب ويجعل الحكم غير قائم على أساس سليم من القانون خليقاً بالإلغاء.
ومن حيث إنه قد أضحى واضحاً من مرفقات الدعوى أن المطعون ضده قد انقطع عن عمله خلال الفترتين من 22/ 10/ 1977. حتى 11/ 11/ 1977 ومن 7/ 12/ 1977 حتى 27/ 6/ 1979 وفي غير حدود الإجازات المصرح بها قانوناً، وأنذرته الجهة الإدارية أكثر من مرة بضرورة العودة إلى عمله إلا أنه لم يتمثل لندائها، وأصر على موقفه في الانقطاع عن العمل وعدم الانصياع إلى أوامر الجهة الإدارية، دون أن تتخذ الجهة المختصة قراراً بإنهاء خدمته، فإنه بذلك يكون قد ارتكب ذنباً يسوغ مؤاخذته بتوقيع الجزاء المناسب عليه وترى المحكمة أن في مجازاته بخصم ما يوازي شهراً من أجره جزاء رادعاً له.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبمجازاة..... بخصم شهر من أجره.


(1) يراجع حكم المحكمة الإدارية العليا الدائرة المنصوص عليها في المادة 54 مكرراً من القانون رقم 47 لسنة 1972 معدلاً بالقانون رقم 136 لسنة 1984 بجلسة 15 من ديسمبر سنة 1985 في الطعن رقم 395 لسنة 27 القضائية حيث قضت باعتبار العامل المنقطع عن عمله المدد المنصوص عليها في المادة 98 من القانون رقم 47 لسنة 1978 مقدماً استقالته إذا لم تكن الإجراءات التأديبية قد اتخذت ضده خلال الشهر التالي لانقطاعه عن العمل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق