جلسة 6 من مارس سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / سعيد فنجري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / سيد الدليل وضياء الدين جبريل زيادة نائبي رئيس المحكمة وأحمد إبراهيم الشناوي ومحمود البمبي .
----------------
(22)
الطعن رقم 2561 لسنة 90 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى وإيراده على ثبوتها أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي على الحكم بخلاف الثابت به . غير مقبول .
مثال .
(3) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " .
إيراد النص الكامل لأقوال الشاهد . غير لازم . كفاية إيراد مضمونها . النعي على المحكمة إسقاطها بعض أقواله . غير مقبول . علة وأساس ذلك ؟
(4) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي غير المتصل بقضاء الحكم المطعون فيه . غير مقبول .
للمحكمة التعويل على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة . حد ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(5) استدلالات .
بقاء شخصية المرشد غير معروفة وعدم إفصاح رجل الضبط القضائي عنها . لا يعيب الإجراءات .
(6) إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
من يقوم بإجراء باطل . لا تقبل منه الشهادة عليه . حد ذلك ؟
للمحكمة التعويل في الإدانة على أقوال ضابط الواقعة . متى انتهت لصحة إجراءاته .
(7) إثبات " أوراق رسمية " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . دفوع " الدفع بنفي التهمة " .
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . حد ذلك ؟
الدفع بعدم ارتكاب الجريمة . نفي للتهمة . موضوعي . لا يستأهل رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
(8) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
إلمام المحكمة بواقعة الدعوى وإحاطتها بأدلة الاتهام . المجادلة في ذلك بدعوى الفساد في الاستدلال واختلال صورة الواقعة . منازعة موضوعية .
(9) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها أو الرد على دفاع لم يثر أمامها . غير جائز .
مثال .
(10) مسئولية جنائية . نقض " المصلحة في الطعن " .
نعي الطاعن عدم إدخال متهمين آخرين في الدعوى . غير مجد . ما دام لا يحول دون مساءلته عن الجريمة التي دين بها .
(11) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الرد صراحة على أدلة النفي . غير لازم . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه إيراد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم . تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(12) مواد مخدرة . عقوبة " تطبيقها " . محكمة النقض " سلطتها " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " " عدم جواز مضارة الطاعن بطعنه " .
معاقبة الطاعن بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات عن جريمة الشروع في تصدير عقار مخدر بغير ترخيص بعد إعمال المادة 17 عقوبات وإغفال القضاء بالتعويض الجمركي . خطأ في تطبيق القانون . لا تملك محكمة النقض تصحيحه . علة وأساس ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة حيازة جوهر ( ألفا - ميثيل فين أثيل أمين ) المخدر بدون إذن كتابي من الجهة الإدارية المختصة التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستقاة من أقوال النقيب .... المفتش بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات فرع .... و .... مأمور جمرك .... بالإدارة العامة لجمارك .... وما ثبت من تقريرالمعمل الكيماوي ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وأورد الحكم مؤدى كل دليل في بيان واف ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنهامحصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإنه تنحسر عن الحكم قالة القصور في التسبيب التي يرميه بها الطاعن .
2- لما كان ما يثيره الطاعن من نعي على الحكم لخلوه من وقت القبض على الطاعن مردوداً بأن الحكم قد خلا من وجود قبض على الطاعن ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله .
3- لما كان لا يلزم قانوناً إيراد النص الكامل لأقوال الشاهد الذي اعتمد عليها الحكم بل يكفي أن يورد مضمونها ، ولا يقبل النعي على المحكمة إسقاطها بعض أقوال الشاهد لأن فيما أوردته منها وعولت عليه ما يعني أنها اطرحت ما لم تشر إليه منها ، لما للمحكمة من حرية في تجزئة الدليل والأخذ بما ترتاح إليه والالتفات عما لا ترى الأخذ به ما دام أنها قد أحاطت بأقوال الشاهد ومارست سلطتها في تجزئتها بغير بتر لفحواها أو مسخ لها بما يحيلها عن معناها أو يحرفها عن مواضعها ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه بالنسبة لأقوال شاهدي الإثبات يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من بيان لمؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله .
4- لما كان ما يثيره الطاعن بأسباب طعنه بشأن بطلان إذن النيابة العامة بالقبض والتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية أمر لم يتصل بقضاء الحكم ، ومن ثم فإن منعاه في هذا الخصوص يضحى غير مقبول ، هذا فضلاً عن أن لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عُرضت على بساط البحث ، ولما كانت المحكمة قد أبدت اطمئنانها إلى تحريات الشرطة بجانب ما ساقته من أدلة أساسية في الدعوى ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى ولا يجوز مصادرتها فيه أمام محكمة النقض .
5- من المقرر أنه لا يعيب الإجراءات أن تبقى شخصية المرشد غير معروفة وأن لا يفصح عنها رجل الضبط القضائي ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون على غير أساس .
6- لما كان الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تُقبل منه الشهادة عليه ولا يكون ذلك إلا عند قيام البطلان وثبوته ، ومتى كان لا بطلان فيما قام به الضابط من إجراءات فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي عولت على أقواله – ضمن ما عولت عليه – في إدانة الطاعن ، ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن غير قويم .
7- من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد ، فضلاً عن أن ما يثيره الطاعن من عدم ارتكاب الجريمة وأن مرتكبها شخص آخر مردود بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل - بحسب الأصل - رداً خاصاً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ويكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير مقبول .
8- لما كانت مدونات الحكم المطعون فيه تنبئ عن أن المحكمة ألمت بواقعة الدعوى وأحاطت بالاتهام المسند إلى الطاعن ودانته بالأدلة السائغة التي أخذت بها وهي على بينة من أمرها ، فإن مجادلتها في ذلك بدعوى الفساد في الاستدلال تنطوي على منازعة موضوعية فيما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب .
9- لما كان البيّن من مطالعة محضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يطلب من المحكمة ندب خبير فني لتحقيق دفاعه القائم على نفي صلته بالتوقيع المنسوب له ، فليس له أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها أو الرد على دفاع لم يثره أمامها .
10- لما كان لا يجدي الطاعن ما يثيره من إغفال إدخال متهمين آخرين في الدعوى طالما أن إدخال المذكورين لم يكن ليحول دون مساءلة الطاعن عن الجريمة التي دين بها فإن منعاه في هذا الشأن يكون غير سديد .
11- من المقرر أن محكمة الموضوع غير ملزمة بالرد صراحة على أدلة النفي التي يتقدم بها المتهم ما دام الرد عليها مستفاد ضمناً من الحكم بالإدانة اعتماداً على أدلة الثبوت التي أوردها ، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من مقارفة المتهم للجريمة المسندة إليه ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن التفات الحكم عن أدلة النفي لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها ، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
12- لما كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة الشروع في تصدير عقار مخدر بغير ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة المعاقب عليها بالسجن المؤبد والغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه والمصادرة فضلاً عن التعويض الجمركي المقرر قانوناً طبقاً للمادتين 45 /1 ، 46 /1 من قانون العقوبات والمواد ۱ ، 2 ، ۳ ، ۳۳ /1 ، ٤٢ /1 من القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المعدل بالقانون رقم ١٢٢ لسنة ۱۹۸۹ والبند رقم (144) من القسم الثاني من الجدول رقم (1) الملحق به ، وعامله بالرأفة بمقتضى المادة 17 من قانون العقوبات وقضى بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات وتغريمه مائة ألف جنيه وبمصادرة الأقراص المخدرة المضبوطة ، وكانت المادة 36 من القانون رقم ١٨٢ لسنة 1960 المشار إليه قد نصت على أنه : ( استثناء من أحكام المادة 17 من قانون العقوبات لا يجوز في تطبيق المواد السابقة والمادة 38 النزول عن العقوبة التالية مباشرة للعقوبة المقررة للجريمة فإذا كانت العقوبة التالية هي السجن المشدد أو السجن فلا يجوز أن تقل المدة المحكوم بها عن ست سنوات ) ، فإن الحكم المطعون فيه إذ نزل بالعقوبة المقيدة للحرية المقررة لجريمة الشروع في تصدير عقار مخدر بغير ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة إلى السجن المشدد خمس سنوات والتي لا يجوز أن تقل مدته عن ست سنوات كما أغفل القضاء بالتعويض الجمركي المقرر قانوناً ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، إلا أنه لما كان الطعن مرفوعاً من المحكوم عليه ، فإن محكمة النقض لا تملك تصحيحه في هذه الحالة لأن من شأن ذلك الإضرار بالطاعن وهو ما لا يجوز عملاً بالمادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :
- شرع في تصدير أقراص مخدرة لمادة ( ألفا مثيل فين أثیل أمینو أثیل ) بغير ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو ضـبطـه والجريمة متلبسـاً بها على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضـت حضورياً عملاً بالمادتين 45 /1 ، 46 /1 من قانون العقوبات ، والمواد ۱ ، ۲ ، ۳ ، ۳۳ /1 فقرة أ من القانون رقم ١٨٢ لسنة 1960 المعدل ، والبند رقم (144) من القسـم الثاني من الجدول رقم (۱) الملحق بالقانون مع إعمال نص المادة 17 من قانون العقوبات ، بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات وغرامة مائة ألف جنيه وبمصادرة المخدر المضبوط وألزمته بالمصاريف الجنائية .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الشروع في تصدير أقراص مخدرة لجوهر ( ألفا – ميثيل فين أثيل أمين ) قبل الحصول على ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه جاء في صيغة مجملة ومجهلة خلت من إيراد واقعة الدعوى ودون أن يشر إلى توقيت التحري وتوقيت القبض على الطاعن وبيانات الإذن الجوهرية ، وأورد أقوال شاهدي الإثبات بتحقيقات النيابة العامة بطريقة مبتسرة لم يبين فيها مكان وتوقيت وكيفية التفتيش ، ورد بما لا يسوغ على الدفع ببطلان إذن النيابة العامة لابتنائه على تحريات غير جدية ومنعدمة لشواهد عددها فضلاً عن كونها وشاية من مصدر سري ودون أن يعرض لعناصر التحريات وببطلان شهادة من أجراها ، ملتفتاً عما قدمه الطاعن من مستندات تأييداً لدفاعه في هذا الشأن ، وبشأن فقده لبطاقة رقمه القومي واستعمال مجهول لها ، مما يُنبئ عن أن المحكمة لم تعن بتمحيص الدعوى ولم تلم بعناصرها عن بصر وبصيرة ، وتساند الحكم في نسبة التوقيع المزيل به بوليصة الشحن للطاعن إلى تطابقه مع الاسم الوارد بالتوكيل الخاص به دون التحقق من ذلك بفحصه بمعرفة الجهة الفنية المختصة بقسم أبحاث التزييف والتزوير وإجراء المضاهاة عليها ، ولم يتم تقديم متهمين آخرين في الدعوى للمحاكمة ، ولم يعن الحكم بالرد على أدلة النفي التي ساقها الدفاع ، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة حيازة جوهر ( ألفا - ميثيل فين أثيل أمينو ) المخدر بدون إذن كتابي من الجهة الإدارية المختصة التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستقاة من أقوال النقيب .... المفتش بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات فرع .... و .... مأمور جمرك .... بالإدارة العامة لجمارك .... وما ثبت من تقرير المعمل الكيماوي ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وأورد الحكم مؤدى كل دليل في بيان واف ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإنه تنحسر عن الحكم قالة القصور في التسبيب التي يرميه بها الطاعن . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن من نعي على الحكم لخلوه من وقت القبض على الطاعن مردوداً بأن الحكم قد خلا من وجود قبض على الطاعن ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان لا يلزم قانوناً إيراد النص الكامل لأقوال الشاهد الذي اعتمد عليها الحكم بل يكفي أن يورد مضمونها ، ولا يقبل النعي على المحكمة إسقاطها بعض أقوال الشاهد لأن فيما أوردته منها وعولت عليه ما يعني أنها اطرحت ما لم تشر إليه منها ، لما للمحكمة من حرية في تجزئة الدليل والأخذ بما ترتاح إليه والالتفات عما لا ترى الأخذ به ما دام أنها قد أحاطت بأقوال الشاهد ومارست سلطتها في تجزئتها بغير بتر لفحواها أو مسخ لها بما يحيلها عن معناها أو يحرفها عن مواضعها ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه بالنسبة لأقوال شاهدي الإثبات يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من بيان لمؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن بأسباب طعنه بشأن بطلان إذن النيابة العامة بالقبض والتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية أمر لم يتصل بقضاء الحكم ، ومن ثم فإن منعاه في هذا الخصوص يضحى غير مقبول ، هذا فضلاً عن أن لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلةما دامت تلك التحريات قد عُرضت على بساط البحث ، ولما كانت المحكمة قد أبدت اطمئنانها إلى تحريات الشرطة بجانب ما ساقته من أدلة أساسية في الدعوى ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى ولا يجوز مصادرتها فيه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الإجراءات أن تبقى شخصية المرشد غير معروفة وأن لا يفصح عنها رجل الضبط القضائي ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تُقبل منه الشهادة عليه ولا يكون ذلك إلا عند قيام البطلان وثبوته ومتى كان لا بطلان فيما قام به الضابط من إجراءات فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي عولت على أقواله – ضمن ما عولت عليه – في إدانة الطاعن ، ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن غير قويم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد ، فضلاً عن أن ما يثيره الطاعن من عدم ارتكاب الجريمة وأن مرتكبها شخص آخر مردود بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل - بحسب الأصل - رداً خاصاً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ويكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير مقبول .
لما كان ذلك ، وكانت مدونات الحكم المطعون فيه تنبئ عن أن المحكمة ألمت بواقعة الدعوى وأحاطت بالاتهام المسند إلى الطاعن ودانته بالأدلة السائغة التي أخذت بها وهي على بينة من أمرها ، فإن مجادلتها في ذلك بدعوى الفساد في الاستدلال تنطوي على منازعة موضوعية فيما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب . لما كان ذلك ، وكان البيّن من مطالعة محضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يطلب من المحكمة ندب خبير فني لتحقيق دفاعه القائم على نفي صلته بالتوقيع المنسوب له ، فليس له أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها أو الرد على دفاع لم يثره أمامها . لما كان ذلك ، وكان لا يجدي الطاعن ما يثيره من إغفال إدخال متهمين آخرين في الدعوى طالما أن إدخال المذكورين لم يكن ليحول دون مساءلة الطاعن عن الجريمة التي دين بها فإن منعاه في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن محكمة الموضوع غير ملزمة بالرد صراحة على أدلة النفي التي يتقدم بها المتهم ما دام الرد عليها مستفاد ضمناً من الحكم بالإدانة اعتماداً على أدلة الثبوت التي أوردها ، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من مقارفة المتهم للجريمة المسندة إليه ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن التفات الحكم عن أدلة النفي لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها ، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة الشروع في تصدير عقار مخدر بغير ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة المعاقب عليها بالسجن المؤبد والغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه والمصادرة فضلاً عن التعويض الجمركي المقرر قانوناً طبقاً للمادتين 45/1 ، 46/1 من قانون العقوبات ، والمواد ۱ ، 2 ، ۳ ، ۳۳/أ ، ٤٢/1 من القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المعدل بالقانون رقم ١٢٢ لسنة ۱۹۸۹ والبند رقم(144) من القسم الثاني من الجدول رقم (1) الملحق به ، وعامله بالرأفة مقتضى المادة 17 من قانون العقوبات وقضى بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات وبتغريمه مائة ألف جنيه وبمصادرة الأقراص المخدرة المضبوطة ، وكانت المادة 36 من القانون رقم ١٨٢ لسنة 1960 المشار إليه قد نصت على أنه : ( استثناءً من أحكام المادة 17 من قانون العقوبات لا يجوز في تطبيق المواد السابقة والمادة 38 النزول عن العقوبة التالية مباشرة للعقوبة المقررة للجريمة فإذا كانت العقوبة التالية هي السجن المشدد أو السجن فلا يجوز أن تقل المدة المحكوم بها عن ست سنوات ) ، فإن الحكم المطعون فيه إذ نزل بالعقوبة المقيدة للحرية المقررة لجريمة الشروع في تصدير عقار مخدر بغير ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة إلى السجن المشدد خمس سنوات والتي لا يجوز أن تقل مدته عن ست سنوات كما أغفل القضاء بالتعويض الجمركي المقرر قانوناً ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، إلا أنه لما كان الطعن مرفوعاً من المحكوم عليه ، فإن محكمة النقض لا تملك تصحيحه في هذه الحالة لأن من شأن ذلك الإضرار بالطاعن وهو ما لا يجوز عملاً بالمادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق