جلسة 23 من مارس سنة 1989
برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد طيطه، سامي فرج يوسف، ماهر البحيري ومحمد بدر الدين توفيق.
-----------------
(145)
الطعن رقم 1078 لسنة 52 القضائية
(1، 2) إيجار "إيجار الأماكن" أسباب الإخلاء "الإخلاء لعدم سداد الأجرة" "إيداع الأجرة". بطلان. حكم. تسبيبه "إعلان" "الإعلان بالبريد". قانون.
(1) إيداع المستأجر الأجرة المستحقة للمؤجر خزينة العوائد أو الوحدة المحلية المختصة. وجوب إخطاره المؤجر بذلك طبقاً للإجراءات المنصوص عليها في المادة 27 ق 49 لسنة 1977. تخلف ذلك أو وقوع الإخطارات باطلة. بطلان الإيداع. اعتباره غير مبرئ لذمة المستأجر. علة ذلك.
(2) خلو قانون إيجار الأماكن وقانون المرافعات من تنظيم لكيفية الإخطار بالبريد. أثر وجوب الرجوع إلى قوانين هيئة البريد ولوائحها. الرسائل المسجلة بعلم الاستلام. وجوب تسليمها لذلك المرسل إليه أو وكيله. رفضه التوقيع بما يفيد الاستلام أو تعذر الحصول على ترقيعه. وجوب إثبات عامل البريد ذلك. تخلف هذه الإجراءات أو تمامها بطريقة تنطوي على الغش. أثره. بطلان الإخطار ولو استوفى ظاهرياً شكله القانوني.
(3) تمسك الطاعن "المؤجر أمام محكمة الاستئناف ببطلان إجراءات إيداع المطعون ضده "المستأجر" للأجرة المستحقة عليه خزانة مأمورية العوائد المختصة لعدم تقديمه الدليل على إخطاره بكتاب موصى عليه بعلم الوصول لاستلام الأجرة وإخطاره بخطاب مماثل يفيد إيداعه لها خزانة تلك الجهة عن مدة 44 شهراً وتعمده بالاتفاق مع موزع البريد إتمام الإخطارات عن مدة تالية بطريق الغش حتى لا يتصل علمه بها، وتقديمه الدليل على ذلك. دفاع جوهري. إغفال الرد عليه بدعوى أن المشرع لم يرتب البطلان كجزاء على عدم مراعاة المستأجر للإجراءات المنصوص عليها في المادة 27 ق 49 لسنة 1977. خطأ وإخلال بحق الدفاع.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن الطاعن أقام على المطعون ضده الدعوى رقم 8379 سنة 1980 مدني كلي شمال القاهرة طالباً الحكم بإخلاء الشقة المبينة بالصحيفة والتسليم وقال في بيانها أن المطعون ضده استأجر منه هذه الشقة بعقد مؤرخ 1/ 11/ 1971 بأجرة شهرية قدرها 282 قرشاً شاملة رسم النظافة واستهلاك المياه وإذ قعد عن الوفاء بالأجرة من 1/ 5/ 1977 حتى 30/ 9/ 1980 وقدرها 115.620 جنيه رغم تكليفه بالوفاء بها أقام الدعوى. حكمت المحكمة برفض الدعوى استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 3265 سنة 98 ق القاهرة وبتاريخ 13/ 2/ 1982 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع وفى بيان ذلك يقول أن المطعون ضده لم يتبع - عند إيداعه الأجرة المستحقة عليه خزانة مأمورية العوائد المختصة - ما نصت المادة 27 من القانون رقم 49 سنة 1977 من وجوب إخطاره بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول لاستلام الأجرة ثم إخطاره - إذ رفض استلامها - بخطاب آخر مماثل يفيد إيداعه لها بما لازمه أن يتم إخطاره بخطابين عند إيداع أجرة كل شهر وإذ لم يقدم المطعون ضده للمحكمة سوى 37 خطاباً عن مدة 44 شهراً من 1/ 4/ 1977 حتى 31/ 12/ 1980 فإنه لا يكون قد اتبع ما نص عليه القانون من إجراءات، هذا إلى أنه تعمد - بالاتفاق مع موزع البريد - عدم وصول الخطابات إليه عن المدة من 1/ 3/ 1981 حتى 30/ 6/ 1981 - فارتدت الخطابات إلى راسلها - المطعون ضده - بتأشيرة وهمية من موزع البريد الذي جوزي إدارياً حسبما جاء بشهادة الإدارة العامة للبريد التي قدمها. وقد تمسك باعتبار هذا الإيداع غير مبرئ لذمة المطعون ضده لبطلانه وعدم تحقيق الغاية منه عملاً بنص المادة 20 من قانون المرافعات إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على هذا الدفاع الجوهري على سند من أن المادة 27 من القانون رقم 49 سنة 1977 لم ترتب البطلان كجزاء على عدم الإخطار مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن النص في المادة 27 من القانون رقم 49 سنة 1977 على أنه "يجب أن يتم الوفاء بالأجرة المحددة وما في حكمها كاملة إلى المؤجر طبقاً لأحكام هذا الباب في موعد لا يجاوز الأسبوع الأول من الشهر المستحقة عنه أو الموعد المتفق عليه في العقد وذلك بإيصال مثبته فيه قيمة الأجرة فإذا امتنع المؤجر عن استلام الأجرة وإعطاء سند المخالصة عنها للمستأجر قبل مضي 15 "خمسة عشر" يوماً من تاريخ الاستحقاق أن يخطر المؤجر بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم وصول لتسلمها خلال أسبوع فإذا لم يتسلمها خلال هذا الميعاد يودع المستأجر الأجرة دون رسوم خلال الأسبوع التالي خزانة مأمورية العوائد المختصة. وفى المدن والقرى التي لا توجد بها مأموريات عوائد يتم الإيداع بخزينة الوحدة المحلية الواقع في دائراتها العقار. وعلى كل من المستأجر والجهة المودع لديها الأجرة إخطار المؤجر بهذا الإيداع بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول. ومع عدم المساس بما يكون للمؤجر من حقوق أخرى يعتبر إيصال الإيداع سنداً لإبراء ذمة المستأجر من قيمة الأجرة المستحقة بالقدر المودع - وعلى الجهة المودع لديها الأجرة أداء الأجرة المودعة للمؤجر فور طلبها دون قيد أو شرط أو إجراءات "يدل على أن المشرع أراد أن يجنب المستأجر إجراءات العرض والإيداع المنصوص عليها في المادتين 487، 488 من قانون المرافعات إذا ما تعنت معه المؤجر ورفض استلام الأجرة - فرسم له - استثناء من القواعد العامة للوفاء بالدين - طريقاً سهلاً ميسراً للوفاء بالأجرة التي رفض المؤجر استلامها تعنتا بأن خوله - قبل مضي خمسة عشر يوماً من تاريخ استحقاق الأجرة - أن يخطر المؤجر بكتاب موصى علي مصحوب بعلم الوصول بأن يستلم منه الأجرة خلال أسبوع فإذا انقضى هذا الأجل ولم يتسلمها كان له أن يودعها - خلال الأسبوع التالي ودون رسوم - خزانة مأمورية العوائد المختصة أو خزينة الوحدة المحلية الواقع في دائرتها بالعقار بالنسبة للمدن والقرى التي لا توجد بها مأموريات عوائد ثم أوجب عليه والجهة المودع لديها الأجرة إخطار المؤجر بهذا الإيداع بخطاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول واعتبر إيصال هذا الإيداع سنداً مبرءاً لذمته من دين الأجرة المستحقة بالمقدار المودع. ولئن لم ينص المشرع على البطلان كجزاء على عدم اتباع المستأجر للإجراءات المشار إليها إلا أن ذلك مستفاد ضمناً من اعتداد المشرع بالإيداع الحاصل وفقاً لهذه الإجراءات التي سجل بها المستأجر على المؤجر بالإخطارات تعسفه وعنته واعتباره هذا الإيداع مبرءاً لذمة المستأجر من دين الأجرة بالقدر المودع فإذا لم تحصل هذه الإخطارات من المستأجر أو وقعت باطلة انتقى الدليل على تعسف وعنت المؤجر وبالتالي فلا يعتبر الوفاء بهذا الطريق الاستثنائي قائماً ولا تبرأ ذمة المستأجر لعدم تحقق الغاية التي هدف إليها المشرع من هذا الإجراء الذي أراد به أن يقوم مقام إجراءات العرض والإيداع المنصوص عليها في المادتين 487، 488 من قانون المرافعات وقد استقر قضاء هذه المحكمة على أن مخالفة الإجراءات التي تطلبها المشرع فيها تجعل الإيداع غير مبرئ لذمة المدين. والمقرر أنه إزاء خلو قانون إيجار الأماكن وقانون المرافعات من تنظيم لكيفية الإخطار بالبريد فإنه يتعين الرجوع في ذلك إلى قوانين هيئة البريد ولوائحها ومفاد ما نصت عليه المادتين 32، 43 من اللائحة التنفيذية لقانون البريد رقم 16 سنة 1970 - والصادر بها قرار وزير المواصلات رقم 55 لسنة 1972 أن الرسائل المسجلة بعلم الاستلام تسلم لذات المرسل إليه أو وكيله ويجب على العامل الذي يقوم بتسليمها أن يحصل من المرسل إليه على توقيعه وتاريخ الاستلام على علم الاستلام ثم يوقعه هو أيضاً ثم ويختمه بالختم ذي التاريخ ويعيده داخل مظروف مصلحي بطريق التسجيل إلى المرسل إليه وإذا رفض المرسل إليه التوقيع على علم الاستلام أو تعذر الحصول على توقيعه فيوقع العامل المختص عليه بما يفيد تسليم الخطاب إلى المرسل إلى يختمه ويعيده داخل مظروف مصلحي إلى المرسل منه فإذا لم تتبع هذه الإجراءات في الإخطار بطريق البريد - كوسيلة إعلان - أو تم الإخطار بطريقة تنطوي على الغش بحيث لا يصل إلى المراد إخطاره فقد جرى قضاء هذه المحكمة على وقوعه باطلاً ولو كان الإخطار قد استوفى ظاهرياً شكله القانوني. لما كان ذلك وكان الثابت إن الطاعن قد تمسك أمام محكمة الاستئناف ببطلان إجراءات إيداع المطعون ضده للأجرة المستحقة عليه خزانة مأمورية العوائد المختصة لأن الأخير لم يقدم الدليل على إخطاره بكتاب موصى عليه بعلم الوصول لاستلام الأجرة وإخطاره بخطاب مماثل بما يفيد إيداعه لها خزانة تلك الجهة عن مدة 44 شهراً اعتباراً 1/ 4/ 1977 كما أنه تعمد - بالاتفاق مع موزع البريد إتمام الإخطارات عن المدة من 1/ 3/ 1981 حتى 30/ 6/ 1981 - بطريق الغش حتى لا يتصل علمه بها فارتدت الخطابات إلى مرسلها بتأشيرات وهمية وهو دفاع جوهري قدم الدليل عليه شهادة من الإدارة العامة للبريد كما ثبت أن المطعون ضده لم يقدم سوى 37 خطاباً فقد دون باقي الخطابات ويترتب على صحة هذا الدفاع بطلان إجراءات الإيداع واعتبار ما تم من إيداع غير مبرئ لذمة المطعون ضده من دين الأجرة وكان الحكم المطعون فيه قد أغفل الرد على هذا الدفاع الجوهري على سند من أن المشرع لم يرتب البطلان كجزاء على عدم مراعاة المستأجر للإجراءات المنصوص عليها في المادة 27 من القانون رقم 49 لسنة 1977 فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وحجبه ذلك الخطأ عن بحث دفاع الطاعن الجوهري سالف البيان مما يعيبه أيضاً بالإخلال بحق الدفاع مما يوجب نقضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق