جلسة 29 من مارس سنة 1989
برئاسة السيد المستشار/ وليم رزق بدوي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد لطفي السيد، طه الشريف نائبي رئيس المحكمة، شكري العميري وعبد الصمد عبد العزيز.
-----------------
(158)
الطعن رقم 2079 لسنة 54 القضائية
(1) بيع. بطلان. ملكية. التزام. عقد.
بيع الأراضي المملوكة للدولة. حظر التصرف فيها إلا بعد الوفاء بكامل الثمن وموافقة الإدارة العامة لأملاك الدولة. جزاء مخالفته. البطلان. تحقق الغاية التشريعية يمنع ترتيب الجزاء. مؤدى ذلك. اعتباره بيعاً معلقاً على شرط واقف. تحققه. أثره. نفاذ العقد من تاريخ إبرامه. ق 100 لسنة 1964 المعدل وقبل إلغاء المادة 60 بالقانون رقم 17 لسنة 1969. مثال.
(2) صورية. محكمة الموضوع.
استخلاص الصورية. استقلال محكمة الموضوع به ما دام سائغاً.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم الثلاثة الأول أقاموا الدعوى رقم 6482 لسنة 1980 بطلب الحكم بإبطال عقد البيع الصادر من الطاعنتين لوالدتهما المؤرخ 5/ 3/ 1973 وبطلان كافة الإجراءات والأحكام المترتبة عليه ومحو كافة التسجيلات والتأشيرات التي تمت بشأنه لانعدامه وصوريته والحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 7/ 2/ 1972 وقالوا بياناً لذلك إنهم أشتروا من الطاعنتين قطعة أرض زراعية تبلغ مساحتها 17 فداناً موضحة الحدود والمعالم بالصحيفة وعقد البيع وقد تعهدتا بالتوقيع على العقد النهائي عند سداد الأقساط إلا أنهما حررا مع والدتهما عقداً صورياً مؤرخاً 5/ 3/ 1977 ببيع ذات الأطيان استصدرت به حكماً بصحته ونفاذه وتم تسجيل هذا الحكم فأقاما الدعوى بطلباتهم سالفة البيان. كما أقامت الطاعنتان الدعوى رقم 11573 لسنة 1980 مدني كلي جنوب القاهرة على المطعون ضدهم الثلاثة الأول وفى مواجهة المطعون ضدهما الرابع والخامس بطلب الحكم ببطلان عقد البيع الابتدائي المؤرخ 7/ 2/ 1972 والتسليم ومنع تعرضهم لهما وقالتا بياناً لذلك أنهما باعتا إلى المطعون ضدهم الثلاثة الأول قطعة أرض صحراوية مشاعاً من أملاك الدولة الخاصة موضحة الحدود والمعالم بالصحيفة وإذ تم هذا البيع قبل سداد كامل الثمن فيكون تصرفهما بالبيع إلى المطعون ضدهم باطلاً إعمالاً لنص المادتين 47، 60 من القانون رقم 100 لسنة 1964 بتنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة والتعرف فيها تدخلت مورثة المطعون ضدهم من السادس حتى الأخير المرحومة......... تدخلاً انضمامياً إلى الطاعنتين وبعد أن ضمت المحكمة الدعويين قضت في الدعوى رقم 11573 لسنة 1980 مدني كلي جنوب بقبول تدخل من............ وببطلان عقد البيع المؤرخ 7/ 2/ 1972. وفى الدعوى رقم 6482 لسنة 1980 مدني كلي جنوب ببطلان العقد المؤرخ 5/ 3/ 1973. استأنف المطعون ضدهم الثلاثة الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 1077 لسنة 99 ق القاهرة كما استأنفته الطاعنتان فرعياً بالاستئناف رقم 6235 لسنة 99 ق القاهرة واستأنفه فرعياً المطعون ضده السادس بالاستئناف رقم 6236 لسنة 99 ق القاهرة وبتاريخ 15/ 5/ 1984 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من بطلان العقد المؤرخ 5/ 3/ 1973 ومحو التسجيلات التي تمت بناء عليه وبإلغائه فيما قضى به من بطلان عقد البيع المؤرخ 7/ 2/ 1982 وبصحة ونفاذ العقد المذكور. طعنت الطاعنتان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنتان بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفى بيان ذلك تقولان أن البيع الحاصل منهما للمطعون ضدهم الثلاثة الأول وقع باطلاً إذ تم في 7/ 2/ 1972 قبل سدادها كامل الثمن للهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية المالكة الأصلية للأرض في 20/ 5/ 1976 إعمالاً لنص المادتين 47، 88 من القانون رقم 100 لسنة 1964 والمادة الثالثة من القانون رقم 17 لسنة 1969 والبند 14 من المادة 68 مكرر من اللائحة التنفيذية الصادرة بقرار وزير الإصلاح الزراعي رقم 153 لسنة 1969 كما أن البند 17 من قائمة شروط البيع الصادرة من الهيئة يمنع المشتري من التصرف في الأرض إلا بعد وفاء كامل الثمن وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بصحة ونفاذ عقد البيع المذكور استناداً إلى إلغاء نص المادة 60 من القانون رقم 100 لسنة 1964 فإنه يكون أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه ولئن كان مفاد نص المادتين 47، 60 من القانون رقم 100 لسنة 1964 المعدل بالقانون رقم 36 لسنة 1967 وقبل إلغاء المادة 60 من القانون رقم 17 لسنة 1969 يدل على أن الشارع رتب جزاء البطلان المطلق للتصرف الذي يتم بالمخالفة لأحكامه إلا أنه بالنظر إلى الحكمة من النص ودواعيه الذي وضع لحماية حق الدولة ولضمان الحصول عليه فإذا تحققت الغاية التي استهدفها المشرع فإنه يمتنع ترتيب الجزاء. لما كان ذلك وكانت الأرض موضوع النزاع من الأراضي المبيعة للطاعنين من الدولة وقد تضمن البند 14 من المادة 68 مكرر من اللائحة التنفيذية الصادرة بالقرار رقم 153 لسنة 1969 شرطاً مانعاً من التصرف إلا بعد الوفاء بكامل الثمن وموافقة الإدارة العامة لأملاك الدولة على هذا التصرف وإذ قامت الطاعنتان ببيع تلك الأرض إلى المطعون ضدهم الثلاثة الأول بموجب العقد المؤرخ 7/ 2/ 1972 فإنه يكون بيعاً معلقاً على شرط واقف هو سداد كامل الثمن وإذ تحقق هذا الشرط بسدادهما كامل الثمن في 20/ 5/ 1976 فإن العقد أصبح نافذاً من تاريخ إبرامه إعمالاً للأثر الرجعي لتحقق الشرط ولا يجدي الطاعنتان التمسك بالمادة 47 من القانون 100 لسنة 1964 إذ لا مجال لانطباقها على النزاع الماثل وبانتقال ملكية المبيع إلى الطاعنتين بالعقد المشهر برقم 3967 بتاريخ 14/ 11/ 1967 شهر عقاري إمبابة بموافقة الهيئة المطعون ضدها الرابعة أصبح التصرف الصادر بالبيع إلى المطعون ضده الثلاثة الأول صحيحاً نافذاً وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويضحى النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنتين تنعيان بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيبب والفساد في الاستدلال وفى بيان ذلك تقولان أن الحكم المطعون فيه استدل على صورية العقد الصادر منهما إلى والدتهما المؤرخ 5/ 3/ 1973 بتوافر سوء النية بينهما وأن المطعون ضدهم الثلاثة الأول لم يتمسكوا صراحة بصورية ذلك العقد حتى تلتزم المحكمة ببحث الصورية وأن العقد حقيقي وسبق القضاء بصحته ونفاذه في الدعوى رقم 6306 لسنة 1973 مدني كلي شمال القاهرة مما يعيب الحكم بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن استخلاص الصورية مما تستقل به محكمة الموضوع لتعلقه بفهم الواقع في الدعوى ما دام هذا الاستخلاص سائغاً، لما كان ذلك وكان المطعون ضدهم الثلاثة الأول طعنوا على العقد المؤرخ 5/ 3/ 1973 صراحة بالصورية وأقام الحكم قضاءه بالصورية على ما استخلصه في حدود سلطته التقديرية من قيام قرينة قضائية حاصلها أن البائعتين - بعد إخفاقهما في دعواهما بفسخ العقد المؤرخ 7/ 2/ 1972، قامتا بالبيع إلى والدتهما بعقد لاحق مؤرخ 5/ 3/ 1973، بما مفاده أن المحكمة اتخذت من قيام العقد الأول قرينة على صورية العقد الثاني خاصة وأنه حرر لوالدتهما وهى دعامة سائغة تكفي لحمل قضائه في ثبوت الصورية، ولا عليه إن لم يعول على الحكم الصادر في الدعوى رقم 6306 لسنة 1973 مدني كلي شمال القاهرة بصحة ونفاذ ذلك العقد إذ أن المطعون ضدهم الثلاثة الأول لا يحاجون به إذ لم يكونوا طرفاً فيه ومن ثم فإن النعي يضحى على غير أساس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق