الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 22 ديسمبر 2024

الطعن 1369 لسنة 30 ق جلسة 26 / 12/ 1960 مكتب فني 11 ج 3 ق 184 ص 942

جلسة 26 من ديسمبر سنة 1960

برياسة السيد مصطفى كامل المستشار، وبحضور السادة: محمد عطية إسماعيل، وعادل يونس، وعبد الحسيب عدي، وحسن خالد المستشارين.

---------------------

(184)
الطعن رقم 1369 لسنة 30 لقضائية

(أ) دعوى جنائية. تحريكها: دعوى مباشرة: إجراءاتها:
حق توجيه التهمة إلى المتهم بالجلسة عند قبوله المحاكمة مقصور على النيابة العامة. المادة 232 أ. ج.
(ب) دعوى مدنية. 

إقامتها أمام القضاء الجنائي بطلب في الجلسة المنظورة فيها الدعوى الجنائية. اقتصار هذه الإجازة على الدعاوى المدنية الفرعية. المادة 251/ 2 أ. ج.

-------------------
1 - (1) مؤدى ما نصت عليه المادة 232 من قانون الإجراءات الجنائية أن حق توجيه التهمة إلى المتهم بالجلسة عند قبوله المحاكمة مقصور على النيابة العامة دون المدعي بالحقوق المدنية.
2 - القانون إنما أجاز رفع الدعوى المدنية في الجلسة في حالة ما إذا كانت من الدعاوى الفرعية فقط - أي مجرد الادعاء بحقوق مدنية عملاً بنص المادة 251 من قانون الإجراءات الجنائية - في فقرتها الثانية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما المتهم الأول: ضرب عمداً المجني عليه فأحدث به الإصابة المبينة بالتقرير الطبي والتي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة لا تزيد على عشرين يوماً. والمتهم الثاني - ضرب عمداً المتهم الأول فأحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة لا تزيد على العشرين يوماً. وطلبت عقابهما بالمادة 242/ 1 من قانون العقوبات. وأمام المحكمة الجزئية وجه المدعي بالحقوق المدنية بلسان محاميه إلى المتهم "الطاعن" تهمة السب الماسة بالعرض والشرف وطلب عقابه بالمواد 171 و306 و308 من قانون العقوبات. كما طلب القضاء له قبله بمبلغ 16 ج (ستة عشر جنيهاً) على سبيل التعويض. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 242/ 1 و171 و306 من قانون العقوبات بالنسبة للمتهم "الطاعن" بحبسه شهراً واحداً مع الشغل وكفالة 20 ج لوقف التنفيذ عن تهمة الضرب وشهراً واحداً مع الشغل وكفالة عشرين جنيهاً لوقف التنفيذ عن تهمة السب العلني وبإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ ستة عشر جنيهاً والمصروفات المدنية وببراءة المتهم الثاني عملاً بالمادة 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية. فاستأنف المتهم هذا الحكم. والمحكمة الاستئنافية قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات بتعديل الحكم المستأنف بالنسبة للدعوى الجنائية إلى حبس المتهم شهراً واحداً مع الشغل عن التهمتين وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى المدنية. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، ذلك أن تهمة السب التي دين الطاعن بها لم ترفع عليه من النيابة العامة، وإنما وجهها إليه المدعي بالحقوق المدنية في الجلسة منتهزاً فرصة وجوده أمام المحكمة لمحاكمته عن تهمة الضرب المقامة بها الدعوى الجنائية من قبل النيابة العامة، وقد قبلت منه المحكمة تحريك الدعوى عن السب بهذا الطريق وحاكمت الطاعن من أجلها وعاقبته عنها وعن جريمة الضرب وعندما استأنف الحكم اعتبرت المحكمة الاستئنافية التهمتين قائمتين وقالت إن الحكم على الطاعن بالعقوبة ابتدائياً صادف محله. إلا أنها أخذت على الحكم توقيعه عقوبة مستقلة عن كل تهمة في حين أن التهمتين مرتبطتان ببعضهما ارتباطاً لا يقبل التجزئة لأنهما وقعتا لغرض واحد وهو الاعتداء على المدعي بالحق المدني وعاقبته بالعقوبة الأشد وهي عقوبة السب وفقاً للمادة 32 من قانون العقوبات وما ذهب إليه الحكم من ذلك ينطوي على خطأ في تطبيق القانون لأنه كان يتعين على المجني عليه إذا أراد تحريك الدعوى الجنائية بجريمة السب أن يتقدم إلى النيابة العامة بالشكوى طالباً إليها إقامة الدعوى وإذا لم يتخذ هذا السبيل فله أن يحرك دعواه مباشرة بطريق التكليف بالحضور على أن يكون ذلك في خلال الثلاثة أشهر التالية لعلمه بالجريمة وبمرتكبها ولكنه لم يفعل، بل وجه الدعوى عن هذه الجريمة بعد انقضاء الأجل المحدد قانوناً، ومؤدى ذلك أن الدعوى الجنائية لجريمة السب لم تحرك قانوناً ولم تتصل بها المحكمة، هذا إلى أن الطاعن تمسك أمام المحكمة الاستئنافية بالصورة القانونية التي شابت توجيه تهمة السب بطريق الدعوى المباشرة، ونعى على الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه بطلانه على هذا الأساس، ولكن الحكم المطعون فيه، أغفل الرد عليه على رغم أهمية هذا الدفاع وأثره على الحكم في الدعوى وخاصة بعد إذ أنزل الحكم على الطاعن عقوبة السب بوصفها الجريمة الأشد، مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن النيابة العامة اتهمت الطاعن بأنه ضرب المدعي بالحقوق المدنية عمداً فأحدث به الإصابة المبينة في التقرير الطبي والتي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة لا تزيد على عشرين يوماً، وادعى المجني عليه بحق مدني قبل الطاعن وطلب الحكم عليه بمبلغ 16 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. وبجلسة 5/ 2/ 1958 أمام محكمة أول درجة وجه بلسان محاميه إلى الطاعن تهمة السب العلني وجعل التعويض المطالب به عن التهمتين، وقضت المحكمة المذكورة حضورياً بحبس الطاعن شهراً واحداً مع الشغل وكفالة 20 جنيهاً عن تهمة الضرب وبحبسه شهراً واحداً مع الشغل وكفالة 20 جنيهاً عن تهمة السب وألزمته بدفع 16 جنيهاً للمدعي بالحقوق المدنية، فاستأنف الطاعن هذا الحكم، والمحكمة الاستئنافية قضت بتعديل الحكم المستأنف بالنسبة إلى الدعوى الجنائية إلى حبسه شهراً واحداً مع الشغل عن التهمتين وتأييده فيما قضى به في الدعوى المدنية، ويبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة الابتدائية أن المدعي بالحقوق المدنية قال بلسان محاميه بجلسة 5 من فبراير سنة 1958 "إني أوجه تهمة السب الماس بالعرض والشرف إلى المتهم الأول "الطاعن" وفي مواجهته وأعدل طلباتي في الدعوى المدنية بالنسبة لتهمة الضرب وتهمة السب طبقاً لنص المواد 171 و306 و 308 من قانون العقوبات" ويبين من محضر جلسة 28 من ديسمبر سنة 1958 أمام المحكمة الاستئنافية أن الطاعن اعترض بلسان محاميه على تحريك دعوى السب في مواجهته بها بغير طريق التكليف بالحضور وجاء الحكم المطعون فيه خلواً من الرد على هذا الدفاع. لما كان ذلك، وكانت المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية تجرى على أنه لا يجوز أن ترفع الدعوى الجنائية في الجرائم المعينة بها ومن بينها جريمة السب - إلا بناء على شكوى شفهية أو كتابية من المجني عليه أو من وكيله الخاص إلى النيابة العامة أو إلى أحد مأموري الضبط القضائي ولا تقبل الشكوى بعد ثلاثة أشهر من يوم علم المجني عليه بالجريمة وبمرتكبها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، وكان هذا الاشتراط في حقيقته قيداً وارداً على حرية النيابة العامة في استعمال الدعوى الجنائية لا على المدعي بالحقوق المدنية من حق إقامة الدعوى مباشرة قبل المتهم إذ له أن يحركها أمام محكمة الموضوع مباشرة وبدون أي شكوى سابقة في خلال الأشهر الثلاثة التي نص عليها القانون، لأن الادعاء المباشر هو بمثابة شكوى، وكانت المادة 232 من قانون الإجراءات الجنائية تنص في فقرتيها الأولى والثانية على أنه "تحال الدعوى في الجنح والمخالفات بناء على أمر يصدر من قاضي التحقيق أو غرفة الاتهام، أو بناء على تكليف المتهم مباشرة بالحضور من قبل أحد أعضاء النيابة العامة أو من المدعي بالحقوق المدنية ويجوز الاستغناء عن تكليف المتهم بالحضور، إذا حضر بالجلسة ووجهت إليه التهمة من النيابة العامة وقبل المحاكمة..." ومؤدى ما تقدم أن حق توجيه التهمة إلى المتهم بالجلسة عند قبوله المحاكمة مقصور على النيابة العامة دون المدعي بالحقوق المدنية. لما كان ذلك، فإن الدعوى الجنائية التي ترفع مباشرة من المدعي بالحقوق المدنية - ودعواه المدنية التابعة لها المؤسسة على الضرر الذي يدعي أنه لحقه من الجريمة لا تنعقد الخصومة بينه وبين المتهم وهو المدعي عليه فيهما إلا عن طريق تكليف بالحضور أمام المحكمة تكليفاً صحيحاً وما لم تنعقد الخصومة بالطريقة التي رسمها القانون فإن الدعويين الجنائية والمدنية لا تكونان مقبولتين من المدعي بالحقوق المدنية في الجلسة، وذلك لأن القانون إنما أجاز رفع الدعوى المدنية في الجلسة في حالة ما إذا كانت من الدعاوى الفرعية فقط - أي مجرد الادعاء بحقوق مدنية عملاً بنص المادة 251 من قانون الإجراءات الجنائية في فقرتها الثانية، ولما كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة السب التي وجهها المدعي بالحقوق المدنية إليه بعد انقضاء الأجل المحدد قانوناً لتحريكها وبغير طريق التكليف بالحضور والتفت عن الرد على دفاع الطاعن في هذا الخصوص على رغم أهميته وأثره على سلامة اتصال المحكمة بالدعوى، فإنه يكون معيباً، ولا يقدح في هذا النظر أن العقوبة المقضي بها على الطاعن مبررة بالمادة 242/ 1 من قانون العقوبات التي دين الطاعن بها ولا يجادل فيها في طعنه، ذلك بأن الحكم قد أوقع على الطاعن هذه العقوبة على اعتبار أنها عقوبة الجريمة الأشد وهي السب التي لم تحرك فيها الدعوى الجنائية على الوجه الصحيح فضلاً عن أن التعويض المقضي به ملحوظ فيه أنه عن التهمتين معاً.
لما كان ما تقدم، فإن النعي على الحكم المطعون فيه يكون في محله، ولما كانت النيابة العامة قد حركت الدعوى قبل الطاعن عن تهمة ضربه المدعي بالحقوق المدنية وكان الخطأ القانوني السالف الذكر وما استتبعه من توقيع عقوبة الجريمة الأشد يحول دون اقتصار هذه المحكمة على القضاء ببطلان الحكم المطعون فيه - مما يتعين مع أن يكون مع النقض الإحالة، فإنه يتعين نقض الحكم وإعادة المحاكمة.


(1) راجع الحكم في الطعن 1167/ 24 ق - (جلسة 11/ 1/ 1955) القاعدة 137 - مج الأحكام - السنة السادسة - صفحة 416.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق