الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 16 ديسمبر 2024

الطعن 9611 لسنة 89 ق جلسة 20 / 3 / 2022 مكتب فني 73 ق 28 ص 262

جلسة 20 من مارس سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / حمد عبد اللطيف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / خالد مقلد ، محمد قنديل ، محمد غنيم وماجد إبراهيم نواب رئيس المحكمة .
---------------
(28)
الطعن رقم 9611 لسنة 89 القضائية
(1) حكم " بيانات حكم الإدانة " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيانات حكم الإدانة ؟ المادة 310 إجراءات جنائية.
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنة بها . لا قصور .
(2) الاتجار بالبشر . دفوع " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الدفع بانتفاء أركان جريمة الاتجار بالبشر . موضوعي . لا يستوجب رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
بحسب الحكم كيما يتم تدليله إيراد الأدلة المنتجة على صحة وقوع الجريمة المسندة للمتهم . تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
مثال لرد سائغ على الدفع بانتفاء أركان جريمة الاتجار بالبشر .
(3) إثبات " بوجه عام " " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . تحديدها . ما لا يقبل منها " .
العبرة في المحاكمات الجنائية باقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه . له تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه . ما دام له مأخذه الصحيح من الأوراق .
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها . كفاية استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة الشهود . مفاده ؟
سرد المحكمة روايات الشاهد وإن تعددت . غير لازم . حسبها إيراد ما تطمئن إليه .
تناقض الشهود أو تضاربهم في أقوالهم أو تناقض روايتهم في بعض تفاصيلها . لا يعيب الحكم . حد ذلك ؟
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً . النعي بتناقض أقوال الشهود دون بيان أوجهه . غير مقبول . علة ذلك ؟
إيراد النص الكامل لأقوال الشاهد التي اعتمد عليها الحكم . غير لازم . كفاية إيراد مضمونها . النعي على المحكمة إسقاطها بعض أقواله . غير مقبول . علة ذلك ؟
لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الواقعة من أي دليل تطمئن إليه . لها الأخذ بأقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى . ما دام له مأخذه الصحيح من الأوراق.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(4) دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
النعي على الحكم إغفاله الرد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش . غير مقبول . متى لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد منه .
للمحكمة الالتفات عن الرد على الدفع ببطلان الإذن لعدم جدية التحريات . متى أُبدي في عبارة مرسلة .
(5) إثبات " أوراق رسمية " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها .
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلَّا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها .
(6) دفوع " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الدفع بنفي التهمة . موضوعي . لا يستأهل رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(7) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .
مثال .
(8) عقوبة " توقيعها " . غرامة . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " " عدم جواز مضارة الطاعن بطعنه " . محكمة النقض " سلطتها " .
إغفال الحكم القضاء بعقوبة الغرامة المقررة بالمادة 5 من القانون ٦٤ لسنة ٢٠١٠ بشأن مكافحة الاتجار بالبشر . خطأ في تطبيق القانون . لا تملك محكمة النقض تصحيحه . علة وأساس ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنة بها ، وأورد على ثبوتها في حقها أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعنة بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منها ، وكان يبين مما أورده الحكم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الاتجار بالبشر بأن تعاملت في شخص طبيعي وهو المجني عليها بقصد استغلالها واستخدامها سخرة في أعمال الخدمة كما هي معرفة في المادة 2 من القانون 64 لسنة 2010 ، ودان الطاعنة بها ، وجاء استعراضه لأدلة الدعوى على نحو يدل على أن المحكمة محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل .
2- لما كان الحكم قد عرض لدفع الطاعنة بانعدام الركن المادي والقصد الجنائي ورد عليه في قوله : ( وحيث إنه عن الدفع بعدم توافر أركان جريمة الاتجار بالبشر فمردود بـأنه من المقرر أنه وحسبما عرفت اللائحة التنفيذية للقانون رقم 64 لسنة 2010 بشأن الاتجار بالبشر أن الاتجار بالبشر هو التعامل بأي صورة في شخص طبيعي بما في ذلك البيع أو العرض للبيع أو الشراء أو الوعد بهما أو الاستخدام أو النقل أو التسليم أو الإيواء أو الاستعمال أو التسليم سواء في داخل البلاد أو عبر حدودها الوطنية إذا تم ذلك بواسطة استعمال القوة أو العنف أو التهديد بهما أو بواسطة الاختطاف أو الاحتيال أو استغلال السلطة أو الخداع أو استغلال حالة الضعف أو الحاجة أو الوعد بعطاء لتلقي مبالغ مالية وذلك كله إذا كان التعامل بقصد الاستغلال أياً كانت صوره وعلى سبيل المثال السخرة أو الخدمة قسراً ، ويجب أن يكون المجني عليه شخص طبيعي ، وحيث إنه لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن المتهمة قد قامت بتشغيل المجني عليها دون إعطائها مقابل عن ذلك ، ومن ثم يكون ذلك التشغيل سخرة دون مقابل وهو الأمر الذي ينطبق عليه نص المادة الأولى من القانون 64 لسنة 2010 ، ومن ثم يضحى هذا الدفع غير سديد تلتفت عنه المحكمة ) ، وكان ما رد به الحكم على الدفع سائغاً وكافياً في بيان أركان جريمة الاتجار بالبشر بركنيها المادي والمعنوي ، وكان من المقرر أن الدفع بانتفاء أركان الجريمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ،ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، وكان بحسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ، لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، فإن كل ما تثيره الطاعنة من انتفاء أركان الجريمة المسندة لها بركنيها المادي والمعنوي ، لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل ، وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها ، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
3- من المقرر أن العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه ، ولا تصح مطالبته بالأخذ بدليل بعينه ما عدا الأحوال التي قيده فيها القانون بذلك ، فقد جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينه أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه ، ولا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث يُنبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ، ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي ، فلا يُنظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة ، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، كما لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها ، بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات ، وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها فيالأوراق - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، ومتى أخذت بشهادتهم ، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، كما أن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها ، بل حسبها أن تورد في حكمها من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها ، كما أن تناقض الشهود أو تضاربهم في أقوالهم أو تناقض روايتهم في بعض تفاصيلها - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، ولم يورد تلك التفصيلات على نحو يركن به إليها في تكوين عقيدته ، كما أنه من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمي إليه مقدمه حتي يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي إيراداً ورداً عليه . لما كان ذلك ، وكانت الطاعنة لم تكشف بأسباب طعنها عن أوجه التناقض بين أقوال الشهود ، بل ساقت قولها مرسلاً مجهلاً ، فإن منعاها في هذا الشأن لا يكون مقبولاً ، وكان من المقرر أيضاً أنه لا يلزم قانوناً إيراد النص الكامل لأقوال الشهود التي اعتمد عليها الحكم ، بل يكفي أن يورد مضمونها ، ولا يُقبل النعي على المحكمة إسقاطها بعض أقوال الشاهد لأن فيما أوردته منها وعولت عليه ما يعني أنها اطرحت ما لم تشر إليه ، لما للمحكمة من حرية في تجزئه الدليل والأخذ منه بما ترتاح إليه والالتفات عما لا ترى الأخذ بها ، ما دام أنها قد أحاطت بأقوال الشاهد ومارست سلطتها في تجزئتها بغير بتر لفحواها أو مسخ لها بما يحيلها عن معناها أو يحرفها عن مواضعها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه ، وأن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى ما دام له مأخذه الصحيح من الأوراق ، وإذ كانت المحكمة في هذه الدعوى قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات بتحقيقات النيابة العامة التي حصلها الحكم بغير تناقض وبصحة تصويرهم للواقعة ووثقت بروايتهم ، فإن كان ما تثيره الطاعنة من منازعة حول تصوير للمحكمة للواقعة وفي تصديقها لأقوال المجني عليها وباقي شهود الإثبات وما تسوقه بالنسبة لأقوالهم لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى وتقدير أدلتها تأدياً لمناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدانها بالدليل الصحيح ، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
4- لما كان الحكم المطعون فيه - فيما أورده من بيان للواقعة - لم يشر إلى حدوث قبض على الطاعنة وبنى قضاءه على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت التي قام عليها ، ولم يعول على أي دليل مستمد من تنفيذ إذن النيابة العامة بالقبض والتفتيش ، ومن ثم فقد انحسر عنه الالتزام بالرد استقلالاً على الدفع ببطلان هذا الإذن لابتنائه على تحرياته غير جدية ، هذا فضلاً عن أنه يبين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعنة وإن دفع ببطلان الإذن لعدم جدية التحريات ، إلا إنه لم يبين أساس دفعه ، بل أرسله في عبارة عامة لا تشتمل على بيان مقصده منه ، فإنه دفعاً مجهلاً لا تثريب على المحكمة إن هي سكتت عنه إيراداً له ورداً عليه ، فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الخصوص يكون ولا محل له .
5- من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم اطراحه المستندات التي تساندت إليها الطاعنة والمقدمة منها للتدليل على نفي التهمة في حقها ، ذلك أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية ، وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل والمنطق أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، هذا فضلاً عن أنه من المقرر أن المحكمة لا تلتزم في أصول الاستدلال بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم التفاته عن المستندات المقدمة من الطاعنة وعدم الإشارة إليها والتي لم يعول عليها ولم يكن لها أثراً في عقيدته يكون لا محل له .
6- من المقرر أن الدفع بنفي التهمة في حق الطاعنة هو دفاع موضوعي لا يستوجب في الأصل من المحكمة رداً خاصاً أو صريحاً طالما الرد عليه يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم - كما هو الحال في الدعوى - ، ويكون معه ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن غير سديد .
7- من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً ومحدداً ، ولما كانت الطاعنة لم تبين في طعنها أوجه الدفوع الجوهرية التي التفت الحكم المطعون فيه عن الرد عليها بل أرسلت القول إرسالاً مما لا يمكن معه مراقبة ما إذا كان الحكم قد تناولها بالرد من عدمه ، وهل كانت دفوعاً جوهرية مما يجب على المحكمة أن تجيبها أو ترد عليها أو هي من قبيل الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم في الأصل رداً بل الرد مستفاد من القضاء بالإدانة للأدلة التي أوردتها المحكمة في حكمها ، ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الصدد لا يكون مقبولاً .
8- لما كان الحكم المطعون فيه قد عاقب الطاعنة بالحبس لمدة سنة واحدة ، وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة المقضي بها إيقافاً شاملاً ، بعد أن أعملت المواد " 17 ، 55 ، 56 " من قانون العقوبات وأغفلت تغريم الطاعنة غرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائتي ألف جنيه أو بغرامة مساوية لقيمة ما عاد عليها من نفع أيهما أكبر بالمخالفة للمادة 5 من القانون 64 لسنة 2010 في شأن الاتجار بالبشر ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، بما كان يؤذن لهذه المحكمة - محكمة النقض - أن تصححه ، إلا أنه لما كانت الطاعنة هي المحكوم عليها وحدها ، فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ لما في ذلك من إضرار بالطاعنة ، وهو ما لا يصح أن تضار بطعنها .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها :
- ارتكبت جريمة اتجار بالبشر بأن تعاملت في شخص طبيعي هو المدعوة .... وذلك بأن استخدمتها في أعمال الخدمة المنزلية بقصد استغلالها سخرة وذلك بواسطة استغلال حالة ضعفها وحاجتها لكونه خادمة أجنبية بالأراضي المصرية على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالتها إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتها طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد ۱ ، ۲ ، 3 /1 ، 4 ، 5 ، ۲۲ من القانون رقم 64 لسنة ۲۰۱۰ ، مع إعمال المواد ۱۷ ، 55 ، 56 من قانون العقوبات بمعاقبتها بالحبس لمدة سنة واحدة وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة المقضي بها إيقافاً شاملاً.
فطعـنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمة الاتجار بالبشر ، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، ذلك أنه حُرر في عبارات عامة معماة مبهمة وغامضة ، ولم يبين الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً كافياً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعنة بها ، ورد برد قاصر على دفعها بانتفاء أركانها في حقها ، وعول في قضائه بالإدانة على أدلة لا تؤدي إلى ما رتبه عليها ، واعتنق صورة غير صحيحه لواقعة الدعوى استمدها من أقوال شهود الإثبات رغم عدم معقوليتها وتناقضها حصلها بطريقة مجتزأة وبالمخالفة للثابت بالأوراق ، والتفت إيراداً ورداً على دفع الطاعنة ببطلان إذن النيابة العامة لابتنائه على تحريات غير جدية ، وضرب صفحاً عما قدمته من مستندات تدليلاً على نفي التهمة عنها ، وأخيراً فقد رد برد قاصر على دفوعها الجوهرية ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنة بها ، وأورد على ثبوتها في حقها أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعنة بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منها ، وكان يبين مما أورده الحكم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الاتجار بالبشر بأن تعاملت في شخص طبيعي وهو المجني عليها بقصد استغلالها واستخدامها سخرة في أعمال الخدمة كما هي معرفة في المادة 2 من القانون 64 لسنة 2010 ، ودان الطاعنة بها ، وجاء استعراضه لأدلة الدعوى على نحو يدل على أن المحكمة محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض لدفع الطاعنة بانعدام الركن المادي والقصد الجنائي ورد عليه في قوله : ( وحيث إنه عن الدفع بعدم توافر أركان جريمة الاتجار بالبشر فمردود بـأنه من المقرر أنه وحسبما عرفت اللائحة التنفيذية للقانون رقم 64 لسنة 2010 بشأن الاتجار بالبشر أن الاتجار بالبشر هو التعامل بأي صورة في شخص طبيعي بما في ذلك البيع أو العرض للبيع أو الشراء أو الوعد بهما أو الاستخدام أو النقل أو التسليم أو الإيواء أو الاستعمال أو التسليم سواء في داخل البلاد أو غير حدودها الوطنية إذا تم ذلك بواسطة استعمال القوة أو العنف أو التهديد بهما أو بواسطة الاختطاف أو الاحتيال أو استغلال السلطة أو الخداع أو استغلال حالة الضعف أو الحاجة أو الوعد بعطاء لتلقي مبالغ مالية وذلك كله إذا كان التعامل بقصد الاستغلال أياً كانت صورة وعلى سبيل المثال السخرة أو الخدمة قسراً ، ويجب أن يكون المجني عليه شخص طبيعي ، وحيث إنه لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن المتهمة قد قامت بتشغيل المجني عليها دون اعطائها مقابل عن ذلك ومن ثم يكون ذلك التشغيل سخرة دون مقابل وهو الأمر الذي ينطبق عليه نص المادة الأولى من القانون 64 لسنة 2010 ، ومن ثم يضحى هذا الدفع غير سديد تلتفت عنه المحكمة ) ، وكان ما رد به الحكم على الدفع سائغاً وكافياً في بيان أركان جريمة الاتجار بالبشر بركنيها المادي والمعنوي ، وكان من المقرر أن الدفع بانتفاء أركان الجريمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ، ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، وكان بحسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ، لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، فإن كل ما تثيره الطاعنة من انتفاء أركان الجريمة المسندة لها بركنيها المادي والمعنوي لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها ، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه ، ولا تصح مطالبته بالأخذ بدليل بعينه ما عدا الأحوال التي قيده فيها القانون بذلك ، فقد جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه ، ولا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ، ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي ، فلا يُنظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة ، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، كما لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها ، بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات ، وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، ومتى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، كما أن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها ، بل حسبها أن تورد في حكمها من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها ، كما أن تناقض الشهود أو تضاربهم في أقوالهم أو تناقض روايتهم في بعض تفاصيلها - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، ولم يورد تلك التفصيلات على نحو يركن به إليها في تكوين عقيدته ، كما أنه من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمي إليه مقدمه حتي يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي إيراداً ورداً عليه . لما كان ذلك ، وكانت الطاعنة لم تكشف بأسباب طعنها عن أوجه التناقض بين أقوال الشهود ، بل ساقت قولها مرسلاً مجهلاً ، فإن منعاها في هذا الشأن لا يكون مقبولاً ، وكان من المقرر أيضاً أنه لا يلزم قانوناً إيراد النص الكامل لأقوال الشهود التي اعتمد عليها الحكم ، بل يكفي أن يورد مضمونها ، ولا يُقبل النعي على المحكمة إسقاطها بعض أقوال الشاهد لأن فيما أوردته منها وعولت عليه ما يعني أنها اطرحت ما لم تشر إليه ، لما للمحكمة من حرية في تجزئه الدليل والأخذ منه بما ترتاح إليه والالتفات عما لا ترى الأخذ بها ، ما دام أنها قد أحاطت بأقوال الشاهد ومارست سلطتها في تجزئتها بغير بتر لفحواها أو مسخ لها بما يحيلها عن معناها أو يحرفها عن مواضعها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه ، وأن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى ما دام له مأخذه الصحيح من الأوراق ، وإذ كانت المحكمة في هذه الدعوى قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات بتحقيقات النيابة العامة التي حصلها الحكم بغير تناقض وبصحة تصويرهم للواقعة ووثقت بروايتهم ، فإن كان ما تثيره الطاعنة من منازعة حول تصوير للمحكمة للواقعة وفي تصديقها لأقوال المجني عليها وباقي شهود الإثبات وما تسوقه بالنسبة لأقوالهم لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى وتقدير أدلتها تأدياً لمناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدانها بالدليل الصحيح ، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه - فيما أورده من بيان للواقعة - لم يشر إلى حدوث قبض على الطاعنة وبنى قضاءه على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت التي قام عليها ، ولم يعول على أي دليل مستمد من تنفيذ إذن النيابة العامة بالقبض والتفتيش ، ومن ثم فقد انحسر عنه الالتزام بالرد استقلالاً على الدفع ببطلان هذا الإذن لابتنائه على تحرياته غير جدية ، هذا فضلاً عن أنه يبين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعنة وإن دفع ببطلان الإذن لعدم جدية التحريات ، إلا إنه لم يبين أساس دفعه بل أرسله في عبارة عامة لا تشتمل على بيان مقصده منه ، فإنه دفعاً مجهلاً لا تثريب على المحكمة إن هي سكتت عنه إيراداً له ورداً عليه ، فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الخصوص يكون ولا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم اطراحه المستندات التي تساندت إليها الطاعنة والمقدمة منها للتدليل على نفي التهمة في حقها ، ذلك أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية ، وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل والمنطق أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، هذا فضلاً عنه أنه من المقرر أن المحكمة لا تلتزم في أصول الاستدلال بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم التفاته عن المستندات المقدمة من الطاعنة وعدم الإشارة إليها ، والتي لم يعول عليها ، ولم يكن لها أثراً في عقيدته يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بنفي التهمة في حق الطاعنة هو دفاع موضوعي لا يستوجب في الأصل من المحكمة رداً خاصاً أو صريحاً طالما الرد عليه يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم - كما هو الحال في الدعوى - ، ويكون معه ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً ومحدداً ، ولما كانت الطاعنة لم تبين في طعنها أوجه الدفوع الجوهرية التي التفت الحكم المطعون فيه عن الرد عليها بل أرسلت القول إرسالاً مما لا يمكن معه مراقبة ما إذا كان الحكم قد تناولها بالرد من عدمه ، وهل كانت دفوعاً جوهرية مما يجب على المحكمة أن تجيبها أو ترد عليها أو هي من قبيل الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم في الأصل رداً بل الرد مستفاد من القضاء بالإدانة للأدلة التي أوردتها المحكمة في حكمها ، ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الصدد لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عاقب الطاعنة بالحبس لمدة سنة واحدة ، وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة المقضي بها إيقافاً شاملاً ، بعد أن أعملت المواد " 17 ، 55 ، 56 " من قانون العقوبات وأغفلت تغريم الطاعنة غرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائتي ألف جنيه أو بغرامة مساوية لقيمة ما عاد عليها من نفع أيهما أكبر بالمخالفة للمادة 5 من القانون 64 لسنة 2010 في شأن الاتجار بالبشر ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما كان يؤذن لهذه المحكمة - محكمة النقض - أن تصححه ، إلا أنه لما كانت الطاعنة هي المحكوم عليها وحدها ، فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ لما في ذلك من إضرار بالطاعنة ، وهو ما لا يصح أن تضار بطعنها . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق