الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 17 ديسمبر 2024

الطعن 16820 لسنة 89 ق جلسة 17 / 5 / 2022 مكتب فني 73 ق 37 ص 347

جلسة 17 من مايو سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / سامح عبد الله عبد الرحيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / سامح مروان وأحمد محمد سليمان نائبي رئيس المحكمة وحاتم حسن غــراب وكـمـال عبد القوي .
----------------
(37)
الطعن رقم 16820 لسنة 89 القضائية
(1) إثبات " بوجه عام " " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " " سلطتها في تقدير الدليل " " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى . موضوعي .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة الشهود . مفاده ؟
إثبات الجرائم باختلاف أنواعها . جائز بكافة الطرق القانونية . حد ذلك ؟
العبرة في المحاكمات الجنائية باقتناع القاضي . له تكوين عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها . حد ذلك ؟
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها . إغفالها بعض الوقائع . مفاده : اطراحها .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(2) إثبات " أوراق رسمية " " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . حد ذلك ؟
للمحكمة الإعراض عن قالة شهود النفي . ما دامت لا تثق فيما شهدوا به . قضاؤها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها . مفاده : اطراحها .
عدم التزام المحكمة بالرد صراحة على أدلة النفي . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردتها .
بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي استخلص منها مقارفة المتهم للجريمة . تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .
(3) دفوع " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
الدفع بنفي التهمة وعدم صحة الاتهام . موضوعي . لا يستأهل رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي استخلص منها وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم . تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .
(4) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
العبرة بما اطمأنت إليه المحكمة من التحقيقات . لا بما اشتمل عليه بلاغ الواقعة .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(5) إجراءات " إجراءات التحقيق " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي بتجهيل محضر الضبط لأول مرة أمام محكمة النقض . غير مقبول . علة ذلك ؟
(6) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير آراء الخبراء " . آثار . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن . موضوعي . طلب ندب خبراء لإعادة المعاينة بعد اطمئنان المحكمة لأقوال مفتشي الآثار بشأن أثرية الأرض المقام عليها البناء . غير مقبول . حد ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1– لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة الأركان القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وساق على ثبوتها في حقه أدلة سائغة أورد مضمونها وفحواها ووجه استدلاله بها على ثبوت التهمة بعناصرها القانونية ، وهي أدلة سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن للمحكمة كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة أمامها ، ولها أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات ، كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة من محكمة النقض ، وهي متى أخذت بشهادتهم ، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وأن الجرائم على اختلاف أنواعها - إلا ما استثني بنص خاص - جائز إثباتها بكافة الطرق القانونية ومنها البينة وقرائن الأحوال ، فلا تصح مطالبتها بالأخذ بدليل دون دليل أو التقيد في تكوين عقيدتها بدليل معين ، وأن العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه ، فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها ما دام أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من أوراق الدعوى ، وأن المحكمة في أصول الاستدلال غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ، وفي إغفالها لبعض الوقائع ما يفيد ضمناً اطراحها لها واطمئنانها إلى ما أثبتته من الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أفصح عن اطمئنانه لأقوال الشهود وكفايتها كدليل في الدعوى واستخلص منها أن الواقعة حدثت على الصورة المبينة بها ، وكان هذا الاستخلاص سائغاً لا يتناقض مع العقل والمنطق ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة المحكمة في وزن أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
2– من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية ، وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ، ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة في الدعوى ، ولها أيضاً أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به ، وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها ، كما أنها لا تلتزم بالرد صراحة على أدلة النفي التي يتقدم بها المتهم ما دام الرد عليها مستفاداً ضمناً من الحكم بالإدانة اعتماداً على أدلة الثبوت التي أوردتها ، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من مقارفة المتهم للجريمة المسندة إليه ، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ، لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً .
3– من المقرر أن الدفع بنفي التهمة وعدم صحة الاتهام هما من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل - في الأصل - رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ، لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن هذا الوجه من النعي لا يكون له محل .
4- لما كان ما يثيره الطاعن من أن بلاغ الحادث تم بمعرفة الأهالي وليس عن طريق حارس المنطقة الأثرية مردوداً بما هو مقرر من أنه لا عبرة بما اشتمل عليه بلاغ الواقعة ، وإنما العبرة بما اطمأنت إليه المحكمة مما استخلصته من التحقيقات ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير المحكمة لأدلة الدعوى ومصادرتها في عقيدتها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
5– لما كان البيّن من محضر جلسة الحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئاً مما ينعاه في أسباب طعنه من تجهيل محضر الضبط ، فليس له من بعد أن يثير هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض ، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد .
6– من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في هذا شأن سائر الأدلة ، فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه ولا تقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير ، وإذ كان ذلك ، وكانت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى ما ورد بأقوال مفتشي الآثار واستندت إلى رأيهم الفني من أن الأرض المقام عليها البناء أثرية ، فإنه لا تجوز مجادلة المحكمة في هذا الشأن ولا مصادرة عقيدتها فيه أمام محكمة النقض ، وهي غير ملزمة بإجابة الدفاع إلى طلب ندب خبراء آخرين من وزارة العدل لإعادة معاينة الأرض محل الاتهام ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة لاتخاذ هذا الإجراء ، ومن ثم يتعين الالتفات عما أثاره الطاعن في هذا الشأن .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :
– تعدى على أرض أثرية بأن قام بالبناء عليها بدون الحصول على ترخيص من الجهات المختصة على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 ، 3 ، 6 ، 40 ، 43/ 2 من القانون رقم 117 لسنة 1983 المعدل ، مع إعمال نصوص المواد 17 ، 55 ، 56 من قانون العقوبات بمعاقبته بالحبس لمدة سنة واحدة مع الشغل وتغريمه مبلغ مائة ألف جنيه عما نسب إليه وأمرت بإيقاف عقوبة الحبس فقط لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صدور هذا الحكم .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة التعدي على أرض أثرية قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه دانه رغم خلو الأوراق من دليل على ثبوتها قبله إذ لم يثبت أن الأرض محل الاتهام أثرية لا سيما وأن أقوال شاهدي الإثبات الأول - حارس منطقة الآثار – والرابع - رئيس منطقة آثار .... – لا تؤدي لإدانته ، ولم يعرض الحكم لما ورد بأقوال الشهود الملاصقين للعقار محل الاتهام وما قدمه الطاعن من مستندات للدلالة على نفي التهمة عنه وعدم صحه الاتهام قبله ، كما أن بلاغ الحادث جاء بمعرفة الأهالي وليس عن طريق حارس المنطقة الأثرية ، كما جاء محضر الضبط مجهلاً بشأن كيفية قيام الطاعن بعمل أعمدة وبيان نوعها وعددها ، وأخيراً فلم تجبه المحكمة إلى طلب ندب خبير في الدعوى ، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة الأركان القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وساق على ثبوتها في حقه أدلة سائغة أورد مضمونها وفحواها ووجه استدلاله بها على ثبوت التهمة بعناصرها القانونية ، وهي أدلة سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن للمحكمة كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة أمامها ، ولها أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات ، كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة من محكمة النقض ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وأن الجرائم على اختلاف أنواعها - إلا ما استثني بنص خاص - جائز إثباتها بكافة الطرق القانونية ومنها البينة وقرائن الأحوال ، فلا تصح مطالبتها بالأخذ بدليل دون دليل أو التقيد في تكوين عقيدتها بدليل معين ، وأن العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه ، فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها ما دام أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من أوراق الدعوى ، وأن المحكمة في أصول الاستدلال غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ، وفي إغفالها لبعض الوقائع ما يفيد ضمناً اطراحها لها واطمئنانها إلى ما أثبتته من الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أفصح عن اطمئنانه لأقوال الشهود وكفايتها كدليل في الدعوى واستخلص منها أن الواقعة حدثت على الصورة المبينة بها ، وكان هذا الاستخلاص سائغاً لا يتناقض مع العقل والمنطق ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة المحكمة في وزن أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية ، وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة في الدعوى ، ولها أيضاً أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به ، وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها ، كما أنها لا تلتزم بالرد صراحة على أدلة النفي التي يتقدم بها المتهم ما دام الرد عليها مستفاداً ضمناً من الحكم بالإدانة اعتماداً على أدلة الثبوت التي أوردتها ، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من مقارفة المتهم للجريمة المسندة إليه ، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ، لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بنفي التهمة وعدم صحة الاتهام هما من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل - في الأصل - رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ، لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن هذا الوجه من النعي لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن من أن بلاغ الحادث تم بمعرفة الأهالي وليس عن طريق حارس المنطقة الأثرية مردوداً بما هو مقرر من أنه لا عبرة بما اشتمل عليه بلاغ الواقعة ، وإنما العبرة بما اطمأنت إليه المحكمة مما استخلصته من التحقيقات ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير المحكمة لأدلة الدعوى ومصادرتها في عقيدتها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة الحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئاً مما ينعاه في أسباب طعنه من تجهيل محضر الضبط ، فليس له من بعد أن يثير هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض ، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في هذا شأن سائر الأدلة ، فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه ولا تقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير ، وإذ كان ذلك ، وكانت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى ما ورد بأقوال مفتشي الآثار واستندت إلى رأيهم الفني من أن الأرض المقام عليها البناء أثرية ، فإنه لا تجوز مجادلة المحكمة في هذا الشأن ولا مصادرة عقيدتها فيه أمام محكمة النقض ، وهي غير ملزمة بإجابة الدفاع إلى طلب ندب خبراء آخرين من وزارة العدل لإعادة معاينة الأرض محل الاتهام ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة لاتخاذ هذا الإجراء ، ومن ثم يتعين الالتفات عما أثاره الطاعن في هذا الشأن . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق