الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 17 ديسمبر 2024

الطعن 12039 لسنة 89 ق جلسة 17 / 5 / 2022 مكتب فني 73 ق 36 ص 337

جلسة 17 من مايو سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / سامح عبد الله عبد الرحيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / سامح مروان وأحمد محمد سليمان نائبي رئيس المحكمة وكمال عبد القوي و د. محمد إبراهيم منصور .
----------------
(36)
الطعن رقم 12039 لسنة 89 القضائية
(1) حكم " بيانات حكم الإدانة " " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
حكم الإدانة . بياناته ؟ المادة 310 إجراءات جنائية .
بيان الحكم واقعة الدعوى وإيراد مؤدى أدلة الثبوت في بيان وافٍ . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً أو نمطاً لصياغة الحكم . متى كان مجموع ما أورده كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) ضرب " ضرب أحدث عاهة " . قصد جنائي .
القصد الجنائي في جريمة إحداث الجروح عمداً . عام . تحققه بعلم الجاني بمساس الفعل بسلامة جسم المجني عليه أو صحته . تحدث المحكمة عنه استقلالاً . غير لازم . حد ذلك ؟
(3) سبق إصرار . ظروف مشددة . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
نعي الطاعنين بشأن ظرف سبق الإصرار . غير مقبول . متى لم يدنهم الحكم به .
(4) إثبات " خبرة " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير آراء الخبراء " " سلطتها في تقدير توافر رابطة السببية " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " " المصلحة في الطعن " . عقوبة " العقوبة المبررة ".
للمحكمة أن تورد في حكمها من التقارير الطبية ما يكفي لتبرير اقتناعها بالإدانة . متى اطمأنت إليها . عدم إيرادها نص تقرير الخبير بكامل أجزائه . لا ينال من سلامة الحكم . المجادلة في هذا الشأن . غير جائزة أمام محكمة النقض .
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن . موضوعي . علة ذلك ؟
تـقدير توافر رابطة السببية بين الفعل والنتيجة . موضوعي . مـا دام سائغاً .
لا جدوى من المنازعة في قيام رابطة السببية بين الفعل والعاهة . متى كانت العقوبة المقضي بها داخلة في حدود عقوبة جريمة الضرب البسيط .
مثال .
(5) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر لزوماً لإجرائه . غير مقبول .
مثال .
(6) إثبات " خبرة " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
تحصيل الحكم من تقرير الطب الشرعي ما له معينه الصحيح منه . النعي عليه بالخطأ في الإسناد . غير مقبول .
(7) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
اطمئنان المحكمة إلى أقوال المجني عليها . مفاده ؟
وزن أقوال الشاهد وتقديرها . موضوعي .
تناقض أقوال المجني عليها . لا يعيب الحكم . حد ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(8) إثبات " بوجه عام " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها . إغفالها بعض الوقائع . مفاده : اطراحها .
(9) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله . ماهيته ؟
(10) عقوبة " وقف تنفيذها " . محكمة النقض " سلطتها " . نقض " المصلحة في الطعن " .
خلو منطوق الحكم من النص على إيقاف تنفيذ عقوبة الحبس رغم ورود ذلك بأسبابه . خطأ يوجب تصحيحه بإيقافها . تنفيذ الطاعن للعقوبة لا ينفي مصلحته في تصحيح الحكم . علة وأساس ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1– لما كان الحكم المطعون فيه قد بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعنين بهما وأورد على ثبوتهما في حقهم أدلة سائغة لها معينها الصحيح من الأوراق ، وهي من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمـة التـي دان الطاعن بـهـا والظروف التي وقعت فيها والأدلة التـي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه ، وكان يبين مما سطره الحكم - على النحـو الـوارد بمدوناتـه - أنـه بين واقعـة الـدعوى بمـا تـتـوافر بـه كـافـة العناصر القانونية لجريمة إحداث عاهة مستديمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلـى مـا رتبه عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمـت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كـان مـا أورده الحكـم كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين بأن الحكم لم يحط بواقعة الدعوى وشابه الغموض والإجمال يكون ولا محل له .
2– لمـا كانت جريمة إحداث الجروح عمداً لا تتطلب غير القصد الجنائي العام ، وهو يتوافر كلما ارتكب الجاني الفعل عن إرادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه أو صحته ، وكانت المحكمة لا تلتزم بأن تتحدث استقلالاً عن القصد الجنائي في هذه الجريمة ، بل يكفي أن يكون هذا القصد مستفاداً من وقائع الدعوى - كما أوردها الحكم – ، وهو ما تحقق في واقعة الدعوى ، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد يكون غير مقترن بالصواب .
3– لمـا كان الحكم المطعون فيه لم يدن الطاعنين بظرف سبق الإصرار ، فـإن ما يثيرونه في هذا الخصوص يكون وارداً على غير محل .
4- لما كان الحكم المطعون فيه قد حصل تقرير الطب الشرعي في قوله ( ثبت من تقرير الطب الشرعي أن إصابة المجني عليها / .... مستقرة وذات صفة نهائية وقد تخلف لديها من جراء إصابتها فقد بالقاطعين الأوسطين العلويين وهذا يشكل عاهة مستديمة تقدر نسبتها بنحو 3% ) ، وكان ما أورده الحكم نقلاً عن هذا التقرير كافياً في بيان مضمونه ولتحقيق المواءمة ما ينعاه الطاعنون بعدم إيراد الحكم للتقارير التي بني عليها تقرير الطب الشرعي ، لأنه من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تـورد في حكمها من التقارير الطبيـة ما يكفي لتبرير اقتناعها بالإدانة ما دامت قد اطمأنت إلى ما أوردته منها واعتمدت عليه في تكوين عقيدتها ، لأنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه ، وكانت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى ما ورد بتقرير الطبيب الشرعي واستندت إلى رأيه الفني في أنـه تـخلف لدى المجني عليها من جراء إصابتها عاهة مستديمة ، فإنه لا تجوز مجادلة المحكمة في هذا الشأن ولا مصادرة عقيدتها فيه أمام محكمة النقض ، إذ إنه من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في هذا شأن سائر الأدلة ، فلها مطلق الحريـة فـي الأخـذ بمـا تطمئن إليـه منـهـا والالتفات عمـا عـداه ولا تقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير، وكان الحكم قد بين توافر رابطة السببية بين فعل الطاعنين وحصول العاهة المستديمة من واقع الدليل الفني ، وكـان تـقـديـر تـوافر السببية بين الفعل والنتيجة أو عدم توافرها من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب عليـهـا ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولـة ولـهـا أصـلـهـا فـي الأوراق ، هذا إلـى أنـه لا جدوى للطاعنين مـن وراء منازعتهم في قيام رابطة السببية بين فعلهم والعاهة ما دامت العقوبة المقضي بها عليهم تدخل في حدود العقوبة المقررة لجريمة الضرب البسيط الذي لم يتخلف عنه عاهة مستديمة .
5– لمـا كان البيّن من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعنين لم يطلب مناقشة الطبيب الشرعي ، فليس له من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي من جانبها لزوماً لإجرائه ، بما تنحسر عن الحكم في هذا الصـدد قالـة الإخلال بحق الـدفاع .
6– لما كان البيّن من المفردات المضمومة أن ما حصله الحكم من تقرير الطب الشرعي له معينه الصحيح من هذا التقرير ، فإن النعي بالخطأ فـي الإسناد يكون في غير محله .
7– من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفهـا مـن صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن اطمئنان المحكمة إلى أقوال المجني عليـه يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء عليها مهمـا وجـه إليها من مطـاعن وحام حولها من الشبهات مرجعـه إلـى محكمـة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وكان التناقض في أقوال المجني عليها - بفرض صحة وجوده - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالها استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى - وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال المجني عليها واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي شهدت بـهـا وكـان مـا أورده سائغاً في العقل ومقبولاً في بيان كيفية حدوث الحادث ، ولا تثريب على المحكمة فيما اقتنعت به من إمكان حصولها على الصورة التي قررتها المجني عليها والتي تأيدت بباقي الأدلة التي أوردتهـا ، فـإن مـا يثيره الطاعنون من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو تصديقها لأقوال المجني عليها أو محاولة تجريحـهـا يـنـحـل إلـى جـدل موضوعي في تقدير الدليل ، وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض .
8– من المقرر أن المحكمة لا تلتزم في أصول الاستدلال بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ، ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعنون بخصوص التفات الحكم عن أقوال بعض من سئِلوا في التحقيقات والتي لم يعول عليها ولم يكن لها أثر في تكوين عقيدته ، لأن مفاد عدم تعرضه لها اطراح المحكمة لها اطمئناناً منها للأدلة التي بينها الحكم .
9– من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة ، وهو ما خلا منه الحكم المطعون فيه ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنون على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد .
10– لمـا كـان البيّن من مطالعة النسخة الأصلية للحكم المطعون فيه أنه وإن كان منطوق الحكم قد خلا من النص على وقف تنفيذ عقوبة الحبس المقضي بها على الطاعنين إلا أن الثابت بما ورد بأسباب الحكم التي تكمل منطوقه أن الحكم صدر مشمولاً بوقف التنفيذ ، ومن ثم تعين نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه عملاً بنص المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض بوقف تنفيذ العقوبة المقضي بها ، ولا يغير من ذلك القول بانتفاء مصلحة الطاعن الثالث في تصحيح الحكم المطعون فيه - على النحو السالف ذكره - استناداً إلى أنه قام بتنفيذ العقوبة المقضي بها ، ذلك بأن الحكـم بإيقاف التنفيذ لا تقتصر فائدته على تلك الثمرة العاجلة التي يستفيدها المحكـوم عليـه عقب صدور الحكم مباشرة ، وهي وقف تنفيذ عقوبة الحبس المحكوم بـهـا عليه ، وإنما يتعدى أثر الحكم إلى أبعد من ذلك ، فقد نصت المادة 59 من قانون العقوبات على أنه ( إذا انقضت مدة الإيقاف ولم يكن صدر في خلالها حكم بإلغائه فلا يمكن تنفيذ العقوبة المحكوم بها ويعتبر الحكـم بـهـا كـأن لم يكن ) ، وبهذا النص فإن المشرع يكون قد أعدم كل أثر للحكم المشمول بإيقاف التنفيذ واعتبره كـأن لـم يكن متى انقضت مدة الإيقاف ولم يصدر خلالها حكم بإلغائه ، واعتبار الحكم كأن لم يكن يسقطه بكل آثاره ، ويعتبر سقوطه بمثابة رد اعتبار قانوني للمحكوم عليـه بمـا تتوافر بـه مصلحة الطاعن الثالـث فـي التصحيح .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم :
- ضربوا المجني عليها / .... بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على التعدي عليها وأعدوا لذلك سلاحاً أبيض ( ماسورة حديد ) وما أن ظفروا بها حتى قامت المتهمة الثانية بضربها بالماسورة الحديدية على وجهها محدثين إصابتها الموصوفة بتقرير الطب الشرعي والتي تخلف لديها من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها تقدر نسبتها بحوالي 3% وذلك على النحو المبين بالأوراق .

- أحرزت الثانية وحاز كُلٌ من الأولى والثالث بواسطتها سلاحاً أبيض ( ماسورة حديد ) دون مسوغ من الضرورة المهنية أو الشخصية .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعت المجني عليها مدنياً قِبَل المتهمين بمبلغ خمسة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات ، والمادتين 1/1 ، ٢٥ مكرراً/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 والمعدل بالقانون رقم 165 لسنة 1981 والبند رقم (7) من الجدول الأول الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الداخلية رقم 1756 لسنة ٢٠٠٧ مع إعمال المواد ۱۷ ، ۳۲ ، 55 /1 ، 56 /1 من قانون العقوبات ، بمعاقبتهم بالحبس لمدة ستة أشهر ، وألزمتهم بأن يؤدوا للمدعية بالحق المدني مبلغ خمسة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت وبمصاريف الدعويين الجنائية والمدنية ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة ، وقضت بإيقاف تنفيذ العقوبة المقضي بها لمدة ثلاث سنوات بأسباب الحكم دون منطوقه .
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمتي إحداث عاهة مستديمة وحيازة وإحراز سلاح أبيض بدون مسوغ قـد شـابه التناقض والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال والخطأ فـي الإسناد ، ذلك بأنـه لـم يحط بواقعة الدعوى ، وجاء بيانـه لها بصورة قاصرة شابها الغموض والإجمال ، ولم يستظهر توافر القصد الجنائي وظرف سبق الإصرار في حق الطاعنين ، ولـم يـورد مـؤدى تقرير الطب الشرعي بصورة وافية إذ لـم يـورد مضمون التقارير التـي بنـي عليـهـا ، لا سيما وأن الطاعنين تمسكوا بقصورها ، كما تمسك المدافع عنهم بمناقشة الطبيب الشرعي فيها ، بيد أن المحكمة لم تجبه إلى طلبه ، ولم يستظهر الحكم علاقة السببية بين فعل الطاعنين والعاهة التي لحقت بالمجني عليها رغم الدفع بانتفائها ، وحصل تقرير الطب الشرعي بأنه تخلف لدى المجني عليها عاهة من جراء إصابتها خلافاً للثابت به ، وعول في الإدانة على أقوال المجني عليها رغم عدم صحتها وتناقضها وعدم معقولية تصـور حـدوث الواقعة على النحو الوارد بها مطرحاً دفاعهم في هذا الشأن بما لا يصلح ، ولم يعرض لأقوال باقي الشهود الذين سئِلوا في التحقيقات والتي تنفي التهمة عنهم ، وأخيراً تناقض الحكم في أسبابه بشأن مكان ارتكاب الواقعة ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعنين بهما وأورد على ثبوتهما في حقهم أدلة سائغة لها معينها الصحيح من الأوراق ، وهي من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمـة التـي دان الطاعنين بـهـا والظروف التي وقعت فيـهـا والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه ، وكان يبين مما سطره الحكم - على النحو الـوارد بمدوناتـه - أنه بين واقعة الدعوى بمـا تـتـوافر بـه كـافـة العناصر القانونية لجريمة إحداث عاهة مستديمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلـى مـا رتبه عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي ألمـت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كـان مـا أورده الحكـم كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين بأن الحكـم لـم يحط بواقعة الدعوى وشابه الغموض والإجمال يكون ولا محل له . لما كان ذلك ، وكانت جريمة إحداث الجروح عمداً لا تتطلب غير القصد الجنائي العام ، وهو يتوافر كلما ارتكب الجاني الفعل عن إرادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه أو صحته ، وكانت المحكمة لا تلتزم بأن تتحدث استقلالاً عن القصد الجنائي في هذه الجريمة ، بل يكفي أن يكون هذا القصد مستفاداً من وقائع الدعوى - كما أوردها الحكم – ، وهو ما تحقق في واقعة الدعوى ، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد يكون غير مقترن بالصواب . لما كان ذلك ، وكـان الحكم المطعون فيه لم يدن الطاعنين بظرف سبق الإصرار ، فـإن ما يثيرونه في هذا الخصـوص يكون وارداً على غير محل . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل تقرير الطب الشرعي في قوله : ( ثبت من تقرير الطب الشرعي أن إصابة المجني عليها .... مستقرة وذات صفة نهائية وقد تخلف لديها من جراء إصابتها فقد بالقاطعين الأوسطين العلويين وهذا يشكل عاهة مستديمة تقدر نسبتها بنحو 3% ) ، وكان ما أورده الحكم نقلاً عن هذا التقرير كافياً في بيان مضمونه ولتحقيق المواءمة بينه وبين باقي الأدلة المطروحة في الدعوى ، ولا يقدح في ذلك ما ينعاه الطاعنون بعدم إيراد الحكم للتقارير التي بني عليها تقرير الطب الشرعي ، لأنه من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تـورد في حكمـهـا مـن التقارير الطبية مـا يكفي لتبرير اقتناعها بالإدانة ما دامت قد اطمأنت إلى ما أوردته منها واعتمدت عليه في تكوين عقيدتها ، لأنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه ، وكانت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى ما ورد بتقرير الطبيب الشرعي واستندت إلى رأيه الفني فـي أنـه تـخـلـف لـدى المجني عليهـا مـن جراء إصابتها عاهة مستديمة ، فإنه لا يجوز مجادلة المحكمة في هذا الشأن ولا مصادرة عقيدتها فيه أمام محكمة النقض ، إذ إنه من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في هذا شأن سائر الأدلة ، فلها مطلق الحريـة فـي الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عمـا عـداه ولا تقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير ، وكان الحكم قد بين توافر رابطة السببية بين فعل الطاعنين وحصول العاهة المستديمة من واقع الدليل الفني ، وكـان تـقـديـر تـوافر السببية بين الفعل والنتيجة أو عدم توافرها من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب عليـهـا ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولـة ولـهـا أصـلـهـا فـي الأوراق ، هذا إلـى أنـه لا جدوى للطاعنين مـن وراء منازعتهم في قيام رابطة السببية بين فعلهم والعاهة ما دامت العقوبة المقضي بها عليهم تدخل في حدود العقوبة المقررة لجريمة الضرب البسيط الذي لم يتخلف عنه عاهة مستديمة . لمـا كـان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعنين لم يطلب مناقشة الطبيب الشرعي ، فليس له من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي من جانبها لزوماً لإجرائه ، بمـا تنحسر عن الحكم في هذا الصـدد قالة الإخلال بحق الدفاع . لما كان ذلك ، وكان البين من المفردات المضمومة أن ما حصله الحكم من تقرير الطب الشرعي له معينه الصحيح من هذا التقرير ، فإن النعي بالخطأ في الإسـناد يـكون في غير محله. لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفهـا مـن صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن اطمئنان المحكمة إلى أقوال المجني عليـها يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء عليها مهمـا وجـه إليـهـا مـن مطـاعن وحـام حـولـهـا مـن الشبهات مرجعـه إلـى محكمـة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وكان التناقض في أقوال المجني عليها - بفرض صحة وجوده - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالها استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى - وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال المجني عليها واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي شهدت بـهـا وكـان مـا أورده سائغاً في العقل ومقبولاً في بيان كيفية حدوث الحادث ، ولا تثريب على المحكمة فيما اقتنعت به من إمكان حصولها على الصورة التي قررتها المجني عليها والتي تأيدت بباقي الأدلة التي أوردتهـا ، فـإن مـا يثيره الطاعنون من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو تصديقها لأقوال المجني عليها أو محاولة تجريحـهـا يـنـحـل إلـى جــدل موضوعي في تقدير الدليل ، وهـو مـا تستقل به محكمة المـوضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن المحكمة لا تلتزم في أصول الاستدلال بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ، ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعنون بخصوص التفات الحكم عن أقوال بعض من سئِلوا في التحقيقات والتي لم يعول عليها ولم يكن لها أثر في تكوين عقيدته . لأن مفاد عدم تعرضه لها اطراح المحكمة لها اطمئناناً منها للأدلة التي بينها الحكم . لمـا كـان ذلـك ، وكـان مـن المـقـرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة ، وهو ما خلا منه الحكم المطعون فيه ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنون على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد . لمـا كـان ذلك ، وكـان البين من مطالعة النسخة الأصلية للحكم المطعون فيه أنه وإن كان منطوق الحكم قد خلا من النص على وقف تنفيذ عقوبة الحبس المقضي بها على الطاعنين إلا أن الثابت بما ورد بأسباب الحكم التي تكمل منطوقه أن الحكم صدر مشمولاً بوقف التنفيذ ، ومن ثم تعين نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه عملاً بنص المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض بوقف تنفيذ العقوبة المقضي بها ، ولا يغير من ذلك القول بانتفاء مصلحة الطاعن الثالث في تصحيح الحكم المطعون فيه - على النحو السالف ذكره - استناداً إلى أنه قام بتنفيذ العقوبة المقضي بها ، ذلك بأن الحكـم بإيقاف التنفيذ لا تقتصر فائدته على تلك الثمرة العاجلة التي يستفيدها المحكـوم عليـه عقب صدور الحكم مباشرة ، وهي وقف تنفيذ عقوبة الحبس المحكوم بـهـا عليه ، وإنما يتعدى أثر الحكم إلى أبعد من ذلك ، فقد نصت المادة 59 من قانون العقوبات على أنه : ( إذا انقضت مدة الإيقاف ولم يكن صدر في خلالها حكم بإلغائه فلا يمكن تنفيذ العقوبة المحكوم بها ويعتبر الحكم بها كأن لم يكن ) ، وبهذا النص فإن المشرع يكون قد أعدم كل أثر للحكم المشمول بإيقاف التنفيذ واعتبره كـأن لـم يكن متى انقضت مدة الإيقاف ولم يصدر خلالها حكم بإلغائه ، واعتبار الحكم كأن لم يكن يسقطه بكل آثاره ، ويعتبر سقوطه بمثابة رد اعتبار قانوني للمحكوم عليـه بمـا تتوافر بـه مصلحة الطاعن الثالـث فـي التصحيح .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق