جلسة 28 من نوفمبر سنة 1960
برياسة السيد مصطفى كامل المستشار، وبحضور السادة: محمد عطية إسماعيل، وعادل يونس، وعبد الحسيب عدي، وحسن خالد المستشارين.
-----------------
(160)
الطعن رقم 1368 سنة 30 القضائية
(1) (أ - ب) عقوبة. الجزاءات المدنية: دعوى مدنية. المدعي فيها: قانون عقوبات ضريبي: تهريب جمركي: طبيعة جرائمه الواردة باللائحة الجمركية:
هي أفعال مدنية بحت. علة ذلك: ما كانت تقضي به اللجان الجمركية في مسائل التهريب لا يعتبر من قبيل العقوبات الجنائية. أثر ذلك: جواز ادعاء مصلحة الجمارك بحقوق مدنية لاقتضاء مبلغ يمثل الرسوم المستحقة وتعويض الضرر الذي لحق بالخزانة العامة.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه أدخل رسالتي الألعاب المبينة الوصف بالمحضر إلى الأراضي المصرية بطريق الاحتيال بأن أخفى المستندات الدالة على قيمتها الحقيقية وأوهم المختصين بمصلحة الجمارك بأنها واردة لغرض مؤقت هو العرض وإعادة تصديرها في حين أنها واردة برسم الوارد وحولت قيمتها كاملة بتاريخ سابق على ورودها والاستخلاص عليها ولم يعد تصديرها بعد مضي ستة أشهر من استيرادها وطلبت عقابه بالمواد 33 و34 و35 من اللائحة الجمركية الصادر بها الأمر العالي المؤرخ 2/ 4/ 1884. وأمام المحكمة الجزئية تدخلت مصلحة الجمارك مدعية مدنياً قبل المتهم بمبلغ 12440 ج و14 م. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية. بعدم قبول تدخل مصلحة الجمارك بصفتها مدعية بالحق المدني وإلزامها بمصاريف تدخلها وبراءة المتهم من التهمة المنسوبة إليه. فاستأنفت النيابة هذا الحكم كما استأنفته المدعية بالحقوق المدنية. والمحكمة الاستئنافية قضت حضورياً بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من براءة المتهم وفيما قضى به في الدعوى المدنية - مع إلزام المدعية بالحقوق المدنية المصاريف المدنية الاستئنافية. فطعنت المدعية بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إن الحكم المطعون فيه قضى بعدم قبول تدخل الطاعنة "مصلحة الجمارك" بصفتها مدعية بالحقوق المدنية تأسيساً على أن التعويضات التي تقضي بها المحكمة عن التهريب الجمركي هي في حقيقتها عقوبة جنائية وليست بتعويضات مدنية وأن طلب الحكم بالعقوبة الجنائية على المتهم هو أمر تختص به النيابة العامة وحدها دون غيرها وأن الحكم المطعون فيه قد تجاهل نص المادة 33 من اللائحة الجمركية الصادرة في سنة 1884 والتي تنص على أن الغرامة واجبة مهما كان جنس البضائع المضبوطة وهي تعادل ضعفي رسوم الوارد وأن لفظ الغرامة الوارد في المادة لا ينصرف إلى الغرامة الجنائية على النحو الذي انتهى إليه الحكم المطعون فيه بل المقصود به التعويض المدني المستحق للخزانة نظير ما لحقتها من خسارة بسبب المخالفة وحرمانها من الضرائب المخولة لها قانوناً. كما أن الحكم المطعون فيه لم يعن بالرد على دفاع الطاعنة من أن جريمة التهريب الجمركي هي جريمة من نوع خاص لا يجوز أن يرفع بها دعوى جنائية أو تتخذ فيها إجراءات إلا بناء على طلب كتابي من مدير مصلحة الجمارك أو من ينيبه كتابة في ذلك وأنه هو الذي يملك التصالح فيها في جميع الأحوال والتنازل عن الدعوى قبل تقديمها للمحكمة وكذلك بعد رفعها ووقف تنفيذ العقوبة بعد صدور الحكم بها الأمر الذي يقتضي أن تكون مصلحة الجمارك ممثلة في الدعوى وأن تباشرها في جميع مراحلها وذلك على خلاف ما يقضي به القانون من أن الدعوى الجنائية متى رفعت إلى المحكمة لا يجوز لأحد حتى النيابة العامة التنازل عنها وأن العقوبة الجنائية لا تفرض إلا بحكم ولا توقع اتفاقاً.
وحيث إنه يبين من الأوراق أن النيابة العامة اتهمت المطعون ضده بأنه في 8 من مارس سنة 1955 و16 من أبريل سنة 1955 بدائرة قسم الميناء بالإسكندرية أدخل رسالتي الألعاب المبينة الوصف بالمحضر إلى الأراضي المصرية بطريق الاحتيال بأن أخفى المستندات الدالة على قيمتها الحقيقية وأوهم المختصين بمصلحة الجمارك بأنها واردة لغرض مؤقت وهو العرض وإعادة التصدير في حين أنها واردة برسم الوارد وحولت قيمتها كاملة بتاريخ سابق على ورودها والاستخلاص عليها ولم يعد تصديرها بعد مضي 6 أشهر من استيرادها وطلبت عقابه بالمواد 33، 34، 35 من لائحة الجمارك الصادرة في سنة 1884، وتدخلت مصلحة الجمارك في الدعوى وادعت مدنياً قبل المتهم بمبلغ 12440 جنيهاً و14 مليماً على سبيل التعويض وهو ما يعادل مثلي الرسوم الجمركية المستحقة فقضي ابتدائياً أولاً - بعدم قبول تدخل مصلحة الجمارك بصفتها مدعية بالحق المدني وإلزامها بمصاريف تدخلها - ثانياً - ببراءة المتهم من التهمة المسندة إليه بلا مصروفات جنائية. فاستأنفت النيابة والمدعية بالحقوق المدنية فقضت محكمة جنح الإسكندرية المستأنفة - أولاً - بقبول استئناف النيابة شكلاً ورفضه موضوعاً وبتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من براءة المتهم - ثانياً - بقبول استئناف المدعية بالحق المدني شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى المدنية مع إلزامها المصاريف المدنية الاستئنافية.
وحيث إن الحكم الابتدائي الذي اعتمدت المحكمة الاستئنافية أسبابه حصل واقعة الدعوى في أن إدارة الشئون العامة للقوات المسلحة كلفت المتهم المطعون ضده في سنة 1954 باستيراد ألعاب للملاهي من الخارج بقصد تنشيط الموسم السياحي ولمناسبة الأعياد فاستوردها في مايو سنة 1954 ودخلت على نظام الموقوفات أي بقصد عرضها وإعادة تصديرها وقام المختصون بتقدير الرسوم المطلوب دفعها أمانة في هذه الحالة فأداها المتهم وتم الإفراج على الألعاب وفي 5 من سبتمبر سنة 1954 تقدمت شكوى إلى نيابة أمن الدولة تتضمن أن المتهم اشترى تلك الألعاب من إيطاليا وبيت النية على أن تتم هذه العملية بالتهريب من الرسوم الجمركية المقررة عليها وللانتفاع من فرق العملة بتهريب باقي الثمن إلى البائع في إيطاليا فادعى بأنه استوردها مؤقتاً بقصد عرضها وإعادة تصديرها وتمكن بذلك من إدخالها برسوم مخفضة في حدود مبلغ 250 جنيهاً في حين أن المستحق دفعه عنها لمصلحة الجمارك يبلغ حوالي خمسة آلاف جنيه، وبوشر التحقيق وانتهى الأمر بتقديم المتهم للمحكمة. واستند الحكم في القضاء ببراءة المتهم من التهمة المسندة إليه إلى أن نيته لم تنصرف إلى التهرب من الرسوم الجمركية، كما استند في القضاء بعدم قبول تدخل مصلحة الجمارك بصفتها مدعية بالحقوق المدنية إلى أن التعويض الذي تطالب به هو في حقيقته عقوبة جنائية ليس لغير النيابة العامة طلب توقيعها.
وحيث إن القانون رقم 623 لسنة 1955 قد نقل اختصاص الفصل في مسائل التهريب من اللجنة الجمركية المنصوص عليها في اللائحة الجمركية إلى القضاء صاحب الولاية العامة وبذلك أصبحت جرائم التهريب من الجرائم العامة التي تختص بالفصل فيها المحاكم الجنائية ولم يعد للجان الجمركية اختصاص قضائي في مسائل التهريب بمجرد سريان القانون المذكور من تاريخ نشره في الوقائع بتاريخ 25 من ديسمبر سنة 1955 فيكون صحيحاً اتصال المحكمة الجنائية بالواقعة التي تمت قبل نفاذه.
وحيث إن ما كانت تقضي به اللجان الجمركية في مواد التهريب من الغرامة والمصادرة لا يعتبر من العقوبات الجنائية بالمعنى المقصود في قانون العقوبات بل هو من قبيل التعويضات المدنية لصالح الخزانة، كما أن الأفعال التي عبرت عنها اللائحة الجمركية والقوانين الملحقة بها بتهريب البضائع أو وسائل النقل أو تصديرها أو محاولة إخراجها بغير ترخيص سابق من جهات الاختصاص - كل هذه الأفعال ينطبق عليها أحكام تقادم الالتزام المقررة بالقانون المدني ويستهدف المشرع من مجموع الأحكام المتعلقة بالأفعال المشار إليها الحصول على الرسوم المقررة وتعويض مجز يستحث به الأفراد على دفع الرسوم ومباشرة حقوقهم في الحدود التي نظمت لهم بغير إضرار بالخزانة العامة - فلا تخرج أفعال التهريب عن كونها من الأفعال التي ترتب المساءلة المدنية في الحدود التي رسمها القانون والنص الوارد بالمادة 33 من اللائحة من حق صاحب البضائع في تعويض الضرر الذي لحق به فيما لو قضي بإلغاء القرار الصادر من اللجنة الجمركية، وكذلك ما جاء بالمادة 34 من اللائحة الجمركية من أن العقوبات في مواد التهريب يلتزم بها الفاعلون والشركاء وأصحاب البضائع بطريق التضامن - كل ذلك يدل على قصد المشرع في اقتضاء المبلغ المطالب به باعتباره يمثل الرسوم المستحقة وتعويض الضرر الذي لحق بالخزانة العامة، أما ما نص عليه من جواز التنفيذ بطريق الإكراه البدني، وكذلك ما جاء بالفقرة الثانية من المادة 33 من اللائحة الجمركية من جواز الحكم بمصادرة البضائع وجميع وسائل النقل وأدوات التهريب، فإن ذلك لا يغير من طبيعة الأفعال المشار إليها باللائحة باعتبارها أفعالاً ذات صفة مدنية إذ أن التنفيذ بطريق الإكراه البدني وكذلك المصادرة ليس من شأنهما أن يضفيا على الفعل الوصف الجنائي. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم قبول تدخل مصلحة الجمارك بصفتها مدعية بالحقوق المدنية تأسيساً على أن التعويض الذي تطالب به هو في حقيقته عقوبة جنائية ليس لغير النيابة العامة طلب توقيعها يكون قد خالف القانون ويتعين نقضه، ومن الواضح أن للطاعنة مصلحة في طلب نقض الحكم في خصوص دعواها المدنية رغم القضاء ببراءة المتهم بحكم حاز قوة الشيء المحكوم فيه لأن ذلك يمكنها من مناقشة عناصر الجريمة وأحقيتها في طلب التعويض أمام المحكمة الاستئنافية، ولما كان هذا الخطأ القانوني قد حجب محكمة الموضوع عن بحث عناصر التعويض وتقديره، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه وقبول تدخل مصلحة الجمارك بصفتها مدعية بالحقوق المدنية والإحالة.
(1) راجع الأحكام الصادرة من الدائرة المدنية في الطعون: 66/ 23 ق - (جلسة 6/ 12/ 1956) - قاعدة 134 - مجموعة الأحكام المدنية - سنة 7 - صفحة 935، 99/ 24 ق - (جلسة 11/ 12/ 1958) - قاعدة 94 - مجموعة الأحكام - سنة 9 - صفحة 725، 276/ 25 ق - (جلسة 29/ 10/ 1959) - قاعدة 95 - مجموعة الأحكام - سنة 10 - صفحة 629.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق