الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 21 ديسمبر 2024

الطعن 1242 لسنة 30 ق جلسة 13 / 12/ 1960 مكتب فني 11 ج 3 ق 175 ص 897

جلسة 13 من ديسمبر سنة 1960

برياسة السيد مصطفى كامل المستشار، وبحضور السادة: عادل يونس، وعبد الحسيب عدي، ومحمود إسماعيل، وحسن خالد المستشارين.

----------------

(175)
الطعن رقم 1242 سنة 30 القضائية

دعوى مدنية. المسئولية عن عمل الغير: مسئولية المتبوع عن التابع: علاقة السببية بين الخطأ والوظيفة: متى تنتفي؟
إذا لم يكن بين خطأ التابع وبين ما يؤدي من أعمال الوظيفة ارتباط مباشر ولم تكن الوظيفة ضرورية فيما وقع من خطأ ولا داعية إليه. مثال. حصول الجريمة بعيداً عن محيط الوظيفة بارتكابها خارج زمان الوظيفة ومكانها ونطاقها وبغير أدواتها. ظروف التعارف والصلة الشخصية التي تربط التابع بالمجني عليه بمناسبة اشتغالهما معاً في صيدلية واحدة هي ظروف طارئة لا تربطها بجناية القتل للسرقة رابطة لولاها ما كان الفعل غير المشروع قد وقع. عدم قيام مسئولية المتبوع عن جريمة تابعه المتهم.

------------------
(1) من المقرر أنه يخرج عن نطاق مسئولية المتبوع ما يرتكبه التابع من خطأ لم يكن بينه وبين ما يؤدي من أعمال الوظيفة ارتباط مباشر ولم تكن هي ضرورية فيما وقع من خطأ ولا داعية إليه - فإذا كان الحكم قد أسس قضاءه بمسئولية الطاعن على أن التابع وهو عامل "فراش" بالصيدلية التي يملكها الطاعن ويعمل معه فيها المجني عليه بصفة صيدلي قد استغل وظيفته وعمله بالصيدلية في الدخول على المجني عليه بمسكنه بعد منتصف الليل، وإنه لولا هذه العلاقة لما أنس إليه المجني عليه وأفسح له صدره وفتح له باب مسكنه وأدخله هادئاً مطمئناً حين لجأ إليه في ذلك الوقت بحجة إسعافه من مغص مفاجئ، وأن وظيفته كانت السبب المباشر في مساعدته على إتيان فعله الضار غير المشروع بغض النظر عن الباعث الذي دفعه وكونه غير متصل بالوظيفة أو لا علاقة له بها، فإن هذا الذي انتهى إليه الحكم يجافي التطبيق الصحيح للقانون - إذ يبين مما قاله الحكم أن المتهم لم يكن وقت ارتكابه الجريمة يؤدي عملاً من أعمال وظيفته - وإنما وقعت الجريمة منه خارج زمان الوظيفة ومكانها ونطاقها وبغير أدواتها - فالجريمة على الصورة التي أثبتها الحكم إنما وقعت بعيداً عن محيط الوظيفة فلا تلحقها مسئولية المتبوع، لأنه وإن كان المتهم قد خالط المجني عليه وتعرف دخائله وأحواله واستغل هذه المخالطة، كما استغل ما آنسه فيه من الرفق به والعطف عليه، وكان ذلك بمناسبة اشتغالهما معاً في صيدلية واحدة، غير أنه لا شأن لهذه العوامل والمشاعر بأعمال الوظيفة التي لا تربطها بجناية القتل للسرقة رابطة لولاها ما كان الفعل قد وقع - إنما ظروف التعارف والصلة الشخصية - وهي ظروف طارئة - هي التي زينت للمتهم أمر تدبير الجريمة على نحو ما حدث، ومتى تقرر ذلك فإن الطاعن على ما أثبته الحكم لا يكون مسئولاً عن التعويض المطالب به عن جريمة تابعه المتهم، ويكون الحكم إذ قضى بإلزامه بالتعويض قد أخطأ ويتعين لذلك نقضه ورفض الدعوى المدنية بالنسبة إليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن الأول بأنه قتل عمداً ومع سبق الإصرار المجني عليه بأن عقد العزم على ذلك وأعد سلاحاً حاداً (سكيناً) توجه به إلى المجني عليه بمنزله وغافله وطعنه به عدة طعنات فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وكان القصد من القتل ارتكاب جنحة هي سرقة نقود المجني عليه من منزله المسكون الأمر المنطبق على المادة 317/ 1 - 4 وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 230، 231، 234/ 1 - 3 من قانون العقوبات. فقررت بذلك، وقد ادعى والد المجني عليه ووالدته بحق مدني قدره عشرة آلاف جنيه قبل المتهم وصاحب الصيدلية بصفته مسئولاً عن الحقوق المدنية بالتضامن. ومحكمة الجنايات قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بمعاقبة المتهم بالإعدام شنقاً وإلزامه متضامناً مع المسئول عن الحقوق المدنية بدفع مبلغ ألفي جنيه للمدعيين بالحق المدني مع المصاريف المدنية المناسبة فطعن المحكوم عليه والمسئول عن الحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن الأول عمرو أحمد حسن عمرو وإن قرر بالطعن في الميعاد إلا أنه لم يقدم لطعنه أسباباً فيكون طعنه غير مقبول شكلاً.
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعن الثاني - المسئول عن الحقوق المدنية - قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله إذ قضى بمسئولية الطاعن عن فعل تابعه طبقاً للمادة 174 من القانون المدني بقولة إن ارتكاب التابع (المتهم) جريمة قتل المجني عليه عمداً مع سبق الإصرار بقصد سرقة نقوده التي دانه الحكم بها كان بسبب وظيفته لدى الطاعن في حين أنه يشترط لقيام مسئولية المتبوع أن يكون الفعل الضار الذي وقع من التابع ذا صلة وثيقة بأعمال وظيفة هذا الأخير بأن تكون هناك علاقة سببية واضحة بين الخطأ وبين الوظيفة، ولا يكفي في ذلك أن يقع الفعل بمناسبة الوظيفة أو أن تكون الوظيفة مجرد ظرف عارض سهل فعل التابع الذي ترتب عليه الضرر. والحال في الدعوى المطروحة أن الجريمة وقعت في منزل المجني عليه وفي خارج زمان ومكان ونطاق عمل التابع ولم يكن دخول هذا الأخير منزل المجني عليه ملحوظاً فيه صفته كموظف معه في الصيدلية التي يعملان بها في خدمة الطاعن بل كان ذلك تلبية من المجني عليه لواجب المروءة والنجدة عندما لجأ إليه التابع مستنجداً لإسعافه وهو ما لا يمت إلى الوظيفة بصلة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إنها تتحصل في أن المجني عليه الدكتور شكري حنا جورجي كان يعمل مديراً لصيدلية الدكتور أبو الوفا أحمد (الطاعن) الكائنة ببندر طهطا مقابل مرتب شهري قدره سبعون جنيهاً وكان المتهم عمرو أحمد حسن عمرو (الطاعن الأول) يشتغل عاملاً بالصيدلية المذكورة وحدث أنه في اليوم السابق لليل الحادث قبض المجني عليه مرتبه داخل مظروف حمله إليه المتهم في مكان عمله بالصيدلية ثم نقله الأخير إلى منزله ليلاً ولقد وسوس الشيطان للمتهم وسولت له نفسه الحصول على المرتب من المجني عليه بأي وسيلة وبأي ثمن مهما كان، فهداه شيطانه إلى الذهاب إلى منزله بعد منتصف ليل الحادث وكان إحدى ليالي شهر رمضان وطرق باب شقته وتظاهر بأنه مصاب بمغص حاد ونظراً لآصرة العمل التي تربط المتهم بالمجني عليه أنس إليه المجني عليه ففتح له صدره وفتح له الباب وأدخله وأجلسه بالصالة إلى المائدة على أحد الكراسي واستدار في طريقه إلى الصوان الذي به الدواء ليعده إلى المتهم إسعافاً وإنقاذاً له مما أصابه وهنا انقلب المتهم وحشاً ضارياً وقد تجردت روحه من كل أنواع الإنسانية وخلا قلبه من كل عطف أو حنان وهجم على المجني عليه وطعنه من الخلف طعنة نافذة بسكين أعدها وحملها معه لهذا الغرض وهنا حاول المجني عليه المقاومة ما استطاع إلى ذلك سبيلاً إلا أن المتهم تغلب عليه وعاوده بعدة طعنات خارت معها قوة المجني عليه فأراد الفرار من وجه المتهم فأخذ سبيله إلى خارج الشقة وخرج من بابها إلى ردهة السلم وغلق باب الشقة خلفه على المتهم ليحول بينه وبين تكرار اعتدائه وأخذ يستغيث فأطل عليه من جيرانه أبو ضيف حسن حمد الله شيخ بلدة الجيرات ومحمد عبد الكريم رجب المدرس بمدرسة كامل مرسي الإعدادية وسألاه عن أمره فأخبرهما بما كان من اعتداء المتهم عليه فاستغاثا من شرفات منزليهما برجال الشرطة الذين حضروا وضبطوا المتهم والسكين المستعمل في الحادث وقد تلوثت السكين وتلوثت ملابس المتهم بالدماء ولم يجد المتهم بداً إزاء ذلك سوى الاعتراف بجرمه إلا أنه أراد أن يخفف من هول الجرم أمام المجتمع فقرر أنه ارتكب الاعتداء دفاعاً عن شرفه إذ أن المجني عليه طلب منه أن يحضر له امرأة وفي رواية أخرى حاول الاعتداء على عرضه الأمر الذي تكذبه ظروف الدعوى وواقع الحال "وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة مستمدة مما ورد على لسان المجني عليه قبل وفاته ومما شهد به الشهود وما ورد بالمعاينة والكشوف والتقارير الطبية ومن ثنايا أقوال المتهم نفسه وما اعترف به في مختلف مراحل الدعوى من اقترافه للحادث. وبعد أن تحدث الحكم عن نية القتل وسبق الإصرار واستظهرهما في حق المتهم من العناصر التي ساقها المؤدية إلى ما رتبه عليها خلص إلى إدانته بجريمة قتل المجني عليه عمداً مع سبق الإصرار بقصد سرقة نقوده وأقام قضاءه في ذلك على أدلة سائغة. ثم عرض إلى مسئولية الطاعن عن فعل تابعه "المتهم" فقال "إن المسئولية المنصوص عليها في المادة 174 من القانون المدني والتي تقع على المتبوع تكون متحققة على أساس استغلال التابع لوظيفته وإساءته استعمال الشئون التي عهد المتبوع إليه بها متكفلاً بما افترضه القانون في حقه من ضمان سوء اختياره لتابعه وتقصيره في مراقبته. لما كان ذلك وكان يبين من الأوراق أن المتهم وهو عامل "فراش" بالصيدلية التي يملكها المسئول عن الحقوق المدنية (الطاعن) فقد استغل وظيفته وعمله بالصيدلية في الدخول على المجني عليه بمسكنه وأنه لولا هذه العلاقة لما أنس إليه المجني عليه وفتح له صدره وباب مسكنه وأدخله هادئاً مطمئناً وكلها ظروف هيأت للمتهم ارتكاب الحادث وقد كانت وظيفته السبب المباشر في مساعدته على إتيان فعله الضار غير المشروع وذلك بغض النظر عن الباعث الذي دفعه وكونه غير متصل بالوظيفة أو لا علاقة له بها وبذلك فقد تحققت مسئولية المسئول عن الحقوق المدنية". لما كان ذلك، وكانت المادة 174 من القانون المدني تنص على أنه "يكون المتبوع مسئولاً عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع متى كان واقعاً منه في حال تأدية وظيفته أو بسببها". وهذا النص - كما استقر عليه قضاء هذه المحكمة، لا يفترق في شيء عن حكم المادة 152 من القانون المدني القديم ولم يستحدث جديداً بل آثر أن ينسج على منوال التشريع القديم في التعبير واقتصر في تعديل صيغة الفقرة الأولى من المادة 174 سالفة الذكر فلم يضف سوى عبارة "أو بسببها" إلى الضرر المستوجب لمسئولية المتبوع عن فعل تابعه غير المشروع الواقع منه في حال تأدية وظيفته، ولم يهدف الشارع من ذلك إلى إيراد حكم جديد لمسئولية المتبوع في هذه الحال وإنما قصد في الواقع إلى إقرار هذه المسئولية كما كانت وفي الحدود التي جرى عليها القضاء في ظل القانون القديم - كما يبين من الأعمال التحضيرية لتقنين المادة 174 سالفة البيان، ومفاد هذا النص أن المتبوع يكون مسئولاً عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع متى وقع الخطأ من التابع وهو يقوم بأعمال وظيفته أو أن يقع الخطأ منه بسبب هذه الوظيفة، وأنه يكفي أن تكون هناك علاقة سببية قائمة بين الخطأ ووظيفة التابع بحيث يثبت أن التابع ما كان يستطيع ارتكاب الخطأ وما كان يفكر فيه لولا الوظيفة، ويستوي أن يتحقق ذلك عن طريق مجاوزة المتبوع لحدود وظيفته أو عن طريق الإساءة في استعمال هذه الوظيفة أو عن طريق استغلالها، ويستوي كذلك أن يكون خطأ التابع قد أمر به المتبوع أو لم يأمر به، علم به أو لم يعلم، كما يستوي أن يكون التابع في ارتكابه للخطأ المستوجب للمسئولية قد قصد خدمة متبوعه أو جر منفعة لنفسه، يستوي كل ذلك ما دام التابع لم يكن ليستطيع ارتكاب الخطأ لولا الوظيفة. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم من تأسيس قضائه بمسئولية الطاعن على أن التابع وهو عامل "فراش" بالصيدلية التي يملكها الطاعن ويعمل معه فيها المجني عليه بصفة صيدلي قد استغل وظيفته وعمله بالصيدلية في الدخول على المجني عليه بمسكنه بعد منتصف الليل وأنه لولا هذه العلاقة لما أنس إليه المجني عليه وأفسح له صدره وفتح له باب مسكنه وأدخله هادئاً مطمئناً حين لجأ إليه في ذلك الوقت بحجة إسعافه من مغص مفاجئ وأن وظيفته كانت السبب المباشر في مساعدته على إتيان فعله الضار غير المشروع بغض النظر عن الباعث الذي دفعه وكونه غير متصل بالوظيفة أو لا علاقة له بها، هذا الذي انتهى إليه الحكم يجافي التطبيق الصحيح للقانون، لأنه من المقرر أنه يخرج من نطاق مسئولية المتبوع ما يرتكبه التابع من خطأ لم يكن بينه وبين ما يؤدي من أعمال الوظيفة ارتباط مباشر ولم تكن هي ضرورية فيما وقع من خطأ ولا داعية إليه، ولما كان يبين مما قاله الحكم فيما سبق أن المتهم لم يكن عند ارتكابه الجريمة يؤدي عملاً من أعمال وظيفته وإنما وقعت الجريمة منه خارج زمان الوظيفة ومكانها ونطاقها وبغير أدواتها فالجريمة على الصورة التي أثبتها الحكم إنما وقعت بعيداً عن محيط الوظيفة فلا تلحقها مسئولية المتبوع، لأنه وإن كان المتهم قد خالط المجني عليه وتعرف دخائله وأحواله واستغل هذه المخالطة كما استغل ما آنسه فيه من الرفق به والعطف عليه، وكان ذلك بمناسبة اشتغالهما معاً في صيدلية واحدة، غير أنه لا شأن لهذه العوامل والمشاعر بأعمال الوظيفة التي لا تربطها بجناية القتل للسرقة رابطة لولاها ما كان الفعل قد وقع - إنما ظروف التعارف والصلة الشخصية - وهي ظروف طارئة - هي التي زينت للمتهم تدبير الجريمة على نحو ما حدث. لما كان ذلك، فإن الطاعن الثاني على ما أثبته الحكم لا يكون مسئولاً عن التعويض المطالب به عن جريمة تابعه المتهم، ويكون الحكم إذ قضى بإلزامه بالتعويض قد أخطأ ويتعين لذلك نقضه ورفض الدعوى المدنية بالنسبة إليه وإلزام المطعون ضدهما بمصاريفها.
وحيث إنه بالنسبة إلى الحكم الصادر في الدعوى الجنائية حضورياً بإعدام المتهم (الطاعن الأول) فقد عرضت النيابة العامة القضية على هذه المحكمة طبقاً لما هو مقرر في المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض وقدمت مذكرة برأيها في الحكم وطلبت فيها تأييده.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على أوراق القضية أن إجراءات المحاكمة قد تمت وفقاً للقانون، وقد جاء الحكم سليماً من عيب مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله، كما أنه صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى. لما كان ذلك، فإنه يتعين إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه عمرو أحمد حسن عمرو.


(1) أنظر الحكم في الطعن 2185 لسنة 23 قضائية - (جلسة 26 من يناير سنة 1954) - قاعدة 93 - مجموعة الأحكام - السنة الخامسة - العدد الثاني - صفحة 291.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق