الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 21 ديسمبر 2024

الطعن 1544 لسنة 30 ق جلسة 12 / 12/ 1960 مكتب فني 11 ج 3 ق 174 ص 891

جلسة 12 من ديسمبر سنة 1960

برياسة السيد مصطفى كامل المستشار، وبحضور السادة: محمد عطية إسماعيل، وعادل يونس، وعبد الحسيب عدي، وحسن خالد المستشارين.

------------------

(174)
الطعن رقم 1544 لسنة 30 القضائية

إثبات. المحررات: تزوير. مضاهاة.
عدم تنظيم المضاهاة في نصوص آمرة يترتب البطلان على مخالفتها. أثر ذلك: صحة اتخاذ ورقة استكتاب تم أمام موثق قضائي بدولة أجنبية - أساساً للمضاهاة عند اطمئنان المحكمة إلى صحة صدور توقيع المستكتب على الورقة المذكورة.

------------------
(1) لم تنظم المضاهاة - سواء في قانون الإجراءات الجنائية أو في قانون المرافعات المدنية والتجارية - في نصوص آمرة يترتب البطلان على مخالفتها، ومن ثم يكون اعتماد الحكم على نتيجة المضاهاة التي أجراها خبير الخطوط بين استكتاب المجني عليها الذي تم أمام الموثق القضائي بدولة أجنبية وبين التوقيع المنسوب إليها على الأوراق المزورة - صحيحاً ولا مخالفة فيه للقانون، ما دامت المحكمة قد اطمأنت إلى صحة صدور التوقيع على ورقة الاستكتاب من المجني عليها أمام الموثق القضائي.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المتهمين بأنهم: المتهم الأول - بوصفه موظفاً عمومياً (موزع بمصلحة البريد) اختلس الخطاب المسجل المسلم إليه بسبب وظيفته حالة كونه أميناً عليه، وارتكب تزويراً في محرر أميري (إيصال استلام المراسلة) المعد لاستلام...... للخطاب المبين بالتهمة الأولى وكان ذلك بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها - وبوضع إمضاء مزور بأن أثبت فيه على خلاف الحقيقة حضور المجني عليها واستلامها الخطاب وشفع ذلك بإمضاء مزور نسبه زوراً إليها. والمتهمين الثاني والثالث اشتركا بطريقي الاتفاق والتحريض مع المتهم الأول في ارتكاب الجريمتين المبينتين بالتهمتين الأولى والثانية فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وذلك التحريض. والمتهمين الثلاثة اشتركوا وآخر مجهول بطريق الاتفاق والتحريض والمساعدة في ارتكاب تزوير في محرر عرفي هو الشيك الصادر لأمر المجني عليها على بنك الجمهورية وكان ذلك بوضع إمضاء مزور وذلك بأن اتفقوا مع ذلك المجهول وحرضوه على أن يوقع على ظهر الشيك بما يفيد تظهيره بإمضاء مزور للمجني عليها وساعدوه بأن قدموا الشيك إليه ففعل المجهول ذلك ووقعت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق والتحريض وتلك المساعدة - والمتهم الثالث استعمل الشيك المزور سالف الذكر مع علمه بتزويره بأن قدمه إلى بنك الجمهورية لصرف قيمته وتوصل بطريق الاحتيال إلى الاستيلاء على قيمة الشيك المختلس للمجني عليها وكان ذلك بقصد سلب بعض ثروتها وباستعماله طرقاً احتيالية من شأنها الإيهام بوجود واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن تقدم إلى بنك الجمهورية ومعه الشيك المزور موهماً بتظهيره إليه من المجني عليها فتمكن بذلك من الاستيلاء على قيمته - والمتهمين الأول والثاني اشتركا بطريقي الاتفاق والتحريض والمساعدة مع المتهم الثالث في ارتكاب الجريمة سالفة الذكر وذلك بأن اتفقا معه وحرضاه وساعداه بأن قدما إليه الشيك المزور فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق والتحريض وتلك المساعدة، وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 40/ 1 - 2 - 3 و41 و111 و112 و118 و119 و211 و212 و213 و215 و336 من قانون العقوبات. فقررت بذلك. ومحكمة الجنايات قضت حضورياً عملاً بالمواد 111 و112/ 1 - 2 و118 و119 من قانون العقوبات للأول عن التهمة الأولى والمادة 211 منه له أيضاً عن التهمة الثانية والمواد 40/ 2 - 3 و41 و215 عقوبات للأول والثاني عن تهمة الاشتراك والمواد 40/ 2 - 3 و41 و215/ 2 عقوبات للثاني عن التهمة الثانية مع تطبيق المادتين 32/ 2 و17 عقوبات للأول والثاني والمادتين 304/ 1 و381/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية للثالث - بمعاقبة المتهم الأول بالسجن لمدة خمس سنوات وبتغريمه خمسمائة جنيه وإلزامه برد مبلغ مائة جنيه قيمة الشيك المختلس وبعزله من وظيفته عن التهمتين الأولى والثانية وببراءته من التهمة الأخيرة المسندة إليه، وبمعاقبة المتهم الثاني بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات عن تهمتي اشتراكه في تزوير الشيك واستعماله وببراءته من باقي التهم المسندة إليه، وببراءة المتهم الثالث مما أسند إليه. فطعن المتهمان الأولان في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

 حيث إن مبنى الطعن هو مخالفة القانون والقصور والتناقض في التسبيب، ذلك أن الحكم المطعون فيه استدل على تزوير الشيك بالمضاهاة التي تمت بين التوقيع المنسوب للمجني عليها "مارلين بترو" على الشيك وبين التوقيع الذي كتبته أمام الموثق القضائي بسويسرا وكان يتعين لتصح المضاهاة استكتاب المجني عليها أمام المحقق وبحضور الخصوم - أكثر من مرة بعد التثبت من شخصيتها - هذا فضلاً عن أن الحكم لم يبين واقعة الدعوى بياناً كافياً ولم يقم الدليل على توافر القصد الخاص في جريمة التزوير لدى الطاعن، كما لم يبين أدلة اشتراكه بالاتفاق والمساعدة في جريمتي تزوير الشيك واستعماله، كذلك جاء الحكم متناقضاً في نسبة التزوير للطاعن - إذ بينما قضي ببراءته من تهمة الاشتراك مع الطاعن الأول في تهمتي اختلاس الخطاب الذي كان بداخله الشيك وتزوير إيصال استلام الخطاب أدانه في تهمتي الاشتراك في تزوير إمضاء المجني عليها على الشيك واستعمال الشيك المزور مع أن أسباب براءته تعتبر بذاتها أسباباً لنفي باقي التهم عنه. كما استدل الحكم على إدانة الطاعن بأنه كان يعمل مع الطاعن الأول في مكتب بريد القاهرة سنة 1957 وبأنه سبق أن نسب إليه سرقة حوالة بريد ودفع قيمتها وهو ما لا يصلح دليلاً ضده.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله "إنه بتاريخ 25 من مارس سنة 1958 أرسل فريد بترو المقيم وقتئذ بالمحلة الكبرى خطاباً مسجلاً برقم 695 بداخله الشيك رقم 14196/ 40635 المسحوب على بنك الجمهورية والبالغ قيمته مائة جنيه لأمر ابنته مارلين بترو........ وفي 26/ 3/ 1958 تسلم الخطاب المذكور بما فيه إلى المتهم الأول عزت محمد عابدين بسبب وظيفته باعتباره موزعاً بمكتب بريد القاهرة...... لتسليمه إلى صاحبته لكن سوّل له جشعه اختلاسه لنفسه..... فاختلسه ولهذا السبب قام بارتكاب تزوير في الورقة الرسمية المعدة لأخذ توقيع المرسل إليها بالاستلام وهي إيصال التسليم إذ جاء عليه بتوقيع إمضاء كذب نسبه زوراً إليها... ثم تبين بعد ذلك أن الخطاب قد تسلم فعلاً إلى المتهم الأول الموزع المختص بهذه المنطقة الذي لم يجحد أمر تسلمه الخطاب... ولما استفسر فريد بترو من بنك الجمهورية بالمحلة الكبرى عن مصير الشيك أفاد فرع البنك بالقاهرة أنه قد تم صرفه في 29/ 3/ 1958 بناء على تظهيره بإمضاء نسبت إلى مارلين بترو وتحويلها قيمته إلى "علي حسين لطفي مكي" بتوقيع إمضاءه ورقم بطاقته الشخصية 625524 وعنوانه 22 شارع عبد الرحيم الدمرداش بالعباسية الذي قرر أنه صرف قيمة هذا الشيك حقاً بتظهيره والتوقيع عليه بإمضائه وأنه كان قد عرضه عليه المتهم الثاني عبد الوهاب عثمان عبده "الطاعن الثاني" وهو موزع بريد بمكتب سراي القبة ضحى اليوم المذكور في مقهى محمود السيد بالعباسية بحضور محمد يوسف أحمد وأنه ذهب معه يومئذ إلى صيدلية كاظم بميدان الأوبرا حيث حاول الاتصال ببنك الجمهورية من هناك لمعرفة وقت فتحه وأنه سلم الشيك المذكور بحالته وعليه الإمضاء المنسوب لمارلين بدعوى أنه أخذه منها عربون صفقة أرض باعها لها وطلب إليه صرفه من البنك ليأخذ منه باقي مقدم ثمن عقار كان قد اتفق معه على مشتراه ثم عدل عن ذلك...... فصرف قيمته بعد تظهيره بحسن نية دون أن يعلم حقيقة أمره. وأنه عاد بعد ذلك إلى مقهى العباسية حيث وافاه هناك المتهم الثاني وتسلم منه ثمانين جنيهاً بعد استبقائه مبلغ العشرين جنيهاً التي كانت باقية له في ذمة المتهم الثاني من مقدم الثمن الذي كان قد دفعه إليه وقد صادقه شهوده جميعاً - واتضح من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير خاصاً بما انتهت إليه مضاهاة نموذج إمضاء مارلين بترو المكتوب بخطها أمام الموثق القضائي بسويسرا على التوقيع المنسوب إليها بإيصال استلام الخطاب المسجل المذكور وأوراق استكتاب المتهمين والإمضاء الذي نسب إليها بظهر الشيك المشار إليه آنفاً أن هذه الأخيرة تختلف عنهم جميعاً - أما التوقيع المنسوب إليها بدفتر تسليم المراسلات المسجلة في الصحيفة رقم 21 منه على إيصال الاستلام المشار إليه فقد كتبت بأحرف غير مميزة وغير مقروءة مما لا يمكن معه إجراء المضاهاة" وقد استند الحكم في إدانة الطاعن إلى أقوال شهود الإثبات وأقوال المتهم الثالث "علي حسين لطفي مكي" الذي قضت المحكمة ببراءته وإلى ما تبين لها من الاطلاع على الأوراق المزورة وتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير، ولما كان يبين مما تقدم أن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمتي الاشتراك في التزوير والاستعمال اللتين دان الطاعن الثاني بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه، وكان لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في جريمة الاشتراك في التزوير والاستعمال ما دامت مدوناته تفيد قيام هذا الركن، وكان ثبوت الاشتراك في التزوير يفيد حتماً العلم بأن الورقة التي استعملت مزورة. ولما كان من المقرر قانوناً أن لمحكمة الموضوع أن تعتمد في تكوين عقيدتها على ما تطمئن إليه من أدلة وعناصر في الدعوى وأنها في سبيل ذلك ليست ملزمة بأن تتبع طرقاً معينة في الإثبات إلا في الحالات التي نص عليها القانون، وكان المشرع سواء في قانون الإجراءات الجنائية أو في قانون المرافعات لم ينظم المضاهاة في نصوص آمرة يترتب على مخالفتها البطلان، فإن اعتماد الحكم على نتيجة المضاهاة التي أجراها خبير الخطوط بين استكتاب المجني عليها الذي تم أمام الموثق القضائي بسويسرا وبين التوقيع المنسوب إليها على الأوراق المزورة يكون صحيحاً ولا مخالفة فيه للقانون، ما دامت المحكمة قد اطمأنت إلى صحة صدور التوقيع على ورقة الاستكتاب من المجني عليها أمام الموثق القضائي بسويسرا، فضلاً عن أنه لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أبدى اعتراضاً على هذا الاستكتاب، ولما كان لا تناقض فيما انتهى إليه الحكم من تبرئة الطاعن من تهمتي الاشتراك مع الطاعن الأول في اختلاس الخطاب وتزوير إيصال استلامه وإدانته في تهمتي الاشتراك في تزوير إمضاء المجني عليها على الشيك واستعماله ما دام قد برر قضاءه في الحالين بأدلة سائغة مقبولة، وكان الحكم لم يقتصر - على حد قول الطاعن - في التدليل على إدانته بثبوت صلته بالطاعن الأول في العمل وبسابقة اتهامه في سرقة حوالة بريدية، بل إنه أشار إلى ذلك كقرينة معززة للأدلة السائغة التي سبق أن ساقها للتدليل على إدانته. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ليس في حقيقته إلا محاولة للجدل في موضوع الدعوى وتقدير الأدلة فيها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه.


(1) مبدأ الطعن 121 لسنة 30 ق - (جلسة 13/ 6/ 1960) والطعن 843/ 26 ق (جلسة 4/ 12/ 56) قاعدة 342 - مج الأحكام. سنة (7) صفحة 1234.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق