جلسة 5 من ديسمبر سنة 1960
برياسة السيد محمود إبراهيم إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: محمد عطية إسماعيل، وعادل يونس، وعبد الحسيب عدي، وحسن خالد المستشارين.
---------------------
(168)
الطعن رقم 1400/ 30 القضائية
(أ) نقض. أسباب الطعن الموضوعية: تحقيق. الاختصاص المكاني بإجرائه: تفتيش: الشروط الموضوعية لصحة الإذن به.
الأصل في الإجراءات الصحة وأن يباشر المحقق أعمال وظيفته في حدود اختصاصه. المنازعة في اختصاص مصدر الإذن بالتفتيش وبطلان تنفيذه مما يقتضي تحقيقاً موضوعياً. عدم جواز إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض.
(ب) تحقيق. تفتيش: شروط صحة الإذن بتفتيش منزل المتهم.
جواز صدور الأمر به من النيابة العامة بعد اطلاعها على محضر جمع الاستدلالات متى رأت كفاية ما تضمنه لإصدار الإذن.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز أسلحة نارية مششخنة بغير ترخيص وذخيرة مما تستعمل في الأسلحة النارية بغير ترخيص، وسرق الأسلحة والذخيرة المبينة بالأوراق والمملوكة للقوات المسلحة، وبصفته مستخدماً عمومياً "أمباشي مطافئ" استولى بغير حق على مال للدولة (الأسلحة والذخيرة والبطانية المبينة بالأوراق والمملوكة للقوات المسلحة) وسرق البطاريات المبينة الوصف والقيمة بالأوراق والمملوكة لمجهول. وأحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 1 و2 و4 و5 و6 و30 و36 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 والجدول المرفق والمواد 111 و113 و118 و119 و318 من قانون العقوبات. ومحكمة الجنايات قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 و2 و26/ 2 - 4 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 والبند (ب) من القسم الأول من الجدول رقم 3 والقسم الثاني من هذا الجدول أيضاً و111 و113 و118 و119 من قانون العقوبات المضافة بالقانون رقم 69 لسنة 1953 والمادة 316 مكررة فقرة أولى من نفس القانون المضافة بالقانون رقم 424 لسنة 1954 مع تطبيق المواد 32 و17 و55 و56 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وتغريمه خمسمائة جنيه والرد والعزل عن التهم الأربع الأولى وأمرت بإيقاف تنفيذ عقوبتي الحبس والغرامة فقط وببراءته من التهمة الخامسة بشأن سرقة البطاريات. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن خطأ في تطبيق القانون وبطلان الإجراءات وفساد في الاستدلال وقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن أوراق الدعوى خالية من وجود إذن من النيابة العامة المختصة بتفتيش منزل المتهم، وأن وجود هذا الإذن من المسائل الجوهرية، وكان من المتعين على المحكمة أن تتحقق من وجوده، وأن المادة 91 من قانون الإجراءات الجنائية نصت على أن تفتيش المنازل عمل من أعمال التحقيق ولا يجوز الالتجاء إليه إلا في تحقيق مفتوح وبناء على تهمة موجهة إلى من يقيم في ذلك المنزل، كما أن قانون استقلال القضاء عين اختصاص أعضاء النيابة العامة بالنسبة لدائرة عمل كل منهم بحيث إذا باشر أحدهم إجراء في غير دائرة اختصاصه كان إجراء باطلاً، ولم تبحث المحكمة ما إذا كان قد صدر إذن صحيح بالتفتيش، وما إذا كان قد صدر ذلك الإذن من مختص إذ الثابت أن منزل الطاعن يقع بدائرة قسم أول بور سعيد والضابط الذي باشر التفتيش هو ضابط من ضباط قسم ثالث - ويقول هذا الضابط إن الإذن صدر من نيابة قسم ثالث، وبذلك تكون المحكمة قد أخطأت في تطبيق القانون ولا تعذر في ذلك بأن أحداً لم يطعن ببطلان التفتيش أو ببطلان الإذن، كما أن واقعة الدعوى لم تكن واضحة للمحكمة إذ أنها اعتمدت في إدانة الطاعن على أقوال كل من ضابط المباحث علي محمود يونس والمخبرين فتحي محمد سليمان والسيد عباس عبد الرحيم ومحمد البلتاجي - بينما اختلف كل من فتحي محمد سليمان والسيد عباس عبد الرحيم المخبرين - إذ قرر الأخير أن الأسلحة كان مغلفة بالخيش، بينما قرر الأول في أقواله أنها كانت موضوعة بحالتها عارية - وهذا التضارب في أقوال الشهود الذين اعتمدت المحكمة على أقوالهم معاً في إدانة الطاعن مما يعد فساداً في الاستدلال.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله: "إنه بتاريخ 7 من أبريل سنة 1957 سرقت أسلاك هوائية لمصلحة التليفونات بمنطقة الجميل واتهم بسرقتها وإخفائها المتهم صابر سيد أحمد الفار الأومباشي بقوة مطافئ بور سعيد وبتاريخ 12 من أبريل سنة 1957 الساعة 40 و4 دقيقة مساء أذنت النيابة المختصة للملازم أول علي محمود يونس ضابط مباحث قسم ثالث بور سعيد بتفتيش مسكن هذا المتهم والسيد محمد البدري لضبط ما لديهما من أسلاك مسروقة على أن يتم ذلك مرة واحدة خلال ثلاثة أيام فقام ذلك الضابط بتنفيذ هذا الإذن في ذات يوم صدوره وصحب معه فتحي محمد سليمان والسيد عباس عبد الرحيم من رجال البوليس الملكي ضمن القوة التي رافقته بالسيارة إلى مسكن المتهم في الكابينة رقم 54 صف أول بشارع الكورنيش حيث وصلوا إليها قبل غروب ذلك اليوم ولم يجدوا المتهم إذ كان يقوم بعمله في منطقة الجميل - فصعد الضابط والمخبران إلى الجزء العلوي من الكابينة وتركوا باقي رجال القوة حولها وقام الضابط بالتفتيش بحضور سنية سيد أحمد الفار أخت المتهم وإبراهيم سيد أحمد الفار أخيه فعثر على (1) مدفع من نوع برتا (2) ومدفع من طراز لانكستر (3) وبندقية مششخنة (4) و480 طلقة لذخائر مختلفة الأنواع (5) وأربع خزانات لمدافع رشاشة (6) وصندوق من الخشب يداخله أربع بطاريات جافة (7) وبطانية أميرية. وذلك بخلاف بعض الأسلاك التليفونية وهي موضوع دعوى أخرى مستقلة في الجناية رقم 832 سنة 1957 قسم المناخ - وكان العثور على صندوق البطاريات في القسم العلوي من الكابينة بداخل صندرة بأعلى دورة المياه بينما عثر على باقي المضبوطات الأخرى سالفة الذكر في الجزء الأسفل منها وهو عبارة عن حجرة من الخشب لها باب يقفل - فيما عدا البطانية فوجدت بإحدى الغرف العلوية، واتضح أنه سبق سرقة بطاريات من مخزنها في الدائرة الجمركية - كما أن البطانية ليست من النوع الذي يصرف عهدة لرجال البوليس بل هي مما يتسلمه جنود الجيش". واستندت المحكمة في إدانة الطاعن إلى أقوال ضابط المباحث علي محمود يونس والمخبرين فتحي محمد سليمان والسيد عباس عبد الرحيم ومحمد بلتاجي علي ومفتش مباحث الجمارك محمد جلال ومندوب مخازن البوليس نصر يونس سعودي، كما استندت في ذلك أيضاً إلى اعتراف الطاعن بمحضر البوليس وإلى التقرير الطبي الشرعي.
وحيث إن الثابت في الحكم المطعون فيه أنه تحدث عن الإذن الصادر بالتفتيش وعن فحواه وأثبت تاريخ وساعة صدوره وأنه صدر من نيابة مختصة الأمر الذي يقطع بوجوده، ولما كان الطاعن لم يثر أمام محكمة الموضوع ما أورده في أسباب طعنه بشأن اختصاص من أصدر الإذن وبطلان تنفيذه، وكان الأصل في الإجراءات الصحة وأن يباشر المحقق أعمال وظيفته في حدود اختصاصه، وكان ما أثاره الطاعن من ذلك مما يقتضي تحقيقاً موضوعياً عند إبدائه أمام محكمة الموضوع. لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على جواز صدور أمر النيابة بتفتيش منزل المتهم بعد اطلاعها على محضر جمع الاستدلالات متى رأت كفاية ما تضمنه لإصدار هذا الأمر. لما كان ما تقدم، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون على غير أساس.
وحيث إن ما يثيره الطاعن في الوجه الثاني من أسباب طعنه من خلاف بين أقوال المخبرين فتحي محمد سليمان وسيد عباس عبد الرحيم من أن أولهما قرر أن الأسلحة كانت مغلفة خلافاً لما قرره الثاني، فهذا الخلاف ليس من شأنه أن يعيب الحكم، ما دام المستفاد مما حصله من أقوالهما أنهما شاهدا تلك الأسلحة وحدّدا عددها بما يتفق في جملته مع ما فصله ضابط المباحث في شهادته التي أثبتها الحكم إذ وصف هذه الأسلحة وباقي المضبوطات. لما كان ذلك، وكان التفتيش قد تم بحضور المخبرين - كما أثبت الحكم في بيان واقعة الدعوى، وكان من سلطة محكمة الموضوع أن تلتفت عن الخلاف بين أقوال الشهود ما دام هذا الخلاف لا يؤثر في جوهر الشهادة، فإن الاستدلال بأقوال هذين الشاهدين يكون سليماً من الفساد الذي يدعيه الطاعن، ومن ثم يكون ما يثيره الطاعن في هذا الوجه غير سديد.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.
(1) المبدأ ذاته بشأن اختصاص مأموري الضبط القضائي - راجع الحكم في الطعن 2263/ 28 ق (جلسة 11/ 5/ 1959) - القاعدة 113 - مجموعة الأحكام - السنة العاشرة - صفحة 517، راجع في استلزام إثارة الدفع ببطلان التفتيش أمام محكمة الموضوع - الأحكام في الطعون 294/ 27 ق - (جلسة 29/ 4/ 1957)، 1166/ 27 ق (جلسة 18/ 11/ 1957) - قاعدة 121، 244 - مجموعة الأحكام - السنة الثامنة - صفحة 440، 895، 74/ 28 ق - (جلسة 28/ 4/ 1958) - قاعدة 116 - مجموعة الأحكام - السنة التاسعة - صفحة 429.
(2) راجع الأحكام الصادرة في الطعون 2037/ 27 ق - (جلسة 3/ 6/ 1958)، 939/ 28 ق - (جلسة 7/ 10/ 1958) - قاعدة 154 وقاعدة 190 - مجموعة الأحكام - السنة التاسعة - صفحة 602 وصفحة 782 و448/ 29 ق - (جلسة 18/ 5/ 1959) - قاعدة 118 - مجموعة الأحكام - السنة العاشرة - صفحة 535.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق