الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 17 ديسمبر 2024

الطعن 1308 لسنة 30 ق جلسة 15/ 11/ 1960 مكتب فني 11 ج 3 ق 153 ص 796

جلسة 15 من نوفمبر سنة 1960

برياسة السيد مصطفى كامل المستشار، وبحضور السادة: عادل يونس، وعبد الحسيب عدي، وعبد الحليم البيطاش، ومحمود إسماعيل المستشارين.

----------------

(153)
الطعن رقم 1308 لسنة 30 القضائية

(أ - ب) تفتيش. تنفيذ الإذن به.
( أ ) تفسير حرف العطف الوارد بعبارة الندب:
هذا الحرف هو من الأحرف المشتركة بين عدة معاني لغوية. ورود هذا الحرف قبل ما يجوز فيه الجمع يقطع بإطلاق الندب وإباحة انفراد الضابط بالتفتيش أو إشراك غيره معه فيه ممن يندبه لذلك.
(ب) حضور الشاهدين. مجال تطبيق نص المادة 51 أ. ج.
عند دخول رجال الضبط القضائي المنازل وتفتيشها في الحالات التي يجيز لهم القانون ذلك فيها. ندبهم للتفتيش يسري عليهم نص المادة 92 أ. ج.
(ج - د) إثبات. اعتراف.
(جـ) طبيعة الاعتراف وبيانات التسبيب بالنسبة إليه:
خطأ الحكم في سرد بواعث الاعتراف لا يؤثر في منطق الحكم.
شروط صحة الاعتراف:
ليس منها ما تقدمه من ظروف وملابسات.
(د) تقدير الاعتراف:
عدم تقيد محكمة الموضوع بنص الاعتراف وظاهره. سلطتها في تجزئة الاعتراف والأخذ منه بما تطمئن إليه.
(هـ - ز) إثبات. شهادة: نقض. أسباب الطعن الموضوعية والجديدة:
(هـ) سلطة محكمة الموضوع في الأخذ برواية منقولة عن آخر عند الاطمئنان إلى صدورها من هذا الأخير حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعوى.
(و) سلطة محكمة الموضوع في وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي تؤدي فيها الشهادة. هذا التقدير موضوعي لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
(ز) ما يثيره المتهم بشأن مسلك الشاهد في التحقيق واتصاله بالشهود وجدارته للشهادة أمر يتصل بالإجراءات السابقة على المحاكمة فلا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(ح - ط) إثبات. إقناعية الدليل: نقض. أسباب الطعن الموضوعية:
(ح) الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي. يكفي أن تؤدي الأدلة في مجموعها إلى قناعة المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
(ط) لا تجوز مصادرة المحكمة في اعتقادها المبتني على عناصر سائغة ولا المجادلة في تقديرها أمام محكمة النقض.

------------------
1 - إذا صدر الإذن بالتفتيش ممن يملكه إلى أحد مأموري الضبط القضائي "أو" من يندبه من مأموري الضبط القضائي، فإن دلالة الحال هي أن المعنى المقصود من حرف العطف المشار إليه هو الإباحة - لوروده قبل ما يجوز فيه الجمع، وهو ما يقطع بإطلاق الندب وإباحة انفراد الضابط بالتفتيش أو إشراك غيره معه فيه ممن يندبه لذلك.
2 - استقر قضاء محكمة النقض على أن مجال تطبيق المادة 51 من قانون الإجراءات الجنائية هو عند دخول رجال الضبط القضائي المنازل وتفتيشها في الأحوال التي يجيز لهم القانون ذلك فيها - أما التفتيش الذي يقوم به مأمورو الضبط القضائي بناء على ندبهم لذلك من سلطة التحقيق فإنه تسري عليهم أحكام المادة 92 من قانون الإجراءات الجنائية الخاصة بالتحقيق بمعرفة قاضي التحقيق - والتي تنص على أن التفتيش يحصل بحضور المتهم أو من ينيبه عنه إن أمكن ذلك.
3 - خطأ الحكم في سرد بواعث اعتراف المتهم والظروف التي حملته عليه لا يؤثر في منطق الحكم والنتيجة التي انتهى إليها - وهي سلامة الاعتراف ذاته بصرف النظر عما تقدمه من ظروف وملابسات.
4 - لا تلتزم المحكمة في أخذها باعتراف المتهم بنصه وظاهره - بل أن لها في سبيل تكوين عقيدتها في المواد الجنائية أن تجزئ الاعتراف وتأخذ منه بما تراه مطابقاً للحقيقة وأن تعرض عما تراه مغايراً لها.
5 - ليس في القانون ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت منه حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعوى.
6 - وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروك لتقدير محكمة الموضوع، ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها - ولا يجوز الجدل في ذلك أمام محكمة النقض.
7 - ما يثيره المتهم فيما يمس مسلك الشاهد في التحقيق واتصاله بالشهود حينذاك وجدارته بالشهادة أمر يتصل بالإجراءات السابقة على المحاكمة فلا يقبل منه طرحه لأول مرة على محكمة النقض.
8 - (1) لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى - إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة - بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها، ومنتجة في اكتمال قناعة المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
9 - متى بينت محكمة الموضوع واقعة الدعوى وأقامت قضاءها على عناصر سائغة اقتنع بها وجدانها فلا تجوز مصادرتها في اعتقادها ولا المجادلة في تقديرها أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز أفيوناً وحشيشاً في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 1 و2 و33 جـ و35 من المرسوم بقانون 351 لسنة 1952 والجدول 1 المرافق فقررت بذلك. وأمام محكمة الجنايات دفع الحاضر عن المتهم ببطلان التفتيش. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام برفض الدفع ببطلان التفتيش وبصحته وبمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريمه ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة المواد المضبوطة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى أوجه الطعن هو أن الحكم المطعون فيه أخطأ في الإسناد وشابه فساد في الاستدلال وقصور وتناقض في التسبيب، كما أخطأ في تطبيق القانون وفي تفصيل ذلك يقول الطاعن إنه دفع ببطلان التفتيش لأن الكونستابل الذي ضبط المخدر في منزله لم يكن مأذوناً بالتفتيش ولم يتم الضبط تحت رقابة وإشراف ضابط المباحث المأذون له بذلك ورد الحكم على هذا الدفع بأن إذن النيابة قد صدر لضابط المباحث ومن يندبه من رجال الضبط القضائي - ومن بينهم الكونستابل المذكور - بتفتيش شخص الطاعن ومسكنه وأن أوراق الدعوى تنطق بأن الضابط اصطحب معه ذلك الكونستابل وكلفه بإجراء التفتيش فأجراه. وهذا الذي أورده الحكم في خصوص إذن التفتيش لا سند له من الأوراق، إذ أن عبارة الإذن خصت ضابط المباحث أو من ينتدبه من رجال الضبط لإجراء التفتيش، ومؤدي ذلك أن المندوب أصلاً للتفتيش وهو ضابط المباحث له أن يتخلى عن إجرائه لأحد مأموري الضبط دون أن يضمه إليه بدلالة وجود حرف العطف "أو" الذي يفيد التخيير والانفراد لا الجمع والمصاحبة. وإذ كانت سلطة المندوب للتفتيش تستند إلى إذن الآمر به ويتحدد نطاقها بمقتضاه، وكان المندوب الأصيل قد آثر القيام بالتفتيش بنفسه فيمتنع عليه ندب سواه لإجرائه لتجاوز ذلك سند ندبه مما يبطل التفتيش الذي قام به الكونستابل دون ندب صحيح - والذي لم يكن حين إجرائه تحت إشراف ورقابة المندوب الأصيل، إذ قرر الضابط بالتحقيقات وبالجلسة أن الكونستابل دخل مسكن الطاعن من باب آخر غير الذي دخل هو منه وأن كلاً منهما كان يجري التفتيش في مكان غير مكان الآخر وأن الكونستابل حضر إليه في مكان وجوده وقدم له كيس المخدر، كما قطع الكونستابل بأنه لم يكن يجري التفتيش تحت رقابة أو إشراف الضابط وتوجيهه بل كان يعمل على استقلال بندب كتابي من الضابط المذكور، كما دفع الطاعن ببطلان إجراءات التفتيش الذي قام به الكونستابل دون مراعاة نص المادة 51 من قانون الإجراءات الجنائية التي تستلزم ضرورة حصول التفتيش بحضور المتهم أو من ينيبه عنه كلما أمكن ذلك، وإلا وجب أن يكون بحضور شاهدين يكونان على قدر الإمكان من أقارب المتهم البالغين أو القاطنين معه بالمنزل أو من الجيران. ورد الحكم على ذلك بأن مناط إعمال حكم تلك المادة هو في الحالات التي يتم فيها التفتيش من رجال الضبط القضائي في الأحوال التي أجاز لهم القانون فيها إجراؤه أما التفتيش الذي يقومون به بناء على ندب من سلطة التحقيق فإنه تسري عليه المادة 92 من قانون الإجراءات الجنائية التي تنص على إجراء التفتيش بحضور المتهم أو من ينيبه كلما أمكن ذلك - وهذا الذي ذكره الحكم ينطوي على تفسير خاطئ للقانون لأن الخلاف بين المادتين 51 و92 ليس معناه اختلاف طبيعة ونوع التفتيش بل أن مناطه شخصية من يجريه - فحيث يكون القائم به من رجال الضبط طبقت المادة 51 التي تتطلب مزيداً من الضمانات لورود تلك المادة في الفصل الذي تضمن الأحكام التي تسري على رجال الضبط في شتى ما يباشرونه من إجراءات سواء بصفة أصلية أو عند ندبهم لإجرائها. ومؤدى ما أثبته الحكم من حضور الطاعن بعض مراحل التفتيش عند ضبط العلبة التي حوت الأفيون أنه لم يكن موجوداً وقت العثور على الحشيش في حجرته لاستحالة وجوده في مكانين مختلفين في وقت واحد وقد كان في مكنة الكونستابل استدعاء والدي الطاعن وزوجته وأخته وغيرهما من النسوة اللاتي كن بردهة المنزل المؤدية إلى الغرفة التي وجد بها كيس الحشيش لحضور التفتيش ولكنه لم يفعل مهدراً بذلك الضمانات التي أوجبها القانون لسلامة التفتيش - كما اعتمد الحكم في تكوين عقيدته بإدانة الطاعن على أقوال للشهود لا مأخذ لها من الأوراق ولم يرفع التناقض عنهم، ذلك أن ضابط المباحث قرر بالتحقيقات وبالجلسة أن الكونستابل حضر إليه ومعه كيس الحشيش وأن الطاعن كان يرافقه وقت عثور الكونستابل على الكيس المذكور - بينما قرر الكونستابل بالجلسة أن الضابط هو الذي حضر إليه بالغرفة التي ضبط فيها الحشيش كي يسأله عن نتيجة التفتيش، وكان قد شهد بالتحقيقات أنه نادى على الضابط الذي لم يحضر إليه من تلقاء نفسه وأنه صادف الطاعن ووالديه فور دخوله المنزل - واستدل الطاعن مما أثبته المحقق على مسلك الكونستابل في التحقيق واتصاله بالشهود الذين لم يسألوا وما شهد به المأمور بالجلسة من عزل الكونستابل من الخدمة بمجلس عسكري وإقرار الكونستابل بذلك - أن هذا الأخير غير أهل للثقة بأقواله التي أخذ الحكم بها دون أن يرد على ما أثير حول مسلكه. وقد انصبت رواية المخبر حسن إبراهيم - الذي لم يسمع بالجلسة - على واقعة إحراز الأفيون التي أطرحها الحكم، أما بالنسبة إلى واقعة إحراز الحشيش، فإن شهادته وزميله أحمد عبد الحفيظ سماعية، أما المخبر حسين شحاتة - وهو الذي اتصل به الكونستابل في فترة تسلله من غرفة التحقيق - فإن جاءت أقواله لهذا السبب مطابقة لأقوال الكونستابل ومخالفة لأقوال الضابط بالقدر الذي اختلف فيه مع هذا الأخير، فإنه تناقض مع نفسه - إذ ذكر في التحقيقات أنه دخل الغرفة التي ضبط فيها الحشيش مع الشاهد مرزوق محمد أبو العينين وفي أثناء التفتيش عثر الكونستابل على الكيس، بينما نفى بالجلسة دخول مرزوق تلك الغرفة معهما، ونسب الحكم أيضاً إلى مرزوق محمد أبو العينين رؤيته واقعة عثور الكونستابل على لفافات الحشيش على المنضدة - في حين أنه اعتذر بالجلسة لعدم تذكره تفاصيل هذه الواقعة، وقد قرر بالتحقيقات أن الكونستابل عثر على كيس الحشيش وهو يفتح درج "البوريه" ويخرج منه كيس المخدر عارضاً إياه على الضابط. كما أخطأ الحكم حين رد على ما أثاره المدافع عن الطاعن من بطلان الاعتراف المنسوب إليه لعدم استكماله عناصر صحته لأنه لم يصدر عن شخص صحيح النفس حر الإرادة غير واقع تحت تأثير، فضلاً عن عدم مطابقته للحقيقة، فقد رد الحكم بأنه لا يلتفت إلى ما أثاره الدفاع من أن الطاعن آثر باعترافه افتداء والده الذي سبق الحكم عليه بعدة عقوبات في إحراز مواد مخدرة بقوله "إن الطاعن تردد بين الإنكار والاعتراف وأنه أنكر ابتداء ثم اعترف بحيازة المخدر والاتجار فيه، وأن اعترافه صدر بعد مواجهته بملابسه التي وجدت بالغرفة التي عثر على الحشيش فيها وبإقرار زوجته ووالدته بأنها حجرته. وهذا الذي ذكره الحكم غير صحيح، ذلك أن اعتراف الطاعن كان سابقاً على إنكاره ولم تحصل مواجهته بملابسه أو بزوجته ووالدته وحينما عدل الطاعن عن اعترافه ظل على إنكاره دون أن يعود إلى اعترافه ثانية - وقد سرد الحكم وقائع الدعوى على هذا النحو، ومن ثم يكون رد الحكم على دفاع الطاعن لا مأخذ له من الواقع. هذا إلى أن الحكم حين أخذ باعتراف الطاعن بالنسبة إلى الحشيش وأطرحه بالنسبة إلى الأفيون بقوله إنه قد يكون لوالده أو لغيره من رواد المنزل وساكنيه - قد أتى بهذه التفرقة التي لا مبرر لها، وكان مقتضى شكه في الاعتراف في شطره الخاص بإحراز الأفيون أن ينسحب على شطره الآخر المتصل بإحراز الحشيش، وإذا كان الحكم لم يروجها لانعطاف الشك على هذا الشطر من الاعتراف فقد كان عليه أن يورد لذلك سبباً، وهذا التخاذل والتهاتر في التسبيب من شأنه أن يهدر الأدلة التي اعتمد عليها الحكم المطعون فيه مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إن الملازم أول عبد العزيز حسن رومان ضابط مباحث بندر ملوي استصدر إذن النيابة العمومية في تفتيش شخص ومسكن المتهم سيد عبد العزيز زهران (الطاعن) وضبط ما لديه من مواد مخدرة فافتتحت النيابة تحقيقاً بتاريخ 30 نوفمبر سنة 1956 وأذنت للضباط ولمن يندبه من مأموري الضبط القضائي بتفتيش شخص المتهم ومسكنه خلال ثلاثة أيام لضبط ما لديه من مواد مخدرة. وبتاريخ أول ديسمبر سنة 1956 انتقل الضابط المذكور ومعه الكونستابل الممتاز حليم جورجي غبريال وبعض المخبرين إلى منزل المتهم وهناك كلف الضابط الكونستابل والمخبر حسين شحاتة أحمد لدخول المنزل من أحد بابيه وقام هو بدخوله من بابه الآخر مع باقي أفراد القوة ووجدوا المتهم داخل المنزل وفتش كل من الضابط والكونستابل محتويات المنزل فعثر المخبر حسن إبراهيم إسماعيل وهو يبحث تحت إشراف الضابط بردهة المنزل على علبة من الصفيح مخبأة بجوار الفرن وقدمها للضابط الذي فتحها في حضور المتهم ووجد بها مخدر الأفيون وسأل المتهم فاعترف له بإحرازه بقصد الاتجار فيه، كما عثر الكونستابل الممتاز حليم جورج ميخائيل على كيس فوق منضدة بحجرة المتهم قدمه للضابط ووجد به عدة لفافات من ورق أصفر تحوي مخدر الحشيش سأل المتهم عنه فاعترف عندما اعترف له بإحرازه أيضاً بقصد الاتجار فيه وقاد الضابط المتهم والمضبوطات إلى مركز البوليس وقدمه إلى مأمور البندر الذي اعترف المتهم له بضبط المخدر لديه وأنه يتجر فيه وباشرت النيابة التحقيق وفيه اعترف المتهم بضبط المخدر في مسكنه ثم ادعى أنه مدسوس عليه". وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة مستمدة من أقوال الضابط والكونستابل والمخبرين والمأمور ومن تقرير المعمل الكيماوي ومن اعتراف الطاعن بالتحقيقات، وهي أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وتتوافر بها كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز المخدر التي دانه بها. وعرض الحكم لدفاع الطاعن ببطلان التفتيش بالنسبة إلى واقعة ضبط مخدر الحشيش وبطلان اعترافه فرد عليه في قوله "فات الدفاع أن إذن النيابة في هذه الدعوى صدر لضابط المباحث ولمن يندبه من رجال الضبطية القضائية بتفتيش شخص المتهم ومسكنه، ولا جدال في أن الكونستابل الممتاز أحد رجال الضبط القضائي، كما أن أوراق الدعوى تنطق بأن الضابط استصحب معه هذا الكونستابل وكلفه بإجراء التفتيش فأجراه - أما المحاجة بالمادة 51 من قانون الإجراءات الجنائية فغير سليمة في الدعوى الحاضرة إذ مناط تطبيق المادة المذكورة هو دخول رجال الضبطية القضائية المنازل وتفتيشها في الأحوال التي أجاز لهم القانون ذلك فيها - أما التفتيش الذي يقوم به مأمور الضبطية القضائية بناء على ندبه لذلك من سلطة التحقيق فإنه تسري عليه أحكام المادة 92 من قانون الإجراءات الجنائية الخاصة بالتحقيق والتي تنص على إجراء التفتيش بحضور المتهم أو من ينيبه كلما أمكن ذلك. وقد حضر المتهم فعلاً التفتيش في بعض مراحله عند ضبط العلبة التي تحوي مخدر الأفيون وما كان في الإمكان حضور المتهم في ذات الوقت بحجرته التي ضبط فيها الكيس الذي يحوي مخدر الحشيش إذ أن التفتيش كان جارياً في أكثر من موضع، ومن كل ما تقدم يكون الدفع ببطلان التفتيش غير قائم على سند من الواقع أو القانون ويتعين رفضه بشقيه. وحيث إن الدفاع حاول عبثاً إثارة الشبهات في قيمة الاعتراف الذي أدلى به المتهم في التحقيقات ومجرد استعراض عبارات هذا الاعتراف في أكثر من موضع في تحقيقات النيابة تؤكد صحة هذا الاعتراف وأن المتهم كان متفهماً لعباراته الصريحة الواضحة. أما عند استدراكه بعد ذلك عند مناقشته بقولة إنه لا يعرف من دس عليه المخدر المضبوط فقول لا يؤبه به ما دام المتهم لم يقم الدليل على هذا الدس المزعوم، وفي وقائع الدعوى ومادياتها ما يؤكد عدم جدية هذا الدفاع إذ أن لفافات الحشيش وجدت على منضدة داخل غرفته وقد اعترف بضبطها بها. وحيث إن المحكمة لا تلتفت إلى ما أثاره الدفاع من أن المتهم كان في اعترافه مفتدياً والده السابق الحكم عليه بعقوبات متعددة في إحراز المواد المخدرة، ذلك أن المتهم تردد بين الإنكار والاعتراف فقد أنكر صلته بحجرته التي ضبط مخدر الحشيش فيها وظل على إنكاره هذا حتى ووجه بضبط ملابسه فيها وإقرار والديه وزوجته بأنها حجرته فاعترف بحيازته المخدر وبالاتجار فيه، ولم يكن في اعترافه هذا مفتدياً بل مقرراً الواقع والمحكمة تطمئن كل الاطمئنان إلى صحة هذا الاعتراف وتأخذه به" - ثم التفت الحكم عن مساءلة الطاعن عن واقعة ضبط مخدر الأفيون بردهة منزله واستبعدها من عناصر التهمة وحصر الاتهام في واقعة إحراز الحشيش مستظهراً في ذلك قصد الاتجار لدى الطاعن بما يبرره. لما كان ذلك، وكان ما انتهى إليه الحكم سديداً في القانون، ذلك أن الإذن بالتفتيش صدر ممن يملكه إلى أحد مأموري الضبط القضائي مخولاً إياه ندب غيره من مأموري الضبط القضائي لإجرائه، ويبين من مدونات الحكم أن الندب جاء شاملاً الضابط ومن يندبه من مأموري الضبط ومع التسليم بما جاء بوجه الطعن من صدور الندب إلى الضابط "أو" من يندبه من مأموري الضبط فإن دلالة الحال هي أن المعنى المقصود من حرف العطف المشار إليه هو الإباحة - لوروده قبل ما يجوز فيه الجمع، وهو ما يقطع بإطلاق الندب وإباحة انفراد الضابط بالتفتيش أو إشراك غيره معه فيه ممن يندبه لذلك من مأموري الضبط، ومن ثم يكون التفتيش الذي أجراه الكونستابل الممتاز حليم جورجي غبريال قد تم في نطاق إذن التفتيش ووقع صحيحاً - ولما كان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن مجال تطبيق المادة 51 من قانون الإجراءات الجنائية هو عند دخول رجال الضبط القضائي المنازل وتفتيشها في الأحوال التي يجيز لهم القانون ذلك فيها - أما التفتيش الذي يقوم به مأمورو الضبط القضائي بناء على ندبهم لذلك من سلطة التحقيق فإنه تسري عليهم أحكام المادة 92 من قانون الإجراءات الجنائية الخاصة بالتحقيق بمعرفة قاضي التحقيق والتي تنص على أن التفتيش يحصل بحضور المتهم أو من ينيبه عنه إن أمكن ذلك. لما كان ذلك، وكان تقدير قيمة الاعتراف كدليل إثبات في الدعوى من شأن محكمة الموضوع فلا حرج على المحكمة إذا هي آخذت الطاعن باعترافه في التحقيقات على رغم عدوله عنه ما دامت قد اطمأنت إلى صحة صدوره عنه، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى سلامة هذا الاعتراف وصدوره عن إرادة حرة، وهي بعد ليست ملزمة في أخذها باعتراف المتهم أن تلتزم نصه وظاهره - بل أن لها في سبيل تكوين عقيدتها في المواد الجنائية أن تجزئ الاعتراف وتأخذ منه بما تراه مطابقاً للحقيقة وأن تعرض عما تراه مغايراً لها - ولا يقدح في ذلك خطأ الحكم - على فرض حصوله - في سرد بواعث اعتراف الطاعن والظروف التي حملته عليه لأن الخطأ في ذلك لا يؤثر في منطق الحكم والنتيجة التي انتهى إليها وهي سلامة الاعتراف ذاته بصرف النظر عما تقدمه من ظروف وملابسات. لما كان ذلك، وكان الحكم قد حصل أقوال الشهود بما له مأخذه من محاضر جلسات المحاكمة، ومن المقرر أن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن تأخذ من أقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، ولها في سبيل ذلك أن تأخذ بأقوال الشاهد في جلسة المحاكمة ولو خالفت أقواله في مراحل التحقيق الأخرى، وليس في القانون ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت منه حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعوى، وكان الحكم قد استخلص الإدانة من أقوال الشهود استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى - إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي - فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده منها الحكم ومنتجة في اكتمال قناعة المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه،
كما هو واقع الحال في الدعوى، وكان ما يثيره الطاعن فيما يمس مسلك الكونستابل في التحقيق واتصاله بالشهود حينذاك وجدارته للشهادة مردوداً بأنه لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه قد أثار هذه الواقعة التي تتصل بإجراء من الإجراءات السابقة على المحاكمة، فلا يقبل منه طرحه لأول مرة على هذه المحكمة، فضلاً عن أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروك لتقدير محكمة الموضوع، ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ولا يجوز الجدل في ذلك أمام محكمة النقض، ومتى بينت المحكمة واقعة الدعوى وأقامت قضاءها على عناصر سائغة اقتنع بها وجدانها فلا تجوز مصادرتها في اعتقادها ولا المجادلة في تقديرها أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه لا يكون له محل - ولما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر عناصر جريمة إحراز جوهر مخدر في غير الأحوال المصرح بها قانوناً في حق الطاعن وأثبت عليه قصد الاتجار فيه، فإن المحكمة ترى في خصوص الدعوى المطروحة إعمالاً للرخصة المخولة لها بمقتضى المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة الطاعن وتطبق أحكام قانون المخدرات الجديد رقم 182 لسنة 1960 المعمول به اعتباراً من 13 من يوليه سنة 1960 على الواقعة التي صار إثباتها في الحكم وتنزل العقاب به في حدود ما نصت عليه المادة 34 من القانون المذكور.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم نقضاً جزئياً بالنسبة للعقوبة المقيدة للحرية المقضي بها وجعلها الأشغال الشاقة لمدة سبع سنين ورفض الطعن فيما عدا ذلك.


(1) المبدأ ذاته، الطعن 1255/ 30 ق - (جلسة 31/ 10/ 1960).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق