جلسة 5 من يونيه سنة 1976
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ علي محسن مصطفى - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: الدكتور أحمد ثابت عويضة ومحمد صلاح الدين السعيد ومحمود طلعت الغزالي ومحمد نور الدين العقاد - المستشارين.
-----------------
(70)
القضية رقم 341 لسنة 20 القضائية
عاملون بالقطاع العام - تأديب - فصل بغير الطريق التأديبي - إعادة إلى الخدمة.
إذا كان ما نسب إلى العامل من تقاعس في توريد المبالغ المحصلة لحساب الشركة لم يكن القصد منه اختلاسها بل استخلاص حقه في مبلغ العمولة المحكوم له به على الشركة فإن قرار فصله بغير الطريق التأديبي يكون مخالفاً لأحكام القانون رقم 10 لسنة 1972 بشأن الفصل بغير الطريق التأديبي - أساس ذلك أن مسلك هذا العامل وإن كان يستوجب المؤاخذة التأديبية إلا أنه لا ينطوي على جريمة جنائية حسبما ذهبت إليه النيابة العامة كما لا يمثل إضراراً جسيماً بمصلحة الشركة - يترتب على ذلك أحقيته في أن يعود إلى الخدمة طبقاً لأحكام القانون رقم 28 لسنة 1972 بشأن إعادة العاملين المدنيين المفصولين بغير الطريق التأديبي إلى وظائفهم وأن تسوى حالته وفقاً للقواعد الموضوعية التي تضمنها هذا القانون.
--------------------
يبين من مطالعة الأوراق أن المدعي كان يعمل منذ سنة 1955 محصلاً بشركة المشروعات الهندسية لأعمال الصلب (ستيلكو)، وأنه تبين للشركة خلال سنة 1966 أنه قام بتحصيل مبالغ لحسابها من بعض عملائها واحتجزها لنفسه ولم يقم بتوريدها لخزانتها، وكان المدعي قد استصدر حكماً في 15 من يونيه سنة 1966 ضد الشركة من محكمة شئون العمال الجزئية في الدعوى رقم 7806 لسنة 1963 بمبلغ 1316.312 جنيهاً قيمة المستحق له قبلها عن عمولة التحصيل التي تعد جزءاً من أجره وقام بتوقيع حجز ما للمدين لدى الغير على أموال الشركة ببنك الإسكندرية استيفاء للمبلغ المحكوم به، وفي 7 من يوليه 1966 أبرمت الشركة مع المدعي اتفاقاً نص في مقدمته على ما يأتي "حيث إن الطرف الثاني (المدعي) قد استصدر الحكم رقم 7806 لسنة 1963 عمال جزئي القاهرة ضد الطرف الأول (الشركة) يقضي بإلزامها بدفع مبلغ 1316.312 جنيهاً والمصروفات مع النفاذ المعجل بلا كفالة، وحيث إن الشركة كانت قد لاحظت قبل صدور هذا الحكم أن الطرف الثاني لم يورد لخزينتها مبالغ قام بتحصيلها من العملاء أوضح أنها حوالي مائة جنيه، وحيث إن الشركة تقوم الآن بمراجعة هذه المبالغ وأرسلت مصادقات للعملاء للتأكد من قيمة المبالغ التي لم تورد لخزينتها، وحيث إن الطرف الثاني قد اتخذ إجراءات تنفيذ هذا الحكم، ورغبة من الطرفين في إجراء تسوية ودية مؤقتة...." وتضمنت بنود الاتفاق أن يقبل المدعي الحصول على مبلغ 516.312 جنيهاً من جملة المحكوم له به ويتعهد بوقف تنفيذ باقي الحكم (ثمانمائة جنيه) حتى يفصل في الإشكال المرفوع من الشركة وأن يتنازل عن الحجز الموقع تحت يد بنك الإسكندرية، ونص البند الرابع على أنه في حالة ظهور مبالغ محصلة من الطرف الثاني وعدم توريدها لخزينة الشركة فإنها تخصم من مبلغ الثمانمائة جنيه الباقية وأن الشركة تحتفظ بكافة حقوقها بالنسبة للمبالغ التي تم تحصيلها بواسطة المدعي ولم يوردها لخزينتها. وفي 2 من نوفمبر سنة 1966 حرر المدعي طلباً موقعاً منه إلى المدير المالي للشركة أقر فيه بأنه بمراجعته حساب المبالغ التي حصلها لحساب الشركة تبين له أن ذمته مشغولة بمبلغ 734.239 جنيهاً، وأورد بياناً مفصلاً بعناصر هذا المبلغ وأسماء العملاء الذين حصله منهم وطلب خصمه من رصيده الدائن لدى الشركة أي من باقي المبلغ المحكوم له به. وقد أبلغت الشركة النيابة العامة ضد المدعي بأنه حصل مبالغ لحسابها ولم يقم بتوريدها، وقيدت الواقعة برقم 45 لسنة 1967 حصر تحقيق عابدين، وقد انتهت النيابة إلى حفظ الشكوى إدارياً لسنة 13 من يونيه سنة 1967 لعدم وجود جريمة، وبنت قرار الحفظ على أن المدعي دفع تهمة الاختلاس بأن المبلغ المستحق عليه قد أدخل في حسابات أعمال أخرى كلفته بها الشركة وبأنه حرر على نفسه إقراراً بالمبلغ المذكور، وعلى أن الشركة لم يكن لديها نظام خاص يحدد كيفية توريد المبالغ المحصلة وتاريخ التوريد والمدة الواجب المحاسبة عنها، بالإضافة إلى الاعتبار القائم بالنسبة للمدعي كدائن للشركة بمبلغ 1316 جنيهاً. وهو يزيد على المبلغ الذي أقر بعدم توريده.
ومن حيث إن القانون رقم 28 لسنة 1974 سالف الذكر يقضي في المادة الثانية منه بأنه يشترط لإعادة العامل المفصول إلى الخدمة ألا يكون قد بلغ سن التقاعد وقت إعادته، وأن يثبت قيام إنهاء الخدمة بغير الطريق التأديبي على غير سبب صحيح، وتعتبر الأسباب غير صحيحة إذا ثبت أنه لم يكن قد قام بالعامل عند إنهاء خدمته سبب يجعله في حالة من الحالات المنصوص عليها في المادة الأولى من القانون رقم 10 لسنة 1972 بشأن الفصل بغير الطريق التأديبي - وقد نصت هذه المادة على أنه "مع عدم الإخلال بالسلطات التي يقررها القانون في حالة إعلان الطوارئ، لا يجوز فصل العامل في إحدى وظائف الجهاز الإداري للدولة أو الهيئات والمؤسسات العامة ووحداتها الاقتصادية بغير الطريق التأديبي إلا في الأحوال الآتية:
( أ ) إذا أخل بواجبات الوظيفة بما من شأنه الإضرار الجسيم بالإنتاج أو بمصلحة اقتصادية للدولة أو أحد الأشخاص الاعتبارية.
(ب) إذا قامت بشأنه دلائل جدية على ما يمس أمن الدولة وسلامتها.
(جـ) إذا فقد أسباب الصلاحية للوظيفة التي يشغلها لغير الأسباب الصحية، وكان من شاغلي وظائف الإدارة العليا.
(د) إذا فقد الثقة والاعتبار وكان من شاغلي وظائف الإدارة العليا.
كما تقضي المادة 13 من القانون رقم 28 لسنة 1974 المشار إليه بأن تطبق أحكام القواعد الموضوعية التي تضمنها - والخاصة بتسوية حالة من يعادون إلى الخدمة طبقاً له - على من رفعوا دعاوى من الخاضعين لأحكامه ولم تصدر فيها أحكام نهائية قبل نفاذه.
ومن حيث إن المخالفة التي أسندت إلى المدعي لا تندرج في حالة من الحالات التي تبرر الفصل بغير الطريق التأديبي في حكم القانون رقم 10 لسنة 1972 سالف الذكر، وذلك أن ما نسب إليه من تقاعس توريد المبالغ المحصلة لحساب الشركة لم يكن القصد منه اختلاسها بل استخلاص حقه في مبلغ العمولة المحكوم له به على الشركة، وهذا المسلك وإن كان يستوجب المؤاخذة التأديبية إلا أنه لا ينطوي على جريمة جنائية حسبما ذهبت إليه النيابة العامة في قرار الحفظ سالف الذكر، كما لا يمثل إضراراً جسيماً بمصلحة الشركة التي يعمل بها، وعلى ذلك يكون قرار فصله بغير الطريق التأديبي متعين الإلغاء لمخالفته القانون رقم 10 لسنة 1972، ولما كان ذلك وكان المدعي لم يبلغ السن المقررة للتقاعد - إذ أنه مولود في 10 من يناير سنة 1927 حسبما هو ثابت بملف خدمته - فإنه والحالة هذه يتعين إلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بأحقية المدعي في أن يعود إلى الخدمة طبقاً لأحكام القانون رقم 28 لسنة 1974 المشار إليه وبأن تسوى حالته وفقاً للقواعد الموضوعية التي تضمنها هذا القانون مع إلزام الشركة المدعى عليها المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق