جلسة 19 من ديسمبر سنة 1960
برياسة السيد مصطفى كامل المستشار، وبحضور السادة: السيد أحمد عفيفي، وتوفيق أحمد الخشن، وعبد الحليم البيطاش، ومحمود إسماعيل المستشارين.
----------------
(177)
الطعن رقم 1433/ 30 القضائية
شيك. سحب مقابل الوفاء:
عدم جوازه. قيمة الشيك من حق المسحوب له. أثر ذلك: عدم جدوى التحدي بالظروف التي أحاطت بالساحب وأدت إلى سحب الرصيد. كذلك صدور قرار بتأجيل الديون.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أعطى آخر بسوء نية شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب. وطلبت عقابه بالمادتين 336/ 1 و337 من قانون العقوبات والمحكمة الجزئية قضت غيابياً - عملاً بمادتي الاتهام - بحبس المتهم شهرين مع الشغل وكفالة خمسمائة قرش لوقف التنفيذ بلا مصاريف. فعارض المحكوم عليه في هذا الحكم وقضي في معارضته بتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه بلا مصاريف جنائية. استأنف المتهم الحكم الأخير. والمحكمة الاستئنافية قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام والمادتين 55، 56 من قانون العقوبات بتأييد الحكم المستأنف مع وقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو الإخلال بحق الدفاع، ذلك أن الطاعن دفع بأن الشيك موضوع الدعوى حرر كأداة ائتمان بقيمة بضاعة سلمها المجني عليه لشركة النهر للهندسة والمقاولات وعهد إلى الطاعن بتحصيل قيمتها وأدائها إليه بينما سلم الطاعن الشيك للمجني عليه ضماناً لتحصيل قيمة هذه البضاعة على أن يسترده منه بعد الوفاء بثمنها، وأضاف بأن المجني عليه قد استوفى حقوقه من الشركة مما كان يقتضيه أن يرد الشيك إلى الطاعن، وطلب سماع أقوال المجني عليه أو وكيله ومناقشته في هذا الخصوص مع التصريح له بإعلان مدير شركة النهر شاهد نفي في الدعوى غير أن المحكمة لم تجبه إلى طلبه والتفتت عن دفاعه دون أن ترد عليه في أسباب حكمها.
وحيث إنه يبين من محضر الجلسة الاستئنافية أن الدفاع عن الطاعن قرر أن الشيك صدر من الطاعن كأداة ائتمان، وأن الشركة لم تدع مدنياً قبله لأنها استوفت جميع حقوقها من شركة النهر وهي المدينة الأصلية، وطلب التأجيل لاستدعاء المجني عليه لمناقشته أو ممثل شركة النهر فلم تجبه المحكمة إلى طلبه - وثبت من محضر جلسة المعارضة أمام محكمة أول درجة أن الحاضر مع المتهم طلب سماع أقوال المجني عليه ومناقشته فأجابته المحكمة إلى ذلك، وسمعت شهادة المجني عليه في جلسة تالية فقرر أنه كان على المتهم 270 جنيهاً ثمن بضاعة وأنه أعطاه الشيك الذي رفض البنك صرف قيمته لعدم وجود رصيد مقابل له. ولما كان مقرراً أن الأصل أن المحكمة الاستئنافية إنما تفصل في الدعوى على مقتضى الأوراق ما لم تر هي لزوماً لإجراء تحقيق معين أو سماع شهادة شهود، فإن المحكمة إذ لم تجب الطاعن إلى تأجيل الدعوى لسماع الشاهدين اللذين طلب الدفاع سماعهما، وأحدهما سمعته محكمة أول درجة، والآخر لم يصر على سماعه أمامها مما يفيد تنازله عن سماعه - لا تكون قد خالفت القانون أو أخلت بحق المتهم في الدفاع - لما كان ذلك، فإن هذا الوجه من النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن محصل الوجه الثاني هو القصور في التسبيب، ذلك أن الطاعن دفع بأنه عندما أصدر الشيك كان له رصيد قائم بالبنك وأنه اضطر (في 2 من نوفمبر سنة 1956) وقبل تاريخ حلول الوفاء (في 5 من نوفمبر سنة 1956) إلى الهجرة من الإسكندرية بسبب الاعتداء الثلاثي وسحب أمواله من البنك مما جعل عدم وجود مقابل الوفاء في تاريخ الاستحقاق راجعاً إلى الضرورة التي ألجأته إليها ظروف هذا العدوان بقصد وقاية نفسه من خطر جسيم عليها على وشك الوقوع لم يكن لإرادته دخل فيه - كما دفع بأن ظروف إصدار الشيك تجعل منه أداة ائتمان لا أداة وفاء، وأنه صدر في تاريخ سابق على التاريخ الذي يحمله بدليل كعوب الشيكات السابقة واللاحقة له، ودفع أخيراً بأن الحكومة قد أصدرت مورتوريوم بتأجيل كافة الديون التي استحقت في فترة العدوان الثلاثي - وقد دانه الحكم المطعون فيه دون أن يناقش هذه الأوجه من الدفاع أو يرد عليها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد أورد في أسبابه قوله "إن قضاء النقض قد استقر على أن سوء النية يتحقق في جريمة إصدار الشيك بدون رصيد بمجرد علم الساحب بأنه وقت إصداره لم يكن له مقابل وفاء للسحب - وقد قضى بأن مراد الشارع من العقاب على إعطاء شيك بسوء نية لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب هو حماية هذه الورقة من التداول بين الجمهور وحماية قبولها في المعاملات على أساس أنها تجري مجرى النقود، وإذن فلا عبرة بما يقوله المتهم من أنه أراد من تحرير الشيك أن يكون تأميناً لدائنه ما دامت هذه الورقة قد استوفت المقومات التي تجعل منها أداة وفاء في نظر القانون، ومن ثم فلا عبرة بما ساقه الدفاع عن المتهم عن الباعث له على إصدار الشيك".
وحيث إنه لما كان ما تقدم ، وكان الشارع قد وفر الحماية للشيك باعتباره أداة وفاء تجري مجرى النقود في المعاملات وتستحق الأداء لدى الاطلاع دائماً، ومتى كان الشيك يحمل تاريخاً واحداً، فإن مفاد ذلك أنه صدر في هذا التاريخ ولا يقبل من الطاعن الادعاء بأنه حرر في تاريخ سابق على التاريخ الذي يحمله، لما كان ما تقدم، وكان الحكم قد أثبت أن الشيك قد استوفى شرائطه القانونية، فإن ما يثيره الطاعن من أنه صدر كأداة ائتمان يكون عديم الجدوى، كما لا يجديه ما يثيره من الجدل عن الظروف التي أحاطت به وأدت إلى سحب الرصيد أو صدور قرار بتأجيل الديون، ذلك لأن سحب الشيك وتسليمه للمسحوب له يعتبر وفاء كالوفاء بالنقود سواء بسواء وتكون قيمة الشيك من حق المسحوب له، لا يجوز للساحب أن يستردها من البنك أو يعمل على تأخير الوفاء بها ولصاحبها.
وحيث إنه لما تقدم، يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق