الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 18 ديسمبر 2024

الطعن 1379 لسنة 30 ق جلسة 28 / 11/ 1960 مكتب فني 11 ج 3 ق 164 ص 848

جلسة 28 من نوفمبر سنة 1960

برياسة السيد مصطفى كامل المستشار، وبحضور السادة: محمد عطية إسماعيل، وعادل يونس، وعبد الحسيب عدي، وحسن خالد المستشارين.

------------------

(164)
الطعن رقم 1379 لسنة 30 القضائية

(أ) إجراءات المحاكمة. إثبات. إدراك معاني إشارات الأصم الأبكم:
هذا الإدراك أمر موضوعي. عدم التزام المحكمة بالاستجابة إلى طلب تعيين وسيط ما دام المتهم لم يدع أن ما فهمته المحكمة يخالف ما أراده. حضور المحامي يحقق تتبع إجراءات المحاكمة وتقديم ما يشاء من أوجه دفاع.
(ب) دفاع. طلب ندب وسيط بين المتهم الأصم الأبكم وبين المحكمة:
متى لا يكون من الطلبات الهامة؟ إذا كان المقصود به مجرد التفاهم دون أن يتعلق بتحقيق دفاع هام من شأنه التأثير في نتيجة الفصل في الدعوى.
(ج) حكم. عيوب التدليل:
الخطأ في الإسناد إلى الشهود: متى يعيب الحكم؟ عند تناوله أدلة تؤثر في عقيدة المحكمة. ومتى لا يعيبه؟ عند تعلقه بأقوال شهود النفي التي لم تعول المحكمة عليها.
(د) تحقيق الدفع ببطلان إجراءات التفتيش: نقض. أسباب جديدة:
فرق بين الدفع ببطلان إذن التفتيش وبين الدفع ببطلان إجراءاته. الدفع ببطلان إجراءات التفتيش أمر لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.

--------------------
1 - (1) إدراك المحكمة لمعاني إشارات الأصم الأبكم أمر موضوعي يرجع إليها وحدها - فلا تعقيب عليها في ذلك، ولا تثريب إن هي رفضت تعيين خبير ينقل إليها معاني الإشارات التي وجهها المتهم إليها رداً على سؤاله عن الجريمة التي يحاكم من أجلها طالما كان باستطاعة المحكمة أن تتبين بنفسها معنى هذه الإشارات، ولم يدع المتهم في طعنه أن ما فهمته المحكمة مخالف لما أراده من إنكار التهمة المسندة إليه، وفضلاً عن ذلك فإن حضور محام يتولى الدفاع عن المتهم يكفي في ذاته لانتظام أمور الدفاع عنه وكفالتها - فهو الذي يتتبع إجراءات المحاكمة ويقدم ما يشاء من أوجه الدفاع التي لم تمنعه المحكمة من إبدائها، ومن ثم لا تلتزم المحكمة بالاستجابة إلى طلب تعيين وسيط.
2 - إذا كان طلب تعيين وسيط بين المتهم الأصم الأبكم وبين المحكمة قد قصد به مجرد التفاهم بين المحكمة والمتهم دون أن يمتد إلى تحقيق دفاع معين يتصل بموضوع الدعوى، ومن شأنه التأثير في نتيجة الفصل فيها، فإنه لا يعد من الطلبات الجوهرية التي تلتزم المحكمة بالرد عليها في حالة رفضها.
3 - [(2)] الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة - فإذا كانت المحكمة لم تعول على أقوال شهود النفي - بل أخذت بأدلة الثبوت التي اطمأنت إليها وكونت عقيدتها منها، فإن خطأ الحكم بنسبته إلى شهود النفي وقائع لا سند لها من الأوراق لم يكن له تأثير في سلامة الحكم، ولا في النتيجة التي انتهت إليها المحكمة، فلا يضير الحكم خطأه في هذا الخصوص.
4 - فرق بين الدفع ببطلان إذن التفتيش وبين الدفع ببطلان إجراءاته، وإذ كان المتهم لم يدفع ببطلان إجراءات التفتيش أثناء المحاكمة، فإنه لا يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه في حقيقته دفع موضوعي أساسه المنازعة في سلامة الأدلة التي كونت منها محكمة الموضوع عقيدتها، وما دامت قد اطمأنت إلى أن التفتيش قد أسفر عن العثور عن المخدر المملوك للمتهم، فإن النعي على هذا الإجراء باحتمال دس المخدر في جيبه لا يقبل أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز حشيشاً وأفيوناً في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 1 و2 و7 و33/ 1 - 2 و35 و37 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والبندين 11 و12 من الجدول رقم 1 الملحق فقررت بذلك. وأمام محكمة الجنايات دفع الحاضر مع المتهم ببطلان إذن التفتيش لصدوره من وكيل نيابة غير مختص. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام عدا المادة 33/ 1 و2 فبدلاً منها المادة 34 وذلك على اعتبار أن الإحراز كان بقصد التعاطي بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه ألف جنيه وأمرت بمصادرة المواد المخدرة المضبوطة. وقد ردت المحكمة في أسباب حكمها على الدفع قائلة بأنه غير سليم ويتعين رفضه. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو الإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد، ذلك أن الدفاع عن الطاعن طلب من المحكمة قبل اتخاذ أي إجراء في الدعوى أن تستعين بخبير من أساتذة معهد الصم والبكم ليكون وسيطاً بين الطاعن والمحكمة، ولم تستجب المحكمة إلى هذا الطلب على رغم أهميته لثبوت حالة الطاعن وتقدر إحاطته بما يجري في محاكمته ولم ترد عليه المحكمة مكتفية برفضه، في حين أن المادة 117 من القانون المدني قد أجازت للمحكمة أن تعين لمن كان في مثل حالة الطاعن مساعداً قضائياً يعاونه في التصرفات التي تقضي مصلحته فيها ذلك، وكفالة الحماية في التصرفات المدنية مدعاة لتقرير حمايته في الدفاع عن نفسه في تهمة يترتب عليها عقوبة جنائية، ولا يكفي في هذا الخصوص مجرد سؤال الطاعن عن التهمة المسندة إليه ونفيه إياها بالإشارة، كما أن الدفاع عن الطاعن دفع ببطلان التفتيش استناداً إلى حدوث تماسك بين المخبر أحمد إبراهيم حسن والطاعن، أدى إلى وقوعهما على الأرض قبل دخول الضابط إلى المقهى وقيامه بالتفتيش، وإن جاز لرجل الضبط القضائي أن يستعين برجاله إلا أنه يتعين أن يكون قيامهم بالتفتيش أو اتصالهم بالشخص المأذون بتفتيشه تحت بصره وإلا بطل التفتيش، وبطل تبعاً لذلك الدليل المستمد منه - غير أن المحكمة لم تلتفت إلى أقوال الشهود في هذا الخصوص واستند الحكم في إطراح شهادة أحدهم وهو أحمد عبد الحميد وجمعه إلى أنه وكيل محام وأنه اجترأ على الحقيقة حين ادعى أنه رأى المخبر يدس شيئاً في جيب الطاعن، وهو ما لم يشهد به المخبر شاهد النفي الأول - وما أورده الحكم من ذلك غير سائغ لأنه لا دخل لعمل الشاهد المذكور في ذكر أقواله فضلاً عن أن ما أسنده الحكم إليه من رؤيته المخبر يدس شيئاً في جيب الطاعن لا مأخذ له من الأوراق، كما أسند الحكم إلى الشاهدين أحمد عبد الحميد ومحمود القليني نفي واقعة دخول المخبر المقهى قبل حضور الضابط والشرطي - في حين أن الثابت في تحقيق النيابة أنهما شهدا صراحة بدخول المخبر قبلهما بنحو ثلاث أو أربع دقائق، ولو كانت المحكمة قد فطنت إلى حقيقة الواقعة كما ثبتت بالأوراق لتغير وجه الرأي في الدعوى مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن محصل واقعة الدعوى كما جاء بالحكم المطعون فيه هو أن رئيس فرع المخدرات بالمنصورة بالنيابة انتقل مع قوة من رجال المكتب لتفتيش الطاعن تنفيذاً للإذن الصادر إليه من النيابة، فوجده جالساً في المقهى مولياً ظهره للباب فدخل الضابط والكونستابل وبقيت أفراد القوة خارج المقهى للمحافظة على الأمن ثم قام الضابط بتفتيش الطاعن فوجد بجيب الصديري الأيسر كيساً يحوي أربعين لفافة بها أفيون وخمسة وثلاثين لفافة بها حشيش وبعض الفتات، كما عثر بجيب سرواله على لفافة بداخلها قطعة كبيرة من الأفيون، وأورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة في حق الطاعن أدلة مستمدة من أقوال الضابط والكونستابل ومن التقرير الطبي الشرعي، وهي أدلة سائغة مؤدية للنتيجة التي انتهى إليها الحكم، ويبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن طلب الاستعانة بأحد الخبراء من أساتذة الصم والبكم ليكون وسيطاً بينه وبين المحكمة ولم يدع أنه طلب تعيين هذا الخبير لينقل إلى المحكمة أقوالاً معينة يريد الطاعن إبداءها - كما أنه لم يذكر في طعنه أن رفض المحكمة طلبه قد فوت عليه دفاعاً معيناً أراد إبداءه أمامها. لما كان ذلك، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن "سئل عما هو مسند إليه بالإشارة وأشار بما يفيد الإنكار" وكان إدراك المحكمة لمعاني الإشارات أمراً موضوعياً يرجع إليها وحدها، فلا تعقيب عليها في ذلك ولا تثريب إن هي رفضت تعيين خبير ينقل إليها معاني الإشارات التي وجهها الطاعن إليها رداً على سؤاله عن الجريمة التي يحاكم من أجلها طالما كان باستطاعة المحكمة أن تتبين بنفسها معنى هذه الإشارات، ولم يدع الطاعن في طعنه أن ما فهمته المحكمة مخالف لما أراده من إنكار التهمة المسندة إليه، وفضلاً عن ذلك، فإن حضور محام يتولى الدفاع عن الطاعن يكفي في ذاته لانتظام أمور الدفاع عنه وكفالتها فهو الذي يتتبع إجراءات المحاكمة ويقدم ما يشاء من أوجه الدفاع التي لم تمنعه المحكمة من إبدائها، ومن ثم لا تلتزم في مثل هذه الدعوى بالاستجابة إلى طلب تعيين هذا الوسيط وما دام هذا الطلب قد قصد به مجرد التفاهم بين المحكمة والطاعن دون أن يمتد إلى تحقيق دفاع معين يتصل بموضوع الدعوى ومن شأنه التأثير في نتيجة الفصل فيها فلا يعد من الطلبات الجوهرية التي تلتزم المحكمة بالرد عليها في حالة رفضها. لما كان ذلك، وكان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن اقتصر على الدفع ببطلان التفتيش لصدوره من وكيل النيابة الكلية ولم يتعرض لإجراءات التفتيش ذاتها التي أثارها في وجه طعنه، وفرق بين الدفع ببطلان إذن التفتيش وبين الدفع ببطلان إجراءاته، وإذ كان الطاعن لم يثر الدفع ببطلان إجراءات التفتيش أثناء المحاكمة فلا يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه في حقيقته دفع موضوعي أساسه المنازعة في سلامة الأدلة التي كونت منها محكمة الموضوع عقيدتها، وما دامت قد اطمأنت إلى أن التفتيش قد أسفر عن العثور على المخدر المملوك للطاعن، فإن النعي على هذا الإجراء باحتمال دس المخدر في جيبه لا يقبل أمام هذه المحكمة، وكان ما يثيره الطاعن من التفات المحكمة عن أقوال شهود النفي مردوداً بأنه من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من عناصر الدعوى المطروحة أمامها فتأخذ منها بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه بغير أن تكون مطالبة ببيان علة ذلك، فلا معقب عليها إن هي أطرحت شهادة شهود النفي، لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن على الحكم من قاله الخطأ في الإسناد مردوداً بأنه وإن كان الحكم المطعون فيه قد ذكر أن شاهد النفي أحمد عبد الحميد جمعه رأى المخبر يدس شيئاً في جيب الطاعن ولا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الشاهد المذكور قد ذكر هذه الواقعة إلا أنه بفرض أن هذه التحقيقات لم تتضمن هذه الرواية، فإن إسنادها إلى الشاهد لم يكن له تأثير في سلامة الحكم ولا في النتيجة التي انتهت إليها المحكمة ذلك أنها لم تعول على أقوال شهود النفي بل أخذت بأدلة الثبوت التي أطمأنت إليها وكونت عقيدتها منها، وكان الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة فلا يضير الحكم خطأه في هذا الخصوص أو نسبته إلى باقي شهود النفي وقائع أخرى لا سند لها من الأوراق. لما كان ما تقدم فإن ما يثيره الطاعن لا يكون له محل.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.


(1) راجع في سلطة المحكمة في إدراك معاني الأبكم: الطعن 8/ 3 ق - (جلسة 14/ 11/ 1932) - البند 334، 335 - الفهرس الخمس والعشرين جـ 1 ص 62.
(2) مبدأ مستقر: راجع الطعن 1250/ 27 ق - (جلسة 10/ 12/ 1957) - القاعدة 267 - مج الأحكام - السنة الثامنة - صفحة 975، الطعن 1979/ 28 ق - (جلسة 16/ 2/ 1959) - القاعدة 43 - مج الأحكام - السنة العاشرة - صفحة 193.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق