جلسة 19 من يناير سنة 1960
برياسة السيد محمود إبراهيم إسماعيل المستشار: وبحضور السادة فهيم يسى جندي، والسيد أحمد عفيفي، وعباس حلمي سلطان، ورشاد القدسي المستشارين.
-----------------
(16)
الطعن رقم 1374 لسنة 29 القضائية
(أ، ب) مواد مخدرة. جريمة تسهيل تعاطي المخدر.
الفعل المادي. ماهيته.
نشاط من المتهم يجد فيه غيره ما يحقق رغبته في تعاطي المادة المخدرة.
ما لا يوفره.
تناوب المتهمين شرب الحشيش. ذلك يوفر جريمة إحرازهما المخدر بقصد التعاطي. تمام الفعل في منزل أحدهما لا يوفر جريمة تسهيل تعاطي المادة المخدرة التي كانت مع الآخر قبل دخوله المنزل.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المتهم وآخر هو الطاعن بأنهما حازا وأحرزا حشيشاً في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، كما سهل الطاعن للمتهم تعاطي الحشيش بأن سمح بتدخينه في مسكنه وأعد له المعدات اللازمة لذلك. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهما على محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالمواد 1 و2 و33/ جـ وأخيرة و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والفقرة 12 من الجدول رقم 1 الملحق به فصدر قرارها بذلك. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بمعاقبة المتهم بالسجن ثلاث سنين وبغرامة خمسمائة جنيه وذلك على اعتبار أن التهمة الموجهة إليه هي إحرازه حشيشاً بقصد الاستعمال الشخصي - وبمعاقبة الطاعن بالأشغال الشاقة المؤبدة وبغرامة ثلاثة آلاف جنيه - وبمصادرة المواد المخدرة والأشياء المضبوطة. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بالعقوبة المغلظة لجناية إحراز المخدر بقصد التسهيل للتعاطي قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب - ذلك أن التسهيل المقصود في المادة 33 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 يجب أن ينصب على ذات المخدر وأن يكون عمل التسهيل حاسماً في وصول المخدر إلى المتعاطي من جانب من نسب إليه عمل التسهيل وأن يكون فوق ذلك كله متسماً بسمة الاتجار، وهذا كله غير متوافر في حق الطاعن فلا يصح أن يعاقب الطاعن بالعقوبة المغلظة لمجرد ضبط الجوزة في منزله معدة لشرب الحشيش في الوقت الذي أثبت فيه الحكم أن المادة المخدرة كانت في جيب فرج عبد الرسول ولم يضبط مع الطاعن شيء منها، هذا وقد أخذ الحكم الطاعن بأنه محرز للمخدر تأسيساً على وجود أثر الحشيش في الجوزة المملوكة للطاعن في حين أن الحكم أثبت أن الجوزة كانت في يد فرج عبد الرسول المذكور - فهي لا تُنسب إلا إليه ما دام أنه هو الذي كان يستعملها - ولم يقم من الأوراق أي دليل على أن الآثار التي وجدت بالجوزة كانت سابقة على استعمال فرج عبد الرسول لها فلا يمكن مساءلة الطاعن عنها - أما الآثار التي وجدت عالقة بالورقة التي عثر عليها في الأرض فلم يثبت أنها كانت مع الطاعن - وواقع الحال يدل على أنها كانت مع فرج عبد الرسول إذ وجد في جيبه أوراق مماثلة لها فلابد أنه ألقاها على الأرض بعد أخذ محتوياتها ووضعها في الجوزة التي كانت معه، يضاف إلى ذلك أن الطاعن لم ير هذه الورقة وهي ملقاة على الأرض بداخل المنزل ولم يكن يعلم بأنها ملوثة بالمخدر.
وحيث إن الدعوى العمومية رفعت على فرج عبد الرسول شعبان والصياد عبد الونيس مسعود (الطاعن) بأنهما في ليلة 14 من فبراير سنة 1957 بناحية مركز الدلنجات مديرية البحيرة المتهم الأول - حاز وأحرز جواهر مخدرة (حشيشاً) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً - والمتهم الثاني حاز جواهر مخدرة (حشيشاً) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً - كما سهل تعاطيها بأن سمح للمتهم الأول بتدخين الحشيش في مسكنه وأعد له المعدات اللازمة لذلك - وطلبت عقابهما بالمواد 1 و2 و33/ أ - جـ و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والبند رقم 12 من الجدول رقم 1 الملحق به. فقضت محكمة جنايات دمنهور بمعاقبة المتهم الأول فرج عبد الرسول شعبان" بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبغرامة 500 جنيه وبمعاقبة الصياد عبد الونيس مسعود (الطاعن) بالأشغال الشاقة المؤبدة وبغرامة 3000 جنيه وبمصادرة المواد المخدرة والأشياء المضبوطة وقد بين الحكم المطعون فيه واقعة الدعوى بما قاله: "إن الملازم أول مصطفى كمال الدخاخني ضابط مباحث مركز الدلنجات علم من تحرياته السرية أن المتهم الثاني الصياد عبد الونيس مسعود وآخرين يحرزون أسلحة نارية وذخائر غير مرخص بها - فاستصدر إذناً من النيابة العامة في تحقيق مفتوح بتفتيشهم ومساكنهم لضبط ما يوجد لديهم من تلك الأسلحة أو أية ممنوعات أخرى ثم أنتقل في نحو الساعة الثامنة والنصف من مساء يوم 13 من فبراير سنة 1957 مع قوة من رجال البوليس إلى مسكن المتهم الثاني ولاحظ عند وصوله إلى هذا المنزل أن بابه الخارجي كان مفتوحاً وعندما دلف إلى داخل المنزل اشتم رائحة الحشيش تنبعث من حجرة تقع على يسار الداخل ورأى بتلك الحجرة ثلاثة أشخاص يحيطون بطبلية من الخشب عليها معدات التدخين يمسك أحدهم وهو المتهم الأول فرج عبد الرسول شعبان بالجوزة المضبوطة ويدخن منها ولما اقتحم تلك الحجرة ألقى المتهم الأول بالجوزة المضبوطة على الأرض فانسكب ماؤها كما سقط الحجر على الأرض فأسرع الضابط إليه وأمسك به وعندئذ حاول ذلك المتهم أن يخرج شيئاً من الجيب الأيسر للصديري الذي كان يرتديه فلم يمكنه الضابط - ولما فتش هذا الجيب عثر على لفافة من الورق الشفاف وجد بداخلها قطعة من مادة الحشيش ولما فتش المتهم الثاني (الطاعن) لم يعثر معه على شيء كما لم يجد مع الشخص الثالث الذي كان يحمل آلة موسيقية (ربابة) شيئاً أيضاً وعثر بالغرفة على ورقة من الورق الشفاف ملقاة على الأرض - قريباً من باب الغرفة واعترف المتهم الثاني وهو صاحب المنزل أمام وكيل النيابة أثناء سؤاله شفوياً بملكيته للجوزة - وتبين من تقرير قسم المعامل الكيمائية بمصلحة الطب الشرعي أنه عثر بغسالة الجوزة المضبوطة وحجرها وغابتها على آثار مادة الحشيش كما تبين أن المادة التي ضبطت مع المتهم الأول عبارة عن حشيش وأنها تزن صافياً 7.6 جراماً وعثر بالورقة الشفافة التي وجدت قريباً من باب الحجرة على آثار الحشيش" وبعد أن أورد الحكم الأدلة على ثبوت هذه الواقعة قضي بمعاقبة المتهم الأول - بالسجن ثلاث سنوات وبتغريمه 500 جنيه باعتبار أنه أحرز الحشيش بقصد التعاطي والاستعمال الشخصي - وقضي في الوقت نفسه على الطاعن بالعقوبة المغلظة المنصوص عليها في المادة 33 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 باعتبار أنه سهل تعاطي المواد المخدرة "الحشيش" للغير - ولما كان المستفاد من هذا الذي أثبته الحكم المطعون فيه - أن تسهيل تعاطي المخدر للغير غير متوافر في حق الطاعن - ذلك أنه يبين مما أورده الحكم أن المتهم الأول هو الذي ضبط معه المخدر دون الطاعن وهو الذي كان يحمل الجوزة وقت دخول رجال البوليس - مما يستفاد منه أن المخدر كان مع المتهم الأول قبل دخوله منزل الطاعن وليس من دليل على أنه استعان بالطاعن في الإحراز أو التعاطي أو أنه يسر له سبيل الحصول على المخدر بوسيلة تنم عن نشاط من جانبه وجد فيه المتهم الأول مساغاً لتحقيق رغبته في تعاطي المادة المخدرة، وكان ما أورده الحكم من عناصر وأدلة يفيد أنهما كانا يتناوبان تعاطي الحشيش في أثناء وجودهما معاً - فدور كل منهما يماثل دور الآخر من حيث استعمال المادة المخدرة استعمالاً شخصياً، وكون الطاعن هو صاحب المنزل الذي جرت فيه هذه الأعمال ليس من شأنه أن يغير مركزه بما يسمح قانوناً اعتباره مسهلاً لزميله تعاطي المخدر، والحال أنه إنما كان يبادله استعماله فقط. لما كان ذلك فإن القدر الذي يجب محاسبة الطاعن عليه وفقاً للواقعة الثابتة بالحكم هو ارتكابه لجريمة إحراز المخدر بقصد التعاطي، ويكون الحكم المطعون فيه إذ دانه بالعقوبة المغلظة المخصصة لجناية التسهيل للتعاطي قد أخطأ في تطبيق القانون على تلك الواقعة مما يتعين معه نقضه - واعتبار الواقعة بالنسبة للطاعن إحراز مخدر بقصد التعاطي - ومعاقبة الطاعن بالتطبيق لنص المادة 34 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 - لما كان ذلك، وكانت إدانة الطاعن بالنسبة إلى جريمة إحراز المواد المخدرة بقصد التعاطي مبنية على ثبوت تعاطي الطاعن الحشيش مع زميله الآخر عن طريق الجوزة التي ضبطت في المنزل وذلك وفقاً للواقعة المبينة في الحكم والأسباب التي أوردها لثبوتها في حق الطاعن - فلا وجه للخوض فيما أثاره الطاعن في شأن الورقة الفارغة التي وجدت ملقاة على الأرض بداخل المنزل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق