الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 7 ديسمبر 2024

الطعن رقم 141 لسنة 30 ق دستورية عليا "دستورية" جلسة 9 / 11 / 2024

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت التاسع من نوفمبر سنة 2024م، الموافق السابع من جمادى الأولى سنة 1446ه.
برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد وصلاح محمد الرويني نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ عبد الرحمن حمدي محمود أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 141 لسنة 30 قضائية دستورية

المقامة من
منصور عبد المقصود عبد المتعال عد
ضد
1- رئيس مجلس الوزراء
2- وزير المالية
3- رئيس مصلحة الجمارك
4- رئيس مجلس إدارة بنك المصرف المتحد

----------------

" الإجراءات "

بتاريخ السادس من مايو سنة 2008 أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية نص الفقرتين الرابعة والسادسة من المادة (98) من قانون الجمارك الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 66 لسنة 1963.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وصرحت بمذكرات في أسبوعين، وانقضى هذا الأجل دون تقديمها.

----------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن المدعي أقام أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية الدعوى رقم 24493 لسنة 2003 مدني كلي، طلبًا للحكم، أولًا: ببراءة ذمته من دين مصلحة الجمارك محل الحجز الإداري المؤرخ 30/ 9/ 2003، وفاءً لمبلغ مقداره 227034,95 جنيهًا، ثانيًا: بندب خبير حسابي من خبراء وزارة العدل لبيان مدى أحقية مصلحة الجمارك في مطالبته بالمبلغ المشار إليه، وسندها، وما يُستحق له من المبالغ المقدمة كضمان لشهادة الإجراءات الجمركية رقم 29 لسنة 2000 سماح مؤقت، المؤرخة 16/ 10/ 2000، وذلك على سند من القول إن المدعي مالك لشركة تعمل في مجال تصنيع الملابس الجاهزة والمفروشات، وتستورد الشركة الأقمشة والمستلزمات اللازمة للتصنيع من الخارج بنظام السماح المؤقت، وتصنيعها داخل البلاد وإعادة تصديرها للخارج، وقد تم توقيع الحجز الإداري على تلك الشركة بناءً على أمر الحجز الإداري الصادر من مصلحة الجمارك، استئداءً لقيمة الضرائب والرسوم الجمركية المستحقة على شهادة الإجراءات الجمركية المار ذكرها، على الرغم من عدم أحقية مصلحة الجمارك في مطالبته بالمبالغ محل الحجز الإداري الموقع على شركته، فأقام دعواه. ندبت المحكمة خبيرًا أودع تقريرًا خلص فيه إلى أن المدعي لم يقدم مستندات تفيد قيامه بإعادة تصدير المواد المستوردة قبل انقضاء المدة التي استلزمها القانون، وتصرَّف في مشمول الرسالة الجمركية دون الرجوع إلى مصلحة الجمارك، وأن مصلحة الجمارك طالبت المدعي بأداء ضريبة إضافية إعمالًا لنص المادة (98) من قانون الجمارك الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 66 لسنة 1963، والمستبدل بها القانون رقم 157 لسنة 2002، بواقع (4٪) شهريًّا من قيمة الضرائب والرسوم المستحقة عن كل شهر تأخير للتصرف في المواد المستوردة في غير الأغراض التي استوردت من أجلها، ودون الرجوع إلى مصلحة الجمارك. وحال نظر الدعوى دفع المدعي بعدم دستورية نص الفقرتين الرابعة والسادسة من المادة (98) من قانون الجمارك المشار إليه. وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع وصرحت للمدعي بإقامة الدعوى الدستورية، فأقام الدعوى المعروضة.
وحيث إن المادة (98) من قانون الجمارك الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 66 لسنة 1963 - والمستبدل بها المادة الأولى من القانون رقم 157 لسنة 2002 بتعديل بعض أحكام قانون الجمارك المشار إليه، والمعمول به اعتبارًا من 21/ 6/ 2002 - تنص على أن تعفى بصفة مؤقتة من الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم المواد الأولية والسلع الوسيطة المستوردة بقصد تصنيعها وكذا مستلزمات إنتاج السلع المصدرة والأصناف المستوردة لأجل إصلاحها أو تكملة صنعها.
ويصدر قرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على عرض وزير المالية والوزير المختص بالتجارة الخارجية، يبين الحالات والشروط والإجراءات التي يتم فيها الإعفاء المؤقت مقابل إيداع تأمين أو ضمان لقيمة الضرائب والرسوم المستحقة والحالات التي لا يتم فيها إيداع التأمين أو الضمان.
كما تعفى هذه المواد والأصناف من القواعد الاستيرادية المنصوص عليها في القوانين الخاصة بالاستيراد.
ويجوز التصرف في المواد والأصناف المذكورة في غير الأغراض التي استوردت من أجلها بعد استيفاء القواعد الاستيرادية وسداد الضرائب والرسوم المستحقة في تاريخ دخول هذه المواد والأصناف إلى البلاد مضافًا إليها ضريبة إضافية بواقع (2٪) شهريًّا من قيمة الضرائب والرسوم المستحقة عن كل شهر تأخير.
وعلى المستورد بإشراف مصلحة الجمارك تقديم جرد سنوي مستوفٍ إليها تبين فيه المواد التي تم التصرف فيها في غير أغراضها ويتم تسوية المبالغ المستحقة عليها طبقًا لأحكام الفقرة السابقة.
وفي غير الأحوال المنصوص عليها في الفقرات السابقة من هذه المادة يستوجب التصرف في تلك المواد والأصناف في غير الأغراض التي استوردت من أجلها دون الرجوع إلى مصلحة الجمارك سداد الضرائب والرسوم المستحقة في تاريخ دخول هذه المواد والأصناف إلى البلاد مضافًا إليها ضعف الضريبة الإضافية المنصوص عليها في هذه المادة.
ويرد التأمين أو الضمان المشار إليه فورًا بنسبة ما تم نقله من المصنوعات والأصناف بمعرفة المستوردين أو عن طريق الغير إلى منطقة حرة أو تصديرها إلى خارج البلاد أو بيعها إلى جهات تتمتع بالإعفاء الكلي من الضرائب والرسوم أو سددت عنها الضرائب والرسوم وفقًا لأحكام هذه المادة وذلك خلال سنتين من تاريخ الإفراج، فإذا انقضت المدة دون إتمام ذلك أصبحت تلك الضرائب والرسوم واجبة الأداء، ويجوز إطالة هذه المدة لمدة أو لمدد أخرى بما لا يجاوز سنتين بقرار من وزير المالية أو من ينيبه........
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن شرط المصلحة الشخصية المباشرة يتغيا أن تفصل المحكمة الدستورية العليا في الخصومة الدستورية من جوانبها العملية وليس من معطياتها النظرية، فلا تفصل في غير المسائل الدستورية التي يؤثر الحكم فيها على النزاع الموضوعي، ويتحدد مفهوم هذا الشرط باجتماع عنصرين، أولهما: أن يقيم المدعي، وفي الحدود التي اختصم فيها النص المطعون فيه، الدليل على أن ضررًا واقعيًّا، اقتصاديًّا أو غيره قد لحق به، وثانيهما: أن يكون الضرر عائدًا إلى النص المطعون فيه وليس ضررًا متوهمًا أو منتحلًا أو مجهلًا، فإذا لم يكن هذا النص قد طبق أصلًا على من ادعى مخالفته للدستور، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه، دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة، ذلك أن إبطال النص التشريعي في هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعي أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية عما كان عليه قبلها.
وحيث كان ما تقدم، وكان المدعي يبتغي من دعواه الموضوعية الحكم ببراءة ذمته من دين مصلحة الجمارك، محل الحجز الإداري على شركته مقابل الضريبة الإضافية المقررة بواقع (4٪) شهريًّا من قيمة الضرائب والرسوم الجمركية المستحقة على شهادة الإجراءات الجمركية رقم 29 لسنة 2000 وذلك عن كل شهر تأخير في السداد، فإن مصلحة المدعي الشخصية والمباشرة تتحقق في الطعن على نص الفقرة السادسة من المادة (98) من قانون الجمارك الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 66 لسنة 1963، والمستبدل بها المادة الأولى من القانون رقم 157 لسنة 2002 بتعديل بعض أحكام هذا القانون، وبهذا النص وحده يتحدد نطاق الدعوى المعروضة دون نص الفقرة الرابعة من المادة ذاتها، الذي لم يطبق في شأن المدعي، ولم يرتب أية آثار قانونية في مواجهته، ولا ينال من ذلك استبدال النص المطعون عليه بالقانون رقم 172 لسنة 2018 بتعديل أحكام قانون الجمارك الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 66 لسنة 1963، ثم إلغاء قانون الجمارك المشار إليه بموجب نص المادة الخامسة من القانون رقم 207 لسنة 2020 بإصدار قانون الجمارك؛ إذ إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن إلغاء المشرع لقاعدة قانونية بذاتها لا يحول دون الطعن عليها من قِبَل من طبقت عليه خلال فترة نفاذها وترتبت بمقتضاها آثار قانونية بالنسبة إليه تتحقق بإبطالها مصلحته الشخصية المباشرة، ذلك أن الأصل في تطبيق القاعدة القانونية هو سريانها على الوقائع التي تتم خلال الفترة من تاريخ العمل بها حتى إلغائها، فإذا استعيض عنها بقاعدة قانونية جديدة سرت القاعدة الجديدة من الوقت المحدد لنفاذها ويقف سريان القاعدة القديمة من تاريخ إلغائها، وبذلك يتحدد النطاق الزمني لسريان كل من القاعدتين، فما نشأ من المراكز القانونية في ظل القاعدة القانونية القديمة وجرت آثارها خلال فترة نفاذها يظل محكومًا بها وحدها.
وحيث إن المدعي ينعى على النص المطعون فيه - محددًا بالنطاق السالف الذكر - إخلاله بالعدالة الاجتماعية التي يهدف إليها النظام الضريبي، وبمبدأ المساواة والحماية المقررة للملكية الخاصة، إذ فرض ضريبة إضافية رغم إجازته التصرف في المواد المستوردة بنظام السماح المؤقت، كما فُرضت هذه الضريبة بمعدلات فائدة مرتفعة بواقع (4٪) شهريًّا، واستتبع ذلك وصولها لنسبة (48٪) سنويًّا من قيمة الضرائب والرسوم الجمركية المستحقة، مما أوجد تمييزًا غير مبرر بين المستورد بنظام السماح المؤقت وبين المستورد العادي الذي تفرض عليه فائدة تأخير بواقع (5٪) سنويًّا عند تأخره في سداد الرسوم الجمركية، رغم كونهما في مركز قانوني واحد، مما يُشكل مصادرة للأموال الخاصة بدون حكم قضائي، وذلك جميعه بالمخالفة للمواد (36 و38 و40) من دستور سنة 1971.
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الرقابة الدستورية على القوانين؛ من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التي تضمنها الدستور، تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره؛ إذ إن هذه الرقابة تستهدف أصلًا صون الدستور القائم وحمايته من الخروج على أحكامه، باعتبار أن نصوص هذا الدستور تمثل القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التي يتعين التزامها ومراعاتها وإهدار ما يخالفها من التشريعات، باعتبارها أسمى القواعد الآمرة. متى كان ما تقدم، وكان النص المطعون فيه قد أدرك الدستور الحالي، إذ استمر العمل بأحكامه إلى أن استبدل به القانون رقم 172 لسنة 2018 بتعديل أحكام قانون الجمارك المشار إليه، وكانت المناعي التي وجهها المدعي إلى النص المطعون فيه تندرج ضمن المطاعن الموضوعية التي تقوم في مبناها على مخالفته لقاعدة في الدستور، من حيث محتواها الموضوعي؛ ومن ثم تباشر هذه المحكمة رقابتها على دستورية النص المطعون فيه، في ضوء أحكام الدستور القائم.
وحيث إن ما ينعاه المدعي من إخلال النص المطعون فيه - محددًا بالنطاق السالف بيانه - بمبدأ العدالة الاجتماعية التي يهدف إليها النظام الضريبي، فإنه مردود بما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أن النص في الفقرة الأولى من المادة (38) من الدستور على أنه يهدف النظام الضريبي وغيره من التكاليف العامة إلى تنمية موارد الدولة وتحقيق العدالة الاجتماعية مؤداه: أن اتخاذ العدالة الاجتماعية مضمونًا وإطارًا للنظام الضريبي في البلاد إنما يقتضي بالضرورة أن يقابل حق الدولة في اقتضاء الضريبة لتنمية مواردها، لمواجهة أعباء الإنفاق العام، ولإجراء ما يتصل بالضريبة من آثار عرضية بحق الملتزمين أصلًا بها والمسئولين عنها، في تحصيلها منهم وفق أسس موضوعية، لا تتبنى تمييزًا غير مسوغ بينهم، يكون إنصافها نائيًا لتحيفها، وحيدتها ضمانًا لاعتدالها، فذلك وحده ضمان خضوعها لشرط الحماية القانونية المتكافئة التي كفلها الدستور للمواطنين جميعًا في شأن الحقوق عينها، فلا تحكمها إلا مقاييس موحدة لا تتفرق بها ضوابطها.
وحيث إن السلطة التشريعية هي التي تقبض بيدها على زمام الضريبة العامة؛ إذ تتولى بنفسها تنظيم أوضاعها بقانون يصدر عنها، متضمنًا تحديد وعائها، وأسس تقديره، وبيان مبلغها والملتزمين بأدائها، وقواعد ربطها، وتحصيلها، وتوريدها، وكيفية أدائها، وضوابط تقادمها، وما يجوز أن يتناولها من الطعون اعتراضًا عليها، ونظم خصم بعض المبالغ أو إضافتها لحسابها، وغير ذلك مما يتصل ببنيان هذه الضريبة، عدا الإعفاء منها؛ إذ يجوز أن يتقرر في الأحوال التي يبينها القانون.
وحيث إن الأصل في سلطة المشرع في مجال تنظيم الحقوق أنها سلطة تقديرية ما لم يقيدها الدستور بضوابط معينة، وكان جوهر السلطة التقديرية يتمثل في المفاضلة التي يجريها المشرع بين البدائل المختلفة لاختيار ما يُقدر أنه أنسبها لمصلحة الجماعة وأكثرها ملاءمة للوفاء بمتطلباتها في خصوص الموضوع الذي يتناوله التنظيم.
وحيث إن البين من الأعمال التحضيرية لمشروع القانون رقم 157 لسنة 2002، المستبدل للمادة (98) من قانون الجمارك، أن نظام السماح المؤقت كأحد الأنظمة الجمركية يقضي بالإفراج الجمركي عن السلع الأولية المستوردة دون سداد الرسوم الجمركية المستحقة عليها مؤقتًا، بقصد تصنيعها وإعادة تصديرها للخارج، تنمية للصادرات، مما زاد معه الاهتمام بهذه النظم الجمركية وبرزت الحاجة إلى المراجعة المستمرة لها حتى تظل دائمًا مواكبة للغرض الذي صيغت من أجله، ويحتل نظام السماح المؤقت مكانًا بارزًا في تلك الأنظمة الجمركية لاعتبارين، أولهما: ما يؤديه للاقتصاد القومي من خدمة ملحوظة، بما يحققه من تأثير في الإنتاج المحلي وفي تنمية الصادرات وإدخال التكنولوجيا المتطورة في أساليب الإنتاج، وثانيهما: ما يتطلبه تطبيق هذه النظم من إجراءات متميزة ومرونة فائقة، تساعد على نجاحها في تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية، وكان نص المادة (98) من قانون الجمارك المشار إليه قبل أن يُستبدل بها القانون رقم 157 لسنة 2002 يعتبر التصرف في السلع الأولية المستوردة تحت هذا النظام الجمركي تهربًا جمركيًّا، رغم أنه مقدم عنها ضمان بالضرائب والرسوم، بما يوقع عديدًا من الوحدات الإنتاجية تحت طائلة أحكام التهرب، في حين أن أغلب السلع المستوردة لا توجد قيود على استيرادها، وقد أباحت قواعد الاستيراد التحول من السماح المؤقت إلى الإفراج النهائي عن السلع المستوردة بعد استيفاء القواعد الاستيرادية، وفي ضوء مقارنة التشريعات في الدول المحيطة، فقد تبين أنه لا يوجد تجريم عند التصرف في السلع المستوردة بنظام السماح المؤقت، حيث تكتفي الدول الأخرى بتحصيل نسبة إضافية من الضرائب والرسوم الجمركية عن الفترة من تاريخ الاستيراد إلى تاريخ التصرف، ولكون التصرف في السلع المستوردة بنظام السماح المؤقت وعدم إعادة تصديرها يُشكل جريمة تهريب جمركي، فأضحى ذلك سيفًا مسلطًا على المصدرين رغم ما يقدمونه من جهود لتشجيع وتنمية الصادرات، وكانت هذه الأنظمة الجمركية، ومنها السماح المؤقت، تخدم أساسًا التصدير، لذا كان من الضروري إلغاء هذا التجريم واستبداله بترتيبات مالية تشجيعًا للمصدرين مع الحصول على بعض الضمانات والتأمينات مقابل الإفراج عن هذه السلع المستوردة بدون سداد الرسوم الجمركية المستحقة، فإذا ما قام المستورد بالتصرف فيها دون إعادة تصديرها، التزم بسداد الرسوم الجمركية المستحقة مع تعويض الخزانة العامة بضريبة إضافية لسداده هذه الرسوم الجمركية بعد فترة زمنية.
وحيث إن المشرع ولئن أجاز التصرف في المواد الأولية والأصناف المستوردة وفقًا لنظام السماح المؤقت في غير الأغراض التي استوردت من أجلها، فقد ضمّن المادة (98) من قانون الجمارك، المستبدل بها المادة الأولى من القانون رقم 157 لسنة 2002، الضوابط الحاكمة لذلك، فألزم المستورد وفقًا لهذا النظام بسداد الضرائب والرسوم الجمركية المستحقة على هذه المواد والأصناف المستوردة مضافًا إليها ضريبة إضافية، وغاير في هذا الشأن بين حالة إخطار مصلحة الجمارك بالمواد الأولية التي تم التصرف فيها في غير أغراضها وحالة التصرف في تلك المواد دون إخطارها، وفرض في الحالة الأولى - فضلًا عن الضرائب والرسوم المستحقة - ضريبة إضافية بواقع (2٪) عن كل شهر تأخير، فيما ضاعف تلك الضريبة في الحالة الثانية، وبذلك جعل المشرع رجوع المستورد إلى مصلحة الجمارك مناطًا حاكمًا في التسوية الضريبية المستحقة، مستهدفًا تحقيق التوازن بين أطراف العلاقة الضريبية، وابتنائها على أسس موضوعية في الممايزة بين نسبة الضريبة الإضافية في الحالتين، بما يكفل لخزانة الدولة الموارد المالية التي تعينها على مواجهة أعبائها ونفقاتها وتكاليفها العامة، كما أن الضريبة الإضافية المقررة بالنص المطعون فيه تتغيا بلوغ أهداف ثلاثة؛ أولها: حمل المخاطبين بنظام السماح المؤقت على الالتزام بالغرض الذي تقرر هذا النظام من أجله، وذلك بإعادة التصدير أو التصرف لإحدى الجهات التي تتمتع بالإعفاء كليًّا أو جزئيًّا. ثانيها: تعويض الخزانة العامة عن التأخير في سداد الضرائب والرسوم الجمركية وقت استحقاقها. ثالثها: ردع المكلفين بسداد هذه الضريبة عن التقاعس في سدادها لمصلحة الجمارك وحثهم على المبادرة إلى إيفائها. وهي أهداف لا يجافي أي منها مبدأ العدالة الاجتماعية، ومن ثم فإن ما قرره المشرع بالنص المطعون فيه يكون قد التزم بالضوابط الدستورية الحاكمة لسلطته التقديرية في مجال فرض الضريبة التي أوردتها المادة (38) من الدستور
- سواء ما يتعلق منها بتنمية موارد الدولة المالية وتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية- متخيرًا من بين البدائل أنسبها وأكفلها لتحقيق الأغراض التي يتوخاها، ليضحى الادعاء بإخلال النص المطعون فيه بمبدأ العدالة الاجتماعية التي يهدف إليها النظام الضريبي في غير محله، حقيقًا بالرفض.
وحيث إن ما ينعاه المدعي من إخلال النص المطعون فيه بمبدأ المساواة، على نحو ما تقدم ذكره، فإنه مردود بما هو مقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا من أن الدستور الحالي قد اعتمد بمقتضى نص المادة (4) منه مبدأ المساواة، باعتباره إلى جانب مبدأي العدل وتكافؤ الفرص أساسًا لبناء المجتمع وصيانة وحدته الوطنية، وتأكيدًا لذلك حرص الدستور في المادة (53) منه على كفالة تحقيق المساواة لجميع المواطنين أمام القانون في الحقوق والحريات والواجبات العامة، دون تمييز بينهم لأي سبب، إلا أن ذلك لا يعني أن تعامل فئاتهم على ما بينها من تفاوت في مراكزها القانونية معاملة قانونية متكافئة، كذلك لا يقوم هذا المبدأ على معارضة صور التمييز جميعها، ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية ولا ينطوي - من ثمَّ - على مخالفة لنص المادتين (4 و53) من الدستور، بما مؤداه أن التمييز المنهي عنه بموجبهما هو ذلك الذي يكون تحكميًّا، وأساس ذلك أن كل تنظيم تشريعي لا يعتبر مقصودًا لذاته، بل لتحقيق أغراض بعينها تعكس مشروعيتها إطارًا للمصلحة العامة التي يسعى المشرع إلى تحقيقها من وراء هذا التنظيم، فإذا كان النص المطعون فيه - بما انطوى عليه من تمييز - مصادمًا لهذه الأغراض بحيث يستحيل منطقيًّا ربطه بها أو اعتباره مدخلًا إليها فإن التمييز يكون تحكميًّا وغير مستند - من ثمَّ - إلى أسس موضوعية، ومن ثم مجافيًا لمبدأ المساواة.
متى كان ما تقدم، وكان الاستيراد بنظام السماح المؤقت يرتب إعفاء المستورد مؤقتًا من سداد الضرائب والرسوم الجمركية المستحقة عن المواد الأولية والأصناف المستوردة مقابل إعادة تصديرها بعد تصنيعها خلال مدة محددة، ولا كذلك الأمر بالنسبة للمستورد العادي الذي يلتزم بسداد الضرائب والرسوم الجمركية المستحقة مجرد الإفراج جمركيًّا عنها؛ ومن ثم فإن التمييز بينهما يستند إلى اختلاف المركز القانوني لكل منهما، فالاستيراد بنظام السماح المؤقت، طبقًا لضوابطه الواردة بالنص المطعون فيه، لا يفرض ضريبة إضافية على المستورد إلا لتحقيق التوازن بين ما قصد المشرع من تشجيع دمج المواد الأولية المستوردة في المنتجات الوطنية وإعادة تصديرها، سواء بحالتها أو بعد تحويلها إلى منتجات نهائية، وبين تعويض الخزانة العامة عن التأخير في تحصيل الضريبة الجمركية لدى دخول هذه السلع إلى البلاد، مما مؤداه حمل المستوردين بنظام السماح المؤقت على الالتزام بضوابط هذا النظام والحكمة من تقريره، والحيلولة دون الخروج عن الغرض المستوردة لأجله هذه السلع، وهو ما يستهدف تنظيم المجتمع الضريبي وانضباطه وإقامة التوازن بين مصالح الأطراف المختلفة، وقد أقر المشرع ذلك كله بقواعد عادلة مجردة في أثرها ومضمونها ولا تقيم في مجال تطبيقها تمييزًا بين المخاطبين بأحكامها، وجاءت الأهداف التي توخاها المشرع من تقرير هذا النص -من تحصيل ضريبة إضافية على السلع المستوردة بنظام السماح المؤقت وفقًا للضوابط الواردة به- متصلة اتصالًا منطقيًّا ووثيقًا بالتنظيم الذي أتى به النص المطعون فيه، بما يكون قد استند إلى أسس موضوعية تبرره ولا يتضمن تمييزًا تحكميًّا بين المخاطبين بأحكامه، وعلى ذلك فإن التمحل بالمساواة بين المستورد بنظام السماح المؤقت والمستورد العادي يكون في غير محله؛ ومن ثم فإن قالة مخالفة النص المطعون فيه لمبدأ المساواة تكون فاقدة لسندها، جديرة بالإعراض عنها.
وحيث إنه عما نعى به المدعي من إخلال النص المطعون فيه بالحماية المقررة للملكية الخاصة فإنه غير سديد؛ ذلك أن الإخلال بهذه الحماية لا يتحقق - في الأعم من الأحوال - إلا من خلال نصوص قانونية تفقد ارتباطها عقلًا بمقوماتها، فلا يكون لها من أساس عادل ولا سند مبرر لتقريرها. متى كان ذلك وكان المشرع قد فرض الضريبة الإضافية بالنص المطعون فيه - طبقًا للنطاق المحدد سلفًا - لتكون بمثابة تعويض عن الأضرار الناشئة عن الخروج على نظام السماح المؤقت، وحثًّا للمستورد على الالتزام بالضوابط التي شُرع من أجلها هذا النظام، جاعلًا أساس تقريرها تصرف المستورد في المواد الأولية المستوردة في غير الأغراض التي استوردت من أجلها، دون الرجوع إلى مصلحة الجمارك، فإن ما جاء به النص المطعون فيه لا يمثل افتئاتًا على الحماية المقررة للملكية الخاصة المصونة بمقتضى نص المادتين (33 و35) من الدستور.
وحيث كان ما تقدم جميعه، وكان النص المطعون فيه - محددًا نطاقًا على النحو السابق بيانه - لا يخالف أي حكم آخر من أحكام الدستور، فمن ثم يتعين القضاء برفض الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.


الخميس، 5 ديسمبر 2024

الطعن 129 لسنة 30 ق جلسة 13/ 6/ 1960 مكتب فني 11 ج 2 ق 107 ص 564

جلسة 13 من يونيو سنة 1960

برياسة السيد محمود محمد مجاهد المستشار، وبحضور السادة: فهيم يسى جندي، ومحمود حلمي خاطر، وعباس حلمي سلطان، ورشاد القدسي المستشارين.

-------------------

(107)
الطعن رقم 129 لسنة 30 القضائية

مجرمون أحداث. أعذار قانونية مخففة. 

عذر صغر السن: متى يجوز للمتهم التمسك بوجوب معاملته بالمادة 72 من قانون العقوبات؟

--------------------
لا يقضي بتخفيف العقوبة - على ما نصت عليه - المادة 72 من قانون العقوبات - إلا إذا كانت العقوبة التي رأت المحكمة توقيعها على المتهم بعد تقدير موجبات الرأفة إن وجدت هي الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: قتل عمداً المجني عليه بأن طعنه بآلة حادة فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات. فقررت بذلك. ومحكمة الجنايات قضت حضورياً عملاً بالمادتين 236/ 1، 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنين باعتبار أن الواقعة ضرباً أفضى إلى موت. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو الخطأ في تطبيق القانون إذ طبقت المحكمة المادة 17 من قانون العقوبات في حق الطاعن ثم قضت عليه بالحبس مع الشغل ثلاث سنوات، مع أنه كان عليها أن تطبق المادة 72 من قانون العقوبات لأن المتهم لم يبلغ السابعة عشرة من عمره ثم تطبق أحكام الفقرة الأخيرة من المادة 17 بإبدال عقوبة السجن بعقوبة الحبس التي لا يجوز أن تنقص عن ثلاثة شهور، والنزول بالعقوبة إلى الحدود المنصوص عنها في المادة 17 معناه النزول إلى الحد الأدنى الذي يجب أن لا ينقص عن ثلاثة شهور. ويظهر أن المحكمة ظنت خطأ أن ليس في مقدورها النزول عن الحد الأدنى للمادة 236 وهو ثلاث سنين الأمر الذي يتعارض ونص المادة 17 من قانون العقوبات.
وحيث إن الدعوى الجنائية أقيمت على الطاعن بوصف أنه قتل عمداً محمود حمدي سالم بأن طعنه بآله حادة فأحدث به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. ومحكمة جنايات المنيا قضت بعد نظرها باعتبار الواقعة جناية ضرب أفضى إلى موت منطبقة على المادة 236/ 1 من قانون العقوبات ومعاقبة الطاعن بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنين طبقاً للمادة السابقة والمادة 17 من قانون العقوبات مراعية في ذلك ظروف الواقعة وصغر سن المتهم إذ قدرت سنه وقت ارتكاب الحادث بخمس عشرة سنة وبضع شهور - لما كان ذلك، وكانت المادة 72 من قانون العقوبات تنص على أنه "لا يحكم بالإعدام ولا بالإشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة على المتهم الذي زاد عمره على خمس عشرة سنة ولم يبلغ سبع عشرة سنة كاملة. وفي هذه الحالة يجب على القاضي أن يبين أولاً العقوبة الواجب تطبيقها بقطع النظر عن هذا النص مع ملاحظة موجبات الرأفة إن وجدت، فإن كانت تلك العقوبة هي الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة يحكم بالسجن مدة لا تنقص عن عشر سنين، وإن كانت الأشغال الشاقة المؤقتة يحكم بالسجن". وكانت العقوبة المقررة بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات التي طبقتها المحكمة هي الأشغال الشاقة أو السجن من ثلاث سنوات إلى سبع، وكانت المحكمة قد نزلت بالعقوبة عن هذا الحد إلى عقوبة الحبس بسبب ظروف الرأفة طبقاً للمادة 17 من قانون العقوبات، وكان قانون العقوبات في المادة 72 منه لا يقضي بتخفيف العقوبة إلا إذا كانت العقوبة التي رأت المحكمة توقيعها على المتهم بعد تقدير موجبات الرأفة، إن وجدت، هي الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة - ولما كانت العقوبة الموقعة على الطاعن هي الحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنين، وكان الحكم فيما أشار إليه في صدد المادة 17 من قانون العقوبات لم يقصد إلا توقيع العقوبة في الحدود المنصوص عليها فيها، ولا يفهم منه أنه أراد تخفيض العقوبة بإنزالها إلى الحد الأدنى، إذ كان في وسع المحكمة لو كانت قد أرادت أن تنزل بالعقوبة إلى أكثر مما نزلت به أن تنزل إلى الحبس لمدة ثلاثة شهور، وما دامت هي لم تفعل فإنها تكون قد رأت تناسب العقوبة التي قضت بها فعلاً مع الوقائع التي ثبتت لديها - فإن ما يثيره الطاعن في طعنه لا يكون له محل.

الطعن 124 لسنة 30 ق جلسة 13/ 6/ 1960 مكتب فني 11 ج 2 ق 106 ص 557

جلسة 13 من يونيه سنة 1960

برياسة السيد محمود إبراهيم إسماعيل المستشار: وبحضور السادة: أحمد زكي كامل، والسيد أحمد عفيفي، ومحمد عطية إسماعيل، وعادل يونس المستشارين.

--------------

(106)
الطعن رقم 124 لسنة 30 القضائية (1)

نقض. أسباب جديدة: اختصاص.
الدفع بوقف الدعوى الجنائية. ماهيته: هو من طرق الدفاع التي لا يجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض.

----------------
الدفع بوقف الدعوى الجنائية انتظاراً للفصل في مسألة فرعية لا يخرج عن كونه طريقاً من طرق الدفاع - فإذا كان الثابت أن الطاعن أو المدافع عنه لم يثر هذا الدفع أمام محكمة الموضوع، فإنه لا يقبل منه التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه توصل بطريق الاحتيال إلى الاستيلاء على مبلغ 3500 جنيه للمجني عليه باستعمال طرق احتيالية من شأنها الإيهام بوجود مشروع كاذب وإحداث الأمل في الحصول على ربح وهمي، وذلك بأن أوهم المجني عليه بأن في مقدوره نقل ملكية أرض زراعية إليه واستولى منه على هذا المبلغ نظير نقل ملكية الأراضي إليه، ثم تبين أن المتهم قد سبق له أن باع الأراضي موضوع التعاقد بينه وبين المجني عليه إلى شخص آخر بعقد عرفي، وطلبت عقابه بالمادة 336 من قانون العقوبات. وقد ادعى المجني عليه بمبلغ 60 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت قبل المتهم. والمحكمة الجزئية قضت حضورياً ببراءة المتهم وبرفض الدعوى المدنية وإلزام رافعها بالمصروفات. فاستأنف هذا الحكم كل من النيابة العامة والمدعي بالحق المدني. والمحكمة الاستئنافية قضت حضورياً بتأييد الحكم المستأنف وألزمت المدعي بالحق المدني المصروفات المدنية. فطعن المدعي بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى أوجه الطعن هو أن الحكم المطعون فيه انطوى على إخلال بحق الدفاع وعلى خطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب حين قضى بتأييد الحكم الابتدائي القاضي بتبرئة المطعون ضده من تهمة النصب المسندة إليه وبرفض الدعوى المدنية قبله، ذلك أن المحكمة بعد أن استجابت إلى طلب الدفاع عن الطاعن ضم الدعويين المدنيتين المتضمنتين طلب صحة ونفاذ عقدي البيع الصادرين من المطعون ضده - أحدهما للطاعن، والآخر لعوض الله إبراهيم الخاصين بالأطيان موضوع الدعوى المطروحة - بعد أن قررت ضم هاتين الدعويين عدلت عن هذا القرار دون بيان علة عدولها عنه مما يعد إخلالاً بحق الدفاع، ولا يقدح في ذلك ما تعللت به المحكمة من تقديم المطعون ضده الحكمين الصادرين في الدعويين المذكورتين، كما رفضت المحكمة سماع الشاهد.... الذي تمسك الدفاع عن الطاعن بطلب سماع شهادته لتعلقها بموضوع التهمة وأجلت الدعوى مرتين لتنفيذ قرار المحكمة بإعلانه ولكنها فصلت في الدعوى دون سماعه لتخلفه عن الحضور وبررت ذلك بما استخلصته من التحقيق من نفي وقوع طرق احتيالية من جانب المطعون ضده للاستيلاء على المبالغ التي حصل عليها من الطاعن وذلك باعتراف الأخير نفسه مما لم تر معه المحكمة داعياً لتأجيل الدعوى لسماع الشاهد المذكور على واقعة الاحتيال - وهذا الذي ذكره الحكم لا ينهض دليلاً مقنعاً للاستغناء عن سماع الشاهد سالف الذكر لاحتمال أن يكون لديه من الوقائع التي يشهد بها ما يقطع بحصول طرق احتيالية - وقد كان طرفاً في التعاقد الآخر - ولأن الأصل هو وجوب سماع المحكمة الشهود بمعرفتها فإذا تمسك الدفاع بسماع أحد هؤلاء الشهود واستجابت المحكمة إلى ذلك بأن أجلت الدعوى لإعلانه فتخلف عن الحضور فلا يجوز لها أن تفصل في الدعوى دون سماعه، وما كان يسوغ لها أن تقضي بعدم جدوى شهادته قبل سماعه، وقد كان من المتعين على المحكمة أن توقف الفصل في الدعوى الجنائية إلى أن يتم الفصل في الدعويين المدنيتين اللتين هما أساس الدعوى الجنائية لأن الفصل فيهما يمكن المحكمة الجنائية من تقدير ما وقع من المطعون ضده على أساس صحيح ثابت. هذا إلى أن الحكم المطعون فيه لم يبين واقعة الدعوى والأدلة التي اعتمد عليها في قضائه على وجه التفصيل، بل جاءت عبارته عامة مبهمة بما لا يحقق الرقابة على صحة تطبيق القانون على الواقعة. كما التفت الحكم عما تمسك به الطاعن من أن هناك طرق احتيالية أخرى وقعت من المطعون ضده في حق الطاعن ويتوافر بها النصب بهذه الوسيلة - وإن لم تكون جريمة التصرف في عقار لا يملكه المطعون ضده - مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه والمكمل به بين واقعة الدعوى بما مجمله أن اتفاقاً تم بين الطاعن والمطعون ضده بمقتضى عقد بيع ابتدائي حرر بتاريخ 24 مارس سنة 1956 باع الأخير بمقتضاه إلى الطاعن 97 ف و3 ط و21 س مبينة بالعقد بثمن قدره 7840 جنيهاً - دفع منه مبلغ 1500 جنيه بصفة عربون واستلم الأرض وقام بحرثها وزراعتها وسلم المطعون ضده مبالغ أخرى على دفعات آخرها في 17 أبريل سنة 1956 ووصل مجموعها إلى 3500 جنيه، وفي شهر سبتمبر من العام نفسه فوجئ الطاعن بعلمه بأن المطعون ضده سبق أن باع الأطيان ذاتها المبيعة إليه إلى عوض الله إبراهيم مسيحة بمقتضى عقد بيع ابتدائي بتاريخ 27 فبراير سنة 1956 قدم عنه هذا الأخير طلباً إلى الشهر العقاري برقم 193 في 3 مارس سنة 1956، كما أقام دعوى بطلب صحة ونفاذ العقد المذكور أشهر صحيفة افتتاحها برقم 1473 بتاريخ 16 يونيه سنة 1956 - وبذلك حاز أسبقية على الطاعن الذي رفع دعوى مماثلة أشهر صحيفتها برقم 1627 بتاريخ أول يوليه سنة 1956 - وقد انتهى الطاعن إلى اتهام المطعون ضده بارتكاب جريمة النصب ببيعه إياه عقاراً لا يملكه وليس له حق التصرف فيه لسابقة تصرفه فيه بالبيع إلى المشتري الأول، ولدى نظر الدعوى أمام المحكمة الابتدائية نسب الحاضر مع الطاعن إلى المطعون ضده ارتكابه طرقاً احتيالية من شأنها إيهامه بوجود مشروع كاذب وواقعة مزورة وتوصله بذلك إلى الاستيلاء على مبالغ من النقود، وأسس الاحتيال على القول بأن المطعون ضده أوهم الطاعن بأنه مالك للأطيان المبيعة وله حق التصرف فيها وخدعه بتسليمها إليه - وأن ما باعه ليس ملكاً له أصلاً ولا حق له في التصرف فيه، تأسيساً على القول بأن الأرض المبيعة في ملك مصلحة الأملاك ولم تنقل ملكيتها إليه بعد. وبعد أن عرض الحكم إلى مستندات الطرفين ومن بينها سند ملكية المطعون ضده للأطيان المبيعة الذي تلقاه من مصلحة الأملاك بمقتضى عقد بيع مسجل برقم 3197 بتاريخ 3 أبريل سنة 1947 واحتفظت فيه البائعة بحق الامتياز عما يبقى لها من الثمن في ذمته، تناول دفاع الطرفين وأشار إلى إقرار المطعون ضده بتصرفه مرتين في الأطيان موضوع النزاع التي هي في ملكه وتبريره هذا التصرف بزعمه بترخيص المشتري الأول له شفوياً ببيع ما شاء من تلك الأطيان للغير. وخلص الحكم إلى أن الأطيان المبيعة إلى الطاعن كانت في ملكه وقت تصرفه فيها إلى المشتري أخذاً بالعقد الصادر إليه من مصلحة الأملاك - ولا يقدح في ذلك تحميل العين بحق امتياز البائع الذي لا يعدو أن يكون تأميناً على العقار المبيع ولا أثر له على انتقال الملكية إليه، ثم عرض الحكم إلى ما نسبه الطاعن إلى المطعون ضده من ارتكابه طرقاً احتيالية في قوله "فإنه وإن كان لا يوجد في القانون ما يمنع من تصور وقوع النصب في حالة ما إذا اتفق البائع مع المشتري الأول بعقد لم يسجل بعد ثم أوهم المشتري الثاني فباع له وهو يعلم أن المشتري الأول على وشك تسجيل عقده قبل أن يدرك المشتري الثاني تسجيل عقده هو، وأن هذا المشتري الثاني ستضيع عليه القيمة حتماً، في مثل هذه الصورة يكون البائع قد نصب على المشتري الثاني، ولكن جريمته لا تكون مما ينطبق على التصرف في غير المملوك بل تكون من جرائم النصب العادية المنصوص عليها بالعبارة الأولى من المادة 336 من قانون العقوبات ولابد من إثبات الطرق الاحتيالية... ولما كان هذا هو حكم القانون، وكان المجني عليه لم يذكر وقوع طرق احتيالية عليه من المتهم يمكن تحقيقها، فإن دعواه في هذا الخصوص تكون مبنية على غير أساس، وليس في تمكين المتهم له من وضع يده على الأرض ما يمكن أن يعد بذاته من سبل الاحتيال - خاصة إذا ثبت للمحكمة أن هذه الأرض لا زالت في ملكه..." وانتهى الحكم إلى أن الملكية كانت منعقدة للمطعون ضده وقت أن باع الأطيان إلى الطاعن بالعقد الابتدائي الصادر إليه منه، ولا يغير من ذلك سابقة بيعه الأطيان المذكورة للمشتري الأول عوض الله إبراهيم مسيحة لأن عقد البيع لا ينتج سوى مجرد التزامات شخصية بين المتعاقدين وأن نقل الملكية غير مترتب على مجرد العقد بل يتراخى إلى حين شهره، ولا يقدح في ذلك أن يكون المشتري الأول قد سبق الطاعن في شهر صحيفة دعواه المدنية عن طلب الحكم له بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر له من المطعون ضده ما دام هذا الشهر قد حصل في تاريخ لاحق لتاريخ التصرف الذي تم لصالح الطاعن. وقد أضاف الحكم الاستئنافي إلى ذلك أن المحكمة استجابت إلى طلب الدفاع عن المدعي المدني فسمعت باقي شهوده ممن لم يتيسر سماعهم أمام محكمة أول درجة لإثبات ما ادعاه من أن المطعون ضده - علاوة على بيعه الأطيان مرتين - قد استعمل طرقاً احتيالية أخرى لاستيلائه على مبلغ الـ 3500 جنيهاً منه ثمناً للأطيان التي باعها له رغم سبق بيعها إلى عوض الله إبراهيم مسيحة وخلص من ذلك إلى قوله "وحيث إنه لذلك لا يكون التحقيق قد أسفر عن إثبات استعمال المتهم لأي طرق احتيالية في الحصول على المبالغ التي حصل عليها من المجني عليه وذلك باعتراف المجني عليه نفسه - وقوله حجة بهذا الخصوص - لذا لم تر المحكمة داعياً لتأجيل الدعوى لسماع شهادة عوض الله مسيحة - الذي تخلف عن حضور جلسة اليوم - للتدليل بها على الاحتيال الذي وقع على المجني عليه، ما دام هو نفسه قد نفاه. وحيث إن سكوت المتهم عن إخبار المجني عليه بسبق تصرفه في الأطيان - وإن دل على سوء نية من جانبه وقصد الإضرار، فإنه لا يعدو أن يكون غشاً مدنياً مستوجباً مسئوليته عن التعويض ولكنه لا يرقى لدرجة التأثيم الجنائي، ولا يعتبر نصباً طبقاً للمادة 336 من قانون العقوبات لعدم توفر ركن الاحتيال." وانتهى إلى تأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من براءة المطعون ضده. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة الاستئنافية أن المدافع عن الطاعن طلب بجلسة 25 من فبراير سنة 1958 ضم القضيتين رقمي 2696 و2517 سنة 1956 كلي مصر فقررت المحكمة التأجيل لجلسة 6 من مايو سنة 1958 لضمها وصرحت للمطعون ضده بتقديم صور أحكام هذه القضايا، وبعد أن تدوولت الدعوى بالجلسات حجزت للحكم لجلسة 28 أكتوبر سنة 1958 ثم مد أجل الحكم أسبوعين حيث قررت المحكمة إعادة القضية للمرافعة لجلسة 25 نوفمبر سنة 1958 وكلفت النيابة بإعلان شهود الإثبات وإعادة إعلان المتهم والمدعي بالحق المدني وصرحت لهما بإعلان شهود. وعرضت المحكمة لطلب ضم الدعويين المدنيتين في قولها: "وحيث إن المحكمة سبق أن عدلت من قرار ضم القضيتين سالفتي الذكر اكتفاء بتقديم صور الأحكام فيها حيث تبين أنهما متداولتان بالجلسات وقد قدم المتهم فعلاً صورتين من الحكمين الصادرين فيهما من محكمة القاهرة الابتدائية، فلا محل للرجوع للقرار الأول الخاص بضم القضيتين". وقد تكرر تأجيل الدعوى بعد ذلك إلى أن سمعت مرافعة الطرفين بجلسة 20 يناير سنة 1959 حيث ترافع المدافع عن المدعي بالحق المدني دون أن يتمسك بطلب ضم الدعويين سالفتي البيان. لما كان ذلك، وكان قرار المحكمة الذي تصدره في صدد تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق، فإذا ما ترافع الدفاع في الدعوى دون الإشارة إلى هذا القرار أو التمسك بتنفيذه - كما هو واقع الحال في الدعوى المطروحة - فإنه لا يحق له بعد ذلك النعي على المحكمة بأنها أخلت بحقه في الدفاع. لما كان ذلك, وكان الأصل أن محكمة ثاني درجة لا تجري تحقيقاً في الجلسة وإنما تبني قضاءها على ما تسمعه من الخصوم وما تستخلصه من التحقيقات التي تجريها محكمة أول درجة ومن سائر الأوراق المعروضة عليها، وهي غير ملزمة بإجراء تحقيق أو سماع شهود إلا استكمالاً لما كان يتعين على محكمة أول درجة أن تجريه أو ما ترى هي ضرورته، وكانت المحكمة قد استمعت إلى الشهود الذين فات محكمة أول درجة سماعهم ووجدت في شهادة من سمعتهم من أولئك الشهود ما يكفي لظهور الحقيقة في الدعوى، فلا يقبل من الطاعن النعي عليها عدم استماعها إلى الشاهد الذي تخلف عن الحضور بعد إذ بررت المحكمة ذلك تبريراً سائغاً ودللت على عدم جدوى الاستشهاد به على أمر غير ظاهر التعلق بموضوع الدعوى. ولما كان الدفع بوقف الدعوى الجنائية انتظاراً للفصل في مسألة فرعية لا يخرج عن كونه طريقاً من طرق الدفاع، وكان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه قد أثار هذا الدفع فلا يقبل منه التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض، فضلاً عن أن القاضي في المواد الجنائية غير مكلف بانتظار حكم تصدره محكمة أخرى فيما عدا الأحوال والمسائل الفرعية التي يوجب عليه القانون ذلك فيها والمشار إليها في المادتين 222 و223 من قانون الإجراءات الجنائية مما يتوقف على الفصل فيها الفصل في الدعوى الجنائية - بأن تتصل بركن من أركان الجريمة المرفوعة بها الدعوى الجنائية أو بشرط لا يتحقق وجود الجريمة إلا بوجوده - وهو ما لا يتوافر في خصوص الدعوى المطروحة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بياناً كافياً ومحص الأدلة القائمة فيها وانتهى بحق إلى نفي وقوع جريمة النصب كما هي معرفة به في القانون، ومن ثم يكون النعي على الحكم في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.


(1) المبدأ ذاته في الطعن 487 لسنة 30 ق (جلسة 27/ 6/ 60).

الطعن 17366 لسنة 76 ق جلسة 6 / 11 / 2023

باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة المدنية والتجارية
برئاسة السيد القاضي / نبيل فوزي إسكندر " نائب رئيس المحكمة " وعضوية السادة القضاة / حلمي النجدي ، أحمد لطفي وعبد الرحمن صالح " نواب رئيس المحكمة" وليد عبد الجابر

بحضور رئيس النيابة العامة السيد / عمرو تمساح.

والسيد أمين السر / أحمد علي.

في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة.
في يوم الإثنين 22 من ربيع الآخر سنة 1445 ه الموافق 6 من نوفمبر سنة 2023 م.
أصدرت الحكم الآتي:
في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 17366 لسنة 76 القضائية.

المرفوع من
السيد/ ............
يعلن في/ الدور الثالث - ............ قسم محرم بك - محافظة الإسكندرية.
لم يحضر عنه أحد بالجلسة.
ضد
أولاً: ورثة المتوفى/ ........... وهم:
....... يعلنون في/ ...... - قسم باب شرق - محافظة الإسكندرية.
لم يحضر عنهم أحد بالجلسة.

---------------

" الوقائع "
في يوم 4/ 11/ 2006 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف الإسكندرية الصادر بتاريخ 6/ 9/ 2006 في الاستئناف رقم 584 لسنة 62 ق وذلك بصحيفة طلب فيها الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإحالة.
وفى نفس اليوم أودع الطاعن مذكرة شارحة.
وفى 29/ 11/ 2006 أُعلن المطعون ضدهم بصحيفة الطعن.
ثم أودعت النيابة مذكرتها أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه نقض جزئيا فيما قضى به في الدعوى الفرعية.
وبجلسة 20/ 3/ 2023 عُرِض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر فحددت لنظره جلسة للمرافعة.
وبجلسة 2/ 10/ 2023 سُمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صممت النيابة على ما جاء بمذكرتها، والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.
---------------

" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر / وليد عبد الجابر محمد
" القاضي بالمحكمة " والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا على الطاعن الدعوى رقم ۳۹۹۷ لسنة ۲۰۰٤ أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم بطرده من الشقة المبينة بالأوراق، وقالوا بياناً لها إن الطاعن اغتصب الشقة المذكورة - المملوكة لهم بالإرث- دون وجه حق. ومن ثم أقاموا الدعوى. وجه الطاعن دعوى فرعية بطلب إلزام المطعون ضدهم بتحرير عقد إيجار له لامتداد العلاقة الإيجارية له، أحالت المحكمة الدعوى للتحقيق، وبعد أن استمعت لشهادة شاهدي كل طرف حكمت بتاريخ 28/ 12/ 2005 بطلبات الدعوى الفرعية واعتبار الدعوى الأصلية كأن لم تكن، استأنف المطعون ضدهم هذا الحكم بالاستئناف رقم ٥٨٤ لسنة ٦٢ ق الإسكندرية، وبتاريخ 6/ 9/ 2006 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى الفرعية وفي الدعوى الأصلية بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه نقضا جزئيًا فيما قضى به في الدعوى الفرعية، وإذ عُرِض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها. وحيث إن مما ينعي به الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق ، وفي بيان ذلك يقول إن عقد إيجار عين النزاع المؤرخ 1/ 9/ 1975 قد امتد لمورثه عن والده المستأجر الأصلي المتوفى في تاريخ سابق على صدور حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في القضية رقم ۷۰ لسنة ۱۸ ق، ومن ثم فإن العقد سالف الذكر يُعد قائماً ويمتد إليه لإقامته مع مورثه الذي أضحى مستأجرًا أصليًا من تاريخ وفاة والده في عام ۱۹۷5، وإذ جاء الحكم المطعون فيه خلافًا لهذا النظر، فإنه يكون معيباً مما يستوجب نقضه. وحيث إن النعي في محله، ذلك أن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن مؤدى نص المادة 29/ 1 من القانون رقم ٤٩ لسنة ۱۹۷٧ يدل على أن المشرع أفاد من مزية الامتداد القانوني لعقد الإيجار زوج المستأجر وأولاده ووالديه المقيمين معه إقامة مستقرة حتى وفاته أو تركه المسكن دون تحديد لمدة الإقامة بالنسبة لهم، وإذ جاء هذا النص مطلقاً غير مقيد بجيل واحد من المستأجرين، فإن هذه القاعدة يطرد تطبيقها سواء كان المستأجر المتوفى أو التارك هو من أبرم عقد الإيجار ابتداءً مع المالك أو من امتد العقد قانوناً لصالحه بعد وفاة المستأجر الأصلي أو تركه العين المؤجرة، مما مفاده أن الحكم الصادر في القضية رقم ١١٦ لسنة ١٨ ق دستورية من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية ما تضمنه نص المادة ۲۹ من القانون رقم ٤٩ لسنة ۱۹۷۷ من امتداد عقد الإيجار لأقارب المستأجر نسباً حتى الدرجة الثالثة بسبب الوفاة أو الترك لا يحول دون استمرار أي من المقيمين مع المستأجر في العين سواء كان الأخير هو من استأجرها ابتداءً أو ممن امتد لهم العقد حقيقة أو حكماً ممن عددتهم المادة ۲۹ سالفة الذكر من زوجه أو أولاده أو والديه طالما أن ذلك لمرة واحدة من تاريخ نفاذ حكم الدستورية رقم ۷۰ لسنة ۱۸ ق دستورية. لما كان ذلك، وكانت طلبات الطاعن في دعواه الفرعية هي ثبوت العلاقة الإيجارية بينه وبين المطعون ضدهم - المؤجر- وإلزامهم بتحرير عقد إيجار له على سند من امتداد عقد إيجار شقة النزاع إليه لإقامته بها إقامة دائمة ومستقرة مع والده الذي كان قد صار مستأجراً أصلياً للعين بامتداد عقد الإيجار المؤرخ 1/ 9/ 1957 إليه من والده المستأجر الأصلي لها الذي توفى في عام ۱۹۷٥، وبوفاة والد الطاعن في 16/ 1/ 2002 يحق امتداد عقد الإيجار إليه لإقامته معه إقامة دائمة ومستقرة حتى وفاته، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بتأييد الحكم الابتدائي الصادر بإخلاء العين محل التداعي والتسليم على سند من أن عقد الإيجار لا يمتد إلى الطاعن بوصفه حفيداً للمستأجر الأصلي للعين - جد الطاعن لوالده - بعد القضاء بعدم دستورية المادة ٢٩ من القانون رقم ٤٩ لسنة ۱۹۷۷، فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.
لذلك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وأحالت القضية إلى محكمة استئناف الإسكندرية، وألزمت المطعون ضدهم المصاريف، ومائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الأربعاء، 4 ديسمبر 2024

الطعن 1979 لسنة 53 ق جلسة 2 / 3 / 1989 مكتب فني 40 ج 1 ق 122 ص 693

جلسة 2 من مارس سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ درويش عبد المجيد نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد المنعم حافظ نائب رئيس المحكمة، د. رفعت عبد المجيد، محمد خيري الجندي وزكي عبد العزيز.

---------------

(122)
الطعن رقم 1979 لسنة 53 القضائية

(1) دعوى "الطلبات الختامية". محكمة الموضوع.
الطلب الذي تلتزم المحكمة بالفصل فيه. ماهيته.
(2) عقد "آثار العقد". خلف.
العقد الصحيح. انصراف أثاره إلى الخلف العام. التزامه بتنفيذ ما التزم به مورثه. م 145 مدني. علة ذلك.
(3) حيازة "اكتساب الملكية". ملكية "أسباب كسب الملكية". عقد "أثار العقد". بيع "التزامات البائع: ضمان التعرض". خلف.
التزم البائع بضمان عدم التعرض. انتقاله من البائع إلى ورثته. أثره. امتناع منازعتهم للمشتري فيما كسبه من حقوق بموجب عقد البيع. م 439 مدني. الاستثناء. توافر شروط وضع اليد المكسب للملكية لديهم أو لدى مورثهم بعد تاريخ البيع.
(4) إثبات "المحررات العرفية". خلف.
الورقة العرفية. تستمد حجيتها في الإثبات من التوقيع. الإقرار بورقة عرفية. حجة على من وقعه. امتداد هذه الحجية إلى الوارث. شرطه.

----------------
1- المقرر في قضاء هذه المحكمة أن ما يجب على محكمة الموضوع الاعتداد به والتصدي لبحثه والفصل فيه هو طلبات الخصوم وأوجه دفاعهم الختامية.
2- المقرر وفقاً لنص المادة 145 من القانون المدني أن آثار العقد الصحيح لا تقتصر على المتعاقدين بل تتجاوزهم إلى الخلف العام فيسري في حقه ما يسري في حق السلف بشأن هذا العقد، فمتى نشأ العقد صحيحاً وخلصت له قوته الملزمة فإنه يكون حجة على الوارث أو عليه لأنه يعتبر قائماً مقام المورث ويلتزم بتنفيذ ما التزم به مورثه.
3- التزام الورثة الطاعنون بالالتزامات الناشئة عن عقد البيع الصحيح الصادر من مورثهم التي من بينها الالتزام بضمان عدم التعرض للمشترية في الانتفاع بالعقار المبيع أو منازعتها فيما كسبته من حقوق تولدت عن هذا العقد كما يمتنع عليهم منازعة من باعت إليه العقار وذلك تطبيقاً لنص المادة 439 من القانون المدني ولا يستثنى من ذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إلا الحالة التي تتوافر فيها لديهم أو لدى مورثهم بعد تاريخ البيع شروط وضع اليد على العقار المبيع المدة المكسبة للملكية.
4- المقرر إعمالاً لنص المادة 14 من قانون الإثبات أن الورقة العرفية تستمد حجيتها في الإثبات من التوقيع - فيعتبر الإقرار بورقة عرفية حجة على من وقعه - كما تمتد حجيته إلى الوارث طالما لم يطعن على توقيع مورثه بالجهالة أو الإنكار.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الثاني أقام على الطاعنين الثلاثة الدعوى رقم 520 لسنة 1978 أمام محكمة بلبيس الجزئية طالباً الحكم بإلزامهم بأن يؤدوا إليه مائتين وأربعين جنيهاً مع تسليمه المنزل المبين بالصحيفة، وقال بياناً لذلك أنه بموجب عقد بيع عرفي مؤرخ 25/ 3/ 1965 اشترى المنزل المشار إليه من المطعون ضدها الأول وأقام الدعوى رقم 1043 لسنة 1972 مدني كلي الزقازيق بطلب صحته ونفاذه وسجل صحيفة تلك الدعوى التي انتهت صلحاً وأنه إذ كان الطاعنون يضعون يدهم على المنزل المبيع إليه بمقتضى عقد إيجار شفاهي ولم يوفوا بالأجرة ومقدارها 240 جنيهاً خلال الفترة من 1/ 3/ 1976 حتى 29/ 2/ 1978 كما امتنعوا عن تسليمه ذلك المنزل دون مسوغ فقد أقام دعواه ليحكم له بمطلبها. وأثناء السير في الدعوى أقام الطاعنون أمام ذات المحكمة دعوى أخرى قيدت برقم 988 لسنة 1979 اختصموا فيها المطعون ضدهما بطلب سقوط الحكم الصادر في الدعوى رقم 393 لسنة 1962 وتثبيت ملكيتهم للمنزل موضوع التداعي على سند من أن هذا المنزل هو في الأصل مملوك لأبيهم المرحوم........ وأن عقد البيع المؤرخ 1/ 10/ 1960 الصادر منه ببيع هذا المنزل لأختهم المطعون ضدها الأولى هو عقد صوري صورية مطلقة حرر لعرقلة تنفيذ إجراءات نزع الملكية التي اتخذها أحد الدائنين ضد أبيهم في ذلك الوقت ويترتب على صورية ذلك البيع بطلان إجراءات الدعوى رقم 393 لسنة 1962 التي أقيمت بطلب صحته ونفاذه وانتهت صلحاً، ويكون عقد البيع الصادر من أختهم المطعون ضدها الأولى لزوجها المطعون ضده الثاني ببيع المنزل محل النزاع باطلاً أيضاً لبطلان عقد شراء البائعة، وأمرت محكمة بلبيس الجزئية بضم الدعوى الثانية إلى الدعوى الأولى للارتباط وبعد أن ندبت خبيراً حكمت بعدم اختصاصها بنظر الدعويين وبإحالتها إلى محكمة الزقازيق الابتدائية فقيدت الدعويان في جداولها برقم 1392 لسنة 1980، وبتاريخ 8 من يناير سنة 1981 حكمت المحكمة (أولاً): في الدعوى رقم 988 لسنة 1979 مدني بلبيس برفضها (ثانياً): وفى الدعوى رقم 250 لسنة 1978 مدني بلبيس بإلزام المدعى عليهم فيها - الطاعنين بتسليم المنزل موضوع النزاع الموضح الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى وتقرير المطعون ضده الثاني - استأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة بالاستئناف رقم 52 لسنة 24 قضائية "مأمورية الزقازيق" طالبين الحكم برفض الدعوى المقامة من المطعون ضده الثاني والحكم بطلباتهم في الدعوى المرفوعة منهم، وتمسك الطاعنون وأثناء نظر استئنافهم بصورية عقد البيع المؤرخ 1/ 10/ 1960 الصادر من مورثهم إلى أختهم المطعون ضدها الأولى صورية نسبيه باعتبار أنه يخفي في حقيقته تبرعاً مضافاً إلى ما بعد الموت أي وصية، وحكمت المحكمة بتاريخ 13 من فبراير سنة 1982 بقبول الاستئناف شكلاً وبإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي الطعن بالصورية المستترة على ذلك العقد، وبعد أن سمعت شهود طرفي التداعي قضت بتاريخ 13 من يونيو سنة 1983 برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنون في الوجهين الأول والثاني من السبب الأول وفى السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في فهم واقع الدعوى والقصور في التسبيب، وفى بيان ذلك يقولون أنهم تمسكوا في دفاعهم أمام محكمة الاستئناف بأنهم كانوا يشاركون أباهم في وضع اليد على المنزل محل النزاع منذ عام 1931 وظل وضع يدهم قائماً مستوفياً شرائطه فاكتسبوا الملكية بمضي المدة الطويلة إلا أن الحكم المطعون فيه لم يتفهم حقيقة ما ساقوه من دفاع فاكتفى ببحث وضع يد مورثهم وخلص إلى نفي اكتسابه ملكية العقار بالتقادم الطويل بعد أن تصرف فيه بالبيع إلى المطعون ضدها الأولى وأقر بمصادقته على عقد البيع الصادر منها إلى المطعون ضده الأول في حين أنهم لا يحاجوهم بهذا البيع الصادر من مورثهم اعتباراً بأن دفاعهم جرى باكتسابهم هم أنفسهم ملكية العقار بالتقادم الطويل لبدء حيازتهم في سنة 1931 ولم يتمسكوا بهذه الملكية باعتبارهم ورثة تنصرف إليهم آثار التصرفات الصادرة من مورثهم وهو ما غفل الحكم عن تمحيصه وتحقيقه أو مواجهته بما يصلح رداً له الأمر الذي يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك بأن الثابت من الأوراق أن الطاعنين تمسكوا أمام محكمة أول درجة بصورية عقد البيع المؤرخ أول أكتوبر سنة 1960 الصادر من مورثهم إلى شقيقتهم المطعون ضدها الأولى صورية مطلقة فدفع المطعون ضدهما بعدم جواز إثبات هذه الصورية إلا بدليل مكتوب يخالف الثابت بالكتابة فأطرحت تلك المحكمة أخذاً بهذا الدفع - الطعن بالصورية المطلقة، ولما استأنف الطاعنون قضاء محكمة أول درجة أشاروا في صحيفة الاستئناف إلى أنهم كانوا يشاركون المورث في وضع يده على العقار محل النزاع فاكتسب جميعهم ملكيته بالتقادم الطويل إلا أنهم من بعد ذلك طعنوا على عقد البيع الصادر من مورثهم إلى المطعون ضدها الأولى بالصورية المستترة اعتباراً بأن البيع يخفي في حقيقته تصرفاً تبرعاً مضافاً إلى ما بعد الموت وأفصحوا في طعنهم عن أن المورث ظل محتفظاً بحيازة العقار المبيع منتفعاً به حتى توفى فقضت محكمة الاستئناف بتاريخ 12 من فبراير سنة 1982 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعنون بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة أن عقد البيع آنف الذكر صوري صورية نسبيه قصد به التحايل على قواعد الإرث ولم يدفع فيه ثمن وظل المورث يحتفظ بالعقار الذي تصرف فيه وبحقه في الانتفاع به مدى حياته وأجازت للمطعون ضدها الأول النفي بذات الطرق، وأجرت المحكمة تحقيقاً سمعت فيه شهود الطرفين، ويبين من دفاع الطاعنين بالمذكرة المقدمة لجلسة 12 من يناير 1983 بعد الفراغ من التحقيق أنهم تمسكوا في صراحة ووضوح بأن مورثهم هو الذي كان يضع يده على منزل النزاع بعد التصرف الصوري الصادر منه وضع يد هادئ ومستمر وبنية التملك ولمدة تزيد على خمسة عشرة سنة فاكتسب الملكية بوضع اليد المدة الطويلة ولا يبين من ذلك الدفاع أنهم ادعوا لأنفسهم حقاً قبل موت مورثهم في التملك بالتقادم الطويل أو ادعوا لأنفسهم حيازة للعقار ترجع إلى عام 1931، لما كان ذلك وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن ما يجب على محكمة الموضوع الاعتداد به والتصدي لبحثه والفصل فيه هو طلبات الخصوم وأوجه دفاعهم الختامية، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد عرض في أسبابه لبحث الطعن بالصورية المستترة وبعد أن خلص إلى رفض هذا الطعن اعتبر البيع الصادر من المورث إلى ابنته المطعون ضدها الأول بيعاً صحيحاً منجزاً وأن المورث من بعد هذا التصرف المنجز أقر بمصادقته على البيع الصادر من هذه الأخيرة إلى المطعون ضده الثاني بموجب العقد المحرر في 25 مارس سنة 1965، ثم انتهى إلى انتفاء شروط وضع يده المؤدي إلى التملك بالتقادم الطويل على ذلك العقار بعد تصرفه فيه بالبيع وحتى توفى في 7 من إبريل سنة 1971، ومن ثم فإن الحكم يكون قد أحاط بفهم سليم لواقع الدعوى وما جرى به دفاع الطاعنين الختامي وجابه هذا الدفاع بتنفيذ سائغ مستمد مما له أصل ثابت بالأوراق ويضحى النعي الذي يثيره الطاعنون على غير أساس.
وحيث إن حاصل الوجه الثالث من السبب الأول أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون إذ اعتد بعقد البيع للعقار محل النزاع المؤرخ 25 من مارس سنة 1965 والصادر من المطعون ضدها الأول إلى المطعون ضده الثاني رغم أنهم ومورثهم من قبل لم يختصموا في إجراءات الدعوى 1043 لسنة 1972 مدني كلي الزقازيق التي رفعت بطلب صحته ونفاذه فلا تمتد آثار هذا العقد إليهم، كما أن إقرار المصادقة عليه والصادر من مورثهم لم يواجه به المورث حال حياته فلا يكون له من أثر بالنسبة أو لمورثهم، وإذ قضى الحكم بما يخالف هذا النظر فإنه يكون معيباً مستوجباً نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك بأن من المقرر وفقاً لنص المادة 145 من القانون المدني أن آثار العقد الصحيح لا تقتصر على المتعاقدين بل تتجاوزهم إلى الخلف العام فيسري في حقه ما يسري في حق السلف بشأن هذا العقد، فمتى نشأ العقد صحيحاً له قوته الملزمة فإنه يكون حجة على الوارث أو عليه لأنه يعتبر قائماً مقام المورث ويلتزم بتنفيذ ما التزم به مورثه، لما كان الثابت من واقع الدعوى، وعلى ما سلف بيانه أن مورث الطاعنين باع العقار موضوع التداعي إلى المطعون ضدها الأولى بمقتضى عقد البيع المؤرخ أول أكتوبر سنة 1960 وكان الحكم المطعون فيه خلص إلى أن الطاعنين عجزوا عن إثبات صورية هذا البيع صورية مستترة بإخفائه لتصرف تبرعي مضاف إلى ما بعد الموت، وكان الطاعنون لا يثيرون نعياً على الحكم في هذا المقام، فإن هذا البيع الصادر من مورثهم ينتج آثاره باعتباره تصرفاً صحيحاً منجزاً فيلتزم الورثة الطاعنون بالالتزامات الناشئة عنه التي من بينها الالتزام بضمان عدم التعرض للمشترية في الانتفاع بالعقار المبيع أو منازعتها فيما كسبته من حقوق تولدت عن هذا العقد كما يمتنع عليهم منازعة من باعت إليه العقار. وذلك تطبيقاً لنص المادة 439 من القانون المدني ولا يستثنى من ذلك وعلى - ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إلا الحالة التي تتوافر فيها لديهم أو لدى مورثهم بعد تاريخ البيع شروط وضع اليد على العقار المبيع المدة المكسبة للملكية، وإذ كان الحكم المطعون فيه - وعلى ما استبان من الرد على أوجه النعي السابقة - قد نفى بأسباب سائغة توافر الشرائط التي يتطلبها القانون لاكتساب المورث بعد حصول البيع لملكية العقار المبيع بوضع اليد المدة الطويلة فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون إذ اعتبر عقد البيع المؤرخ أول أكتوبر سنة 1960 قد انصرفت آثاره إلى الطاعنين ورثة البائع ولم يعتد بمنازعتهم المطعون ضده الثاني في الحقوق وليده عقد البيع المؤرخ 25 من مارس سنة 1965 باعتباره عقداً صحيحاً صادراً ممن اشترت العقار من مورثهم بعقد صحيح منجز، لما كان ذلك وكان المقرر إعمالاً لنص المادة 14 من قانون الإثبات أن الورقة العرفية تستمد حجيتها في الإثبات من التوقيع - فيعتبر الإقرار بورقة عرفية حجة على من وقعه كما تمتد حجيته إلى الوارث طالما لم يطعن على توقيع مورثه بالجهالة أو بالإنكار، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعنين لم يطعنوا بثمة طعون على توقيع مورثهم بإقراره المدون بعقد البيع المؤرخ أول أكتوبر سنة 1960 فلا على الحكم المطعون فيه أن اتخذ من هذا الإقرار قرينة على عدم توافر شروط وضع اليد المؤدي إلى اكتساب مورثهم للملكية بعد البيع الصادر منه للمطعون ضدها الأولى، ومن ثم فإن النعي بهذا الوجه يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الثلاثاء، 3 ديسمبر 2024

الطعن 135 لسنة 52 ق جلسة 1 / 3 / 1989 مكتب فني 40 ج 1 ق 121 ص 687

جلسة الأول من مارس سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمود راسم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسين علي حسين نائب رئيس المحكمة، حمدي محمد علي، عزت عمران ورجب أبو زهرة.

--------------

(121)
الطعن رقم 135 لسنة 52 القضائية

(1 - 2) إيجار "إيجار الأماكن" "التأجير من الباطن" "التأخير في الوفاء بالأجرة".
(1) حظر تخلي المستأجر على الحق في الانتفاع بالمكان المؤجر بتمكين الغير منه بأي وجه من الوجوه. مخالفة هذا الحظر. أثره. للمؤجر طلب إخلاء المكان المؤجر.
(2) حق المستأجر في إدخال شريك معه في الاستغلال التجاري الذي يباشره في العين المؤجرة. بقاء عقد الإيجار قائماً لصالح المستأجر وحده. كفاية تكليف المستأجر بالوفاء بالأجرة المتأخرة - دون شريكه في استعمال العين.
(3) القضاء بعدم قبول دعوى الإخلاء لعدم تكليف شريك المستأجر بالوفاء بالأجرة المتأخرة بعد تصفية الشركة في ظل القانون 52 لسنة 1969. خطأ في القانون. نص المادة 29/ 2 ق 49 لسنة 1977 - حكم مستحدث لا نظير له في القانون السابق.

-------------------
1- المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن الأصل في ظل قوانين إيجار الأماكن الاستثنائية هو إنفراد المستأجر ومن يتبعه بحكم العقد بالحق في الانتفاع بالمكان المؤجر وعدم تخليه عنه للغير كلياً أو جزئياً مستمراً أو موقوتاً بمقابل أو بدونه باعتبار أن هذا التخلي بجميع صوره خروجاً من المستأجر على نص عقد الإيجار مكملاً بأحكام هذه القوانين يجيز للمؤجر طلب إخلاء المكان المؤجر.
2- أجازت قوانين إيجار الأماكن الاستثنائية - للمستأجر أن يدخل معه شركاء في استغلال العين المؤجرة باعتبار أن إشراكه شخصاً آخر معه في الاستغلال التجاري الذي يباشره في هذه العين لا يعتبر إخلالاً بالحظر المانع من التنازل عن الإيجار أو التأجير من الباطن بل متابعة من جانب المستأجر في الانتفاع بالعين فيما أجرت من أجله، دون أن ينطوي هذا الأمر بذاته على معنى تخلي المستأجر عن حقه في الانتفاع بتلك العين - سواء كلها أو بعضها - إلى شريكه في المشروع المالي بأي طريق من طرق التخلي مما مقتضاه أن يظل عقد إيجار العين على حاله قائماً لصالح المستأجر وحده دون شركائه في استغلال العين، فلا تنصرف الحقوق الناشئة عنه والالتزامات المتولدة منه إلا إلى عاقديه ومن ثم فإنه يكفي لإعمال أثر التكليف بالوفاء بالأجرة المتأخرة - في شأن دعوى الإخلاء أن يوجه الإنذار بذلك إلى المستأجر وحده دون شريكه في استعمال العين المؤجرة.
3- إذ كان البين من الأوراق أن الطاعن أقام الدعوى بطلب فسخ عقد الإيجار المبرم بينه وبين المطعون ضده الثاني (المستأجر) في 1/ 2/ 1976 وإخلاء الشقة المؤجرة له تأسيساً على امتناعه عن الوفاء بالأجرة منذ 1/ 8/ 1976 رغم تكليفه بسدادها بمقتضى إنذار على يد محضر بتاريخ 14/ 12/ 1976 فضلاً عن أنه قام بتأجيرها من الباطن للمطعون ضده الأول وقد دفع الأخير دعوى الطاعن بأن ثمة شركة تكونت بينه وبين المطعون ضده الثاني (المستأجر الأصلي) وأنه اختص بعين النزاع بعد أن صفيت تلك الشركة في 8/ 9/ 1976 وتمسك الطاعن بأن هذه الشركة صورية قصد بها التحايل على حكم القانون لستر واقعة التأجير من الباطن وإذ قضى الحكم المطعون فيه بعدم قبول دعوى الطاعن على سند من أنه كان يتعين أن يسبقها تكليف المطعون ضده الأول بالوفاء بالأجرة باعتباره شريكاً للمستأجر الأصلي (المطعون ضده الثاني) وقد صفيت الشركة بينهما وأستأثر الشريك بالعين المؤجرة وذلك رغم أن العلاقة الإيجارية قائمة فحسب بين الطاعن بوصفه مؤجراً والمطعون ضده الثاني باعتباره مستأجراً وذلك بمقتضى العقد المؤرخ 1/ 2/ 1976 إذ كان لا يغير من ذلك ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من قيام شركة بين المطعون ضدهما تمت تصفيتها في 8/ 9/ 1976 وأصبح المطعون ضده الأول هو المستأجر للعين بناء على هذه التصفية، ذلك أن النص في المادة 29/ 2 من قانون إيجار الأماكن رقم 49 لسنة 1977 - الذي عمل به اعتباراً من 9/ 9/ 1977 - على أنه "إذا كانت العين مؤجرة لمزاولة نشاط تجاري أو صناعي أو مهني أو حرفي فلا ينتهي العقد بوفاة المستأجر أو تركه العين ويستمر لصالح ورثته وشركائه في استعمال العين بحسب الأحوال" هو نص مستحدث لم يكن له نظير في القانون السابق رقم 52 لسنة 1969 الذي كان سارياً وقت تصفية الشركة في 8/ 9/ 1976 وعند توجيه التكليف بالوفاء بتاريخ 14/ 12/ 1976 مما مفاده أنه وبفرض صحة قيام الشركة وتصفيتها - وهو أمر ما زال محل نزاع من جانب الطاعن فإن عقد إيجار المكان المعد لمزاوله نشاط تجاري لا يمتد في ظل أحكام القانون السابق لصالح شركاء المستأجر إذ ما ترك العين المؤجرة ومن ثم فإن الطاعن (المؤجر) لا يلتزم بتوجيه التكليف بالوفاء بالأجرة المتأخرة إلى المطعون ضده الأول والذي لا تربطه به ثمة علاقة إيجارية وفقاً لأحكام القانون القائم وقتئذ وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم قبول الدعوى فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضدهما الدعوى رقم 229 لسنة 1977 أمام محكمة دمنهور الابتدائية بطلب الحكم بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 1/ 2/ 1976 وإخلاء الشقة محل النزاع وتسليمها إليه خالية. وقال شرحاً لدعواه أن المطعون ضده الثاني استأجر منه هذه الشقة بمقتضى العقد المذكور وذلك مقابل أجرة شهرية قدرها خمس جنيهات ونصف وإذ تخلف عن سداد الأجرة منذ 1/ 8/ 1976 رغم التنبيه عليه بالوفاء، كما قام بتأجير العين من الباطن إلى المطعون ضده الأول دون إذن كتابي من المالك فقد أقام الدعوى وبتاريخ 15/ 1/ 1978 أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق لإثبات واقعة التأجير من الباطن. وبعد أن استمعت المحكمة إلى شهود الطرفين حكمت بتاريخ 13/ 5/ 1979 بإخلاء عين النزاع وتسليمها إلى الطاعن خالية. استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 560 لسنة 35 ق - إسكندرية "مأمورية دمنهور" وبتاريخ 17/ 11/ 1981 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأته جديراً بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفى بيان ذلك يقول أنه أقام الدعوى بطلب فسخ عقد الإيجار المبرم بينه وبين المطعون ضده الثاني المستأجر الأصلي للعين محل النزاع تأسيساً على امتناعه عن سداد الأجرة وتأجيرها من الباطن للمطعون ضده الأول وإذ لا تربطه به ثمة علاقة إيجارية فإنه الطاعن لا يلتزم بتكليفه بالوفاء بالأجرة المتأخرة على المستأجر الأصلي. وإذ - قضى الحكم بعدم قبول الدعوى لعدم تكليف المطعون ضده الأول بالوفاء بالأجرة تأسيساً على أنه شارك المطعون ضده الثاني في عين النزاع رغم وجود نزاع بين الطرفين حول قيام تلك الشركة المدعى بها فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة أن الأصل في ظل قوانين إيجار الأماكن الاستثنائية هو إنفراد المستأجر ومن يتبعه حكم العقد بالحق في الانتفاع بالمكان المؤجر وعدم تخليه عنه للغير كلياً كان أو جزئياً مستمراً أو موقوتاً، بمقابل أو بدونه باعتبار أن هذا التخلي بجميع صوره خروجاً من المستأجر على نص عقد الإيجار مكملاً بأحكام هذه القوانين يجيز للمؤجر طلب إخلاء المكان المؤجر، وقد أجازت هذه القوانين للمستأجر أن يدخل معه شركاء في استغلال العين المؤجرة باعتبار أن إشراكه شخصاً آخر معه في الاستغلال التجاري الذي يباشره في هذه العين لا يعتبر إخلالاً بالحظر المانع من التنازل عن الإيجار - أو التأجير من الباطن بل متابعة من جانب المستأجر في الانتفاع بالعين فيما أجرت من أجله، دون أن ينطوي هذا الأمر بذاته على معنى تخلي المستأجر عن حقه في الانتفاع بتلك العين سواء كلها أو بعضها - إلى شريكه في المشروع المالي بأي طريق من طرق التخلي، مما مقتضاه أن يظل عقد إيجار العين على حاله قائماً لصالح المستأجر وحده دون شركائه في استغلال العين، فلا تنصرف الحقوق الناشئة عنه والالتزامات المتولدة منه إلا إلى عاقديه ومن ثم فإنه يكفي لإعمال أثر التكليف بالوفاء بالأجرة المتأخرة - في شأن دعوى الإخلاء أن يوجه الإنذار بذلك إلى المستأجر وحده دون شريكه في استعمال العين المؤجرة. لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن الطاعن أقام الدعوى بطلب فسخ عقد الإيجار المبرم بينه وبين المطعون ضده الثاني (المستأجر) في 1/ 2/ 1976 وإخلاء الشقة المؤجرة له تأسيساً على امتناعه عن الوفاء بالأجرة منذ 1/ 8/ 1976 رغم تكليفه بسدادها بمقتضى إنذار على يد محضر بتاريخ 14/ 12/ 1976، فضلاً عن أنه قام بتأجيرها من الباطن للمطعون ضده الأول، وقد دفع الأخير دعوى الطاعن بأن ثمة شركة تكونت بينه وبين المطعون ضده الثاني (المستأجر الأصلي) وأنه اختص بعين النزاع بعد أن صفيت تلك الشركة في 8/ 9/ 1976 وتمسك الطاعن بأن هذه الشركة صورية قصد بها التحايل على حكم القانون لستر واقعة التأجير من الباطن. وإذ قضى الحكم المطعون فيه بعدم قبول دعوى الطاعن على سند من أنه كان يتعين أن يسبقها تكليف المطعون ضده الأول بالوفاء بالأجرة باعتباره شريكاً للمستأجر الأصلي (المطعون ضده الثاني) وقد صفيت الشركة بينهما واستأثر الشريك بالعين المؤجرة وذلك رغم أن العلاقة الإيجارية قائمة فحسب بين الطاعن بوصفه مؤجراً والمطعون ضده الثاني باعتباره مستأجراً وذلك بمقتضى العقد المؤرخ 1/ 2/ 1976 إذ كان لا يغير من ذلك ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من قيام شركة بين المطعون ضدهما تمت تصفيتها في 8/ 9/ 1976 وأصبح المطعون ضده الأول هو المستأجر للعين بناء على هذه التصفية، ذلك أن النص في المادة 29/ 2 من قانون إيجار الأماكن رقم 49 لسنة 1977 - الذي عمل به اعتباراً من 9/ 9/ 1977 - على أنه "إذا كان العين المؤجرة لمزاولة نشاط تجاري أو صناعي أو مهني أو حرفي فلا ينتهي العقد بوفاة المستأجر أو تركه العين ويستمر لصالح ورثته وشركائه في استعمال العين بحسب الأحوال" هو نص مستحدث لم يكن له نظير في القانون السابق رقم 52 لسنة 1969 الذي كان سارياً وقت تصفية الشركة في 8/ 9/ 1976 وعند توجيه التكليف بالوفاء بتاريخ 14/ 12/ 1976 مما مفاده أنه وبفرض صحة قيام الشركة وتصفيتها - وهو أمر ما زال محل نزاع من جانب الطاعن - فإن عقد إيجار المكان المعد لمزاولة نشاط تجاري لا يمتد في ظل أحكام القانون السابق - لصالح شركاء المستأجر إذ ما ترك العين المؤجرة، ومن ثم فإن الطاعن (المؤجر) لا يلتزم بتوجيه التكليف بالوفاء بالأجرة المتأخرة إلى المطعون ضده الأول والذي لا تربطه به ثمة علاقة إيجارية وفقاً لأحكام القانون القائم وقتئذ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم قبول الدعوى فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن، وإذ حجبه هذا الخطأ عن بحث موضوع النزاع المطروح عليه فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.

الطعن 121 لسنة 30 ق جلسة 13/ 6/ 1960 مكتب فني 11 ج 2 ق 105 ص 552

جلسة 13 من يونيه سنة 1960

برياسة السيد محمود إبراهيم إسماعيل المستشار، وبحضور السادة: أحمد زكي كامل، والسيد أحمد عفيفي، ومحمد عطية إسماعيل، وعادل يونس المستشارين.

---------------

(105)
الطعن رقم 121 لسنة 30 القضائية

تزوير. إثباته: إقناعية الدليل.
عدم تنظيم المضاهاة في نصوص آمرة يترتب على مخالفتها البطلان.
حرية قاضي الموضوع في الاقتناع بصحة اتخاذ إجراء أساساً لكشف الحقيقة. مثال في أوراق مضاهاة.

-----------------
1 - (1) لم يفرض القانون طريقاً معيناً تجري عليه المضاهاة إلا ما تناوله الشارع في بعض نصوص قانون المرافعات المدنية والتجارية وقصد به مجرد الإرشاد والتوجيه دون أن يفرض ذلك فرضاً تستوجب مخالفته البطلان.
2 - العبرة في المسائل الجنائية إنما تكون باقتناع قاضي الموضوع بأن إجراء من الإجراءات يصح أو لا يصح أن يتخذ أساساً لكشف الحقيقة - فإذا كانت المحكمة قد رأت أن أوراق الاستكتاب التي اتخذها الخبير أساساً للمضاهاة هي أوراق تؤدي هذا الغرض، وأن المضاهاة التي تمت كانت صحيحة - اطمأنت إليها المحكمة للأسباب المقبولة الواردة في تقرير الخبير، فإن ما ينعاه المتهم على الحكم من قصور يكون على غير أساس.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من: المتهم الأول والطاعن بأنهما: المتهم الأول ارتكب تزويراً في ورقة رسمية (استمارة سلفية) لبنك التسليف الزراعي لصالح..... حال تحريرها المختص بوظيفته (نائب عمدة) - أحد أعضاء اللجنة القروية المختصة باعتماد صحة بيانات وتوقيعات تلك الاستمارة - وذلك بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها بأن وقع عليها ببصمة ختمه بصفته هذه بما يفيد قيام كل من..... وبالتوقيع عليها أمامه بصفتهم ضامنين للمدين - المتهم الثاني - في الوفاء بقيمتها في حين أنهم لم يوقعوا عليها على الإطلاق. والمتهم الثاني - اشترك بطريق الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في ارتكاب جريمة التزوير سالفة الذكر بأن اتفق معه على إقرار صحة بيانات هذه الاستمارة المذكورة وإثبات صحة توقيعات الضامنين سالفي الذكر عليها وحصولها أمامه وساعده على ذلك بأن قدم له هذه الاستمارة موقعاً عليها بتلك التوقيعات المزورة المنسوبة لهؤلاء الضامنين، فتمت الجريمة بناءً على هذا الاتفاق وتلك المساعدة، واستعمل الورقة الرسمية المزورة سالفة الذكر مع علمه بتزويرها بأن قدمها لبنك التسليف الزراعي وتوصل بذلك إلى الحصول على دين منه. وطلبت النيابة إلى غرفة الاتهام إحالتهما إلى محكمة الجنح لمعاقبتهما بالمواد 40/ 2 - 3 و41 و213 و214 من قانون العقوبات. وفي 17/ 11/ 1956 قررت الغرفة حضورياً للمتهم الثاني بانقضاء الدعوى الجنائية قبل المتهم الأول طه أحمد قاسم لوفاته وبإحالة المتهم الثاني (الطاعن) إلى محكمة الجنح لمعاقبته على أساس عقوبة الجنحة. والمحكمة الجزئية قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام والمواد 32/ 2 و17 و55 و56 من قانون العقوبات بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صيرورة هذا الحكم نهائياً وذلك بلا مصاريف جنائية. فاستأنف المتهم. والمحكمة الاستئنافية قضت حضورياًً بتأييد الحكم المستأنف بلا مصروفات جنائية. فطعن المحكوم عليه (المتهم الثاني) في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو القصور والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن الحكم المطعون فيه دان الطاعن بتهمة الاشتراك في تزوير استمارة السلفة على أساس منطقي بحت بمقولة إنه المستفيد الوحيد من الحصول على السلفة ولا يمكن أن يتم التزوير بغير علمه، وهو تدليل قاصر - خاصة وأن الطاعن أبدى في دفاعه أن الضمان الذين ادعوا تزوير إمضاءاتهم على استمارة السلفة هم من خصومه وقد تعمدوا التلاعب في توقيعاتهم للإيقاع به. وقد شهد أعضاء اللجنة القروية بأن هؤلاء الضمان وقعوا على الاستمارة أمامهم ولذا فقد طلب الطاعن إلى المحكمة إعادة استكتابهم وتقديم أوراق مضاهاة معاصرة لتاريخ الاستمارة لتجرى المضاهاة على أساس سليم، ولكن المحكمة لم تجب الطاعن إلى طلبه، واكتفت بالاستكتاب الذي تلاعب فيه الضمان والذي كان قاصراً على أحدهم... دون الاثنين الآخرين وعلى الرغم من ذلك فقد قال الحكم أن توقيعات جميع الضمان مزورة وقضي بإدانة الطاعن دون أن يورد دليلاً مادياً على إدانته.
وحيث إن واقعة الدعوى كما أثبتها حكم محكمة أول درجة المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه تتحصل فيما أبلغ به..... من أن الطاعن تقدم إلى بنك التسليف باستمارة سلفة بمبلغ 86 جنيهاً تقريباً تحمل توقيعاً منسوباً له وكذلك توقيعين آخرين منسوبين لكل من... بصفتهما ضامنين له - مع أنهم لم يوقعوا على هذه الاستمارة، ولدى إجراء التحقيق أصر الشاكي وزميلاه على ما جاء بالبلاغ واتهموا الطاعن بتزوير إمضاءاتهم. وتبين من اطلاع المحكمة على الاستمارة المشار إليها أنها محررة في 24/ 2/ 1952 ومقدمة إلى بنك التسليف بطلب أسمدة وسلفة نقدية وعليها التوقيعات المنسوبة للمجني عليهم. وقد أحالت النيابة العامة الاستمارة وكذلك أوراق استكتاب الطاعن والضمان إلى قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي فثبت أن خط التوقيعات المنسوبة للمجني عليهم على الاستمارة يختلف عن خط كل منهم الوارد بالاستكتاب. واستند الحكم في إدانة الطاعن بتهمتي الاشتراك في التزوير والاستعمال إلى أقوال المجني عليهم وتقرير قسم أبحاث التزوير وإلى أن الطاعن هو صاحب المصلحة في التزوير وأنه من غير المعقول أن يتم بغير علمه.
وحيث إنه لما كان يبين مما تقدم أن الحكم قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة كافية من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما يثيره الطاعن بشأن تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير بقوله "ولا تعول المحكمة على ما أثاره المتهم من دفاع بشأن تقرير مصلحة الطب الشرعي قسم أبحاث التزييف والتزوير لعدم تقديم الطاعنين في الاستمارة بالتزوير أوراق مضاهاة معاصرة، إذ أن عدم وجود أوراق مضاهاة معاصرة لا يهدر التقرير ما دام قد بنى النتيجة التي انتهى إليها على أسباب مقبولة تأخذ بها هذه المحكمة...".
لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع قد أشارت في حكمها إلى اطمئنانها لتقرير الخبير، وكانت العبرة في المسائل الجنائية إنما تكون باقتناع قاضي الموضوع بأن إجراء من الإجراءات يصح أو لا يصح أن يتخذ أساساًً لكشف الحقيقة، وكانت المحكمة قد رأت أن أوراق الاستكتاب التي اتخذها الخبير أساساً للمضاهاة هي أوراق تؤدي هذا الغرض وأن المضاهاة التي تمت كانت صحيحة - اطمأنت إليها المحكمة للأسباب المقبولة الواردة في تقرير الخبير، وكان القانون لم يفرض طريقاً معيناً تجرى عليه المضاهاة إلا ما تناوله الشارع في بعض نصوص قانون المرافعات وقصد به مجرد الإرشاد والتوجيه دون أن يفرض ذلك فرضاً تستوجب مخالفته البطلان. لما كان ذلك، وكان ما يدعيه الطاعن من عدم استكتاب المحكمة اثنين من المجني عليهم - فإنه فضلاً عن أن الثابت من الحكم أن النيابة العامة أحالت أوراق استكتاب هذين الشخصين أيضاً إلى مصلحة الطب الشرعي لإجراء المضاهاة، وأنه قد ثبت من تقرير هذه المصلحة أن التوقيعات المنسوبة لهما تختلف عن خط كل منهما بورقة استكتابه - فضلاً عن ذلك فإنه لا يجدي الطاعن ما يثيره في هذا الشأن لأن ما تضمنه تقرير الخبير من تزوير إمضاء الذي لا يجحد الطاعن أنه استكتب ثم أجريت المضاهاة على استكتابه - ما تضمنه تقرير الخبير من ذلك - يكفي لحمل الحكم فيما انتهى إليه من إدانة الطاعن.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.


(1) المبدأ ذاته في الطعن 762/ 29 ق - (جلسة 17/ 11/ 1959).

الأحد، 1 ديسمبر 2024

الطعن 111 لسنة 30 ق جلسة 13/ 6/ 1960 مكتب فني 11 ج 2 ق 104 ص 548

جلسة 13 من يونيه سنة 1960

برياسة السيد محمود إبراهيم إسماعيل المستشار، وبحضور السادة: أحمد زكي كامل، والسيد أحمد عفيفي، ومحمد عطية إسماعيل، وعادل يونس المستشارين.

-----------------

(104)
الطعن رقم 111 لسنة 30 القضائية

تحقيق. تفتيش: ما لا يبطل الإذن به.
تقدير جدية التحريات واتصالها بشخص المتهم أو اقتصارها على منزله، ومبلغ كفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش متروك لسلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع.
عدم تقيد النيابة بما ورد في طلب الإذن بالتفتيش لا يبطل الأمر به.

---------------
1 - تقدير جدية التحريات وما إذا كانت تتصل بشخص المتهم، أو أنها مقصورة على منزله وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع - فمتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون.
2 - القول بأن إذن النيابة صدر بتفتيش شخص المتهم ومسكنه مع أن الضابط اقتصر في طلبه على الإذن بتفتيش المسكن فقط مما يعيب الإذن المذكور - هذا القول مردود بأن للنيابة - وهي تملك التفتيش من غير طلب - ألا تتقيد في التفتيش الذي تأذن به بما يرد في طلب الإذن.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز أفيوناً في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1 و2 و33 جـ والفقرة الأخيرة و35 من المرسوم بقانون 351 لسنة 1952 والجدول الأول المرفق فقررت بذلك. ومحكمة الجنايات قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 و2 و34 و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والبند رقم 1 من الجدول رقم 1 الملحق به مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة الطاعن بالحبس مع الشغل لمدة سنة وتغريمه خمسمائة جنيه ومصادرة المادة المضبوطة، فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن محصل الوجه الأول من الطعن هو الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن إذن النيابة صدر بتفتيش شخصه ومسكنه مع أن التحريات التي ارتكن عليها الإذن مقصورة على طلب تفتيش مسكنه للبحث عن أسلحة نارية غير مرخص بها، مما يلحق البطلان بإذن التفتيش لتجاوز النيابة حدود الطلب المقدم إليها. كما أن هذا الإذن وقد صدر لغرض معين هو البحث عن الأسلحة، فإنه ما كان لرجال الضبط القضائي الذين قاموا بتنفيذه أن يتجاوزوا نطاقه للبحث عن مواد مخدرة - وإلا لحق البطلان عملهم - وعلى الرغم من تمسك الدفاع عن الطاعن بجلسة المحاكمة بهذا الدفاع وبأن جريمة إحراز المخدر لم تطالع الضابط متولي التفتيش عرضاً أثناء بحثه عن السلاح ودون سعي من جانبه، فإن الحكم لم يرد على ما أثاره الدفاع في هذا الشأن مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن أورد واقعة الدعوى بما تتوافر فيه العناصر القانونية لجريمة إحراز المخدر التي دان الطاعن بها، عرض للدفع المبدى من الطاعن ببطلان التفتيش لتجاوزه الغرض المقصود منه ورد عليه في قوله "لا عبرة بما دفع به الحاضر عن المتهم (الطاعن) من بطلان التفتيش بمقولة إنه جاء مخالفاً للغرض المقصود من إجرائه وهو ضبط الأسلحة والذخائر غير المرخص بها لأن إذن التفتيش شامل لشخص المتهم ومنزله، وما قام به ضابط المباحث إنما هو تفتيش لشخص المتهم وهو أمر مأذون له به من النيابة، فهو لم يتجاوز حدود إذن التفتيش. وهو بعد ذلك قد ارتاب في المتهم عندما رآه يحاول وضع يده في جيب قفطانه ويقاومه عندما أراد منعه من ذلك مما جعله يعتقد بحق أن المتهم يخفي في ذلك الجيب شيئاً ممنوعاً سواءً أكان سلاحاً أو ذخيرة أو غير ذلك، فلا جناح عليه بعد ذلك عند تفتيش ذلك الجيب، ومن ثم يكون التفتيش صحيحاً والقول ببطلانه على غير أساس"، وهذا الذي قاله الحكم صحيح في القانون إذ أن إذن النيابة بالتفتيش شمل شخص الطاعن ومسكنه، ومن ثم يكون التفتيش قد تم إعمالاً لمقتضى ذلك الإذن - هذا إلى أنه بالرجوع إلى محضر جلسة المحاكمة يبين أن الدفاع عن الطاعن لم يثر الدفع ببطلان إذن النيابة بالتفتيش - وهو من إجراءات التحقيق السابقة على المحاكمة - أمام محكمة الموضوع، فإنه لا يقبل منه إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان القول بأن إذن النيابة صدر بتفتيش شخص الطاعن ومسكنه مع أن ضابط المباحث اقتصر في طلبه على الإذن بتفتيش المسكن فقط مما يعيب الإذن المذكور - هذا القول مردود بأن للنيابة - وهي تملك التفتيش من غير طلب - ألا تتقيد في التفتيش الذي تأذن به بما يرد في طلب الإذن. لما كان ما تقدم، وكان تقدير جدية التحريات وما إذا كانت تتصل بشخص الطاعن أو أنها مقصورة على منزله وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع - فمتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن - كما هو الحال في الدعوى - فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، ومن ثم يكون ما جاء بهذا الوجه في غير محله.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني هو الإخلال بحق الدفاع، ذلك أن الحكم لم يناقش أقوال شهود نفي الطاعن الذين سمعت أقوالهم في تحقيق النيابة، خاصة وقد أثار المدافع عن الطاعن بالجلسة أن المحقق لجأ إلى تعذيب الشاهد...... مما حمله على الشهادة ضد الطاعن وإلى عدم المثول أمام المحكمة لأداء شهادته، وكان لزاماً على الحكم أن يحقق هذا الدفاع الجوهري.
وحيث إنه لما كان يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن كل ما قاله الدفاع عن الطاعن هو "وكنا نريد أن نستشهد بشعبان حسن" وهذا القول لا يعد طلباً واجب الرد عليه، إذ الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يقرع سمع المحكمة، هذا إلى أن الحكم لم يعول على أقوال ذلك الشاهد بالتحقيقات في إدانة الطاعن، ومن ثم يكون ما جاء بهذا الوجه غير سديد أيضاًً.
وحيث إنه لكل ما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 1210 لسنة 54 ق جلسة 28 / 2 / 1989 مكتب فني 40 ج 1 ق 120 ص 684

جلسة 28 من فبراير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ يحيى الرفاعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود شوقي نائب رئيس المحكمة، محمد وليد الجارحي، محمود رضا الخضيري وأحمد الحديدي.

----------------

(120)
الطعن رقم 1210 لسنة 54 القضائية

شفعة. ملكية "اكتساب الملكية بالتقادم". تقادم. حيازة. حكم "عيوب التدليل. ما يعد قصوراً". بيع. تسجيل.
شراء الشفيع العقار المشفوع به بعقد عرفي. تمسكه باكتساب ملكيته بالتقادم قبل بيع العقار المشفوع فيه. مؤداه. وجوب تحقق المحكمة التي تنظر الشفعة من استيفاء حيازته لشرائطها المكسبة للملكية متى كان الشفيع لم يسجل سنده. علة ذلك. القضاء برفض دعوى الشفعة على أساس أن عقد البيع العرفي لا ينقل ملكية الأطيان المشفوع بها إلى الطاعنة دون بحث ما تمسكت به من اكتسابها ملكيتها بالتقادم وقت قيام سبب الشفعة. خطأ في القانون وقصور في التسبيب.

--------------------
إذا تمسك الشفيع بأنه اشترى العقار الذي يشفع به وحازه واستوفت حيازته شرائطها المكسبة للملكية قبل البيع المشفوع فيه وجب على المحكمة التي تنظر طلب الشفعة أن تتحقق من توافر تلك الشرائط متى كان الشفيع لم يسجل سنده، لأن اكتساب الملكية بالتقادم بتغنيه عن هذا التسجيل، لما كان ذلك وكان البين من محاضر أعمال الخبير أن الطاعنة تمسكت فيها بأنها وضعت يدها على الأطيان المشفوع بها منذ شرائها الحاصل بتاريخ 1/ 11/ 1955 واستمرت منذ ذلك التاريخ في ريها من الساقية الواقعة في وقف........ وقد تأيد ذلك بشهادة شاهديها ولم ينكر ملكيتها أحد من المطعون ضدهم أو يجادل فيها، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه مع ذلك على قوله أن "عقد البيع العرفي المشار إليه لا ينقل ملكية الأطيان المشفوع بها إلى الطاعنة وحجب نفسه بذلك عن بحث اكتساب الطاعنة ملكية الأطيان المشفوع بها بالتقادم" فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة أقامت على المطعون ضدهم الدعويين 5697 لسنة 1981، 72 لسنة 1982 مدني المحلة الكبرى الابتدائية بطلب أخذ مساحتي الأطيان المبينة بهما بالشفعة. وقالت بياناً لذلك أنها كانت قد اشترت مساحة خمسة أفدنة بعقد مؤرخ 1/ 11/ 1995 استصدرت حكماً بصحته ونفاذه في الدعوى 182 لسنة 1956 مدني كلي طنطا - التي سجلت صحيفتها برقم 2093 بتاريخ 5/ 3/ 1956 طنطا - ووضعت يدها على تلك المساحة منذ تاريخ شرائها ثم باعت فداناً واحداً منها إلى المطعون ضده الثالث بعقد مؤرخ 18/ 2/ 1963 فباع هو هذا الفدان إلى المطعون ضدهما الأولى والثانية بعقدين مؤرخين 20/ 11/ 1978، ولما كانت الأرض المملوكة لها تجاوز المساحة المبيعة لكل منها ولها عليها حق ارتفاق بالري والصرف منذ سنة 1955 فقد أقامت الدعويين بطلب الشفعة في هذين العقدين. ومحكمة أول درجة بعد أن ندبت خبيراً في الدعويين وقدم الخبير تقريره، حكمت فيهما بتاريخ 30/ 1/ 1983 بالشفعة. استأنف المطعون ضدهما الأولى والثاني هذا الحكم بالاستئناف 345 لسنة 33 ق طنطا، وبتاريخ 12/ 3/ 1984 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعويين. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن حاصل ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على أن ملكية الأطيان المشفوع بها لم تنتقل إليها بتسجيل عقد شرائها في حين أن هذا الملكية ثابتة لها بالتقادم الطويل منذ شرائها الحاصل بتاريخ 1/ 11/ 1955 وإذ التفت الحكم عن ذلك فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه إذا تمسك الشفيع بأنه اشترى العقار الذي يشفع به وحازه استوفت حيازته شرائطها المكسبة للملكية قبل البيع المشفوع فيه وجب على المحكمة التي تنظر طلب الشفعة أن تتحقق من توافر تلك الشرائط متى كان الشفيع لم يسجل سنده، لأن اكتساب الملكية بالتقادم بتغنيه عن هذا التسجيل، لما كان ذلك، وكان البين من محاضر أعمال الخبير أن الطاعنة تمسكت فيها بأنها وضعت يدها على الأطيان المشفوع بها منذ شرائها الحاصل بتاريخ 1/ 11/ 1955 واستمرت منذ ذلك التاريخ في ريها من الساقية الواقعة في وقف........ وقد تأيد ذلك بشهادة شاهديها ولم ينكر ملكيتها أحد من المطعون ضدهم أو يجادل فيها، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه مع ذلك على قوله أن "عقد البيع العرفي المشار إليه لا ينقل ملكية الأطيان المشفوع بها إلى الطاعنة" وحجب نفسه بذلك عن بحث اكتساب الطاعنة ملكية الأطيان المشفوع بها بالتقادم، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب بما يوجب نقضه.

الطعن 729 لسنة 54 ق جلسة 28 / 2 / 1989 مكتب فني 40 ج 1 ق 119 ص 680

جلسة 28 من فبراير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ يحيى الرفاعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود شوقي نائب رئيس المحكمة، أحمد مكي، محمود رضا الخضيري وأحمد الحديدي.

-----------------

(119)
الطعن رقم 729 لسنة 54 القضائية

أموال. تقادم "التقادم المكسب". حيازة. حكم "عيوب التدليل: ما يعد قصوراً".
أموال الوحدات الاقتصادية التابعة للمؤسسات العامة أو الهيئات العام وشركات القطاع العام غير التابعة لأيهما. جواز تملكها وكسب أي حق عليها بالتقادم قبل 13/ 8/ 1970. م 970 مدني المعدلة بالقانون 147 لسنة 57 قبل تعديلها بالقانون 55 لسنة 1970. علة ذلك.

-------------------
النص في الفقرة الثانية من المادة 970 من القانون المدني بعد تعديلها بالقانون 147 لسنة 1957 - على أنه "لا يجوز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة وكذلك أموال الأوقاف الخيرية أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم"، وفى الفقرة ذاتها بعد تعديلها بالقانون 55 لسنة 1970 على أنه "لا يجوز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة وكذلك أموال الوحدات الاقتصادية التابعة للمؤسسات العامة أو للهيئات العامة وشركات القطاع العام غير التابعة لأيهما والأوقاف الخيرية أو كسب أي حق عيني على هذه الأموال بالتقادم" يدل على أن أموال الوحدات الاقتصادية التابعة للمؤسسات العامة أو للهيئات العامة وشركات القطاع العام غير التابعة لأيهما ظلت بمنأى عن هذا الحظر وكان من الجائز تملكها وكسب أي حق عليها بالتقادم - حتى أسبغ عليها المشرع تلك الحماية بالقانون 55 لسنة 1970 الذي عمل به اعتباراً من 13/ 8/ 1970، وإذ لم يكن لهذا القانون أثر رجعي فإنه متى كسب الأفراد ملكية تلك الأموال بالتقادم قبل نفاذه، فإنها تبقى مملوكة لهم - ولما كانت تبعية الشركة المصرية الزراعية العامة للمؤسسة المصرية التعاونية الزراعية العامة لا تحجب عنها شخصيتها الاعتبارية وكيانها المستقل عن شخصية الدولة أو المؤسسة ولا تمس شكلها القانوني فلا تعد جهازاً إدارياً ولا تعتبر من أشخاص القانون العام، بل تظل رغم ملكية الدولة لها شخصاً من أشخاص القانون الخاص، مما مؤداه أن أموال تلك الشركة كانت مما يجوز تملكه بالتقادم حتى تاريخ العمل بالقانون 55 لسنة 1970. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن مدة التقادم لم تكتمل للطاعن قبل العمل بالقانون 147 لسنة 1957، وحجب نفسه بذلك عن تمحيص ما تمسك به الطاعن من أن مدة التقادم قد اكتملت بعد ذلك وإلى ما قبل العمل بالقانون 55 لسنة 1970 - وهو دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى - فإنه يكون قد خالف القانون والخطأ في تطبيقه وشابه قصور في التسبيب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم - وأخرى - أقاموا الدعوى 1906 لسنة 1980 مدني كفر الشيخ الابتدائية على الطاعن وآخرين وانتهوا فيها إلى طلب الحكم بثبوت ملكيتهم للأطيان المبينة بصحيفة الدعوى وتسليمها إليهم، تأسيساً على أنها آلت لهم بالميراث وقد أغتصبها المدعى عليهم دون سبب، ومحكمة أول درجة بعد أن ندب خبيراً في الدعوى وقدم الخبير تقريره حكمت بتاريخ 26/ 12/ 1982 بالطلبات، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف 1 سنة 16 ق طنطا، وبتاريخ 9/ 1/ 1984 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه تمسك بتملكه أطيان النزاع بالتقادم الطويل منذ اشتراها بعقد عرفي بتاريخ 29/ 2/ 1952 فالتفت الحكم عن هذا الدفاع تأسيساً على أن الشركة المصرية الزراعية العامة باعت هذه الأطيان إلى مورث المطعون ضدهم بالعقد المسجل برقم 827 لسنة 1980 وأن الفقرة الثانية من المادة 970 من القانون المدني - بعد تعديلها بالقانون 147 لسنة 1957 تحظر تملك أموال تلك الشركة بالتقادم، وإذ كان هذا الحظر لم يشمل هذه الأموال فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وشابه قصور في التسبيب مبطل له.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن النص في الفقرة الثانية من المادة 970 من القانون المدني - بعد تعديلها بالقانون 147 لسنة 1957 - على أنه "لا يجوز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة وكذلك أموال الأوقاف الخيرية أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم"، وفى الفقرة ذاتها بعد تعديلها بالقانون 55 لسنة 1970 على أنه "لا يجوز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة وكذلك أموال الوحدات الاقتصادية التابعة للمؤسسات العامة أو للهيئات العامة وشركات القطاع العام غير التابعة لأيهما والأوقاف الخيرية أو كسب أي حق عيني على هذه الأموال بالتقادم" يدل على أن أموال الوحدات الاقتصادية التابعة للمؤسسات العامة أو للهيئات العامة وشركات القطاع العام غير التابعة لأيهما والأوقاف الخيرية أو كسب أي حق عيني على هذه الأموال بالتقادم "يدل على أن أموال الوحدات الاقتصادية التابعة للمؤسسات العامة أو للهيئات العامة وشركات القطاع العام غير التابعة لأيهما ظلت بمنأى عن هذا الخطر وكان من الجائز تملكها وكسب أي حق عليها بالتقادم - حتى أسبع عليها المشرع تلك الحماية بالقانون 55 لسنة 1970 الذي عمل به اعتباراً من 13/ 8/ 1970، وإذ لم يكن لهذا القانون أثر رجعي فإنه متى كسب الأفراد ملكية تلك الأموال بالتقادم قبل نفاذه، فإنها تبقى مملوكة لهم - ولما كانت تبعية الشركة المصرية الزراعية العامة للمؤسسة المصرية التعاونية الزراعية العامة لا تحجب عنها شخصيتها الاعتبارية وكيانها المستقل عن شخصية الدولة أو المؤسسة ولا تمس شكلها القانوني فلا تعد جهازاً إدارياً ولا تعتبر من أشخاص القانون العام، بل تظل رغم ملكية الدولة لها شخصاً من أشخاص القانون الخاص، مما مؤداه أن أموال تلك الشركة كانت مما يجوز تملكه بالتقادم حتى تاريخ العمل بالقانون 55 لسنة 1970، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن مدة التقادم لم تكتمل للطاعن قبل العمل بالقانون 147 لسنة 1957، وحجب نفسه بذلك عن تمحيص ما تمسك به الطاعن من أن مدة التقادم قد اكتملت بعد ذلك وإلى ما قبل العمل بالقانون 55 لسنة 1970 - وهو دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى - فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وشابه قصور في التسبيب بما يوجب نقضه دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 1279 لسنة 54 ق جلسة 28 / 2 / 1989 مكتب فني 40 ج 1 ق 118 ص 677

جلسة 28 من فبراير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ يحيى الرفاعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود شوقي نائب رئيس المحكمة، أحمد مكي، محمد وليد الجارحي ومحمود رضا الخضيري.

-------------------

(118)
الطعن رقم 1279 لسنة 54 القضائية

دعوى "الصفة في الدعوى". ضرائب. تنفيذ "حجز إداري".
الوزير هو صاحب الصفة في تمثيل وزارته والمصالح والإدارات التابعة لها أمام القضاء. الاستثناء. منح جهة إدارية معينة الشخصية الاعتبارية وإسناد صفة النيابة عنها لغير الوزير. وزير المالية دون غيره الممثل لمصلحة الضرائب ومأمورياتها أمام القضاء. علة ذلك.

------------------
الأصل أن الوزير هو الذي يمثل وزارته فيما ترفعه الوزارة والمصالح والإدارات التابعة لها أو يرفع عليها من دعاوى وطعون - إلا إذا منح القانون الشخصية الاعتبارية لجهة إدارية معينة منها وأسند صفة النيابة عنها إلى غير الوزير فتكون له عندئذ هذه الصفة في الحدود التي يعينها القانون - ولما كان المشرع لم يمنح الشخصية الاعتبارية لمصلحة الضرائب ولا لمأموريتها فإن وزير المالية يكون هو دون غيره من موظفيها الذي يمثلها فيما ترفعه أو يرفع عليها من دعاوى وطعون، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر - وجرى في قضائه بقبول الدعوى ضد مراقب عام مأمورية الضرائب الحاجزة تأسيساً على أنه هو الذي يمثلها - فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت على مراقب عام مأمورية ضرائب المقاولات (الطاعن) والمطعون ضدها الثانية الدعوى 128 سنة 1978 مدني جزئي باب شرقي التي قيدت فيما بعد برقم 810 لسنة 1981 تنفيذ الإسكندرية وانتهت فيها إلى طلب الحكم بثبوت ملكيتها للمنقولات التي حجزت عليها المأمورية المشار إليها إدارياً بتاريخ 27/ 2/ 1978 واعتبار الحجز كأن لم يكن. وقاضي التنفيذ بالمحكمة الأخيرة حكم فيها بتاريخ 22/ 12/ 1981 بالطلبات - استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف 110 سنة 38 ق الإسكندرية. وبتاريخ 27/ 2/ 1984 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة المذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه رفض الدفع المبدى منه بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة تأسيساً على أنه يمثل المأمورية الحاجزة في حين أن المأمورية ليس لها شخصية اعتبارية وأن صاحب الصفة في تمثيلها هو وزير المالية دون غيره من موظفيها.
وحيث إن هذا النعي في محله. ذلك أن الأصل أن الوزير هو الذي يمثل وزارته فيما ترفعه الوزارة والمصالح والإدارات التابعة لها أو يرفع عليها من دعاوى وطعون - إلا إذا منح القانون الشخصية الاعتبارية لجهة إدارية معينة منها وأسند صفة النيابة عنها إلى غير الوزير فتكون له عندئذ هذه الصفة في الحدود التي يعينها القانون - ولما كان المشرع لم يمنح الشخصية الاعتبارية لمصلحة الضرائب ولا لمأموريتها، فإن وزير المالية يكون هو دون غيره من موظفيها الذي يمثلها فيما ترفعه أو يرفع عليها من دعاوى وطعون، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر - وجرى في قضائه بقبول الدعوى ضد مراقب عام مأمورية الضرائب الحاجزة على أنه هو الذي يمثلها - فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم.