جلسة 2 من مارس سنة 1989
برئاسة السيد المستشار/ درويش عبد المجيد نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد المنعم حافظ نائب رئيس المحكمة، د. رفعت عبد المجيد، محمد خيري الجندي وزكي عبد العزيز.
---------------
(122)
الطعن رقم 1979 لسنة 53 القضائية
(1) دعوى "الطلبات الختامية". محكمة الموضوع.
الطلب الذي تلتزم المحكمة بالفصل فيه. ماهيته.
(2) عقد "آثار العقد". خلف.
العقد الصحيح. انصراف أثاره إلى الخلف العام. التزامه بتنفيذ ما التزم به مورثه. م 145 مدني. علة ذلك.
(3) حيازة "اكتساب الملكية". ملكية "أسباب كسب الملكية". عقد "أثار العقد". بيع "التزامات البائع: ضمان التعرض". خلف.
التزم البائع بضمان عدم التعرض. انتقاله من البائع إلى ورثته. أثره. امتناع منازعتهم للمشتري فيما كسبه من حقوق بموجب عقد البيع. م 439 مدني. الاستثناء. توافر شروط وضع اليد المكسب للملكية لديهم أو لدى مورثهم بعد تاريخ البيع.
(4) إثبات "المحررات العرفية". خلف.
الورقة العرفية. تستمد حجيتها في الإثبات من التوقيع. الإقرار بورقة عرفية. حجة على من وقعه. امتداد هذه الحجية إلى الوارث. شرطه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الثاني أقام على الطاعنين الثلاثة الدعوى رقم 520 لسنة 1978 أمام محكمة بلبيس الجزئية طالباً الحكم بإلزامهم بأن يؤدوا إليه مائتين وأربعين جنيهاً مع تسليمه المنزل المبين بالصحيفة، وقال بياناً لذلك أنه بموجب عقد بيع عرفي مؤرخ 25/ 3/ 1965 اشترى المنزل المشار إليه من المطعون ضدها الأول وأقام الدعوى رقم 1043 لسنة 1972 مدني كلي الزقازيق بطلب صحته ونفاذه وسجل صحيفة تلك الدعوى التي انتهت صلحاً وأنه إذ كان الطاعنون يضعون يدهم على المنزل المبيع إليه بمقتضى عقد إيجار شفاهي ولم يوفوا بالأجرة ومقدارها 240 جنيهاً خلال الفترة من 1/ 3/ 1976 حتى 29/ 2/ 1978 كما امتنعوا عن تسليمه ذلك المنزل دون مسوغ فقد أقام دعواه ليحكم له بمطلبها. وأثناء السير في الدعوى أقام الطاعنون أمام ذات المحكمة دعوى أخرى قيدت برقم 988 لسنة 1979 اختصموا فيها المطعون ضدهما بطلب سقوط الحكم الصادر في الدعوى رقم 393 لسنة 1962 وتثبيت ملكيتهم للمنزل موضوع التداعي على سند من أن هذا المنزل هو في الأصل مملوك لأبيهم المرحوم........ وأن عقد البيع المؤرخ 1/ 10/ 1960 الصادر منه ببيع هذا المنزل لأختهم المطعون ضدها الأولى هو عقد صوري صورية مطلقة حرر لعرقلة تنفيذ إجراءات نزع الملكية التي اتخذها أحد الدائنين ضد أبيهم في ذلك الوقت ويترتب على صورية ذلك البيع بطلان إجراءات الدعوى رقم 393 لسنة 1962 التي أقيمت بطلب صحته ونفاذه وانتهت صلحاً، ويكون عقد البيع الصادر من أختهم المطعون ضدها الأولى لزوجها المطعون ضده الثاني ببيع المنزل محل النزاع باطلاً أيضاً لبطلان عقد شراء البائعة، وأمرت محكمة بلبيس الجزئية بضم الدعوى الثانية إلى الدعوى الأولى للارتباط وبعد أن ندبت خبيراً حكمت بعدم اختصاصها بنظر الدعويين وبإحالتها إلى محكمة الزقازيق الابتدائية فقيدت الدعويان في جداولها برقم 1392 لسنة 1980، وبتاريخ 8 من يناير سنة 1981 حكمت المحكمة (أولاً): في الدعوى رقم 988 لسنة 1979 مدني بلبيس برفضها (ثانياً): وفى الدعوى رقم 250 لسنة 1978 مدني بلبيس بإلزام المدعى عليهم فيها - الطاعنين بتسليم المنزل موضوع النزاع الموضح الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى وتقرير المطعون ضده الثاني - استأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة بالاستئناف رقم 52 لسنة 24 قضائية "مأمورية الزقازيق" طالبين الحكم برفض الدعوى المقامة من المطعون ضده الثاني والحكم بطلباتهم في الدعوى المرفوعة منهم، وتمسك الطاعنون وأثناء نظر استئنافهم بصورية عقد البيع المؤرخ 1/ 10/ 1960 الصادر من مورثهم إلى أختهم المطعون ضدها الأولى صورية نسبيه باعتبار أنه يخفي في حقيقته تبرعاً مضافاً إلى ما بعد الموت أي وصية، وحكمت المحكمة بتاريخ 13 من فبراير سنة 1982 بقبول الاستئناف شكلاً وبإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي الطعن بالصورية المستترة على ذلك العقد، وبعد أن سمعت شهود طرفي التداعي قضت بتاريخ 13 من يونيو سنة 1983 برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنون في الوجهين الأول والثاني من السبب الأول وفى السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في فهم واقع الدعوى والقصور في التسبيب، وفى بيان ذلك يقولون أنهم تمسكوا في دفاعهم أمام محكمة الاستئناف بأنهم كانوا يشاركون أباهم في وضع اليد على المنزل محل النزاع منذ عام 1931 وظل وضع يدهم قائماً مستوفياً شرائطه فاكتسبوا الملكية بمضي المدة الطويلة إلا أن الحكم المطعون فيه لم يتفهم حقيقة ما ساقوه من دفاع فاكتفى ببحث وضع يد مورثهم وخلص إلى نفي اكتسابه ملكية العقار بالتقادم الطويل بعد أن تصرف فيه بالبيع إلى المطعون ضدها الأولى وأقر بمصادقته على عقد البيع الصادر منها إلى المطعون ضده الأول في حين أنهم لا يحاجوهم بهذا البيع الصادر من مورثهم اعتباراً بأن دفاعهم جرى باكتسابهم هم أنفسهم ملكية العقار بالتقادم الطويل لبدء حيازتهم في سنة 1931 ولم يتمسكوا بهذه الملكية باعتبارهم ورثة تنصرف إليهم آثار التصرفات الصادرة من مورثهم وهو ما غفل الحكم عن تمحيصه وتحقيقه أو مواجهته بما يصلح رداً له الأمر الذي يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك بأن الثابت من الأوراق أن الطاعنين تمسكوا أمام محكمة أول درجة بصورية عقد البيع المؤرخ أول أكتوبر سنة 1960 الصادر من مورثهم إلى شقيقتهم المطعون ضدها الأولى صورية مطلقة فدفع المطعون ضدهما بعدم جواز إثبات هذه الصورية إلا بدليل مكتوب يخالف الثابت بالكتابة فأطرحت تلك المحكمة أخذاً بهذا الدفع - الطعن بالصورية المطلقة، ولما استأنف الطاعنون قضاء محكمة أول درجة أشاروا في صحيفة الاستئناف إلى أنهم كانوا يشاركون المورث في وضع يده على العقار محل النزاع فاكتسب جميعهم ملكيته بالتقادم الطويل إلا أنهم من بعد ذلك طعنوا على عقد البيع الصادر من مورثهم إلى المطعون ضدها الأولى بالصورية المستترة اعتباراً بأن البيع يخفي في حقيقته تصرفاً تبرعاً مضافاً إلى ما بعد الموت وأفصحوا في طعنهم عن أن المورث ظل محتفظاً بحيازة العقار المبيع منتفعاً به حتى توفى فقضت محكمة الاستئناف بتاريخ 12 من فبراير سنة 1982 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعنون بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة أن عقد البيع آنف الذكر صوري صورية نسبيه قصد به التحايل على قواعد الإرث ولم يدفع فيه ثمن وظل المورث يحتفظ بالعقار الذي تصرف فيه وبحقه في الانتفاع به مدى حياته وأجازت للمطعون ضدها الأول النفي بذات الطرق، وأجرت المحكمة تحقيقاً سمعت فيه شهود الطرفين، ويبين من دفاع الطاعنين بالمذكرة المقدمة لجلسة 12 من يناير 1983 بعد الفراغ من التحقيق أنهم تمسكوا في صراحة ووضوح بأن مورثهم هو الذي كان يضع يده على منزل النزاع بعد التصرف الصوري الصادر منه وضع يد هادئ ومستمر وبنية التملك ولمدة تزيد على خمسة عشرة سنة فاكتسب الملكية بوضع اليد المدة الطويلة ولا يبين من ذلك الدفاع أنهم ادعوا لأنفسهم حقاً قبل موت مورثهم في التملك بالتقادم الطويل أو ادعوا لأنفسهم حيازة للعقار ترجع إلى عام 1931، لما كان ذلك وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن ما يجب على محكمة الموضوع الاعتداد به والتصدي لبحثه والفصل فيه هو طلبات الخصوم وأوجه دفاعهم الختامية، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد عرض في أسبابه لبحث الطعن بالصورية المستترة وبعد أن خلص إلى رفض هذا الطعن اعتبر البيع الصادر من المورث إلى ابنته المطعون ضدها الأول بيعاً صحيحاً منجزاً وأن المورث من بعد هذا التصرف المنجز أقر بمصادقته على البيع الصادر من هذه الأخيرة إلى المطعون ضده الثاني بموجب العقد المحرر في 25 مارس سنة 1965، ثم انتهى إلى انتفاء شروط وضع يده المؤدي إلى التملك بالتقادم الطويل على ذلك العقار بعد تصرفه فيه بالبيع وحتى توفى في 7 من إبريل سنة 1971، ومن ثم فإن الحكم يكون قد أحاط بفهم سليم لواقع الدعوى وما جرى به دفاع الطاعنين الختامي وجابه هذا الدفاع بتنفيذ سائغ مستمد مما له أصل ثابت بالأوراق ويضحى النعي الذي يثيره الطاعنون على غير أساس.
وحيث إن حاصل الوجه الثالث من السبب الأول أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون إذ اعتد بعقد البيع للعقار محل النزاع المؤرخ 25 من مارس سنة 1965 والصادر من المطعون ضدها الأول إلى المطعون ضده الثاني رغم أنهم ومورثهم من قبل لم يختصموا في إجراءات الدعوى 1043 لسنة 1972 مدني كلي الزقازيق التي رفعت بطلب صحته ونفاذه فلا تمتد آثار هذا العقد إليهم، كما أن إقرار المصادقة عليه والصادر من مورثهم لم يواجه به المورث حال حياته فلا يكون له من أثر بالنسبة أو لمورثهم، وإذ قضى الحكم بما يخالف هذا النظر فإنه يكون معيباً مستوجباً نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك بأن من المقرر وفقاً لنص المادة 145 من القانون المدني أن آثار العقد الصحيح لا تقتصر على المتعاقدين بل تتجاوزهم إلى الخلف العام فيسري في حقه ما يسري في حق السلف بشأن هذا العقد، فمتى نشأ العقد صحيحاً له قوته الملزمة فإنه يكون حجة على الوارث أو عليه لأنه يعتبر قائماً مقام المورث ويلتزم بتنفيذ ما التزم به مورثه، لما كان الثابت من واقع الدعوى، وعلى ما سلف بيانه أن مورث الطاعنين باع العقار موضوع التداعي إلى المطعون ضدها الأولى بمقتضى عقد البيع المؤرخ أول أكتوبر سنة 1960 وكان الحكم المطعون فيه خلص إلى أن الطاعنين عجزوا عن إثبات صورية هذا البيع صورية مستترة بإخفائه لتصرف تبرعي مضاف إلى ما بعد الموت، وكان الطاعنون لا يثيرون نعياً على الحكم في هذا المقام، فإن هذا البيع الصادر من مورثهم ينتج آثاره باعتباره تصرفاً صحيحاً منجزاً فيلتزم الورثة الطاعنون بالالتزامات الناشئة عنه التي من بينها الالتزام بضمان عدم التعرض للمشترية في الانتفاع بالعقار المبيع أو منازعتها فيما كسبته من حقوق تولدت عن هذا العقد كما يمتنع عليهم منازعة من باعت إليه العقار. وذلك تطبيقاً لنص المادة 439 من القانون المدني ولا يستثنى من ذلك وعلى - ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إلا الحالة التي تتوافر فيها لديهم أو لدى مورثهم بعد تاريخ البيع شروط وضع اليد على العقار المبيع المدة المكسبة للملكية، وإذ كان الحكم المطعون فيه - وعلى ما استبان من الرد على أوجه النعي السابقة - قد نفى بأسباب سائغة توافر الشرائط التي يتطلبها القانون لاكتساب المورث بعد حصول البيع لملكية العقار المبيع بوضع اليد المدة الطويلة فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون إذ اعتبر عقد البيع المؤرخ أول أكتوبر سنة 1960 قد انصرفت آثاره إلى الطاعنين ورثة البائع ولم يعتد بمنازعتهم المطعون ضده الثاني في الحقوق وليده عقد البيع المؤرخ 25 من مارس سنة 1965 باعتباره عقداً صحيحاً صادراً ممن اشترت العقار من مورثهم بعقد صحيح منجز، لما كان ذلك وكان المقرر إعمالاً لنص المادة 14 من قانون الإثبات أن الورقة العرفية تستمد حجيتها في الإثبات من التوقيع - فيعتبر الإقرار بورقة عرفية حجة على من وقعه كما تمتد حجيته إلى الوارث طالما لم يطعن على توقيع مورثه بالجهالة أو بالإنكار، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعنين لم يطعنوا بثمة طعون على توقيع مورثهم بإقراره المدون بعقد البيع المؤرخ أول أكتوبر سنة 1960 فلا على الحكم المطعون فيه أن اتخذ من هذا الإقرار قرينة على عدم توافر شروط وضع اليد المؤدي إلى اكتساب مورثهم للملكية بعد البيع الصادر منه للمطعون ضدها الأولى، ومن ثم فإن النعي بهذا الوجه يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق