جلسة الأول من مارس سنة 1989
برئاسة السيد المستشار/ محمد محمود راسم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسين علي حسين نائب رئيس المحكمة، حمدي محمد علي، عزت عمران ورجب أبو زهرة.
--------------
(121)
الطعن رقم 135 لسنة 52 القضائية
(1 - 2) إيجار "إيجار الأماكن" "التأجير من الباطن" "التأخير في الوفاء بالأجرة".
(1) حظر تخلي المستأجر على الحق في الانتفاع بالمكان المؤجر بتمكين الغير منه بأي وجه من الوجوه. مخالفة هذا الحظر. أثره. للمؤجر طلب إخلاء المكان المؤجر.
(2) حق المستأجر في إدخال شريك معه في الاستغلال التجاري الذي يباشره في العين المؤجرة. بقاء عقد الإيجار قائماً لصالح المستأجر وحده. كفاية تكليف المستأجر بالوفاء بالأجرة المتأخرة - دون شريكه في استعمال العين.
(3) القضاء بعدم قبول دعوى الإخلاء لعدم تكليف شريك المستأجر بالوفاء بالأجرة المتأخرة بعد تصفية الشركة في ظل القانون 52 لسنة 1969. خطأ في القانون. نص المادة 29/ 2 ق 49 لسنة 1977 - حكم مستحدث لا نظير له في القانون السابق.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضدهما الدعوى رقم 229 لسنة 1977 أمام محكمة دمنهور الابتدائية بطلب الحكم بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 1/ 2/ 1976 وإخلاء الشقة محل النزاع وتسليمها إليه خالية. وقال شرحاً لدعواه أن المطعون ضده الثاني استأجر منه هذه الشقة بمقتضى العقد المذكور وذلك مقابل أجرة شهرية قدرها خمس جنيهات ونصف وإذ تخلف عن سداد الأجرة منذ 1/ 8/ 1976 رغم التنبيه عليه بالوفاء، كما قام بتأجير العين من الباطن إلى المطعون ضده الأول دون إذن كتابي من المالك فقد أقام الدعوى وبتاريخ 15/ 1/ 1978 أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق لإثبات واقعة التأجير من الباطن. وبعد أن استمعت المحكمة إلى شهود الطرفين حكمت بتاريخ 13/ 5/ 1979 بإخلاء عين النزاع وتسليمها إلى الطاعن خالية. استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 560 لسنة 35 ق - إسكندرية "مأمورية دمنهور" وبتاريخ 17/ 11/ 1981 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأته جديراً بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفى بيان ذلك يقول أنه أقام الدعوى بطلب فسخ عقد الإيجار المبرم بينه وبين المطعون ضده الثاني المستأجر الأصلي للعين محل النزاع تأسيساً على امتناعه عن سداد الأجرة وتأجيرها من الباطن للمطعون ضده الأول وإذ لا تربطه به ثمة علاقة إيجارية فإنه الطاعن لا يلتزم بتكليفه بالوفاء بالأجرة المتأخرة على المستأجر الأصلي. وإذ - قضى الحكم بعدم قبول الدعوى لعدم تكليف المطعون ضده الأول بالوفاء بالأجرة تأسيساً على أنه شارك المطعون ضده الثاني في عين النزاع رغم وجود نزاع بين الطرفين حول قيام تلك الشركة المدعى بها فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة أن الأصل في ظل قوانين إيجار الأماكن الاستثنائية هو إنفراد المستأجر ومن يتبعه حكم العقد بالحق في الانتفاع بالمكان المؤجر وعدم تخليه عنه للغير كلياً كان أو جزئياً مستمراً أو موقوتاً، بمقابل أو بدونه باعتبار أن هذا التخلي بجميع صوره خروجاً من المستأجر على نص عقد الإيجار مكملاً بأحكام هذه القوانين يجيز للمؤجر طلب إخلاء المكان المؤجر، وقد أجازت هذه القوانين للمستأجر أن يدخل معه شركاء في استغلال العين المؤجرة باعتبار أن إشراكه شخصاً آخر معه في الاستغلال التجاري الذي يباشره في هذه العين لا يعتبر إخلالاً بالحظر المانع من التنازل عن الإيجار - أو التأجير من الباطن بل متابعة من جانب المستأجر في الانتفاع بالعين فيما أجرت من أجله، دون أن ينطوي هذا الأمر بذاته على معنى تخلي المستأجر عن حقه في الانتفاع بتلك العين سواء كلها أو بعضها - إلى شريكه في المشروع المالي بأي طريق من طرق التخلي، مما مقتضاه أن يظل عقد إيجار العين على حاله قائماً لصالح المستأجر وحده دون شركائه في استغلال العين، فلا تنصرف الحقوق الناشئة عنه والالتزامات المتولدة منه إلا إلى عاقديه ومن ثم فإنه يكفي لإعمال أثر التكليف بالوفاء بالأجرة المتأخرة - في شأن دعوى الإخلاء أن يوجه الإنذار بذلك إلى المستأجر وحده دون شريكه في استعمال العين المؤجرة. لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن الطاعن أقام الدعوى بطلب فسخ عقد الإيجار المبرم بينه وبين المطعون ضده الثاني (المستأجر) في 1/ 2/ 1976 وإخلاء الشقة المؤجرة له تأسيساً على امتناعه عن الوفاء بالأجرة منذ 1/ 8/ 1976 رغم تكليفه بسدادها بمقتضى إنذار على يد محضر بتاريخ 14/ 12/ 1976، فضلاً عن أنه قام بتأجيرها من الباطن للمطعون ضده الأول، وقد دفع الأخير دعوى الطاعن بأن ثمة شركة تكونت بينه وبين المطعون ضده الثاني (المستأجر الأصلي) وأنه اختص بعين النزاع بعد أن صفيت تلك الشركة في 8/ 9/ 1976 وتمسك الطاعن بأن هذه الشركة صورية قصد بها التحايل على حكم القانون لستر واقعة التأجير من الباطن. وإذ قضى الحكم المطعون فيه بعدم قبول دعوى الطاعن على سند من أنه كان يتعين أن يسبقها تكليف المطعون ضده الأول بالوفاء بالأجرة باعتباره شريكاً للمستأجر الأصلي (المطعون ضده الثاني) وقد صفيت الشركة بينهما واستأثر الشريك بالعين المؤجرة وذلك رغم أن العلاقة الإيجارية قائمة فحسب بين الطاعن بوصفه مؤجراً والمطعون ضده الثاني باعتباره مستأجراً وذلك بمقتضى العقد المؤرخ 1/ 2/ 1976 إذ كان لا يغير من ذلك ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من قيام شركة بين المطعون ضدهما تمت تصفيتها في 8/ 9/ 1976 وأصبح المطعون ضده الأول هو المستأجر للعين بناء على هذه التصفية، ذلك أن النص في المادة 29/ 2 من قانون إيجار الأماكن رقم 49 لسنة 1977 - الذي عمل به اعتباراً من 9/ 9/ 1977 - على أنه "إذا كان العين المؤجرة لمزاولة نشاط تجاري أو صناعي أو مهني أو حرفي فلا ينتهي العقد بوفاة المستأجر أو تركه العين ويستمر لصالح ورثته وشركائه في استعمال العين بحسب الأحوال" هو نص مستحدث لم يكن له نظير في القانون السابق رقم 52 لسنة 1969 الذي كان سارياً وقت تصفية الشركة في 8/ 9/ 1976 وعند توجيه التكليف بالوفاء بتاريخ 14/ 12/ 1976 مما مفاده أنه وبفرض صحة قيام الشركة وتصفيتها - وهو أمر ما زال محل نزاع من جانب الطاعن - فإن عقد إيجار المكان المعد لمزاولة نشاط تجاري لا يمتد في ظل أحكام القانون السابق - لصالح شركاء المستأجر إذ ما ترك العين المؤجرة، ومن ثم فإن الطاعن (المؤجر) لا يلتزم بتوجيه التكليف بالوفاء بالأجرة المتأخرة إلى المطعون ضده الأول والذي لا تربطه به ثمة علاقة إيجارية وفقاً لأحكام القانون القائم وقتئذ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم قبول الدعوى فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن، وإذ حجبه هذا الخطأ عن بحث موضوع النزاع المطروح عليه فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق