جلسة 13 من يونيه سنة 1960
برياسة السيد محمود إبراهيم إسماعيل المستشار، وبحضور السادة: أحمد زكي كامل، والسيد أحمد عفيفي، ومحمد عطية إسماعيل، وعادل يونس المستشارين.
-----------------
(104)
الطعن رقم 111 لسنة 30 القضائية
تحقيق. تفتيش: ما لا يبطل الإذن به.
تقدير جدية التحريات واتصالها بشخص المتهم أو اقتصارها على منزله، ومبلغ كفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش متروك لسلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع.
عدم تقيد النيابة بما ورد في طلب الإذن بالتفتيش لا يبطل الأمر به.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز أفيوناً في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1 و2 و33 جـ والفقرة الأخيرة و35 من المرسوم بقانون 351 لسنة 1952 والجدول الأول المرفق فقررت بذلك. ومحكمة الجنايات قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 و2 و34 و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والبند رقم 1 من الجدول رقم 1 الملحق به مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة الطاعن بالحبس مع الشغل لمدة سنة وتغريمه خمسمائة جنيه ومصادرة المادة المضبوطة، فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
حيث إن محصل الوجه الأول من الطعن هو الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن إذن النيابة صدر بتفتيش شخصه ومسكنه مع أن التحريات التي ارتكن عليها الإذن مقصورة على طلب تفتيش مسكنه للبحث عن أسلحة نارية غير مرخص بها، مما يلحق البطلان بإذن التفتيش لتجاوز النيابة حدود الطلب المقدم إليها. كما أن هذا الإذن وقد صدر لغرض معين هو البحث عن الأسلحة، فإنه ما كان لرجال الضبط القضائي الذين قاموا بتنفيذه أن يتجاوزوا نطاقه للبحث عن مواد مخدرة - وإلا لحق البطلان عملهم - وعلى الرغم من تمسك الدفاع عن الطاعن بجلسة المحاكمة بهذا الدفاع وبأن جريمة إحراز المخدر لم تطالع الضابط متولي التفتيش عرضاً أثناء بحثه عن السلاح ودون سعي من جانبه، فإن الحكم لم يرد على ما أثاره الدفاع في هذا الشأن مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن أورد واقعة الدعوى بما تتوافر فيه العناصر القانونية لجريمة إحراز المخدر التي دان الطاعن بها، عرض للدفع المبدى من الطاعن ببطلان التفتيش لتجاوزه الغرض المقصود منه ورد عليه في قوله "لا عبرة بما دفع به الحاضر عن المتهم (الطاعن) من بطلان التفتيش بمقولة إنه جاء مخالفاً للغرض المقصود من إجرائه وهو ضبط الأسلحة والذخائر غير المرخص بها لأن إذن التفتيش شامل لشخص المتهم ومنزله، وما قام به ضابط المباحث إنما هو تفتيش لشخص المتهم وهو أمر مأذون له به من النيابة، فهو لم يتجاوز حدود إذن التفتيش. وهو بعد ذلك قد ارتاب في المتهم عندما رآه يحاول وضع يده في جيب قفطانه ويقاومه عندما أراد منعه من ذلك مما جعله يعتقد بحق أن المتهم يخفي في ذلك الجيب شيئاً ممنوعاً سواءً أكان سلاحاً أو ذخيرة أو غير ذلك، فلا جناح عليه بعد ذلك عند تفتيش ذلك الجيب، ومن ثم يكون التفتيش صحيحاً والقول ببطلانه على غير أساس"، وهذا الذي قاله الحكم صحيح في القانون إذ أن إذن النيابة بالتفتيش شمل شخص الطاعن ومسكنه، ومن ثم يكون التفتيش قد تم إعمالاً لمقتضى ذلك الإذن - هذا إلى أنه بالرجوع إلى محضر جلسة المحاكمة يبين أن الدفاع عن الطاعن لم يثر الدفع ببطلان إذن النيابة بالتفتيش - وهو من إجراءات التحقيق السابقة على المحاكمة - أمام محكمة الموضوع، فإنه لا يقبل منه إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان القول بأن إذن النيابة صدر بتفتيش شخص الطاعن ومسكنه مع أن ضابط المباحث اقتصر في طلبه على الإذن بتفتيش المسكن فقط مما يعيب الإذن المذكور - هذا القول مردود بأن للنيابة - وهي تملك التفتيش من غير طلب - ألا تتقيد في التفتيش الذي تأذن به بما يرد في طلب الإذن. لما كان ما تقدم، وكان تقدير جدية التحريات وما إذا كانت تتصل بشخص الطاعن أو أنها مقصورة على منزله وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع - فمتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن - كما هو الحال في الدعوى - فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، ومن ثم يكون ما جاء بهذا الوجه في غير محله.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني هو الإخلال بحق الدفاع، ذلك أن الحكم لم يناقش أقوال شهود نفي الطاعن الذين سمعت أقوالهم في تحقيق النيابة، خاصة وقد أثار المدافع عن الطاعن بالجلسة أن المحقق لجأ إلى تعذيب الشاهد...... مما حمله على الشهادة ضد الطاعن وإلى عدم المثول أمام المحكمة لأداء شهادته، وكان لزاماً على الحكم أن يحقق هذا الدفاع الجوهري.
وحيث إنه لما كان يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن كل ما قاله الدفاع عن الطاعن هو "وكنا نريد أن نستشهد بشعبان حسن" وهذا القول لا يعد طلباً واجب الرد عليه، إذ الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يقرع سمع المحكمة، هذا إلى أن الحكم لم يعول على أقوال ذلك الشاهد بالتحقيقات في إدانة الطاعن، ومن ثم يكون ما جاء بهذا الوجه غير سديد أيضاًً.
وحيث إنه لكل ما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق