جلسة 9 من نوفمبر سنة 1961
برياسة السيد محمود القاضي المستشار، وبحضور السادة: حسن خالد، ومحمود توفيق إسماعيل، وأحمد شمس الدين على، ومحمد عبد اللطيف مرسي المستشارين.
----------------
(109)
الطعن رقم 610 لسنة 25 القضائية
نقل بحري. مسئولية الناقل البحري. تحديد المسئولية. معاهدات سندات الشحن.
يدخل في نطاق التحديد القانوني لمسئولية الناقل وفقاً لمعاهدة بروكسل كل ما يقع من هلاك أو تلف نتيجة لخطأ غير عمدي أياً كانت درجته. لائحة نطاق هذا التحديد إلى ما يكون ناشئاً عن غش الناقل شخصياً.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مكتب شركة الشمس للتأمين (المطعون عليه) أقام الدعوى رقم 1564 سنة 1949 تجاري كلي إسكندرية ضد شركة بواخر البوسنة الخديوية (الطاعنة) بطلب الحكم بإلزامها بأن تدفع له مبلغ 1098 جنيهاً و328 مليماً واحتياطياً الحكم بإلزامها بدفع ما يوازي مائتي جنيه استرليني ذهباً أو ما يقابلها بالعملة المصرية على أساس السعر الرسمي للذهب، وذلك قيمة محتويات صندوقين أفرغا في ميناء الإسكندرية بتاريخ 27 فبراير سنة 1948 من السفينة (الملك فؤاد) المملوكة للشركة الطاعنة لحساب محلات داود عدس وأولاده كان مؤمناً عليهما لدى المطعون عليه، بأن وجد الصندوق الأول بحالة غير سليمة، وحصل العبث بمحتويات الصندوق الثاني واستبدل بها غيرها من مواد عديمة القيمة. وبتاريخ 12 من ديسمبر سنة 1950 حكمت المحكمة بإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون عليه مبلغ مائتي جنيه استرليني أو ما يعادلها بالعملة المصرية مع الفوائد القانونية، فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم أمام محكمة استئناف إسكندرية وقيد استئنافه برقم 352/ 7 تجاري طالباً تعديله والحكم بإلزام الطاعنة بأن تدفع له مبلغ 1098 جنيهاً و328 مليماً مع الفوائد القانونية وبصفة احتياطية بأن تدفع مبلغ مائتي جنيه استرليني بالعملة الذهبية أو ما يقابلهما بالعملة المصرية على أساس سعر السوق الذهبية في مصر وبتاريخ 22 من ديسمبر سنة 1954 حكمت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون عليه مبلغ 1098 جنيهاً و328 مليماً وفوائده القانونية. وبتاريخ 22 من نوفمبر سنة 1955 قررت الطاعنة بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض، وبعد استيفاء الإجراءات عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 25 من مايو سنة 1960 وبها صممت النيابة على مذكرتها التي طلبت فيها نقض الحكم، فقررت دائرة الفحص في نفس الجلسة إحالة الطعن على هذه الدائرة وحدد لنظره جلسة 26 من أكتوبر سنة 1961 وفي هذه الجلسة حضر الأستاذ موريس سعاده المحامي عن الأستاذ أحمد عبد الهادي المحامي والوكيل عن الشركة العربية المتحدة للملاحة البحرية (سابقاً الشركة العامة للملاحة البحرية) وقرر بأن شركة بواخر البوستة الخديوية اندمجت في الشركة العربية المتحدة للملاحة البحرية بمقتضى قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 109 سنة 1961. وأصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إنه مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون ذلك بأنه بقضائه بمسئولية الطاعنة مسئولية كاملة عن فقد الصندوقين استناداً إلى أن فقد محتوياتهما وإبدالهما لمواد غريبة كانت نتيجة سرقة وقعت أثناء الرحلة البحيرة، قد أهدر حكم الفقرة الخامسة من المادة الرابعة من معاهدة بروكسل الخاصة بسندات الشحن التي حددت مسئولية الناقل البحري في أي حال من الأحوال بسبب الهلاك أو التلف اللاحق بالبضائع أو ما يتعلق بها بما لا يزيد على مائة جنيه إنجليزي عن كل طرد أو وحدة ما دام الشاحن لم يبن جنس البضاعة وقيمتها في سند الشحن.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه لما كانت الفقرة الخامسة من المادة الرابعة من معاهدة بروكسل الدولية المبرمة في 25 أغسطس سنة 1924 في شأن توحيد القواعد المتعلقة بمستندات الشحن والتي وافقت عليها مصر بالقانون رقم 18 سنة 1940 وأصدرت بها مرسوماً بقانون في 31 من يناير سنة 1941 قد نصت على أنه لا يلزم الناقل أو السفينة في أي حال من الأحوال بسبب الهلاك أو التلف اللاحق بالبضائع أو ما يتعلق بها بمبلغ يزيد على مائة جنيه إسترليني عن كل طرد أو وحدة أو على ما يعادل هذه القيمة بنقد عملة أخرى ما لم يكن الشاحن قد بين جنس البضاعة وقيمتها قبل الشحن ودون هذا البيان في سند الشحن، وكانت عبارة "في أي حال من الأحوال" الواردة بهذا النص عامة ومطلقة لا تترك مجالاً لأي استثناء، فهي بذلك تشمل كل صور المسئولية أياً كان نوع الخطأ الذي ارتكبه الناقل أو أحد تابعيه حتى ولو كان من قبيل الخطأ الجسيم، ولا يستثنى من هذا النطاق سوى الغش الذي يقع من الناقل شخصياً، إذ أن هذه الصورة وحدها هي التي يفترض أن الشارع قد استبعدها من هذا المجال، فيفقد الناقل حقه في تحديد المسئولية ويخضع لأحكام القواعد العامة في المسئولية؛ لما كان ذلك، وكان الشاحن على ما يبين من الأوراق لم يبين قيمتها في سند الشحن، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن فقد محتويات الصندوقين وإبدالهما بمواد غريبة كان نتيجة فعل غير مشروع وهو حصول سرقة أثناء الرحلة البحرية ولم ينسب الغش أو السرقة إلى الشركة الناقلة شخصياً وإنما نسبه إلى عمالها وقضى بالرغم من ذلك على الطاعنة بالتعويض كاملاً من غير تقيد بالتحديد القانوني للمسئولية الوارد في تلك المادة فإنه يكون مخالفاً للقانون بما يستوجب نقضه.
(1) راجع الطعن 569 سنة 25 ق جلسة 22/ 6/ 1961 رقم 85 العدد الثاني س 12.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق