جلسة 11 من ديسمبر سنة 2021
برئاسة السيد القاضي / محمد رضا حسين نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / علي حسنين ، عادل عمارة ، هشام الجندي وحسن ذكي نواب رئيس المحكمة .
-----------------
(102)
الطعن رقم 8078 لسنة 89 القضائية
(1) تفتيش " الرضا بالتفتيش " . دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " .
الرضا بدخول المسكن وتفتيشه . للمحكمة تبينه من وقائع الدعوى وظروفها واستنتاجه من دلائل مؤدية إليه . انتهاؤها لصحة الإجراءات وأخذها به في الإدانة . صحيح .
مثال لرد سائغ على الدفع ببطلان التفتيش الحاصل بغرفة الطاعن بالفندق محل إقامته .
(2) دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
إثارة أساس جديد للدفع ببطلان القبض والتفتيش أمام محكمة النقض . غير جائزة . حد ذلك ؟
(3) إجراءات " إجراءات التحقيق " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
إثارة النعي بعدم حلف الضابط المترجم اليمين القانونية لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائزة . علة ذلك ؟
(4) نقض " المصلحة في الطعن " " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " . دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " .
لا مصلحة للطاعن في النعي بشأن حالة التلبس التي تجيز القبض عليه وتفتيشه . متى كان لرجل الضبط القضائي إجراء ذلك بناءً على الإذن الصادر من النيابة . النعي في هذا الشأن . جدل موضوعي . إثارته أمام محكمة النقض . غير جائزة .
(5) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . إثبات " شهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة الشاهد . مفاده ؟
إمساك الضابط عن الإدلاء بأسماء القوة المصاحبة له . لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(6) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير صحة الاعتراف " . دفوع " الدفع ببطلان الاعتراف " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات . موضوعي . لها الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق . وإن عدل عنه بعد ذلك .
إثارة الدفع ببطلان الاعتراف لكونه وليد إكراه لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائزة.
(7) استجواب . إجراءات " إجراءات التحقيق " . محاماة .
المادة 124 إجراءات جنائية . مفادها ؟
مباشرة النيابة التحقيق مع المتهم دون حضور محام معه . جائز . ما دام ندبه أصبح أمراً غير ممكن .
مثال .
(8) إجراءات " إجراءات التحقيق " .
الفقرة الأولى من المادة 123 إجراءات جنائية . مفادها ؟
النعي ببطلان تحقيقات النيابة لعدم إحاطة المحقق للطاعن بحقوقه ومنها الحق في الصمت . غير مقبول . علة ذلك ؟
(9) استجواب . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
عدم حضور مندوب السفارة أثناء استجواب الأجنبي بتحقيقات النيابة العامة أو المحاكمة . لا يبطل الإجراءات . التفات الحكم عما أثاره الطاعن في هذا الشأن . لا يعيبه . علة ذلك ؟
(10) إجراءات " إجراءات المحاكمة " .
الأصل أن تجرى إجراءات المحاكمة باللغة العربية . ما لم يتعذر ذلك . استعانة الجهة القائمة بالتحقيق بمترجم . لا يعيب الإجراءات . النعي في هذا الشأن . غير مقبول . علة ذلك ؟
مثال .
(11) قصد جنائي . مواد مخدرة .
النعي بقصور الحكم في التدليل على توافر علم الطاعن بكنه المخدر . غير مقبول . متى استخلصه من ظروف الدعوى وملابساتها .
(12) دفوع " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الدفع بانتفاء الصلة بالمخدر المضبوط . لا يستأهل رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
(13) جلب . غرامة . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . محكمة النقض " سلطتها " .
إغفال الحكم القضاء بالغرامة المقررة لجريمة جلب جوهر الكوكايين المخدر . خطأ في تطبيق القانون . لا تملك محكمة النقض تصحيحه . علة وأساس ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة جلب جوهر مخدر التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان البيِّن من مدونات الحكم أنه نفاذاً لإذن النيابة العامة توجه الرائد/.... إلى حيث إقامة الطاعن بالفندق وبعد اطلاعه على شخصيته وطبيعة مأموريته وإذن النيابة العامة فامتثل له وسمح له بالدخول والتفتيش ، وحـال ذلك أبصر عدداً من الكبسولات سوداء اللون وأخرى بيضاء اللون على أرضية دورة المياه الخاصة بالغرفة بفض إحداها في مواجهته تبين بداخلها كمية من مادة بيضاء اللون لجوهر الكوكايين المخدر فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون على غير أساس ، خاصة وقـد بان من الأوراق أن دخـول الضابط مسكن المتهم كان برضاء من الأخير وما قاله الحكم من ذلك سائغ وصحيح في القانون ، ذلك بأن الرضا بدخول المسكن وتفتيشه يكفي فيه أن تكون المحكمة قد استبانته من وقائع الدعوى وظروفها واستنتجته من دلائل مؤدية إليه ، ومن ثم فإن دخول الضابط غرفة الطاعن وضبط المخدر يكون صحيحاً ومشروعاً وتكون المحكمة إذ اعتبرته كذلك ودانت الطاعن استناداً إلى الدليل المستمد منه لم تخالف القانون ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون على غير أساس من القانون .
2- لما كان ما ينعاه الطاعن من بطلان التفتيش بمقولة أن الضابط لم يطلعه على الإذن قبل البدء في تنفيذه مردود بما هو مقرر من أنه لا يصح إثارة أساس جديد للدفع ببطلان القبض والتفتيش أمام محكمة النقض ، ما دام أنه في عِداد الدفوع القانونية المختلطة بالواقع ، ما لم يكن قد أثير أمام محكمة الموضوع ، أو كانت مدونات الحكم ترشح لقيام ذلك البطلان .
3- لما كان البيِّن من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر ما يدعيه من عدم حلف الضابط المترجم اليمين القانونية ومن ثم فلا يحل له من بعد أن يثير شيئاً عن ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة ، مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم .
4- من المقرر أنه لا مصلحة للطاعن في الجدل بشأن قيام حالة التلبس التي تُجيز القبض عليه وتفتيشه من عدمه طالما كان من حق رجال الضبطية القضائية إجراء هذا القبض والتفتيش بناءً على الإذن الصادر من النيابة العامة - وهو ما أثبته الحكم أيضاً بما لا ينازع فيه - ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدلٍ موضوعي لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
5- لما كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ، ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وأن إمساك الضابط عن الإدلاء بأسماء القوة المصاحبة له لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى ، ولما كانت المحكمة قد اطمأنـت إلـى أقوال الضابط وصـحـة تـصويره للواقعـة فـإن مـا يثيره الطاعن من منازعة في هذا الصدد ينحل إلى جدلٍ موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض .
6- من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها في سبيل ذلك أن تأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للواقع وإن عـدل عنـه فـي مراحـل أخـرى ، وكـان يـبـيـن مـن مطالعـة محـضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن لم يدفع ببطلان الاعتراف الصادر منه ولا بأنه كان وليد إكراه معنوي فلا تُقبل منه إثارة ذلك لأول مرة لدى محكمة النقض ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله .
7- لما كانت المادة ١٢٤ من قانون الإجراءات الجنائية المستبدلة بالقانونين رقمي 145 لسنة ٢٠٠٦ ، ٧٤ لسنة ٢٠٠٧ قد جرى نصها على أنه : " لا يجوز للمحقق في الجنايات وفي الجنح المعاقب عليها بالحبس وجوباً أن يستجوب المتهم أو يواجهه بغيره من المتهمين أو الشهود إلا بعد دعوة محاميه للحضور عدا حالة التلبس وحالة السرعة بسبب الخـوف مـن ضياع الأدلة على النحو الذي يثبته المحقق في المحضر ، وعلى المتهم أن يُعلن اسم محاميه بتقرير لدى قلم كتاب المحكمة أو إلى مأمور السجن أو يخطـر بـه المحقق ، كمـا يجـوز لمحاميه أن يتولى هذا الإعلان أو الإخطار وإذا لم يكن للمتهم محامٍ أو لم يحضر محاميه بعد دعوته وجب على المحقق من تلقاء نفسه أن يندب له محامياً " . ومفاد ذلك أن المشرع وضع ضمانة خاصة لكل متهم في جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس وجوباً وهي وجوب دعوة محاميه إن وجد قبل استجوابه أو مواجهته بغيره من المتهمين أو الشهود وأعطى للمتهم الحق في اختيار محاميه ، وذلك بإعلان اسمه بتقرير لدى قلم كتـاب المحكمة أو إلى مأمور السجن أو أن يقوم المحامي بذلك ، فإذا لم يكن للمتهم محـامٍ وجـب على المحقق أن ينتدب لـه محـاميـاً مـن تلقاء نفسه واستثنى المشرع من ذلك حالتين توخي فيهما الحفاظ على أدلة الدعوى وهما حالة التلبس وحالة السرعة لشبهة الخوف من ضياع الأدلة واستلزم أن يثبت المحقق حالة السرعة التي دعته إلى التحقيق مع المتهم دون دعوة أو انتظار محاميه تطميناً للمتهم وصوناً لحقه في الدفاع عن نفسه . لمـا كـان ذلك ، وكان الحكم قد اطرح دفاع الطاعن في هذا الشأن بما مفاده أنه لما تبين عدم وجود محام له أرسل المحقق إلى نقابة المحامين ليندب لـه أحـد المحامين إلا أنه لم يجد أحداً منهم فلم يجد مناصاً من إجراء التحقيق وقام باستجوابه ، فإن هذا الذي أورده الحكم يكون كافياً وسائغاً في اطراح ذلك الدفع ، ولا تثريب على النيابة إن هي باشرت التحقيق مع المتهم في غيبة أحد المحامين ، ما دام أصبح ندبه أمراً غير ممكن - كما هو الحال في هذه الدعوى - وإلا تعطلت عن أداء وظيفتها .
8- لما كان ما ينعاه الطاعن في شأن بطلان تحقيقات النيابة العامة بدعوى عدم إحاطة المحقق للطاعن بحقوقه ومنهـا الحـق فـي الصمت عنـد بـدء التحقيـق مـردوداً بـأن نـص الفقرة الأولـى مـن المـادة ١٢٣ مـن قـانون الإجراءات الجنائية قد جرى على أنه : "عند حضور المتهم لأول مرة في التحقيق يجب على المحقق أن يتثبت من شخصيته ثم يحيطه علماً بالتهمة المسندة إليه ويثبت أقواله في المحضر " ، فإن مفاد ذلك أن يثبت المحقق ما يكشف عن شخصية المتهم ثم يحيطه علماً بالتهمة المنسوبة إليه وليس كما ذهب الطاعن في نعيه من أنه يجب على المحقق إحاطة المتهم بالحق في الصمت ، هذا فضلاً عن أن القانون لم يرتب بطلاناً لإغفاله ذلك ، ومن ثم يكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد على غير أساس .
9- لما كان المشرع لم ينص في قانون الإجراءات الجنائية على وجوب حضور مندوب من السفارة أثناء استجواب الأجنبي بتحقيقات النيابة العامة أو المحاكمة ، ولم يرتب أي بطلان على ذلك فإنه لا جناح على المحكمة إن هي التفتت عما أثاره الطاعن بشأن قصور تحقيقات النيابة العامة لعدم حضور مندوب من السفارة أثناء استجوابه أمامها ولم ترد عليه لأنه دفاع قانوني ظاهر البطلان ، فضلاً عن أنه لا يجوز الاعتداد بالتعليمات في مقام تطبيق القانون ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير قويم .
10- لما كان الحكم المطعون فيه قد اطرح دفاع الطاعن بشأن بطلان التحقيق معـه لـعـدم وجـود مترجم متخصص يجيد اللغة الانجليزية في قوله : " أن المحكمة تطمئن إلى ما ورد بالتحقيقات من ترجمة لغة المتهم صحيحاً ويتفق مع الواقع ولم يعترض عليه المتهم " ، لما كان الأصل أن تجرى المحاكمة باللغة الرسمية للدولة وهي اللغة العربية ما لم يتعذر على إحدى سلطتي التحقيق أو المحاكمة مباشرة إجراءات التحقيق دون الاستعانة بوسيط يقوم بالترجمة أو يطلب منها المتهم ذلك ويكون طلبه خاضعاً لتقديرها ، فإنه لا يعيب إجراءات التحقيق أن تكون الجهة القائمة به قد استعانت بمترجم كي يتولى أعمال الترجمة ، إذ هو متعلق بظروفه ومقتضياته خاضع دائماً لتقدير من يباشره ، وكان رد الحكم على دفع الطاعن في هذا الخصوص كافياً ويستقم به ما خلص إليه اطراحه ، فإن منعى الطاعن عليه يكون غير سديد .
11- لما كان ما ساقه الحكم من وقائع الدعوى وظروفها وملابساتها كافياً في الدلالة على أن الطاعن كان يعلم بأن العلبة المضبوطة تحـوي مخدراً وأنه هو الذي أخفاه بين طياتها ، وكان هذا الذي استخلصه الحكم لا يخرج عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي ، فإن ما ينعاه الطاعن بقالة قصور الحكم في التدليل على توافر علمه بكنه المادة المخدرة يكون في غير محله .
12- لما كان الدفع بعدم صلة الطاعن بالمخدر المضبوط هو من الدفوع التي لا تستأهل من المحكمة رداً خاصاً ما دام الرد يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ومع ذلك رد الحكم على هذا رداً كافياً في اطراحه ، فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً .
13- لما كان الحكم المطعون فيه دان الطاعن بجريمة جلـب جوهر الكوكايين المخـدر بـدون ترخيص کتابي من الجهة الإدارية تطبيقاً لأحكام المواد ۱ ، ۲ ، ۳ ، ۳۳/۱ بند أ ، 36 /1 ، ٤٢ /1 من القانون رقم ١٨٢ لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم ۱۲۲ لسنة ١٩٨٩ والبند رقم 1 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول ، وقضى بمعاقبته بالسجن المؤبد وألزمته بـالتعويض الجمركي المقرر قانوناً للكوكايين المضبوط ، وأمرت بمصادرة المخدر المضبوط ، وألزمته المصروفات الجنائية ، وكانت العقوبة المقررة لهذه الجريمة هي الإعدام والغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه ، فإن المحكمة تكون قد أخطأت في تطبيق القانون إذ أغفلت القضاء بعقوبة الغرامة الوجوبية بالإضافة إلى عقوبة السجن المؤبد والمصادرة ، إلا أنه لما كانت النيابة العامة لم تطعن في هذا الحكم بطريق النقض فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ الذي وقع فيه الحكم حتى لا يُضار الطاعن بطعنه طبقاً للأصل المقرر في المادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه : جلب جوهراً مخدراً " الكوكايين " بدون تـرخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد ۱ ، ۲ ، ۳ ، 33 /1 بند أ ، 36 /١ ، 42 /1 مـن القانون رقم ۱۸۲ لسنة 1960 المعــدل والبند رقم 1 من القسم الأول من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول ، مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات ، بمعاقبته بالسجن المؤبد وألزمته بالتعويض الجمركي المقرر قانوناً للكوكايين المضبـوط والـذي يـزن 738 جم سبعمائة وثمان وثلاثـين جراماً لصالح مصلحة الجمارك وأمـرت بمصادرة المخـدر المضبوط وألزمته المصروفات الجنائية .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث ينعي الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة جلب جوهر الكوكايين المخـدر بـدون ترخيص كتـابـي مـن الجـهـة الإداريـة المختصة ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والخطأ في تطبيق القانون ، والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه اطرح بما لا يسوغ ويخالف الثابت بالأوراق دفعه ببطلان إجراء التفتيش وما ترتب عليه من إجراءات لكون الإذن صادراً بتفتيش شخصه فحسب ولم يـشمل تفتيش مسكنه ، لاسيما وقد انتفى رضاه الصريح بالتفتيش ، فضلاً عن عدم اطلاعه على إذن التفتيش لعدم تحدثه بالعربية ، وخلت الأوراق مما يفيد تحليف الضابط القائم بالترجمـة وقت الضبط اليمين القانونية لأداء المأمورية وإحاطة الطاعن علماً بمضمون الإذن ، كما اطرح كافة دفوعـه الموضوعية المتمثلة في بطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس وخلو الأوراق من دليل على توافرها لعدم معقولية تصوير واقعة التلبس لشواهد عدَّدها بما ينبئ عن اختلاق ضابط الواقعة لها ، لاسيما وقد انفرد بالشهادة والضابط القائم بالترجمـة عنـهـا وحجبا القـوة المرافقة لهما ، وبطلان استجوابه بالتحقيقات وما ترتب عليه من اعتـراف منسوب له لكونه وليد إكراه معنوي ، ولعدم حضور محامٍ معه إجراءات التحقيق بالمخالفة لنص المادة ١٢٤ من قانون الإجراءات الجنائية ، ولعدم إحاطته بحقوقه كتابة أو شفاهة خاصـة حـق الصمت بالمخالفة لنص المادتين 54 ، 55 من الدستور ، ولعدم حضور مندوب من السفارة سيما وأنه لا يتحدث بالعربية ، فضلاً عن أن المترجم المنتدب لا يجيد لغة الطاعن وبانتفاء علمه بكنه المخدر المضبوط وصلته به بما لا يسوغ اطراحها ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة جلب جوهر مخدر التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان البيِّن من مدونات الحكم أنه نفاذاً لإذن النيابة العامة توجه الرائد/ .... إلى حيث إقامة الطاعن بالفندق وبعد اطلاعه على شخصيته وطبيعة مأموريته وإذن النيابة العامة فامتثل له وسمح له بالدخول والتفتيش ، وحـال ذلك أبصر عدداً من الكبسولات سوداء اللون وأخرى بيضاء اللون على أرضية دورة المياه الخاصة بالغرفة بفض إحداها في مواجهته تبين بداخلها كمية من مادة بيضاء اللون لجوهر الكوكايين المخدر فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون على غير أساس ، خاصة وقـد بان من الأوراق أن دخـول الضابط مسكن المتهم كان برضاء من الأخير وما قاله الحكم من ذلك سائغ وصحيح في القانون ، ذلك بأن الرضا بدخول المسكن وتفتيشه يكفي فيه أن تكون المحكمة قد استبانته من وقائع الدعوى وظروفها واستنتجته من دلائل مؤدية إليه ، ومن ثم فإن دخول الضابط غرفة الطـاعن وضبط المخدر يكون صحيحاً ومشروعاً وتكون المحكمة إذ اعتبرته كذلك ودانت الطاعن استناداً إلى الدليل المستمد منه لم تخالف القانون ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون على غير أساس من القانون . لما كان ذلك ، وكان ما ينعاه الطاعن من بطلان التفتيش بمقولة أن الضابط لم يطلعه على الإذن قبل البدء في تنفيذه مردود بما هو مقرر من أنه لا يصح إثارة أساس جديد للدفع ببطلان القبض والتفتيش أمام محكمة النقض ، ما دام أنه في عِداد الدفوع القانونية المختلطة بالواقع ، ما لم يكن قد أثير أمام محكمة الموضوع ، أو كانت مدونات الحكم ترشح لقيام ذلك البطلان . لما كان ذلك ، وكان البيِّن من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر ما يدعيه من عدم حلف الضابط المترجم اليمين القانونية ، ومن ثم فلا يحل له من بعد أن يثير شيئاً عن ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة ، مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا مصلحة للطاعن في الجدل بشأن قيام حالة التلبس التي تُجيز القبض عليه وتفتيشه من عدمه طالما كان من حق رجال الضبطية القضائية إجراء هذا القبض والتفتيش بناءً على الإذن الصادر من النيابة العامة - وهو ما أثبته الحكم أيضاً بما لا ينازع فيه - ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدلٍ موضوعي لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ، ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وأن إمساك الضابط عن الإدلاء بأسماء القوة المصاحبة له لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى ، ولما كانت المحكمة قد اطمأنـت إلـى أقوال الضابط وصـحـة تـصويره للواقعـة فـإن ما يثيره الطاعن من منازعة في هذا الصدد ينحل إلى جدلٍ موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها في سبيل ذلك أن تأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للواقع وإن عدل عنه فـي مراحل أخرى ، وكان يبين مـن مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن لم يدفـع ببطلان الاعتراف الصادر منه ولا بأنه كـان وليد إكراه معنوي فلا تُقبل منه إثارة ذلك لأول مرة لدى محكمة النقض ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكانت المادة ١٢٤ من قانون الإجراءات الجنائية المستبدلة بالقانونين رقمي 145 لسنة ٢٠٠٦ ، ٧٤ لسنة ٢٠٠٧ قد جرى نصها على أنه : " لا يجوز للمحقق في الجنايات وفي الجنح المعاقب عليها بالحبس وجوباً أن يستجوب المتهم أو يواجهه بغيره من المتهمين أو الشهود إلا بعد دعوة محاميه للحضور عدا حالة التلبس وحالة السرعة بسبب الخـوف مـن ضياع الأدلة على النحو الذي يثبته المحقق في المحضر ، وعلى المتهم أن يُعلن اسم محاميه بتقرير لدى قلم كتاب المحكمة أو إلى مأمور السجن أو يخطـر بـه المحقق ، كما يجـوز لمحاميه أن يتولى هذا الإعلان أو الإخطار وإذا لم يكن للمتهم محامٍ أو لم يحضر محاميه بعد دعوته وجب على المحقق من تلقاء نفسه أن يندب له محامياً " ، ومفاد ذلك أن المشرع وضع ضمانة خاصة لكل متهم في جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس وجوباً وهي وجوب دعوة محاميه إن وجد قبل استجوابه أو مواجهته بغيره من المتهمين أو الشهود وأعطى للمتهم الحق في اختيار محاميه ، وذلك بإعلان اسمه بتقرير لدى قلم كتـاب المحكمة أو إلى مأمور السجن أو أن يقوم المحامي بذلك ، فإذا لم يكن للمتهم محـامٍ وجـب على المحقق أن ينتدب لـه محـاميـاً مـن تلقاء نفسه واستثنى المشرع من ذلك حالتين توخي فيهما الحفاظ على أدلة الدعوى وهما حالة التلبس وحالة السرعة لشبهة الخوف من ضياع الأدلة واستلزم أن يثبت المحقق حالة السرعة التي دعته إلى التحقيق مع المتهم دون دعوة أو انتظار محاميه تطميناً للمتهم وصوناً لحقه في الدفاع عن نفسه . لمـا كـان ذلك ، وكان الحكم قد اطرح دفاع الطاعن في هذا الشأن بما مفاده أنه لما تبين عدم وجود محام له أرسل المحقق إلى نقابة المحامين ليندب لـه أحـد المحامين إلا أنه لم يجد أحداً منهم فلم يجد مناصاً من إجراء التحقيق وقام باستجوابه ، فإن هذا الذي أورده الحكم يكون كافياً وسائغاً في اطراح ذلك الدفع ، ولا تـثريب على النيابة إن هي باشـرت التحقيق مع الـمتهم في غـيبة أحد المحامين ، ما دام أصبح ندبه أمراً غير ممكن - كما هو الحال في هذه الدعوى - وإلا تعطلت عن أداء وظيفتها . لما كان ذلك ، وكان ما ينعاه الطاعن في شأن بطلان تحقيقات النيابة العامة بدعوى عدم إحاطة المحقق للطاعن بحقوقه ومنهـا الحـق فـي الصمت عنـد بـدء التحقيـق مـردوداً بـأن نـص الفقرة الأولـى مـن المـادة ١٢٣ مـن قـانون الإجراءات الجنائية قد جرى على أنه : " عند حضور المتهم لأول مرة في التحقيق يجب على المحقق أن يتثبت من شخصيته ثم يحيطه علماً بالتهمة المسندة إليه ويثبت أقواله في المحضر " ، فإن مفاد ذلك أن يثبت المحقق ما يكشف عن شخصية المتهم ثم يحيطه علماً بالتهمة المنسوبة إليه وليس كما ذهب الطاعن في نعيه من أنه يجب على المحقق إحاطة المتهم بالحق في الصمت ، هذا فضلاً عن أن القانون لم يرتب بطلاناً لإغفاله ذلك ، ومن ثم يكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان المشرع لم ينص في قانون الإجراءات الجنائية على وجوب حضور مندوب من السفارة أثناء استجواب الأجنبي بتحقيقات النيابة العامة أو المحاكمة ، ولم يرتب أي بطلان على ذلك فإنه لا جناح على المحكمة إن هي التفتت عما أثاره الطاعن بشأن قصور تحقيقات النيابة العامة لعدم حضور مندوب من السفارة أثناء استجوابه أمامها ولم ترد عليه لأنه دفاع قانوني ظاهر البطلان ، فضلاً عن أنه لا يجوز الاعتداد بالتعليمات في مقام تطبيق القانون ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير قويم . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد اطرح دفاع الطاعن بشأن بطلان التحقيق معـه لـعـدم وجـود مترجم متخصص يجيد اللغة الانجليزية في قوله : " أن المحكمة تطمئن إلى ما ورد بالتحقيقات من ترجمة لغة المتهم صحيحاً ويتفق مع الواقع ولم يعترض عليه المتهم " . لما كان الأصل أن تجرى المحاكمة باللغة الرسمية للدولة وهي اللغة العربية ما لم يتعذر على إحدى سلطتي التحقيق أو المحاكمة مباشرة إجراءات التحقيق دون الاستعانة بوسيط يقوم بالترجمة أو يطلب منها المتهم ذلك ويكون طلبه خاضعاً لتقديرها ، فإنه لا يعيب إجراءات التحقيق أن تكون الجهة القائمة به قد استعانت بمترجم كي يتولى أعمال الترجمة ، إذ هو متعلق بظروفه ومقتضياته خاضع دائماً لتقدير من يباشره ، وكان رد الحكم على دفع الطاعن في هذا الخصوص كافياً ويستقم به ما خلص إليه اطراحه ، فإن منعى الطاعن عليه يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان ما ساقه الحكم من وقائع الدعوى وظروفها وملابساتها كافياً في الدلالة على أن الطاعن كان يعلم بأن العلبة المضبوطة تحـوي مخدراً ، وأنه هو الذي أخفاه بين طياتها ، وكان هذا الذي استخلصه الحكم لا يخرج عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي ، فإن ما ينعاه الطاعن بقالة قصور الحكم في التدليل على توافر علمه بكنه المادة المخدرة يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان الدفع بعدم صلة الطاعن بالمخدر المضبوط هو من الدفوع التي لا تستأهل من المحكمة رداً خاصاً ما دام الرد يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ومع ذلك رد الحكم على هذا رداً كافياً في اطراحه ، فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه دان الطاعن بجريمة جلـب جوهر الكوكايين المخـدر بـدون ترخيص كتابي من الجهة الإدارية تطبيقاً لأحكام المواد ۱ ، ۲ ، ۳ ، ۳۳/۱ بند أ ، 36/1 ، ٤٢/1 من القانون رقم ١٨٢ لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم ۱۲۲ لسنة ١٩٨٩ والبند رقم 1 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول ، وقضى بمعاقبته بالسجن المؤبد وألزمته بـالتعويض الجمركي المقرر قانوناً للكوكايين المضبوط ، وأمرت بمصادرة المخدر المضبوط ، وألزمته المصروفات الجنائية ، وكانت العقوبة المقررة لهذه الجريمة هي الإعدام والغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه ، فإن المحكمة تكون قد أخطأت في تطبيق القانون إذ أغفلت القضاء بعقوبة الغرامة الوجوبية بالإضافة إلى عقوبة السجن المؤبد والمصادرة ، إلا أنه لما كانت النيابة العامة لم تطعن في هذا الحكم بطريق النقض فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ الذي وقع فيه الحكم حتى لا يُضار الطاعن بطعنه طبقاً للأصل المقرر في المادة 43 من قانون حـالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق